مدرسة بيروت الحقوقية الرومانية

– “الفقهاءالسوريون” ومعهد بيروت للقانون/ القانون الروماني

– “الفقهاءالسوريون” ومعهد بيروت للقانون/ القانون الروماني

غايوس ماريوس
غايوس ماريوس

1 ـ الفقيه  غايوس ماريوس

وهو أقدم الفقهاء الخمسة وقد جاء ذكره في دستور فالنتيان (قانون الأساتيد الذي أشرنا غليه. وقد لمع نجم غايوس في فترة حكم الإمبراطور مارك وريل (161 ـ 181)م. ومعلوماتنا عن حياته قليلة جداً. وقيل أن أصله يقود للشمال السوري ولكن لا يمكن تحديد أصله بشكل دقيق جداً.

وتعرف مؤلفاته بشكل جيد فله مدونته الخاصة التي تسمي (المختصر) وقد كانت رائجة لدى كافة طلاب الحقوق حتى وصلت إلى جستنيان فكانت أساساً للجزء المسمى (النظم) وقد أمر جستنيان باعتبار هذا الجزء كتاب رسمي لتعليم الحقوق والفقه للشبان.
وذكرنا كيف وصلنا كتاب غايوس هذا في الكتاب الذي قشط منه تأليف غايوس ودونّ بدلاً عنه أدعية كنسية ولكن أمكن إعادة النص الأصلي بالطرق الكيميائية.

2 ـ الفقيه  إميل بابنيان

بابنيان
بابنيان
وهو أول المحامين الذين وجدوا والذين سيوجدون محام لم يتجاوزه أحد ولن يوازيه أحد
بهذه العبارات وصف أحد مؤرخي القرن السادس عشر محام وفقيه وسياسي سوري عظيم هو إميل بابنيان «إميليوس بابنيان» الذي ولد في مدينة حمص «أما» على الرأي الراجح عام 142م واسشتهد عام 212م. فمن هو هذا الفقيه المحامي.
ترعرع بابنيان في مدينة حمص وفيها تابع علومه الابتدائية والإعدادية والثانوية ثم سافر إلى بيروت حيث التحق بأعظم جامعة للحقوق في العالم وهي معهد بيروت للحقوق.
بعد دراسته للقانون استغرقت أربع سنوات تخرج بابنيان ومالبث أن أصبح أستاذاً في المعهد وعلي يديه تتلمذ جهابذة الفقة الروماني وأعظم سياسي ذاك العهد وهم بولس واولبيان، وكلاهما من مدينة صور.
مارس بابنيان مهنة المحاماة في بيروت إضافة للتدريس في الجامعة وكان له نتيجة تجارية النظرية والعملية «19» مؤلفاً في المناقشات القانونية و«37» مؤلفاً في المسائل القانونية وله كتابان مشهوران جداً هما «الأسئلة» و«الأجوبة» وقد كان «الأجوبة» جزءاً من برنامج السنة الثالثة في مدارس الحقوق الرومانية.
وله كتاب آخر لايقل شهرة عما ذكر هو كتاب «الفتاوي».
ومن بابنيان وكتبه أخذت مدونة جوستنيان. وقد جاء في ملاحق كتاب «مدونة جوستنيان» لبلوندو عن بابنيان مايلي: «أن التراث العظيم الذي تركه لم يتركه أي روماني فقيه آخر. وقد أدخل لا أقل من 596 فقرة من كتاباته في موجز جوستنيان «أحد كتب المدونة الثلاث» وذكر فيه 153 مرة . وقد لقبه الرومان بأمير الفقهاء.
وبابنيان يمت بصلة القرابة إلى الإمبراطورة الرومانية السورية من حمص أيضاً وهي «جوليا دومنه» زوجة الإمبراطور الإفريقي الروماني وهو من أصل فينيقي «سبتيم سيفر» أو«سبتيموس سيفروس» ووالدة الإمبراطورين كركلا وغيتا. والتي كانت مثال المرأة التي جمعت إضافة لجمال الطلعة وروعة الخيال ورصانة العقل وقوة الحكم والتي جعلت من قصرها ملتقى العلماء والفلاسفة والأدباء والشعراء. فبعد أن تولى زوجها السلطة في روما وتوج إمبراطوراً عام 193 فقد كانت «جوليان دومنه» مساعدته في الحكم وسارعت لاستدعاء السوريين من علماء وفلاسفة وفنانين ورجال قانون لينضموا إلى القصر .
استدعي بابينان للقصر بعد عشر سنوات من حكم سبتيم سيفر وعين مستشاراً للإمبراطور عام 198م فكان الموجه للإمبراطور والمدافع عنه والناصح الأمين له والصديق الوفي. وقام بابينان بمساعدة تلميذاه الفقيهان بولس واولبيان بعد أن استدعاهما ليعملا معه بروما بجمع الحجج لتأييد تمركز السلطات في يد الإمبراطور وذلك استناداً لتفويض مجلس الشيوخ الممثل للشعب الروماني للإمبراطور بتسلم السلطان.
وقد تسلم بابينان الكثير من الوظائف العليا في الدولة الرومانية فكان حاكماً قضائياً للرومان «بريتونا» ورئيس مجلس الأحكام ورئيساً للوزراء وقائداً للحرس الإمبراطوري وبوصفه هذا كان القائد الأعلى ونائب الإمبراطور أثناء غياب الأخير خارج روما.
وقد اشتهر بابينان بمحاولة ادماج بعض النظم الإغريقية والشرقية في القانون الروماني وكان هذا الفقيه المحامي أكثر فقهاء الرومان سعة في العلوم والمعرفة وإليه وإلى تلاميذه أشير بالدور العلمي للفقه الروماني الذي يعتبر أعظم أدوار الفقه الروماني قاطبة.
وقد كانت لبابنيان رسالة الإنسانية العادلة وكان هو وتلاميذه أصحاب رسالة في الدفاع عن العبيد لأن في رأيهم العبيد أحرار بالفطرة والدفاع عن النساء لأن لهن ما للرجال من حقوق.
كان لسبتيم سيفر ولدان هما كركلا وغيتا وقد عين الأول منهما إمبراطوراً يشاركه الحكم في عام 198 وعين الآخر أيضاً «غيتا» في عام 209 وقد كان الشقيقان على أشد خصام منذ نشأتهما ومع الأيام أصبح كل منهما يكره الآخر لدرجة تمني الموت له وكان القصر «رجالاته» منقسم إلى قسمين إحدهما يساند كركلا والآخر يساند غيتا وكانت الدسائس والمؤامرات تفسد حياة الأسرة الإمبراطورية والقصر وبالتالي العالم الروماني.
وعلى أثر نشوب ثورة مسلحة في بريطانيا حوالي 203 م وتخلصا من المشاكل الداخلية سواء منها العائلية أو العامة ونتيجة خصام الأشقاء الذين عاشوا في الترف والنعيم ولم يقاسوا من الحياة شيئاً قرر سبتيم سيفر أن يذهب إلى بريطانيا لإخماد ثورة الاسكتلنديين مصطحباً معه ولديه وحاشيته جميعاً بما فيهم بابنيان أملاً أن يستطيع التقريب ما بين الأخوين ويشعرهما بقوة الحياة ولم يثنه عن عزمه تأكده من قدرة قواته هناك على إخماد الفتنة أو مرض «النقرس» الذي الزمه طوال الرحلة وأثناء القتال أن يحمل على محفة كل الوقت.

- "الفقهاءالسوريون" ومعهد بيروت للقانون/ القانون الروماني
– “الفقهاءالسوريون” ومعهد بيروت للقانون/ القانون الروماني
وبعد غياب استمر عدة سنوات وحروب قاسية جداً أخمد سبتيم سيفر الثورة ولكن أثناء عودته شعر بالمنية فاستدعى وهو على فراش الموت بابنيان لما كان يعرف فيه من قدرات ونفوذ مفيد وفضائل وقد أوصاه بالشهر على وحدة الأسرة الإمبراطورية ورفاهيتها عام 211م. وعاد الولدان بالؤام وأوصى الجيش بالطاعة. ومات سبتيم سيفر في يورك بإنكلترة عام 211م. وعاد الولدان الإمبراطوران إلى روما ولم ينتظر إنهاء مراسم دفن ولدهما بل سارعا لقسمه القصر دون أي اتصال بينهما سواء في الرحلة أو بعد العودة وكل منهما أحاط قسمه بالحراسة المدججة. وكان كل منهما يحاول الإيقاع بالآخر.
وضاعت جهود بابنيان ومساعيه للصلح والوئام المخلصة. ولم تفلح هذه المساعي إلا في إذكاء شعور البغض الذي كان يضمره كاركلا الابن الأكبر لوزير أبيه.
وكانت مساعي الإمبراطورة الأم «جوليا دومنه» في الصلح بين الأخوين الشقيقين وتوسلاتها ودموعها تذهب هباء.
إلا أن أخيراً تظاهر بالخضوع لمشيئة أمه ورضي بلقاء أخيه في بيتها على أساس من المصالحة والتراضي. وفيما هما يتحدثان اندفع جماعة من الضباط كانوا مختبئين بسيوف مسلولة وانهالوا بها على غيتا المسكين وحاولت الأم المضطربة أن تحميه بين ذراعيها ولكن عبثاً كانت تكافح وجرحت يدها وتلطخت بدماء ابنها الأصغر بينما كان كركلا يستحث السفاحين ويعاونهم. وهي فوق ذلك كله لم تستطع أن تبكيه خوفاً من كركلا الذي اندفع في تصفية أعدائه وأصدقاء أخيه فقتل مايزيد عن عشرين ألفاً من ذكور وإناث بحجة الميل لأخيه.
وكان الشعب والجيش يميل للأخ المغدور وكان من نتائج هذا القتل أن تحمل كركلا الكثير من الأعباء والعنث والكره فطلب من الفيلسوف سنكا إعداد رسالة تبرر هذا القتل موجة للسناتو (مجلس الشيوخ) ففعل. ثم أمر بابنيان أن يفرغ كل ما أوتي من مهارة وفصاحة في سبيل تلمس الأعذار لهذه الفعلة ولكن هنا كانت المفاجئة فقد رفض رجل العدالة هذا الأمر وقال باباء وشجاعة مؤثراً فقدان حياته على ضياع شرفه «أن ارتكاب جريمة قتل الوالدين أيسر من تبريرها» وقال: «أن قتل الأشقاء أهون من تبرير هذا القتل». وبعد الحاح كركلا قال بابنيان: «أن تبرير قتل النفس ليس أسهل من اقتراف القتل». وقال رداً على كركلا الذي حاول أن يكون عمله دفاعاً عن النفس «أن اتهام قتيل برىء بالقتل قتل له ثان». فكان هذا الجواب المشهود سبب ضياع حياته فما كان من كركلا إلا أن أمر الجنود المحيطين به بقتله فتقدم أحدهم ببلطة فما كان من بابنيان إلا أن انتهره لاستخدامه البلطة بدلاً من السيف وقتل بابنيان دفاعاً عن الحق وإظهاراً للعدالة.
لقد قتل كركلا كما قلنا ما يزيد عن عشرين ألفاً في سبيل التخلص من قتلة أخيه إلا أن الوصف الذي عرف به كركلا منذ ذاك العصر هو «قاتل أخيه وبابنيان»
ويفسر هذا المؤرخ إدوار دجيبسون في كتابه اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها الصادر عام 1788م. إذا قال: «ذرف الأصدقاء والأسرات الدموع خفية على إعدام هؤلاء المواطنين الأبرياء وهم كثر ولكن موت بانبيان رئيس الحرس البرينوري كان محزناً بوصفه كارثة عامة فقد تقلد أهم مناصب الدولة في السنوات السبع الأخيرة من حكم سيفروس وبنفوذه المفيد الناجح قاد خطوات الإمبراطورية في طريق العدل والاعتدال.
ويتابع بلوندو وصفه لبابنيان فيقول: «ومثل هذه الشيم الفاضلة الجرئية التي خرجت نقية، سليمة من براثن الدسائس في البلاط، ومن خطايا العمل ومكائد المهنة انعكس على ذكرى بابنيان بهاء ورواء أكثر مما تعكسه وظائف العالية وكتاباته الكثيرة، وشهرته الدائمة التي ظل يتمتع بها في كل عصور التشريع الروماني بوصفه محامياً أو من رجال القانون»
«ويقتطع بلوندو في كتابه مدونة جوستنيان ما يلي»
ـ وقد كان من أماني الفقيه كوجاس (1522 ـ 1590)م. أن يشاد لبابنيان نصب تذكاري.
ـ وكان الإمبراطور تيودوز الصغير يحمل لآراء بابنيان الأفضلية والتقدم على آراء جميع الفقهاء الآخرين».
ويصف بلوندو انتهاء عصر بابنيان وتلاميذه فقهاء العصر العلمي ويقول بعد أن انتهى هذا العصر «فقد أعقبه ظلام حالك حدث فجأة وبدون أية فترة انتقال تتوسط الحالتين فكان بابنيان وبولس واولبيان ومودستان إذ قضوا جروا معهم إلى القبر سر علم الكلام ذلك العلم العجيب الذي يقول عنه الفيلسوف ليبنتز أنه لاتكاد الدقة فيه تقل عن دقة المهندسين».
ـ ويقول فيليب حتي: «أن الشخصيتين اللتين منحتا الأكاديمية (معهد بيروت للحقوق) شهرة واسعة وخلدتا في مجموعة قوانين جوستنان هما بابنيان واولبيان».
ـ ويقول ول ديورانت علا نجم بابنيان وبولس واولبيان أعظم الأسماء الثلاثة في القانون الروماني في عهد سبتم سيفر.
وأن الفقهاء الخمسة وهم غايوس وبابنيان وتلميذان بولس واولبيان وتلميذ الأخير موديستان وهم فقهاء الدور العلمي للفقه الروماني وهو أعظم أدوار الفقه الروماني ومؤلفاتهم هي المرجع الوحيد للفقه الروماني التي وصلت إلينا وهم جميعاً سوريين وكان لهم ولبابنيان خاصة دور كبير وكانت تصدر الدساتير (المراسيم) الإمبراطورية لتنظيم الاستناد لأقوالهم ونجتزء ما يخص بحثنا عن بابنيان فنذكر أهم المراسيم الصادرة عنه بمايلي:
1 ـ لهدر دستور من الإمبراطور قسطنطين عام 321م «أي بعد موت بابنيان بأكثر من مائة عام» أمر فيه بعدم الاعتداء بالحواشي التي وضعا الفقهاء اولبيان وبولس على كتاب الفتاوى لبابنيان.
2 ـ في عام 426م «أي بعد قرنين من وفاة بابنيان» صدر مرسوم من إمبراطور الشرق تيودوز الثاني وإمبراطور الغرب فالنتيان الثالث «بعد تقسيم الإمبراطورية الرومانية». عرف باسم قانون الأسانيد فأعطى قوة القانون لكتابات فقهاء العصر العلمي الخمسة المذكورين وأضاف بأنه إذا أجمعوا في الرأي كان ذلك ملزماً للقاضي وإذا اختلفوا كان الرأي للأكثرية منهم وإذا انقسموا في الرأي دون أكثرية كان للقاضي اعتماد رأي بابنيان فإن لم يكن له رأي في الموضوع كان للقاضي أن يعتمد ما يراه مناسباً من الآراء.
هذا رأي الأباطرة والعلماء والفقهاء في بابنيان على مر العصور.
وقد وصفه أحد كبار شارحي القانون في القرن السادس عشر فقال: «أن بابنيان هو أول المحامين الذين وجدوا والذين سيوجدون «ويقول» لم يتجاوز بابنيان أحد قط في المعرفة القانونية ولن يوازيه أحد. وعلم بابنيان الذي تسيطر عليه الحصافة الفكرية والنزاهة الأخلاقية قد جعل منه نموذج المحامي الحقيقي»
نعم هذا هو بابنيان في علمه الموسوعي.
وفي أخلاقه الفاضلة المخلصة المستقيمة.
وفي أعماله ومناصبه الرفيعة الكثيرة.
لم يحن رأسه العالي الشريف لضغط حاكم قاتل وضحى بكل عظمته ومراكزه دفاعاً عن الحق والكرامة والشرف فنال إعجاب العالم على مختلف العصور لعلمه وأخلاقه وأعماله، لقد كرمه العالم في كل العصور، لكن أبناء وطنه لايعرفوه ولم يسمعوا عنه. أليس من حقه علينا التكريم والتخليد.

3 ـ الفقيه دومتيوس اولبيان 170 ـ 228 م

شريعة جوستنيان
شريعة جوستنيان
DOMITIQUS QLPIEN
ولد دومتيوس اولبيان في عام 170 م في صور في الساحل السوري وقد درس الحقوق في معهد بيروت للحقوق وقد تتلمذ على يد الفقيه السوري العظيم إميل بابنيان ثم مالبث أن أصبح أستاذاً في معهد بيروت ومحامياً وعندما غادر بابنيان المعهد إلى روما بطلب من الإمبراطور سبتيم سيفر ليكون مستشاراً له. فقد استقدم بابنيان أيضاً اولبيان ليساعده في أعباءه. ومالبث اولبيان أن ارتقى من عضو مجلس الشيوخ إلى عضو في مجلس المائة. ثم أصبح قائداً للحرس الامبراطوري وحاكماً قضائياً «بروتوريا» ورئيساً للديوان «رئيس وزراء» وقد قام في الخدمة بعهد الإمبراطور سبتيم سيفر وكركلا والأكابالوس عام 218 الذي لم يلبث أن أبعده. ثم عاد للخدمة ثانية في عهد الإمبراطور إسكندر سيفر عام 222 حيث أصبح مع أم الإمبراطور جوليا مايا يرسمان خطط الإمبراطور السياسية وإصلاحاته الإدارية والعسكرية وقد كان اولبيان معلماً للإمبراطور إسكندر سيفر حيث اختارته أمه ماميا مع جملة من المع المتخصصين ليقوموا بتربية وتعليم وتأهيل ابنها إسكندر سيفر.
وقد ترأس اولبيان مجلساً مؤلفاً من ستة عشر شخصاً تم اختيارهم من أرجح شيوخه عقلاً وفضلاً ليكون هذا المجلس بمثابة مجلساً استشارياً دائماً تناقش أمامه أمور الدولة ويبت بها، وقد استطاع اولبيان بحسن درايته وباحترامه للقوانين وحزمه مع هذا المجلس المتميز بالإستقراطية الرهيبة المتبعثرة أن يعيد للحكومة النظام والسلطة.
وقام أيضاً بتطهير الإمبراطورية من الخرافة والبذخ الذين أوجدهما الإمبراطور «الأكابالوس» وقام بتطهير الجهاز الحكومي والإدارات العامة من الموظفين الفاسدين واستبدلهم بموظفين أكفاء فضلاء وأصبح في عهده التعليم وحب العدالة هما المؤهلان الوحيدان للوظائف العامة. والشجاعة وحب النظام للوظائف العسكرية.
وقد كان الإمبراطور إسكندر سيفر على عادته في دعوة النخبة القليلة من خلصائه من أهل العلم والفضل لمشاركته طعامه على مائدته البسيطة البعيدة عن الإسراف. فقد كان أولبيان من المدعوين دائماً لهذه المائدة.
وقد تابع أولبيان جهود بابنيان القضائية والإنسانية ويسخر جهوده القضائية للدفاع عن العبيد لأنهم في رأيه أحرار بالفطرة وعن النساء لأن لهن مثل ما للرجل من الحقوق.
كان من تأثير إصلاحاته في القضاء والجيش إذ أثار عليه بعض الجهات ذات التأثير وكذلك أثارت بعض الجنود وخصوصاً جنود الحرس الإمبراطوري وقد اتخذت حجة قتل أولبيان لبعض معارضيه وعلى رأسهم فلافالوس وكرسنوس رئيس مجلس الأحكام مما دعى جنود الحرس الإمبراطوري يهاجمون أولبيان الذي كان في القصر الإمبراطوري وقد استطاعت قتله أمام الإمبراطور إسكندر سيفر وأمه دون أن يستطيعا منع هذا القتل ورغم حماية الإمبراطور لأولبيان. وذلك في عام 288 م وكانت كما قال أول ديروافت أسباب قتله اقل انطباقاً على القانون من قتل معارضيه وقد نقضت هذه التهم عنه فيما بعد.
ويؤخذ أيضاً على أولبيان اضطهاده للمسيحيين في عهده. لقد قال عنه المؤرخ لميرديوس «لم يبلغ الإمبراطور إلكسندر سيفر ما بلغه من سمو المنزلة إلا لأنه كان يحكم أكثر ما يحكم وفقاً لنصائح أولبيان»
كان أولبيان رائداً ومتحمساً ومطلقاً لشعار «الناس أكفاء بحكم قانون الطبيعة» لقد كانت كتاباته في جوهرها تنسيقاً لأعمال من سبقوه. شأنها في هذا شأن جميع الأعمال الهامة في تاريخ القضاء ولكن أحكامه كانت صائبة جازمة إلى حد أبقى على مايقرب من ثلثها في ملخص جستنيان.
إذ أن أولبيان يعتبر أكثر فقيه أخذ منه في كتاب الديجست «المختار أو الموجز» من مدونة جستنيان إذ أخذ منه 2461 قطعة (أو مادة) وذكر في الموجز 20 مرة إلى أولبيان الكثير ومما وصلنا منه كتاب القواعد.
وهو أيضاً كما قلنا أحد الفقهاء الخمسة الذين ورد ذكرهم في قانون الأساسيات.وعنه أيضاً صدر مرسوم ذكرناه سابقاً بعدم الاعتداد بحواشيه التي وضعها على كتاب الفتاوي لبابينان.
وقد كرمه الرومان بأن أطلقوا اسمه على بازليك وقصر عدل روما التي بنيت في عهد تراجان وبناها المهندس السوري ابولودور الدمشقي.
وكرمه الإيطاليين في العصر الحاضر أيضاً بأن وضعوا تمثاله على مدخل قصر العدل الحالي في روما إلى جانب تمثال بابنيان.

4 ـ يوليوس بولس

يوليوس قيصر
يوليوس قيصر
محام وفقيه عربي سوري من الساحل السوري وكان أستاذاً في مدرسة بيروت للحقوق وزميلاً وصديقاً لبابنيان وقد استدعاه الأخير إلى روما في عهد الإمبراطور سبتيم سيفر وكان عضواً في مجلس الأحكام (من العدل أي الأعضاء) في عهد رئاسة بابنيان للمجلس وقد استلم عدة مناصب في روما. ووصل إلى منصب رئاسة مجلس الأحكام.
ترك كثيراً من المؤلفات وخصوصاً تعليقاته وشروحه على مؤلفات بابنيان. وقد رأينا أنه صدر دستور بعدم الاعتداد بحواشيه المدونة على كتاب بابينان. كذلك ألف كتاب من كتب التقريرات والقواعد باسم « التقريرات المأثورة» وقد وصلت إلينا هذه التقريرات وهو من المؤلفين الخمسة الذين ورد ذكرهم في قانون الأساتيد المذكور.

نشرها المحامي الصديق الموسوعي أ.د . احمد غسان سبانو  على صفحته هذا البحث الهام بعنوان (فقهاء عرب) مع تحفظنا على انهم فقهاء عرب بل  اقول انهم هم فقهاء من ولاية سورية في حقبة الامبراطورية الرومانية وقد درسوا في مدرسة بيروت الحقوقية وتركوا اجلى البصمات في القانون الروماني… وهو مانقترحه على معلمنا الاستاذ الدكتور سبانو المحترم…

Dr.Ahmad Ghassan Sbano الثقافات العربية و العالمية

 

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *