*الخميس العظيم المقدس مساءً (سحر الجمعة)*

*الخميس العظيم المقدس مساءً (سحر الجمعة)*

☦️ *الخميس العظيم المقدس مساءً (سحر الجمعة)*

عند المساء ندخل من نور الخميس العظيم إلى ألم الجمعة، يوم آلام المسيح وموته ودفنه، إذ يبدأ يوم الجمعة الليتورجيّ مساء الخميس بخدمة أناجيل الآلام التي هي صلاة سحر الجمعة.

فكما تبعنا يسوع في يوم الخميس العظيم إلى العليّة، نتبعه في يوم الجمعة العظيم إلى الجلجلة.

*الخدمة الطقسيّة* لهذا اليوم قديمةٌ جدًّا، تعود نواتها إلى العصور المسيحيّة الأولى، إلى صلوات كنيسة أورشليم كما سبقت الإشارة في المقدّمة. وقد ضمّت ثلاثة عناصر:

🕯️– الأوّل يتألّف من تراتيل وقراءات وزيّاح ليليّ من جبل الزيتون إلى كنيسة القيامة حيث يوجد قبر المسيح؛

🕯️– الثاني يتضمّن السّجود لبقايا الصليب الكريم؛.

🕯️– الثالث يتضمّن الصلوات والقراءات في مكان الصلب نفسه.

هذه البنية الدراميّة للتسابيح تساعد المؤمنين على الغوص في المعنى العميق لآلام المخلّص وموته.

☦️فهذا اليوم ليس فقط مجرّد رمز للصلب وتذكار له، فهو لا يتوقّف عند أمور ماضية. إنّه يوم يعلو فيه الشر ولكنه ينهزم على أقدام الرّب يسوع.

وأمام هذا الحدث الخلاصي الذي تّممه الرّب يسوع المسيح بفدائه الطوعي على الصليب يُطرح السؤال التالي: نحن الذين نسمّي أنفسنا مسيحيّين، ألا نجعل غالبًا منطقنا كمنطق هذا العالم الذي حكم على يسوع بالموت؟

*في أيّ جانب كنّا سنقف لو كنّا عائشين في أورشليم أيّام بيلاطس* ؟ هذا هو السؤال الذي يتوجّه إلينا مع كلّ كلمة من خدم الجمعة العظيمة.

هذا اليوم هو يوم دينونة هذا العالم الحقيقيّة لا الرمزيّة، ويوم دينونتنا الحقيقيّة لا الطقسيّة.
إنّه كشف لطبيعة هذا العالم الذي فضّل ولا يزال يفضّل الظلمة على النور، الشرّ على الخير والموت على الحياة.

إنّ هذا العالم الذي أدان المسيح للموت أدان نفسه للموت. ونحن بقدر ما نقبل روحه وخطيئته وخيانته لله بقدر ما نكون مدانين.

*ويبقى هذا اليوم يوم الفداء بامتياز، فموت المخلّص قد ظهر موتًا خلاصيًّا لنا. موت المسيح هو ذروة الكشف عن رحمته ومحبّته* .

وبالنهاية هو خلاصيٌّ لأنّه يحطّم نبع الموت نفسه: الشرّ.
فخلال آلامه كلّها، كان المسيح وحده المنتصر لأنّ الشرّ لا يستطيع أن يفعل أيّ شيء ضدّه. وهذا هو السرّ المزدوج ليوم الجمعة العظيم، السرّ الذي تظهره الخدمة وتجعلنا نشترك فيه:

فمن جهةٍ هناك التشديد الدائم على آلام الربّ كخطيئة الخطايا. ففيه نتوغّل مع الربّ في آلامه التي تقرأها علينا الكنيسة ١٢ قراءة كما سبقت الإشارة بدءًا من خطاب الوداع في يوحنّا، حيث يعذب كلام السيّد عن نفسه وعن الآب والروح المعزّي والكنيسة الطالعة من جنبه المطعون. القراءات الأخرى تخبرنا عن كلّ ما جرى للربّ: القبض عليه، محاكمته، والآلام (البصاق والسياط، والتقريعات) التي اكتملت بصلبه ودفنه.

نحن نقرأ الأناجيل الإثني عشر المتعلقّة بآلام الربّ كما وردت عند الإنجيليّين الأربعة، كي لا يفوتنا شيء من بهاء حبّ الربّ لنا.

☦️ *التطواف بالصليب*:
بعد تلاوة الإنجيل الخامس يُطاف بالصليب المقدّس أثناء ترنيم :”اليوم عُلّق على خشبة” التي هي على نفس وزن ” اليوم يولد من البتول” التي نرتّلها في عيد ظهور الله في الجسد المعروف شعبيًّا بعيد الميلاد.
بعد التطواف يؤتى بهالصليب إلى وسط الكنيسة حيث يُثبّت في موضعه. نقول “اليوم عُلِّق على خشبة” للتعبير أنّه لم يبقَ زمانٌ يفصلنا عن موت السيّد المبارك.اليوم يموت من أجلنا لنحيا بالإيمان به ونفهم أنّنا نرث اليوم ثمار الخلاص بحيث نرجو السيّد أن يُنزل علينا خلاصه ولا نبقى متردّدين بينه وبين خطايانا.

وفي نهاية الخدمة يسجد المؤمنون أمام مظاهر تواضع السيّد الطوعيّة.

لكنّ هذا الجوّ المفعم بالرهبة لا يحرمنا من فسحة رجاء إذ من الجهة الأخرى كلّ هذه القراءات تجعلنا نعيش الفرح وسط هذه الآلام منتظرين خلاصنا بالصليب.

*_من هنا سُمّيَ هذا اليوم في الكنيسة الأولى “فصح الصليب”، لأنّه هو بالواقع بداية الفصح.*

فذبيحة الحبّ التي تهيّء النصر الأخير تجعله حاضرًا منذ البداية.

فمن قراءة الإنجيل الأوّل (يوحنّا 13: 31 -18: 1) التي تبدأ بإعلان المسيح الجليل”الآن يتمجّد ابن الإنسان ويتمجّد الله فيه” إلى الاستيشارة في آخر الخدمة هناك ازديادٌ للنور ونموٌّ بطيء للرجاء واليقين أنّ “الموت سيحطّم الموت”: ” *إذ رأتك الجحيم المهزوء بها جدًّا يا منقذ الكلّ في قبر جديد موضوعًا من أجل الكلّ ارتاعت خائفة، وأبوابها وأقفالها حُطِّمت تحطيمًا والقبور فُتحت والموتى نهضوا والفرحان آدم إذ ذاك يا محبّ البشر ناداك شاكرًا المجد لتنازلك* “.

بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس ⁦☦️

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *