الجاسوس الصهيوني ايلياهو شاوول كوهين
طالبت نادية كوهين، أرملة الجاسوس الصهيوني إيلياهو كوهين، الرئيس بشار الأسد بـ”إطلاق سراح” رفات زوجها المدفون في سورية منذ إعدامه عام 1965
من هو الجاسوس الصهيوني إيلياهو كوهين؟
هو ايلياهو بن شاوول كوهين ابن عائلة يهودية حلبية الاصل هاجر والده الى الاسكندرية حيث ولد فيها في 26 كانون الاول1924 وأُعدم شنقاً في 18 ايار 1965 في ساحة المرجة في دمشق.
السيرة الذاتية
من المعروف انه تجسس على سورية لصالح الكيان الصهيوني في الفترة مابين 1961- 1965سيرة الذاتية
قبل 10 سنوات من ولادته، كانت عائلة ايلياهو كوهين القادمة من حلب السورية في مدينة الإسكندرية في 1914وفيها امتلك والده محلاً لربطات العنق، وقد وُلد في الإسكندرية بمصر في 26 كانون أول عام 1924 باسم إيلياهو بن شاؤول كوهين.
والتحق كوهين بمدرسة الميمونيين (ابن ميمون) في القاهرة، ثم عاد إلى الدراسات التلمودية في الإسكندرية تحت إشراف حاخام الإسكندرية موشيه فينتورا، ثم درس الهندسة في جامعة القاهرة ولكنه لم يكمل تعليمه….
وقد اضطر لإكمال دراسته في الهندسة الإلكترونية في بيته إذ توقف عن الذهاب لجامعة القاهرة، نتيجة تعرضه لملاحقة ومراقبة السلطات المصرية.
في عام 1949 هاجر والداه وثلاثة من أشقائه الى فلسطين المحتلة بعد تأسيس دولة الكيان الصهيوني 1948 بينما تخلف هو في الاسكندرية، وعمل تحت قيادة ابراهام دار وهو أحد كبار الجواسيس الاسرائيليين، الذي وصل الى مصر ليباشر دوره في التجسس ومساعدة اليهود على الهجرة الى الكيان الاسرائيلي، وتجنيد العملاء، واتخذ الجاسوس اسم جون دارلينج وشكَّلَ شبكة جاسوسة للمخابرات الصهيونية بمصر، نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشآت الأميركية في القاهرة والاسكندرية بهدف افساد العلاقة بين مصر واميركا عرفت لاحقاً ب”فضيحة لافون”.
خروجه من مصر
في عام 1954 تم القاء القبض على افراد الشبكة في فضيحة كبرى هي فضيحة لافون، وبعد انتهاء التحقيقات كان ايلياهو كوهين قد تمكن من اقناع المحققين ببراءة صفحته الى ان خرج من مصر عام 1955، حيث التحق هناك بالوحدة رقم 131 بجهاز الموساد الصهيوني، ثم أعيد الى مصر ولكنه كان تحت عيون المخابرات المصرية التي لم تنس ماضيه فاعتقلته مع بدء العدوان الثلاثي على مصر ( البريطاني- الفرنسي والاسرائيلي)في تشرين الاول1956
هجرته الى اسرائيل
مع تأميم قناة السويس في عام 1956، هاجر اليهود من مصرالى الكيان الصهيوني، فيما توجه كوهين إلى الكيان الصهيوني عبر إيطاليا بعد واقعة القبض عليه في مصر عندما كان في مهمة تجسس.
استقر به المقام في اسرائيل محاسباً وابتعد عن الموساد الصهيوني لفترة ثم استؤنفت العلاقة بينهما بعد طرده من عمله في الشركة.
وعمل مترجماً في وزارة الدفاع الإسرائيلية. كان يجيد الفرنسية والعبرية والعربية، ما شجع الموساد لتكليفه بمهمة مخابراتية وجاسوسية في دمشق.
وفي تل أبيب، تزوج “نادية” اليهودية من أصول عراقية في عام 1959،
تهيئته للجاسوسية
رأت المخابرات الصهيونية فيه مشروع جاسوس جيد، فتم اعداده في البداية لكي يعود الى مصر ويعمل بها، ولكن الخطة مالبثت أن عدلت، ورأى الموساد في كوهين ان الانسب لنشاطه التجسسي هو في دمشق، وبدأ الاعداد الدقيق لكي يقوم بدوره الجديد، ولم تكن ثمة صعوبة عنده في التكلم باللهجة السورية، لاجادته العربية بحكم نشأته في الاسكندرية ودراسته في جامعتها لاحقاً.
ولأجل هذا الهدف كان لا بد من إنشاء هوية جديدة للرجل الذي أصبح اسمه “كامل أمين ثابت”. استغرقت عملية التحضير للمهمة عامين، تم تدريبه فيها على كيفية اعمال الجاسوسية وكيفية استخدام اجهزة الارسال والاستقبال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري. كما تلقى خلالهما تدريبات مُكثفة على اللكنة السورية وتعلمه القرآن والتعاليم الإسلامية وراح يدرس كل اخبار سورية والوضع السياسي داخلها ويحفظ اسماررجال سورية السياسيين والبارزين في عالم . تم إعداد قصة مختلقة له لزرعه لاحقاً في سورية فذهب للأرجنتين عام 1961 وتقول القصة الوهمية إنه سوري مسلم اسمه كامل أمين ثابت وقد نجح هناك في بناء سمعة كرجل أعمل ناجح متحمس لوطنه الأصلي سورية…
وفي بيونس آيرس توثقت علاقته بالملحق العسكري السوري الفريق محمد أمين الحافظ الذي عاد الى سورية وصار رئيساً للدولة السورية
في سورية
انتقل كوهين باسمه كامل أمين ثابت وهو السوري المسلم المغترب والثري الى دمشق في عام 1962 ووصلت علاقاته في سورية لأعلى المستويات من اعلى الهرم السياسي والعسكري والاداري في سورية، وسكن في دمشق وقوي مركزه حتى انه رُشح ليكون وزيراً للمغتربين…
وخاصة بين كبار ضباط الجيش ورجال السياسة والتجارة وسكن بحي أبو رمانة ارقى الاحياء السكنية في دمشق وهو حي السفارات المجاور لمقروزارة الدفاع السورية ورئاسة الاركان العامة وقيادة القوى الجوية…
ولكونه صار من هذا العيار وخاصة بعد صيرورته المستشار الأول لوزير الدفاع الفريق امين الحافظ السوري زار مرتفعات الجولان بصحبته.
ومن المعروف أنه عمل في مجال التجسس في الفترة 1961–1965 في سورية ومنذ وصوله الى سورية بدأت اجهزة الالتقاط في الاستخبارات الصهيونية تتلقى اسبوعياً تقريرين من جاسوسها كوهين عن الوضع العسكري في سورية.
وبعد عامين، زود الرجل الكيان الصهيوني بمعلومات دقيقة عن دفاعات سورية في مدينة القنيطرة في مرتفعات الجولان، ونوعية الأسلحة، لا سيما الروسية، التي هي في حيازة الجيش السوري.
وفي عام 1964، زود كوهين قادته في تل ابيب بتفصيلات وافية للخطط الدفاعية السورية في منطقة القنيطرة، وفي تقرير آخر أبلغهم بوصول دبابات روسة من طراز ت-54 بموجب الصفقة المعقودة مع الاتحاد السوفيتي، وكشف ايضاً أماكن توزعها في جبهة الجولان.
وكذلك كشف لمعلميه في تل ابيب عن الخطة السورية التي أعدت بمعرفة الخبراء الروس لاجتياح الجزء الشمالي من الكيان العبري في حال نشبت الحرب
وازداد نفوذ كوهين ونجاحه في الحصول على المعلومات الخطيرة خاصة مع اغداقه الهدايا على المسؤولين القياديين في حزب البعث…
كيف تم اكتشافه؟
بحسب ما كشف الكاتب الصحافي الراحل محمد حسنين هيكل يقول كشفته الاستخبارات المصرية بمحض المصادفة عندما تعرف ضباط مصريون على صور له مع صديقه الفريق أمين الحافظ لدى زيارته مواقع على الجبهة السورية. واعلمت الاستخبارات العسكرية السورية بذلك التي وضعته تحت رقابة شديدة، وفي رواية اخرى ان من كشفه كان هو الجاسوس المصري رأفت الهجان الذي اخترق المؤسسة الحاكمة في الكيان الصهيوني واجهزة وزارة الدفاع وبالفعل كشفت سلطات مكافحة التجسس السورية في نهاية المطاف عن مؤامرة التجسس.
في الواقع فان جهاز مكافحة الجاسوسية في ادارة المخابرات العامة في سورية هو من كشفه حيث أنه بعد اربع سنوات من العمل الجاسوسي في سورية، تم الكشف عن كوهين عندما كانت تمر أمام بيته سيارة رصد الاتصالات الخارجية التابعة للمخابرات السورية، وعندما ضبطت ان رسالة مورس وجهت من المبنى الذي يسكن فيه حوصر المبنى على الفور، وقام رجال الامن بالتحقيق مع السكان ولم يجدوا احداً مشبوهاً فيه، ولم يجدوا فيه من يثير الشكوك، الا انهم عادوا واعتقلوه بعد مراقبة البث الصادر من شقته التي يسكن فيها.
محاكمته وإعدامه شنقاً
تم اعتقاله وحوكم امام محمة عسكرية استثنائية برئاسة العقيد محمد صلاح الضللي وقد نقلت الجلسات على التلفزيون السوري…
بدا كوهين منهاراً مرتعباً في المحكمة واول جلسة محاكمته طلب من رئيس المحمة العقيد الضللي ان توكل له محامي ليتولى الدفاع عنه، وكان رد الضللي بلهجة حاسمة:” انك متهم بالجاسوسية لصالح العدو الصهيوني وهو من سيتولى الدفاع عنك عبر ابواقه الاعلامية…
قدمت الاثبات من قبل المدعي العام العسكري، والمحكمة أدانت كوهين بموجب قانون العقوبات العسكري السوري وقانون الجرائم الواقعة على امن الدولة وحكمت عليه بالإعدام. وقيل أن المعلومات الاستخبارية التي جمعها قبل إلقاء القبض عليه كانت عاملًا هامًا في نجاح إسرائيل في حرب 1967
وفي 18 أيار 1965، أُعدم كوهين شنقاً في ساحة المرجة بموجب حكم المحكمة وسط اجراءات عسكرية وامنية لم تشهدها ساحات اعدام المجرمين قبلاً.
أبرز المعلومات التي حصل عليها ايلياهو كوهين في دمشق
في ايلول 1962 صحبه أحد اصدقائه من كبار الضباط في جولة داخل التحصينات الدفاعية السورية في مرتفعات الجولان. وقد تمكن من تصوير جميع التحصينات بواسطة آلة تصوير دقيقة مثبتة في ساعة يده أنتجتها المخابرات الاسرائيلية والأميركية.
ومع ان صور هذه المواقع سبق ان تزود بها الكيان العبري عن طرق وسائل الاستطلاع الجوي الأميركية الا ان مطابقتها مع رسائل كوهين كانت لها اهمية خاصة سواء من حيث تأكيد صحتها، او من حيث الثقة بمدى قدرات الجاسوس الصهيوني، اضافة الى تزويدهم كماسبق بالمعلومات عن الدبابات الروسية وأماكن توزعها في الجولان وعن خطط انقضاض الجيش السوري على شمال فلسطين المحتلة والتي وضعت بمعونة الخبراء السوفييت.
مطالبة ارملة كوهين برفات زوجها
مطالبةُ أرملة كوهين برفات زوجها ليست جديدة، فقد سبقتها مُطالبات رسمية عدة لكن دمشق لم تستجب…
وفي تموز الماضي، قالت إسرائيل إن جهاز الموساد ( الجاسوسية الاسرائيلية) نجح في استعادة ساعة الرجل الذي تراه بطلاً قوميًا لنجاحه في اختراق دوائر السلطة في سورية إبان حقبة السبعينيات، وحصوله على معلومات أسهمت في احتلال اسرائيل هضبة الجولان السورية في1967
“ساعدنا وأعطنا الرفات“عادةً، تستدعي وسائل الإعلام الصهيونية حيلة كوهين لخداع دمشق عندما نصح قادتها بغرس الأشجار في المواقع العسكرية بدعوى حماية الجنود السوريين من الشمس، مما جعلهم أهدافاً واضحة لضربات الطيران الإسرائيلي، وسهل مهمة احتلال هضبة الجولان.
قالت ناديا كوهين للرئيس بشار الأسد وفق موقع “المصدر” الصهيوني
“أتوجه إليك بخالص المحبة، أرجو أن يعم السلام في بيتك وفي بلدك، أطلب منك الرحمة، أطلق سراح إيلي، أعد رفاته. عمري 83 عاماً، عساك تنظر إلينا بصورة مختلفة، اغفر”.
تصريحات نادية كوهين هذه جاءت على هامش مؤتمر دولي بشأن علاج المجموعات الارهابية في القنيطرة والجولان من الدواعش وجبهة النصرة ومايسمى الجيش الحر في المستشفيات الصهيونية طيلة ثمان سنوات قبل تحرير القنيطرة والجولان.
وأضافت أرملة كوهين: “حين توفيت حماتي، أسفت لأنها لم ترَ قبر ابنها. ساعدنا وأعطنا القبر. سنشعر بالراحة أنا وأولادي وحتى هو سيشعر أنه دفن في أرضه…أرجو أن تستجيب هذه المرة لندائي ويكون ردك العطاء. أمد يدي للسلام، من أجل شعبك وشعبنا. يمكننا العيش بصورة مغايرة.”
وقبل إعدام كوهين، قادت وزيرة الخارجية الصهيونية آنذاك غولدا مائير حملة لإقناع السلطات السورية بعدم إعدامه. في حين لم تنقطع رسائل نادية ومساعي الكيان الغاصب لاستعادة الرفات، أبرزها في العام 2004 حينما أعربت أرملة كوهين عن أملها في أن تشمل المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى بين حزب الله والعدو الصهيوني رفات زوجها…
في المقابل، رفضت الحكومة السورية هذه المطالبات، خاصة عندما سعى الكيان الصهيوني عبر رئيس الوزراء التركي، في العام 2007، رجب طيب أردوغان، للتوسط لدى الرئيس بشار الأسد للإفراج عن الرفات، بينما اعتبرالرئيس الأسد”أن الوقت ليس ملائماً”ً.
اترك تعليقاً