البيت الدمشقي…
أقسام البيت الدمشقي
الزقاق، الدهليز، البرّاني، الجوّاني، أرض الدار او الديار، الإيوان او الليوان، المربع، المندلون، المشراقة أو المشرقة، القبو.
وفي معظم البيوت الدمشقي يوجد بئر ماء وبجانبه المصنع لتصب به ماء الطرنبة
جميع تلك الأسماء هي أقسام البيت الدمشقي…
منذ دخولك للبيت الدمشقي تمر بهذه الأقسام:
باب الصئاء (الزقاق)
الخوخة وهو أول ما يمر به الزائر، او باب البيت الكبير وهو باب واسع لإدخال الأغراض الضخمة إلى المنزل (الزقاق). أما الخوخة فهو باب صغير ضمنه ويكون على شكل قوس في أعلاه يسمح بمرور الأشخاص فقط وعادة شخص واحد فقط يستطيع المرور.
الدهليز وهو الممر الضيق والمعتم نوعا ما والذي يسير به الزائر وصولا إلى صحن الدار، وعادة ما يصرخ الزائر بصوت عال مقولته الشهيرة ” يالله يالله .” لتنبيه سكان البيت أنه بصدد الدخول عليهم .
أرض الدار او الديار و تسمى ايضاً صحن الدار وهي فسحة ضخمة مفتوحة إلى السماء وتحوي في المنتصف بحرة مزخرفة تزينها من الأطراف الأشجار والنباتات المنزلية الشامية العريقة من ياسمين وفل و شجر التوت والنارنج والكباد والليمون البلدي ومنها والى السطح تنبت دالية العنب البلدي والزيني.
الديوانية وتسمى أيضا بين العوام ( البرّاني ) وهي الغرفة القريبة من مدخل البيت تسمى أيضاً “المضافة” عند وجوه الحارة وتكون عادة مجلساً لحل مشاكل أهل الحي او غرفة الزلملك او الضيوف لاستقبال الرجال.
الإيوان (الليوان) هو مكان أعلى من صحن الدار مفتوح مباشرة على الفناء والى جانبه قاعات الاستقبال والضيافة، يحوي على الزخارف الخشبية المنفذة بعدة أشكال وله قنطرة تسمى تاج الإيوان. يستخدم من قبل أهل البيت وأيضا لاستقبال الضيوف القادمين على عجل لقضاء حاجة معينة مع اهل البيت.
القاعة هي الغرفة الموجودة في أرض الدار وهي قاعة كبيرة داخلية مزخرفة وتحوي بدورها على أثاث فخم لاستقبال الضيوف وقضاء وقت طويل معهم فيها وضمنها يوجد بحرة صغيرة تدعى الفسقية او الفستئية وسقفها المزخرف يدعى الحلقة، وتسمى بين العوام أيضا ( الجوّاني ).
المندلون هو شباك صغير يفتح في الجدار الواصل مع البيت المجاور تماما، بحيث تستطيع سيدة المنزل أن تحدث جارتها من خلاله ويتبادلون الأطعمة أو ما كان يعرف بـ (السكبة) عبره.
المشراقة وهو سطح صغير داخل البيت، بين الدرج وغرف النوم في الطابق العلوي ( او الفوقاني باللغة العامية ) و يوجد فيه منشر الغسيل المطل على أرض الديار وسقالة دالية العنب.
اليوك ويقع في حائط غرفة المنامة وفي الفرشات واللحف والمخدات
القبو وهو غرفة موجودة تحت الطابق الأرضي تصل إليها باستخدام الدرج وهي معدة للمؤونة فتكون رطوبتها حافظا لها.
النصية او التتخيتة وهي الغرف العلوية والتي تعتبر صغيرة الحجم نوعا ما وسقفها منخفض وغالباً للنوم او للجلسات العائلية.
السقيفة غرفة صغيرة فوق المطبخ لوضح الحطب والأشياء المهملة. ويوجد ايضاً في البيت العربي داكونة بيت للحطب، واخرى لوضع الاشياء المهملة
تاريخ البيت الدمشقي
بدأ هذا النوع من العمارة الخاصة لدمشق من العام 1036م. يقال أن أول دار دمشقية عريقة في طرازها المتميز بنيت للخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان وهو ذاته قصر والي دمشق الرومي وقد حوله معاوية الى قصره لما تولى ولاية دمشق ثم عندما أسس الخلافة الاموية وسميت آنذاك دار الإمارة وقصر الخضراء ايضا نسبة الى القبة الخضراء التي كانت تعلوها…
وفي العهد الرومي كان الى جوار الجدار الجنوبي لكاتدرائية دمشق ( كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان) وكان يدخل اليها من الباب الجنوبي للكاتدرائية (الصاغة القديمة اليوم) للصلاة يومياً قبل ان يعود الى قصره لتصريف الأمور وقد اقتدى به والي دمشق معاوية ثم الوليد عندما استولى على كاتدرائية دمشق من ايدي مسيحيي دمشق بالقوة وحولها الى الجامع الأموي وصار يدخل من بابه الجنوبي للصلوات اليومية الخمس…
أسماء في البيوت الدمشقية
في البيوت الدمشقية اسماء كثيرة لمفاصل ومفروشات البيت لا يتسع لنا ذكرها جميعها ولكن سنذكر هنا أهم ما يستخدمه الدمشقيون من مفردات بقيت حتى يومنا هذا
برطاش الباب وهي قطعة رخامية توضع على أرضية حافة الأبواب وتكون مثقوبة عند الارضية لخروج ماء الشطف منها.
القنصلية (كونسول) وهي من مفردات البيت الشامي وهي مرآة جدارية وطاولة بيضاوية الشكل تحتها من الحفر الاوربي وهي واردة من مفروشات بيوت القناصل بدمشق.
الصوبيا مدفأة الشتاء في بيوت دمشق، وتشتعل بالحطب، وكذلك منقل الفحم النحاسي.
جرن الكبة الحجري من الحجر المزاوي المنحوت من جبل المزة ولونه يكون ورديا، مع المدقة الخشبية من خشب المشمش.
الهاون النحاسي مع المقة النحاسية
النملية خزانة خشبية لوضع الأكل، لها نوافذ من المنخل المعدني، تسمح بالتهوية وعدم فساد الطعام، وتمنع النمل والذباب والقوارض من فئران وجرذان عن الطعام.
الكانونة او الموقد للطبخ مدفأة جدارية تستعمل للطبخ في المطبخ العربي الكبير، يحرق فيها الحطب أو الفحم.
الطاقة فتحة صغيرة عالية في المطبخ أو في دورة المياه للتهوية.
الساقط مفتاح باب البيت وكان كبيراً.
السقاطة مصدم.
مطرقة الباب وتكون من الحديد على شكل الحلقة أو يد الإنسان.
ميزات تصميم البيت الدمشقي
وصفه أحد الباحثين الاجانب عند زيارته ” بالمرأة المتحجبة التي لا يرى من محياها الا ما ندر”. تم بناء البيوت الدمشقية على مبدأ (المطبقية أو السفرطاس) أي من قبو وأرضي وعلالي وطيارة، وكلها في مساحة صغيرة، والسبب هو ضيق المساحة ضمن سور المدينة فيضطر السكان للتكيف ضمن المساحة المحدودة إذا تكاثر عددهم. كان طراز البناء الدمشقي متفقاً مع الإقليم الشامي القاري الرطب، أي عازلاً للحرارة في الصيف ومانعاً للبرد والرطوبة في الشتاء، فكان بمثابة مشتى ومصيفاً في ان واحد. صمم البيت بطريقة تسمح بدخول النور من الواجهات الثلاث حسب دوران الشمس، خاصة الإيوان الذي لاتنقطع عنه أشعة الشمس إلا في المغيب. ويتميز عمرانه بالحفاظ على البيئة وتوفير المياه عن طريق البحرة التي تتوسط البيت وتعمل على ترطيب هواء المنزل من خلال قلب مائي يسمح للهواء البارد بالنزول ليلاً وطرد الهواء الساخن ليتحول هذا القلب إلى مكيف طبيعي اضافة الى البئر والمصنع ويستخد ماء البئر عند فيض بردى وينابيع دمشق في الربيع ومطلع الصيف فيحد من استجرار ماء الفيجة التي استجرت الى بعض البيوت.
أشهر البيوت الدمشقية
بيت خالد العظم الموجود في حي ساروجة بالقرب من شارع الثورة وهو يعتبر آية من آيات الفن الدمشقي ويحوي ستة عشر مجموعة نادرة ورائعة من الزخرفة الدمشقية الخشبية الملونة، دُشِّن رسمياً في 26 نيسان 1980م كمتحفٍ”متحف دمشق التاريخي” وفيه مركز الوثائق التاريخية.
بيت أسعد باشا العظم الذي تحول إلى متحف للتقاليد الشعبية في البزورية وقد تم ترميمه وحصل على جائزة اغا خان .
بيت زين العابدين الذي يشغل مديرية المباني الأثرية ويعود إلى القرن الثامن عشر.
بيت شامية في باب توما القديمة الذي حل فيه ضيفاً امبراطور المانيا غليوم وزوجته اواخر القرن التاسع عشر وتحول في ثماتينات القرن الماضي الى مدرسة راهبات البيزنسون.
بيت الدحداح (قصر جورج دحداح) في حارة اليهود …
وبيت ليزبونة في حارة اليهود…
وقصر النعسان المتكىء على سور باب شرقي وهو بيت آل النعسان وحول الى قصر يزوره السياح
و/بيت سليمان/ الذي تم ترميمه مؤخراً وبات مقراً لاتحاد الآثاريين العرب. قصر عنبر اليهودي وصار مدرسة باسم مكتب عنبر وكانت اول مدرسة رشدية اواخر القرن التاسع عشروحاليا اصبح قصراً للثقافة ويتألف هذا البيت من ثلاثة بيوت قديمة تتصل ببعضها بعضاً عبر دهاليز وابواب ويعود تاريخه الى بداية القرن التاسع عشر…
وهنالك الكثير مثل بيت نظام وبيت جبري و بيت السباعي وبيت القوتلي الكائن في العمارة الجوانية، شارع الكلاسة، جانب الجامع الأموي وتحول الى مقر للقنصلية البريطانية بدمشق وبيت الطيبي…
وكانت معظم بيوت المسيحيين في الحي المسيحي بدمشق قبل مذبحتهم عام 1860 الطائفية عبارة عن قصور غاية في الروعة وجمال الصنعة ودقتها وقد صنعوها وجملوها بأيديهم كون كل الحرف كانت بيدهم وتتوارثها الاسرة الواحدة…وكان الحي المسيحي وقتها يمتد في دمشق القديمة من حي الباب الصغير جنوبا الى باب السلام وباب توما شمالاً والى الباب الشرقي ومحيطه شرقاً وكلها تدمرت واحترقت وبد الفتنة اعيد بناء بعضها كما في بيوت حارة الجوانية خلف مدرسة الآسية وبيت النعسان وبيت شامية…
قصائد عن البيوت الدمشقية
بالطبع فإن الشاعر الدمشقي عاشق الشام نزار قباني هو أفضل من وصفه دمشق وبيوتها وأزقتها، فقد قال في نصه النثري الشهير ” دارنا الدمشقية ” :هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة . ففي قصيدة ميسون يقول: ” النوافير في البيوت كلام … والعناقيد سكر مطحون والسماء الزرقاء دفتر شعر .. والحروف التي عليه سنونو “ وفي قصيدة الوضوء بماء العشق والياسمين البيت الدمشقي خارجٌ على نص الفن المعماري . هندسة البيوت عندنا .. تقوم على أساسٍ عاطفي فكل بيتٍ .. يسند خاصرة البيت الآخر وكل شرفة .. تمد يدها للشرفة المقابله .. البيوت الدمشقية بيوتٌ عاشقة … وتتبادل الزيارات .. ـ في السر ـ ليلاً وكذلك اجاد الشاعر الدمشقي العاشق للشام جورج صيدح ، حتى غير الدمشقيين اشادوا شعراً بدمشق وجمالها وقصورها وبرداها كأحمد شوقي .
البيوت الدمشقية والسياحة
الليوان
تحولت الكثير من البيوت الدمشقية القديمة الى مطاعم وأماكن لجلب السياح العرب والأجانب للفت انتباههم الى هذه المدينة العريقة الزاخرة بالمعالم الأثرية. ففي بداية التسعينات وتحديداً عام 1992، افتتح أول مطعم ذو طراز دمشقي في باب توما بين حواريها العتيقة، وهو قصر الامويين وأشهرها أيضا قصر النرجس والموليا واليسار والزيتونة والخوالي وبيت جبري وغيرها. تم تحويل العديد من البيوت أيضا إلى فنادق خمس نجوم تضاهي في جمالها رقى وأجمل فنادق العالمكفندق الشهبندر في القيمرية وبيت المملوكة..وهذا الأمر ساهم بدوره في تحسين ونقل الصورة الدمشقية القديمة لزوار دمشق. كذلك تم تحويل العديد من البيوت إلى صالات لمعارض الفن التشكيلي وإقامة الأمسيات الفنية والثقافية واللقاءات الشعرية مثل صالة عالبال للفنون التشكيلية ودارة بشار زرقان ودارة الفنون وتمر حنة وغاليري مصطفى علي.
الخاتمة
مهما قلنا عن البيت الدمشقي فانه كان بالنسبة لساكنيه كمن يسكن في قارورة عطر…وهو المشتى والمصيف…لا يمكنك زيارة دمشق دون أن تزور أحد بيوتها الدمشقية وتتمتع بجمال العمران والزخارف التي تؤكد بدورها على عظمة هذه العاصمة وحضارتها…
وهو ماقاله كل من زار دمشق ونام في بيت من بيوتها وحتى الفقيرة منها تحمل الحنان كالبيوت الفاخرة فكل ابناء دمشق يرون بيوتهم بيوت في دمشق الجنة وهو ماعشته منذ مولدي وحتى صباي في البيت العربي مع العائلة…سقى الله تلك الايام…
اترك تعليقاً