الشاعر السوري الحمصي المغترب نسيب عريضة (1887-1946)

الشاعر السوري الحمصي المغترب نسيب عريضة (1887-1946)

نسيب عريضة

الشاعر السوري الحمصي المغترب نسيب عريضة (1887-1946)

نسيب عريضة هو شاعرٌ سوري من شعراء المهجر له ديوانٌ شعري وحيد  بعنوان “الأرواح الحائرة”.

بعض من سيرته الذاتية

وُلد نسيب عريضة في مدينة حمص القديمة بجانب كاتدرائية الاربعين شهيداً في آب من عام 1887، والداه هما أسعد عريضة وسليمة حداد.  فقد ولد لعائلة مسيحية ارثوذكسية منتمية الى الكنيسة وممارسة لطقوسها.

دراسته

كبقية ابناء الرعية، تلقى الطفل نسيب  عريضة دراسته الابتدائية في “المدرسة الغسانية  الارثوذكسية، وهي مدرسة مطرانية حمص للروم الأرثوذكس التي كان قد أحدثها مثلث الرحمات مطران حمص اثناسيوس عطا الله منذ السنة الاولى لمطرانيته، وكانت ثمة مدرسة صغيرة اشبه بالكتَّاب طورها وجعلها من ارقى المدارس في حمص والكرسي الانطاكي وتماثل مدارس الآسية الارثوذكسية الدمشقية، وكان من معلمي علمنا الشماس اسكندر طحان  الدمشقي تلميذ المطران عطا الله قبل مطرانيته، حين ترؤسه دير النبي الياس شويا (مطران كيليكيا ثم طرابلس والبطريرك من 1931- 1958) وجاء معه الى حمص، وتولى التدريس في مدرسة المطرانية (الغسانية).

صورة حمص في القرن 19
صورة حمص في القرن 19

كانت  مدرسة الغسانية وفيها قسم داخلي برعاية واشراف الجمعية الامبراطورية الفلسطينية- الروسية الارثوذكسية في “حمص” وكانت الدراسة فيها بالمجان لأبناء الكنيسة الارثوذكسية، وتخرج منها بتفوق، فأُرسل بمنحة دراسية نتيجة تفوقه (وفق نظامها الداخلي) على نفقة الجمعية الروسية- الفلسطينية الارثوذكسية إلى مدرستها الداخلية (مدرسة دار المعلمين) في “الناصرة” في فلسطين  ليتابع فيها دراسته الثانوية.

عاش نسيب عريضة منذ سنة 1900 في القسم الداخلي لمدرسة ” الناصرة” حيث التقى بعد سنتين قضاهما في مدرسة دار المعلمين الروسية بتلميذ جديد، أصبح فيما بعد صديقاً وزميلاً له مدى حياته هو ميخائيل نعيمة. وأمضى في مدرسة الناصرة مدة خمس سنوات أنهى خلالها تعليمه. ثم عاد الى حمص بعد انتهاء دراسته وعمل معلماً في مدرسة الغسانية الأرثوذكسية.

هجرته الى اميركا

نتيجة الفقر ومع تنامي عدوى السفر الى اميركا طلباً للارتزاق، هاجر نسيب عريضة  مع من هاجرإلى “نيويورك” عام 1905 طلبًا للرزق، ولم تكن طريقه مفروشةٌ بالورود حيث عمل في التجارة وبعض المصانع، واشتغل في حقل التجارة ردحاً من الزمن، غير أن اهتماماته التجارية لم تصرفه عن عالم الأدب والشعر،  فأخذ ينشر مقالاته وأشعاره في جرائد المهجر مثل “الهدى ومرآة الغرب والسائح”، ثم أسس في “نيويورك” مطبعة باسم “الأتلنتيك” عام 1912.

اصداراته

في عام 1913 ، فأنشأ مجلة شهرية سماها “الفنون الأدبية” كانت آنذاك محجة للأدب والأدباء، حيث التف حولها خيرة من أدباء العربية في المهجر كجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي ورشيد أيوب وعبد المسيح حداد ووليم كتسفليس وندرة حداد. وأرسل نسيب عريضة إلى صديقه ميخائيل نعيمة يقول: “عندي من الآمال ما يجعلني أثق بأنها ستبقى ثابتة بعد أن تناضل وتفتح لها طريقاً جديداً بين خرابات العالم الأدبي العربي”. أعطاها الكثير من جهده وفكره، وكانت من أرقى المجلات الأدبية في المهجر. وقد ساهم فيها  هؤلاء الكبار اعضاء الرابطة القلمية.

 نسيب عريضة احد افراد الرابطة القلمية
نسيب عريضة احد افراد الرابطة القلمية

غير أن فرحته بها لم تكتمل إذ لم تستطع أن تصمد كثيراً أمام الظروف المادية الصعبة التي عصفت بها رغم ما أنفقه عليها من مال وجهد توقفت المجلة ثلاث مرّات لضائقةٍ مالية وعدم مساهمة المشتركين بتسديد اشتراكاتهم، واستأنفت الصدور سنة 1916 وصدر منها 16 عددًا حتى أواخر عام 1917، ثم توقّفت وعادت إلى الظهور فصدر منها أربعة أعداد إلى أن توقفت نهائيًا سنة 1918، وكان مجموع أعدادها 29 عددًا، فكانت صدمةً عنيفة لنسيب.

وفي عام 1920 أسس “نسيب” مع رفاقه “جبران خليل جبران” و”ميخائيل نعيمة” و”إيليا إبو ماضي” و”ندره حداد” و”رشيد أيوب” جمعية الرابطة القلمية وتولى “جبران” رئاستها و”نعيمة” مستشارها، وعاشت الرابطة حوالي أحد عشر سنة.

بعد توقف مجلة الفنون تسلم رئاسة تحرير جريدة “مرآة الغرب” لصاحبها “نجيب دياب”، ثم انتقل إلى جريدة “الهدى” لصاحبها “نعوم مكرزل”. وأثناء الحرب العالمية الثانية عمل موظفًا في مكتب الأخبار بالولايات المتحدة، أمضى فيه مدة سنتين ثم استقال واعتزل العمل لإصابته بمرضٍ في الكبد والقلب.

في سنواته الأخيرة أخذ نسيب في جمع قصائده والتي غلب عليها طابع الحزن والانكسار والشوق والحنين، ودفع بها إلى المطبعة ليُصدر ديوانًا شعرياً له  غير أن القدر لم يمهله ريثما يصل الديوان لقرائه إذ اختطفته يد المنون وانطفأت بذلك شمعة عمره وهو في منتصف العقد الخامس..

نسيب عريضة شاعر الحنين الى الوطن
نسيب عريضة شاعر الحنين الى الوطن

صدر ديوانه الوحيد “الأرواح الحائرة” سنة 1946 بعد فترة قصيرة من وفاته، واحتوى على 95 قصيدة، منها مطوّلتان إحداهما بعنوان “على طريق إرم ” في 236 بيتًا موزعًا على ستة أناشيد، والقصيدة المطولة الأخرى بعنوان “احتضار أبي نواس في 72 بيتًا استوحى فيها احتضار الشاعر العباسي أبي نواس.

كما كان لنسيب عريضة عدة مؤلفات أخرى منها: “أسرار البلاط الروسي” وهي روايةٌ مترجمة عن الروسية، “ديك الجن الحِمْصي” وهي قصةٌ منشورة في مجموعة الرابطة القلمية، و”الصمصامة” وهي أيضًا قصة منشورة في مجموعة الرابطة القلمية، بالإضافة لمقالات وفصول مختلفة نشرها في مجلات وجرائد المهجر.

إنجازات نسيب عريضة منذ طفولته أُغرم نسيب بالقراءة والتأمل عن الطبيعة والحياة ، فقرأ العديد من الكتب في الأدب العربي خاصة الدواوين الشعرية، ثم بدأ يكتب الشعر منذ حداثته في مختلف موضوعات الحياة وغلب على شعره التأمل.

أشهر أقوال نسيب عريضة بعد انكساره  في مجلة الفنونيرسل نسيب عريضة رسالة لميخائيل نعيمة مفعمة بالمرارة وخيبة الأمل يقول فيها: “لقد خسرت معركتي وسقطت آمالي حولي، والآن وقد فرغ مالي وبخل علي المشتركون بما عليهم، فليس لي إلا أن أقف وقد وقفت، ولا أدري أتتحرك قدماي أم تيبسان إلى الأبد”، غير أن رجليه لم يقدر لهما أن ييبسا إلى الأبد إذ صدرت جريدة (السائح) لمواطنه الأديب عبد المسيح حداد

المدرسة الغسانية الارثوذكسية
المدرسة الغسانية الارثوذكسية

حياته الشخصية

في عام 1922 تزوج نسيب عريضة من “نجيبة حداد” شقيقة الصحفي والأديب “عبد المسيح حداد” والشاعر “ندره حداد” ولكنه لم يرزق أولادًا منها.

وفاة نسيب عريضة

توفي نسيب عريضة في 25 آذار سنة 1946 بسبب المرض، ودخل شاعر الحيرة والشك دائرة النار بعينين مفتوحتين على مداهما غير آبه بالموت، كان يلج سِفر العمر الطويل وكانت الطبيعة تدخل في أبهى فصولها، وهكذا اقترنت ذكرى انطفائه بقدوم الربيع ليصبح واحداً من القرابين التي تقدمها حمص على مذبح الشعر كما قال الشاعر الراحل نزار قباني. وكان ديوانه الشعري لا يزال قيد التجليد. واقامت له مطرانية اميركا الشمالية جنازة حافلة لاقت به رئسها المتروبوليت انطونيوس بشير بحضور جمع غفير من المغتربين وخاصة منهم رجال الفكر والادب والشعر.

ديوانه الوحيد الذي صدر بعد موته الأرواح الحائرة
ديوانه الوحيد الذي صدر بعد موته الأرواح الحائرة

نُقلت رفاته إلى ضريحٍ جديد في مدينة بروكلين في الولايات المتحدة في سنة 1954 وأقيمت له حفلة تأبين كبرى.

حقائق سريعة عن نسيب عريضة
التقى نسيب عريضة خلال دراسته في الناصرة بالأديب “عبد المسيح حداد” والذي صاهره فيما بعد.
توفي نسيب عريضة قبل عدة أيام فقط من موعد صدور ديوانه الشعري.
كُرم نسيب في حمص بتسمية مدرسة على اسمه وأُقيم مهرجان على شرفه.
كان لوالده وأعمامه معمل حياكة يضم بضعة أنوال.

  صدرت عن دار «بيسان» في بيروت طبعة جديدة من ديوان “الأرواح الحائرة” للشاعر نسيب عريضة (1887- 1946) الذي يعتبر أحد أهم أدباء المهجر السوريين وتميز شعره …

الخاتمة وبكلمة واحدة

نسيب وعائلته
نسيب وعائلته

 طوبى للشاعر السوري المهجري نسيب عريضه الذي عذّبته الحياة وخذلته ولكنه استمر يشدو!

يا دهر قد طال البعاد عن الوطن…… هل عودة ترجى وقد فات الظعن

عد بي الى حمص ولو حشو الكفن…. واهـتـف اتـيت بعاثر مـردود

واجعل ضريحي من حجار سود.

رائعة نسيب عريضة… من أجمل قصائد الحنين في اللغة العربية.

 

 

 

  • Beta

Beta feature


by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *