مقام سيدة الينبوع الحي/ الجوزية في اللاذقية

مقام سيدة الينبوع الحي/ الجوزية في اللاذقية

دعي هذا المقام العجائبي  “دير سيدة الينبوع الحي” (وكانت تسميته قبلاً سيدة الجوزية نسبة لموقع الجوزية) تيمنا ببئر الماء الموجود فيه الذي تفجر في 1958. فعلى بعد 16 كيلو مترا من شمالي “اللاذقية” في سورية وعلى الطريق الدولي الواصل ما بين “اللاذقية” و”انطاكية”، ويبعد 16 كيلومتراً عن اللاذقية على طريق كسب هناك  تقع قرية “خربة الجوزية”، التي كانت شاهدة على ظهور والدة الاله السيدة مريم العذراء في صيف 1958 في مشهد لفتاة مؤمنة تدعى “سلمى جرجس دكر”، حيث أرشدتها لحفر بئر في مكان حددته لها على تلة ما في القرية وعلى الطريق العام ذاته.

قصتها

“سها الحناوي” أحد مرتادي المقام تقول: «منذ صغرنا كنا نرتاد المقام لنحضر الصلاة والمناسبات الدينية ونشعل الشموع ونتبارك بالزيت المقدس ونتضرع لله، ونقوم بمناسكنا الدينية وقد حدث مرة أن كانت هناك امرأة تعاني من العقم على مدى 10 سنوات مضت فنذرت بأن تأتي إلى المقام خلال أعياد ميلاد أولادها لتقدم الهبات والنذور وتشعل الشموع لهم وفعلا، وبعد مضي سنتين أتت الأمرأة لتحتفل بعيد ولديها التوأم في المقام وتشعل الشموع لهم ولتقدم الصلاة إلى الله».
في تفاصيل الحكاية والتي يرويها المسؤول عن المقام ظهر لها، فبادروا إلى شراء دونمات محددة في ذلك المكان ليشيدوا مقامًا للسيدة العذراء بحسب ما قالت، وليكون عربون محبة وإكرام للسيدة الطاهرة عليها السلام.. وعندما تم الحفر تدفقت المياه في المكان عينه، وفاحت رائحة الطّيب من المياه المتدفقة لمدة ثلاثة أيام عمّت رائحته المنطقة بأسرها، وشهد هذه المعجزة ألوف من المؤمنين من مختلف الطوائف والأديان، الذين احتفظوا بهذه المياه في منازلهم للتبرك والعلاج منها».

عجائبها

تكررت مشاهدة السيدة العذراء في هذا المكان عدة مرات وحدثت شفاءات لأشخاص كانوا يعانون من أمراض كثيرة ومستعصية مثل نساء عواقر لم ينجبن يأتون إلى الدير طالبين الشفاء، وحالات سرطان كثيرة تم شفاؤها فنقوم بإعطائهم قليلا من الزيت المقدس أو من مياه النبع الطاهر، كما نملك سجلًا بأسماء الأشخاص الذين تم شفاؤهم».

تكريس المكان

مطران اللاذقية تريفن غريب
مطران اللاذقية تريفن غريب
بعد أول ظهور للسيدة العذراء في هذا المكان، تم تدشين المكان وبناء المقام على يد عائلة دكر (سابا دكر وزوجته سلمى دكر)، ولم تبق هذه القصة محصورة في عائلة دكر بل وصلت إلى متروبوليت الابرشية مثلث الرحمات  المطران “تريفن غريب” الذي تابع الأحداث شخصيًا من موقعها وزار المكان الآلاف من الناس والزوار من كل الأديان والطوائف. وبتاريخ 15/8/1959 وهو ذكرى رقاد السيدة العذراء 15 آب من كل عام قام المطران “تريفن غريب” بتكريس المقام، وفي عام 1962 أوفد مثلث الرحمات غبطة البطريرك ثيودوسيوس  السادس (ابو رجيلي) (1958-1970) بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، والمتروبوليت فيوتيوس خوري مطران  ابرشية بغداد والكويت اعترافًا منه بحقيقة سيدة الجوزية وأقيم احتفال سنوي بالذكرى،

هبة المكان

وفي 12/7/2004 قام السيد “سابا ميخائيل دكر” وعقيلته “سلمى” بزيارة إلى دار المطرانية في “اللاذقية”، حيث استقبلهما مثلث الرحمات  المتروبوليت “يوحنا منصور” راعي ابرشية اللاذقية وتوابعها  وقدما له المقام وقطعة أرض تحيط به وتبلغ أربعة دونمات كهبة مباركة، بعد أن خدما هذا المقام طوال نصف قرن.

الاحتفالات اللاحقة

أجراس وشموع وزينة وناس وعيد في دير سيدة الجوزية والذي يبعد 16 كم عن اللاذقية على طريق كسب، يعتلي بناؤه على تلة صغيرة تضج بالجمال والهدوء والطبيعة الغناء في الفناء المحيط به.
الأرشمندريت باييسيوس سابا أشار إلى أن هذا الدير قد بدأ تشكيله وإنشاؤه عام 1958 بظهور السيدة العذراء لصاحبة الأرض زوجة الدكتور ثابت دكر وقد دلتها على مكان بئر ماء وسرعان ما قامت بحفره ليتدفق ماؤه بعطر طيب وعملت المزار ووضعت أيقونة العذراء 1963 وبقي هذا المزار لسنة 2004 تحت رعايتهم إلى أن قاموا بالتبرع بالأرض والمقام والبئر للكنيسة وفي عام 2011 عمل المطران المتوفي يوحنا منصور على أن يكون هذا الدير في المنطقة كدير رهباني يجتمع فيه الناس ويصلون ويقيمون فيه لخدمته وخدمة المنطقة وكان الأمر حيث تم توسيع الكنيسة عام 2011 وأخذت شكلها الحالي كنيسة ومزاراً،

كنيسة المقام بعد ان تم توسيعها
كنيسة المقام بعد ان تم توسيعها

وقد كانت عبارة عن غرفة صغيرة وامتدت بالقرميد وتم توسيع الكنيسة في ذاك الوقت والتاريخ وحالياً نشتغل ليكون هذا الدير مركزاً رهبانياً حيث نقوم ببناء كنيسة ضخمة على مساحة 500متر وتحتضن صالة واسعة، أما البنى التحتية للدير نحاول تجهيزها بالماء والكهرباء إضافة لخدمات أخرى وحالياً يحيط سور الدير على بناء الدير والكنيسة وبناء آخر للزوار نقوم بتجهيزه، هذا الدير أصبح معروفاً على مستوى العالم كله بدير سيدة الجوزية، ونعمل ليكون موئلاً للكل يستفيد منه الجميع أولادنا والمغتربون والزوار والسياح وغيرهم، نقوم بخدمتهم، إذ لا توجد غير هذه الكنيسة في المنطقة فهم يأتون إليها يقدسون ويصلون ونحن نقوم بنشاطاتنا ورعايتهم وخدمتهم.
عيد (العدرا) هو عيد رقاد السيدة يحتفل به العالم كله، ودائماً في الكنيسة نحتفل بعيد رقاد القديسين وليس بعيد ميلادهم، نحن في الكنيسة لدينا فقط (العدرا) ويوحنا المعمدان والمسيح يسوع لنحتفل بعيد رقادهم أما بقية القديسين فنحتفل بعيد ميلادهم، واليوم هو عيد (العدرا) 15 آب عيد رقادها، إذ تبدأ مراسم العيد بأول شهر آب وأول مظاهره هو الصوم من (1-14) آب المكرس (للعدرا) فدائماً ما يسبق الأحداث المهمة بالكنيسة صوم وتهيئة للعيد وبما أنه عيد (العدرا) قديسة القديسين وأم الكل فهو عيد هام بالكنيسة يترافق بصوم 15 يوماً حتى يكون لنا عيد الرقاد.

مقام سيدة الينبوع الحي/ الجوزية في اللاذقية
مقام سيدة الينبوع الحي/ الجوزية في اللاذقية

 

عيد الرقاد هو انتقال (العدرا) من حياتها الأرضية لحياتها السماوية نسميه رقاداً وليس موتاً، فالقديسون لا يموتون رقدت (العدرا)، وماتت بشكل طبيعي جسدياً لكن بروحها غير مؤكد وأيضاً بجسدها، إذ توجد قصة بالتراث جميلة تحكي أن أحد الرسل القديسين الذي لم يلحق ليحضر جنازة العدرا وهو القديس توما وكان قد اجتمع الرسل لمرافقة العدرا ليضعوها بالمغارة في مثواها الأخير وهو بعد ثلاثة أيام قد وصل وأراد أن يأخذ بركة العدرا مثل بقية الرسل، ولما دخل ودخلوا معه المغارة لم يجدوا جسدها، فقط ثوبها وزنارها تركته بركة للبشرية، وما زال موجوداً قسم كبير من زنار العدرا في حمص بكنيسة أم الزنار وأيضاً قطع منه هي في أديرة كثيرة بركة للناس.

 

الصلاة اليومية تتوج احتفالات العيد صلاة خصوصية (بالعدرا) تسمى صلاة الابتهال (البراكسلي) نقيمها فقط بصوم العذراء نكرسها لطلب شفاعة (العدرا) وبيوم رقادها، نحن في الكنيسة لا نحتفل بسهرات وأعياد وبهرجات دنيوية إنما نقوم بصلوات مستمرة نكرم فيها (العدرا) ونطلب شفاعتها فهذه هي تقاليدنا، وقد اعتدنا بعد القداس وبعد الصلاة والرعية كلها مجتمعة أن نجهز لقمة بركة ونطبخ الهريسة ليتناولها الجميع بعد الصلاة والقداس ويأخذون البركة، وهو تقليد شعبي وليس تقليداً كنسياً يشارك به أهل المنطقة وكل من يقصد المكان وعلى مدار السنة يأتون وليس فقط بعيد (العدرا).

متروبوليت اللاذقية اثناسيوس فهد يرأس احتفلات عيد رقاد السيدة في دير سيدة الجوزية
متروبوليت اللاذقية اثناسيوس فهد يرأس احتفلات عيد رقاد السيدة في دير سيدة الجوزية

دير سيدة الجوزية يسمى بدير أم العجائب يقصده المسيحيون وغيرهم من المسلمين وأهالي المنطقة القريبة منه ويروون القصص والحكايا عن بركة (العدرا) وشفاعتها لهم وكلهم إيمان بقداستها فيأتون لزيارتها ويشربون من ماء نبعها الذي فيه الشفاء والصفاء.

 

 


by

Tags:

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *