القيادة الكشفية بين التسلق والتسلط والتخبط
القيادة الكشفية بين التسلق والتسلط والتخبط
” سألني قائد كشفي شاب ذات يوم قائلا: يا قائد.. متى سنأخذ فرصتنا؟؟، فقلت له:”لما يموت اللي راكب”، ضحكنا وسار في حال سبيله، وترتسم على وجهه علامات من الاحباط واليأس ممزوجة بامتعاض غير مريح.
ولطالما ألح علي هذا السؤال الذي طرحه القائد الشاب، متى سوف يأخذ القادة الشباب فرصتهم ليتصدروا المشهد الكشفي هنا وهناك، وأعود بالذاكرة كيف وقف قادتنا الأكارم رحمهم الله إلى جانبنا ليجعلونا نقف على أقدامنا، فأذكر موقف لي مع المرحوم أستاذي القائد جمال خشبة، أن اتصل بي ذات يوم هاتفياً وكنت في مدينتي بالمنصورة، وقال لي: يوم كذا هل لديك أي ارتباط، فقلت له لا فأنا في أجازة من العمل، فقال: إذن تذهب إلى الاسكندرية في مخيم أبو قير فهناك دراسة للشارة الخشبية الجوية على مستوى الجمهورية، وأريدك أن تتولى قيادتها كان من المفروض أن يقودها المرحوم/ محمود فودة، ولكن حدث له ظرف طارئ، وقررنا أن تتولى أنت قيادتها، فقلت له: يا أستاذ جمال، الاسكندرية فيها أساتذة وقادة لنا وفيهم البركة، فكيف أكون قائدا عليهم في الدراسة، فقال: أعلم ذلك، فقلت له: أود أن أشير إلى أنني لازلت مساعد قائد تدريب، ولم تصدر إجازتي كقائد تدريب، فقال: أعلم ذلك، فقلت له:… ولم أكمل كلامي، فقال لي: “يا ابني إن لم تمارسوا القيادة ونحن أحياء، وتخطئون ونصلح لكم إلى أن تقفوا على أقدامكم، فبعد أن نموت وتخطئون فمن سيصلح لكم إن أخطأتم…”، ثم قال بصوت مرتفع آمراً: “تفضل روح قود الدراسة” وأقفل الخط.!
3- العازفون: وهم فئة لديهم قيم الكشفية الحقيقية، ولديهم الخبرة والمهارة، ولكنهم في ظل ما يرونه على ساحة الكشافة من صراعات وخلل فضلوا النأي بأنفسهم عن هذا المعترك احتراما لتاريخهم ولأنفسهم، وتركوا الساحة للوغش.
4- الافتراضيون: وهم فئة من القادة صنعوا أنفسهم في الواقع الافتراضي الذي تتيحه وسائط التواصل الاجتماعي، ولأنه عالم افتراضي، فمن السهل أن يخدع فيه الجميع، وأصبحنا نسمع عن ألقاب ما أنزل الله بها من سلطان مثل: بادن باول كذا…، وعميد كذا…، وأبو كذا…، والقائد الكبير كذا..، وعندما نبحث عن هؤلاء في أغلبهم في واقعنا الكشفي، لا تجد لهم واقعاً حقيقياً ولا أثراً ولا مكانة، إنما هم كائنات طفيلية، لم تجد مكانتها الواقعية في جمعياتها، فلجأت للعالم الافتراضي عبر الانترنت، ولا ألومهم، لأنهم لم يجدوا فرصهم الحقيقية التي سلبها منهم المتمترسون في الجمعيات.
ووسط هذا الموج من التناقضات التي تشهدها الكشفية في الجمعيات المختلفة، يولد جيل جديد من شباب الكشافة، متطلع للقيادة، لديه مهارات العصر وتكنولوجيا العصر، ولديه طموح التقدم، ورغبة إعادة البناء، جيل شفاف نقي، لكنه جيل متخبط تائه في ما يراه من صراعات، ولا يجد من يأخذ بيديه أو يوجهه أو يرشده، أو يمكنه، أو يعطيه الفرصة ليبدع ويبتكر وينوا نموا طبيعيا في حاضنة الكشافة ويترقى في تسلسلها القيادي إلى أن يصبح حيث أراد، جيل تائه متخبط بين المتسلقين والمتسلطين على حركتنا الكشفية، فيا سادة يا كرام .. اغفروا لي قسوتي.. واسمعوا لصرختي.. قبل أن يفوت الأوان…
( القائد هشام عبد السلام موسى من المكتب الكشفي العربي بتصرف)
تعقيب
انا اقول بصفتي الكشفية اولاً والقيادية الكشفية ثانياً عن هذا المقال انني اتبنى كل كلمة وردت فيه موجهاً نصحاً للمتهافتين على المكسب بدءاً من لبس فولار الشارة الخشبية وانتهاء بقائد تدريب مشدداً ان الكشفية هي خدمة وان درجاتها هي من اجل رفعة هذه الخدمة لأجل الأجيال الكشفية الصاعدة لخدمة الوطن والحركة الكشفية…
هذا القائد الاخلاقي كان من القادة الذين دربوني واختبروني في دراستي الكشفية ” مساعد قائد تدريب عام 1994 في عُمان”، ولمست فيه الحب الشديد للقادة الصاعدين وكنت منهم وهكذا كان بقية القادة في الدراسة، والحال ذاته في دراسة قادة التدريب التي اجتزتها بنجاح في الخرطوم بالسودان عام 2000 ولمست من كل القادة المدرسين علينا نحن القادة الدارسين الحب والتفاني للعطاء، وترك البصمة في ذواتنا فنقلنا هذا الحب والتفاني الذي تحدث عنه القائد هشام عما فعله به القائد جمال خشبة الى كل من تخرج على ايدينا سواء في الحركة الكشفية السورية، او في الحركة الكشفية الكنسية التي كانت بقيادتنا، لم نبخل عليهم لا بالمعلومة والرعاية ولا بالدفع للمشاركة في دورات الدراسة ولا بالحب والعطاء ونكران الذات…
لذلك هذا هو السبب الذي دفعني الى نشر هذا المقال في موقعي اشعاراً مني بتبنيه…
اشكر كاتبه و”صفحات من مذكرات كشاف” بادارة القائد الاستاذ الصديق زهير شيخ تراب التي نشرته.
القائد د.جوزيف زيتون
(قائد تدريب كشفي)
اترك تعليقاً