تقاليد وعادات عيد الفصح في امسها البعيد…

تقاليد وعادات عيد الفصح في امسها البعيد…

قيامة الرب يسوع

تقاليد وعادات عيد الفصح في امسها البعيد…

تقاليد وعادات عيد الفصح في امسها البعيد…

كان يوم ولاكعك  لم تكن فيه بهجة العيد، بل حنين الى العيد. وكان يوم لم يكن فيه بيض مسلوق ولامعمول ولاكعك ولا اشكال من الشوكولا والسكر توزع على الاطفال.

فزلكة…

في العالم الفارسي القديم كانت آلهة النور تصارع قوى الظلام. في مغاور الشرق القديم وفي كهوفه حيث كان الهاربون المضطهدون يحلمون بالحرية في العالم الروماني المترامي الاطراف حيث كان الأرقاء والبائسون يحنون الى الخلاص، في العالم العبري البعيد في التاريخ ، كيف كان الناس يقيمون الوليمة الفصحية . وليمة العبور من عبودية فرعون هناك في ذاك الامس البعيد كانت نواة العيد في تقاليده. من تلك العوالم القديمة. انسابت مجار عكرة تجمعت في المسيحية الى جدول ماء هادىء بهج هو.. العيد…

– الكعك والمعمول

ان العشاء الذي كان يسبق فصح اليهود كان عادة مؤلفاً من مزيج يدعى “الشاروشيت” وهو عجينة من التفاح والبلح والرمان والجوز ترمز الى الِلبْنِ الذي كان بنو اسرائيل يصنعون منه حجارة بناء في ارض مصر اذ كانوا بعد تحت عبودية فرعون. ثم هنالك أيضاً طبق من الأعشاب  البرية على شيء من المرارة كالهندباء، مسلوقة وممزوجة بخل. وهذه ترمز الى مرارة العبودية، تؤكل بخبز الفطير بعد أن تُغمس بالشاروشيت. هذه هي هي اللقمة التي غمسها يسوع وأعطاها ليهوذا (يوحنا 266:3)

من هنا أساس الكعك والمعمول التي نتناولها في عيد الفصح.

الفصح عيد مصالحة وفرح: وهذا الكعك الذي اشرنا اليه بالشاروشيت كان يقدم ويؤكل رمزاً للمصالحة أيام ” الفرح في اسرائيل” ( انظر في ذلك صموئيل الأول 18:65 وأخبار الأيام الأول 40:12).

ويذكر سفر صموئيل قصة رجل مصري صادفه الملك داود في الحقل اذ كانوا في احدى حروبهم في جنوبي يهوذا. ويقول لنا النص الكتابي أن الرجال” أخذوه الى داود وأعطوه خبزاً فأكل وسقوه ماء وأعطوه قرصاً من الشيروشيت وعنقودين من الزبيب فأكل ورجعت روحه اليه لأنه لم يأكل خبزاً ولا شرب ماء في ثلاثة أيام وثلاث ليال”. (صموئيل الأول 30-13:12).الكعك  يصنع على شكل التاج: والذي يرمز إلى تاج الشوك الذي وضع على رأس السيدله المجد، ويرمز النقش على الكعك والمعمول الى الشوك…

المعمول وهو يرمز إلى الإسفنجة التي سقوا بواسطتها المسيح المصلوب على الصليب ماء ممزوجا بالخل. (وهناك من يقول بأنه يرمز إلى الصخرة التي وضع عليها الصليب).

وقبيل القرن الثلث المسيحي نجد الكعك والمعمول شائعين في الأوساط المسيحية ختماً لفترة الصوم التي كانت تسبق عيد الفصح. لعل في هذا صدى لما ورد في سفر صموئيل. ولابد أن هذه الحلوى اكتسبت شكلها النهائي والذي نعرفه اليوم آنذاك، ونحن حتى اليوم نستخدم في صنعها التمر(العجوة) والجوز والسميد والسمن ونخبزها خبز فطير من دون ان نستخدم الخميرة فيها، ونضيف اليها ماء الزهر وماء الورد رمزاً الى الطيوب التي اتت بها النساء فجر القيامة ليطيبن جسد المخلص فيه.

– البيض المسلوق والحلويات

أما البيض المسلوق والملون فمن اين أتينا به؟  البيض المسلوق الملوّن وهو يرمز إلى القيامة… والأصل ان يكون باللون الأحمر فقط وقصة ذلك كمايلي

يذكر التقليد أن القديسة مريم المجدلية ذهبت إلى  طيباريوس قيصر في روما احتجاجا على صلب المسيح، وقامت بشرح قصة محاكمة المسيح وصلبه وقيامته، إلا أن القيصر لم يصدقها و طلب برهاناً قائلاً: لو تحول لون البيض إلى أحمر سأصدق أن المسيح قام من الأموات، عندها أمسكت مريم بيضة وقالت: المسيح قام، فتحول لون البيض إلى أحمر. ليصبح هذا التقليد بصبغ البيض على الفصح تأكيداً على قيامة المسيح. لم يكن اختيار هذا الرمز عبثياً لما تحمله البيضة من رموز بعث الحياة والولادة.

كما أن الفصح يأتي بعدالصوم الكبير في المسيحية، وبما أن الدجاج يتابع وضع البيض أثناء الصيام، كان من الواجب أن يتمّ حفظ ذلك البيض لأطول مدّة ممكنة، عن طريق سَلقه ثم تلوينه وتبادله وقت العيد.

يعرف عيد الفصح في التراث الشعبي في بلادنا بـ “عيد فقاس البيض”- كلمة “فقاس” معناها التفقيس أي خروج الصوص من البيضة.

من هنا، هذا العيد في التراث والتقاليد الشعبية، هو عيد خروج الصيصان من البيض. ترمز البيضة إلى القبر (هناك من يرى وجود شبه بين قبر السيد له المجد والبيضة التي تكون جمادا بلا حياة ويخرج منها الفرخ). وتكسير البيضة يرمز إلى قيامة الرب يسوع له المجد من القبر.

لا تعتبر عادة صبغ البيض و إهدائه في عيد الفصح من التقاليد المسيحية فقط، بل هي عادة موغلة في القدم و ربما يرجع تاريخها إلى الفينيقيين الذين كانوا يعبدون الخالق الذي كانت البيضة رمزا له، إذ كانوا يعتقدون أن الليل هو أول الكائنات و قد تمخض مرة فولد بيضة ومن هذه البيضة انبثقت سائر الكائنات. وساد هذا الاعتقاد كثيراً بين الأمم والشعوب القديمة.

نجد هذه العادة منتشرة في العالم الروماني القديم اذ كان الناس يتبادلون البيض المسلوق والملون في عيد كان يدعى باسبوع الزحليات.

كانت الزحليات أعياداً متتالية تقام احتفاء بذكرى العصر الذهبي لحكم الاله زحل على الأرض. وكان زحل اله الزمن. وكان اله الزرع والخصب يحتفل الفلاح بعيده عند الانتهاء من اعماله الزراعية في الخريف والربيع. والبيض عند عدد من الشعوب القديمة وفي رأس السنة السورية كان يرمز الى اله الخصب. وأما اتباع مترا في الاديان الفارسية القديمة الذي نقلته جحافل جيوش روما معها من الشرق، فكانوا يقولون بأن الكرة الأرضية ولدت من بيضة كبيرة أخصبتها حرارة نور الاله مترا وهو اله النور والحق والعدل.

ولم يكن اسبوع الزحليات عيداً واحداً بل كان اعياداً متتالية. وقبيل آخر الأسبوع ، كان الرومان يحتفون  بيوم أصبح يعرف فيما بعد بعيد الدمى أو سيجلاريا “، وهي لفظة لاتينية معناها “الختم” (ومنها اللفظة العربية سجل) ، ثم أصبحوا يطلقونها على الدمى الخزفية التي كانوا يطبعون عليها مختلف الهيئات واللوان. وكان صناع الدمى يقيمون معرضاً يبيعون فيه الدمى هدايا للأولاد.

يقول لنا بعض علماء الاجتماع أن هذه الدمى بديل عن الذبائح البشرية في الديانات القديمة. ولكن قبيل نشوء المسيحية أصبحت هذه الدمى رمز المحبة والإخاء والمصالحة، وابدلت المادة الخزفية التي كانت تصنع منها بالسكر فأصبحت قطعاً من الحلوى تباع للأولاد.

وأما المسيحيون الأوائل فكانوا ينظرون إلى بيضة عيد الفصح كرمز لقيامة المسيح حيا ًمن القبر كما يخرج كائن حي من البيضة المغلقة. و قد أخذ المسيحيون يحملون معهم البيض إلى الكنائس ليباركها الكهنة ثم يوزعونها على أفراد أسرتهم. ولا تزال عادة مباركة البيض هذه قائمة في بعض الكنائس الشرقية حتى الآن و كذلك تبادل المعايدة و التهنئة بمناسبة عيد الفصح و إعداد البيض و نقش البيض المسلوق عادة لا تزال متبعة فى جميع البلاد المسيحية تقريبا. ففي بلجيكا على سبيل المثال يفقسون البيض أثناء معايدة بعضهم البعض صباح يوم السبت المقدس الذي يعرف بسبت النور.وفي قرى الالزاس و اللورين في فرنسا ما زالت عادة إهداء الخبز و الحليب و البيض المسلوق متبعة في عيد الفصح. وقد جرت العادة على أن يخفي الأهل عن أولادهم هذه الهدايا صباح يوم العيد ثم يقولون لهم بلهجة جدية “الأرنب جاء ليلاً و سرقها فما عليكم سوى اكتشافها.”

أما في روسيا فكان عيد الفصح يعد في عهد القياصرة عيداً وطنياً، فكنت ترى الناس يحملون البيض في الشوارع و يحيون بعضهم بعضاً قائلين (المسيح قام) فيجاب عليهم بعبارة (حقاً قام). وهذا تقليد لا يزال يتبع في سورية ولبنان والمشرق العربي.

وفي بولونيا هناك عادة عجيبة تقضي بأن يقدموا لكل غريب يدخل منازلهم بيضة مسلوقة شريطة أن يقوموا بأكل نصفها وإعطاء النصف الآخر للضيف في إشارة إلى توثيق العلاقة الأخوية بينهم وبين ضيفهم!

وفي الولايات المتحدة، فإن الناس على اختلاف أجناسهم يعايدون بعضهم بعضاً بفقس البيض.

أما البيضة المصنوعة من الشوكولاته التي نراها اليوم فقد بدأ الغربيون باستعمالها في فجر القرن التاسع عشر. وفي أماكن كثيرة من فرنسا تقوم جوقة من الشباب المغنين والمغنيات حاملة الآلات الموسيقية المختلفة بجولات إلى المنازل والقرى ليلة عيد الفصح وينشدون أناشيد الآلام ويمن الشعب على مثل هذه الجوقات ببعض الهدايا على سبيل المعايدة.

موقف الكنيسة الرسمي

موقف الكنيسة الرسمي من هذه العادات الوثنية لم يكن موقف تذبذب أو اقتباس كما خيل لبعض أبنائها ولجميع خصومها. لدينا من الأدلة التاريخية مايثبت نقيضه. فانها حرصت أن يكون هناك تباين ظاهر واختلاف واضح بين أعيادها وأعياد الوثنيين.

في رسائل بولس مثلاً نقرأ  مرة تلو الأخرى:”انتم تعلمون أنكم كنتم أمماً منقادين الى الاوثان اليكم…أية موافقة لهيكل الله مع الأوثان … رجعتم الى الله من الأوثان لتعبدوا الله الحي الحقيقي”(كورنثوس الأولى 2:12، والثانية 16:6، وتسالونيكي الأولى 9:1).

كلمة ختام

كان لا بد للمسيحية في بعدها التاريخي الاجتماعي من تماس واليهودية والوثنية. والعادات الاجتماعية عوالم انسانية لم تلغِها المسيحية بل عمدتها ونقتها (جعلتها نقية).

هاجس المسيحية الأساس كان أن تغلف كل شيءٍ بالمسيح فيصبح به كل شيء جديداً.

 

  • Beta

Beta feature

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *