القدّيس مكاريوس أسقف كورنثوس (القرن18م)
ولادتُهُ ونشأتُهُ
وُلد في كورنثوس سنة 1731م. مال إلى الخدم الليتورجية وأعمال التقوى منذُ الفتوَّة. إذ كان والده يُكلِّفه بجمع الإيجارات من الفلاحين كان يوزّعها على الفقراء ويزدري أباطيل هذا الدهر.
راهباً كاهناً ثم أسقفاً
هرب ليترهّب في دير في الجوار. لم يقبله الرهبان هناك لأنهم خافوا ذويه لأنهم من ذوي الاقتدار. عاد إلى بيته وأنكبّ على دراسة الكتب الروحيَّة. في سن الثامنة والعشرين. أدار مدرسة كورنثوس رأفة بالفتية الغارقين في الجهل. في خلال ست سنوات كسب تقدير وإعجاب المدنية برمَّتها. سنة1764 اختير بإجماع الأصوات خلفاً لأسقف كورنثوس الذي شاخ ومرض وأضطرّ إلى إهمال شؤون الأبرشية سنين.
عملُهُ كأسقف
اهتم مكاريوس بتنظيم شؤون الكهنة. جعل القوانين الكنسية موضع اعتبار، وكان صارماً في حفظها. لم يقبل أن يرسم أحداً للكهنوت إلاَّ من كان مُعدَّاً إعداداً كافياً للخدمة, بعد إلزامه بالإقامة في أحد الديورة وإخضاعه للتعليم. كان يعلمهم بنفسه كيف يقيمون الخدم الإلهية والأسرار المقدَّسة. إلى ذلك أهتمَّ بإنشاء المدارس وتعليم الشعب قدر ما كانت ظروف زمانه تسمح بذلك.
أسقف بلا أبرشية
إثر الحرب الروسية التركية بين العامين 1768و1774م وقمع الأتراك للسكان أضطرَّ مكاريوس وعائلته إلى الهرب باتجاه زاكنثوس فإلى هيدرا. ثم بضغط من الباب العالي أضطرَّ بطريرك القسطنطينية أن يعيّن أساقفة جدد على أبرشيات البليوبونيز وإلزام مكاريوس بإرسال استقالة رغم أنه لم يتعدّ القوانين المقدَّسة في شيء. وكأسقف بلا أبرشية تحوّل إلى جبل آثوس ليعيش في الهدوئية والسلام, ولكنَّه وجد الجبل المقدَّس مضطرباً فغادره إلى خيوس فباتموس. بعد وفاة والده ترك حصّتهُ من الميراث لإخوته وترك للمديونين دينهم, وعاد إلى خيوس ليقيم في الصوم والهدوئية والسهر. وبعد أن أخذ الأسكيم الكبير أقلع عن ممارسة مهامه الكهنوتية. اعتبره الجميع الأب الروحي لخيوس والجزر المجاورة. وكان له تأثيراً واضحاً في حياة الناس اليومية. جاهد مكاريوس لاستعادة المناولة المتواترة بين المؤمنين. بعد أن كانوا يقتبلون القدسات, مرَّة واحدة أو أثنين في السنة.
رقادُهُ
أصيب رجل الله بالفالج. بقيَ ممدداً على سرير الألم ثمانية أشهر. كان يشكو دائماً أنه لم يبدأ بالتوبة. رقد في الرب في نيسان 1805. وقد ظهرت العجائب التي جرت برفاته. قداسته وحقَّانيَّة إكرام أهل خيوس لهُ.
مؤلفاته
ساهم القديس مكاريوس في نشر الفيلوكاليا. كما أصدر بالتعاون مع القديس نيقوديموس الآثوسي, كتاب الأفرجاتينوس وهو مختارات من النصوص النسكية والأقوال الأبائية وسير القديسين مرتبة على أساس الموضوعات.
إلى ذلك أصدر مكاريوس كتباً روحية وتعليمية عدَّة منها التعليم المسيحي لأفلاطون، متروبوليت موسكو. أصدر كتاباً عنوانه المناولة المتواترة. كما سجَّل أخبار القديسين الشهداء الجدد التي جمعت فيما عُرف بـ (ليموناريون الجديد) الذي أصدره سنة 1819، تلميذه وكاتب سيرته باروس وأكمله القديس نيقوديموس الآثوسي في سنكساره الجديد.
اترك تعليقاً