المناولة بالبرشام (فطير)

سر الافخارستيا في الكنيسة اللاتينية الكاثوليكية

سر الافخارستيا في الكنيسة اللاتينية الكاثوليكية

وجهة نظر قبطية ارثوذكسية

لماذا الفطير؟

لا تقدم الكنيسة اللاتينية خبزة واحدة كما فعل الرب يسوع بل تقدم عددًا كبيرًا من الفطير الصغير جدًا (البرشان) ليتناول كل شخص برشانة فجاء في كتاب مختصر اللاهوت الأدبي تحت رقم 493 “أن يكون الخبز في الكنيسة اللاتينية فطيرًا مستديرًا وأن تكون برشانة الكاهن أكبر من التي يتناولها الشعب وأن تكون نظيفة. أن استعمال الخبز الخمير مُحرَّم في الكنيسة اللاتينية ” (431)

والأمر العجيب أن الكاهن يحدد للروح القدس عدد البرشانات التي يريد تحويلها إلى جسد الرب، فجاء في كتاب مختصر اللاهوت الأدبي تحت رقم 492 ” يقصد (الكاهن) مثلًا أن يقدس نصف الأربعمائة برشانة الموجودة أمامه (في) الحقة (الصينية). ويكون التعيّين كافيًا إذا قصد الكاهن أن يقدس المادة الموجودة أمامه.. وأن ظنَّ خطأ أن عددها كذا ولم يكن كذلك.. أن نقط الخمر العالقة على جوانب الكأس الداخلية والفتائت التي تبقى عالقة بالرشانات حتى كلام التقديس تتكرس على وجه الاحتمال، إلاَّ إذا قصد الكاهن عدم تكريسها. أما النقط العالقة على جوانب الكأس الخارجية والفتائت التي انفصلت انفصالًا تامًا عن البرشانات قبل كلام التقديس فلا تتكرس ” (432)

ويستند الأخوة الكاثوليك في تقديم الفطير على الآيات الآتية

المناولة بالبرشام (الفطير)
المناولة بالبرشام (الفطير)

” سبعة أيام تأكلون فطيرًا. اليوم الأول تعزلون الخمر من بيوتكم. فإن كل من أكل خميرًا من اليوم الأول إلى اليوم السابع تقطع تلك النفس من إسرائيل” (خر12: 15).

” وفي أول أيام الفطير تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين له أين تريد أن نعدَّ لك لتأكل الفصح” (مت26: 17).

” وكان الفصح وأيام الفطير بعد يومين” (مر14: 1).

” وقرب عيد الفطير الذي يقال له الفصح” (لو22: 1).

توضيح

عندما قدم السيد له المجد سر الأفخارستيا في العشاء الأخير لم يكن الفصح قد جاء بعد بدليل قول يوحنا الحبيب “أما يسوع قبل عيد الفصح.. قام عن العشاء وخلع ثيابه وأخذ منشفة واتَّزر بها” (يو13: 1-4) وفي صباح الجمعة لم يكن الفصح قد قُدم بعد ” ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية وكان صبح ولم يدخلوا هم إلى دار الولاية لكي لا يتنجسوا فيأكلون الفصح” (مت18: 28) أي أنهم إلى هذه اللحظة لم يكونوا قد أكلوا الفصح بعد، وحتى رُفِع السيد المسيح على الصليب ” وكان استعداد الفصح ونحو الساعة السادسة..” (يو19: 14) وحتى غروب يوم الجمعة لم يكن عيد الفصح قد جاء بعد ” ثم إذا كان استعداد فلكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت لأن يوم ذلك السبت كان عظيمًا سأل اليهود بيلاطس أن تكسر سيقانهم ويرفعوا” (يو19: 31) وكان حتى هذه اللحظة مسموحًا بالبيع والشراء ” فاشترى (يوسف الرامي) كتانًا فأنزله وكفنه..” (مر15: 46) وما دام عيد الفصح لم يبدأ بعد لذلك كان هناك خبزًا في المنازل ولذلك غمس يسوع اللقمة وأعطاها ليهوذا ” الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه فغمس اللقمة وأعطاها ليهوذا..” (يو13: 26) ومن المعروف أن الفطير لا يُغمَس ولكن الخبز هو الذي يُغمَس، ولذلك قال الإنجيل ” وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي” (مت26: 26) وكلمة خبز في الأصل اليوناني “أرطوس أزيموس” أي خبزًا مختمرًا وليس فطيرًا (الأنوار في الأسرار للأرشمندريت جراسموس مسرة ص111).

وجاء في سفر الأعمال “وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة (الأغابي) وكسر الخبز (سر الأفخارستيا) والصلوات” (اع2: 42)، “وفي أول الأسبوع إذ كان التلاميذ مجتمعين ليكسروا خبزًا” (اع20: 7) وقال الرسول بولس “الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسدالمسيح” (1كو10: 16) “إذًا أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرمًا في جسد الرب ودمه” (1كو11: 27).

المناولة بالبرشام (الفطير)
المناولة بالبرشام (الفطير)

أما قول البشيرين “في أول أيام الفطير” أو “وقرب عيد الفطير” فيعلق على هذا يوحنا فم الذهب قائلًا “أن الإنجيلي بقوله: بلغ يوم الفطير الذي كان ينبغي فيه أن يذبح الفصح يعنى اليوم كان قريبًا وعلى الأبواب، لا أنه أتى وبذلك يشير إلى تلك الليلة لأنهم كانوا يبتدئون من العشاء” (مقالة 81) ” (433)

وجاء في تاريخ موسهيم أن الكنيسة في القرن الأول الميلادي كانت تقدم الخبز والخمر “ثم يتلو الصلوات على قرابين الخبز والخمر..” (434)، أما استخدام الفطير فقد بدأ في الكنيسة الكاثوليكية منذ القرن الحادي عشر، ولذلك كتب البطريرك القسطنطيني ميخائيل كيرولاريوس مع لاون رئيس أساقفة بلغاريا رسالة سنة 1053م إلى يوحنا رئيس أساقفة أترانت يحذره من استعمال الفطير كما تفعل كنيسة روما حديثًا (تاريخ الانشقاق ح2 ص78، 101، 103، 138).

وفي  المجمع الفلورنسي في القرن الخامس عشر بين كنيستي روما و القسطنطينية وبعد أن فشل الوفد البيزنطي في إقناع بابا روما بالعودة إلى الطقس الأصلي بتقديم الخبز، جاء في نص المجمع ” وأيضا نرسم أن يُتمَّم جسد  المسيح  أم بفطير أو بخبز خمير من قمح إتمامًا حقيقيًا وأن يكون الكهنة ملزومين أن يتمموا جسد المسيح ذاته بأحد الشكلين (خبزًا وفطيرًا) كل واحد حسب عادة كنيسته غربية كانت أو شرقية ” (435)

وجاء في مختصر اللاهوت الأدبي تحت رقم 513 ” وعليه (الكاهن) أن يناول فطيرًا أو خبزًا حسب طقسه ” (436) وقال بيرون ” أن الخبز والفطير يصلحان على السواء لإتمام سر الشكر الإلهي ” (437)

ويقول موقع الأنبا تكلا القبطي الارثوذكسي

أما الكنائس الكاثوليكية في مصر ولا سيما الأقباط منهم فإنهم يقدمون ذات القربان الذي نقدمه في كنائسنا الأرثوذكسية، وغالبًا ما يحصلون عليه من كنائسنا، . وجاء في قوانين مجمع الكنائس الشرقية أن “القرابين المقدسة التي تُقدَّم في الليتورجيا الإلهية هي خبز من حنطة خالصة ” وتناول التوجيه الخاص بهذه القوانين صنع الخبز ” بما أن الكنائس المسيحية تعرف عدّة طرق لتحضير الخبز المُعَّد للأفخارستيا يطلب القانون التقيد بأحكام الشرائع الخاصة المختلفة. أن الاختلاف الأكثر ظهورًا من هذا القبيل هو القائم بين الخبز الخمير الذي تستعمله تقليديًا غالبية الكنائس الشرقية، والخبز الفطير الذي يستخدمه الأرمن واللاتين. لقد حدث في الماضي جدال حول رمزية كل من العرُفين، غالبًا ما رافقته حرب كلامية، مضفيًا عليه أحيانا تفسيرات لاهوتية. وبما أنه في هذه البلدان لكل عرف قيمته حدَّدت (م.ق.ك.ش.) أن كل كنيسة ذات شرع خاص تحافظ على ما ورثته من آبائها، لأن مثل هذا الحرب يُعبِر رمزيا عن المظاهر المكمّلة للسر الأفخارستي. وهناك اختلافات أخرى منها الشكل الواجب أن يُعطى للخبز المُعَّد للاحتفالات الأفخارستية، والأختام التي يحب أن يوسم بها، والصلوات التي ترافق تحضيره، والأسماء التي تُدعىَ بها.. إلخ. فلتتبع في كل من هذه التفاصيل ترتيبات الكتب الطقسية” (438)

أما موضوع أن الكاهن يضع أمامه 400 برشانه مثلًا ويطلب من روح الله القدوس أن يحل ويقدس ويطهر ويحوَّل 200 إلى جسد  المسيح ويترك البقية لفرصة أخرى، فقد يتشكك الكاهن أيهما تقدس وتحوَّل وأيهما لم يتحول، وقد يتشكك الشعب أيضًا ولا يدرى هل تناول جسد الرب أم أنه تناول فطيرًا بسيطًا، وما الداعي لكل هذه الأمور والكنيسة علمتنا أننا نتناول جميعًا من خبزة واحدة فنصبح جسدًا واحدًا؟!

حواشي البحث

(431) مختصر اللاهوت الأدبي ص427.

(432) المرجع السابق ص426.

(433) تنوير الأذهان بالبرهان إلى ما في عقائد الكنيسة الغربية من الزيغان ص60.

(434) موسهيم كتاب 1 قرن 1 قسم 2 فصل 4 ص43.

(435) تاريخ الانشقاق ح3 ص295. للمطران جراسيموس مسرة

(436) مختصر اللاهوت الأدبي ص446.

(437) مقدمة اللاهوت قسم 2 فصل 3 قضية 1.

(438) مجمع الكنائس الشرقية ص95، 96.

(عن موقع الانبا تكلا القبطي الارثوذكسي بتصرف بسيط)

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *