سورة مريم

ميلاد الرب يسوع في الكتب الاسلامية

ميلاد الرب يسوع في الكتب الاسلامية

ميلاد الرب يسوع في الكتب الاسلامية

” فأجاءَ (مَريَمَ) المخاض الى جذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً ” (سورة مريم)

تمهيد

سورة مريم
سورة مريم

يشكل ميلاد الرب يسوع اهم حادثة على الاطلاق في تاريخ البشرية، لذا يبدأ معه التاريخ والتأريخ…

ميلاد السيد له المجد شكل منعطفاً في مسير الانسانية التي كانت بحاجة ماسة الى اصلاح عام، وهو الذي شق قلب التاريخ الى عصرين متميزين، عصر ماقبل الميلاد، وعصر مابعده.

المسيحية لم تكن ديناً بالمفهوم الفلسفي المعروف، ولم يكن المسيح له المجد منشىء لدين جديد،” انا ماجئت لأنقض، جئت لأكمل…” لذا تعرض ابن الانسان يسوع الذي لم يكن له موضع يسند اليه رأسه، وكان يقيم الموتى ويشفي السقماءويجبر بخاطر الثكالى فيقيم اولادهن…قابله اليهود ابناء الأفاعي بشن حملة افتراءات وتضليل كما في كل ادوارهم… حملةُ تعذيب لا تُوصف انتهت باستشهاده على الصليب… وانتصاره على الموت بقيامته من بين الأموات…وكانت قيامته ليست ضلالة بل حقيقة دامغة غيرت مجرى الحياة الانسانية كلها…

وانتقل العسف والتعذيب والاضطهاد الى تلاميذه ورسله، بعد العنصرة، الذين لقوا من الأهوال ما تضيق بذكره الأسفار وما يخجل من ذكره بنو الانسانية من فظائع واهوال… صلب وقطع هامات وقلي في الزيت وحرق على اكمات… واشعال الاجساد حية مشاعل لتنير قصور روما وحكامها في كل الامبراطورية الرومانية والفارسية وكل مكان وصل اليه هؤلاء الرسل العزل الا من الصليب في قلوبهم… الى تقطيع ودق الرؤوس بالمسامير الكبيرة والسحل…حتى الآباء المتجبرون قتلوا بأيديهم أبناءهم وبناتهم لأنهم جحدوا ايمان الوثن وعباداته ومنها احتفالات الجنس المجنونة الماجنة في معابد الاوثان… والوثنية رمز الدولة الرومانية والدولة الفارسية…

طيلة 313 سنة والمسيحيون يلاقون المصير ذاته الذين لاقاه معلمهم الالهي، وكانوا في تكاثر مابعده من تكاثر، يُقبلون الى الموت والاستشهاد سعداء لأنهم تشبهوا بهذا المعلم الذي اصطفاهم…

ايقونة الميلاد
ايقونة الميلاد

فكانوا كحبة الحنطة التي تنبت سنبلة وسنابل… والبركة تعم منها المسكونة…

بعد 313 سنة عذاب واضطهادات…ارسل الله من بتدبيره جعله معادلاً للرسل الأطهار قسطنطين القيصر وامه هيلانة التي كانت وراء تربيته الانسانية المسيحية الثملة بايمانها بالرب يسوع كبقية المؤمنين وقتها، لكنها لم تتعرض لما تعرضوا له جزاء ايمانهم، فكانت وراء قرار ابنها القيصرفي وقف حمامات الدم المريعة بحق المسيحيين، وكان مرسومه المدعو “براءة ميلان السنة 313 مسيحية” التي اطلقها من ميلانو فأوقف بها كل آلة البطش بحق اتباع السيد الذي صاروا بمئات الألوف…ونموا واصبحوا بذاراً خيراً لما نحن عليه الآن…

قبل المسيح وميلاده…

عندما فشلت حكمة اليونانيين، وفشا الفساد والعهر في معابد الرومان وآلهتهم الوثنية، وغمر اليأس قلوب ابناء الرجاء الذين وعدهم الله بالخلاص من خطيئة الجدين، وكانت بذرة الرجاء قد نبتت في قلوب المتقين من “يونانيين الذين يطلبون الحكمة” ورومانيين و”يهود يطلبون الآية” واذا كوكب الصبح قد لاح وشمس البر قد اشرقت يوم ولد ابن الانسان في بيت لحم، وهي (افراثا الصغيرة) التي قال فيها النبي:”…ولكن منك سوف يخرج ممن يكون متسلطاً على اسرائيل ومخارجه منذ القديم، منذ ايام الأزل.” (ميخا 5 : 2)

ميلاد المسيح في الاسلام

في مقالنا هذا، قصدنا ان نذكر فيه ماورد في الكتب الاسلامية عن ميلاد” عيسى بن مريم” من منظوم ومنثور، بدون تعليل ولا تعليق، تاركين لأولي الالباب فهم المقصد…ليس الا…

السيد المسيح قبل الهجرة

عَرفَ عربُ الجزيرة فيما عُرفَ بالجاهلية (ولنا فيها رأي سيما وانهم كانوا اهل أدب وعلم ومنهم الشعر الملحمي… وفيهم مسيحيون ويهود…) أحداث العهد الجديد واخباره مما رواه الانجيليون الأربعة في بشاراتهم عن السيد المسيح وسيرة حياته وتعليمه وموته وقيامته، يضاف اليها امور ورد ذكرُها في التقليد الراقي الى قرون المسيحية الأولى، ودوَّنَتْ في تآليف عديدة بعضها صحيحة صادقة، كمصنفات آباء الكنيسة القدماء، وبعضها امتزج فيه الغثُ بالسمين والباطل باليقين كبعض الاناجيل المزورة (ابو كريفا) وانتشر قسم منها في بلاد العرب مما يسمى ب (عهد الجاهلية) كإنجيل الايبونيين مع جماعة القس ورقة بن نوفل اسقف مكة وابن عم محمد وخديجة، وسواه ممن سكنوا الصحراء على دروب القوافل التجارية بين الشام والعراق وشبه جزيرة العرب من رهبان النساطرة كالراهب بحيرا…

فمما عرفه اهل ذاك العهد من عرب الجزيرة ان المسيح جاء في آخر الأيام لينشر رسالة السلام على الارض، وان الرهبان يسبحون اسمه في كل هيكل.

قال السمؤل

” في آخر الأيام جاء مسيحنا……..فأهدى بني الدنيا سلام التكامل”

من الشطر الأول يُفهم بأن السمؤل كان مسيحيا بقوله “مسيحنا” وفي رواية أخرى كان يهودياً من يهود قريش.

ولعمرو بن الحق

” وما سبَّحَ الرهبان في كل هيكل……….أبيل الأبيلين المسيح ابن مريم”

وقد روى العرب بتفصيل بشارة الملاك للعذراء مريم بالمسيح وحبلها من الروح القدس وكل ذلك منقول عن كتب غير قانونية مدسوسة (مزورة). منها قصيدة عامرة لأمية بن ابي الصلت التي مطلعها:

“وفي دينكم من رب مريم آية…………..منبئة بالعيد عيسى بن مريم

أثابت لوجه الله ثم تبتلت……………. فسبح عنها لومة المتلوم”

وهاك آخرها

فقال لها: اني من الله آية…………….. وعلمني والله خير معلم

واُرسلت لم اُرسل غويا ولم أكن………..شقياً ولم اُبعث بفحش ومأتم

المسيح في دعوة محمد ومابعد

وقد ورد في القرآن آيات في سور عديدة ذكر منها اسم المسيح عيسى بن مريم: (البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، التوبة، مريم، المؤمنون، الأحزاب، الشورى، الزخرف، الحديد، والصف).

وجاء في“سورة مريم” خبر الحبل بالسيد المسيح وولادته كما يلي:

“واذكر في الكتاب مريم اذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقياً. قال اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقياً. قال انما انا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً. قالت انى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أكن بغياً. فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً. فأجاءها المخاض الى جذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً. فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً. وهذي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا فكلي واشربي وقري عينا فأما ترين من البشر احداً فقولي اني نذرت للرحمن صوماً فلن اكلم اليوم انسيا. فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئاً فريا. يا أخت هارون ما كان ابوك امرأ سوء وما كانت امك بغيا. فأشارت اليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً. قال اني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا، وجعلني مباركاً اينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أُبعث حيا”…” (سورة مريم 16 – 33)

المسيح في تقاليد العرب

وقد عرف العرب من التقليد ان مريم العذراء مباركة بين النساء، وتفوق شرفاً نساء العالمين، فطهرها الله منذ حبل بها بالبطن وذلك بنعمة خاصة منه تعالى حتى ان الثعلبي روى في كتاب قصص الأنبياء المسمى بالعرائس ( صفحة 733 من طبعة مصر) واسنده الى ابي هريرة عن الرسول وهو قوله:” وما من مولود الا والشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخاً من مس الشيطان اياه الا مريم وابنها.” ثم يقول ابن هريرة: ” واقرؤوا ان شئتم – واني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم”. وعنه ايضاً:” لم يتكلم في المهد الا ثلاثة، عيسى وجريج، وكان رجلاً عابداً في بني اسرائيل، وطفل رضيع ايضاً من بني اسرائيل”

وذكر الثعلبي (صفحة 335-338) وروى قبله المقدسي ابن طاهر في كتاب البدء والتاريخ (ج3: 118 – 120) خبر مولد مريم العجيب من حنة العاقر بعد نذر والدتها ثم اعتزالها في هيكل اورشليم لخدمة الكهنة، ثم كفالة زكريا لها في الهيكل الى حين خطبتها على يوسف.

ويعلق صاحب كتاب “قصص الأنبياء” عبد الوهاب النجار على بعض ماجاء في القرآن بشان حبل مريم بما يلي:” انا لايمكنني أن أفهم ان حادث حبل مريم يمر بين اليهود دون أخذ ورد وطلب محاكمة ولا يعقل انهم صدقوها، ان ذلك حصل بفعل الله دون ان يكون لانسان دخل فيه بمجرد قولها. وقد سكتت الأناجيل عن ذلك، وانما ذكره القرآن فقط كما سبق ذكره. والظاهر من عبارة القرآن انهم رموها بالزنا ( وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً)”. ( صفحة 385)

هذا في القرآن والحديث، اما في كتب مؤرخي العرب فقد قرأنا الشيء الكثير عن ميلاد السيد له المجد نكتفي هنا بذكر مايلي:

* ذكر ابو الفداء المؤيد ( 1273 – 1332 ) في كتابه” المختصر في اخبار
البشر”( ج1- ط مصر ص 34-35) عن عيسى ابن مريم عليه السلام مايأتي:”اما مريم فاسم امها حنة زوج عمران وكانت حنة لا تلد واشتهت الولد فدعت بذلك ونذرت أن رزقها الله ولداً جعلته من سدنة بيت القدس. فحبلت حنة وهلك زوجها عمران وهي حامل فولدت بنتاً وسمتها مريم ومعناها العابدة ثم حملتها واتت بها الى المسجد ووضعتها عند الأحبار وقالت دونكم هذه المنذورة فتنافسوا فيها لأنها بنت عمران وكان من ائمتهم. فقال زكريا انا أحق بها لأن خالتها زوجتي فأخذها زكريا وضمها الى ايساع خالتها. فلما كبرت مريم أفرد لها زكريا غرفة وارسل الله جبريل فنفخ في مريم فحبلت بعيسى وولدته في بيت لحم وهي قرية قريبة من القدس سنة اربع وثلثماية لغلبة الاسكندر. ولما جاءت مريم بعيسى تحمله قال لها قومها لقد جئت شيئاً فرياً وأخذوا الحجارة ليرجموها. فتكلم عيسى وهو في المهد معلقاً في منكبها. فقال اني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً اينما كنت. فلما سمعوا كلام ابنها تركوها. ثم ان مريم اخذت عيسى وسارت به الى مصر وسار معها ابن عمها يوسف بن يعقوب بن ماتان النجار وكان يوسف المذكور نجاراً حكيماً ويزعم بعضهم انه كان قد تزوج مريم ولكنه لم يقربها وهو اول من انكر حملها ثم علم وتحقق براءتها وسار معها الى مصر واقاما هناك اثني عشر سنة، ثم عاد عيسى وامه الى الشام ونزلا الناصرة وبها سميت النصارى واقام بها عيسى حتى بلغ ثلاثين سنة فأوحى الله تعالى اليه وارسله الى الناس”.

* ذكر المقريزي ( 1358 – 1441) في كتابه ” القول الأبريزي” في هذا الشأن مافحواه:”… وكان من خبر عيسى عليه السلام ان مريم ابنة عمران بينما هي في محرابها اذ بشرها الله تعالى بعيسى فخرجت من بيت المقدس وقد اغتسلت من المحيض فتمثل لها الملاك بشراً في صورة يوسف بن يعقوب النجار احد خدام القدس فنفخ في جيبها فسرت النفخة الى جوفها فحملت بعيسى كما تحمل النساء بغير ذكر بل حلت نفخة منها محل اللقاح، ثم وضعت بعد تسعة أشهر وقيل بل وضعت في يوم حملها بقرية بيت لحم من عمل مدينة القدس في يوم الأربعاء خامس عشرى كانون الأول وتاسع عشرى كيهك سنة تسع عشرة وثلثماية للاسكندر فقدمت رسل ملك فارس في طلبه ومعهم هدايا لها ذهب ومر ولبان. فطلبه هيرودس ملك اليهود ليقتله وقد انذره به فسارت امه به وعمره سنتان على حمار ومعها يوسف النجار حتى قدموا الى ارض مصر فسكنوها مدة اربع سنين ثم عادوا وعمر عيسى ست سنين فنزلت به مريم قرية الناصرة من جبل الجليل فاستوطنتها فنشأ بها عيسى حتى بلغ ثلاثين سنة…”

ميلاد السيد في ما يسمى انجيل برنابا المنحول والمزيف…

في هذا الكتاب المزعوم عنه انه انجيل الكاذب والمزيف والمنحول والمتهم بكتابته الرسول ابن الرعد برنابا الغيور…(وكاتب هذه القصة التافهة اما يهودي اندلسي اكره على اعتناق المسيحية بعد طرد المسلمين من اسبانيا لأن اليهود كانوا محميين من مسلمي الاندلس نظاماً ومجتمعاً بخلاف الاسبان نظاماً ومجتمعاً، ويستوي ذلك ايضاً معه انه مسلم اندلسي مطرود من اسبانيا او اكره على اعتناق المسيحية ليبقى في اسبانيا وكان مطلعاً على المسيحية كتبه ويقصد وتدمير المسيحية من الداخل… وتعود فترة كتابته الى فترة طرد المسلمين من اسبانيا…). (انظره في موقعنا هنا)

نقرأ مايلي بشأن ولادة المسيح العجيبة وما تلاها فوراً، نذكره هنا بالحرف ليطلع عليها القراء من باب العلم بما لا يعلمون وليس غير.

* الفصل الثالث:” وكان هيرودس في ذلك الوقت ملكاً على اليهودية بأمر قيص اوغسطس وكان بيلاطس حاكماً في زمن الرياسة الكهنوتية لحنان وقيافا، فعملا بأمر قيص اكتتب جميع العالم، فذهب اذ ذاك كل الى وطنه، وقدموا نفوسهم بحسب اسباطهم لكي يكتتبوا. فسافريوسف من الناصرة احدى مدن الجليل مع امرأتهوهي حبلى ذاهبا الى بيت لحم ( لأنها كانت مدينتهوهو من عشيرة داود) ليكتتب عملاً بأمر قيصر،ولما بلغ بيت لحم لم يجد فيها مأوى إذ كانت المدينة صغيرة وحشد جماهير الغرباء كثيراً، فنزل خارج المدينة في نزل جعل مأوى للرعاة. وبينما كان يوسف مقيماً هناك تمت ايام مريم لتلد، فأحاط بالعذراء نور شديد التألق وولدت ابنها بدون ألم، وأخذته على ذراعيها وبعد ان ربطته بأقمطة وضعته في المذود اذ لم يوجد موضع في النزل. فجاء جوق غفير من الملائكة الى النزل بطرب يسبحون الله ويذيعون بشرى السلام لخائفي الله وحمدت مريم ويوسف الله على ولادة يسوع، وقاما على تربيته بأعظم سرور” (ص 5-6).

* الفصل الرابع: ” كان الرعاة في ذلك الوقت يحرسون قطيعهم على عادتهم، واذا بنور متألق قد أحاط بهم وخرج من خلاله ملاك سبح الله، فارتاع الرعاة بسبب النور الفجائي وظهور الملاك فسكن روعهم ملاك الرب قائلاً:”ها انذا ابشركم بفرح عظيم لأنه قد ولد في مدينة داود طفل نبي للرب الذي سيحرز لبيت اسرائيل خلاصاً عظيماً، وتجدون الطفل في المذود مع امه التي تسبح الله. واذ قال هذا حضر جوق عظيم من الملائكة يسبحون الله ويبشرون الأخيار بسلام.

ولما انصرفت الملائكة تكلم الرعاة فيما بينهم قائلين: لنذهب الى بيت لحم وننظر الكلمة التي كلمنا بها الله بواسطة ملاكه.

وجاء رعاة كثيرون الى بيت لحم يطلبون الطفل المولود مضطجعاً في المذود خارج المدينة حسب كلمة الملاك فسجدوا له وقدموا للأم ماكان معهم واخبروها بما سمعوا وابصروا. فأسرت مريم هذه الأمور في قلبها ويوسف ايضاً شاكرين الله. فعاد الرعاة الى قطيعهم يقولون لكل احد ما اعظم ما رأوا، فارتاعت جبال اليهودية كلها ووضع كل رجل الكلمة في قلبه قائلاً” ما سيكون هذا الطفل يا ترى” (ص6).

ولدينا مجموعة لا بأس بها من كتب المعاصرين الذين عنوا بأمر ميلاد المسيح نذكر منهم اثنين فقط لما لهما من المكانة في الشؤون الدينية الاسلامية وهما: محمد ابوزهرة في كتابه: “محاضرات في النصرانية”طبعة القاهرة سنة 1942. وعبد الوهاب النجار صاحب كتاب: “قصص الأنبياء” طبعة القاهرة سنة 1953.

يقول ابو زهرة فيما يقوله:” ان العذراء مريم حملت بالسيد المسيح عليه السلام، وهو الأمر الذي اجتباها الله له، واختارها لأجله، ولقد فوجئت به، إذ لم تكن به عليمة فبينما هي قد انتبذت من اهلها مكاناً شرقياً، ارسل الله اليها مَلكاً تمثل لها بشراً سوياً…حملت السيدة مريم البتول بعيسى من غير أب، ثم ولدته. ولم تبين الآثار النبوية مدة الحمل. فلم ترد في الصحاح آثارتبين كل تلك المدة، ولو كانت مدة الحمل غريبةلذكرت. فليس لنااذاً الا ان نفرض ان مدة الحمل كانت المدة الغالبة الشائعة بين النساء، وهي مدة تسعة أشهر هلالية. ولما ولدته وخرجت به على القوم كان ذلك مفاجأة لهم، سواء في ذلك من يعرف نسكها وعبادتها، ومن لايعرف. لأنها فاجأتهم بأمر غريب، وهي المعروفة بينهم بأنها عذراء ليس لها بعل. فكانت المفاجأة داعية الاهتمام، لأنه عند المفاجأة تذهب الروية، ولايستطيع المرء ان يقابل مابين الماضي والحاضروخصوصاً ان دليل الاتهام قائم، وقرينته أمر مادي، لامجال للريب فيه. ولكن الله سبحانه وتعالى رحمها في هذه المفاجأة، فجعل دليل البراءة من دليل الاتهام، لينقض الاتهام من أصله ويأتي على قواعده ويفاجئهم بالبراءة وبرهانها الذي لا يأتيه الريب، ليعيد الى ذاكرتهم ما عرفوه في نسكها وعبادتها، ولذلك نطق الغلام وهو قريب عهد بالولادة…نطق السيد المسيح في المهد ليكون كلامه اعلاناً صريحاً ببراءة امه، وانه لم يكن الا عبد الله، ولد من غير أب. ويروي ابن كثير: “عن ابن عباس ان عيسى ابن مريم امسك عن الكلام بعد ان كلمهم طفلاً حتى بلغ مايبلغ الغلمان، ثم أنطقه الله بعد ذلك بالحكمة والبيان، فأكثر اليهود فيه وفي امه من القول، وكانوا يسمونه ابن البغية، وذلك قوله تعالى: “وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً.”

ولم يذكر في الآثار الصحاح حال عيسى عليه السلام في مرباه ونشأته، وكيف كان منه مما يكون ارهاصاً ببنوته، فليس لنا الا ان نقول انه قد تربى بما كان يتربى به أمثاله الذين ينشؤون على التقى والمعرفة في بني اسرائيل ويغلب على الظن ان يكون قد ظهر منه، وهو غلام مايدل على روحانيته، ومايدعو اليه بعد ذلك من حياة روحية وسط قوم سيطرت عليهم المادة وغلبت عليهم نزعتها، والاتجاه اليها…” (ص 11-12).

ويقول النجار في حمل مريم بالمسيح وولادتها اياه انها ” حملت بالمسيح بمجرد نفخ الملاك في جيبها، وطبيعي انها قد مرت بجميع ادوار الحمل الى ان ولدته. والقرآن الكريم لم يذكر عن تلك الأدوار شيئاً. ويقول البيضاوي: وكانت مدة حملها سبعة أشهر وقيل ستة وقيل ثمانية. ولم يعش مولود وضع لثمانية غيره. وقيل ساعة، كما حملته نبذته اه. والذي أميل اليه – يقول النجار- ان كل هذا تكلف من أصحاب هذه الأقوال. لأن أمره في الحمل لما كان عجيباً أرادوا ان يجعلوه في مدة الحمل ايضاً عجيباً، ونحن ليس في ايدينا مايثبت العجيبة في مدة الحمل! فالأليق ان يحمل على الأمر الطبيعي الذي جرت العادة بمثله…” الى ان يقول: ” ولما حان انفصال جنين مريم الجأها المخاض الى جذع نخلة هناك في الموضع الذي فيه مدينة “بيت لحم” وهي على بضعة من الكيلومترات من بيت المقدس. ويقول البيضاوي: ان الزمن كان زمن شتاء والنخلة يابسة، وانما كان مجيئها اليهالتستتر او لتعتمد عليها (من ص 378 ومابعد).

ميلاد المسيح في بعض قصائد المسلمين

لعل اعظم هذه القصائد في ميلاد السيد المسيح له المجد هي قصيدة امير الشعراء احمد شوقي وما قاله في ازدهاء الكون بميلاده وهاك مطلعها:

ولد الرفق يوم مولد عيسى ……… والمرؤاتُ، والهدى، والحياءُ

وازدهى الكون بالوليد وضاءت……..بسناه من الثرى الأرجاءُ

وسرت آية المسيح كما يسري…… .من الفجر في الوجود الضياءُ

تملأ الأرضَ والعوالمَ نوراً……….. فالثرى مائجٌ بها وضَّاءُ

لا وعيدٌ لا صولةٌ لا انتقامٌ…………لا حسامٌ لا غزوةٌ لا دماءُ

ولأمير الشعراء احمد شوقي كلام بليغ في صليب السيد المسيح قاله في مناسبات شتى، منها قوله مخاطباً اللورد اللنبي القائد الانكليزي حينما ابرز قوة صليب الرب يسوع بقوله له:

” يا فاتح القدس خَّلِّ السيف ناحيةً……….ليس الصليب حديداً كان بل خشباً”

وفي الصليب الأحمر يقول شوقي

سر ياصليب الرفق في ساح الوغى……وانشر عليها رحمة وحناناً

وادخل على الموت الصفوف مواسياً……وأعن على آلامه الانسانا

والمس جراحات البرية شافياً…………..ما كنت الا للمسيح بناناً

قال السيد عمر نجا شقيق المغفور له مفتي بيروت السنة 1924 في قصيدته عن ميلاد السيد له المجد وهي بعنوان

“روح الاخاء”

في بيت لحم بدت أنوارُ طلعته……….ويوم ميلاده شمس الهدى طلعتْ

يا ابنُ البتولِ وروحُ اللهِ طينته………..يا آية الله في التكوين قد ظهرتْ

صلى عليك إله العرش ما تُليت……….آياتُ مدحِكَ في القرآنِ أو ذُكرتْ.

مراجع البحث

– الانجيل المقدس بشارة متى الفصل الأول والثاني، وبشارة لوقا الفصل الثاني عدد 1- 21.

– مجلة النعمة البطريركية الأنطاكية العدد 55 كانون الثاني 1966 د. نجيب ميخائيل ساعاتي ” ميلاد المسيح في الكتب الاسلامية”

– مجلة “الراعي الصالح” البطريركية الاسكندرية 1940 مقال بهذا الخصوص.

المراجع الاسلامية

– القرآن الكريم في سوره ( البقرة، آل عمران، النساء، المائدة، الأنعام، التوبة، مريم، المؤمنون، الأحزاب، الشورى، الزخرف، الحديد، الصف.)

– الانجيل المزيف برنابا…

 

 

 

 

 

  • Beta

Beta feature


Posted

in

,

by

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *