الذي لا مثيل له…
بطلب مباشر من الرئيس الأوكراني غير الشرعي فلاديمير زيلينسكي الذي انتهت ولايته في 20 أيار الماضي تبنى ما يسمى بـ”الرادا العليا” أي البرلمان الأوكراني قانونا غريبا لم يحصل أن عرفت دول العالم نظيرا له، وهذا القانون يحظر الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية الشرعية الوحيدة في البلاد التي تمثل عشرات ملايين المؤمنين الأوكران والتي يقودها أكثر من 100 أسقف وعشرات الآف رجال الدين والرهبان وتمتلك الآف الكنائس ومئات الأديرة.
مما لا شك فيه ان القرار ليس من بنات أفكار الرئيس غير الشرعي اليهودي زيلينسكي، بل هو أتى بضغوط مباشرة من السفارة الأميركية ووزارة الخارجية الأميركية وبتوجيه مباشر وبإصرار ممن يطلق على نفسه لقب “الأول الذي لا مثيل له” البطريرك المسكوني بارثلماوس، وبعد محاولات عديدة للي ذراع الكنيسة الأرثوذكسية الشرعية الوحيدة في البلاد بذلها بطريرك القسطنطينية بمساعدة علنية ومباشرة من الرئيس بايدن ووزارة الخارجية الأميركية والإستخبارات الأميركية وجولات وصولات كثيرة لمايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي السابق إلى أوكرانيا والى الكنائس الأرثوذكسية المحلية في العديد من دول العالم وبمساعدة من سفارات الغرب الجمعي والرئيس الأوكراني السابق بيوتر بوروشينكو الذي أعلن شخصيا في 5 تشرين الأول 2019 عن تأسيس كنيسة مرادفة من مجموعة من الأشخاص الذين لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بالكنيسة، وبمتابعة من الحاكم غير الشرعي الحالي زيلينسكي. تكللت كل هذه الجهود باعتداءات جماعية نفذتها القوى الأمنية الأوكرانية ومنظمات نازية مرادفة على عدد غير قليل من رجال الدين ورؤساء الأبرشيات من المطارنة وشملت هذه الإعتداءات الدموية كامل أراضي أوكرانيا. وعلى الرغم من كل هذا لم يستطيعوا أخضاع هذه الكنيسة كما لم يستطيعوا تفعيل ما سموه “كنيسة اوكرانية” وإن صادروا العديد من الكنائس والممتلكات التابعة للكنيسة الشرعية، إلا ان ما اطلقوا عليه “كنيسة” بقيت فارغة من المؤمنين الذي لم يتخلوا عن كنيستهم الأم وتبعوا قادة ورجال دين الكنيسة الشرعية في الصلاة حتى في الهواء الطلق بعد مصادرة كنائسهم.
لقد مارست الإدارة الرئاسية الحالية الفاقدة للشرعية، كل صنوف الحقد والإرهاب وكل أنواع الضغوط والإضطهاد والقمع ومصادرة الكنائس وضرب الأساقفة وإدخالهم السجون وتعذيبهم حتى ان البعض منهم أصيب بجلطات قلبية وفقدان بصر وما شابه استلزمت إدخالهم مستشفيات السجون في ظاهرة حتى المعتقلات النازية الهتلرية لم تعرفها.
وكانت ما يسمى بـ “الرادا العليا” قد صدقت يوم الثلاثاء الماضي في قراءة نهائية على قانون يحظر الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية. ومن المقرر أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ بعد 30 يوما من تاريخ نشره رسميا.
لم ينتظر “الذي لا مثيل له” البطريرك بارثلماوس أن يجف حبر قانون الأعدام هذا بحق مؤمني الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية وقادتها وهو “الحريص” على الوحدة وفق ادعائه، حتى أوفد على الفور ممثليه إلى أوكرانيا بعد 24 ساعة من صدور القانون، لمناقشة “وحدة الكنيسة” كما يقول مع “سياسيي” هذا البلد، أو بكلام أوضح مناقشة طريقة الإستيلاء على أملاك ورعايا هذه الكنيسة والمشاركة في افتراس الضحية.
واذ أشاد الرئيس غير الشرعي بالمكالمة الهاتفية التي أجراها فور صدور قانون الحظر مع الشريك في ضرب الكنيسة – البطريرك بارثلماوس، قال في خطابه الليلي:
“تحدثت مع البطريرك بارثلماوس، شكرته على دعمه لأوكرانيا والأوكرانيين ودفاعنا واستقلالنا. أبلغته بالقانون الذي تم تمريره لتعزيز استقلالنا الروحي..”.
لقد شكر زيلينسكي البطريرك بارثلماوس على دعمه !!!! ضد من وهو البطريرك المسكوني؟!؟
ضد أخوته في الإيمان وهو الذي ينبغي أن يكون الأحرص على الحفاظ عليهم وأن يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم.
من دون شك يعرف الجميع ان زيلينسكي هو أداة طيعة في يد الإدارة الأميركية، كما ليس خافيا على أحد العلاقات الوطيدة بين المخابرات الأميركية والبطريركية المسكونية منذ وصول البطريرك اثيناغوراس الى سدة
البطريركية في العام 1948 على متن طائرة الرئيس الأميركي هاري ترومان الخاصة التي نقلته من واشنطن مطرانا وصيّر بطريركا في الفنار.
لقد صمدت الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية أمام هجمات هذه المجموعة صمودا قلّ نظيره. حتى المنافذ الأرثوذكسية الدولية المقربة من الغرب كانت قد نشرت عدة مقالات مؤخرًا تفيد بأن إدارة زيلينسكي والقسطنطينية تشعران بقلق متزايد إزاء فشل مشروع “الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا” التي اخترعوها لمواجهة الكنيسة الشرعية، فقامت القسطنطينية الأسبوع الماضي وعلى عجل باستدعاء من سمته زورا بـ “المطران” إبيفاني دومينكو وأحد لصوص الهيكل المسمى زورا ايضا بـ “رئيس الأساقفة” إيفستراتي زوريا وهو اليد اليمنى لدومينكو المسؤول عن حياكة المؤامرات ضد الكنيسة الشرعية ومتابعتها مع ممثل بطريركية القسطنطينية المتروبوليت عمانوثيل وعدد من المشرفين على هذه المنظمة التي استولدوها من رحم مجموعة من المارقين. وأتفق معهم البطريرك بارثلماوس على تسريع خطوات حظر الكنيسة الشرعية، فكان لا بد من سكين الجرّاح الذي أعطي للبرلمان الأوكراني. أي ان كل المشروع الأميركي المشترك مع البطريرك بارثلماوس والأداة زيلينسكي، هو لعبة مصالح سياسية تهدف لإخضاع هذه الكنيسة للهيمنة الأميركية الشاذة واللاخلاقية وبالتالي لمصالح مادية لبطريرك القسطنطينية تمنحه مردودا ماليا كبيرا وسيطرة يفتقدها على ملايين المؤمنيين حسب اعتقاده واعتقاد مرشديه. أما زيلينسكي فهو أداة صغيرة صهيونية تهوى تنفيذ التعليمات الأميركية والغربية طالما حساباته المالية في المصارف الإسرائيلية والسويسرية تزداد تضخما.
ولكن هيهات أن يستطيعوا تحقيق غاياتهم المغرضة وإن أصدروا مئات القوانين الإدارية واستمروا بعمليات الإستيلاء العنيفة والنقل القسري للكنائس إلى منظمتهم الكنسية الفارغة من كل شيء!!!
والأرجح ان الذي يحلم بأن يكون “الأول الذي لا مثيل له” سيغادر مركزه بخفى حنين خائبا فاقدا حتى لمركز الأخير بعد أن عُلم ان من يحركه ملّ منه ومن عجزه وبدأ كعادته بتحضير بديل له سيستحضر على متن رحلة جديدة من وراء المحيطات لمرحلة جديدة قد بوشر التهيئة لها.
د. اسكندر كفوري
موقع الرأي الآخر
اترك تعليقاً