الخطيئة الأصلية

الخطيئة الأصلية

الخطيئة الأصلية

الخطيئة الأصلية

يتساءل البعض عن سبب وجودنا على الأرض… ألم يكن كافٍ أن يغفر الله لآدم وينتهي الأمر؟

إن من يطرح هذا السؤال يبدو وأنه غير واعٍ لحقيقة الأمر… فغفران الله لخطية آدم وإنهاء الأمر يجعل المشكلة في الله وليست في الإنسان… كيف؟

الله لا يتغير ولا يتبدل
لو أن آدم بخطيئته الأولى قد أساء إلى الله فغضب عليه الله فهذا يقودنا إلى أن الله تغير من الرحيم إلى الغاضب… ولو أنها إساءة في حق الله فهذا يعتبر نقص في الله، حاشاه، فكما، والفرق شاسع بين المثال والحقيقة، أن أشعة الشمس تخترق كل الفضلات دون أن تتأثر هكذا خطيئة آدم لم توجه إساءة بحق الله…الإنسان هو الذي سقط
إذاً ماذا حدث نتيجة الخطيئة؟ إن الإنسان عندما عصى الوصية الإلهية فقد النعمة الإلهية وسقط… طبيعته لم تعد كما كانت… الصورة الإلهية التي خلقه الله عليه لم تعد كمان كانت وتشوهت..

هل ينتهي كل شيء بغفران الله لآدم؟
إذاً كما قلنا أن الإنسان هو الذي سقط وتغير وليس الله فإذاً غفران الله لآدم، من الناحية الحقوقية إن جاز التعبير، سيجعله غير مخطئ في عيني الله وينسى، تعبير بشري، الله خطيئته. أما من الناحية الكيانية والروحية لآدم فلم يتغير شيء إذ بقيت طبيعته ساقطة والصورة الإلهية فيه مشوهة ولذلك هو غير قادر من نفسه على العودة والإتحاد بالله بالنعمة الإلهية.

فلهذا السؤال المطروح آنفاً هو سؤال لشخص غير واعٍ ما هي الخطيئة… وبأن بالخطيئة لم يتغير شيئاً في الله فهو هو الأمس واليوم وإلى الأبد.

وللعلم الكنيسة تؤمن وتعلم بأن آدم قد ندم وتاب ولذلك في أيقونة النزول إلى الحجيم أوأيقونة القيامة نرى أن السيد ينزل ويمسك بيدي آدم وحواء ليصعدهما معه…

أيقونة القيامة نرى أن السيد ينزل ويمسك بيدي آدم وحواء ليصعدهما معه…
أيقونة القيامة نرى أن السيد ينزل ويمسك بيدي آدم وحواء ليصعدهما معه…

وهنا ننتقل إلى سؤال آخر… ألم يكن بمقدور الله أن يعيد الإنسان إلى ما كان عليه قبل السقوط؟

أيضاً إن سائل هذا السؤال يبدو عليه غير مختبر حلاوة ومحبة وعظمة الله ولا يعرف ما هي الحرية والإرادة البشرية..

بالطبع إن الله قادر على كل شيء لكن الإنسان سقط بمحض حريته وبإرادته والله أعظم من أن يقتحم حرية الإنسان وإرادته… ويريد من الإنسان أن يعود إلى كنف الله بملء إرادته .

ولكن كما قلنا سابقاً لا يستطيع الإنسان بقوته الذاتية أن يعيد بهاء ونقاوة الصورة الإلهية التي تشوهت من جراء الخطيئة… ومن هنا كان تجسد وصلب وموت وقيامة الكلمة هو التدبير الإلهي الذي به نستطيع أن ننال نعمة التبني ونعود إلى كنف الآب الضابط الكل بفعل الروح القدس الساكن فينا.

ومن محبة الرب لنا ورحمته علينا أنه سمح للموت أن يدخل على الطبيعة البشرية لئلا تطول أيامنا ونبقى في الخطيئة. والله ليس مسبب الموت بل الإنسان ذاته بسعي الشيطان
وخلال هذه الفترة التي يعيشها الإنسان عليه أن يجاهد لكي يغتصب الملكوت أي يكون مستحقاً له. فيرث مع المسيح لأنه أصبح ابناً في المسيح يسوع ربنا.

والسؤال الذي أيضاً يخطر على بال غير المؤمن أو ضعيفي الإيمان… وما ذنبي أنا لكي أرث خطيئة آدم؟

وأيضاً هذا السؤال ناتج عن عدم وعي لما تعلمه الكنيسة والكتاب المقدس..

الإنسان لم يرث الخطيئة أبداً… بل بما أنه من نسل آدم الساقط في الأساس والتي كانت طبيعته فاسدة والصورة الإلهية فيها مشوهة فأتى هو على نفس هذه الطبيعة الساقطة ولكنه غير مخطئ… أي ورثنا نحن نتيجة السقوط لأننا من أبوين سقطا.. ولم نرث الخطيئة… ففي الإيمان المسيحي لا يوجد توريث للخطيئة… وهذا ما يجهله الكثيرون ويفزعون منه حينما نقول “الخطيئة الأصلية أو الجديّة”.

إما لماذا نولد بهذه الطبيعة الفاسدة والتي من آدم الأول فهذا عائد كما جاء أعلاه لأننا وللتوضيح اسمحوا لنا أن نقتبس التالي

انطلاقاً إذاً من حادث خطيئة أبوي الجنس البشري، دخلت حالة الخطيئة -وليس الخطيئة- التي انتقلت وراثياً مع كل نتائجها إلى كل ذريتهما. وهذه الوراثية يفهمها الآباء على أساس الوحدة السرية غير القابلة للانقسام للطبيعة البشرية. ولذا يصبح آدم كمثل جذر فسُد فأنتج الفساد لكل جنسه. ولتوضيح نظرة الآباء الشرقيين إلى هذه الأمور نعطي مثالين من أقوال أبوين معلمين للكنيسة شرقاً وغرباً أولهما القديس كيرلس الإسكندري رئيس المجمع المسكوني الثالث الذي أدان البيلاجية

“كيف صار الكثيرون بسببه خطأة (بسبب آدم)، وما علاقتنا نحن بزلاته؟

وكيف نحن الذين لم نكن بعد في الوجود حكم علينا معه؟ على الرغم من قول الرب: “لا يموت الآباء من أجل الأبناء ولا الأبناء من أجل الآباء. النفس التي تخطئ هي تموت”؟… لأنه سقط في الخطيئة وانزلق في الفساد الذي تسرب إلى طبيعة الجسد لذائذ مع نجاسات واندس في أعضائنا ناموس متوحش. سقمت إذن الطبيعة بعصيان الواحد أي آدم، وهكذا صار الكثيرون خطأة. ليس كأنهم شاركوا آدم، لأنهم لم يكونوا بعد، بل لأنهم كانوا طبيعته التي سقطت تحت الخطيئة… مرضت إذن الطبيعة البشرية في آدم بفساد العصيان فدخلت فيها الأهواء…”.

أما الأب الثاني فهو القديس يوحنا الذهبي الفم: “ما هي إذن ال (كثيرون صاروا خطأة) يبدو لي أن المستحقين للجحيم والمحكوم عليهم بالموت والذين لم يأكلوا من الشجرة صاروا مثل ذلك الذي سقط، منه جميعاً أموات”.
وهكذا نفهم أننا لم نرث الخطيئة الأصلية بل ورثنا نتائج الخطيئة أي الحالة التي كانت بها طبيعة آدم بعد السقوط… وأن الخطيئة هي ليست مشكلة الله بل مشكلة الإنسان ولذلك إن تاب غفر الله للإنسان فهذا لا يعني أن الإنسان عاد كما كان.. وهذه العودة إلى نقاء الصورة الإلهية في الإنسان غير قادر على تحقيقها الإنسان بمفرده… فكان في تدبير الله أن يتجسد ويصلب ويموت ويقوم ليقيمنا معه..

🕆 *ارثوذكسيتي*🕆

 

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *