الدولة العلمانية والدولة المدنية

الدولة العلمانية والدولة المدنية

الدولة العلمانية والدولة المدنية

الدولة العلمانية والدولة المدنية

توطئة

يثير مصطلح العلمانية الكثير من الجدل والالتباس، ولأجل الخروج من ذلك المأزق، تبنى فريق من تيار الاسلام السياسي في سورية مصطلحا أقل اثارة للجدل، لكنه – ربما – أكثر غموضا وهو مصطلح الدولة المدنية.

فماذا نريد نحن من الدولة أن تكون؟ تلك هي القضية وبعد أن نتفق على المضمون – هذا اذا اتفقنا – لن نختلف حول المصطلح.

أما انا فأريد أن تكون الدولة مبنية على أساس المواطنة. في سورية وطن الفسيفساء من الأديان والمذاهب وحتى الاعراق والمجتمع السوري تعددي لذا لا يمكن أن يقوم سلام  وتعايش  ووئام في المجتمع السوري بدون دولة المواطنة.

والدولة هنا هي الدولة بالمعنى العصري للكلمة، هي البناء الفوقي لمجتمع المواطنين الذي يحفظ وجوده وتماسكه، انها حارسة الدستور الذي هو أبو القوانين، الدولة ليست الحكم، وليست الحاكم، الدولة هي ارادة المجتمع في استمرار وجوده والحفاظ على مصالحه العليا.
وهي تنشأ بموجب عقد اجتماعي، لمواطنين أحرار، متساوين أمام القانون، بغض النظر عن أصولهم العرقية، وانتمائهم الديني أو المذهبي.

نحن المواطنين الذين نعيش ضمن بقعة معينة (سورية مثلا) قررنا أن نعيش معا ضمن دولة واحدة لا تفرق بين مواطن ومواطن.

لكن لابد هنا من تسليط الضوء على مصطلح الدولة العلمانية، ومصطلح الدولة المدنية لتبيان التشابه والتنافر بينهما.

ما هي العلمانية؟

العلمانية عبارة عن مفهوم يقصد به، الاهتمام والاختصاص بجميع الأمور الدنيوية والعمل على فصل الأمور الدينية عن الاتجاهات والآراء السياسية فكل واحدة مستقلة عن الأخرى.

العلمانية تعمل على القيام بالتخلص من جميع الأوامر التي تلزمها الحكومة لأفرادها كإجبارهم على اعتناق دين معين، أو الإلتزام بعادات وتقاليد معينة لا تروق لهم ، أي أنها لا تلزمهم بشيء فليس للدولة دين أو عرف أو تقاليد محددة لكل فرد الحرية في اختيارها.

أصول العلمانية متجذرة في آرائها القائلة بأن أي نشاط خاص بالأفراد في مجال كان، وقراراتهم في أمر كان لا يحق لأحد القيام بالتأثير أو التدخل فيها فهذا حق شخصي لجميع الأفراد من ذواتهم.

تعد العلمانية مرنة في معتقداتها، إذ ليس لها شروط أو أسس تلتزم بها إنما هي قابلة للتعديل والتطوير والزيادة وتتكيف في أي بيئة توجد فيها وفي أي مجتمع تظهر به وبين أي من الأفراد كانوا.

العلمانية هي في حد ذاتها ليست معارضة لأمور الدين ولا تتدخل به بل تقف محايدة دوماً تجاهه ، بل يعدها الكثيرون أنها هي التي حافظت على الدين من تدخلات الحكومات والدول فيها.

العلمانية الحديثة انبثقت في عصر التنوير في البلاد الأوروبية ، وكان لعدد من المفكرين الأوروبيين اليد الطولى في إخراجها ونشرها، ك (توماس وفولتير و جيفرسون).

لقد كانت عملية فصل الدين عن السياسة، التي قام بها العلمانيون، ناتجة عن ما تعرّض له العديد من الفقراء والمظلومين الذين كانوا ضحايا للقساوسة، الذين عملوا على الاستيلاء على الأراضي والأموال باسم الدين في اوربة، فكان الدين وسيلة لتحقيق مصالحهم.

العلمانية تؤمن بالإيمان المادي المطلق في كل شيء، فهي تؤمن إيماناً تاماً بكل شيء محسوس وملموس، وتنكر كافة الأمور الغيبية.

العلمانية تنظر إلى كافة الأمور الاقتصادية والسياسية وحتى الدينية من ناحية عقلية فقط، وتقوم بإيجاد الحلول لها أيضاً بذات التفكير، فهي تجردها من القداسة أو الدين وكل شيء، وتحولها إلى قضية ملموسة بحتة.

تهدف العلمانية إلى توجيه اهتمام جميع الأفراد في الحياة الدنيا وفي النظر إلى المستقبل دوماً و إيقافهم عن التفكير في الآخرة وفي الأمور الغيبية وتحويل نظهرتهم من نظرة دينية إلى نظرة مادية. الأسس التي تقوم عليها العلمانية

أما بالنسبة للأسس التي تقوم عليها العلمانية فنوردها كالآتي

تعتبر العلمانية أساس الانتماء لأي بيئة أو مجتمع هو المواطنة، ولا تنظر للدين على أنه أساس مهم لتحقيق الانتماء، العلمانية تؤمن بأن أساس التشريع في الدولة يجب أن يعتمد على المصلحة العامة والمصلحة الخاصة فقط .

نظام حكم أي دولة عادل تكون شرعيته معتمدة على الدستور في ذلك كما يراه العلمانيون و يجب تطبيق القوانين الملزمة لتحقيق حقوق الإنسان . _ أن الأمور الدينية عند العلمانيين تعتمد على الإعتقاد بصحتها أو لا أو الإيمان بها أو لا ولا تحتاج لأدلة أو براهين .

يعتمد العلمانيون في أسس تربيتهم لأولادهم على التربية الدنيوية وتحقيق الذات والطموح للوصول إلى أعلى شيء في هذه الحياة دون النظر إلى الأسس الدينية ، أي التربية اللادينية .

يسعى العلمانيون دوماً للوصول إلى تحقيق حكومة تقود البلاد ، وتكون أهم ميزة لهذه الحكومة أن شرعياتها وأحكامها ونظرتها لجميع الأمور بأنها إنسانية لا دينية .

الفرق بين الدول العلمانية والدول المدنية

الدولة العلمانية هي الدولة التي تعتبر مرجعيتها في أحكامها مستنده الى
العلم والماديات والديمقراطية، حيث ان الديمقراطية هي نابعة من العلم الإنساني، فهي ايضاً احد الوسائل والطرق التي توصل اليها فلاسفة الإغريق وقام بتطويرها العلماء والمفكرين عبر التاريخ الأوربي وتكون بعيدة عن الاستناد الى الحكم طبق المعتقدات الدينية سواء كان عرفياً غير مكتوب او معتمد على الامور القضائية السابقة مثل دول الانجلوسكسونيه او قانون مكتوب مثل دول اخرى حيث انه يشرع عبر المجالس التشريعية أي السلطة التشريعية.

اما الدولة المدنية فهي من التمدن وذلك يدل على التحضر والتطور وتعتبر اليوم هي الدولة التي تتكون من مؤسسات المجتمع المدني بسلطاتها الثلاث ويكون عندها الاعتبار للمواطنة حيث تطبيق القانون على جميع المواطنين بلا تفرقة وبدون اي أساس في الدين او عرق وذلك عبر السلطات الموكل بها تنفيذه فالجميع متساوي امام القانون وفي الواجبات وايضاً الحقوق حيث ان الميزان الوحيد للتفرقة بين الاشخاص كافة هي النصوص القانونية والمواطنة أي دستور الدولة حيث ان المواطن الصالح لا يخالف القانون.

 

في الغرب

ترتكز الدولة في المدنية الغربية الحديثة على دعائم ثلاث

1 العلمانية أو اللا دينية secularism

2 القومية أو الوطنية nationalism

3 الديموقراطية أو حكم الشعب democracy

الدولة المدنية الحديثة في الغرب هي دولة علمانية، والعلمانية تعني فصل الدين عن الحياة، وعدم الالتزام بالعقيدة الدينية ، فلا دخل للدين في شؤون الحياة المختلفة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، وإنما للبشر أن يعالجوا شؤونهم المختلفة على أسس مادية بحتة، ووفق مصالحهم ووجهات نظرهم وميولهم.

وهذه الدولة العلمانية (المتجذّرة في معظم الدوّل المتقدّمة من أمريكا غرباً حتى اليابان شرقاً، مروراً بكلّ أوربة حتى تركيا التي اسسها كمال اتاتورك وكانت قبلاً المركز الأخير للخلافة الاسلامية) هي:”دولةٌ تفصل بين السلطات السياسية، والمالية، العلمية، والدينية. تُخضِعُها جميعاً للقانون المدنيّ الذي يحدِّدُ أدوارها وميثاق علاقاتها”.
كلمة “الفصل” هنا ليست شديدة الأهمية فقط، لكنها بيت القصيد… ثمّة مبدآن علمانيان جوهريان ينبثقان من هذا الفصل:
المبدأ الأوّل: تفصلُ الدولة العلمانية بين مجالين مختلفين في حياة الناس: العام والخاص. المجال العام (الذي يضمّ المدرسةَ، والفضاءَ المدني عموماً) مكرّسٌ لما يخدم جميع الناس، بغضّ النظر عن أصولهم وألوانهم ومعتقداتهم الدينية أو ميولهم الإلحادية. لا مرجعية فيه لأي دينٍ أو فلسفةٍ إلحادية. أما المجال الخاص فيستوعب كلَّ المعتقدات والرؤى الشخصية، دينية كانت أم لا دينية أو إلحادية.
المبدأ الثاني: تضمنُ الدولة العلمانية المساواة الكلية بين كل المتدينين بمختلف مذاهبهم، واللامتدينين والملحدين أيضاً. تدافع عن حريتهم المطلقة في إيمانهم أو عدم إيمانهم (حريّة الضمير) وتحترمها بحق.

الدولة المدنية

هي دولة تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية او الدينية او الفكرية.

في الدولة المدنية هناك عدة مبادئ ينبغي توافرها، والتي إن نقص أحدها فلا تتحقق شروط تلك الدولة أهمها:

أن تقوم تلك الدولة على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، بحيث أنها تضمن حقوق جميع المواطنين، ومن أهم مبادئ الدولة المدنية ألا يخضع أي فرد فيها لانتهاك حقوقه من قبل فرد آخر أو طرف آخر. فهناك دوما سلطة عليا هي سلطة الدولة والتي يلجأ إليها الأفراد عندما يتم انتهاك حقوقهم أو تهدد بالانتهاك. فالدولة هي التي تطبق القانون وتمنع الأطراف من أن يطبقوا أشكال العقاب بأنفسهم .

من مبادئ الدولة المدنية الثقة في عمليات التعاقد والتبادل المختلفة، كذلك مبدأ المواطنة والذي يعني أن الفرد لا يُعرف بمهنته أو بدينه أو بإقليمه أو بماله أو بسلطته، وإنما يُعرف تعريفا قانونيا اجتماعيا بأنه مواطن، أي أنه عضو في المجتمع له  حقوق وعليه واجبات. وهو يتساوى فيها مع جميع المواطنين. أيضا من أهم مبادئها أن تتأسس على نظام مدني من العلاقات التي تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، والثقة في عمليات التعاقد والتبادل المختلفة، حيث أن هذه القيم هي التي تشكل ما يطلق عليه الثقافة المدنية، وهى ثقافة تتأسس على مبدأ الاتفاق ووجود حد أدنى من القواعد يتم اعتبارها خطوطا حمراء لاينبغي تجاوزها.

ومن أهم مبادئ الدولة المدنية أنها لا تتأسس بخلط الدين بالسياسة. كما أنها لاتعادي الدين أو ترفضه فرغم أن الدين يظل في الدولة المدنية عاملا في بناء الأخلاق وخلق الطاقة للعمل والإنجاز والتقدم. حيث أن ما ترفضه الدولة المدنية هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية، فذلك يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه الدولة المدنية، كما أن هذا الأمر قد يعتبر من أهم العوامل التي تحول الدين إلى موضوع خلافي وجدلي وإلى تفسيرات قد تبعده عن عالم القداسة وتدخل به إلى عالم المصالح الدنيوية الضيقة.

كذلك مبدأ الديمقراطية والتي تمنع من أن تؤخذ الدولة غصبا من خلال فرد أو نخبة أو عائلة أو أرستقراطية أو نزعة أيديولوجية.

ووفق رؤية البعض: تبني الدولة المدنية الحديثة معاملاتها الداخلية والخارجية وفق نظرة ضيقة تتعصب للوطن ولأبناء الوطن، وتسعى لاستعلاء هذا والوطن وأبنائه على غيرهم، وهذه الغاية تبرر اتخاذ كافة الوسائل لتحقيقها دون ارتباط بقيم أو مراعاة لمبادئ وإن كانت سماوية، وهذه النظرة القومية والوطنية المتعصبة ظهرت أيضاً كرد فعل لتسلط الباباوات والقياصرة على شعوب اوربة فجاءت الدعوة إلى القومية والوطنية رفضا للخضوع للسلطة الكنسية والسلطة السياسية للأباطرة في الدولة الرومانية، ثم لاحقا وبعد سقوط رومة للامبرطورية الجرمانية المقدسة، وظهور الحركات الدستورية وبوادر تشكل مفهوم الأمم والدول، ليكون ولاء كل شعب لوطنه لا لغيره، وصارت القومية والوطنية غاية تبرر الوسيلة، والويل كل الويل للشعوب المغلوبة من استعلاء الشعوب المنتصرة، وتحولت حياة الشعوب إلى صراع من أجل العلو في الأرض والزعامة الدنيوية.

الدولة المدنية الحديثة دولة ديمقراطية

تبنت الدولة المدنية الحديثة النظام الديموقراطي في الحكم، ليكون الحكم بمقتضى مصالح كل شعب ورغباته، فالحق والصواب ما يحقق منافع الأمة الدنيوية، والخطأ والباطل ما كان لا يحقق مصالحها، وتقدير المنافع والمصالح تحدده رغبات الشعوب وأهواؤها، وما كان مرفوضاً بالأمس يقبل اليوم، وما يقبل اليوم قد يرفض غداً، فلا ثوابت ولا قيم ولا مبادئ إلا المصلحة والمنفعة تحددها قيادات وزعامات من البشر تقود الجموع إلى ما ترى.

الدولة هنا هي الدولة بالمعنى العصري للكلمة، هي البناء الفوقي لمجتمع المواطنين الذي يحفظ وجوده وتماسكه، انها حارسة الدستور الذي هو أبو القوانين، الدولة ليست الحكم، وليست الحاكم، الدولة هي ارادة المجتمع في استمرار وجوده والحفاظ على مصالحه العليا.

وهي تنشأ بموجب عقد اجتماعي، لمواطنين أحرار، متساوين أمام القانون، بغض النظر عن أصولهم العرقية، وانتمائهم الديني أو المذهبي.

نحن المواطنين الذين نعيش ضمن بقعة معينة (سوريا مثلا) قررنا أن نعيش معا ضمن دولة واحدة لا تفرق بين مواطن ومواطن.

هكذا يتم الطرح وبهذه البساطة، وقد لا يعجب البعض هذا، وقد لا يكون مطابقا للمثال الذي في مخيلته للدولة، أو الذي عاش عليه سنين طويلة. هذا مفهوم، وهو سبب للاختلاف بالتأكيد. لكن لايمكن التفاوض حول مفهوم الدولة هذا، فاما أن تقبله أو ترفضه.

لكن ما موقف هذه الدولة من الدين؟

اذا كانت المسألة هي التمييز بين دين وآخر في الحقوق والواجبات المرتبطة بمفهوم المواطنة فالدولة هنا بالتأكيد حيادية بصورة مطلقة.

لكن ذلك لا يعني أنها ضد الأديان، بل على العكس، هي مع كل الأديان، وفوق ذلك لا يمكن لتلك الدولة أن تكون بمعزل عن تاريخ شعبها اوشعوبها بثقافتها ودينها هذا مستحيل.

اذن وظيفة دولة المواطنة هي اقامة العدل والحفاظ على حقوق ومصالح كل المواطنين بدون تمييز.

بهذا المضمون بالامكان الاتفاق على أية تسمية كانت. أو حتى ترك الأمر بدون تسمية ليس ذلك على درجة كبيرة من الأهمية.

الآن لم أعد بحاجة لمصطلح العلمانية اذا كان يثير جدلا وشبهات لحقته على يد علمانيين كان همهم محاربة الدين.

نعم ثمة علمانية كانت ولاتزال مهتمة بمحاربة الدين أكثر من اهتمامها بمضمون الدولة وشكلها.

وهنا العلمانية هي شكل من أشكال الايديولوجيا والمعتقد السياسي (كما في المنظومة السوفيتية سابقاً والتي فشلت بدليل ايمان الناس الجبار خلالها، بالرغم من القهر والقتل والنفي للاكليروس حتى البطاركة للرهبان والراهبات، والعودة العارمة من كل الناس الى الدين علنا وبكل قوة بعد زوالها) أكثر من كونها شكلا للدولة. الحل البديل هو في دولة المواطنة.

أما الدولة المدنية فان كانت شيئا آخر غير دولة المواطنة فعلى أصحاب ذلك المصطلح أن يوضحوه كي لا يكون مصطلحهم مجرد تقنية فكرية تتيح لهم التهرب من الاختيار بين دولة “الخلافة” ودولة المواطنة.

في سورية المستقبل

نحن نريد في سورية الغد ان تكون دولة المواطنة لجميع ابنائها بعدما نزف الكل من اجلها واسشتهد وجرج وتعوق مئات الألوف من اجلها، وامتزجت دماؤهم كما عبر التاريخ، دولة مواطنة بغض النظر عن الدين والمذهب دولة للكل فيها ذات الحقوق وعليهم ذات الواجبات.

قد لا يعجب البعض هذا، وقد لا يكون مطابقا للمثال الذي في مخيلته للدولة، أو الذي عاش عليه سنين طويلة. هذا مفهوم، وهو سبب للاختلاف بالتأكيد.

لكن وللأسف لايمكن التفاوض حول مفهوم الدولة هذا، فاما أن تقبله أو ترفضه.

لكن ما موقف هذه الدولة التي نريدها من الدين؟

اذا كانت المسألة هي التمييز بين دين وآخر في الحقوق والواجبات المرتبطة بمفهوم المواطنة كما في المادة الثالثة من الدستور السوري الحالي التي تنص على ان دين رئيس الجمهورية هو الاسلام، هذه تخل بمبدأ ومفهوم المواطنة فالدولة هنا بالتأكيد يجب ان تكون حيادية بصورة مطلقة.

وابطال التعليم الديني في المدارس واحلال كتب التربية الوطنية بدل كتب التربية الدينية، واعادة النظر في مناهج التاريخ وتداخلها في الدين لما في ذلك من سلبيات تثير الغرائز والنعرات وتبعد شقة الخلاف بين الاخوة في الوطن الواحد، بل التأكيد في هذه المناهج على ان كل السوريين وبكل اديانهم، اسهموا في بناء حضارة سورية وحتى الوقت الحاضر.

لكن ذلك لا يعني أن دولتنا (سورية المستقبل) التي ننشد هي ضد الأديان، على العكس،بل هي دولة المواطنة التي هي مع كل الأديان وتحض عليها الأديان،لأن الأديان اداة تربية وأخلاق وتهذيب للشعب اذا ما ابعدت عن السياسة، وفوق ذلك لا يمكن لتلك الدولة المنشودة أن تكون بمعزل عن تاريخ الشعب أو الشعوب التي تمثلها وثقافتها ودينها. هذا مستحيل. ويجب ان تتناول كل هذه التواريخ والثقافات لأن سورية مهد الأديان والثقافات وانسانها مطرح لها.

فكرة المواطنة عصرية بلا شك، وهي وليدة الثورة الفرنسية

ووظيفة دولة المواطنة هي اقامة العدل والحفاظ على حقوق ومصالح كل المواطنين بدون تمييز.

بهذا المضمون بالامكان الاتفاق على اية تسمية كانت. أو حتى ترك الأمر بدون تسمية ليس ذلك على درجة كبيرة من الأهمية.

في سورية دولة الأديان والطوائف والمذاهب والاثنيات، وفي مجتمع فسيفسائي غاية في التعقيد لا يمكن أن يقوم سلام في المجتمع بدون دولة المواطنة، ليس لدينا خيارات متعددة بل خيار واحد، والتقسيم ليس خيارا، انه وضع للأساس لحروب داخلية لا تنتهي، كما أنه دعوة للجماعات المذهبية المتشددة لانشاء اماراتها على حساب وحدة سورية الأرض والشعب.

 

 


Posted

in

by

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *