مدخل في المسيحية والطب
العلاقة بين المسيحية والطب تعود إلى عصور المسيحية المبكرة إذ كان للمفاهيم المسيحية من الرعاية ومساعدة المرضى دور في تطوير الأخلاق الطبية. أنشأت الكنيسة في الامبراطورية الرومانية الشرقية تمشيا مع تعليم معلمي المسكونة وخاصة القديس باسيليوس الكبير بانشاء الباسيليات وهي مستشفيات كان يمارس فيها العلاج لسكان الامبراطورية الرومانية وقد انتقل نظام المستشفيات في أوربة في العصور الوسطى والتي تطورت بشكل كبير على أساس دور الرعاية الرومانية الفاليتوديناريا. وقامت الكنيسة بإنشاء المستشفيات لتلبية “احتياجات الفئات الاجتماعية المهمشة بسبب الفقر والمرض والسن”، وفقاً لمؤرخ المستشفيات غونتر ريس.
تعدّ الكنيسة في العصر الحديث أكبر مزود غير حكومي للرعاية الصحية في العالم. في عام 2010 أعلن الفاتيكان أن الكنيسة تدير 26% من مرافق الرعاية الصحيّة في العالم، والتي تشمل شبكة واسعة من المستشفيات والعيادات ودور الأيتام والصيدليات ومراكز لمعالجة ذوي الجذام. العديد من المؤسسات البابوية كانت مسؤولة عن تأسيس وتشغيل شبكات واسعة من المستشفيات في مختلف أنحاء العالم والتي لها دور في تقّدم الأبحاث الطبيّة. ومثلها في اليونان وروسيا ورومانيا وجورجيا وبطريركية انطاكية من خلال مستشفى الروم الشهير ببيروت وغيره في كل الابرشيات كمستشفى الروم الدمشقي وقد استمر الى اواخر العقد الرابع من القرن 20 وتوقف لانعدام التمويل وتعثر الحالة الاقتصادية للصرح البطريركي بدمشق وحل محله المستوصف الخيري عام 1944 وكان اول مستستوصف خيري شبه مجاني في دمشق كلها وفي الجانب المسيحي الدمشقي على وجه الخصوص ولايزال يمارس هذا الدور لكل المواطنين بغض النظر عن الدين والمذهب… ونؤكد هنا ان هذه المستشفيات والمستوصفات التابعة للكنيسة الارثوذكسية الانطاكية أنشأتها الكنيسة والجمعيات الخيرية الارثوذكسية ولم تكن ذات صفة تبشيرية وافدة من الخارج ولم تكن وسيلة لاقتناص ابناء الكنائس الاخرى بل هي عمليا وطنية بامتياز وتتعامل مع الجميع بخيرية واشبه بالمجان وبالمجان للفقراء ومن كل الاطياف الدينية والمذهبية…
ساهم العديد من كل من رجال الدين والعلمانيين المسيحيين في المجال الطبي وكان لهم دورًا رائدًا في تطوير الطب الحديث، وقد ترك العدد منهم بصمة هامة في تاريخ الطب، كما ذكر كتاب ذكرى 100 عام لجائزة نوبل أنَّ حوالي (62%) من مجمل الحاصلين على جوائز نوبل في الطب بين عام 1901 وعام 2000 من المسيحيين.
فالكنيسة، ومنذ العصور القديمة، شاركت بشكل كبير في دراسة وتوفير الأدوية، وأهتم المسيحيون الأوائل في رعاية المرضى والعجزة، وعمل الكثير من الكهنة أيضًا في كثير من الأحيان كأطباء. أعطى تركيز المسيحية على العمل الخيري إلى تطوير منهجية التمريض والمستشفيات وذلك في وقت مبكر من انتهاء اضطهاد المسيحيين.
قاد إعلان المسيحية كديانة رسمية في الإمبراطورية الرومانية من قبل قسطنطين الكبير إلى التوسع في توفير الخدمات والرعاية الاجتماعية. بعد مجمع نيقية في عام 325 مسيحية تم بناء في كل مدينة مستشفى قرب الكاتدرائية. ومن أوائل المستشفيات التي اقيمت كانت من قبل الطبيب القديس سامبسون في القسطنطينية، وباسيليوس الكبير أسقف قيصرية . وقد بنى باسيليوس مدينة دعيت “بباسيلاس”، وهي مدينة شملت مساكن للأطباء والممرضين ومبان منفصلة لفئات مختلفة من المرضى. وكان هناك قسم منفصل لمرضى الجذام. بعض المستشفيات حوت على مكتبات وبرامج تدريب، وجمع الأطباء دراستهم الطبية والدوائية في مخطوطات حفظت في مكتباتها. وبالتالي ظهرت الرعاية الطبية للمرضى في معنى ما نعتبره اليوم المستشفى، وكان تقودها الكنيسة الأرثوذكسية والاختراعات والابتكارات الرومية واعمال الرحمة المسيحية.
خلال هذه الفترة ظهر عدد من القديسيين ممن ارتبطت أسماءهم بالطب مثل القديسين قوزما ودميانوس شفيعيّ الأطباء والقديس فيتوس ونقولاوس وكانوا أيضًا أطباء. وكان لبعض من آباء الكنيسة وملفانتها مساهمة ملحظوظة في العلوم الطبية يذكر منهم ترتليان، إكليمندس الإسكندري، القديس إيزيدور من إشبيلية والقديس بندكت النيرسي الذي أكدّ على أهمية الطب كوسيلة مساعدة لتوفير الضيافة.
العصور الوسطى
خلال العصور الوسطى حافظت الكنيسة على المخطوطات الطبية الكلاسيكية، وتحولت أديرة العصور الوسطى إلى مستشفيات ومراكز صحية. كان الأطباء والممرضات في هذه المؤسسات الرهبانيات والجماعات الدينية إضافة إلى كونهم أطباء، وتخصصت عدد من المؤسسات والرهبانيات الكنيسة في العمل في المجال الطبي والرعاية الصحية، وسمحت الكنيسة الرومانية ابتدءًا من عصر النهضة بالتشريح في الجامعات لأغراض تعليمية. واقامت أيضًا عدد من المشتشفيات التي أوت المرضى، بعضها كانت قرب أماكن الحج. خلال حروب الفرنجة ظهرت فرق عسكرية كانت اشبه بهيئة خيرية هدفها رعاية الحجاج المسيحيين، وبنت عدد من المستشفيات ومن هذه الفرق فرسان القديس يوحنا وفرسان الهيكل.
تطورت الأديرة في العصور الوسطى لتصبح ليس فقط مراكز روحية بل أيضًا مراكز للتعليم وممارسة الطب. أماكن الأديرة كانت منعزلة كما كانت مصممة لتكون مكتفية ذاتيا. مما تطلب من سكان الدير لأن ينتجوا طعامهم الخاص وأيضا المحافظة على صحتهم. قبل تطور وظهور المستشفيات، كان الناس من المدن المحيطة ينظرون للأديرة باعتبارها مكانُا لمساعدة مرضاهم. مزيج من الشفاء الروحي والطبيعي كان يتم استخدامه لعلاج المرضى. أدوية عشبية مع الصلوات وبعض الترانيم الدينية كان يتم استخدامهم من قبل القسيسين والرهبان في الدير. كانت الأعشاب بالنسبة للقسيسين والرهبان خلق الله للمساعدة الطبيعية ولتساعد في الشفاء الروحي للشخص المريض. الطب في الأديرة كان يركز على مساعدة المريض ليعود إلى حالته الطبيعية. كان التركيز ينصب على القدرة على معرفة الأعراض والعلاج. في بعض الحالات ملاحظة الأعراض قادت رجال الدين في الأديرة إلى القدرة على تحقيق واجباتهم لله عن طريق الاعتناء بكل خلقه.
ومنذ بدء الحملات التبشيرية الرومانية ورهبناتها الى مشرقنا دائرة الكرسي الانطاكي المقدس والكرسي الاورشليمي ومحاولتها التي كانت قد فشلت في حروب الفرنجة اتخذت اشكال جديدة كان منها الطب والصيدلة في منطقة تعيش حالة انحطاط في عهد الاحتلال العثماني
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
Beta feature
اترك تعليقاً