رحلة الراهب الروسي دانيال الى الأرض المقدسة في اول عهد الفرنجة
رحلة الراهب الروسي دانيال الى الأرض المقدسة في اول عهد الفرنجة(1)
مدخل
رحلة الراهب الروسي دانيال وقد قدم من بلاده البعيدة لزيارة الاراضي المقدسة بعد فتحها بيد الفرنجة بثماني سنوات فقط، فزار أخص أمكنتها، ووصلها بطريقة شيقة، هذه الرحلة طبعت أولاً في بطرسبورغ سنة 1863 بأصلها الروسي ثم نقلتها بترجمتها الفرنسية جمعية الشرق اللاتيني سنة 1889، كما نشرتها مجلة المشرق سنة 1926 واخيراً نشرتها مجلة “النور” لسان حال “حركة الشبيبة الارثوذكسية”(2) وعن الأخيرة أخذناها ونشرناها هنا (بتصرف) في موقعنا لتعم الفائدة التاريخية والروحية…ونشير هنا الى ان حملات الفرنجة
نظرة عامة عن روسية في اوائل القرن الثاني عشر
كان الروس قد اعتنقوا المسيحية في عهد الأمير فلاديميير أمير كييف في سنة 988مسيحية. وماكادوا يكتحلون بنور الايمان حتى نزعت قلوبهم الى المواطن التي تقدست بمولد وحياة وموت الرب يسوع. فأحبوا أن يعاينوها ويتبركوا بزيارتها معتبرينها كوطنهم الثاني الروحي. وقد ذكر التاريخ تقاطرهم الى فلسطين واورشليم منذ القرن الحادي عشر حتى أصبح مذ ذاك الحين حجهم اليهما كشيء معتاد. ومما صبر الزمان من آثارهم أغاني روحية شاعت بين العموم تلهج بذكر اورشليم وآثارها الدينية.
وفي القرن الثاني عشر بعد فتح الفرنجة الأراضي المقدسة زادت رغبة الشعب الروسي الى زيارتها وتوفر عددهم جداً فكنت ترى كثيرين منهم يهجرون نساءهم وأولادهم وأقاربهم وأملاكهم قاصدين أورشليم ومزارات فلسطين.
وقدبلغ الأمر الى تخوف الرؤساء لسببها ضرراً يحل بالبلاد فتهمل الفلاحة والزراعة وتسود المجاعة على الأهلين. ومن ثم أخذ الأساقفة يحضون الكهنة على صرف الشعب عن الزيارات البعيدة التي تعرض الوطن الى آفات شتى ومنعهم من ابراز النذور لمباشرتها. ولكن هذه الأوامر وفقاً للمثل القائل ” أن الممنوع مرغوب” لم تبلغ غايتها ولاسيما وان الشعب كان يرى الاكليروس القانوني والعلماني معاً يتجشمون هذه الاسفار فيندفعون الى الاقتداء بآثارهم ومنهم رئيس اساقفة نوفوغراد المدعو يوحنا، فإنه بعد نشره رسالة في معارضة الزوار سار هو الى زيارة اورشليم – محمولا على زعم بعض المتفكهين-على كتف شيطان غلب الاسقف تجربته فأكمره ان يحمله الى المدينة المقدسة ذهاباً واياباً فاضطر الى مجاراته.
فكانت جماهير الزوار تقطع المسافات الطويلة لا تثني عزمها المشقات والأخطار وكان الفقراء منهم يستعطون في طريقهم الأغنياء فتسير حاشيتهم في خدمتهم، ولم يحج كل هؤلاء الزوار لغاية شريفة مجردة لوجه الله فإن منهم كانوا صعاليك يخرجون من وطنهم تلهياً وفضولاً ويعيثون بالبلاد سلباً ونهباً.
أما الطريق التي كان الزوار ينهجونها من روسيا الى فلسطين فكانوا عادة يجتمعون في مدينة كييف ثم يركبون سفناً خفيفة فيقطعون نهر دنيبر مالم تصدهم القبائل التي على ضفتي النهر فيُقضى عليهم اذ ذاك أن يسيروا مشياً الى بلغاريا ومنها الى القسطنطينية.
كان معظمهم في القسطنطينية يستأجرون مراكب شراعية فيبحرون الى يافا من بحر مرمره الى الارخبيل ثم الى بحر الشام سائرين قريباً من سواحل الأناضول وشمالي سورية يتمونون من مدنها ويسرحون الأبصار بآثارها التقوية. على أن هذه الطريق البحرية لم تخل من المخاطر سواء كان من جهة أنواء البحر أم منجهة القرصان، فكم غرق منهم بهيجان البحر! وكم قتل غيرهم او استعبدوا فبيعوا في اسواق العبيد في مصر والجزائر. وكان غيرهم استدراكاً لهذه الموانع يفضلون طريق البر فيقطعون أنحاء آسية الوسطى ثم بلاد سورية الشمالية او الساحلية يذوقون في سفرهم الطويل ضروب المشاق والأتعاب فضلاً عما يلاقونه من قطاع الطرق وعصابات اللصوص، وذلك ماجعل زيارة القدس كفعل توبة للتكفير عن مآثم سابقة لاسيما الأغنياء والأشراف الذين اعتادوا عنها بذلك السفر المضنك الشاق.
ومع كثرة الروسيين الذين تكلفوا زيارة الأراضي المقدسة قل ماكتبوا عنها. ولاغرو فإن معظمهم كانوا من بسطاء الناس مع قلة انتشار التعليم في زمانهم.
وكانوا اذا انتهوا من زيارتهم وعادوا الى وطنهم يتهافت الناس الى اكرامهم ويصغون بكل شوق الى ما يرويه الزوار من الأخبار الصحيحة أو المخترعة. وهذا مايجعل قيمة كبيرة للرحلة التي أردنا هنا وصفها التي سعى بكتابتها صاحبها دانيال بكل صدق وكل سذاجة.
التعريف بالرحالة الراهب دانيال
دانيال صاحب هذه الرحلة كان راهباً وهيغومانا أي رئيساً على بعض أديرة وطنه روسية ولا نعلم من أخباره غير القليل الذي ذكره عن نفسه في أثناء رحلته وهو في الغالب عبارات دالة على تواضعه وتحقيره لشخصه كأنه يريد ان ينسى القارىء الكاتب فلا يفكر الافي عظمة الأماكن الشريفة التي يصفها.
ويلوح من كلامه انه كان رجلاً دمث الأخلاق عريقاً في التقى محباً لوطنه مدققاً في أوصافه سليم الذوق راجح العقل لكنه لسذاجة ايمانه يروي مايسمعه من العموم عن كل مزار دون انتقاد لصحته. وهو في الغالب يذكر ماجاء عن كل مكان في الكتب المنزلة. ومما أفادنا عنه غيره من الكتبة أنه ولد في روسية الجنوبية وأن رحلته الى القدس الشريف تمت من السنة 1106م الى سنة 1108م كما يستفاد من أخباره عن الفرنجة واحوالهم بعد فتحهم لها بزمن قليل.
وكانت روسية في عصره في حالة حرجة فكان امراؤها يتحاربون ويتنازعون فزادت القلاقل واستفحل الشر واصبحت البلاد كساحة وغى تقتحمها القبائل المقيمة في حدود الدولة. وكانت كييف عاصمة روسية معرضة لآفات الفوضى حتى أن أهلها اعلنوا بعزمهم على مهاجرتها ليلتجئوا الى مملكة الروم. وانتهز كثيرون هذه الفرصة لمغادرة البلاد ليسيحوا في الأصقاع البعيدة.
وكانت سورية وفلسطين حين ذاك في هدوء بعد فتح الفرنجة للقدس وسواحل الشام فأموا اليها فراراً من نكبات بلادهم وطلباً لبركة تلك المزارات الشهيرة. ولعل هذه الغايات دفعت ايضاً السائح دانيال الى مباشرة سفره.
رحلة من القسطنطينية الى اورشليم
يفتتح السائح دانيال رحلته بكلام يشعر بتواضع نفسه ويذكر الغاية التي دفعته لهذا السفر طلباً لرحمة الله وغفران خطاياه مصرحاًبأن لافضل له بهذا العمل لأن قداسة الحية هي قبل كل شيء ترضي الله. وانما اراد ان يدون أخبار سفره لكي يبعث ذكرها في قلوب مواطنيه محبة الله فينالوا بذلك أجراً كالزوار انفسهم. ويؤكد أنه يصف الأمور كما عاينها واختبرها ليس بسرعة كغيره من السياح بل بطول الأناة والتروي اذ قضى 16 شهراً في فلسطين. ثم يذكر طريقه من القسطنطينية الى اورشليم بحراً مدوناً المسافات التي قطعها من مكان الى آخر على الأقيسة الروسية في زمانه التي تختلف عن اقيستهم الحاضرة.
وهو اذا مر بمكان يذكر خصوصاً مايجده من الآثار المسيحية كالكنائس ومن اشتهر في تلك الامكنة من الرسل والقديسين الشهداء وينقل مايسمعه من الأهلين عن أخبارهم دون تمييز غثها من سمينها فهذه التذكارات الروحية كانت تفعم قلبه سروراً حتى انه يصرح عن نفسه وعن رفقته قائلاً:” اننا نسير بملء الفرح حيثما نحل.”
ومع ذكره لتلك الآثار التقوية تراه لايهمل ما لتلك الأمكنة من الخواص التاريخية او التجارية. ففي افسس يشير الى رسالة القديس يوحنا الحبيب والى المجمع المسكوني الثالث ضد نسطوريوس. ويذكر عن جزيرة ساموس خصب تربتها ووفرة سمكها. وعن جزيرة “كوس” غناها بالمواشي. وقد عاين منجم الكبريت الفاخر الذي يباع في جزيرة تيلوس. وعند مروره في رودس يروي حلول الأمير الروسي اوليغ في ربوعها مدة سنتين، وقد اتسع في وصف صاقس وصمغ المصطكي الذي اشتهرت به الجزيرة وكيفية استحضاره مع ذكره لخمرها الطيبة ومما روى عن قبرص أن في مدنها عشرين اسقفها وان فيها تنبت اشجار اللبان والبخور.
وبعد عدة اسابيع بلغ اخيراً الراهب دانيال ميناء يافا ولم يلبث ان سار الى اورشليم ماراً باللد حيث اكرم الشهيد الكبير جاورجيوس في كنيسته هناك، واسرع في الخروج منها خوفاً من غزوات اهل عسقلان الذين يترصدون الزوار ليحاربوهم ويقتلوهم. وقد وجد عناء عند توغله في جبال اليهودية وهو لم يعهد في وطنه غير الصحاري، حتى لاحت له أخيراً وعلى بغتة المدينة المقدسة بكل بهائها تحدق بها الربى والتلال وخصوصاً جبل الزيتون فتخلب البصر بمحاسنها. ثم يصف ماخامر قلبه من العواطف عند نظره القدس الشريف وما في وسطه واطرافه من الابنية الجليلة ولاسيما كنيسة القيامة وقبر السيد المسيح فترجل هو ورفقته الزوار وسجدوا والدموع تترقرق من عيونهم ذاكرين ماجرى في هذه المدينة من الاسرار الالهية.
أورشليم
نزل سائحنا الروسي ضيفاً في دير القديس سابا وأقام فيه 16 شهراً متنقلاً في كل الأمكنة التي ورد ذكرها في الأسفار المقدسة ولاسيما الانجيل الشريف. ولم تخل تلك الزيارات من بعض الخطر لكن الراهب دانيال كان يتحين الأزمنة الموافقة لئلا يفوته شيء من المزارات المقدسة.
وكان ذا مال وافر فصرفه في سبيل زياراته وفي اقتناءالذخائر التقوية ليعود بها الى وطنه. ولحسن طالعه وجد في الدير شيخاً مهيباً كان يعرف المدينة المقدسة وجيرتها حق المعرفة فقدم نفسه للهيغومانس ليكون دليله في كل أنحاء المدينة.
فزار أولاً كنيسة القيامة واستقرى كل آثارها وماتحتوي عليه من المشاهد المختلفة متتبعاً مايرويه الانجيل عن كل منها ويتسع بالخصوص في وصف قبر السيد المسيح وما يزينه من الحلي ثم يصعد الى الجلجلة ويعدد آثارها ومايرى فيها من شق الصخر الذي سببته الزلزلة الحادثة عند موت السيد المسيح، ذم يذكر قبر آدم وسرة الأرض التي يزعمون انها مركز كرتنا الارضية وهو في كل ذلك يروي ماكان يردده أهل تلك الأزمنة وشاع في كتبهم حتى في قصائد “دانتي” وربما نقلوه عن تآليف مصنوعة لايوثق بها كقوله عن جمجمة آدم المقبورة تحت الصليب وكيف جرى اليها دم السيد المسيح فغسلها لما انشقت الصخرة بفعل الزلزلة التي وقعت عند موته.
ومما زاره في اورشليم من المعاهد القدسية كنيسة علية صهيون التي فيها جرى العشاء السري ورسم القربان المقدس وحل الروح القدس على التلاميذ. ويزعم أن هذه العلية كانت داراً للقديس يوحنا الحبيب وان في غرفة بقربها كانت وفاة البتول العذراء مريم. ومما قاله عن تلك الكنيسة انها مزينة بالفيسفساء تعلوها قبة راكزة على عمد.
ولم تفته زيارة ضواحي أورشليم كجبل الزيتون وجنينة الجسمانية، ومكان صعود الرب وبركة سلوام وقبر السيدة العذراء مريم قبل انتقال جسدها الطاهر الى السماء ومغادرة بطرس الرسول حيث بكى على خطيئته.
ومما اتسع في وصفه حفلة سبت النور وماجرى يومئذ في كنيسة القبر ومن ازدحام الجمهور لمعاينة النار المقدسة التي على زعمه كانت في الحقيقة وقوداً سماوياً ومما أخبره أن ملك اورشليم بودوات أو بغدوين حضر بنفسه تلك الحفلة الدينية ونال سائحنا دانيال من لطفه أن يرافقه ويجلس بقربه فشاهد اتقاد النور العجيب فلا يُشك ان ذلك حدث بأعجوبة باهرة.
الراهب دانيال في الغور وفي بيت لحم وحبرون
ولم يكتف السائح دانيال بزيارة أورشليم وضواحيها بل أراد ان يسير الى بحيرة لوط ونهر الاردن فعاين الجبل الذي صام فيه الرب اربعين يوماً ثم تبطن الوادي العميق الذي يطل عليه دير القديس سابا حيث ترهب القديس يوحنا الدمشقي وغيره من كبار النساك
وزار في طريقه أدياراً أخرى واغتسل في نهر الأردن في نصف ليل عيد الغطاس تذكاراً لمعمودية الرب مع دد لايحصى من تاريخها ومن محاسنها الطبيعية. وزار كذلك بيت من الاحداث في ايام يوشع بن نون وفي عهد السيد المسيح الذي نزل في بيت زكا.
وزار أيضاً بيت لحم ومغارة مولد السيد المسيح وقبل مذوده المقدس ووصف الكنيسة الجميلة التي أقامتها القديسة هيلانة فوق المغارة وتجول في المدينة وذكر شيئاً من تاريخها ومن محاسنها الطبيعية. وزار كذلك بيت ززكريا حيث ولد يوحنا المعمدان بعد أن حظيت أمه اليصابات بزيارة مريم العذراء فوجد هناك كنيسة على اسم الصابغ.
وقصد مدينة حبرون المعروفة بمدينة الخليل وزار سنديانة ممرا حيث جلس ابراهيم وظهر له الرب تحت صورة ثلاثة شبان مثلوا له الثالوث الأقدس فرأى ثلاثة وسجد لواحد.
ثم نزل الى مغارة حبرون حيث قبر فيها ابراهيم واسحاق ويعقوب ويوسف فوصف ذاك المدفن الذي بقي محجوباً مئات من السنين لايسمح لأحد النظر اليه.
زيارة الراهب دانيال للسامرة والجليل
وتيسر لسائحنا بعد زمن السفر الى بقية الأمكنة المقدسة فمر بعمواس فوجدها قاعاً صفصفاً بفعل الأعداء. ونزل الى ساحل البحر فمر بيافا ونذكر عجائب الرسول بطرس فيها ثم عرج الى أرصوف وقيصرية وعاين جهات السامرة فدخل حضرتها نابلس ورأى بئر يعقوب وزار سبسطية وهو يزعم ان فيها حبس القديس يوحنا المعمدان وقطع رأسه (والصواب أنه قتل في حصن المغير شرقي بحر لوط.)
ثم طاف في جهات الجليل فوصف الناصرة وكنيستها الكبيرة المبنية فوق بيت العذراء وشهد مكان بشارة الملاك جبرائيل ومقام الطفل يسوع في اوائل حياته وشبابه. وكذلك ذكر قبر القديس يوسف في مغارة هناك يسيل منها شبه دهن يشفي المرضى. وحل ضيفاً في بيت هذا القديس الذي كان الفرنجة عمروه بعد خرابه فاستقبله الاسقف اللاتيني واكرم وفادته.
ثم انتقل من الناصرة الى قانا الجليل ورقي الى قمة جبل الطور وصلى هناك في كنيسة التجلي وكنيسة النبيين موسى والياس ثم رحل الى بحر طبريه فتبادر الى فكره ماجرى هنالك من الآيات الباهرة سواء كان في البحيرة ذاتها ام في سواحلها في كفرناحوم وصيداء الجليل وصعد منها الى ينابيع الاردن وتوغل في البلاد ماوراء نهر الاردن فزار جرش وبيسان والمدن العشر.
وخص هذه البلاد السورية بزيارة فدخل مدينة عكا وهي حينئذ في ملك الفرنجة وسار شمالاً فمر بحيفا وترقى الى جبل الكرمل حتى المكان الذي حكم به ايليا على قتل كهنة البعل وواصل مسيره شمالاً فاجتاز بصيداء ثم ببيروت ذاكراً اعجوبة ايقونتها لماضربها بعض اليهود فسال منها الدم وآمن بسببها كثيرون فاعتمدوان وكذلك اتى بذكر الأخوين يوحنا واركاديوس اللذين أتيا الى بيروت ليدرسا فيها الفقه(695-706)مسيحية ولم يحب دانيال أن يمر بقرب لبنان دون أن يزوره فذكره وأشار الى ثلوجه الغراء ولعله انخدع باسمه لبنان فروى أن فيه ينبت شجر اللبان.
الخاتمة
هذه خلاصة سياحة الراهب الروسي دانيال الهيغومانوس التي ادرك بها عاية متمناه، فانفتل راجعاً الى بلاده على طريق البحر من يافا الى القسطنطينية لكنه أصيب هو ورفقته بمصيبة كانت تتكر في ذلك الزمانفان القرصان الأعداء ادركوا سفينتهم عند جزيرة بترس في بحر اليونان فهجموا على مركبهم ونهبوا ماوجدوه وسلبوا الركاب اموالهم.
وكان الراهب دانيال لايحسب حساباً كبيراً لهذه البليةاذ نجا من ايديهم سالماً بعد النعمة التي نالها بزيارته قبر المسيح.
ولما رجع الى وطنه اتحفنا بهذه الرحلة الشائقة التي هي اول أثر من جنسها لكاتب روسي. ولنا بعده أسفار غيرها باشرها المؤمنون الروسيون وكلها تشعر بايمان حي كان يبعث في القلوب الرغبة الى رؤية الأراضي المقدسة فيتجشمون المخاطر ولايبالون بما يقاسونه ممن المشقات حباً برب فداهم بدمه الذكي ليشاهدوا آثار محبته نحو البشر. وبذلك كانوا يخالفون الروح العصري الذي يفضل قبل كل حب الأرض والمنافع الزمنية على حب العالم العلوي وطلب الخيرات الروحية السرمدية.
حواشي البحث
1- وردت في اصل المقال “اول عهد الصليبيين” ومعروف رأينا بهذه التسمية التي يعتمدها بها الغرب بموضوعية وبعض كتاب التاريخ المسلمين لدواعً طائفية ولاصباغ صبغة ان الحروب دينية مسيحية على الشرق المسلم تحت شعار الصليب في حين ان التسمية الموضوعية تعني ان الصليب هو شارة حربية للفرنجة كما النسر عند الرومان والنسر البيزنطي ذي الرأسين عن الروم… والادق هو استخدا المصطلح الذي استخدمه المؤرخون المسلمون المعاصرون لهذه الحملات وهو الفرنج نسبة الى قبائل الفرنك الفرنسية وهي مستودع اساس لهذه الحملات التي هدفت الى كثلكة ولتننة ارثوذكس الشرق ومافعلوه بالسكان المسيحيين الذين كانوا يشكلون نسبة 60% من مجمل سكان الشرق وقتل بطاركتهم واقامة بطاركة واساقفة لاتين في الكرسيين الانطاكي والاورشليمي واستبدال كل الاكليروس الارثوذكسي بآخر لاتيني و…لذا ومن هذه المنطلقات طالبنا باستبدال تسمية الحروب الصليبية بحروب الفرنجة في مؤتمر اعادة كتابة تاريخ بلاد الشام في عمان عام 2006 بمشاركة تنظيم جامعات دمشق وعمان واليرموك… وبمشاركة العديد من الباحثين من هذه الجامعات وسواها من الجامعات اللبنانية والاوربية والاميركية ومن جامعة البلمند ومن البطريركية بدمشق ومنهم نحن بصفتنا أمين الوثائق البطريركية بدمشق… لذا استبدلناها في هذا المقال من (اول عهد الصليبيين) الى (اول عهد الفرنج) وفي كل جملة وردت فيها تسمية الفرنجة وهي بديلنا للصليبيين…
2- السنة 29- العدد 5 بتاريخ 15 آذار 1964 وكان الاستاذ الكسيس بوغوليوسكي قد ارسلها لادارة مجلة النور.
اترك تعليقاً