كفن المسيح

كفن المسيح…

كفن المسيح…

كفن تورينو عبارة عن قطعة من نسيج الكتان يبلغ طولها 4.42 مترا وعرضها 1.21 مترا.

ويحمل الكفن آثارا تدل على تلطخ صاحبه بالدماء، كما يحمل صورة باهتة لجثة رجل ملتح عيونه غائرة، ويعتقد كثيرون أن هذا هو جسد المسيح، طُبعت آثاره بأعجوبة على النسيج.

كما يوجد بالكفن علامات يقول بعض رجال الدين إنها تتفق مع الجروح التي أصيب بها المسيح عند صلبه، فعلى سبيل المثال، توجد جروح في الظهر نتيجة للجلد على يد الجنود الرومان، فضلا عن كدمات بالكتفين نتيجة حمله الصليب، وجروح أخرى في الرأس نتيجة ارتداء إكليل الشوك، بحسب المعتقد المسيحي.

ويقول الإنجيل المقدس  إن يوسف الرامي لفّ جسد المسيح بكفن من الكتان بعد وفاته، قبل وضعه في القبر الذي كان قد اوجده لنفسه.

من أورشليم الى تورينو

 القرون الاولى

يجدّ المؤرّخون في البحث عن أكبر عدد ممكن من الوثائق لرسم مسيرة كفن تورينو المتواصلة، وتنقلاته عبر الأماكن والأزمان. فمن قبر أورشليم الفارغ إلى كاتدرائية تورينو، عدد من المراحل الأساسيّة، منها ما هو موثَّق ومضمون، ومنها ما جاء في التقليد، نبدأ بعرض مرحلة القرون الأولى منها، الممتدة من قبر أورشليم إلى مجد القسطنطينية.

لَمّا ركض بطرس ويوحنا إلى القبر، وأَبصرا «اللفائف ممدودة»  (يوحنا 20: 5) كان من الطبيعي أن يلتقطاها بطريقةٍ عفوية، ويحفظانها بكلّ اهتمام وعناية. وعندما يتكلّم الإنجيل عن لفائف الأكفان، يقصد بها الأقمشة أو البياضات التي استُعملت في عملية التكفين، أي الكفن وبعض الرباطات التي وُضعت لشدّ قماشة الكفن على جسم الميت. أمّا المنديل الوارد ذكره في الإنجيل فهو قطعة مختلفة «كان حول رأسه، ولم يكن  ممدودًا مع اللفائف، بل كان على شكل طوق خلافًا لها، وكان كلّ ذلك في مكانه» (يوحنا 20: 7).

ولكن، هل كانت آثار الجسم ظاهرة على الكفن في حينه؟
وهل وجب علينا الأخذ حرفيًّا بكلام بولس في رسالته إلى أهل غلاطية عندما يقول لهم: «أنتم الذين عُرضت أمام أعينهم صورة يسوع المسيح المصلوب»(غلاطية 1:3)؟

وهل علينا مطابقة الكفن بالرداء الذي يشير إليه بولس، في رسالته إلى تلميذه تيموتاوس، عندما يقول له: «أحضر عند قدومك الرّداء الذي تركته في طرواس» (2 تيموتاوس 4 : 13)؟

وما هو الكفن الذي جيء على ذكره في الإنجيل المنحول بحسب العبرانيين، الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني، حيث ورد: «حين أعطى الرب كفنه خادم الكاهن، توجَّه إلى قرب يعقوب وظهر له…»؟

أو الكفن الوارد ذكره في إنجيل بطرس المنحول، الذي يعود تاريخه أيضًا إلى القرن الثاني، حيث أتى: «وأخذ يوسف الربّ، وغسله، ولفَّه بكفن، وحمله إلى قبره الخاصّ المدعو حديقة يوسف»؟

كلّها تساؤلات تشير إلى أنّه، منذ اللحظة الأولى، تداول المسيحيّون أخبار الكفن والرداء و«الصورة»، وجميعها أغراض تخصّ معلّمهم وحبيبهم.

كفن المسيح
كفن المسيح

ما هو المسار الذي سلكه الكفن إنطلاقًا من أورشليم؟

هناك عدّة فرضيات لهذا المسار، لم تحصل أيّ واحدة منها على إجماع المؤرخين، ولو أنّها دُرست وحُقّق فيها مرارًا وتكرارًا، وكُتب عنها المجلّدات، ونُظّم حولها المؤتمرات العالميّة. لذلك، سنقدم لمحة موجزة عن كلٍّ منها…

– فرضيّة الانتقال من أورشليم إلى إديسا عند الملك أبجر الخامس

إنّها فرضيّة الباحث البريطاني يان ولسون Ian Wilson، والرئيس السابق لجمعيّة الكفن البريطانية، أطلقها منذ العام 1978، بالتزامن مع أعمال فريق  ستارب، ولاقت رواجًا واسعًا في حينه.

ينطلق ولسون من رواية اوسابيوس القيصري (263-339) عن أبجر الخامس، ملك إديسّا (الرَّها) في أيّام المسيح، لكنّه أضاف إليها عناصر جديدة، لم يأت أوسابيوس على ذكرها، لتتوافق مع فرضيته.

تقول رواية ولسون بأنّ الأبجر، ملك إديسّا أو الرَّها، كان مصابًا بالبَرص، ولم يستطع أحدٌ شفاءه. فلمّا سمع بعجائب يسوع أَرسَل مَن يطلب إليه أن يأتي ليشفيه. لكنّ يسوع لم يستطع الذهاب إليه، فاغتنم الرسل الفرصة، بعد موت يسوع وقيامته، ليهِرّبوا الكفن من أمام أعدائهم، ويرسلوه، مع التلميذ تدّاوس، وهو غير الرسول تدّاوس، إلى الملك، كهدّية من يسوع وتذكار منه. ولكي يقدّموه بشكل لائق، وبطريقة لا تثير الريبة عند الأعداء، طووه أربع طيّات وصار بحجم المنديل، بحيث لا يرى عليه سوى «صورة» الوجه. تَسلَّمه الملك من تدّاوس، ولَمّا لمسه شُفي تمامًا، فآمن بالمسيح، واعتمد وتبعه الكثير من شعبه. حافظ الملك على «المنديل» ووضعه في مكانٍ خاصّ تكريمًا له.

لم يتكلّم أحد عن هذا المنديل الذي عليه «صورة» المسيح، في القرون اللاحقة، ولا نرى له أثرًا عند المؤرخين، ولا حتّى عند  القديس افرام السرياني، من كبار قديسي الكنيسة الجامعة، الذي عاش في القرن الرابع المسيحي، وقطن مدينة الرَّها، وعَلَّم في مدرستها. ومن أجل تفسير هذا الغياب، يقول ولسون إنّه، بعد موت الملك الأبجر الخامس أوكاما، خَلَفه ابنه مَعنو السادس، الذي رفض الإيمان بالمسيح، فقام باضطهاد المسيحيين الذين سارعوا إلى إخفاء الصورة-الكفن-المنديل، فبقي منسيًاً لعدّة قرون، ولم يتمّ اكتشافه إلاّ بعد الفيضان الرهيب الذي أصاب المدينة في العام 525مسيحية، وأودى بحياة 30 ألف شخص، وهدم المراكز الكبيرة العامّة كلّها. فعند البدء بترميم أسوار المدينة، عُثر على «الصورة» مخبّأة في طاقة ضمن السور. فأمر الإمبراطورالرومي العظيم يوستينيانُوس الأوَّل (482- 565)م بتشييد كاتدرائيّة ضخمة على اسم القدّيسة صوفيا، تكون على مثال شبيهتها في القسطنطينيّة، حيث وُضعت «الصورة»فيها  لتكريمها.

ومع أنّ أوسابيوس لم يأت أبدًا على ذكر «صورة» للمسيح التي أُرسلت إلى أبجر، ولا على ذكر كفن أو منديل، بل تكلّم فقط عن رسائل متبادلة بين الأبجر والمسيح، لكنّ روايته خضعت لتحويرات مختلفة، مع مرور الزمن، وظهرت بتلوينات متعددة، زادت فيها بعض التفاصيل، ونقصت أخرى، ما سمح لولسون بتركيب روايته من أجزاء مختلفة وردت في عصور مختلفة.

إنّ  الرحالة ايجيريا، مثلاً، قامت بزيارة مدينة الرّها، في نيسان العام 384م، وكتبت تقريراً عن زيارتها لها تذكر فيه الرسالتين التي تكلّم عنهما أوسابيوس، لكنّها لا تشير أبدًا إلى وجود «صورة المسيح» في المدينة، بل تضيف عنصراً جديداً إلى رواية أوسابيوس، نقلاً عن أسقف المدينة، وهو وعد أعطاه المسيح يسوع إلى الأبجر بأنّ مدينته إديسّا لن يدخلها الأعداء. وكان أنّه في كلّ مرّة يقترب فيها الأعداء من المدينة لمحاصرتها والدخول إليها، تُتلى رسالة المسيح مرفوعة عاليًا عند أسوار المدينة، فتحصل أعجوبة ما، ويهرب الأعداء. إنّ إيفاغرُوس المؤرِّخ، الذي عاش في القرن السادس، يروي تقهقر جيوش الفرس أمام أسوار إديسّا، سنة 544م  بفضل شفاعة «الصورة».

أيقونة محفوظة في دير القديسة كاترينا في سيناء، وتعود إلى الأعوام 945 - 975 ، تمثل استلام أبجر

أيقونة محفوظة في دير القديسة كاترينا في سيناء، وتعود إلى الأعوام 945 – 975 ، تمثل استلام الأبجر “الصورة”.

Fedor Zubov

ألاليوس، مطران إديسا، يشير إلى المكان المخبأ فيه المنديل، كما أوحي له في الحلم. الأيقونة من عمل الرسّام الروسي زوبوف Fedor Zubov العام 1679 وهي في ايقونسطاس كنيسة المخلّص في الكرملين في موسكو

يذكر «تعليم آداي» (القرن الرابع أو السادس) أيضًا رسالة خطيّة من الملك الأبجر إلى المسيح، وجواب شفهي من المسيح إليه، كما يذكر وعد المسيح بمباركة المدينة، وبأنّ الأعداء لن يسيطروا عليها أبدًا، لكنّه يضيف عنصرًا جديدًا إلى الروايتين السابقتين: إنّ الملك الأبجر طلب من مبعوثه الشخصي، حنانيا المصوّر، أن يأتيه بصورة السيّد المسيح إذا تعذّر مجيئه إليه. فأعطى المسيح حنانيا الرسول صورة وجهه مرسومة على منديل نشف به وجهه، وهي غير مصنوعة بيد بشريّة. فجاء بها حنانيا إلى مَلِكه، فشفي هذا من مجرّد لمسه إيّاها.

يتبيّن مما سبق أنّ رواية «الصورة» التي ألّفها ولسون عائدة إلى فترة متأخرة، وهي ليست واردة في الروايات الأولى القديمة عند أوسابيوس وعند إيجيريا، وقد تمّ وضعها في حينه لأسباب متعددة لا مجال لعرضها هنا. وبالرغم من تلك الاختلافات في تفاصيل الرواية، تناقل التقليد الشعبي وجود «صورة المسيح» في إديسّا، أَطلق عليها تسمية «الصورة غير المصنوعة بيد إنسان» acheiropita، فأعطى لها الناس القدرة على المعجزات، وآمنوا بالوعد الذي أعطاه المسيح للمدينة.

ولَمّا بدأتْ بدعة تحطيم الأيقونات، في القرن الثامن، قام العديد من الغيارى بالدفاع عن حقّ تكريم للأيقونات، داعمين موقفهم بوجود «صورة» للمسيح أَرسلَها بذاته إلى ملك إديسّا، ومنهم على سبيل المثال: جرمانُوس الأوّل (634-733) بطريرك القسطنطينيّة، في خطابه إلى الإمبراطور  الرومي لاون الأيصوري؛ و القديسين إندراوس  الدمشقي (660-740)م رئيس أساقفة كريت، في خطابه عن تكريم الأيقونات؛ ويوحنا الدمشقي (675-749)م في خطابه الأوَّل سنة 726 دفاعًا عن الأيقونات؛ وثيودورس الأستودي (759-826)م واضع كتاب الألحان الثمانية (أُكتوئيخس)، في خطابه إلى الإمبراطور  الرومي لاون الخامس.

ولَمّا انعقد المجمع المسكوني السابع في نيقية، العام 787م للبحث في مسألة الأيقونات، تقدّم أثناسيوس، أسقف بيروت، بعريضة إلى الآباء، يذكر فيها وجود” صورة السيد المسيح في بيروت، لدعم القرار القاضي بالعودة إلى تكريم الأيقونات.

لاحقًا، كتب عن هذا كلّه أغابيوس، أسقف منبج (القرن العاشر) في تاريخه «العنوان»، وميخائيل الكبير (1126- 1199)، بطريرك السريان، في «كتاب الحوليات»، وابن العبري (1226-1286)م في «تاريخ مختصر الدول»، وفي  تاريخ الانطاكي، بطريرك الاسكندرية (+1067)م. وما زالت رواية الأبجر حاضرة في الليتورجيا السريانيّة المعمول بها في طقس نصف الصوم، وفي سنكسار الكنيسة المارونية في 18 آب.

جذبت هذه الفرضية العديد من العلماء الذين رأوا فيها أمرًا ممكنًا، ولكنّه، بعد التدقيق والمراجعة تبيّن أنّ هذه الفرضيّة تفتقر إلى أدلّة حاسمة. لذلك، أضحت من الماضي، ولم يعد لها الوهج الأوّل، وهي الآن تلفظ أنفاسها الأخيرة، بالرغم من تمسّك ولسون بها واستمراره في الدفاع عنها.

كفن المسيح
كفن المسيح

– فرضيّة الانتقال من أورشليم إلى أنطاكية مع بطرس الرسول

إنّها فرضيّة الباحث الأميركي جاك ماركوارت Jack Markwardt التي تقول بأنّ الكفن أخذه بطرس معه إلى أنطاكية وبقي هناك. في العام 177م اعتلى عرش إديسّا الملك الأبجر الثامن الكبير، وامتدّ ملكه حتّى العام 212 وشهدت المدينة بناء كنيسة كبيرة، وصكّ عملات عليها صور ورموز مسيحية، بالإضافة إلى انعقاد  مجمع مسيحي فيها حسب ما جاء عند أوسابيوس القيصري. وهذا يدلّ على اهتداء الأبجر الثامن إلى الإيمان المسيحي، وقد دعا الملك بعثة بابوية إلى مدينته للاحتفال بهذا الحدث. وهنا يقول ماركوارت إنّه تمّ استقدام الكفن من أنطاكية إلى إديسّا لتعزيز سلطة الملك المسيحي الجديد، ثمّ أُعيد إلى أنطاكية. إنّ رواية ماركوارت تتكلّم عن الأبجر الثامن وليس عن الأبجر الخامس الوارد في رواية ولسون.

وفي العام 540م، سار الملك كسرى الأوّل الفارسي إلى سورية واقترب من أنطاكية. فما كان من إفرام، بطريرك أنطاكية (527-545) م سوى مغادرة المدينة إلى كيليكيا، لا خوفًا من كسرى، بل بمهمة سريّة وخطيرة، تقضي بإيجاد ملاذ آمن للكفن المقدّس هناك. وحين وصلها، ووضع الكفن بين أيادي أمينة، بدأ الكلام عن «الصورة غير المصنوعة بيد إنسان» التي كان المؤمنون يقيمون لها الزياحات في مناطق كيليكيا وكابادوكيا.

وبعد فترة، استولى الروم على الكفن، واصطحبوه إلى القسطنطينية، وقد نشر العالم جوليو فانتي Giulio Fanti، في العام 2015م، صورًا لعملة معدنية مسكوكة في العام 692م، على عهد الأمبراطور يوستينيانُوس الثاني، تُظهر وجه المسيح مع علامات مشابهة لوجهه على الكفن.

تتوافق هذه الفرضية مع إشارة  البطريرك الماروني اسطفان الدويهي عن عمامة بطرس الرسول إذ يقول: «وأنا أرى أنّ بطرس الذي أقام كراسي البطريركيّة (في أنطاكية) لم يلبس تاجًاً ولكنّه لَمّا دخل قبر المخلّص أخذ العمامة وعمّم بها رأسه، وكان يلبسها في خدمة الأسرار المقدّسة، وخاصّة في الأعياد الفارحة والتكريسات المقدّسة».1 هل يُشير البطريرك إلى المنديل الذي كان حول رأس يسوع حين أُودع في القبر، أم إلى الكفن الذي لُفَّ به؟

لهذه الفرضيّة أدلّة أكبر قيمة من الفرضية السابقة. ولو أنّها بحاجة إلى بحث إضافي، لكنّها تبدو مرتكزة على أحداث منطقيّة ووثائق أكثر مصداقية.

– هل استقرّ الكفن فترة من الزمن في بيروت؟

يقدّم الباحثون في التاريخ فرضيّة أخرى لمسار الكفن من أورشليم إلى القسطنطينية تقول بوجود محطة له في بيروت. ويرتكزون في قولهم هذا إلى رواية « صورة بيروت العجائبية» التي أتى على ذكرها أثناسيوس، أسقف بيروت، في مجمع نيقية الثاني، في الجلسة الرابعة، العام 787م، فقدّم تلك الرواية دعمًا للرأي القائل بإجازة تكريم الأيقونات. وورد ذكرها أيضًا في سنكسار الكنيسة المارونية في العاشر من نيسان، وتكلّم عنها العديد من الرحّالة في القرون الوسطى.

تقول الرواية بأنّه كان أحد المسيحيين قد استأجر دارًا قريبة من مجمع اليهود في بيروت، ووضع في إحدى غرفها صورة المصلوب، ثمّ ترك الدار والصورة. إستأجر الدار يهود، فأخذوا يجرحون تلك الصورة، وطعنوا جنب المصلوب بحربة، فخرج منه دم وماء بكثرة. فدهشوا، ودهنوا من ذلك الدم مخلّعًا فشفي حالاً، وأتوا بعميان فأبصروا، وأشلاءً فبرئوا. فآمن كثيرون من اليهود. وحملوا الصورة، وأتوا بها إلى الأسقف، وسألوه أن يعلّمهم قواعد الإيمان المسيحي. ففعل وعمّدهم. وحوّل تلك الدار إلى كنيسة على اسم المخلّص. وكان ذلك سنة 763 م.

فهل يكون الكفن قد استقرّ فترة من الزمن في بيروت، في طريقه من أورشليم إلى القسطنطينية؟

الكفن في القسطنطينية
فيما مسار الكفن في القرون الأولى يبقى غامضًا، لكنّ وجوده في القسطنطينية، في القرن الثاني عشر وما قبله بقليل، أمر شبه مؤكّد، بالاستناد إلى شهادات عديدة نبيّنها فيما يلي:

1- شهادة المؤرّخ الإخباري روبير دي كلاري Robert de Clari 2

لقد اشترك ذلك الفارس الفرنسيّ في الحملة الصليبيّة الرابعة. وفي يوميّاته «قصّة الذين دخلوا القسطنطينيّة» روى الملابسات السياسيّة والعسكريّة التي رافقت عمليّة هجوم الفرنجة على المدينة، واحتلالها في العام 1204م، واصفًا قصور المدينة وكنائسها والذخائر المحفوظة فيها، آتيًا على ذكر الكفن، إذ قال: «كان هناك كنيسة أخرى على اسم القدّيسة مريم بلاشيرن، حيث كان يحفظ الكفن الذي لفّ به ربّنا، والذي كان ينتصب بطوله كلّ يوم جمعة، بحيث كان يمكن مشاهدة قامة ربّنا كاملة. ولم يعرف أحد بعدها، لا من الروم ولا من الفرنسيين، ماذا حلّ بالكفن بعد سقوط المدينة».

إنّها شهادة موثوقة ومعتمدة.

2- مخطوط براي Codex Pray3

يعود هذا المخطوط الشهير إلى أواخر القرن الثاني عشر (العام 1190)م. سُمِّي نسبة إلى الأب جاورجيوس براي اليسوعي، الذي يعود له الفضل باكتشافه، في العام 1770، في مكتبة كاتدرائيّة براتيسلافا (سلوفاكيا).

يحتوي هذا المخطوط على عدّة منمنمات عن صلب المسيح، وإيداعه في القبر، فيها تفاصيل مطابقة للآثار التي نراها على الكفن، ما يدلّ على أنّ رسّام تلك الأيّام كان على علمٍ بوجود الكفن، واستطاع معاينته عن قرب.

ومن المرجَّح أنّه من الذين رافقوا ملك هنغاريا، بيلا الثالث Bella III، إلى بلاط الإمبراطور الرومي مانويل الأوّل، في القسطنطينية، حيث مكث عنده أكثر من عشر سنوات. وقد قام البروفسور جيروم لوجون (+1994) Jérôme Lejeune ، في العام 1993، برحلة خاصّة إلى بودابست، حيث عاين المخطوط عن كثب، وكتب تقريرًا مفصلاً يبيّن فيه التطابق الكلّي بين كفن تورينو و«كفن پراي».

مخطوط براي

3- شهادة نقولا ميساريتوس

في العام 1201م، قام نقولا ميساريتوس،أمين الذخائر الأمبراطورية في القسطنطينية، بإجراء جردة كاملة لها، وصف فيها إحدى الذخائر كما يلي: «… إنّها الأقمشة المستعملة لدفن المسيح… إنّها من كتان… ليست باهظة الثمن لأنّها من المواد التي يسهل العثور عليها… إنّها تتحدّى الزمن لأنّها لَفَّت الجسم الغير واضح السَرار، عريان بعد الآلام، وهي تعبق برائحة المرّ… وفي هذا المكان يقوم من جديد».

يتوافق هذا الوصف مع الكفن، بخاصّة عندما يتكلّم عن سرار الجسم غير الواضح، ما يعني أنّه يذوب في القماشة، أي يختفي تدريجيًّا عند الأطراف، كما هو ظاهر على الكفن.

4- ظهور أيقونة النعش أو الأبيطافيون

في الكنيسة الأرثوذكسيّة، يتألّف النعش أو الأبيطافيون من قماشة مطرزة أو مرسومة، عليها يسوع المائت والملقى على الكفن، يُحيط به أمّه مريم ويوحنا الرسول وغالبًا الملائكة أو التلاميذ. يُستعمل النعش زمن الآلام، بخاصّة الجمعة العظيمة، حيث يوضع على المذبح ممدودًا.

يعود ظهور الإ بيطافيون الأوّل المعروف إلى أواخر القرن الثاني عشر، أي بالتزامن مع وجود الكفن في القسطنطينية، ما يدلّ على تأثير الكفن على ظهور تلك الأيقونة الجديدة.

5- شهادة أبو نصر يحيى التكريتي

يروي لنا التاريخ قصّة أبو نصر يحيى، من يعاقبة تكريت، الذي شاهد الكفن معروضًا في كنيسة القدّيسة صوفيا، في العام 1058

ويبقى السؤال الكبير: كيف وصل الكفن إلى القسطنطينية ومتى؟

وكما في القرون الأولى، هناك فرضيتان:

فرضية يان ويلسون التي تقول بأنّ الكفن أتى من إديسّا،

وفرضية جاك ماركوارت التي تقول بأنّه أتى من مكان آخر،

نستعرضهما فيما يلي:

الفرضيّة الأولى: من إديسّا إلى القسطنطينية

تستند هذه الفرضيّة إلى رواية يان ولسون السابق ذكرها، وقد ورد فيها بأنّ الكفن أخذه التلميذ تداوس من أورشليم إلى إديسّا، وقدّمه إلى ملك المدينة، كهدّية من يسوع وتذكار منه. ولكي يقدّمه بشكل لائق، طواه أربع طيّات بحجم المنديل، بحيث لا يرى عليه سوى «صورة» الوجه.

وبعد أن احتلّ المسلمون المدينة، وصارت الحروب على أشدّها بينهم وبين الروم، قام الجيش  الرومي، بإمرة القائد كوركواس، بمحاصرة المدينة، في ربيع العام 943م، سعيًا لاستعادة «الصورة» منها. وعد كوركواس أمير المدينة بعدم مهاجمتها، وبإطلاق 200 سجين مسلم، وبدفع مبلغ 12000 قطعة من الفضّة، شرط أن يسلّمه «الصورة». وبعد أخذٍ وردّ، وافق الأمير على عرض القائد، فجاء إبراهيم، مطران سميساط القريبة، لتَسَلُّم «الصورة»، فأخذها، بعد التثبّت من أصالتها، وفَرَّ بها باتجاه القسطنطينيّة، حيث وصلها في 15آب العام 944م، عيد رقاد السيّدة. وفي اليوم التالي، طاف بها الشعب على أسوار المدينة، في زيّاح إحتفالي، ثمّ وُضعت في قصر الإمبراطور، على عرشه، كي تكون له عونًا في تقديس حياته، ولكي يحكم بالعدل. وما زالت الكنيسة الارثوذكسية الرومية تحتفل بهذه الذكرى، في 16آب من كلّ عام، وتتلو صلاة الميناون الخاصّة بالمناسبة.

وعندما وُضعت «الصورة» على عرش الإمبراطور، وأُلقي عليها التاج الملوكي، قام غريغوريوس، المتقدِّم بين شمامسة القسطنطينيّة، والمنسِّق العام للعلاقات بين البطريرك والإمبراطور، بإلقاء عظة بليغة، يروي فيها سيرة «الصورة» الآتية من إديسّا، متوقّفًا عند تفصيل هام: أنّه يرى «الوجه والجنب مع الدم والماء …». فهل رأى فعلاً الجسم بكامله؟ وهل تكون تلك العظة إثباتًا لرواية ولسون بأنّ ما جاء من إديسّا ليس إلاّ الكفن؟ الإجابة متروكة للدراسات اللاحقة.

تمّ اكتشاف مخطوط العظة في المكتبة الفاتيكانيّة، على يد العالم الإيطالي جينو زانينوتو، في العام 1986، ونشرها وعَلَّق عليها الأب أندريه ماري دوبارل الدومينيكي، في العام 1997.

هناك مخطوط آخر يُعرف بأخبار جان سكيليتزيس Jean Skylitzes المزيّنة بالرسوم5، يظهر فيه الإمبراطور الرومي رومانُس لوكابينُس (+948)م يَنحني أمام «الصورة» القادمة حديثًا من إديسّا، والموجودة على منديل أبيض في طرفه شراريب حمراء، ويبرز منه وجه مستقلّ، وهو يمسكها بواسطة قطعة طويلة من القماش، مطويّة عدّة مرّات كي لا تقع على الأرض، ويقدّمها أحد المسؤولين في البلاط الملكي إلى الأمبراطور، ماسكًا إيّاها بين يديه، وجاعلاً القسم الباقي منها على كتفيه نزولاً إلى خصره.

مخطوط سكيليتزيس

الفرضيّة الثانية: من كيليكيا إلى القسطنطينية

تستند هذه الفرضيّة إلى رواية جاك ماركوارت السابق ذكرها، وقد ورد فيها بأنّ الكفن أخذه بطرس إلى أنطاكية، ثمّ أخذه بطريرك المدينة افرام إلى مكان آمن في كيليكيا إثر تعرّض أنطاكية لهجوم من الفرس،وضع الأمبراطور الرومي يده على الكفن، في العام 574، وأُطلق على تلك «الصورة غير المصنوعة بيد إنسان» تسمية «صورة الإله المتجسّد».

تقول الرواية بأنّ تلك الصورة أُخذت من قرية كاموليانا الصغيرة والبعيدة، ولكن يبدو أن الروم أخفوا مصدر الصورة الحقيقي، ولم يذكروا أنّها آتية من أنطاكية، خوفًا بأن يقوم الأنطاكيون بالمطالبة بها.

ومنذ ذلك الحين، بدأت تظهر إيقونوغرافيا جديدة تظهر المسيح المصلوب لابسًا عباءة طويلة، كما هو ظاهر في إنجيل ربولا السرياني المكتوب في العام 586م؛ وعملات معدنية مسكوكة تُظهر وجه المسيح مع علامات مشابهة لوجهه على الكفن، كتلك التي صكّها الأمبراطور الرومي يوستينيانوس الثاني، في العام 692م، نشرها العالم جوليو فانتي، في العام 2015،

من إنجيل رابولا

إذاً، بقي الكفن عدّة قرون في القسطنطينيّة، حيث استطاع العديد من الحجّاج والملوك معاينته والتبرّك منه، وكان يُعرض للجمهور في بعض المناسبات، إلى أن اختفى من المدينة بعد احتلالها من قبل الصليبيين.

من القسطنطينية إلى أوربه
يقول روبير دوكلاري إنّه، بعد احتلال الصليبيين القسطنطينية، لم يعرف أحد بعدها، لا من الروم ولا من الفرنسيين، ماذا حلّ بالكفن. وبالفعل، مرّت حوالي مائة وخمسين سنة من دون أن نجد له أثرًا موثوقًا إلى حين عرضه للعموم، في مدينة ليريه Lirey في فرنسا، حوالي العام 1355، مفتتحًا مرحلة جديدة من مسيرته التاريخيّة.

مَن استولى على الكفن في القسطنطينية؟

وإلى أين اصطحبه؟

هناك فرضيات عديدة، كما فرضيات القرون الأولى، يعمل المؤرخون على التدقيق بصحتها.

منهم مَن يستند إلى رسالة ثيوذوروس أنغلين Théodore Ange6 أحد أعضاء العائلة المالكة في القسطنطينيّة، إلى البابا إنّوقنطيُس الثالث، في العام 1205م، أي بعد استيلاء الصليبيين على القسطنطينية وكنوزها وذخائرها، يقول فيها بأنّه «يَترك للغزاة الآتين من فرنسا وفينيتسيا Venezia كنوز الذهب والفضّة» ، لكنّه يطالب باسترجاع الذخائر، بخاصّة «الذخيرة الأكثر قداسة، أي الكفن الذي لُفَّ به المسيح بعد موته»، وهو يتَّكل على «عدالة بطرس»، أي البابا ، ليقوم بمسعى لاسترجاع الذخائر.

لكن، مَن هو الشخص الذي أصبح الكفن بحوزته، وإلى أين أخذه؟ في حال كانت الرسالة السابقة دقيقة وصحيحة

من الأرجح أن يكون أوتون دي لاروش Othon de la Roche ،أحد القادة الصليبييّن الذين دخلوا القسطنطينية، هو الذي استولى عليه وأخذه إلى مقرِّه في أثينا، ومن ثمّ إلى  مسقط رأسه في مدينة بيزنسون (فرنسا)، لأنّ مَن عرضه للمرّة الأولى في ليريه، بعد مائة وخمسون عامًا، لديه صِلات قربى مع هذا القائد الصليبي.

يان ولسون، المؤرّخ الذي تكلّمنا عنه سابقًأ في عرضنا لتاريخ الكفن في القرون الأولى، يقول بأنّ فرسان الهيكل Les Templiers هم الذين أخذوه إلى مقرٍّ لهم في مدينة تمبلكومب Templecombe في إنكلترا؟ والدليل على ذلك هو اكتشاف لوح خشبي بطول 1،45 م وعرض 0،84 م إثر انهيار سقف المقرّ المذكور، عليه صورة وجه قال ولسون بأنّه وجه المسيح، لأنّ فرسان الهيكل اشتهروا بتكريمهم للوجه المقدّس. ويبدو أنّ هذا اللوح كان بمثابة غطاء لصندوق خشبي كان يُحفظ الكفن بداخله.

لوحة تمبلكومب

أمّا ماريو لاتيندراسي Mario Latendresse أحد علماء الكفن، فيقول بأنّه أوُدع «الكنيسة المقدّسة» la Sainte Chapelle في باريس قبل انتقاله إلى ليريه؟ وقد استقرّ في الكنيسة المذكورة مع ذخائر أخرى اشتراها الملك لويس التاسع من قريبه بودوان الثاني، أمبراطور القسطنطينية اللاتيني.

يحاول المؤرِّخون دراسة جميع هذه الفرضيات، لكنّهم لم يحسموا أمرهم بعد. إنّ تتبّع أثر الكفن، بعد خروجه من القسطنطينيّة، أمر صعب، إذ تعوز المؤرّخين الوثائق الدقيقة.

الكفن في أوربة

 

كنيسة ليريه

كنيسة ليريه

استقرّ الكفن في مدينة ليريه الفرنسية، بعد مائة وخمسون عاماً كان فيها مجهول المكان. يجمع المؤرّخون على أنّ العرض العلني الأوّل للكفن في أوربة أُقيم في كنيسة مدينة ليريه Lirey الفرنسية، حوالي العام 1355م، بمسعى من الفارس الفرنسيّ جوفروا دي شارني الأوّل Geoffroie de Charny I الذي يُعتبر المالِك الأوّل المعروف للكفن في الغرب، من دون أن نعرف بالتحديد كيف حصل عليه! ما نعرفه هو أنّ جان دي فرجي Jeanne de Vergy، زوجة الفارس دي شارني، لها صلات قربى مع أوتون دو لاروش، أحد قادة الحملة الصليبية الرابعة التي احتلت القسطنطينية، وهو الذي دخل القسطنطينية ومن الأرجح أنّه هو من استولى على الكفن.

قلادة الرصاص التي نُقشت بمناسبة عرض الكفن في ليريه

قلادة الرصاص التي نُقشت بمناسبة عرض الكفن في ليريه

وفي تلك المناسبة، جرى نقش قلاّدات من الرصاص، عليها شكل الكفن، وآثار الجسم، من الأمام ومن الوراء، مع شعار عائلة دي شارني، وشعار عائلة دي فرجي، يحتفظ متحف كلوني Cluny في باريس بنموذج وحيد عنها عَثر عليه أحد هواة الصيد في نهر السين Seine.

وبعد «استشهاد» زوجها في معركة بواتييه Poitiers، في 19 أيلول 1356، قامت جان دي فرجي Jeanne de Vergy، بتسليم الكفن إلى شناونة chanoines7 ليريه، فعملوا على تنظيم عروضات علنيّة، ودعوا الناس لمشاهدة «كفن المسيح» والتبّرك منه.

أثارت هذه العروضات ردّات فعل مختلفة. فبينما لاقت حماسًا شعبيًّا، وتَدفَّق الناس على ليريه، حاملين معهم النذور والتقادم، ما أنعش اقتصاد المدينة، ورفَعَ من شأن عائلة دي شارني، لاقت اعتراضًا من الأسقف المحلّي هنري دي بواتييه Henri de poitiers، بحجّة أنّ الدافع إلى العروضات هو «الطمع المادي وليس الورع»، مبديًا عدم اقتناعه بصحّة الشكل الموجود على الكفن، لأنّ «الإنجيل المقدّس لم يأتِ على ذكر طبع مشابه». فقام الأسقف «بتحقيق لبق وفعّال، واكتشف التزوير، وكيف رُسم هذا القماش الذائع الصيت بأسلوب فنّي… وأنه صُنع يدٍ بشريّة ولم يُصنع أو يوهب بمعجزة». عندها، توقَّفت العروضات، وخُبِّئ الكفن، تجنّبًا للمواجهة مع الأسقف.

بعد فترة من الزمن، قام آل دي شارني وشناونة ليريه بإعادة العروضات العلنيّة، ما أدّى إلى اعتراض آخر من الاسقف المحلي الجديد بيير دارسي   Pierre d’Arcis الذي سارع برفع مذكرة إلى البابا الزائر في أڤينيون Avignon، إكليمنضُوس السابع، في رسالة طويلة، في تشرين الثاني العام 1389، يكرِّر فيها حجج سلفه المعارضة للعروضات، طالبًا من البابا التدخّل لوقفها. لكنّ البابا، في رسالة جوابيّة إلى الأسقف، طلب منه السكوت عن القضيّة، تحت أمر الطاعة، وبعث رسالة أخرى إلى سيّد ليريه الجديد، جوفروا دي شارني الثاني، فارضًا شروطه لاستمرار العروضات التي امتدّت حوالي المئة سنة، وتمّت على الشكل التالي:

السنة

الزمان

النوع

عدد الزوار

المنــاسبـــــــة

1355

20 آذار

العرض العلني الأوّل للكفن في ليريه (فرنسا) بحسب ما جاء في مذكرة المطران بيار دارسي.

1418

6 تموز

للعموم

بسبب حرب المئة سنة بين فرنسا وانكلترا، والخوف على الكفن من النهب أو التدمير، تمّ نقله من ليراي إلى مناطق آمنة، بدءًا بقصر مونفور
Montfort (فرنسا) حيث مكث مدّة قصيرة، ما لبث أن انتقل بعدها إلى سان هيبوليت (فرنسا) على نهر الدو Doubs حيث كان يعرض في مكان يدعى «حقل الربّ» مرّة واحدة في السنة، طوال 34 سنة.

1449

للعموم

عرض استثنائي في لياج Liège (بلجيكا).

1452

13 أيلول

للعموم

عرض استثنائي في قصر جيرمول Germolles (فرنسا).

على كلّ حال، لم يعد من قيمة لاعتراضات الأسقفين المذكورَين، وادعائهما بأنّ الكفن من صنع يد بشريّة، بعد أن أثبت فريق ستارب، في تقريره النهائي  عدم وجود أيّ مادّة تلوينيّة على النسيج، وبالتالي، من المستحيل أن يكون الكفن من صنع رسّام، مهما كان متحاذقًا.

الدوق لويس الأوّل دي ساڤوا
الدوق لويس الأوّل دي ساڤوا

وبعد موت جوفروا دي شارني الثاني، في 22 أيار 1398، إنتقلت ملكيّة الكفن إلى ابنته مارغريت دي شارني، التي أرادت التصرّف به بحريّة، والإستغناء عن «خدمات» شناونة ليريه. عندها حصل خلاف بينها وبين الشناونة، أدى إلى انتقال القضيّة إلى المحاكم، ما دفع مارغريت إلى التخلّص من الكفن، وبيعه إلى لويس الأوّل، دوق سافوا، في 22 آذار 1453. وهكذا أصبح الكفن مُلكًا لهذه العائلة، ذات النفوذ القويّ، يرافقها في تنقلاتها من مدينةٍ إلى أخرى، ومن قصرٍ إلى آخر، إلى أن استقرَّ في كنيسة مدينة شامبيري Chambery، في 11حزيران العام 1502 .

وفي ليل 3 كانون الأوّل العام 1532، شبّ حريقٌ في الكنيسة، فوصل إلى المكان المحفوظ فيه الكفن، وطال بعض أطرافه، مسبِّبًا بعض الخروقات في القماشة ما زالت ظاهرة حتّى اليوم. بعد فترة من الزمن، قام دوق سافوا بإرساله إلى دير الراهبات الكلاريات  القريب لِرَتقه في الأماكن التي أتت عليها النيران. امتدت عملية الإصلاح من 16نيسان لغاية 2أيار1534، حين أُعيد الكفن إلى مكانه في كنيسة شامبيري. وجرت العروضات العلنيّة بحسب التواريخ التالية:

السنة

الزمان

النوع

عدد الزوار

المنـاسبــــة

1478

20 آذار

للعموم

الجمعة العظيمة، في بينيرولو Pinerolo (ايطاليا)

1488

للعموم

أحد القيامة، في سافيليانو Savigliano (ايطاليا)

1494

للعموم

الجمعة العظيمة، في فرشيللي Vercelli (ايطاليا)

1502

11 حزيران

للعموم

تكريس مقرّ دائم للكفن في كنيسة شامبيري، والتوقف عن الدوران ومرافقة الدوقات في تنقلاتهم من مدينة إلى أخرى.

1503

14 نيسان

للعموم

الجمعة العظيمة، في بورغ أن براس Bourg en Bresse بشكل استثنائي، على شرف أرشيدوق النمسا، فيليبير الجَميل Philibert le Beau

1511

خاص

زيارة ملكة فرنسا، حنّة البريتانية Anne de Bretagne ، إلى شامبيري.

1518

خاص

زيارة كردينال آراغون (إسبانيا).

1521

خاص

زيارة الدوق شارل الثالث وزوجته بياتريس، بعد زواجهم الحديث.

الدوق شارل الثالث دي ساڨوا

الدوق شارل الثالث دي ساڨوا

وحصل أنّه، بعد بضع سنوات من العرض الأخير، اجتاحت الجيوش الفرنسيّة مملكة دوكات سافوا، ما اضطرّ الدوق شارل الثالث الانتقال إلى مدينة تورينو، مصطحبًا معه «الكفن المقدس»، حيث أقام له العرض العلنيّ الأوّل في هذه المدينة، في 4 أيار، العام 1535، الموافق «عيد الكفن المقدّس»، الذي كان البابا يوليوس الثاني أسَّسه العام 1506. ثمّ راح دوقات سافوا يجوبون به المدن المختلفة، فانتقلوا به من تورينو إلى ميلانو Milano، وإلى فرشللي Vercelli، وإلى نيس Nice ، ليعودوا به إلى شامبيري في العام 1561، ثمّ إلى تورينو، ليستقرّ فيها في الرابع عشر من شهر أيلول العام 1578، ولم يزل.

أثناء وجوده في تورينو، زاره أسقف ميلانو المحبوب،  القديس شارل بولومية، سيرًا على الأقدام، من ميلانو إلى تورينو، وفاءً لنذر قام به، كي تخلص أبرشيّته من مرض الطاعون، رافقه اثنا عشر شخصًا من المختارين، بينهم أغستينو كوزانو Agostino Cusano الذي كتب تقريرًا شيّقًا عن تلك الزيارة التي تمّت في أواسط تشرين الأوّل، العام 1578.

وفي الرابع من أيار، العام 1613، عُرض الكفن للجمهور، بحضور أسقف جنيف، القديس فرنسيس دي سال ، الذي كان يحمله بيديه. يتذكر الأسقف القدّيس هذا الحدث، في رسالة له إلى القدّيسة جان دي شانتال.

 

كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان في تورينو

كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان في تورينو

وفي الأوّل من حزيران العام 1694، وُضع الكفن في مقرٍّ جديد لا يزال فيه حتّى اليوم. وهذا المقرّ كناية عن كنيسة ملاصقة لكاتدرائيّة القدّيس يوحنا المعمدان في تورينو، من عمل المعماري الإيطالي غوارينو غواريني Guarino Guarini.

إنّ أهالي تورينو متعلّقون جدّاً بالكفن، بحيث لا يدعونه يترك المدينة إلاّ في حالات استثنائيّة، كما حصل مع بداية الحرب العالميّة الثانية، عندما تمَّ نقله إلى دير مونتي فرجينه Montevergine للآباء البنديكتيين، في جنوب إيطاليا، حيث مكث فيه من أيلول العام 1939 حتّى تشرين الأوّل العام 1946، حين عاد إلى مقرّه الأساسيّ.

البابا يوحنا بولس الثاني وأومبرتو الثاني دي ساڤوا

البابا يوحنا بولس الثاني وأومبرتو الثاني دي سافوا

الجدير بالذكر أنّ الكفن بقي مُلكًا لدوكات سافوا حتى آخر مَلك لهذه السلالة، واسمه أومبرتو الثاني، الذي توفّي معزولاً في البرتغال، في 18آذار العام 1983. وقد ضَمَّن وصيّته بندًا بالتنازل عن حقّه في ملكيّة الكفن لكرسي روما، شرط أن يبقى في مدينة تورينو. فقام البابا بتعيين رئيس أساقفة المدينة حارسًا للكفن، فعيّن، بدوره ، «اللجنة الأبرشيّة للمحافظة على الكفن» مؤلّفة من إكليروس وعلمانيين اختصاصيين، لمعاونته في هذه المهمة.

أثناء وجوده في تورينو كُشف عن الكفن مرّات عديدة، معروضًا أمام الجمهور أحيانًا، وأمام شخصيات مميّزة أحيانًا أخرى، أو أمام العلماء للمعاينة وأخذ العيّنات، نعرض تفاصيلها في الجدول التالي:

السنة

الزمان

النوع

عدد الزوار

المنـاسبــــة

1535

4 أيار

للعموم

العرض الأوّل للكفن في تورينو، على أثر لجوء شارل الثالث دي سافوا وعائلته إلى المدينة، بعد
أن اجتاحت الجيوش الفرنسيّة مقرّ إقامته في شامبيري- فرنسا

1536

أيار

للعموم

عرض استثنائي في ميلانو- إيطاليا

1537

29 آذار

للعموم

عرض استثنائي في نيس- فرنسا

1561

15 – 17 آب

للعموم

عرض استثنائي في شامبيري- فرنسا

1578

تشرين الأوَّل

للعموم

العودة النهائية إلى تورينو، وزيارة القدّيس شارل بوروميه

1604

4 أيار

للعموم

حضور الدوق شارل إيمانويل الأوّل وحاشيته

1606

14 شباط

خاصّ

الترحيب بالرئيس العام للرهبنة الكبّوشيّة، الأب سيلڤِسترو دا بيني

1613

4 أيار

للعموم

حضور القدّيس فرنسيس دي سال

1620

للعموم

الاحتفال بزواج الدوق ڤيكتور أماديوس دي سافوا من كريستين الفرنسيّة

1633

16 حزيران

للعموم

1635

4 أيار

للعموم

1638

خاصّ

الترحيب بالقدّيسة جان فرنسواز دي شانتال، مؤسّسة رهبنة «الزيارة» للنساء

1640

للعموم

الشكر على نجاة تورينو من وباء الطاعون

1642

للعموم

الاحتفال بعقد اتفاق السلام فيما بين دوكات سافوا

1647

4 أيار

للعموم

العرض المعتاد في هذا التاريخ. سُجِّلت بعض حالات الاختناق بين الزوار، بسبب التدافع، أدّت إلى موت بعضهم

1663

16 – 17 أيار

للعموم

الاحتفال بزواج الدوق شارل إيمانويل الثاني دي سافوا من فرانسواز دي أورليان

1665

للعموم

الاحتفال بالزواج الثاني للدوق شارل إيمانويل الثاني دي سافوا من ماريا دي سافوا نيمور

1665

14 أيار

للعموم

الاحتفال بعيد الصعود، بحضور سبعة أساقفة

1666

24 آذار

خاصّ

الترحيب بالدوق ماكسيميليان من بافاريا

1666

4 أيار

للعموم

العرض المعتاد في هذا التاريخ، بحضور رئيس أساقفة تورينو وأربعة أساقفة آخرين

1667

4 أيار

للعموم

1694

1 حزيران

للعموم

إيداع الكفن في كاتدرائية تورينو الجديدة، من أعمال المعماري الإيطالي غْوارينو غْواريني، في زياح احتفالي، إنطلق من القصر الملكي. الطوباوي سيباستيان فالفريه يضع غطاء أسود اللون لحماية قماشة الكفن

1722

4 أيار

للعموم

1737

4 أيار

للعموم

الاحتفال بزواج شارل إيمانويل الثالث من أليزابت دو لورين

1750

29 حزيران

للعموم

الاحتفال بزواج الدوق فيكتور أماديوس الثالث من ماريا انطونيا دي بوربون، أميرة إسبانيا

1769

16 حزيران

خاصّ

الترحيب بالأمبراطور جوزف الثاني هابسبورغ

1775

15 تشرين الأوَّل

للعموم

الاحتفال بزواج الأمير شارل إيمانويل الرابع

1804

13 تشرين الثاني

خاصّ

زيارة البابا بيوس السابع للمدينة، في طريقه إلى باريس، لإعلان نابوليون أمبراطورًا. ركع البابا أمام الكفن، وقَبَّله

1814

20 أيار

للعموم

الاحتفال بعودة النظام الملكي إلى إيطاليا بشخص الملك فيكتور إيمانويل الأوَّل

1815

21 أيار

زيارة البابا بيوس السابع بعد رجوعه من الأسر في فونتينبلو– فرنسا، بمشاركة سبعة كرادلة وثمانية أساقفة وجمع من الأشراف

1822

4 كانون الثاني

الاحتفال باستلام شارل فيلكس الحكم بعد تخلّي أخيه فيكتور إيمانويل الأوَّل عن العرش

1842

4 أيار

للعموم

الاحتفال بزواج الدوق فيكتور إيمانويل الثاني من ماري آديلايد، دوقة النمسا، بحضور دون بوسكو

1862

4 أيّام

حضور دون بوسكو

1868

24 – 27 نيسان

الاحتفال بزواج الأمير أومبرتو الأوّل من الأميرة مارغريت. قامت الأميرة كلوتيلد دي سافوا، راكعة، بإجراء بعض التصليحات على الكفن، واستبدال البطانة السوداء التي كان الطوباوي سيباستيان فالفريه وضَعَها، العام 1694، بأخرى من الحرير الأحمر

1898

25 أيار – 2 حزيران

للعموم

الاحتفال باليوبيل الخمسين لإنشاء مملكة إيطالياقام سكوندو بيا بالتقاط الصورة الأولى للكفن، ليلة 28 أيار، مفتتحًا حقبة جديدة، في دراسة الكفن، تستند إلى المعلومات العلميّة والموضوعيّة

1931

3 – 24 أيار

للعموم

مليونين

الاحتفال بزواج الأمير أومبرتو دي سافوا من الأميرة ماري جوزيه البلجيكيّة. قام المصوّر جيوزيبي أنرييه بالتقاط صور جديدة للكفن، في 23 أيار

1933

24 أيلول – 15 تشرين الأوَّل

للعموم

اليوبيل الأوّل للفداء الذي أعلنه البابا بيوس الحادي عشر. الطبيب الفرنسي بيار باربيه يعاين الكفن عن قرب.

1946

28 تشرين الأوَّل

خاص

عرض استثنائي لرهبان دير مونتيفِرجينِه، الواقع جنوب ايطاليا، حيث نُقل الكفن، بسبب الحرب العالميّة الثانية، لتجنيبه أضرار الغارات الجويّة على تورينو

1955

11 أيار

خاصّ

زيارة الآنسة فيرونيكا وولام، من إنكلترا، المصابة بمرض في العظم، غير قابل للشفاء، طالبة شفاعة الكفن المقدّس. استُجيب طلبها، فشُفيت من مرضها العضال، وكبرت وتزوّجت وأنجبت

1969

16 – 18 حزيران

خاص

بعض العلماء الاختصاصيين يعاينون الكفن عن قرب، ويأخذون الصور، من دون المسّ بالقماشة

1973

23 – 24 تشرين الثاني

خاص

العرض المتلفز الأوّل. العالم السويسري ماكس فراي يأخذ 12 عيّنة من الغبار الموجود على سطح القماشة؛ وعالم النسيج البلجيكي، جيلبر رايس، يقتطع بضعة ميلليمترات مربعة من الكفن، لدراسة القماشة

1978

27 آب – 8 تشرين الأوَّل

للعموم

3،مليون

مرور 400 عام على وجود الكفن في تورينوعلماء الستارب يقومون بمعاينة الكفن عن قربالمطران كارول فويتيلا يزور تورينو ويصلّي أمام الكفن، قبل بضعة أسابيع من انتخابه بابا روما، تحت اسم يوحنا بولس الثاني

1980

13 نيسان

خاص

زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى تورينو؛ البابا يقبِّل الكفن المقدّس

1988

21 نيسان

خاص

أخذ العيّنات التي ستَخضع لفحص الكاربون 14

1992

أيلول

خاص

خمسة علماء نسيج يعاينون الكفن من دون أن يأخذوا عيّنات

1998

18 نيسان – 14 حزيران

للعموم

مليونين

مرور 500 سنة على تكريس كاتدرائية تورينو، و100 سنة على التقاط سكوندو بيا الصورة الأولى للكفن. البابا يوحنا بولس الثاني يزور تورينو في
24 
أيار

2000

12 آب – 22 تشرين الأوَّل

للعموم

اليوبيل الكبير. أطول مدّة لعرض الكفن في التاريخناشر هذا الموقع يزور تورينو ويعاين الكفن للمرّة الأولى

2002

20 حزيران – 22 تموز

خاص

خضوع الكفن لعمليّة ترميم جذريّة أفرحت البعض وأحزنت البعض الآخر

2010

10 نيسان – 23 أيار

للعموم

مليونين

عرض علني استثنائي للكفن. ناشر هذا الموقع يزور تورينو ويعاين الكفن للمرّة الثانية، الاثنين 12 نيسان، والثلاثاء 13 نيسان. البابا بنديكتس السادس عشر يزور تورينو، الأحد 2 أيار، ويسجد للربّ يسوع في القربان الأقدس، وأمام الكفن المقدّس.

2013

30 آذار
الموافق سبت النور

خاصّ

العرض المتلفز الثاني بمناسبة “سنة الإيمان”، وبمشاركة 300 شخص من المتألمين في أجسادهم وعقولهم، في جوّ من الصلاة والتأمّل والتضرعات والأناشيد الروحيّة. البابا فرنسيس يبعث برسالة مصوّرة عُرضت على المشاركين.

2015

19 نيسان – 24 حزيران
بمناسبة الاحتفال بالمئويّة الثانية لولادة دون بوسكو

للعموم

البابا فرنسيس يزور تورينو في 21 حزيران.

كفن المسيح
كفن المسيح

ويعتقد العديد من المؤمنين أن جسد يسوع مطبوع بطريقة ما على القماش، لكن هناك الكثير من المتشككين الذين شككوا في شرعية الكفن منذ عرضه لأول مرة في خمسينيات القرن الرابع عشر.

لكن باحثين إيطاليين استخدموا تقنية جديدة تتضمن  الاشعة السينية لتحديد تاريخ الكفن، وتظهر النتائج التي توصلوا إليها أنه تم تصنيعه قبل حوالي 2000 عام، في الوقت الذي عاش فيه  الرب يسوع ومات.

وقد أجرى علماء في معهد علم البلورات الإيطالي التابع للمجلس الوطني للبحوث دراسة حديثة باستخدام تشتت الأشعة السينية ذات الزاوية الواسعة (WAXS)، وفقًا لتقارير ديلى ميل البريطانية، وتقيس الطريقة العمر الطبيعي لسليلوز الكتان وتحوله إلى وقت منذ التصنيع.

ويقول العلماء إن التوقيت يضيف ويضفي مصداقية على النظرية القائلة بأن بقعة الدم الباهتة لرجل ملتحٍ وذراعيه مطويتان إلى الأمام قد خلفها جثمان  المسيح.

ويقول الكتاب المقدس أن يوسف الرامي لف جسد يسوع بكفن من الكتان قبل أن يضعه في القبر، ثم دحرج حجرًا كبيرًا لتغطية المدخل.

تم حفظ الكفن منذ عام 1578م في الكنيسة الملكية بكاتدرائية سان جيوفاني باتيستا في تورينو بإيطاليا.

القماش يظهر صورًا باهتة بنية اللون في الأمام والخلف، تصور رجلاً هزيلًا بعينين غائرتين يبلغ طوله حوالي 5  و6 إلى 7 أقدام.

تتوافق العلامات الموجودة أيضًا مع جروح صلب يسوع المذكورة في الكتاب المقدس، بما في ذلك علامات الشوك على رأسه، وجروح في ظهره وكدمات على كتفيه.

حواشي البحث

1 البطريرك اسطفان الدويهي، منارة الأقداس، المنارة الثالثة، الشرح الثالث، الفصل العاشر، صفحة 312.

2 النصّ الأصلي محفوظ في المكتبة الملَكيّة في كوبنهاغن.

3المخطوط موجود في المكتبة الوطنيّة في بودابست (هنغاريا).

4 راجع: G. Graf, Geschichte der christlichen arabischen Literatur, II, p. 259-260

5 المخطوط موجود في المكتبة الوطنيّة في مدريد.

6 محفوظات دير القدّيسة كاترينا فورمييللو في نابولي (إيطاليا). وكلمة فورمييللو تعني بالقرب من مجرى المياه.

7 الشناونة جمع شانوان، والشانوان هو لقب يُمنح إلى أحد الإكليريكيين أو العلمانيين الملتزمين في كنيسة معيّنة. وهذا اللقب موجود في الكنيسة اللاتينية الغربية فقط، ولا وجود له في كنائس المشرق.