توطئة
ابن عائلة الزيات الدمشقية الغيورة على الايمان
انظر سيرته العطرة وبكل اسف لم نتمكن من الحصول على صورة له…
مثلث الرحمات الارشمندريت ميرون الزيات الدمشقي ( 1907 -1994 )
مثلث الرحمات الارشمندريت ميرون الزيات الدمشقي ( 1907 -1994)
علمنا اليوم ,قارب القديسين في ايمانه , والملائكة في نقاء سيرته , هو كاهن الى الأبد على رتبة ملك علم انطاكي دمشقي متميز…
يصادق جاهد الجهاد الحسن وحقق هدفه الذي من أجله صار جنديا من جنود المسيح له المجد من أجل الكنيسة المستقيمة الرأي فخدم فيها في كل مكان ارسلته اليه الرئاسة الروحية طائعا فماثل القديسين في جهادهم ونحن بدورنا حملنا على كاهلنا عبء اظهار أعلامنا وتوثيق مآثرهم في ذاكرتنا الأنطاكية منطلقين دوما من قناعة راسخة بأن كنيستنا المقدسة التي اقتناها الرب يسوع له المجد بدمه الكريم على الصليب والتي قال انه في وسطها وأبواب الجحيم لن تقوى عليها هو الذي ارسل هذه الكواكب لتنير جلد كنيسته.
علمنا اليوم الذي مضى على انتقاله الى الأخدار السماوية 14 سنة هو أحد هذه الكواكب المنيرة جلد كنيستنا في الوطن والاغتراب ونحن وان كنا كتبنا بعضا من سيرته العطرة في” النشرة البطريركية ” عندوفاته وقد اوردناها في خبر مأتمه الا اننا وجدنا الآن ان الواجب يقضي علينا ان نسلط الضوء مجددا على هذا الملاك الذي مازال يعرفه الكثيرون وهم يؤكدون وصفنا عنه بأنه قديس وملاك بقيت ابتسامته الوادعة ترتسم على شفتيه حتى آخر لحظة من عمره , وبقي وجهه السمح عاكسا صورة الله ومثاله .
لقد استعنا بالأسناذ الجامعي وكاتب الايقونات الشهير الفنان الياس الزيات ابن شقيقه فأعاننا بنبذة عن سيرته مع ماعرفناه عنه شخصيا وبما ورد عنه في الوثائق البطريركية الأمر الذي ساعدنا في انشاء هذا لمقال الذي بالتأكيد لايعدو كونه مجرد تعريف بسيط عنه لايفيه حقه ويقينا لوكان يحمل شهادة جامعية في اللاهوت لكان قد صار مطراناً او حتى بطريركا انطاكية فهو مستحق ثلاثاً.
من هو الارشمندريت ميرون الزيات ؟
هو فؤاد بن الياس الزيات و مريم بنت اسبر السبع من مواليد حماه في 24 نيسان 1907 .هوابن أسرة عريقة دمشقية تحمل القيد التالي:”دمشق قيمرية مسيحية خ1222 لها باعها في خدمة الكنيسة الدمشقية، حارة في ايمانها الأرثوذكسي القويم بامتياز. كان خاله هويوسف بك السبع الدمشقي العضو في المجلس الملي البطريركي واللجنة العلمية الخاصة ب”ترقية المدارس الأرثوذكسية” بدمشق (الآسية –مار نقولا ) وكان ترجماناً لقنصل دولة اليونان بدمشق .فنشأ هذا الابن في جو روحي عابق بإيمان ارثوذكسي حقيقي دفعه مستقبلاً الى اعتناق الكهنوت وان كان تواقاً بالأكثر الى اعتناق الرهبنه كما أخبرني يوما قبيل انتقاله الى الاخدار السماوية.
جرى عماده في حماه السنة 1907
درس في المرحلة الابتدائية في المدرسة الارثوذكسية بحماه، ثم تابع في مدرسة حمص الشهيرة ” كلية حمص الأرثوذكسية زمن مطران حمص القديس اثناسيوس عطا الله وكانت هذه الكلية تعد الكثير من الشباب للدراسة اللاهوتية في مدرسة البلمند الاكليريكية او مدارس روسيا واليونان اللاهوتية.
وبعد عودة اهله الى دمشق انتسب الى كلية طب الاسنان في الجامعة السورية وامضى فيها السنة الاولى بنجاح باهر وترفع الى السنة الثانية، لكن نفسه كانت تتوق منذ طفولته للرهبنة والانتساب الى مصف الاكليروس لذلك انتسب الى مصف الاكليروس بتاريخ 15 تشرين الثاني 1936
كهنوته
في اللاذقية
حيث التحق بالمطران تريفن غريب مطران اللاذقية الذي رسمه شماساً انجيلياً في15/ ت2 /1936 في كنيسة القديس سابا في اللاذقية وسماه ميرون، ثم رسمه كاهناً في13/ ك1 /1936 في كنيسة القديس نيقولاوس باللاذقية، فكاهناً في 14/ك2 /1937 في الكنيسة ذاتها.
انتقل الى دمشق فرسمه مثلث الرحمات المطران ملاتيوس قطيني مطران ديار بكر بأمر البطريرك الكسندروس الثالث طحان الدمشقي في26/حزيران/1937 ارشمندريتاً في الكاتدرائية المريمية، ثم أوفده مجدداً الى اللاذقية بناء على الحاح مطرانها تريفن ورعيته لماوجدوه فيه من كهنوت نقي يفتقراليه الكثيرون فعينه معاوناً له، وبقي في خدمة أبرشية اللاذقية خمس سنوات في كنيسة السيدة حتى عام 1941، ليعود بعدها الى دمشق.
في دمشق عاد من اللاذقية بطلب من البطريرك الكسندروس الثالث فعينه وكيلا لديرالقديسة تقلا البطريركي في معلولا من 11/تموز الى 11 /ايلول/ 1940 ثم رئيساً للدير حتى15 /ك2 /1946 فخدم فيه باخلاص في رئاسته لمدة خمس سنوات، دافع فيها عن حقوق الدير وأوقافه ومصالحه باقتدار، وسعى لتنمية موارده وتطوير رهبنته النسائية(1) مستفيداً من النهضة الروحية المتمثلة وقتئذ بحركة الشبيبة الأرثوذكسية الوليدة رائدة النهضة في الكرسي الأنطاكي المقدس، والتي كانت برعاية المجمع الأنطاكي المقدس, وبقيادة مباشرة من البطريرك الكسندروس وكان هو من المنتمين اليها ..
معتمد انطاكي في الكرسي الاسكندري
ونظرالمزاياه الرعائية وغيرته فقد انتدبه البطريرك الكسندروس وبطلب من البطريرك الاسكندري والرعية السورية راعياً للسوريين الانطاكيين المهاجرين في بور سعيد “والروم الارثوذكس المصريين” فتولى من19 /ك1 /1946 ولمدة خمس عشرة سنة قي خدمة كنيسة القديس نيقولاوس التي بناها آل مشبهاني السوريون المغتربون في بور سعيد، وجعلوها لهم بموافقة من البطريرك الاسكندري، فخدم الرعية السورية باخلاص وشدها أكثر الى البطريركية الانطاكية بدمشق، مع الحفاظ في الوقت عينه على انتمائها للكرسي الاسكندري الحاضن لها، وللقطر المصري وطنهم الثاني. فبقي رئيساً لكنيسة بورسعيد حتى 4/ ت2 /1961 مع الاشارة الى أن خدمته كانت تمتد الى رعايا أخرى بتكليف من الرئاسة الروحية في دمشق والاسكندرية.
في خدمته هذه ترك آثاراً مخلدة حتى الآن لدى الرعايا الأرثوذكسية في مصرسورية كانت أم مصرية, عربية ويونانية . فأكرمته الرعايا التي خدمها هناك مع البطريركية اليونانية التي اشادت به وبمزاياه.
العودة الى دمشق
عاد الى دمشق فعينه مثلث الرحمات البطريرك ثيودوسيوس ابو رجيلي خادماً لرعية الكاتدرائية المريمية من24/ شباط الى 19/تموز/1962 فخدمها بتفانيه المعروف بالرغم من قصر مدة خدمته. وأعادها مجدداً رعية ممارسة لطقوسها مهتما بفقرائها ( الذين كانوا يشكلون الأكثرية الساحقة وقد وفدوا من مناطق اخرى و حلوا محل رعيتها التي كانت قد انتقلت الى منطقة القصاع ) فأحبوه بشدة ومنهم عائلات من كنائس شقبقة فكان يقوم برعايتهم ومساعدتهم بكافة اشكال المساعدة. كما ان غبطته عينه قاضياً منفرداً للمحكمة الابتدائية الروحية في البطريركية فكان مضرب المثل في احقاق الحق بنزاهة وعفة نفس, ونظافة كف, فأعاد الى القضاء الروحي نقاءه, واستمرفي خدمته الأخلاقية هذه حتى 1967 .حيث اعفي منها بناء على الحاحه كونه تعب من التنقل حيث انه كان قد نقل في20 /تموز/1962من خدمة رعية المريمية الى خدمة رعية جديدة في منطقة حي الصالحية والشعلان.. وكانت ممثلية الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قد اقامت كنيسة لها على اسم القديس يوحنا الذهبي الفم ( الروسية ) وأمطوشاً في ساحة النجمة فخدم هذه الرعية التي كانت قبلاً تمارس ايمانها في كنيستي المريمية والصليب. وكانت هذه الرعية مؤلفة من المهاجرين من أنطاكية و لواء الاسكندرون السليب فعزز ارتباطهم بوطنهم الاساس وانتماءهم لسورية، فحاز محبة لاتوصف منهم اضافة الى محبة الجالية الروسية وكانوا في معظمهم من الروس البيض الذين غادروا بلادهم بعد قيام الثورة الشيوعية ( بين 1917 -1922 ) فأحبوه جداً لأنه ماثل كهنة الشعب الروسي في ايمانه الارثوذكسي الحار.
في اول تموز 1974 نقلت الكنيسة الى منطقة غربي المالكي – جادة البزم و أسميت باسم ” القديس اغناطيوس الأنطاكي ” ( المتوشح بالله ) فبقي فيها الى 7/ك2 /1980ـ وبالرغم من تقدمه في السن الا أنه تابع عائلات هذه الرعية متفقداً وحاثاً اياها على المواظبة على ممارسة طقوسها في الكنيسة، واستطاع جمع هذه الرعية الصغيرة التي تقع في وسط اسلامي كبير، وأنشأ اخوية لسيداتها، وقدم كل التسهيلات لأبناء مدارس الأحد الأرثوذكسية للقيام برعاية أطفال الرعية، وتعليمهم روحياً فحاز محبة المعتمد الروسي لدى البطريركية الأنطاكية بدمشق الأسقف الكسندر، واحترام البطريركية الروسية التى كرمته بمنحه وسام القديس فلاديمير مع صليب، وسمحت له استثناء بحمل صليبين على صدره وبقي يحملهما حتى وفاته وكان متفردا بهذه الميزة عن سائر الكهنة في الكرسي الأنطاكي.
كنيسة مار ميخائيل (كنيسة آل الزيات)
ونظراً لعدم وجود كنيسة للرعية الأرثوذكسية في حي كورنيش التجارة الذي كان ملحقا بحي القصاع وبعد ان تنامى عدد الأرثوذكس في هذا الحي تحركت غيرة المحسن الكبير السيد فؤاد ميشيل الزيات الدمشقي ابن شقيق علمنا الارشمندريت ميرون الى وعد مثلث الرحمات البطريرك الياس الرابع باشادة كنيسة في المنطقة وقام بالفعل بوقف ارض في منطقة شرق التجارة (أرض كنيسة القديس جاورجيوس ) ولما حالت ظروف سفره دون بناء الكنيسة المنشودة، التي وقف ارضها. عندها بادر الى تقديم بيته الواقع في كورنيش التجارة هبة للبطريركية بدمشق لتحويله الى كنيسة للرعية الأرثوذكسية. وكان هذا البيت يشكل كامل مساحة الطبقة الاولى من البناء. وقام شقيقه الفنان الياس الزيات بتصميم العمارة الداخلية للكنيسة، وقد تم تحويل هذا البيت الى كنيسة عام 1980. وأضيف اليه ايقونسطاس خشبي جميل قام الفنان الياس الزيات شقيق المحسن فؤاد ايضاً بتصوير ايقوناته اضافة الى الجداريات، فجاءت هذه الكنسة الصغيرة والجميلة جداً أثراً مخلداً لهذا المحسن ولأسرته، وقد أسميت على اسم “رئيس الملائكة ميخائيل ” شفيع والد المحسن فؤاد ” السيد ميشيل الزيات ” اما الأرض التي وقفها فقد بنيت كنيسة جديدة بمال المحسن جورج ضاهر البدين على اسم القديس جاورجيوس، ووضعت في الخدمة عام 1992. فتحقق وعد المحسن فؤاد وصار للرعية كنيستين ارثوذكسيتين في منطقة واحدة فيم كانت تفتقر الى كنيسة واحدة.
وقد اعتبرت ” كنيسة مارميخائيل ” كنيسة لآل الزيا ت، لذا امر غبطة البطريرك اغناطيوس الرابع بنقل الارشمندريت ميرون الزيات عم المحسن فؤاد من رعية الصالحية والمالكي وبتعيينه كاهنا لهذه الرعية في 8/ت2 /1980 حيث بقي في خدمتها حتى 8 /تموز/ 1984، عندما سقط على الأرض وأصيب بكسر في فخذه ومع ذلك بقي مداوماً على الحضور الى كنيسته بالرغم من احالته الى التقاعد، وعاد فخدم فيها مجددا من عيد “الميلاد 1993 الى ان توفاه الله في1/آب/ 1994. وبالرغم من تقدمه في السن عندما تسلم رعاية هذه الرعية وبعد هذا الجهاد المبارك عبر هذه الفترة الطويلة ومع ذلك تصدى لخدمة رعيتها المنتشرة على مساحة رقعة حي التجارة (وهي رقعة جغرافية كبيرة) بكل نشاط واقتدار محركاً من الروح الالهي الى حين وقوعه واصابته.
وفاته ومأتمه
توفي علمنا في 1/آب/1984 عن شيخوخة صالحة وخدمة جهادية مقدسة نقية، فأسفت عليه الرعية المسيحية الدمشقية بأكملها، وليس فقط الرعية الأرثوذكسية التي خدمها في دمشق بأكملها، ويشهد حي القصاع للجمع الغفير الذي سار في موكب التشييع وراء نعش هذا المجاهد من بيته الواقع في الغساني، وحتى كنيسة الصليب المقدس في القصاع، التي ضاقت بدورها عن استيعاب هذا الحشد البشري. وقد صلى على جثمانه الطاهر سائر أفراد الاكليروس البطريركي يتقدمهم الوكيل البطريركي المطران الياس كفوري الذي نقل الى آل الفقيد ورعيته تعزية غبطة البطريرك أغناطيوس الذي كان وقتذاك خارج القطر، وأبنه بكلمة مؤثرة عدد فيها مآثره في الخدمة النقية وجهاده الذي لم يتوقف حتى بعد اصابته وتقاعده، ووصفه بقوله : ” انت كاهن الى الأبد على رتبة ملك يصادق”.
صفاته
لعل أصدق وصف لهذا البار هو ماوصفه به المطران الياس كفوري حينما أبنه بقوله له ” انت كاهن الى الأبد” ونحن بدورنا نقول عنه انه”كاهن الله العلي” ومعلوم عن سر الكهنوت انه خدمة تهاب من حملها الملائكة، لذلك فان علمنا كان ملاكا” بهيئة انسان، وسيرته التي لم تشوبها شائبة تشهد له، كماتشهد له محبة عارفيه والذين سمعوا به. وأذكر ان صديقا لي في عام 1977 وكان من اخوتنا المسلمين من زملاء العمل الوظيفي طلب مني يوما” ادخاله وأسرته الكنيسة لسماع الصلاة، وصادف دخولهم الى كنيسة الصليب ان كان علمنا يقيم الخدمة الالهية فيها وبعد ان استمع الى عظة قصيرة (في نهاية القداس الالهي) ولكنها كانت بليغة فاه بها علمنا، اذكر ان هذا الصديق قال لي بالحرف:”انا وجدت في هذا الخوري ملاكاً بهيئة انسان ياليت لدينا مثله.”
كان هذا البار يعيش عيشة القديسين الأبرار والملائكة الأطهار ويقينا “كما كان يقول الكثيرون عنه انه لوكان حائزا” شهادة اللاهوت لكان ارتقى بطريركاً، وقد اكرمه غبطة البطريرك أغناطيوس الرابع بمنحه وسام الكرسي الأنطاكي المقدس تقديراً لجهاده الرعائي، ووسط فرح عارم من أفراد الاكليروس البطريركي ومطارنة الكرسي الأنطاكي المقدس، والرعية الدمشقية. كما أن بطريرك موسكو وسائر الروسيا كان قد كرمه بدوره قبلاً بمنحه وسام القديس سرجيوس، وهو أرفع أوسمة الكنيسة الروسية، وتمنحه عادة للبطاركة وأصحاب الشأن او الذين قدموا خدمات جلى، اضافة الى وسام القديس فلاديمير الرفيع أيضا نظراً لخدماته الرعائية لأبناء الكنيسة الروسية في دمشق، ولرعية دمشق التابعة لهذه الكنيسة سواء الاولى في ساحة النجمة، أوالثانية في غربي المالكي.
الخاتمة
وجدت أنه من باب الانصاف ان أعيد في مقالي هذا الأرشمندريت ميرون الى أذهان الناس مذكراً انه عندما لم يتابع دراسته في كلية طب الأسنان بجامعة دمشق وتركها عاشقا وملتحقا بالكهنوت الشريف (دون دراسة اللاهوت) الامرالذي يعني انصياعه لدعوة الرب يسوع في رده على طالب دخول ملكوت السماوات: “اذهب وبع كل ماتملكه وتعال اتبعني “
هذا هو علمنا القديس المطوب من الناس والملاك بهيئة انسان الارشمندريت ميرن الزيات…
حواشي البحث
1- الى زمن الام مريم رحباني وهي من رهبنة دير سيدة صيدنايا، كانت رئاسة دير القديسة تقلا البطريركي لارشمندريت بطريركي…
(شكرا للسيد جورج زمراغدي الذي زودني بصور المغبوط الشخصية)
اترك تعليقاً