الشماس اسبيرو جبور

العلامة الشماس اللاهوتي والمعلم الانطاكي اسبيرو جبور

العلامة الشماس اللاهوتي والمعلم الانطاكي اسبيرو جبور

توطئة

هو أحد أهم القامات الانطاكية في العصرين الحديث والمعاصر…

هو مُعَّلِّمْ أنطاكي حديث ماثلَ معلمي المسكونة اللاهوتيين العظام (غريغوريوس الكبير وباسيليوس الكبير ويوحنا الذهبي الفم)

المعلم اسبيرو جبور المدافع الجريء الذي لايهاب في قول الحق ولا يخشى لومة لائم، اسبيرو جبور المحامي عن الايمان القويم، المدافع حتى نقي عظمه عن

الشماس اسبيرو جبور
الشماس اسبيرو جبور

انطاكية العظمى ولاهوت ارثوذكسيتها، وعن الايمان القويم والمنتقد بلا هوادة لما يراه زؤاناً في مايصدر من مخالف لهذ الارثوذكسية النقية، والمهاجم لكل ناثرين لهذا الزؤان…

في كل حياته امتشق حسامه الأرثوذكسي قاطعاً باستقامة كلمة الحق، مدافعاًعن الكنيسة الجامعة ضد كل الهرطقات التي شتتت الخراف، وقسمت القطيع بين ابلوس وبولس ضد كل تقسيم الكنيسة في المجد الزائل والانانية من هرطقات العصر الاول من عمر الكنيسة، والعصور التالية وحتى انتقاله، وليتنا نقتدي به في عدم مجاملته للذئاب الخاطفة التي انشأت فينا كنائس تحاول احتواء بعضها، ومقاوماً مرعباً في موقفه المضاد للصهيونية والماسونية ونشوء هذه الدكاكين التي صهينت المسيحية وتحاول ان تتمدد بسرطان التبشير والورع الكاذب الى مشرقنا الوديع وايمانه الارثوذكسي القويم الحق…

اختار الفقر الاختياري واكتفى بالثوب الواحد، ولم يكن يتطلب للحاجة البشرية الا مايكفي البقاء على قيد الحياة…منذ البدء ترك مجد ثوب المحاماة، ومايدر عليه من موارد ضخمة، سيما ان حاد عن وظيفة المحامي النزيه، لأن معظم المحامين النزيهين يموتون من الجوع، نعم خلع ثوب المحاماة البشرية وان كان وحتى آخر دقيقة في هذه المهنة يقاوم سيف الفساد في سدة العدل والقضاء، ولبس مسوح الراهب، وهو ليس براهب، فقط ليدافع عن كنيسته في وجه الهرطقات.

ان خير وصف لهذا العملاق الانطاكي الارثوذكسي أن نقول عنه أنه أيقونة من أيقونات انطاكية الارثوذكسية، والكنيسة الارثوذكسية العالمية، والكنيسة العالمية الواحدة…

المعلمان الانطاكيان المتروبوليت جورج خضر، والشماس اسبيرو جبور في دير القديس جاورجيوس الحرف
المعلمان الانطاكيان المتروبوليت جورج خضر، والشماس اسبيرو جبور في دير القديس جاورجيوس الحرف

ـ السيرة الذاتية
ـ ولد اسبيرو جرجي جبور في المزيرعة ـ اللاذقية صباح الثلاثاء 12 كانون الثاني 1923 حسب الهوية الشخصية ، أسمته والدته عزيزة الخوري، اسبيرو لوقوع ولادته يوم عيد القديس اسبيريدون العجائبي
ـ درس في مدرسة المزيرعة الرسمية حتى عام 1935
ـ استوطن اللاذقية في 27 ايلول 1935، ودخل مدرسة الفرير
ـ حصل على البكالوريا السورية الأولى عام 1942
ـ انتقل لطرطوس والتحق بالمدرسة الفرنسية وحصل على البكالوريا القسم الثاني
ـ أتى دمشق وانتمى إلى كلية الحقوق 1943
ـ سبق انتسابه لحركة الشبيبة الأرثوذكسية عام 1942
ـ تصدى للحركات البروتستانتية واللاتينية عام 1944 و1946 في اللاذقية
ـ مارس المحاماة لأول مرة في 2 ـ 10 ـ 1947
ـ سافر لباريس لدراسة اللاهوت عام 1956 ، فلم يجد ضالته في معهد القديس سرجيوس ، وتوغل بمفرده في الدراسات الكتابية والآبائية، وترك باريس عام 1961
شموسيته

ـ ارتسم شماساً في دير القديس جاورجيوس ـ الحميراء في 3 ـ 11 ـ 1972، على يد المثلثي الرحمات المطران الياس قربان طرابلس، والمطران الياس يوسف حلب وبحضور المطران أليكسي عبد الكريم حمص.
ـ التحق كشماس في البطريركية حتى شباط 1973، وكان كاتباً في المحكمة الروحية.
ـ التحق بمعهد القديس يوحنا الدمشقي/ البلمند أيام عميده مطران اللاذقية يوحنا منصور.

ثم عمل في مطرانية جبل لبنان في محكمتها الروحية لمدة سنتين…
ـ ذهب لدير القديس جاورجيوس الحرف وكان برئاسة الأرشمندريت جورج شلهوب وبقي فيه من خريف 1974 وحتى 16 تشرين الثاني 1975

جهاده في سبيل السدة الأنطاكية

خاض المعارك الى جانب البطريرك ثيودسيوس السادس ابو رجبلي وكان الى جانبه الى ان حارب وجاهد باذلا نفسه في خدمة الكنيسة الانطاكية المقدسة … نُفي اكثر من عشرين مرة من سورية وسجن اكثر من ٧ مرات، وكل هذا لم يثنيه عن قول الحق والدفاع عن كنيسته… برز في ايام بطريركية مثلث الرحمات البطريرك الياس الرابع وخاض معه غمار الانتخابات لملء الكراسي الشاغرة.
ـ ذهب لحمص وبقي فيها فترة طويلة في كنف مثلث الرحمات المطران اليكسي عبد الكريم الذي أحبه حباً جماً وبقي حتى 1995 تقريبا وله فيها تلاميذ كثر وفيها انتج معظم نتاجه اللاهوتي والكنسي، ثم عاد لدير الحرف ونسك مع رفيق دربه الارشمندريت المغبوط الياس مرقص ثم لظرف خاص انتقل الى دير بكفتين لمدة سنتين عام ٢٠٠٥ برعاية المثلث الرحمة المطران الياس قربان ثم عاد الى دير القديس جاورجيوس الحرف وبقي فيه الى يوم انتقاله الى الأخدار السماوية في 12/3/2018

الارشمندريت الياس مرقص رئس رهبنة دير القديس جاورجيوس الحرف
الارشمندريت الياس مرقص رئس رهبنة دير القديس جاورجيوس الحرف
انتاجه المطبوع

ـ ترك مؤلفات عديدة منها ومن أهمها:

سر التدبير الالهي -يهوه أم يسوع – التجليات في دستور الإيمان – قرد ام انسان – فادي وذيسبينا – الاعتراف والتحليل النفسي – في التوبة – الله في اللاهوت المسيحي – دمشق ولاهوت الايقونة – طريق النساك – انطاكية صنعت اللاهوت الارثوذكسي والكاثوليكي – الشعب ينتخب اساقفته – كنائس الشرق الاوسط – يا يسوعاه – قلق وجودي – شرح صلاة الابانا – المزيفون – هرطقات معاصرة – شهود يهوه معلمون كذبة – معان العمودي والقديسيون العموديون – قديسو حمص – سيرة القديس جاورجيوس – عمر بن عبد العزيز ويوحنا الدمشقي – القديس مارون الناسك -وغيرها الكثير والعديد من المقالات والدراسات والكراسات والابحاث بعضها منشور وبعضها مسجل
ـ يعرف الفرنسية بطلاقة والإنكليزية واليونانية القديمة وترجم منها انجيل متى وانجيل يوحنا . ولكن ضعف نظره ثناه عن تكملة العمل على بقية العهد الجديد، ناهيك عن تضلعه باللغة العربية.
وبرقاده اليوم تطوي الكنيسة الانطاكية صفحة بيضاء ناصعة أغنت الفكر اللاهوتي الأكاديمي على مدى نصف قرن من التعب والجهاد وبذل الذات والفقر الاختياري والعفة والتواضع والمحبة والصلاة المستمرة بشخص قدس المرحوم الاب الشماس المعترف اسبيرو جبور

آخر ما كتب الشماس اسبيرو جبور

المعلم الانطاكي ماذا يقول عن بيزنطيا وتركيا ؟

كتب الشماس اسبيرو جبور

“الى المتحَمِّسين لبيزنطيا

كتابه: الروحانيون الحقيقيون احد كتب الشماس اسبيرو
كتابه: الروحانيون الحقيقيون احد كتب الشماس اسبيرو

أَتلقَّى أَخبارَ المتحمِّسين لبيزنطيا في بيروت بقيادة الأَخ رودريك خوري. وعلِمتُ أَنَّ فيلماً تُركيًّا مُسيئاً الى بيزنطيا معروضٌ في بيروت. بيزنطيا أَكبر من مُظاهرات. الأَتراك شعب جاءَ من أَواسط اسيا أَي من بلاد المغول وفي منطقتنا نعرِف محشيَّات المغول الَّذينَ هاجموا بِلادَنا المشرقيَّة في العام 1258 و 1401 ومنهم هولاكو وتيمورلانك وبعض أُمراء المغول الَّذينَ يُطلَق على الواحدِ منهم إِسم ” خان” . السلطان سليم الثاني الَّذي إِحتلَّ بلادَنا في العام 1516 أَعملَ السَّيفَ في الرِّقاب، فسَيطَرَ التخلُّف الفاحش على بِلادِنا وتفشَّت العاميَّة بعدَ أَن كُنَّا في ذُروَة العِلم والثقافة. أَمَّا إِقتحامُ الجيش التركي لأُوروبا فقَد أَدرَكَ فيِّينا عاصمة النمسا في العام 1680. كان مصطفى آغا قائد الجيش قد جَنَّدَ 10 آلاف إِمرأة عاريات ليَتقدَّمنَ عسكَرَهُ. قالَ لقادتِه: خلِّصونا منهُنَّ لأَنِّي سأُعطيكم نمساويَّات أَجملَ منهنَّ فذُبِحنَ وطُمِرنَ. ولكنَّ روسيا أَرسَلت 20 أَلفاً ليطردوا الأَتراك من النمسا وقد ساهمَ البولونيُّون في هذا الطرد. لم أَعثُر في الُّلغات الأُوروبيَّة على ذِكر لحادثة النساء ولِتدخُّل الجيش الروسي. كان المرحوم الأُستاذ الياس دانيال مرقس الكاتب الماركسي الشهير قد سافَر مِراراً الى موسكو، فوقفَ على الأَمر من العُلماء في موسكو، فرَوى القصَّةَ لي.
حضارة الأَتراك مفقودة. لا حضارةَ لهم. أَخذوا عن بيزنطيا الموسيقى وهي جيِّدة. لا أُنكِر أَنِّي أُحبُّ جداً الغناء التركي لأَنَ أُصولَهُ بيزنطيَّة. أَمَّا التحمُّس لبيزنطيا فلا يُروي الغليل. نحنُ بحاجة الى فرع لمعهد البيزنطولوجيا في موسكو وذلكَ في الكورة ليستطيعَ الطلاب اللاهوت في البلمند أَن يحصَلوا على شهادةٍ في الَّلاهوت وشهادةٍ في الحضارة البيزنطيَّة الجليلة. المعروف عالميًّا أَنَّ هذا المعهد وفروعَهُ في الجامعات الروسيَّة هو أَقوى الخُبراء بالحضارة البيزنطيَّة ومَن شاءَ الإِختصاص بها إِحتاجَ الى الُّلغة الروسيَّة. هُم أَقوى الخُبَراء بتاريخ مشرِقنا مدينةً فمدينة. كانت السيِّدة لينا المر-نعمة قد طلبَت منِّي كتابة مقدِّمة لتاريخِها المتعلِّق بقسمٍ من تاريخ بيزنطيا. رفَضَت المقدِّمة وإِكتفت بجملةٍ فقط وذَكَرت إِسمي كمُراجِع للكتاب. نَصَحْتُها بمراجعة كتاب فاسيلييف الصادر بالإِنكليزيَّة الصادر في العام 1952
بعنوان ” Byzantine Empire” كمرجعٍ أَكبر في الُّلغات الغربيَّة عن التاريخ البيزنطي”
فرفضت وقَصَرت الأَمرَ على المراجع الغربيَّة المنحازة وهكذا لا يُمكن الرُكون إِلَّا الى المصادر الروسيَّة في التاريخ البيزنطي. ولهذا أَنصَحْ المهتمِّين اليوم بالشأن الأُرثوذكسي في لبنان أَن يُطالِبوا بمعهد بيزنطينولوجي في الكورة لنتعلَّم جميعاً الصحيح الصحيح عن الحضارة البيزنطيَّة فنحصَل على ثقافة هي أَلمع ثقافةٍ في تاريخِ البشر. إِنَّها ثقافةُ باسيليوس الكبير وغريغوريوس الَّلاهوتي ويوحنا فم الذهب ومكسيموس المعترف. مَن أَلمعَ منهُم في تاريخِ الحضارة والإِنسانيَّة؟

اسبيرو جبور

“6 ت1 2012

كتب عنه وفاء سيادة المتروبوليت المعلم…

“أبونا سبيرو … بقلم المطران سابا اسبر

المتروبوليت سابا اسبر
المتروبوليت سابا اسبر
المتروبوليت سابا اسبر

منحك الله ذاكرة تفوق الطبيعة، ودرّبت نفسك على المطالعة ليلاً ونهاراً، ونهضةُ الكنيسة الأنطاكية كان هاجسَك الدائم، فكرّست ذاتك للتعليم وبثّ الروح النهضويّة في الأجيال التي لحقت بك، وبقيت على هذه الرسالة حتى النَفَس الأخير، وقد تجاوزت الخامسة والتسعين.
إلى العلم واللاهوت والأدب والتاريخ، جمعت في شخصك التواضع والزهد والتجرّد الأقصى وحبَّ الصلاة، فحُقَّ لك أن تتكلّم عن الله، وكنت تقول إنّ اللاهوت علم تشريح الله. ولاهوتنا المشرقي يقول بأنّ اللاهوتي هو الذي يصلّي، أي الذي يعاين الله، يعرفه، يعاشره، يأتي كلامه عنه كلام شهادة شخصيّة ناجمة من عشرته. كنت بيننا لاهوتيّاً بامتياز، وحفظت الأرثوذكسيّة باستقامة إيمانها، مدعوماً، إلى خبرتك الشخصيّة وعلمك الغزير، بآباء الكنيسة الذين حفظتهم غيباً.
كنت تتهلّل حينما توصل المعرفة لغيرك. حبّك للإنسان أخرجك من قوقعة اللاهوتيين، لتلاقي البشر على دروب حياتهم. كتبت في العقيدة بأرفع ما يكتب اللاهوتي، “يهوه أم يسوع وسرّ التدبير الإلهي”، ولم تهمل انعكاسه في الحياة “في التوبة، طريق النساك، المرأة في نظر الكنيسة، الاعتراف والتحليل النفسي”، ووصلت مواهبك الكثيرة إلى تأليف الروايات، سبيلاً إلى شرح أسرار الكنيسة كالمعمودية والزواج في “المزيفون، و، فادي وذيسبنا؟”. وما هذه العناوين إلا غيض من فيض مؤلّفاتك.
غيرك كان ليعيش من كتبه، أما أنت، فكنت تكتب وتصرف على كتبك. سألتك مرّة كيف تؤمّن احتياجاتك؟ فأجبتني: “أكتب مذكّرات قانونيّة لبعض المحامين، وأتقاضى أجراً زهيداً مقابلها!!!”
ما سألتَ مرّة كيف أعيش؟ فكنت كعصافير الإنجيل التي قال الربّ عنها إنّها:”لا تزرع ولا تحصد ولا تخزن، وأبوكم السماوي يرزقها” (مت6/26)، ثم توجّه إلينا ليقول: “لا تخافوا، أنتم أفضل من عصافير كثيرة” (مت10/31). ما أعوزك شيء من الضروريات، وكنت قانعاً بأيّ شيء مهما كان يسيراً. قضيت عمرك فقير الحال، سعيد البال، مفتقراً إلى وجه ربّك فقط. ما كنزت شيئاً من هذه الدنيا، وكنت تستطيع اكتناز الكثير لو رغبت، ما اهتممت لشيء من مظاهرها. عرفت الحقّ وحرّرك بدوره من كلّ العبوديات. فكنت طائراً من مكان إلى آخر، غير مهتمّ بمكان إقامتك أو نومك أو طعامك أو استطبابك.
عرفتُك وجيلي ونحن طلّاب في المدرسة، وما كنّا، آنذاك، ندرك سبب انعتاقك الكليّ من المظاهر والشكليّات وانشغالك الدائم بالقضايا الكنسيّة. عندما كبرنا وسمعنا بالذين يتبالهون لأجل المسيح، قدّرناك أكثر وصرت عندنا أيقونة حيّة لهم. كما ازدادت ثقتنا بأنّك كان من الممكن لك أن تصير منهم بالكليّة لولا أنّ الله كلّفك برعاية نهضة كنيسته، وقد حملت الرسالة طيلة حياتك باندفاع الشباب وحماسته. لم تَهِن ولم تضعف ولم تتوقف لتأخذ استراحة ولا حتى نَفَسَاً، حتّى الرمق الأخير
تكرّسك لرفع السويّة الروحيّة واللاهوتيّة والتربويّة عند شعب الله في كنيسة أنطاكية، رماك في الوعظ والتعليم والتأليف. فعالجت في كتبك القضايا اللاهوتيّة والأخلاقيّة والتربويّة والنسكيّة. هذه المحاور ما كانت منفصلة عن بعضها بعضاً في قناعتك. فالإنجيل ما فصل بين النظريّ والعمليّ. كنت تأتي من يسوع المسيح الإله – الإنسان، ركيزة العقيدة المسيحية، لترفع بشريّة المؤمنين إلى ألوهيّة سيّدهم، وتجعلهم بشراً متألهين، عملاً بتراثنا القائل بتجسّد الإله لكي يصير الإنسان إلهاً
في اللاهوت ما أتيت من عنديّاتك قطّ. كنت تتكئ على التراث الكتابي والآبائي بخاصّة، وصرت ضليعاً به حتّى حفظته غيباً. وضعت في خدمة البشر، نعمة الذاكرة التي أوتيتها، حتّى لقبّناك بالكومبيوتر الذي أعطيتَ أيّ إنسان حق تشغيله، لكنك تركت مفتاح التوقف بيدك دوماً. لم تستند إلى المنطق والفلسفة في تعليمك اللاهوتي، بل إلى تقليد الكنيسة الحيّ الذي عشته بكلّ جوارحك. لذلك أُعطيتَ أن تكون قدوة تقويميّة للكثيرين، على طريقة التعاطي مع التراث.
رضيتَ بأقلّ المتطلّبات البشريّة، وظللتَ شاهداً لحبّك الوحيد وشهيداً له، أعني المسيح وكنيسته: استقامتها، نهضتها، نقاوتها. قرأتَ من خلاله كلّ شيء، حتّى السياسة، وكنتَ نافذاً في أمور كثيرة. خاصمك كثيرون واختلفت مع كثيرين في سبيل أن يكون رعاتنا ملائكة أبرشيّاتهم، بحسب تسمية تراثنا للمطران.

أيّ هيام بالمسيح وكنيسته هذا الذي ملكك حتّى كنت على بسالة لا تعرف اليأس، واستعداد دائم للانخراط في أيّ معركة تُفرَض عليك دفاعاً عن طهارة الكنيسة وإخلاصها لسيّدها؟!
هل كنت هكذا لأنّك لم تفهم مرّة إمكانية حدوث فتور للمسيحي أو إظهار لا مبالاته؟ أم لأنّك لم تقدر على أن تبقى بارداً وحبّ المسيح يعتمل فيك حتى الوجد، وناره تزداد اضطراماً على اضطرام في داخلك؟ كيف جمعت إلى ذكائك النادر بساطة قلب الطفل؟ كيف لعقلك النقّاد المحلَّل بسويّةٍ رفيعة أن يجتمع مع قلب كالذي لك، فيه المحبّة التي تصدّق كلّ أحد، من دون تمحيص في كلامه؟
تبقى فرادتك عندي في أنّك حييت شاهداً لمقولة “الله وحده يكفيك”. اكتفيت به وأغناك عن كلّ شيء. سجدت أمامه ولم تحنِ رأسك أمام أحد. عاندت كباراً ووقفت صلباً كالصوان أمامهم، لكنّك بقيت عجينة طرية بين يدي ربّك. قبلت من أجله ومن أجل كنيسته الإذلال والنفي والسجن، ولم تقبل بالتنازل قيد أنملة عن أمانتك، وما رضيت لغيرك إلا الرفعة والكرامة والحريّة. وكم أعطيت هذا وذاك من إعوازك، ممّا أتى إليك، ولم تسمح له بدخول جيبك والاستقرار فيه. ما وصلك، على قلّته، كنتَ تصرفه على الفقراء ونشر الكتب.
أبونا سبيرو … بولسَ جديداً كنتَ لأنطاكية، وحُقَّ فيك ما قاله بولس الرسول عن نفسه، في (2كو6/310) “لا نريد أن نكون عائقاً لأحد في شيء لئلا ينال خدمتنا لوم، بل نُظهِر أنفسنا، في كلّ شيء، أنّنا خدّام الله، بصبرنا في الشدائد والحاجات والمشقّات والضرب والسجون والاضطراب والتعب والسهر والصوم، بالنزاهة والمعرفة وطول البال والرفق وروح القداسة والمحبّة الخالصة، بالكلام الصادق وقدرة الله وسلاح الحقّ في الهجوم وفي الدفاع، بالكرامة والمهانة، بسوء السمعة وحسنها. يحسبنا الناس كاذبين ونحن صادقون، مجهولين ونحن معروفون، مائتين وها نحن أحياء، معاقَبين ولا نُقْتَل، محزونين ونحن دائما فرحون، فقراء ونغني كثيراً من الناس، لا شيء عندنا ونحن نملك كلّ شيء.”
بعد أن أتممتَ السعي وحفظت الإيمان تغادرنا إلى أحضان من قدّمت له كلّ ما أعطاك ممّا له.” وأنت في الكنيسة الظافرة، صلّ للكنيسة المجاهدة ولنا.

– كتب لي رسائل متعددة رسائل مودة ومحبة ومرشداً ومصححاً وانا اعتز بما كتبه لي منها رسالته لي ادناه بالحرف بتاريخ 16/7/1997

العزيز الحبيب جوزيف زيتون المحترم

رسالته لي بتاريخ 16/7/1997
رسالته لي بتاريخ 16/7/1997

سلام الله مع روحك وفي بيتك.

قال لي كاهن مثقف أنه قرأ في خطبة الفصح أن يسوع مات روحاً وجسداً. هذا كلام شهود يهوه لا آباء الكنيسة.

في مثل هذا اليوم استشهد القديس حبيب خشة ابن الشهيد نقولا خشة الذي أماته الأتراك ظلماً لأنه وطني شريف وارثوذكسي أمثل. قتلوه في كيليكيا السورية التي سلمها الفرنسيون والانكليز للترك.

في 13/7/1997 أي أول أمس أعلمني مساعد أول في الجيش الفرنسي أن الفوج الثاني كان يجري مناورات قرب أنطاكيا في صيف 1938 فسُحِب َ الفوج وقال لهم الفرنسيون: سنسلم اللواء لتركيا. وهكذا خدع الفرنسيون أرثوذكس أنطاكيا وهم معظم سكانها. وعدوهم بالبقاء فقالوا ضد الأتراك. فاذا بالفرنسيين والانكليزمتفقون على تهجير المسيحيين من الشرق كما فُعل بأورثوذكس تركيا وأرمنها بعد مجازر شنيعة سبقها القضاء على مليون آشوري عراقي في القرن 19.

وهذا ماخططه كيسنجر ومعلمته غولدا ماير فحاول الاسطول السادس ان ينقل المسيحيين في لبنان الى اميركا في آذار 1975.

الصهيونية العالمية ذبحتنا في الحرب العالمية الأولى وبيدها. وأعادت الكرة بعد الحرب العالمية الثانية مدعومة بأميركا كيسنجر واولبرايت. من يُرسل الينا شهود يهوه والمعمدانيين والمجددين والسبتيين والمورمون وعباد الشيطان وسواهم وفي لبنان الآن أكثر من 150 مذهباً وعدد ضخم من محافل الشيطان الماسونية المنادية بحق اليهود في بناء هيكل سليمان بل هيكل الشيطان. والماسونية هي الشيطان المتجسد.

حاشية رسالته لي في 16/7/1997
حاشية رسالته لي في 16/7/1997

أسأل الله حفظك من كل شر.

“حاشية:

عملية تأليف الكتب مستمرة بقوة هائلة أكثر من الماضي، ستصدر في العام 1998- بإذن الله – ترجمتي الدقيقة لاهوتيا وأدبيا لإنجيل القديس يوحنا لتنافس أفضل الترجمات الروسية والفرنسية والانكليزية. فالشماس اسبيرو رجل علم لارجل خزعبلات ومنافخيات. يعمل بضمير صالح أمام الله. ولولا التعب الذي أصابه بين 1966 و1971 لملأ الدنيا كتباً. في 14/7 أقنعتُ سيدة ابنة نيف وسبعين سنة أن أطباءها الاختصاصيين في أميركا أخطأوا. وصفتُ لها مرضها فاعترفت بأن هذا ماتشعر به حقاً فقط وان جميع الفحوص سلبية لم تثبت مرضاً.اسبيرو هو اسبيرو ولد وقف العالم برمته ضده. وهو يعلم ان الله سيبدل هيئة هذا العالم. في بلاد مثل بلادنا حيث الدين قشور ومنافع ومظاهر يبدو اسبيرو غريباً. ما أحلى هذه الغربة! فإنها تثبت اني لست من هذا العالم المهترىء الساقط كما لم يكن منه يسوع المسيح.”

انتهت رسالة ابينا الشماس اسبيرو لي هذه التي اعتز بها وببقية رسائله لي وبمحبته وثقته بي، وقد شبهني في واحدة منها به في عشقه لأنطاكية واستماتتنا معاً وآخرين مثلنا لأجل إعادة بعث مجدها بقلمنا… وبي وانا حافظ التاريخ القويم” كما وصفني.

رحمة الله عليك…

الخاتمة

خيراً ما اختم به مقالي القاصر عنك يابولسَ جديد كما اسماك المعلم المتروبوليت سابا في الاخبار عن تلك اللقاءات القليلة التي كنت التقيكم بها في معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي البلمند، وفي دير القديس جاورجيوس الحرف…

كنت اعرفكم في كل مرة على ذاتي والحق معكم فنظركم ضعيف ولقاءاتنا نادرة…

ارى في عينيكم المغرورقتين الضعيفتين حباً سماوياً

ارى فيهما الصفاء والحب والوداعة مترافقة مع قبلات من فمكم المتقدس لوجنتي ثلاثاً وتسحبون يمينكم من يدي كي لااقبلها…

تبادرون في التعليق على كتاباتي القاصرة امام سمو انتاجكم وكنتم تثمنون ما اكتب وتضيفون عليه نصائحكم مع اعتذار مايعطيني رفعة وفخراً

ماتناقله محبون...عنه
ماتناقله محبون…عنه

ناهيكم ياشيخنا الجليل عما كنتم تعلقون عما اكتب وتصوبون وخاصة في اللاهوت الارثوذكسي وذلك برسائلكم التي احتفظ بها مفتخراً… ومنكم اتعلم…ومن معينكم اللاهوتي والمعرفي الصافي من منهلكم الصافي.

ابونا الشماس المحامي اسبيرو جبور

وأنت وإن لم تنل حقك بشرياً في قيادة الكنيسة بسبب من ضعف بشريتنا، ومن كان بيده القرار، إلا أنك اليوم تأخذ كل حقك بانتظامك في الجوقة الملائكية مع القديسين والرهبان وبها معهم تسبح من نذرت الذات لخدمته.

صلوا لنا ايها القديس.

صلوا لأنطاكية التي نذرتم نفسكم لخدمتها…

صلوا لسورية التي تعشقون…لشعبها بكل اطيافه…

لجيشنا الحبيب… للشهداء والجرحى والمخطوفين ليحل السلام والامن في وطن الرب يسوع السوري. ويتوقف دولاب الموت في حصد الارواح البريئة.

ليكن ذكرك مؤبداً…وقد انتقلت في صومه  الكبير المقدس 2018

المسيح قام …حقاً قام

 

 

 

 

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *