الرئيس ترامب- يعلن، مع فكرة انسحاب قواته الاحتلالية من سورية، “أن الذهاب إلى الشرق الأوسط كان أسوأ قرار في تاريخ أمريكا”.
في الآونة ذاتها  عند اردوغان الطامع بحلب والشمال السوري والموصل العراقية تتضخم  «الأنا العثمانية كونه السلطان الحديث الذي يعيد الخلافة بسطوتها» -وهو الصبيّ والتابع-الذي اغتنم اللحظة  لحظة الانسحاب الأمريكي، وتخلّي واشنطن عن حليفها ميليشيا «قسد»  وبدأ عدوانه على سورية…

وعمليا اميركا تابعت في توظيف الحروب في سورية بدلا عنها، فكانت داعش اولاً ثم احتلالها غير الشرعي مع حلفها الغربي والعربي، ثم قسد…بالانسحاب الذي بدا مفاجئاً ظهر لأردوغان انها الحظة ليحتل في سورية ويقيم منطقة عازلة يوطن فيها ثلاثة ملايين ونصف من السوريين اللاجئين اعطاهم الجنسية التركية ليستفيد منهم في انتخاباته المقبلة وليكونا ورقة تفاوض على طاولة مناقشة مشروع الدستور، وفي مطلق الاحوال هي منطقة صارت تركيا يجب ان تضم الى تركيا.

طبعا ترامب بعدما باء مشروع بلاده بالفشل  حيث قال: ثمانية تريليونات دولار، كانت مجموع الإنفاق الأمريكي في الشرق الأوسط، حسب التوقيت اللحظي لآخر تغريداته.

الانسحاب الاميركي لم يكن مفاجئاً فترامب اعلن عنه  منذ كانون الثاني 2018 وخاصة بعد انكفاء داعش بانتصارات الجيش السوري وحلفائه في سورية وكذلك في العراق وامتداد محور المقاومة واتصال الجيشين السوري العراقي والحشد الشعبي على الحدود بالرغم من بقاء قاعدة التنف، وفتح معبر البوكمال بارادة سورية عراقية ايرانية روسية صينية فهويعني اعادة احياء طريق الحرير الموصل الى بكين لخدمة اقتصاديات هذه الدول مجتمعة…والاهم تلك المناورات الضخمة التي شاركت فيها القوات من سورية والعراق وايران وروسيا  مادفعت بترامب الى اعادة تفعيل عزمه على الانسحاب…
النظام التركي وبقرار الانسحاب الأمريكي تسلم ضوءًا أمريكياً أخضر للتخلص من ميليشيا «قسد».

مع الذرائع المعلنة من ترامب يتماهى اردوغان بالتحرّك العسكريّ والسياسيّ، ويمعن في احتلاله لأراض سورية وهو يحاكي ذرائع سيده الواهية أبداً في كلّ حرب حطّت فيها الرحال الأمريكية، رحال المستبد بلباس «الطيّب القادم إلى الشرق لتخليصه من الإرهاب»، بخطوة تجرّأت فيها على استنكار الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول المنطقة والعالم بشأن ما سمّته عملية «نبع السلام»، الهادفة -حسب العقل الأردوغاني المهزوز- إلى التخلّص مما يسميه «التهديد الكردي»، بينما تحور السياق العدواني للعملية اللاشرعية ليصير «حرباً على الإرهاب»، وليُظهر الوجه الحقيقي لأردوغان الكاذب والمنافق، الذي يعلن خطابياً أن «تحرّكه العسكري لايطمح من خلاله لامتلاك أراضٍ أو أملاك في أي دولة»، ويتعهد بأن «بلاده ستعمل على حماية المدنيين، وعدم إلحاق الضرر بأي منهم»!
بينما المشهد الميداني يكشف عورة المخطط التركي القائم على «استنبات حلم عثماني» بجيش من المرتزقة من سوريين ومن كل العالم وخاصة اتراك العالم، يتم زجّهم في العملية العدوانية التي ما اقتصرت على «نبع السلام»، بينما تركيا ومنذ قيام الحرب الكونية الارهابية على سورية، تسعى إلى تدميرها من خلال احتضانها الفصائل التكفيرية والعصابات الإرهابية المختلفة تحت مسميات «المعارضة»، وقد فتحت حدودها البريّة والبحريّة والجويّة لمئات آلاف الإرهابيين الأجانب منذ 2011 وحتى الآن.

واليوم ترسل  تركيا جيشها ومرتزقتها لاستكمال مخطّطها بتحرّكات بعيدة كل البعد عن تصريحات رئيسهم المنافق، فالتهجير والفرار والدمار للمدن والقرى هي المخرج الأساس لعملية «نبع السلام»!.. التي لم ولن تكون نيرانها ومرمى قذائفها «حمائم سلام» على آلاف المدنيين السوريين، كما حصل منذ بدء العدوان التركي اضافة الى تدمير البنى التحتية والجسور والوصول الى طريق الحسكة – حلب  وقضم مايمكن قضمه قبل وصول طلائع القوات السورية لفرض امر واقع يوضع على طاولة المفاوضات مع قضية اللاجئين الثلاثة ملايين ونصف المنوي توطينهم في هذه المنطقة التي تزيد مساختها عن عشرات آلاف الكيلو متراتمن سورية، والدولة السورية تعدّه عدواناً سافراً يستهدف سيادتها وأمنها وأمان مواطنيها، وستتصدى من أجل تحقيقه بكلِّ الوسائل لتحرير كل شبرٍ من أراضيها.
وعلى المجتمع الدولي عامةً الوقوف في وجه «الغزو» التركي، وعدم الاكتفاء بإدانته بأوجه خروقاته واعتداءاته على أراضي دولة ذات سيادة، فهذا تحدٍّ فاجر للقوانين والقرارات الدولية.
الحرب الكونية على سورية لم تنتهِ بعد، وعدوان تركيا الأخير سيشكّل منعطفاً إقليمياً ودولياً من الفوضى السياسية ذات المنشأ لقرارات أميركا المتهورة.

سورية تحترم وعودها على وعدها كما لم ترفع رايةً بيضاء في تاريخها قط… وقد تحرك الجيش السوري وبسط سيطرنه الكاملة على منبج والرقة ومطار الطبقة العسكري والطبقة وتل تمر ومحاقة الحسكة ودير الزور وحقول النفط والغاز وسد الفرات…وما استطاعت تحريره من هذه المنطقة الشاسعة بأقصى سرعة.

أرادت اميركا  وحلفها الغربي والعربي و136 دولة  هزيمتها  وتقسيمها والعبث باستقرارها وفرزها طوائف ومذاهب وإثنيّات لتحترب، فصارت كلمتها هي العليا وكلهم باتوا يبتلعون السمّ ويذهبون إلى ما أرادوه للشام، وهي شامخةٌ كالطود لا تهتزّ. لا بل وفق تقديرات الاستراتجيين العالميين وفي مقدمهم الاميركيين ان سورية هي التي بانتصارها ستتقسم تركيا في ذيول مئوية القرن بعد تقسيم سايكس بيكو.

سورية ليست رخوةً يمكن عصرها كما خيل اليهم، أو كعكة يمكنهم تفاسمها بالتقسيم واعادة العمران…  والقرد اوغان يحظى بالقطعة الاكبر …  في سورية فكما انكفأ الاحتلال الاميركي قبل ان يتمرغ انف رئيسه بوحولها  وتبعه الاحتلالان الفرنسي والانكليزي أصبحت ساحة تمريغ أنوفهم جميعاً بالأوحال…

لقد حاولوا تقسيمها من جنوبها وغربها توهّموا إقامة مناطق آمنة وشرائط حدودية لتحمي نظمهم الاغتصابية والمرتهبة المأزومة، فردّت بأن قطعت أذرعهم وأعادتهم يعانون من أمراض ومن رهاب ارتداد إرهابهم وعملائهم خناجر مسمومة في رقابهم. كحالة الهلع الصهيونية اليوم من جنوب لبنان والجولان مع المقاومة.

نشروا القواعد الأمريكية والأوروبية، وزجّوا بمئات الآلاف من شذّاذ الآفاق من كل أركان الدنيا فيها، فأعادتهم لهم وحوشاً منفردةً ومعهم اسرهم التي عاشت سفك الدماء بمن فيها زوجاتهم واصبحت حالة رهاب  تقضّ مضاجعهم وتؤزّم أوطانهم واتحاداتهم.

استمالوا ضعاف نفوس واشتروهم فكانوا معارضات طفيلية عاشت في فنادق الخمس نجوم،  كاباطرة بما منحوهم من دولارات، وهم وان باعوا الوطن، لكنهم كلهم  طُردوا منه، واليوم لاحول ولاقوة لهم لأن الاحتلال الاميركي ولى والاحتلال الداعشي والارهابي كاد ان يفنى والتركي سيهزم في سورية بعزيمة الجيش السوري والشعب الرافض لكل الاحتلالات وخاصة هذا المحتل البغيض ويخرج ذليلاً تساهم به انخفاض شعبية اردوغان  والاوضاع الاقتصادية الصعبة في تركيا…

والسعودية والعربان في حالة رعب وقد لحمسوا على ذقونهم وارتعبوا من تنامي القوة الايرانية وماقصف ارامكو الزلزالي وانتصارات الحوثيين في اليمن الا مؤشرعلى انهيار كل هذه المنظومة واذيالها ومرتزقتها من الخونة السوريين… وقد عرفوا من خلال تجربة قسد ان لا امان لاميركا وهي لاتتحالف بل توظف…

وظفت اميركا اولاً داعش فهزمت، ثم وظفت داعش الجديدة قسد الانفصالية وهاهي انهارت واحتمت بالجيش السوري وكانت متعنترة بعدما اغرتها اميركا بالانفصال والكيانية والسيطرة على ثروات المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية، فعاملتهم سورية بالحسنى وحتى مع بقية اولادها التي طعنوها في الظهر، واستمرت تتعامل مع أبنائها بصدرها المفتوح وتدعوهم للعودة الى حضنها الدافئ، ولم تتردد أو ترتهب وهاهي تحميهم بعدما طعنهم مشغلهم الاميركي، لتسود المقولة الحقة مع اميركا: “لاتحالفات مع اميركا، بل هي عقود تشغيل ب”شرط الاسد” اي “عقود اذعان”.

صحيح ان العربان في تكالبهم ضد سورية وبعدما قاطعوها سياسيا واقتصاديا وفرضوا العقوبات كما شاء معلمهم الاميركي بعقوباته الاحادية، وجمدوا عضويتها في الجامعة العربانية فقالت كلمتها: جامعتكم بلا روح وبلا عروبة، فبلا الشام أنتم مستعربون وخونة وطارئون. أما الشام فأبديةٌ كانت والى أبد الأزمنة باقية قلب العروبة وبيتها وأصبحت بجيشها الأسطوري قبضتها المرفوعة أبدا تخفق رايتها على ما خلقت لإنجازه ولن تتأخر عن مهمتها.

توهّم اردوغان  لصّ حلب أنّه قادرٌ على ليّ ذراعها والغدر بها ومنذ اللحظة الاولى وهو يردد بكل عنجهية ومنفخة انه سيدخل الى دمشق على حصان السلطان العثماني ويصلي في الجامع الاموي، فقالت له “أنت أزعر وليس من مكان للزعران واللصوص في زمن الشام الجاري…” والآتي أعظم…

تردد العربان في العودة الى قلب قلب العالم وحاضنتهم فلم تستعجلهم ولا طالبتهم بأن يعودوا، ورهانها إما تأتون إليّ صاغرين معتذرين أو تذهبون مع الريح غير مأسوفٍ على أحدٍ منكم، وأما أنا فباقيةٌ ما بقي الإنسان حيّاً وينبض…

بعد تحرير حلب وبعدما صرح كل الزعماء باسقاطه وذهابه ووضعوا السيناريهات لذهابه ولكنهم كلهم ذهبوا وبقي هو ليقول اما الحلبيين الصامدين بعد تحريرها حلب قال قائد الوطن بشار الاسد وهو القائد الإبداعي: “هنا ينتهي الزمن ويبدأ التاريخ”، وردّدها في الغوطة الشرقية أمام ضباطه وجنده، “كلّ مترٍ تتقدمون إليه تغيّرون في العالم وليس فقط في سورية والعرب”…

أزمنة سورية تسود كلما تفاعلت عبقريّاتها الثلاث: الجغرافيا والزمان والإنسان وتنضبط الأمم والقارات على عقاربها، ومن لا ينضبط سيأخذه الزمن إلى النسيان…

سورية كما خلقت تستمرّ وتعود ولّادةً وخلّاقةً وقائدةً واسمةً لكلّ جديد…

واليوم تنبئ أردوغان أنّهم ذهبوا جميعاً إلى الجحيم وبقي القائد وجاء دورك فارحل باكراً كي لا تأخذ تركيا إلى ما حاولته في سورية.

“من هنا عليك أن تبدأ بإعادة هيكلة أمريكا وطرد لصوصها ومن هنا عليك أن تعود بجيوشك وعساكرك فلا سلاحك فاعل ولا جندك مقاتلون وهذه أرض الرسالات والحضارات لا تقبل ضيماً أو احتلالا أو هزيمة، فارحل ولا بأس أن تأخذ معك كلّ أدوات وعملاء ونظم سايكس بيكو ووعد بلفور” هذا قول سورية لأميركا، وتجدد وعدها أن فلسطين جنوب سورية تبقى وتعود والقدس عربية وستكون …

رسالتها اليوم للمستعربين: “إن جئتم فأهلاً لكن لستم عندي كما كنتم، وإن لم تأتوا فخير على خير”. وهو ماقالته للعربان…

ولكل من تورط فيها فعلى وعدها هزمتهم ولن تقوم لهم بعد اليوم قائمة..

هكذا نقول للزمان قف وانعطف، فمن دمشق الباديات وفيها تعود الأزمنة جارية على هواها كقصة الخلق، وإليها يعود الزمن، فكل الجداول تصبّ في بردى ليرقص قاسيون مزهوّاً برجاله الأساطير وبشعبه الأبديّ واليوم الى الفرات فالى الفرات خذوني معكم فمن حقي ان اغسل وجهي بمياهه كما فعلت من عمري بمياه بردى والفيجة..

سورية تنتصر وتنسج أسطورتها من جديد فاليها العودة ايها الزمن…