ذكرى الهروب إلى مصر

ذكرى الهروب إلى مصر

ذكرى الهروب إلى مصر

 

وشاء هيرودوس الملك أن يفتك بالطفل يسوع فظهر ملاك الرب ليوسف في الحلم وأمره أن يأخذ الطفل وأمه ويهرب إلى مصر ويبقى فيها حتى يقول له. فقام يوسف وانصرف إلى مصر كما أمره ملاك الرب وبقي فيها إلى وفاة هيرودوس. إذ ذا كم بقي يسوع في مصر؟ لا نعلم بالتأكيد. ما بين سنة وخمس سنوات. على حسب تقدير الدارسين. مصر، منذ القديم، كانت ملاذاً لليهود الهاربين من بلادهم لسبب أو لآخر. ما تعرض له يوسف ومريم والطفل يسوع في هروبهم إلى مصر يمكن أن يتعرض له كل إنسان. لقد ماثل الرب الإله الناس تماماً. كان يمكن له أن يجتنب ويجنب أمه ويوسف مشقات كثيرة، لكنه لم يفعل. لم يظهر عجائبه لأنه شاء أن يؤكد إنسانيته، أنه صار إنساناً بكل معنى الكلمة وعانى كما يعاني الناس ومما يعانونه. بكلمات القديس يوحنا الذهبي الفم “لو أنه منذ طفولته المبكرة أظهر عجائب لما حُسب إنساناً” (الموعظة 8 حول متى).

ذكرى الهروب إلى مصر
ذكرى الهروب إلى مصر
لهذا السبب لم تقبل الكنيسة ما ورد في الكتب المنحولة، المسماة أبوكريفية، عن عجائب وغرائب أتاها يسوع وهو طفل. إن قوة الله وعنايته تظهران، والحال هذه، في الضعف البشري. لقد أخلى الله نفسه وأخذ صورة عبد وصار على مثال الناس، على حد تعبير القديس بولس الرسول (فيليبي7:2). ثم أن ما جرى للرب يسوع المسيح طفلاً يعطينا صورة عما يجب علينا أن نتوقعه في حياتنا كمؤمنين به وما يجب أن تكون عليه سيرتنا. لم يواجه الرب الإله الشر بالشر ولا ألغى ضيقات الناس بل اتخذها، أي ملأها من حضوره وجعلها سبيلاً إليه. فليس بعد غريباً أن نقرأ أنه “بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت السماوات”. ولا يعثرنا، في ضوء هذا الكلام، ما تعرض له رسل المسيح وشهداؤه وما يتعرض له المؤمنون به، بعامة، في كل زمان ومكان. مثل هذا ما ذكره الرسول بولس عن الآلام والأخطار التي عبر بها لأجل البشارة”… تثقلنا جداً فوق الطاقة حتى يئسنا من الحياة أيضاً. لكن كان لنا في أنفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على أنفسنا بل على الله الذي يقيم الأموات (2كورنثوس8:1-9).
هذه هي حال المؤمنين بالمسيح في كل جيل: “مكتئبين في كل شيء لكن غير متضايقين متحيرين لكن غير يائسين. مضطهدين لكن غير متروكين. مطروحين لكن غير هالكين. حاملين في الجسد كل حين أمانة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا” (2كورنثوش8:4-10). ثم أن خروج الرب يسوع المسيح طفلاً إلى أرض مصر باركها وزرع الروح فيها وزعزع أصنامها. فكأنه تحقق اليوم قول إشعياء النبي: “هوذا الرب راكب على سحابة خفيفة سريعة وقادم إلى مصر، فترتجف أوثان مصر من جهة ويذوب قلب مصر داخلها… في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر… فيُعرف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة للرب نذراً ويعرفون به…. مبارك شعبي مصر” (إشعياء19). ها هي الأرض التي عانقها الرب الإله بجسده وروحه تتحول فردوساً، لاسيما براريها، لتصير موطناً للرهبان أشباه الملائكة. وهاهو الذهبي الفم يدعو المؤمنين إلى مصر الرهبنة والشهداء. قائلاً: هلموا إلى برية مصر لتروها أفضل من كل فردوس! ربوات من الطغمات الملائكية في شكل بشري، وشعوب من الشهداء، وجماعات من البتولين…. لقد تهدم طغيان الشيطان، وأشرق ملكوت المسيح ببهائه”

 

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *