…مصرع باسل الأسد …
في منتصف شهر حزيران عام ١٩٧٦ دخلت القوات السورية إلى لبنان بطلب من عضو الجبهة اللبنانية ورئيس الجمهورية سليمان فرنجية ورافقت هذا الدخول زيارات كبار زعامات العائلات اللبنانية وأولادهم، ولا شك أن فكرة توريث السلطة لابنه باسل خطرت في ذهن حافظ الأسد يومها من مشاهدته أن كل هذه العائلات السياسية تورث الزعامة لأولادها منذ مئات السنين وخاصة أن السياسة تنتقل بالعدوى فكيف إذا جاءت من لبنان الذي لا تأتي منه إلى سورية إلا كل المصائب كما قال الرئيس العظم يوما، ولعل توريث السلطة ل باسل الأسد ثم الابله بشار كان أكبر تلك المصائب التي حلت بنا.
اختمرت فكرة التوريث عند حافظ الأسد بعد مرضه عام ١٩٨٤ ثم خلافة مع أخيه رفعت فيما عرف ب أحداث السرايا حيث اصطحب معه نجله باسل عندما قام ب إجلاء قوات سرايا الدفاع عن دمشق وأصبح باسل يلازمه ليل نهار.
توريث السلطة
كان حافظ الأسد يدرك أن أفضل طريقة لتوريث الحكم إلى ولده الأكبر ستكون عبر انخراط باسل في القوات المسلحة صاحبة الأمر والنهي في سورية ولكن كيف السبيل إليها وباسل يومها خريج هندسة مدنية، فتم استخراع أمر جديد وهو إقامة دورة مهندسين قياديين داخل القوات المسلحة مدتها ثلاثة أشهر يصبح بعدها خريج هذه الدورة ضابط قيادي في القوات المسلحة برتبة ملازم أول وكان باسل مع أولاد طلاس واصلان وفياض أول من انتسب إلى هذه الدورة عام ١٩٨٦ ليتخرج منها ملازم أول مهندس قيادي والتحق بعدها بالحرس الجمهوري قائد كتيبة مسؤولة عن حماية القصر الجمهوري وفي نفس الوقت مسؤول عنه بشكل كامل وكان معه مناف طلاس.
ظهور باسل الاسد
بدأ الظهور العلني لباسل الأسد عندما ألقى كلمة الوفد السوري المشارك في دورة البحر الأبيض المتوسط عام ١٩٨٧في اللاذقية واطلق عليه عدنان بوظو لقب الفارس الذهبي بعد فوزه ب عدة ميداليات ذهبية لمسابقة الفروسية وكيف لا يفوز و هو ابن رئيس الجمهورية.
اتبع بعدها باسل عدة دورات عسكرية كان أهمها دورة أركان في الاتحاد السوفييتي و هناك تعرف على النقيب محمد كمال سليمان الذي أبتسم له القدر يومها حيث قام بترجمة اطروحة باسل الأسد الى اللغة الروسية ويبدو أن أصول سليمان المتواضعة كانت وراء ذلك الاختيار .
في تشرين الثاني ١٩٩١ تم تجديد الولاية الرئاسية ل حافظ الأسد للمرة الرابعة عبر استفتاء شعبي هزيل فكانت مناسبة لتلميع صورة باسل الأسدوإظهارهإلى السوريين عبر أغنية (أبو باسل قائدنا يا ابو الجبين العالي )التي اشرف عليها وزير الإعلام السابق محمد سلمان وقام بالغناء علي حليحل مع فرقة الرقة للفنون الشعبية وصارت تذاع عشرات المرات ليلا ونهارا من الإذاعة والتليفزيون .

ارسل حافظ الأسد ابنه إلى لبنان الواقع تحت النفوذ السوري منذ حرب الخليج الثانية حيث قابل كل المسؤلين اللبنانيين وفتحت له الخزائن والقصور وكانت أهم محطاته لقاء قائد الجيش أميل لحود الذي وجد في باسل الأسد سندا له ضد الرئيس الحريري تحت حجة حماية المقاومة وكاد أميل لحود يصبح رئيسا عام ١٩٩٥ لولا وفاة باسل الأسد،
مصرعه
بدأ دور باسل يتصاعد داخل سورية وأصبح رئيس الوزراء محمود الزعبي يرافقه ليل نهار ولا يوقع أي أمر دون معرفته ولا يتحرك إلى أي مكان دون علمه وأصبح باسل الأمر الناهي يعزل فلان ويعين فلان وبدأ يزرع أنصاره داخل الجيش والحزب والحكومة لكن يا فرحة ما تمت حيث أن ما حصل يوم ٢١ كانون الثاني ١٩٩٤ دمرت أحلام باسل الأسد وكتبت له نهايته المأساوية.
صبيحة ذلك اليوم وكان يوم جمعة انطلق باسل الأسد من فندق ايبلا الشام بسيارته مسرعا بشكل جنوني نحو طريق المطار ليتمكن من اللحاق برحلة الخطوط الجوية الألمانية وكان الضباب يغطي الطريق بشكل كثيف ما أدى إلى اصطدام السيارة ب منصف الطريق حيث صعد دولاب السيارة الأمامي إلى أعلى حافة المنصف وفقدت توازنها وطارت في الهواء وترتطم ب الأرض مجددا ما أدى إلى اصطدام رأس باسل الأسد بشمعة باب السائق وتكسرت جمجمته فلقي مصرعه على الفور.
انتشرت الشرطة العسكرية على الفور وتم قطع الطريق من دوار حسن الخراط قرب باب شرقي حتى دوار المطار مكان وقوع الحادث ومنع اقتراب أحد منه ولم يتجرأ أحد أخبار حافظ الأسد عما حصل لابنه وبعد نقاش طويل قرر مصطفى طلاس وزير الدفاع ورئيس الأركان حكمت الشهابي ووزير الخارجية زيارته في منزله و اخباره ما حصل حيث قال لهم عند رؤيته لهم أن أمرا ما حصل لباسل حيث قامت مآذن دمشق ب إذاعة الخبر لتلحق بها الإذاعة والتليفزيون وفي لبنان كان نبيه بري رئيس مجلس النواب قد دعا النواب الوقوف دقيقة صمت حزنا وسط بكاء أغلب أعضاء مجلس النواب اللبناني
لا يمكن النظر إلى مصرع باسل الأسد دون قراءة تأثيره في الداخل السوري حيث تم توريث كل ما قام به باسل إلى أخيه بشار ضعيف الشخصية والذي كان يعاني الاهمال داخل أسرة الأسد ما سبب عنده عقد نقص كثيرة دفعنا نحن السوريين ثمنها لاحقا من استبداد ودمار كبيرين ناهيك ان فكرة التوريث فكرة قاتلة قضت على كل أحلام السوريين في الحرية والعدالة والمساواة .
من صفحة ا. سامر الموسى