خريطة كمتشتكا

الأرثوذكسية في كمتشتكا

الأرثوذكسية في كمتشتكا

تمهيد

تدوينتنا هنا منشورة في جريدة المنار البيروتية (1)/ العدد 39 تاريخ السبت 16 حزيران 1901 /ص 633 مجلد عام 1901 نثبته بحرفيته هنا لأهميته التاريخية والجغرافية والكنسية، وخدمة للكنيسة الارثوذكسية عامة…

ولكن لابد بداية من تسليط بعض الضوء ولو بشكل يسير على شبه جزيرة كمتشكا هذه مطرح بحثنا

شبه جزيرة كامشاتكا(2)

موقع كامشاتكا على خريطة  روسيا الاتحادية

كامشاتكا أو شبه جزيرة كامشاتكا ( بالروسية:полуо́стров Камча́тка) (ب بالانكليزية:Kamchatka)، هي شبه جزيرة تقع في أقصى شرق  روسيا بين  بحر اوخوتسك في الغرب  والمحيط الهادي وبحر بيرنغ في الشرق. تبلغ المسافة بين أقصى جنوبها إلى أقصى شمالها قرابة 1200 كم (750 ميل)، ومسافتها عرضياً بين أبعد نقطيتين فيها قرابة 480 كم (300 ميل)، أما مساحتها الإجمالية فتقدر بـ 270.000 كم2 (140.000 ميل مربع).

الجغرافيا والتضاريس

تضاريس شبه جزيرة كامشاتكا

يمتد على طول شبه جزيرة كامشاتكا سلسلتان جبليتان هما سلسلة  جبال سيريديني في الوسط وسلسلة جبال فوستوشني في الشرق، أعلى قمة فيهما ترتفع 15.584 قدم أي ما بعادل 4.750 متراً في  بركان كليوشيفسكايا، ويجري على طول معظم الحوض الواقع بين السلسلتين  نهر كامتشاتكا.

يبلغ عدد  البراكين في شبه جزيرة كامشاتكا 127 بركان بينها 22 لا تزال في حالةٍ نشطة، كما يوجد فيها أيضا عدداً من ينابيع المياه الحارة.

الساحل الغربي لكامشاتكا يشكل سهلاً منخفضاً تخترقه عدة أنهار بينما تشغل مساحة واسعة منه المستنقعات والسبخات، أما الساحل الغربي فهو عبارة عن خلجان متناوبة وجروف ورؤوس ضخرية.

المناخ

يتصف مناخ شبه جزيرة كامشاتكا بالصرامة ويكون طقسها عادة قارس البرودة، فشتاءها طويل ومثلج وصيفها قصير ورطب. معظم أراضي كامشاتكا هي من أراضي  التوندرة التي تنمو فيها النباتات القصيرة الحرجية والاشنيات. وفي وادي  نهر كامتشاكا تنمو غابات من  الصنوبريات القصيرة، بالإضافة لشجر  الجوز والصفصاف في المناطق الأكثر رطوبة.

النشاط البشري

النشاط الاقتصادي الوحيد الهام في كامشاتكا هو الصيد البحري، خصوصاً صيد  السرطان بالقرب من المناطق الساحلية. والزراعة فيها محدودة للغاية مع وجود بضع قطعان للماشية  والرنة. أهم التجمعات البشرية في شبه الجزيرة هي مدينة وميناء بيتروبافلوفسك كامشاتسكي، والواقع على الساحل الجنوبي الشرقي لكامشاتكا. معظم السكان في المنطقة هم من  الروس مع وجود جماعات من السكان الأصليين من الكورباك والشوكشي والكامشادال.

ورد في المنار

“كمشتكا شبه جزيرة في أقصى الشمال الشرقي من قارة آسيا تابعة للملكة الروسية وتعد من أعمال ولاية بريمورسكي، أو ولاية الباسفيك البحرية الممتدة من بوغاز بهرين  الفاصل بين اميركا الشمالية وآسيا شمالاً حتى حدود كوريا جنوباً.

وقد بقيت هذه البلاد مجهولة حتى ايام القيصر بطرس الأكبر، فإنه أرسل جماعة من العلماء طافت أقطار سيبيريا واختبرت طبيعة البلاد وهيئتها، ودرست أحوالها  وتقدمت في سيرها حتى بلغت الى شبه الجزيرة المذكورة، وتقدم القبطان بهرين بسفنه فأكتشف المضيق الفاصل بين قارتي اميركا وآسيا، ورسم خرائط لشطوط كمتشتكا وسواحل آلاسكا واكتشف مجموع جزائر اليوت والقديس لافرنديوس وكومندورسكي، وتوفي في إحدى جزائر أرخوكبيل كومندورسكي فدعيت مع البحر والمضيق وبإسمه مكافأة له على خدمته للعلم.

ويقطن هذه البلاد قوم من الهنود يشبهون بالهيئة والعوائد سكان اليوت وآلاسكا  والاسكيمو. ففي شمال شبه الجزيرة تقطن قبيلة التشوكوتسكيين، وهي منتشرة في شبه جزيرة تشوكوتسكي وعلى سواحل بحر بهرين وضفاف نهر الأنادير  وهم يشبهون  الأسكيمو بالهيئة والعادات ، والى الجنوب  من هذه القبيلة تسكن  قبيلة الكشتادل او الكمتشتكيين، وهم منتشرون في شبه جزيرة كمتشتكا. وقد بقيت هذه البلاد محرومة من نور الدين والتمدن حتى الربع الأول من القرن الحالي (19).

إذ حركّت  روح الغيرة المثلث الرحمة اينو كنديوس مطران موسكو العلامة الخالد الذكر وكان وقتئذ كاهناً(3) فدخل هذه البلاد وساكَّنَ أهلها، ودرس لغتهم، وعرف حقيقة حالهم وبدأ يعظهم بغيرة حارة ففاز بارشاد قسم كبير منهم وحسَّنَ حالهم روحياً وتخطي البلاد فدخل القارة الأميركية وبدأ يعز قبائل الأسكيمو والأليوت الذين دخلوا في طاعة الروسية في ايام بولس الأول ففاز بنجاح عظيم  بين هؤلاء الدخلاء وأُقيم  أُسقفاً (عقيب ترمله) على كمتشتكا وجزائر اليوتسكي وألَّفَ للسكان عدة كتب  روحية مفيدة منها كتاب تُرجَمْ للعربية بقلم السعيد الذكر فقيد الكرسي الأنطاكي السيد جراسيموس يارد وطبع تحت عنوان” دليل المستفيد للملك المجيد”، واخترع أحرفاً هجائية خصوصية للغتهم الغير المكتتبة (المكتوبة)، وكان يدير كل هذه الأعمال بنفسه ويخاطر مجاهداً في صيد النفوس  مقتحماً مخاطر السفر على قوارب الهنود الحمر  المخيفة منتقلاً من جزيرة الى جزيرة مبشراً بكلمة الحق معلماً ومرشداً  الكل لمعرفته تعالى حتى كان بالغيرة كبولس الالهي غير مبال بشدة البرد القارس، ولايكترث لأمواج الأوقيانوس المخيفة فأثابه الله بأن أراه ثمرة أتعابه، فنظم أبرشية جديدة كل ابنائها من الوثنيين المهتدين الى الرب فطار صيته في انحاء العالم الأرثوذكسي حتى بلغ مسامع السعيد الذكر القيصر نقولا الأول فاستدعاه لروسيا، وحدث في خلال ذلك رقاد المثلث الرحمات علامة عصره السيد فيلاريتوس مطران موسكا، فأقامه المجمع (الروسي) المقدس مطراناً على موسكو وبقي مداوماً على العمل كفلاح نشيط في كرم الرب مواظباً على الوعظ والتبشير.

موسكو في القرن 19
موسكو في القرن 19

وأما أتعابه التي كابدها في كمتشتكا فلم تذهب سدى بل أينعت وأتت بثمار صالحة، وأقبل السكان برغبة حارة على اعتناق الايمان القويم بحيث لم تمض  برهة وجيزة حتى عمت الأرثوذكسية في تلك الأقطار الواسعة، وتغيرت حالة تلك القبائل وتلونت معيشتهم بصبغة الحضارة بعد شظف عيش البداوة واقبلوا على حراثة الأرض وتربية المواشي وابتنوا لهم بيوتاً ثابتة ونظيفة ومرتبة وتواردت اليهم جماهير الروس فعمّروا بقاعاً واسعة وابتنوا عدة مدن مهمة منها مينا وحصن بترو بالوفسك ومدينة نجني كمتشك، وبلغ عدد الأرثوذكسيين الوطنيين في تلك الجهة 45000 نسمة وهم كل سكان  تلك الارض، ويقطن بينهم اثنا عشر الفاً من مهاجري الروس والسيبيريين واليابونيين (اليابانيين) وغيرهم ، يوجد في جنوب شبه الجزيرة المذكورة سلسلة جزائر  ممتدة طولاً من الشمال الى الجنوب، وفاصلة بين شبه الجزيرة المذكورة سلسلة جزائر ممتدة طولاً من الشمال الى الجنوب وفاصلة بين شبه الجزيرة هذه والجزائر اليابانية ويتصل الاوقيانوس الباسفيكي ببحر أخوتسك بواسطة البواغيز (المضائق) والمضائق العديدة الفاصلة بين الجزر المذكورة التي تعرف بأرخبيل كوريل وقد احتلها الروس قديماً وتنازلوا عنها عام 1875 لدولة اليابان مقابل تنازلها لهم عن النصف الجنوبي من جزيرة سخاليان، وبلغ عدد سكان هذا الارخبيل عشرة آلاف نسمة بينهم ثلاثة آلاف ارثوذكسي تنصروا أيضاً بواسطة المرسلين الروس في تلك الجهة وهم منضوون تحت طاعة اسقف اليابان السيد نيقولاووس نسأله تعالى أن ينشر اسمه القدوس في كل العالم، إنه على كل شيءٍ قديرْ. طرابلس (ارثوذكسي)”

(انتهى الاقتباس الحرفي من المنار1901)

حواشي البحث

  1. جريدة المنار البيروتية العدد 39 تاريخ السبت 16 حزيران 1901 /ص 633 مجلد عام 1901
  2. ويكيبيديا
  3. “هذا ما استفدناه من السعيد الذكر السيد غفرئيل مطران بيروت الذي كان له بالمشار اليه علامة شخصية تغمد الله كليهما بالرحمة.”

 

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature