في أضواء عيد الميلاد

في أضواء عيد الميلاد

في أضواء عيد الميلاد

في أضواء عيد الميلاد

ماذا يبقى لنا من الميلاد؟ يبقى للكثيرين، بعد تسرب الغرب الينا، شجرة العيد التي لاتعني لنا نحن الشرقيين الارثوذكسيين شيئاً، وربما لا بل أكيد من يقيم الشجرة يقيم معها مغارة بيت لحم من ورق او خيش وتماثيل صغيرة وحتى قطع من الشجر، وهذه ايضاً تسربت من الكنيسة الغربية.

كل هذا فولكلور لا يقدم ولايؤخر في عيد الميلاد، ولا يزيدنا نفحة روحية واحدة. والذين مارسوا بابا نويل يكونون قد دخلوا في الخرافة دخولاً أبعد.

كل هذا دليل على أن أعيادنا صائرة طقوساً اجتماعية يقيمها المؤمن وغير المؤمن، الممارس وغير الممارس.

المصلي العميق يبقى له ضوء الميلاد لروحه. وهو كما تعلمون كان جزءاً لا يتجزأ من عيد الظهور الإلهي، ثم نقله القديس يوحنا الذهبي الى 25 كانون الأول. ولكن على رغم الفصل بين العيدين ظلّ كل عيد من العيدين احتفالاً بالنور. هذه المرة طريقة إنارتنا تواضع المسيح. ومن هذا القبيل يكون العيد شبيهاً بالفصح الذي لم يأت نصراً بالقيامة إلا لكونه جاء تواضعاً بالصليب. المغارة المظلمة المرسومة على أيقونة الميلاد هي نفسها صورة القبر.

المرجو أن تطلب الى الله أن يجعلك تفهم هذه المقولة من المزامير:” الرب نوري ومخلصي”. ليس فقط نوراً للعالمين، تقال بصورة مجردة كأنك غير معنيّ. المهم أن تؤمن أنك معني شخصياً بمجيء المخلص. انه نور لك. وهذا ليس فقط لكونك تقارن تعليمه بأي تعليم آخر وتفضل الانجيل عن كل شيء آخر. ولكن أن تقول ان ” الرب نوري ومخلصي” هو ان تعني أنه ينقذك اليوم وليس غداً من ضعف محدد أنت تعرفه بحيث يكون العيد العامّ قد تخصّص وصار لك. يسوع يطلبك انت، كما أنت. هو يريد أن يرد من الحفرة التي أنت فيها. والذي نزل الى جب الموت ينزل الى الجب الذي أوقعت فيه نفسك. يسوع يعرف اين أنت. هو دائماً محوِّل وجهه اليك. أنت أبصر هذا الوجه. هو دائماً يخاطبك. ولكن، إذا لم تقرأ الانجيل يوماً، أنى لك أن تسمع كلامه يقرع على باب قلبك؟ إذا لم تألف صلواتنا والترتيل والعبادات كلها، تبقى أصم. تدغدغك شهواتك ومنافعك الدنيوية، ولا مجال لك لكي يكون لك ميلاد حقيقي تولد أنت فيه على النور.

بعد أيام ستدخل السنة المدنية الجديدة. رأس السنة نحن ليس عندنا عيداً كنسياً. هذا عيد ختانة الرب نفسه بالجسد. الجديد فينا هذه الختانة إذا أخذتها بمعناها الروحي أي إذا فصلت بين حواسك والشر فتختن عينيك ويديك وما اليك من أعضاء عن ارتكاب الخطيئة.

الختانة بهذا المعنى هي التوبة الدائمة.

هي أن تقطع نفسك عن كل مايجعلها تنكب على مايؤذيها.

أن تبدأ أولاً بإلغاء القمار إن كنت تتعاطاه لأنه آفة كبيرة. القمار شهوة قاسية، تتمكن من النفس ويصعب الإقلاع عنها. وفيها هجر للعائلة وإهمال للزوجة والأولاد. ولاتقل: أنا ألعب في رأس السنة وما إليه من أيام. تكون قد قبلت المبدأ، والمبدأ فاسد بحد نفسه، وقد يكون هذا بدء انهيار. افتح سنتك بذكر المسيح.

(المطران جورج خضر 21 كانون الأول 1997 كتاب “سنة الرب المقبولة”)

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *