من هـو الحـكيم السـوري ” احيقـار “
ولد الحكيم السوري أحيقار “Ahicar” في كالح عاصمة آشور القديمة، واسمه مُركّب من كلمتين (أح ، يقر) ومعناها أخو الكرم. وكلمة أحيقار تعني باللغة الآرامية (الحكيم ) ويوصف أنه رجل الدهاء وحسن التدبير. ولقد انتشر اسمه في جميع البلدان، حتى تألفت حوله قصة شهيرة في الآداب القديمة، وهي نوع من الأدب الحكمي الوعظي, وتدور حول الفكرة التي يتضمّنها المثل الآرامي القديم, (من حفر حفرة لأخيه وقع فيها). كما أن حكمة أحيقار مدوّنة في كتاب مؤلف من مجموعتين من الأمثال والحكم الآشورية والبابلية كتبت باللغة الآرامية حوالي عام 550 ق. م. كان أحيقار معلّماً لراعية أغنام اسمها نقية أصبحت فيما بعد زوجة للملك الآشوري “سنحاريب” الذي عيّن أحيقار وزيراً عنده, ولقد استمر في عمله كوزير في عهد أسرحدون ابن سنحاريب . وتولّى هذه الوظيفة بعده ابن أخته نادان، وكان أحيقار قد تبنّاه وتولّى تربيته وتعليمه لأنه لم يكن عنده ولد.
ومع ذلك منح ثروته لابن أخته الأصغر “نيوزاردان” لأن نادان لم يعد يسمع إليه، وهذا أثار حقد نادان على خاله, فتآمر عليه طمعاً في ثروته, وزوّر رسالة ادعى فيها أن خاله أحيقار كتبها, وفيها دعوة الفرس والمصريين لغزو آشور, وسلّم الرسالة إلى أسرحدون الذي استولى عليه الغضب دون أن يتأكد من صحّة الرسالة أو يتحقق منها, وأمر “شموسكين” أحد ضباطه باعتقال أحيقار وقتله, لكن الضابط خالف أمر الملك وخبأ أحيقار وأخبر الملك أنه قتله. وبعد فترة ندم الملك على قراره، وافتقد مشورة أحيقار، وعرف شموسكين بندم الملك، فذهب إليه وأخبره أن أحيقار لم يزل حياً . فذهب الملك إلى أحيقار وعفا عنه وأظهر له أسفه، وأنه اكتشف تآمر نادان، ولقد تُرجمت قصة أحيقار إلى لغات عدة, وهي محفوظة كمخطوطات آرامية في خزانة كمبردج , وفي برلين . ولقد تأثر بعض الفلاسفة الذين كتبوا باللغة اليونانية بأحيقار وحكمته، ومنهم ديموقريطس الأبديري الذي كتب مؤلفين هما ترجمة كاملة لحكمة أحيقار. كذلك تأثر به الفيلسوف “تيوفرست”، كما ذكره في كتاباته المؤرخ “سترابون”، ومن الحِكم التي وجهها إلى ابن أخته نادان نذكر :
-
يا بنيّ لا تذع كل كلمة ولا تفش كل سر، لأنه في كل مكان عيون وآذان، فاضبط لسانك ولا تدعه يضرّك.
-
لا تكن حلواً لئلا يبتلعوك، ولا تكن مرّاً لئلا يبصقونك.
-
من يصنع خيراً يلقى خيراً، ومن يحفر حفرة لأخيه يملؤها بقامته.
اترك تعليقاً