ولد الأستاذ خالد الأسعد بتاريخ 11 ايلول 1933م بالقرب من معبد بل، العابق برائحة التاريخ وذكريات ملكة الشرق، عاش مع أسرة متآلفة محبة للعمل المشترك والروح الجماعية.
هو أب لستة أولاد وخمس بنات، ربتهم أم سورية صالحة أحسن تربية، تربطه مع أولاده علاقة صداقة واحترام، في أسرة يسودها الحب والتفاهم والوئام والاعتماد على النفس .
درس المرحلة الابتدائية في تدمر ثم انتقل لمتابعة دراسته بدمشق بتفوق، ولطالما روى ذكرياته عن طريق السفر الترابي ما بين تدمر ودمشق التي تزيد عن عشر ساعات بواسطة الشاحنات.
درس في جامعة دمشق و حصل على إجازة بالتاريخ، ثم على دبلوم التربية، لكن رائحة وعبق التاريخ جذباه للعودة للعمل بالآثار منذ عام 1962م كرئيس الدراسات والتنقيب في مديرية الآثار بدمشق، ثم في قصر العظم حتى نهاية عام 1963م.
يعود الفضل لخالد الأسعد بتطوير المؤسسة الأثرية بتدمر على كافة الأصعدة، وعمل على جذب اهتمام البعثات السياحية من داخل سورية وخارجها، وتنظيم حملات تعريفية بهذه المدينة وتبيان قيمتها الحضارية والثقافية والتاريخية. وعلى يده بلغ الدعم المادي والمالي أوجه لتحسين تدمر وترميم الآثار دورياً، وتشكيل لجان للحفاظ عليها. والذي كان اهتمامه بحماية المواقع الأثرية والحفاظ عليها، نابعاً من قناعته باعتبارها كنزاً حقيقيا ً جميلاً. نشر تاريخ تدمر ومكتشفاتها، وشارك بعدة معارض دولية وندوات أثرية بكل اللغات، فأصبحت تدمر محطة أثرية هامّة معروفة عربياً وعالمياً ومقصدا سياحيّاً هامّاً.
إنّ خالد الأسعد لهو أكبر من مجرد عالم آثار وباحث تاريخيّ. ففي عام 1988، عثر على منحوتة حسناء تدمر، والتي صُنفت وفق المعايير الأثرية العالمية بأنها من أروع المنحوتات و أكثرها جمالا على الإطلاق. وكذلك عثر على مدفن أسرة بولحا بن نبو شوري، ومدفن أسرة زبد عته، ومدفن بورفا وبولحا، ومدفن طيبول. كما أشرف على ترميم بيت الضيافة عام 1991، وشارك بإعادة بناء اكثر من 400 عمود كاملاً من أروقة الشارع الطويل ومعبد بعلشمين ومعبد اللات وأعمدة ومنصة وأدراج المسرح، وكذلك الأعمدة التذكارية الخمسة المعروفة، إضافة لإعادة بناء المصلبة وأعمدتها الستة عشرة الغرانيتية لمدخل حمامات زنوبيا، ومحراب بعلشمين، وجدران وواجهات السور الشمالي للمدينة، وترميم أجزاء كبيرة من أسوار وقاعات وأبراج، وممرات القلعة العربية (قلعة فخر الدين) وتركيب جسر معدني فوق خندقها، ثم ترميم الأسوار الخارجية والأبراج في قصر الحير الشرقي، وإعادة بناء 20 عمود مع تيجانها في جامع هشام، إضافة لبناء بيت الضيافة في الموقع عام 1966، وقام بربط الموقع بطريق اسفلتي معبدة عام 2000.
وإن من أعظم ما قام به هو ترجمته للنصوص والمخطوطات المكتوبة باللغة الآرامية التدمرية القديمة. وعمده على نشرها بكافة اللغات وتقديمها بكافة المحافل والمؤتمرات والندوات التي قد شارك بها للتعريف بهذه المدينة العظيمة.
– الأعمال التي قام بها
• 1961-1963: رئيس دائرة الحفريات في المديرية العامة للآثار والمتاحف.
• 1963-2003: مدير آثار تدمر في المديرية العامة للآثار والمتاحف، وأمين متحف تدمر الوطني، مدير البعثة الوطنية للتنقيب والترميم في تدمر وباديتها.
• كان رئيساً أو مشاركاً في بعثات التنقيب والترميم العاملة بتدمر وبعثات أجنبية ووطنية ومشتركة، كالمشروع الإنمائي التدمري خلال الفترة 1962-1966، حيث اكتشف القسم الأكبر من الشارع الطويل وساحة الصلبة (التترابيل) وبعض المدافن والمغائر والمقبرة البيزنطية في حديقة متحف تدمر واكتشاف مدفن بريكي بن أمريشا (عضو مجلس الشيوخ التدمري).
• وحتى 2003: مدير الجانب السوري في جميع البعثات السورية والأجنبية المشتركة العاملة في تدمر (السويسرية – الأمريكية – البولونية – الفرنسية – الألمانية).
– عملهُ في المؤسسات الدولية أو الإقليمية أو العربية:
• خبير وطني لتطوير السياحة الثقافية، برنامج CDTP للتطوير الأثري في موقع تدمر، في مشروع مشترك بين المديرية العامة للآثار والمتاحف ووزارة السياحة واليونيسكو، بتمويل من الاتحاد الاوروبي.
• خبير وطني، برنامج الإدارة المحلية MAM، في مشروع مشترك بين المديرية العامة للآثار والمتاحف ووزارة الإدارة المحلية والمفوضية الأوروبية.
• ومشاركته في العديد من معارض الآثار والندوات والمؤتمرات العلمية، في ايطاليا واليونان والنمسا والهند وإيران وبريطانيا.
إيطاليا تحتفي بالعالم التدمري الشهيد خالد الأسعد
لم تُغلَق صفحة عالم الآثار السوري خالد الأسعد (1934 – 2015) على فيسبوك بعد إعدامه على يد تنظيم ” داعش ” الإرهابي بعد أن رفض ترك مدينته تدمر وآثر البقاء فيها، وإنّما بقي القائمون عليها ينقلون فيها ما يستجد، مُترجمين بعض المقالات التي كُتبت عنه في الإنجليزية والفرنسية.
وبحسب ما نقلت الصفحة الأسبوع الماضي في مقال تحت كلمة ” شكراً ” بالإيطالية (Grazie)، نقلت الصفحة خبر تكريم عالم الآثار الأسعد، وقيام الحكومة الايطالية بتدشين منطقة أثرية أُعيد تأهيلها في مدينة بيزا، ومنح إحدى ساحتها اسم “خالد الأسعد”.
ساحة Arsenali_della_Repubblica كانت مكاناً لصناعة وإصلاح سفن أسطول مدينة بيزا التي كانت إمبراطورية تجارية بحرية في العصور الوسطى، وقد كلف مشروع إعادة تأهيل الساحة ملايين اليوروهات، واستمرت أعمال الترميم 3 سنوات قررت بعدها السلطات الايطالية تسميتها رسمياً باسم الأسعد.
وفي حفل التدشين، قال الرئيس الإيطالي سيرجو ماتاريلا “لقد حاول خالد الأسعد حفظ التراث الثقافي الثمين، وفعل ذلك رغم علمه بما يحمله ذلك من خطر على حياته”.
يُذكر أنّه حين قضى الأسعد، في 20 آب الماضي، نكّست متاحف إيطاليا أعلامها حداداً، وبعد استشهاده، قام تنظيم “داعش” الإرهابي بتفجير معبدي “بعل” و”بل”، و قوس_النصر الأثري في مدينة تدمر.
– أبحاثه
كان لخالد الأسعد عدّة إسهامات حضارية وثقافية، وعمل الكثير من الأبحاث والدراسات نُشر معظمها بخمس لغات حيّة وربما أكثر. وهذا عرض لأبرزها :
• “مرحباً بكم في تدمر- الدليل السياحي الأول عن تدمر”، مع عبيد طه، نُشر بخمس لغات، 1966.
• “قصر الحير الشرقي: مدينة في الصحراء”، بالانكليزية بالتعاون مع البعثة الأمريكية في تدمر وجامعة ميتشيغان، 1978.
• “تدمر أثرياً وتاريخياً وسياحياً”، مع الدكتور عدنان البني، نُشر بست لغات، 1984. “المدفن رقم 36″، بالتعاون مع أندرياس شميدت كولينيه من البعثة الألمانية في تدمر وجامعة فيينا، باللغة الألمانية، 1994.
• “سورية في العهد البيزنطي والإسلامي”، مشاركة في الإعداد، صدر بالألمانية في كل من ألمانيا والنمسا، 1993.
• “المنحوتات التدمرية”، بالمشاركة مع آنا سادورسكا وعدنان البني بالتعاون مع البعثة البولونية، باللغة الفرنيسة، 1994.
• “الكتابات التدمرية واليونانية واللاتينية في متحف تدمر”، بالمشاركة مع ميشال غافليكوفسكي، باللغة الانكليزية، 1997
• “دراسة أقمشة المحنطات والمقالع التدمرية”، بالمشاركة مع أندرياس شميدت كولينيه، باللغة الألمانية، 2000.
• “أهم الكتابات التدمرية في تدمر والعالم”، بالمشاركة مع جان بابتيست يون، باللغة الفرنسية، 2001.
• “آغورا تدمر”، بالمشاركة مع جاكلين دنزر وكريتيان دلبلاس، باللغة الفرنسية، 2005.
• “زنوبيا ملكة تدمر والشرق”، بالمشاركة مع أوفه ويدبرغ هانس، باللغا العربية والفرنسية والإنكليزية، 2006.
• مخطوط قبائل البدو في منطقة تدمر، 1966.
• مخطوط النبات والبدو في قصر الحير الشرقي، 1966.
• مشاركة في الموسوعة الجغرافية السورية “تدمر وباديتها “، 1995.
• مشاركة في الموسوعة العربية السورية “أفقا تدمر”، 1999.
• مخطوط كيف تتعلم الكتابة التدمرية والآرامية، كان قيد الإنجاز قبل وفاته.
– مقالاته المنشورة:
• مجموعة دراسات وأبحاث أثرية وتاريخية حول تدمر وآثارها والمكتشفات الأثرية فيها، نشرها في عدة أعداد من مجلة الحوليات الأثرية السورية، في الأعوام 1965-2006.
• مجموعة دراسات تاريخية وفنية مقارنة في المعارض الآثار السورية حول العالم، تتعلق بالقطع الأثرية التدمرية المشاركة في معارض دولية، في بولونيا وفرنسا وإيطاليا واليونان واليابان، مابين 1975-2003.
– الجوائز التي حصدها خلال مسيرته المهنية:
• وسام الاستحقاق برتبة فارس من رئاسة الجمهورية الفرنسية.
• وسام الاستحقاق برتبة فارس من رئاسة جمهورية بولونيا.
• وسام الاستحقاق من رئاسة الجمهورية التونسية.
• وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة من رئاسة الجمهورية العربية السورية.
حتى الرمق الاخير .. بقي الأسعد مدافعاً عن محبوبته تدمر و ارتقى شهيدا في سبيل حماية كنوزها على يد تنظيم داعش الإرهابي في يوم الثلاثاء 18\8\2015 عن عمر قارب ال 82 عام قضاها في السعي لخدمة مدينته والنهوض باسمها
وقد اقامت المديرية العامة للاثار والمتاحف حفل تأبين في اربعينية الفقيد
وقامت ايضا بنشر كتاب عن السيرة الذاتية للفقيد بعنوان عاشق تدمر
كل الشكر للسيد طارق الاسعد على تعاونه وتزويده ايانا بالمعلومات اللازمة
اترك تعليقاً