القديس إيليان الحمصي في السنكسارات اليونانية بالقرن العاشر الميلادي بالمقارنة مع سنكسارنا العربي

القديس إيليان الحمصي

القديس إيليان الحمصي

في السنكسارات اليونانية بالقرن العاشر الميلادي

بالمقارنة مع سنكسارنا العربي
معنى سنكسار Synaxarion (جمعها سنكسارات Synaxaria): السنكسار في الكنيسة الأرثوذكسية هو مجموعة من “حياة القديسين”، مخصصة للقراءة وفقًا للسنة التقويمية ودورة الفصح. تتم تلاوتها في الكنيسة خلال العبادة العامة ولتغذية حياة الصلاة الشخصية للمؤمنين. في أديار الجبل المقدس آثوس، درج التقليد أن يقوم بقراءتها بالتناوب إثنان من رهبان الدير في غرفة المائدة أثناء تناول بقية الرهبان للطعام. وبما أن الخدمة الإلهية للكنيسة الأرثوذكسية كانت دائمًا تتعلق بحياة القديسين، فقد أصبح السنكسار عبارة عن مجموع، يحتوي على “سير القديسين” بشكل موجز، مرتبة حسب ترتيب الذكرى السنوية لإحياء ذكراهم في أعيادهم.
بحلول القرن العاشر، قد تطور هذا الصنف الأدبي، فبلغ ذروته في صدور اثنين من أهم السنكسارات اليونانية حتى ذلك الوقت:
1- سنكسار القسطنطينية: أمر بجمعه الإمبراطور البيزنطي قسطنطين السابع (فترة حكمه 944-959). وقام بذلك الشماس إيفاريستوس، أمين المكتبة والأرشيف. تمت طباعته عام 1902 مع ترجمة لاتينية.
2- سنكسار باسيليوس: تم جمعه عام 1000، بأمر من الإمبراطور البيزنطي باسيليوس الثاني (فترة حكمه 976–1025). وهو مخطوط، حاليًا في مكتبة الفاتيكان، ويعتبر تحفة فنية بديعة ذات قيمة فريدة، إذ إنه بالإضافة إلى النصوص يتضمن 430 أيقونة مصغرة لثمانية فنانين مختلفين. في الصورة أدناه إحدى صفحاته.
المصدران كلاهما يشتملان على سيرة حياة شفيع مدينتنا، القديس إيليان الحمصي الطبيب الشافي، حيث قدّما بإيجاز قصة حياته واستشهاده، شأن كل القديسين الآخرين وبنفس عدد الكلمات، في حدود ستة عشر سطراً، بخلاف سنكسارنا العربي الذي قد يعرض سيرة حياة بعض القديسين في سطرين أوثلاثة، ويتحدث بإسهاب عن سيرة سواهم من القديسين، لعشرات الصفحات أحياناً.
أما بخصوص سيرة قديسنا فنجد اتفاقاً مع بعض الاختلافات فيما بين المصادر العربية واليونانية دون أن يكون ثمة أي تناقض. وهذا هو موضوع منشورنا لليوم.
1- تُجمع كلها على أن القديس إيليان وُلِدَ في مدينة حمص السورية، وأنه حمصي، وأن استشهاده قد تمّ في حمص عندما أمر نوميريان باضطهاد المسيحيين (مع الفرق أنها تذكر نوميريان كملك في حين أن سنكسارنا العربي يصفه بالإمبراطور).

القديس إيليان الحمصيفي السنكسارات اليونانية بالقرن العاشر الميلادي
بالمقارنة مع سنكسارنا العربي
القديس إيليان الحمصي
في السنكسارات اليونانية بالقرن العاشر الميلادي
بالمقارنة مع سنكسارنا العربي
2- تُجمع كذلك على أن القديس إيليان كان طبيباً شابّاً، وقد كان ماهراً في الطب فكان يُشفى على يده العديد من المرضى، وأنه كان يشفي لا الأجساد فحسب بل والنفوس أيضاً. ولكنها تنفرد بذكر هذه المعلومة: أن القديس إيليان بعد أن يتلمذ أبناء المدينة للمسيح يقوم بتعميدهم، وهو ما لا يذكره سنكسارنا العربي.
3- كذلك تُجمع على ذكر أسماء شهداء حمص الآخرين في هذا الإضطهاد: أسقف المدينة سلوانس وتلميذيه الشماس لوقا والقارىء موكيوس. وأن القديس إيليان كان من القلائل الذين لم يُخِفهم الاضطهاد فبقي محافظاً على إيمانه المستقيم وأحد الذين لم يحيدوا عن عقيدتهم، مع الأسقف وتلميذيه، الذين بسبب عملهم التبشيري صاروا فريسة للوحوش الضارية فنالوا إكليل الشـهادة.
لكن السنكسارات اليونانية:
1- لا تذكر إطلاقاً والدي القديس إيليان كنداكيوس وأخثسترا، ولا حتى المربية المسيحية مطرونة التي قامت بتهذيبه، رغم قولها إنه قد نشأ نشأة مسيحية.
2- ليس فيها ذكر للناسك والطبيب إيباتيوس، الذي كان القديس إيليان يزوره عند نبع الهرمل، شمال غرب حمص بخلاف سنكسارنا العربي.
3- لا تذكر شيئاً عن انخراطه بالحياة العسكرية، التي أكسبته بنية قوية ومتانة عضل وشجاعة قلب بحسب سنكسارنا العربي، بل تكتفي بالحديث عن تحصيله للعلوم الطبية وتفوقه فيها كطبيب ماهر.
4- لا تأتي على ذكر والده على الإطلاق ولا على أن أطباء حمص اشتكوا إلى والده وقالوا له: “إن ابنك يُبَشِّرْ باسم إله النصارى ويهزأ بآلهتنا فكيف ترضى بذلك ولو علم الإمبراطور لغضب عليك”.
5- ليس فيها ذكر لسجن القديس إيليان مدة أحد عشر شهراً، كان خلالها،
6- بحسب سنكسارنا العربي يحث كل الذين يأتون إليه على ترك عبادة الأصنام واللحاق بالسيد المسيح، أو أن هذا التصرف أغاظ والده فنفذ صبره وقرّر تعذيبه وقتله، فسلّمه إلى الجلاّدين فقادوه إلى شرقي المدينة وقيّدوه بالحبال وحلقوا شعره.
7- رغم أنها تذكر استشهاده بالمسامير، فهي بخلاف سنكسارنا العربي الذي يقول “غرزوا اثني عشر مسماراً طويلاً في رأسه ويديه وقدميه”، لا تذكر عددها، كما أنها تقول إن المسامير قد دُقّت في يديه وقدميه وحسب، لا في رأسه.
8- أخيراً، تشدد على أن استشهاد القديس إيليان الحمصي كان في عصر الملك نوميريان الذي لكونه وثنياً متعصباً قد أمر باضطهاد المسيحيين، ما يعني ضمناً أن استشهاد القديس إيليان قد تم بعد أيام قليلة من استشهاد أسقف المدينة سلوانس وتلميذيه الشماس لوقا والقارىء موكيوس في 29 يناير/ كانون الثاني من العام 284، والذين تعيد لهم الكنيسة في يوم (29 يناير/ كانون الثاني)، أي استشهد في العام نفسه 284 (6 شباط 284 ) بخلاف سنكسارنا العربي القائل بأن تاريخ استشهاده هو (6 شباط 285).
والسبب ببساطة أن نوميريان هذا، الذي استلم حكم الجزء الشرقي للامبراطورية عام 283 قد حضر على رأس جيشه الجرّار قبل مارس/آذار 284، وأقام في حمص لعدة شهور، أُصيب فيها بالعمى وفقد بصره وساءت حالته الصحية فقرر في خريف ذلك العام الذهاب إلى روما للاستشفاء. لاحظت حاشيته التهاب عينيه ومنذ ذلك الحين أصبح يتنقل في عربة مغلقة. قبل بلوغه العاصمة، عندما وصل إلى بيثينيا، انبعثت رائحة عفن غريبة قادمة من العربة، وعندما فتحها الجنود وجدوا نومريان جثّة هامدة وهو بعمر التاسعة والعشرين، وكان ذلك في كانون الأول من عام 284.

Metropolite Athanasios

 

  • Beta

Beta feature

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *