في شهر كانون الثاني من عام 1960 بوشر بتشييد بناء عند قبة النصر فوق جبل قاسيون
وتم تسليم البناء لهيئة الإذاعة بالجمهورية العربية المتحدة ( الإقليم الشمالي ـ سورية ، و الإفليم الجنوبي ـ مصر ) في بداية شهر تموز عام 1960 ، وذلك ليكون أول مبنى للبث التلفزيوني بالجمهورية العربية المتحدة من دمشق في مساء يوم 23 تموز 1960 بمناسبة الثورة المصرية ضد الملكية عام 1952 بزعامة ( محمد نجيب و جمال عبد الناصر ) رئيس الجمهورية العربية المتحدة أنئذِ عام 1960.
تأسيس التلفزيون السوري
تأسس التلفزيون السوري (القناة الأولى الأرضية ) وبدأ إرساله مساء يوم 23 تموز 1960 من قمة جبل قاسيون في دمشق بعد تحضيرات استمرت 150 يوم.
حيث بدأ البث عند الساعة السادسة من مساء الثالث والعشرين من تموز 1960، ويعتبر التلفزيون السوري أول تلفزيون عربي يدار بخبرات وطنية، حين إن التلفزيونات التي سبقته كانت تدار من قبل المستعمرين الذين كانوا يحتلون الأقطار العربية.
بدأ التلفزيون بالأسود والأبيض بمدة لا تتجاوز ساعتين كما لم يتجاوز مدى إرساله حدود مدينة دمشق.
و كان عدد قليل من البيوت الدمشقية قد استقبل التلفزيون…
وكانت أمانة العاصمة قد وضعت أجهزة تلفزيون في معظم حدائق دمشق العامة و كذلك الحديقة العامة والتي كان اسمها ( منتزه الوحدة ) ودأبت على تشغيل الأجهزة في المناسبات الوطنية ليشاهده أكبر عدد من الناس.
• وفي العيد الأول للتلفزيون عام 1961 بث التلفزيون أخباراً واحتفالات مصر وسورية بذكرى ثورة 23 تموز في مصر، وعرض أغنية السد العالي لعبد الحليم حافظ ثم أفلام من الرسوم المتحركة.
• وفي عام 1962 جرى وضع تلفزيونات في الساحات العامة للمرة الثانية ولكن هذه المرة في 28 أيلول ذكرى الانفصال، وعرضت أيضا نشرات الأخبار والرسوم المتحركة أجنبية مدبلجة بطلها الحرامي أبو ساطور.
البرامج التلفزيونية
وتنوعت الأعمال الدرامية القديمة بين الكوميديا والميلودراما والتاريخ، ومن الأعمال العالقة في الذاكرة تمثيلية ( نهاية سكير) عام 1961 التي كتبها ( حكمت محسن ) وأخرجها نزار شرابي.
ومن التمثيليات الفكاهية تمثيلية (مجلة الهموم) في عام 1962 وكان بطلها فهد كعيكاتي (ابي فهمي ).
وكانت البرامج الرياضية تستهوي عدداً كبيراً من المشاهدين ومنها بطولات الملاكمة التي يخوضها محمد علي ومباريات كرة القدم.
.
• وفي عام 1966، تسارع الناس إلى بيوت الأقارب والأصدقاء لمشاهدة مباراة لقب المونديال لذلك العام وكانت البرازيل أحد الفريقين وشارك فيها اللاعب بيليه وأحرز الهدف الأول .
.
و لكن النهضة الكبرى للتلفزيون السوري حدثت ابتداء من النصف الثاني للسبعينيات…
.
بدأ التلفزيون إرساله من دمشق كواحد من أقدم التلفزيونات في المنطقة.. و ذلك بالتزامن مع بداية الإرسال في التلفزيون المصري من القاهرة فقد انطلقا مع بعض حيث كانت دولة الوحدة تجمع البلدين في الجمهورية العربية المتحدة، و بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر.
ولهذا حملت شارات الفواصل البرامجية حينذاك اسم “التلفزيون العربي” في الإقليم الجنوبي (مصر) وفي الإقليم الشمالي ( سورية ) وأصبحت صورها اليوم جزء من الوثائق التاريخية للتلفزيون العربي.
وكان هذا يعني منعطفاً هاماً على صعيد الإعلام السوري.
بدايات الارسال
وقد سبق بداية الإرسال عمل دقيق وكثيف ومنظم، وعلى حد تعبير الدكتور صباح قباني الفنان والإعلامي المرموق الذي أوكلت إليه مهمة تأسيس التلفزيون السوري وهو أول مدير له
“إن القائمين على تنفيذ هذه المهمة أرادو أن يكون ما يقدم على الشاشة منذ الإطلالة الأولى جميلاً ومتقناً وراقياً . وقد جاء الواقع كما تمنى الرواد الأوائل .. فقد كان ذلك حدثاً كبيرا ً في حياة السوريين .. حتى أن الصحافة العربية وصفت التلفزيون السوري بالمعجزة.”
.
كان يعمل في هذه المحطة ( استديو الجبل ): خمسون من الفنيين، والمصورين والمخرجين و المذيعين، و مسجلي الصوت، و عمال الإضاءة، عدا تخبة من الممثلين و الممثلات، و سيدات المجتمع ورجاله الذين يخدمون بلادهم عن طريق الفن.
عمل دؤوب، و عمل متواصل، ليل نهار…
أقيمت أول محطة إرسال بقوة / 10 / كيلو واط ، واستمر الإرسال لمدة ساعة ونصف فقط في اليوم الأول من داخل استديو متواضع لم تتجاوز أبعاده ( 10 أمتار طولا، و7 أمتار عرضا) شُـيِّـدَ بجانب محطة الإرسال .. واعتمد على الكوادر الفنية المتواجدة آنذاك في مديرية الإذاعة بعد أن أُرسلت إلى الخارج في دوراتٍ تدريبية قصيرة .
ولم يكن الإرسال يتم في وقت واحد إلى مراكز المحافظات حمص وحلب حيث شُـيِّـدت محطتا إرسال في كلٍ منهما بقوة / 10 / كيلو واط لكل محطة ، لعدم وجود شبكة وصل ميكروية تربط المحطات بعضها ببعض ، بل كانت تبث في دمشق في اليوم الأول ثم تبث محافظات حمص وحلب الأشرطة المسجلة في اليوم التالي،
وكان البث وقتذاك بالأبيض والأسود.
• وفي عام 1966، تم إنشاء محطة رابعة للبث قرب صلنفة التي تبعد 45 كم إلى الشرق من مدينة اللاذقية، وفي عام 1967 تم لأول مرة ربط محطات دمشق وحمص وحلب وصلنفة بشبكة وصل ميكروية بحيث أصبح التلفزيون يبث برامجه في آنٍ واحد من استوديوهاته في دمشق إلى جميع المناطق.
• ومن عام 1976 وحتى عام 1981 تم إنجاز عشرات محطات الوصل في مختلف المحافظات السورية لتغطيتها بالبث التلفزيوني.
الافتتاح
تم الافتتاح الساعة 7:45 بالنشيد الوطني، وآيات من الذكر الحكيم، وألقى الدكتور صباح قباني كلمة الافتتاح، وكانت تمثيلية الغريب أول تمثيلية تم عرضها مباشرة على الهواء، بسبب بساطة وبدائية المونتاج.
اعتمد التلفزيون السوري في بدايته على عناصر فنية من الإذاعة السورية، بعد إرسالها في دورات إطلاعية إلى ايطاليا، استغرقت حوالي شهر ونصف، انتدب الخبير الأمريكي (بارو) ليراقب البرامج والمذيعين، ويقدم لهم الملاحظات، وبدورهم كانوا يدرسونها بأدق تفاصيلها، للرقي بالعمل التلفزيوني إلى الأفضل، كما تم انتداب خبير روسي لتدريس فن السيناريو بدورة مجانية.
كادر التلفزيون المؤسس
قاد الدكتور صباح قباني التلفزيون السوري كأول مدير له، مع إداريين وكادر فني مميز، هم الرواد الأوائل في التلفزيون السوري، أمثال: خلدون المالح مخرج (آثار دمشق)، سامي جانو وهو أول مذيع ظهر على الشاشة السورية، بالإضافة إلى هيام الطباع، و المحامية نادية الغزي.
قدم التلفزيون السوري الكثير من الأعمال التي لا تزال في الذاكرة، وكَوَّن سجلاً موسوعياً لأهم التسجيلات السورية والعربية، كان سباقاً في العديد من البرامج على المستوى العربي، وتطور بشكل كبير حتى أنتج مئات الأعمال والأفلام التي توثق مسيرة الفن والثقافة والأدب في سورية بكافة المراحل منذ تأسيسه.
كان الاستاذ عبد الرزاق قصيباتي يكتب شارات البرامج وكان اسمه ثابتا” في شارات جميع برامج ومسلسلات التلفزيون العربي السوري حتى اواخر التسعينات عندما بدأ استخدام الكمبيوتر في كتابة التترات..
اترك تعليقاً