الزيلوتس (الغيّورون)
من هم ؟
فئة منشقة, خرجت عن الكنيسة الارثوذكسية نحو سنة ١٩٢٣م بحجة أن الكنيسة الأرثوذكسية لم تعد مستقيمة الإيمان, بل ومهرطقة. لأن بعض الكنائس الارثوذكسية قد تبعت التقويم الغربي وقبلت في المسكونية. ويعتبرون كنيسة القسطنطينية هي أول الكنائس الساقطة تبعها بعد ذلك الاسكندرية فأنطاكية, وجميع من حذوا حذوهم.
فأعلن الزيلوت عن أنفسهم كجماعة مستقلة, بل واعتبروا أنفسهم “الكنيسة الأرثوذكسية الحقيقية”. والأرثوذكس هم من انشقوا عنهم!
لهم أساقفة ومجمع, ولهم دير في جبل آثوس. سلوكياتهم وهيئتهم لا توحي لك بأنهم مسيحيون. يظهرون رهبانهم بزي يصوّر الجماجم والموت. بل وفِي بعض الصور نرى رهبانهم يحملون الخناجر والفؤوس. هم بلا نعمة, بلا محبة, يحتقرون ويكرهون الجميع. ظهروا كردّة فعل للهرطقة المسكونية. فتبعوا هرطقة أسوأ.
فكما ان المسكونية تبرّر كل الناس حتى غير المؤمنين, الزيلوت تُدين وتُكفّر الجميع حتى الأرثوذكس. وقد صدق القديس باييسيوس الآثوسي حين قال: “إذا كانت المسكونية هي الجرح الأول في الكنيسة, فالزيلوت هم الجرح الثاني فيها”.
ولكن إذا ما درسنا التاريخ, نجد أن إسم الزيلوت (الغيور) هو إسم قديم جداً يعود الى القرن الأول. بل وأحد تلاميذ المسيح له المجد لُقّب بالغيور وهو سمعان والذي كان ينتمي إلى هذه الفئة (لو١٥:٦ , أع١٣:١).
لم يكن الغيورون اليهود فئة دينية من نفس طبقة الآسينيين والفريسيين, بل كانوا فئة من القوميين المتعصّبين الذين يحبّذون العنف للتحرّر من روما. لقد أنشأوا في زمن حصار أورشليم في أيام تيطس حزباً داخل المدينة, والإنشقاق الذي كانوا هم سببه أسهم كثيراً في سقوطها. ومن الجائز أن كان لهم علاقة بالقتلة المذكورين في (أعمال٣٨:٢١). (١)
ومن بين الزيلوت اليهود ظهرت مجموعة تقوم بعمليات الإغتيال المنظّمة, وكانوا يُعرفون بإسم السيكاري, أي حملة الخناجر الذين كانوا يطعنون الرومانيين بالخناجر.
ولعل هذا هو سبب حمل الزيلوت المسيحيون للخناجر, والذين يُبرّرون تصرفهم بسخافة إذ يقولون: “إنها “كرمز لطعن الخطايا”!! ولكن واضح أنهم أخذوا هذه التصرفات (الغير مسيحية) عن اليهود الغيورين.
ورغم أن الزيلوت يهرطقون العالم كله مُدّعين أنهم يتبعون قوانين الرسل والكنيسة وتعاليم الآباء, إلّا أننا نجد في تعاليمهم ما يُناقض قولهم هذا. فيعلّمون أتباعهم “أنه إن كنت في بلد ليس فيها كنيسة أرثوذكسية حقيقية (زيلوت), فيمكنك أن تصلي وتشترك في الأسرار في كنيسة مسكونية (الكنيسة الأرثوذكسية), وإذا لم تتواجد كنيسة زيلوت او كنيسة مسكونية, فيمكنك الصلاة والاشترار في الأسرار مع اللاخلقدونيين (الأقباط, الأرمن, السريان)”!!
فلا اعرف أي تعاليم يتبع هؤلاء؟ إذ لا مشكلة لهم بالاشتراك مع من لا شركة لنا معهم. وكيف ينظرون للقوانين التي وضعت أناثيما على هكذا نوع من الشركة؟! أسئلة كثيرة تكشف حقيقة زيف فكرهم.
ورغم ان هناك الكثير من الكنائس الأرثوذكسية وحتى يومنا هذا مازالت تتبع التقويم الشرقي القديم, ككنيستنا أورشليم وروسيا وصربيا وجورجيا وغيرها. ومع ذلك لا يعترف الزيلوت بإستقامة هؤلاء, بل يعتبرونهم ككل مسكونيين والبطاركة ككل هراطقة وبلا استثناء! لذلك لا يذكرونهم في القداسات. وهذا استوجب كنيستنا للتحذير من هذه الفئة المنشقة, بل وأصدرت حرماً فيهم.
قال القديس باييسيوس الآثوسي (لا يعتبرونه قديساً لأنه هاجمهم صراحة) لراهب كان قد تأثر بموضوع الزيلوتس, بما يختص بموضوع البطريرك المسكوني ديميتري خلال القداس الإلهي: “تمهّل وتفحّص. هل كان القديس طاراسيوس بطريرك القسطنطينية قديساً؟
– حقاً كان, لكنّه كان قديساً أيضاً وقد تم التّوقف عن ذكره في القداس الإلهي.
تمهّل وحلل الامور. حسناً كان قديساً, من الممكن أنه كان يتوقّع حصول شيء أسوأ, لذا قام بعمل ما سيء ليتجنب العمل الأسوأ. وبالإضافة إلى ذلك فقد عجز عن شرح الأسباب التي دفعته لفعل ما فعل, لأنه قد ينتج عن البوح بها شرّ أعظم. المهم هو أنني عندما أرى شخصاً تقياً, مؤمناً, ذا سيرة حميدة, فإني أثق به بعدها إذ لا أعرف المصاعب التي يمر بها. إذن لا ينبغي أن نحكم على ما نجهل”.
ختاماً اخي الأرثوذكسي, إحذر الزيلوتي كحذرك من المسكوني, الأول مملوء كراهية للحق والآخر مملوء محبة للباطل، كلاهما يتبعان أرواحاً مُضلّة غريبة عنّا وعن آبائنا وعن أرثوذكسيتنا. وستبقى كنيستنا نقية محاربة لهؤلاء دون مُحاباة للوجوه.
د.علاء عيد
المراجع
(١) مسح شامل للعهد الجديد، لميريل تيني ص١٥٨
(٢) حدّثني الشيخ باييسيوس، لأثناسيوس راكوفاليس ص١١٥-١١٦
اترك تعليقاً