أعجبتني وادمت قلبي وادمعت عيناي

أعجبتني وادمت قلبي وادمعت عيناي

المجد للشهداء

أعجبتني وادمت قلبي وادمعت عيناي

أعجبتني وادمت قلبي وادمعت عيناي

كانت جالسة في حالة ذهول مشوب بما يشبه الاختناق، ترى أمامها أفواجاً من الرجال والنساء المتشحات بالسواد غير مدركة لما قدموا وما يفعلون في بيتها. سمعت اسم ابنها الشاب صدفة، فعادت لتتذكر أول مناغاة، أول سن نبت في فمه، أول خطوة خطاها، أول كلمة نطقها – ماما، فرحه بأول لعبة أهدتها إليه، أول يوم له في المدرسة بمريولته الزاهية، أول شهادة مدرسية. تذكرت لحظات فرحه وحزنه، ضحكاته مع رفاقه بالمدرسة والحي، سهره الليالي الطوال ليحصل على الشهادة ليدخل فرعاً محترماً في الجامعة، أحلامه بالنجاح وأحلامها بتزويجه ورؤية أبنائه.
خطرت في بالها كل المناسبات، لكن لم تستطع تخمين هذه اللحظة. عبثاً حاولت التقاط كلمات تعزي روحها بالفقدان الأعظم، دون جدوى. أتكفيها كلمات الأقرباء والجارات بتخفيف ما يغلي في أعماق روحها!!!! أتستطيع أن تخفف من دموع زوجها التي لم تراها في أحلك الظروف التي مروا بها وهو ينظر إليها دون القدرة على الإتيان بحرف فكيف بكلمة أو جملة!!!!
أم ترى يمكن أن تشد من أزرها وترفع معنوياتها كلمات المسؤولين المتخمين بالسلطة والمال عن بطولته واستشهاده وقيمته في عين الوطن – أي وطن يستطيع ملء قلبها بعد خسارته؟؟؟؟؟
في المقلب الآخر من هذا الوطن المفجوع، جلس شاب بكامل قوته وعنفوانه، ببنيته القوية وعيونه التي تقدح شرراً بنفس حالة الذهول التي لم يستطع فهمها رفاقه المهنئين له بنجاحه في تنفيذ عملية أدت لقتل عدد من /الأعداء/!!!!!
توقعوا منه الفرح والسرور والابتهاج بالإنجاز، وهو الذي آلى على نفسه يوم رأى أمه تبكي دماً على فقدانها زوجها وابنها بقذيفة مرعبة زلزلت بيتهم وحطمت أركانه من بشر وحجر، أن ينتقم لهم ويعيد لقلبها الفرح، فخرج حاملاً سلاحه متخلياً عن كل أحلامه بدراسة الجامعة والزواج والأطفال… واهباً نفسه للموت مقابل هذا العهد. لم يعد لشيء قيمة في عيونه بعد خسارته لسنده بالحياة ولأخيه وبعد رؤية الفاجعة بقلب أمه أغلى مخلوق بحياته.
مالم يدركوه هو أنه حين أبلغ أمه بإنجازه العظيم لم تفرح بل عادت بها الذكرى لتبكي أكثر من أي مرة سابقة، ربما لأنها شعرت بأن قلب أم أخرى فطر مثل قلبها. وحين قرأ على الفيسبوك أسماء ضحايا عمليته -البطولية – وجد اسم رفيقه على مقعد الدراسة وهو نفسه ابن معلمته التي كانت تناديه (ابني)، والتي انتقته ليلعب مع ابنها لما يتميز به من خصال وأخلاق وتربية حسنة جعلته المفضل لديها بالصف. عصفت به الذكريات بطريقة جنونية لم يعهدها مذ بدأت الحرب وغاص في مستنقعها.
ألم يحن الوقت لنا جميعاً لنستفيق من سكرة الموت هذه!!!!!!!

أعجبتني وادمت قلبي وادمعت عيناي
أعجبتني وادمت قلبي وادمعت عيناي

تحيا سورية…

المجد والخلود للشهداء

 

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *