نقولا زيادة شيخ المؤرخين العرب 1907-2006

الدكتور نقولا زيادة شيخ المؤرخين العرب 1907-2006

 الدكتور نقولا زيادة شيخ المؤرخين العرب 1907-2006

نقولا زيادة

السيرة الذاتية

تتدفق السيرة الذاتية للمؤرخ والمفكر الفلسطيني الكبير نقولا زيادة في سلاسة وعذوبة حاملة ذكريات تتجاوز الشخص الى المكان-الوطن وأوطان ودمشق المدينة التي ولد فيها واحبها الى فلسطين موطن اهله و مدن سافر اليها من الهند شرقا الى ألمانيا وبريطانيا وفرنسا غربا مرورا بكثير من المدن العربية.

ويبدأ رحلاته باثبات انتماء أبويه الى بلدة الناصرة “في شمال فلسطين وهي البلدة التي أنجبت السيدة العذراء أم المسيح” ثم التحق بمدرسة في جنين وفي نهاية الحرب العالمية الاولى كان مركز الطيران العسكري الالماني يتخذ عام 1918 من المدرسة مسكنا وكان التلاميذ يقضون النهار في الازقة “وبعد الاحتلال البريطاني حل ضباط انجليز مكانهم (الالمان) لبعض الوقت ولذلك فان المدرسة فتحت في مطلع سنة 1919 ودخلنا المدرسة.”

والدكتور نقولا زيادة ولد في حي باب مصلى بدمشق لأبوين فلسطينيين جاءا من مدينة الناصرة بفلسطين، واستقر بهما النوى في دمشق الشام.
وقضى نقولا زيادة طفولته في دمشق، وهي طفولة معذبة، فعندما كان في الثامنة من عمره تم تجنيد والده في (حرب السفر برلك)- الحرب العالمية الأولى- وتقرر نقل المجندين إلى السويس حتى قبل أن يتلقوا التدريبات الضرورية، وتم تجميع العسكر في التكايا والأديرة والجوامع وأطلقوا عليهم اسم (السوقيات)، أي أولئك الذين سيتم سوقهم إلى الموت بنيران المدفعية البريطانية على ضفة السويس.

ثم طُلب الاب للجندية مع نشوب الحرب و كانت سنه 35 عاما لكنه دفع ” البدل” وقدره 40 ليرة عثمانية (نصفها ذهبا ونصفها الاخر ورقا) ليعفى من التجنيد وبعد شهرين طلب للتجنيد مرة ثانية ودفع البدل مرة ثانية ويبدو أن المسؤولين تلاعبوا بالايصالات فاستدعي للتجنيد مرة ثالثة وعجز عن الدفع “لذلك سيق عبده عبد الله زيادة جنديا” عام 1915 والتحق بفرقة مكلفة بمهاجمة مصر للهجوم على التحصينات البريطانية.

ولا تخلو السيرة من خفة ظل وسلاسة تتدفق بين السطور فبعد جهد عرفت الاسرة أن والد نقولا زيادة يقيم مع الاسرة مؤقتا في “جامع المعلقة” بدمشق ولم يسمح الضابط التركي لزوجته بدخول الجامع لكنهم سمحوا للطفل نقولا الذي ظل يتردد عليه ويحمل اليه “بعض ما تيسر وكان كل شيء يفتش تفتيشا دقيقا بدون لهجة لطف أو ما الى ذلك”.

والسيرة أبعد وأعمق من مجرد رحلة فرد فهو يسجل مثلا أن الدولة العثمانية أدخلت قبيل الحرب العالمية الاولى النقد الورقي لكنها كانت تدفع نصف معاشات الموظفين في المؤسسات الرسمية ذهبا والنصف الثاني ورقا وأمرت بأن يكون تعامل الناس على هذا الاساس حتى ان جارا لهم تسلم ليرة ذهبية وأخرى ورقية فلف الذهبية بالورقية وهو لا يعرف ماهية الليرة الورقية ظنا منه أنها للحفاظ على الليرة الذهبية.

كما يسجل أنه حين ذهب الى مستشفى للبحث عن أبيه دخل قسم الموتى حيث كانت الجثث ملقاة على الارض بلا اهتمام “لم يكن هناك مكان لحفظ الجثث” التي لا يعثر أصحابها عليها فكانت تحمل وتحفر لها قبور جماعية وأحيانا يطلب الى رجل دين مسلم أو مسيحي أن يصلي عليها قبل الدفن الجماعي “ولكن حتى هذا لم يحدث دائما” ومات الاب غريبا وعادت الاسرة للناصرة عام 1916 ثم الى جنين وهي تعاني ضيق العيش فباعت أمه “أشياء بيتية” حملوها من دمشق وعرضت للبيع “السجادة العجمية الوحيدة التي بقيت عندنا” واشتراها ضابط بريطاني بخمسة عشر جنيها مصريا.

وصدر كتاب (حول العالم في 76 عاما.. رحلات مثقف شامي في اسيا وأوروبا والشمال الافريقي 1916-1992) في الذكرى الاولى لرحيل زيادة ويقع في 559 صفحة كبيرة القطع في نشر مشترك بين المؤسسة العربية للدراسات والنشر ودار السويدي ضمن سلسلة (ارتياد الافاق) التي يشرف عليها الشاعر السوري نوري الجراح.

ووصف زيادة هذه السلسلة في مقدمة قصيرة كتبها في نهاية 2005 لهذا المجلد بأنها “أول وأهم مشروع من نوعه يهتم بالادب الجغرافي”.

وقال الجراح في المقدمة ان زيادة (1907-2006) وضع نحو 65 كتابا تأليفا وترجمة في مجالات التاريخ والتاريخ المتداخل مع الجغرافيا السيرة الذاتية- الموضوعية وأصبح بعطاءاته علما من أعلام الثقافة العربية الحديثة.

وأضاف أنه ظل حتى أيامه الاخيرة يقرأ ويبحث واصفا اياه بأنه مثقف موسوعي “قومي عربي ذو نزعة انسانية تأسست نظرته على احترام الاخر أيا تكن قوميته أو عقيدته الدينية أو نزعته الفكرية مادام شريكا في بناء الحضارة وليس في تدميرها.”

ومن الرحلات المبكرة لزيادة قيامه عام 1925 مع أحد أصدقائه برحلات من فلسطين الى عدة مناطق بالشام “وضاعت الصور المتعلقة بهذه الرحلة لما نهب بيتي في القدس سنة 1948” وانتهت الرحلة بأنطاكية التي كانت “جزءا من لواء الاسكندرونة الذي كانت تديره فرنسا كما كانت تدير سورية بأجمعها ولذلك كان لايزال جزءا من سورية” قبل ضمه الى تركيا عام 1939.

ويقول بعد أن تجول في بعض القرى “الذي عرفته يومها أنني كنت في جزء من أجزاء بلد عربي. في المنطقة عدد من الاتراك لكن هذا لم يكن يبرر المطالبة بضم سنجق أو لواء الاسكندرون الى تركيا. ومع ذلك فقد ضم. ضم نتيجة استفتاء أجرته عصبة الامم التي قامت في أعقاب الحرب العالمية الاولى وخرجت بنتيجة أن أكثرية السكان صوتوا الى جانب الانضمام الى تركيا لانهم أتراك.

“والواقع كما أخبرني الكولونيل نيوكمب بعد ذلك بسنوات وكانت له يد في العملية هو أن السكان لم يوزعوا بحسب عنصريتهم أي العرب معا والاتراك معا. اذ في هذه الحالة سيكون العرب هم الاكثرية المطلقة لكنهم وزعوا سنة -عربا وأتراكا- وعلويين وشيعة ومسيحيين. واعتبروا السنة جميعهم تابعين للمذهب الذي يقبله الاتراك. وعند الاستفتاء ظهر أن الاتراك -أي السنة- هم الاكثرية. وباختصار لف الطابق لمصلحة تركيا وضم اليها وأصبح اسمه ولاية هيتاي”

وعمل زيادة مساعدا لمدير المعارف في برقة عام 1949 ويسجل بعض ملامح الحياة في ليبيا آنذاك قائلا إن العملة المستعملة هناك كانت الجنيه المصري وإن الإيطاليين عملوا على طلينة السكان “وهذه الطلينة التي قامت على الحراب نجحت إلى درجة ما” كما منعوا التعليم إلا لأقلية صغيرة ومنعوا عنهم الكتب التي كان اقتناؤها “أمرا يعاقب عليه القانون” وكان المنهج التعليمي مصريا حيث يتعلم التلاميذ تاريخ مصر وجغرافيتها “ولا يعرفون إلا القليل عن بلادهم.”

كما يصف جانبا من سيكولوجية الغرب في ثلاثينيات القرن العشرين فالألماني “يشعر بأنه عريان إذا لم يلبس ثوب الجندية” أما انطباعه الأول عن باريس فهو أنها “غانية تجيد تجميل نفسها وتحسن اختيار زيها وثيابها” مضيفا أنه تفاعل مع تجاربه في الغرب “مسالما.. ومخاصما.. ومتأثرا” على عكس كثيرين من العرب الذين يتعلمون في لندن وباريس والولايات المتحدة ثم يعودون إلى بلادهم بلا أثر لما درسوه “لا فكرا ولا اجتماعا ولا لغة”.

وتحت عنوان (الناس والثقافة في الخليج) يتناول رحلاته واهتمامه بالمستقبل “باعتباري قوميا عربيا في الصميم” فمثلا يسجل اهتمام الكويت بالبعثات العلمية وأن 85 بالمئة من أساتذة جامعة الكويت في نهاية ستينيات القرن العشرين كانوا مصريين كما كان القائمون على الشؤون العلمية تعليما وإدارة بجامعة قطر حتى عام 1977 من المصريين.

ومن بين العواصم العربية التي سحرته جغرافيا الجزائر التي “تلقي غاباتها عليها ظلالها وتطل عليها حنوا وعطفا فإذا اطمأنت إلى المتعة والحنو والعطف اتخذت من البحر لها قبلة ووجهة فاتسعت آفاقها باتساعه.”

وينطلق زيادة في رحلاته وأفكاره من شعور عروبي بارز فيقول “أنا مسيحي لكنني عربي وأعيش بين المسلمين. أشعر أن الحضارة العربية الإسلامية هي حضارتي وهي تراثي الثقافي والفكري”.

ويكتب تحت عنوان (رحلتان إلى القاهرة 1933-1934) كيف جاء من حيفا إلى مصر في قطار عبر شبه جزيرة سيناء حيث كان القطار يحملهم إلى القنطرة على قناة السويس حيث يقوم بفحص الجوازات والتفتيش الجمركي موظفون مصريون كما “يقومون بالعمل نيابة عن الجمرك الفلسطيني بالنسبة للقطار العائد إلى حيفا” ونزل في فندق بشارع فؤاد الأول مقابل 25 قرشا لليلة الواحدة.

ويضيف تحت عنوان (هذه هي المدينة) أنه في القاهرة رأى “مدينة لأول مرة. القدس ودمشق وحلب وبيروت بدت لي قرى كبيرة جدا بالنسبة إلى هذه المدينة… فيها رأيت لأول مرة المخزن (المحل متعدد الطوابق) الكبير الذي يمكنك أن تدخل إليه ومعك الفلوس اللازمة فتخرج منه وقد ابتعت كل ما يلزم عروسك من جهاز… في القاهرة عرفت معنى المتحف… باختصار بهرتني القاهرة المدينة وبهرتني القاهرة الجميلة بشوارعها العريضة بقصورها الفخمة بدار الأوبرا” مشددا على أن اهتمامه بتطور المدينة العربية الإسلامية ومؤسساتها وارتباطها بنمط الدولة يعود إلى ما تركته القاهرة في نفسه من آثار لكونها مدينة.

ويكتب أنه أصر على تسلق الهرم “وقفت على قمة هرم الجيزة الأكبر وألقيت بنظرة إلى ما انبسط أمامي فرأيت دنيا تآمرت الطبيعة والإنسان على إقامتها وتزويقها وزخرفتها فقد حباها الله بماء النيل الذي يحيي الأرض ويبعث فيها الروح والريحان… ورأيت يومها أمامي على شيء من البعد جبل المقطم الذي تسلقته إلى القمة أيضا بعد بضعة أيام… بين المقطم والأهرام نشر التاريخ أمجاده.”

ولم تقتصر زيارته لمصر على الآثار إذ اقترب من نبض الحركة الفكرية بداية من لقائه برئيس تحرير (المقتطف) فؤاد صروف ثم توطدت علاقته بآخرين منهم أحمد أمين ومحمد عوض محمد وأحمد حسن الزيات ومكرم عبيد و” شيخ العروبة أحمد زكي… لم يكن كثيرون من العاملين في مجال الفكر أو حتى في مجال السياسة في مصر يعرفون ما فيه الكفاية عن قضية فلسطين وما يجري فيها لكن أحمد زكي باشا شيخ العروبة كان يعرف.”

ويورد نصوص رسائل من القاهرة لأصدقائه يصف في بعضها كيف يقضي أمسياته في شارع عماد الدين حيث المسارح والممثلين البارزين منهم نجيب الريحاني ويوسف وهبي “فليست بيروت ودمشق وحلب بالشيء الذي يذكر أمام القاهرة… في القاهرة ترى كل شيء وتجد كل شيء. الماضي السحيق والحاضر الجديد… فأنت تستعرض في مصر كل ما مر على العالم من حوادث منذ أن عرف البشر البناء والكتابة إلى أن حلقوا في الجو طائرين.”

ويسجل جانبا من الحياة الاجتماعية في تلك الفترة بكثير من الدهشة والإكبار فمن غير الممكن “إذا استثنيت بعض الأحياء البلدية (الشعبية) أن تفرق بين السيدة المسلمة والمسيحية فليس هناك حجاب إلا في الأحياء المتقدمة” مضيفا أنه كان يمر بالقرب من مدرسة للمعلمات بحي السيدة زينب ورأى مدرسات وطالبات بلا حجاب.
في السابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 2006م عندما كانت المدفعية الصهيونية تحرق الحجر والشجر والبشر في قرى وبلدات الجنوب اللبناني، والطائرات (الإسرائيلية) تغتال العمارات الآهلة بالسكان في الضاحية الجنوبية من بيروت .. غيب الموت المؤرخ الفلسطيني اللبناني السوري (الدكتور نقولا عبدو عبد الله زيادة)، الذي كان الأديب الراحل (ظافر القاسمي) يطلق عليه تحبباً لقب (ابن زائدة)- نسبة إلى (معن بن زائدة)- لعلمه وتواضعه ورجاحة صدره- مات شيخ المؤرخين العرب في منزله في بيروت عن عمر 99عاماً- فهو من مواليد كانون الأول  عام 1907، ووري الراحل الكبير الثرى بصمت لا يليق بقامته الشامخه.

والدكتور نقولا زيادة ولد في حي باب مصلى بدمشق لأبوين فلسطينيين جاءا من مدينة الناصرة بفلسطين، واستقر بهما النوى في دمشق الشام.
وقضى نقولا زيادة طفولته في دمشق، وهي طفولة معذبة، فعندما كان في الثامنة من عمره تم تجنيد والده في (حرب السفر برلك)- الحرب العالمية الأولى- وتقرر نقل المجندين إلى السويس حتى قبل أن يتلقوا التدريبات الضرورية، وتم تجميع العسكر في التكايا والأديرة والجوامع وأطلقوا عليهم اسم (السوقيات)، أي أولئك الذين سيتم سوقهم إلى الموت بنيران المدفعية البريطانية على ضفة السويس.
ويروي الدكتور نقولا زيادة نتفاً من الذكريات المحفوظة عن مرحلة سوق والده للغسكرية
“في يوم من الأيام أخبروا أمي بمرض والدي ونقله إلى المستشفى، لم يقولوا لها أي مستشفى ولا وضعه الصحي، وبات علينا أن نفتش عليه، وكنا أنا وأمي نتناوب عملية التفتيش، تذهب أمي وأبقى أنا مع أخي الصغير، وفي اليوم التالي أقوم أنا بالتفتيش. وكنت أنا في سن الثامنة ومع ذلك فقد زرت كل المستشفيات التي كانت تحت الإدارة العسكرية العثمانية.
وفي يوم من الأيام كان دور أمي بالتفتيش، ولما رجعت إلى البيت كانت تحمل كيساً لم أعرف محتوياته، وقالت لي ثلاث كلمات فقط: نقولا، أبوك مات!! وعرفت أن ثيابه ومقتنياته البسيطة كانت في الكيس الذي جلبته معها.
-مات (عبدو عبدالله زيادة) قبل أن يصل إلى جهة السويس، أصيب بمرض من الأمراض التي تفشت بين (السويقات)، وأدخل المستشفى، وتم التثبت من موته في المستشفى-.
المهم أن أمي نادتني وفتقت الفرشة وأخرجت منها شقفة قماش ملفوف فيها ليرة عصملية ذهب وقالت لي: نقولا، هذا كل ما معنا …
وأدركت يومها معنى كلمة (هذا كل ما معنا)، أدركت أهميتها وصعوبتها أكثر من إدراكي لموت والدي!!
وإذا كنت قد خفت من الموت، فإنني خفت أكثر من الفقر، الموت موت، لكن الفقر أنت لا تعرف حالك وكيف بدك تعيش.
كنت أرى أمي تشتغل وتتعب حتى تعيّْشنا، وكان علي أن أجتهد في مدرستي لكي أنجح واشتغل وأعيل أمي وأخويّ الاثنين ..”
قضى نقولا زيادة طفولته في دمشق الشام، وصباه وشبابه في فلسطين، وبسبب الظروف المادية القاسية اختار أن يكمل دراسته في دار المعلمين الابتدائية في مدينة القدس بدلاً من الالتحاق بالجامعة الأميركية أو غيرها، فالدراسة في دار المعلمين تنتهي في 3 سنوات، يتم تعيينه بعدها في سلك التعليم ويقبض الراتب في آخر الشهر، وبالتالي يستطيع إعالة أمه وأخويه.
ويروي الدكتور نقولا زيادة ذكرياته عن موقف جمعه مع أمه قبل التحاقه بدار المعلمين:”قبل ما أدخل دار المعلمين بعدما نجحت بالامتحان، كنا بزيارة عند جيران إلنا، ونحن راجعين وقبل ما ندخل البيت، وقفت أمي وقالت لي: نقولا، أنا بشتغل حتى أعيشك أنت وأخوتك، رح ابعتلك كل شهر مائة قرش (جنيه واحد) مصروف إلك، ما إلك حق تدخن من اللي أنا بتعب فيه، لما تحصّل مصرياتك دخّن”، وما دخنت حتى صار عمري 32 سنة …
وتخرج نقولا زيادة من دار المعلمين في مدينة القدس عام 1924 انخرط بعدها في سلك التعليم، وتنقل بين مدارس: ترشيحا وعكا الثانوية والكلية العربية في القدس، كما علم في بعض مدارس دمشق، لكن حلم الالتحاق بالجامعة ظل يلح عليه.
يقول عن ذلك:”بعد إحدى عشرة سنة من تخرجي من دار المعلمين في القدس صحلي الالتحاق بالجامعة، كان إخوتي الاثنين صاروا يشتغلوا، دبروا حالهم، فذهبت إلى بريطانيا للالتحاق بجامعة لندن”.
ومن جامعة لندن حصل على بكالوريس في التاريخ، وأيضاً على دكتوراه في التاريخ الإسلامي، وتخرج عام 1950 ليعمل بعدها أستاذاً للتاريخ العربي في الجامعة الأمريكية في بيروت، والجامعة الأردنية وجامعة القديس يوسف في بيروت، كما اشتغل مشرفاً على رسائل الدكتوراه في التاريخ العربي بين عامي 1973 و 1987.
ولم تشر الدراسات التي تناولت نشأة الدكتور زيادة إلى وجود قرابة عائلية بينه وبين الأديبة المعروفة (ماري زيادة) التي اشتهرت باسم (مي زيادة)، والتي ولدت في مدينة الناصرة بفلسطين عام 1886 لأب لبناني اسمه (الياس زخور زيادة) وأم سورية الأصل فلسطينية المولد.
والمعروف أن (مي زيادة) تلقت دراستها الابتدائية في الناصرة- مسقط رأس والدي نقولا زيادة- والثانوية في عينطورة بلبنان، وانتقلت عام 1907- وهي السنة التي ولد فيها نقولا زيادة- للإقامة في القاهرة مع أسرتها.
ومن عجيب المصادفات التي استوقفتني في سيرة الأديبة والمؤرخ، أن (مي زيادة) كانت تتقن العربية والفرنسية والإنكليزية والألمانية والإسبانية والإيطالية، ومثلها كان الدكتور نقولا زيادة يتقن العربية والإنكليزية واليونانية واللاتينية والألمانية.
في مطلع شبابه كتب نقولا زيادة العديد من المقالات، ونشر أعماله الأولى في الصحف والمجلات السورية آنذاك، وصدر له عام 1943 أول كتاب بعنوان (رواد الشرق العربي في العصور الوسطى)، وتتابعت بعدها دراساته الموسوعية التاريخية حتى وصلت إلى نحو أربعين كتاباً بالعربية وستة كتب بالإنكليزية.
ومن أبرز كتبه: وثبة العرب- العالم القديم في جزئين- صور من التاريخ العربي- شخصيات عربية تاريخية- صور أوروبية- عالم العصور الوسطى في أوروبا- قمم من الفكر العربي الإسلامي- أيامي- المسيحية والعرب- مشرقيات.
لم ينخرط الدكتور نقولا زيادة في أحزاب أو تنظيمات سياسية كما فعل العديد من الفلسطينيين ولم يسمح للسياسة أن تشغله عن حياته الفكرية والثقافية والتربوية، وإن كان لم يغفل عن تدوين أخبار رجال السياسة والفكر والأدب والتربية …
في مذكراته التي صدرت تحت عنوان (أيامي .. سيرة ذاتية) التي صدرت عام 1992- حين كان عمره 85 سنة- أخذ عليه بعض الدارسين أنه لم يؤرخ للقضية الفلسطينية وهو الفلسطيني الناصري –نسبة إلى الناصرة- وهو قال عن هذه المذكرات في مقابلة صحافية في نيسان عام 2003:” لم أجرب أن أكتب مأساتي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بالذات، الذي ذكرته في كتابي وتحدثت عنه وكتبته في سوى ذلك، كان محاولة لتوضيح المأساة العامة .. مأساة الشعب الفلسطيني وفلسطين بالكامل، لكن أنا لم أكتب تاريخاً لهذه الفترة، ولا أدري لماذا تجنبت ذلك؟ إن كان عمداً أو مجرد اشتغالي بشيء آخر، يعني أنا لم أؤرخ للقضية الفلسطينية، مثلاً لمحات منها أن الزعماء الفلسطينيين وجميع الزعماء العرب لم يفهموا تماماً معنى (وعد بلفور) بوطن قومي لليهود في فلسطين على أن لا يؤذي هذا الطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين .. لما أُعطي هذا (الوعد) كان عدد اليهود في فلسطين لا يتجاوز خمسة أو ستة بالمائة .. يقول الوعد عن الـ 95 بالمائة (أن لا تتأذى من هذا الأمر)، يعني الفكرة من الأول فيها شيء، هذه واحدة، الشيء الثاني حاييم وايزمن أول رئيس لـ (دولة إسرائيل) كان أستاذاً في جامعات لندن، كان كيماوياً، وهو أعلن في سنة 1921 في إنكلترا أن فلسطين ستصبح يهودية كما هي بريطانيا بريطانية، يعني الغاية من الأصل كانت ليست مجرد (زاوية) أو (قرنة). الغاية كانت (فلسطين لليهود)، هذه لم يفهمها الزعماء الفلسطينيون والعرب، لذلك الوفد العربي الفلسطيني الأول الذي ذهب إلى إنكلترا سنة 1921، جرّب أن يطلب من الحكومة أن تلغي (وعد بلفور)، ما أدركوا أهمية وعد بلفور!!
الشيء الثاني فيما تقدم من الزمن، كان هم الزعماء أن يكونوا زعماء، وبعدين بيهتموا بالقضية .. فيه فرق بين أن تكون القضية هي الأساس عندك والزعامة تأتي على طريق القضية، لكن كانت القضية تأتي عن طريق الزعامة … يمكن يكون هذا السبب ما خلاني أكتب تاريخ القضية الفلسطينية)).
رحل الدكتور نقولا زيادة من دون أن يؤرخ للقضية الفلسطينية، وليته فعل

جاء في جريدة الرياض في 17 تشرين الثاني 2006 في تكريمه من قبل وزارة الثقافة السورية

“تكريما للابداع والمبدعين الذين سطروا بروائعهم الإنسانية والعلمية والمعرفية الكثير من الملاحم الفكرية والادبية والتاريخية وتقديرا وعرفانا بما قدموه للامة خلال مسيرة حياتهم الحافلة بالعطاء، اقامت وزارة الثقافة السورية والمنتدى الثقافي اللبناني – السوري منذ ايام بدمشق ندوة تكريمية للمؤرخ العربي الراحل الدكتور “نيقولا زيادة” ( 1907- 2006) سلط المشاركون فيها من خلال مداخلاتهم الضوء على فكر هذا المؤرخ الكبير وانجازاته على كافة الاصعدة .

موسوعة ثقافية

د. رياض نعسان آغا وزير الثقافة السوري تساءل في كلمته التي القاه اذا كانت هذه الاحتفالية هي مناسبة حزن أم مناسبة فرح. ما أظن بعد المائة بوسع المرء أن يحلم بمزيد من العيش سوى بذاك النعيم المبهج الذي ينطلق إليه في ملكوت الله، واضاف قلت حين كنت في القاهرة لأعزي بفقيدنا الكبير نجيب محفوظ إن أديبنا لم يدع لأحد أن يقول البقية في حياتك لأنه لم يترك بقية لأحد. هذا فضل من الله على نقولا زيادة أنه عاش دون أن يرد قط إلى أرذل العمر بل بقي في وهجه كنا نتابعه وهو في أواخر التسعينات من عمره يتوقد حيويةً وذكاءً وذاكرةً وغنىً في محبة الناس له وحب الناس المنبعث من قلبه لذلك أقول انها مناسبة فرح أن تحتفي الأمة بواحدٍ من عظمائها وبرجلٍ من رجالها الكبار.

ولا يغيب عن البال ونحن نتحدث عن الراحل الكبير الراحل الباقي أنه بدأ حياته مجتهداً مجداً فهذا ما أتمنى على الأجيال الشابة أن تتأمله، فقبل أن يصبح مؤرخاً أجاد أكثر من خمس لغات. مهم جداً أن نتأمل فلسطينياً يولد في دمشق ويعيش في بيروت ويكتب عن العرب لكي نقول هذه هي سوريا الثقافة. هذا هو البناء الواحد لأسرة واحدة ليس بوسع أحد من فلسطين أن يقول نقولا لنا ولا لأحد من لبنان أن يقول نقولا زيادة لنا ولا نحن سوى أن نفخر أنه ولد فينا فهو ذاك العربي الذي أخلص كل حياته لتاريخ العرب . انظروا كم كتب عن فلسطين وعن قضيتها وكم من عناوين ما كتب رؤية للحداثة مع نظرته العميقة إلى الماضي حين يكتب المؤرخ عن المستقبل وعن الحداثة وهم المعني بالنظر إلى الوراء فذاك يشف عن أنه لا يعود إلى الماضي من أجل أن يغرق فيه. وإنما من أجل أن يجد للناس طريقاً للمستقبل. فهو يقدم خلاصة معرفته بتاريخنا وخلاصة معرفته بمكاننا.

يهمني في مؤرخنا الكبير نقولا زيادة أنني وجدت فيه طعماً نفتقده في كثير مماً كتبوا في التاريخ إلا في بعضهم هو إنه أديب يكتب في التاريخ أو مؤرخ يشتغل في الأدب لذلك نص نقولا نص نابض بالحياة حيوي ولا تجد فيه لغة الطبري يعني أنا قرأت الطبري وقرأنا سواهم من كتب المؤرخين نجد المادة التاريخية نشرة أخبار قديمة وحدثنا فلان عن فلان وقال فلان ثم ذهب وفي رواية أخرى كذا وكذا أما عندما تقرأ نيقولا زيادة فأنت أمام نص- نص تاريخي أدبي ما أدري أن كانت ذاكرتي تسعفني بأنني قرأت حديثاً له عن فشله قال فيه أنه فشل عدة مرات وقال أن الثالثة كانت فشله في أن يكون أديباً – هذا بعض من التواضع الذي أشار إليه الأستاذ.. لم يفشل قط بل كان أديباً مؤرخاً وكان موسوعي الثقافة والمعرفة نحتفي فيه نحن أهل الشام وأقصد أهل فلسطين والأردن ولبنان ودمشق وسوريا كلها نحتفل بأن لدينا من نباهي به عالماً فذاً. امتلك علماً وثقافةً وحضوراً أكاديمياً كبيراً وظف كل طاقاته وإمكانياته لخدمة أمته وخدمة العروبة لغةً وتاريخاً وانتماءً حضارياً. نعتز بأننا عشنا في قرن شهد علماء أفذاذا كبارا وقد تركوا لنا ما بوسعنا أن نضيف إليه بل ما ينبغي أن يضيف إليه شبابنا وأبناؤنا فهؤلاء هم أباؤنا هؤلاء الرواد الذين نريد للأمة ألا تنساهم قط وأن تحذو حذوهم لكي ترتقي إلى المكانة التي طمحوا إليها.

واختتم آغا كلمته بقوله: طوبى لروح نقولا زيادة لأنه عاش وفياً للإنسانية ووفياً لعروبته ووفياً لما خصه الله به من ذكاء وسعة في الفهم والعلم وهنيئاً لكم أبناء نقولا زيادة بأبٍ هو أبٌ لنا جميعاً نحن أبناء الأسرة الواحدة، المسيحية العربية والإسلامية العربية، تجمعنا العروبة رسالةً إنسانيةً نتقدم بها إلى العالم وإن قيل لنا هاتوا بعض براهينكم على أنكم حضاريون فحسبنا أن نحمل لهم شيئاً مما كتب نقولا زيادة.

عشق الشام

عبدالله خالد رئيس المنتدى الثقافي اللبناني السوري اشار في كلمته على ان نقولا زيادة عشق الشام التي ولد فيها .. باعتبارها حاضرة عربية اسلامية شكلت منارة حضارية تنير الظلام العربي، كما اكد بان المنتدى يركز في تكريم اعلامه مثل .د نقولا زيادة وسلمى حفار الكزبري والمجاهد فوزي القاوقجي والشيخ رشيد رضا والمجاهد عز الدين القسام والشاعر نزار قباني والشاعر عمر ابو ريشة-لاظهار اللحمة بين سوريا ولبنان وبالتالي بلاد الشام واشار ايضا إلى قول نقولا زيادة (ان من حق دمشق ان ترفع رأسها فتاريخها الطويل.. يضم صفحات من المجد والفخر.. فبلد كان للغساسنة مرجعاً وللأمويين عاصمة وللأيوبيين مركزاً وللمماليك مرجعاً.. وبلد عرف الاخطل وصحبه واليبرودي واترابه وابن تيمية ومعاصريه حري بأن يتيه على غيره، وأشار خالد إلى الرحلة التي قام بها “زيادة” سيراً على الأقدام من صفد إلى أنطاكية، وفي الحديث عن تميز “زيادة” أضاف أنه برع في فن السيرة الذاتية، وأعطى لمسة خاصة لعلم التاريخ، كما أعاد أدب الرحلات إلى مجده.

كلمة اصدقاء الفقيد ألقاها د.محمد محفل استاذ التاريخ في جامعة دمشق وقال فيها ان زيادة كان انسانا متواضعا ومحبا لاصدقائه وكان قدوة جعلت الآخرين يتعلمون من تجاربه وعلمه فقد كان مع ثقافة الحياة والبناء ولم يكن ابداً مع ثقافة الموت والدمار..

بعدها ألقى السيد “رائد زيادة” ابن الفقيد كلمة العائلة، والتي جاءت موجزة، ووجه فيها تحية إكبار ووفاء لدمشق التي غادرها “نقولا زيادة” في سن التاسعة، ولم ينسها في سن ال 99

.اسطورة اغريقية

فن السيرة الذاتية عند نيقولا كان محور مداخلة الباحث اللبناني صقر أبو فخر الذي اكد بان زيادة قدم لنا سيرة ذاتية تشتبك بالتاريخ انطلاقاً من أنه ناصري الأصل، دمشقي الولادة.. فمذكراته ليست تاريخاً لمدينة بعينها، لكن لدمشق مكانة كبيرة فيها رغم أنه لم يعش في هذه المدينة إلا المرحلة المبكرة من عمره فهو يحتفظ لها بحنين حار ولاهب وكأنه يتكلم عنها تحت سلطان العاطفة وليس التأريخ. في دمشق كانت شقاوته الأولى وفيها فقد والده واكتشف أولى خطواته باتجاه الحياة. نقولا زيادة في مذكراته علاقة لامعة في المسيرة الطويلة لكتاب السيرة الفلسطينيين امثال.. فدوى طوقان-احسان عباس-حنا بو حنا ومعين بسيسو .. وامين الصايغ وغيرهم. واضاف ان نيقولا زيادة بعثرت الاقدار مصيره فما مكنته من تخطي حاجز المئة بعدما ظل مثل ابطال الاساطير الاغريقية يصارع ايامه موعودا بتدشين قرن جديد في عمره المديد لكن تعب الايام اوهنه فغادرنا في التاسعة والتسعين ..كان يدرج نحو المئة بفرح غامر .. ويخطط لأيامه المقبلة بنشوة الايام الاولى. عاش نقولا زيادة ضاحكاً وساخرا.. عاش القرن العشرين بطوله وهو أسوأ قرن وربما اروع قرن في التاريخ المعاصر للعرب.

مفكر شامل

الدكتور محمد مخزوم في مداخلته التي جاءت تحت عنوان (نقولا زيادة والتاريخ مقاربة بين العروبة والإسلام) قال بان زيادة كان يرتكز ويركز على نقطة هامة وهي العلاقة بين الأرض والانسان، فهو لايقف عند الحدود الضيقة للمسألة التاريخية، بل يتجاوز التوصيف وسرد الأحداث إلى البحث الأكاديمي الموضوعي والرصين.و أضاف بان المفكر زيادة اهتم كثيرا بأدب الرحلات وقدّم تحليلاً لما اهتم به العرب من أخبار الغزو والفتوح واستخلص من كل ذلك صوراً أنتروبولوجية هامة. واشار مخزوم إلى ان زيادة رفد المكتبة العربية في المشرق بمؤلفات حول تاريخ المغرب ودوره في تطوير الحضارة الإسلامية إما نقلاً أو مزجاً أو حفظاً وعطاءً، وكذلك فقد اهتم بتحليل الظواهر الثقافية للمجتمع العربي ونادى بضرورة تخطي التراث.

تأريخ التاريخ

أنطوان ضوميط تحدث عن عربيات زيادة وأورد رأيه حول أن الحضارة لاتمثلها الصراعات السياسية ولا العسكرية إنما مايتصل بالعمران الذي تقدمه المجتمعات البشرية وعربيات زيادة تعني منطقة الشرق الأدنى من الجزيرة العربية التي نمت فيها اللغة العربية وسادت منذ القدم حيث يتضمن الكتاب أبحاثاً عن الجزيرة بقسميها الجنوبي والشمالي من جانب الدول والطبيعة والناس اضافة إلى بعض اللمحات الاقتصادية والتجارة وصولاً إلى دور قريش في عهدي الرسول والخلفاء الراشدين. وحول كتاب زيادة (قمم من الفكر العربي الإسلامي) ذكر ضوميط أن المؤلف درس سبعاً وعشرين شخصية بين متحدث وفقيه وفيلسوف بدءاً من منتصف القرن الثاني للهجرة حتى القرن التاسع. ويضيف أما في كتاب الرحلات عند العرب، فيتناول زيادة أبرز الرحالة العرب والمسلمين بدءاً من القرن الأول وذلك لإبراز مساهمة هؤلاء في بناء الحضارة العربية والعمران فيحدد لكل مدينة في الإسلام مهمة أو وظيفة معينة إما مركزاً للجيش أو للادارة والملك أو الادارة المحلية. كما عرض الدكتور انطوان ضوميط لبعض مؤلفات الراحل المؤرخ نقولا زيادة التي تناولت العربية لغة وحضارة وثقافة باحثاً عن الوسائل التي اعتمدها نقولا والاهداف التي ابتغاها لا لتترك بصمات واضحة في مضمار الحضارة العربية بل لتبرز خاصات جديدة كان اغفلها مفكرون آخرون.

مشروع ثقافي

اما الدكتور ابراهيم بيضون الذي قدم مداخلة بعنوان “نيقولا زيادة مؤرخا – ما الذي اضاف إلى علم التاريخ قال : ان زيادة لم يدع باباً في التاريخ إلا وطرقه بجدارة في مختلف شعابه بدءاً من العصور القديمة. فالعربية الإسلامية إلى الحديثة والمعاصرة واستطاع دراسة المراحل التاريخية المختلفة برؤيا تتميز بالجدة والمغايرة ومحاولة الاستفادة من التاريخ في بناء المستقبل العربي الذي ظل هاجسه الدائم. واضاف ان من اصعب المهام ان يتناول المرء مؤرخاً بحجم نقولا زيادة وبانتاجه الذي زاد عن الخمسين من الكتب ونحو مائة من الابحاث عدا عن تلك التي وضعها باللغة الانكليزية أو ترجمها عنها اضافة لمئات المقالات المنشورة في العديد من صحف الاقطار العربية ومجلاتها . وبين أن زيادة لايختصر بعنوان واحد بل إنه مشروع ثقافي متكامل ومنسجم وعلى علاقة وطيدة بالحداثة العربية .

صلف مسيحي

الدكتور جورج جبور من سورية ركز على الجانب الحضاري بين جانبي المسيحية والاسلام عند زيادة واشار إلى رأي زيادة المفصل حول الصلف المسيحي الغربي تجاه الشرقي مقارنة بطبيعة تعامل الخلافة الإسلامية مع المسيحيين العرب مذكراً بأن بعض الخلفاء لم يقبلوا فرض الجزية عليهم انطلاقاً من رابطة العروبة معهم، ومشيراً إلى تدخل الغرب الذي أضر بالمسيحيين كثيراً.

ومما لاشك فيه ان الاحاطة بموسوعية المفكر نيقولا زيادة تحتاج إلى ابحاث كثيرة للالمام بالكثير من الجوانب الابداعية في مسيرته الطويلة الحافلة بالابداع…

مصادر البحث متعددة

 

 

 

 

 

 

  • Beta

Beta feature


by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *