الكنيسة الأورشليمية الأرثوذكسية والمسيحيون العرب
“.. من دون القدس تاريخنا مبتور، القدس مشوهة طعنة في صحة ايماننا، القدس هي مكان حيث نرى بابا من ابواب السماء”
( مثلث الرحمات البطريرك الانطاكي اغناطيوس الرابع )
” ..كل ما في القدس مقدسا”
(مطران ابرشية جبيل والبترون وتوابعهما السابق المطران جورج خضر)
القدس من منظور مسيحي هي ام الكنائس لانها المدينة التي شهدت الاحداث المثيرة في حياة السيد المسيح وقيامته وهي عاصمة العقيدة المسيحية ولا تزال الطقوس والشعائر والتقاليد المسيحية ذات جذور وتواصل فيها بين المسيحيين في القدس وفي كل مكان .
وتنظر المسيحية بمختلف مذاهبها إلى القدس على أنها “مدينة الرب”. و نالت حظًا أوفر من التقديس لدى المسيحيين، ففي مجمع نيقية سنة 336م اعترف المسيحيون بأورشليم أو إيلياء كمدينة مقدسة تأتى في المرتبة الرابعة ، بعد روما و الإسكندرية و أنطاكية، وظلت القدس لهذا العهد أسقفية لا ترقى إلى درجة كرسي بطريركي، لكنهم استدركوا ذلك في المجمع المسكوني في خلقدونية سنة 451 م، فأسسوا بطريركيّة في القدس وأخرى في القسطنطينية. وترتبط القدس بمحطات حياة يسوع بالمدينة المقدسة وبالهيكل، فقد أخذ والدا يسوع الطفل إلى الهيكل “ليقدّماه إلى الرب”. وتحادث يسوع الطفل ذو الاثني عشر عاما مع علماء الدين في الهيكل كما أن المسيح كان يزور القدس في المناسبات الدينية خلال دعوته التي دامت ثلاث سنوات، وبها ترتبط محطات آلامه الكبرى. والقدس هي مسرح تكوّن أول كنيسة مسيحية، ومحل أولى دعوات الرسل واستشهاد أول مسيحي.في الفكر المسيحي ما عادت القدس مدينة أرضية، بل سماوية، فأصبحت أورشليم العليا (السماوية) أم المؤمنين. وفى كتاب رؤيا يوحنا نجد وصفا تفصيليا لأورشليم العليا: “وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء ” .
لقد أدى اعتناق “الإمبراطور قسطنطين” المسيحية في القرن الرابع المسيحي إلى تغيير جذري في تاريخ المدينة حيث أصدر قسطنطين سنة 313 م مرسوما يقضي بمنح المسيحيين حرية العبادة في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية (براءة ميلانو) ، وأصبحت أورشليم مقدسة عند المسيحيين إذ حج إليها السيد المسيح منذ صباه .لقد اهتم قسطنطين بالمسيحيين والديانة الجديدة وكذلك استطاعت أمه الإمبراطورة “هيلانة” هي والمطران “مكاريوس ” أن تقيم من الأمكنة التي ارتادها المسيح ،وان تقيم كنيسة القيامة وأصبح لأورشليم أهمية منذ ذلك التاريخ فسعى إليها الحجيج من كل مكان وكثرة الكنائس ولا سيما في عهد الإمبراطورة “ايودكا “441-46. م وأصبحت الامبراطورية الرومانية تدين بالمسيحية ، إلا أن تغييرا حدث بعد مرور حوالي ربع قرن من الزمن على وفاة قسطنطين وهو تولي الإمبراطور “جوليان ” العرش الروماني سنة 361 م ، وقد سمي بالمرتد لانحرافه عن المسيحية ورجوعه إلى الوثنية ولكنه قتل في حملته على بلاد الفرس في حزيران 363 م .وبموت جوليان تم تقسيم الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين غربي وشرقي وكانت فلسطين من القسم الشرقي الرومي لقد شهدت فلسطين بهذا التقسيم فترة استقرار دامت أكثر من مائتي عام، الأمر الذي ساعد على نمو وازدهار البلاد اقتصادياً وتجاريا وكذلك عمرانيا ، مما ساعد في ذلك مواسم الحج إلى الأماكن المقدسة، ولم تستمر هذه الفترة من الاستقرار ففي سنة 611 م دخل ملك الفرس “كسرى الثاني ” (ابرويز ) في الفترة (59.-638 م ) على سورية وارتكبوا المجازر بحق المسيحيين، وامتدت الفتوحات حتى تم احتلال القدس في 614 م ، فدمر الكنائس والأماكن المقدسة ولا سيما كنيسة “القبر المقدس ” وسرقوا خشبة الصليب المقدس الى بلادهم ويذكر أن من تبقى من اليهود انضموا إلى الفرس في حملتهم هذه رغبة منهم في الانتقام من المسيحيين، وهكذا فقد الروم سيطرتهم على البلاد ولم يدم ذلك طويلا، فقد أعاد الإمبراطور “هرقل ” فتح فلسطين سنة 628 م ولحق بالفرس إلى بلادهم حيث استرجع الصليب المقدس ثم جاء الوجود العربي الإسلامي ليفتح المدينة، وكان ذلك بعد معركة اليرموك سنة 636 م ، وتبعتها الفتوحات العربية .
وبعد ظهور الاسلام, دخل الخليفة عمر بن الخطاب القدس عام638 م وقدم له البطريرك صفرونيوس مفاتيح المدينة المقدسة, فسلمه عمر ميثاق العهد العمري الشهير الذي ينظم العلاقة بين الكنيسة والخلافة والتي اعترفت بالحقوق والامتيازات الخاصة لبطريرك الروم والأرثوذكس(المسيحيون الوطنيون), ولذلك فهذه الكنيسة بالذات لها أوضاع اكتسبتها عبر قرون طويلة جعلتها رمزا بأنها أقدم مؤسسة كنسية في العالم. وفي عام1.99 عندما دخل الفرنجة القدس, قاموا باضطهاد بطريرك الروم الأرثوذكس وقد وصل إلي حد أن منعوه من الاقامة في فلسطين كلها ثم نصبوا بدلا منه بطريركا كاثوليكيا ( أي يتبع كنيسة روما) وعندما قام صلاح الدين الأيوبي بتحرير القدس عام1187 م, أرجع الأماكن المقدسة إلي بطريركية الروم الارثوذكس وهو ما يؤكد أن الحكم الاسلامي كان يحترم المقدسات المسيحية وقيادتها الدينية علي مر العصور. وفي عام1517 عندما دخل الاتراك القدس, أصدر السلطان العثماني فرمانات تؤكد حقوق بطريركية القدس للروم الارثوذكس في ادارة الأماكن المسيحية المقدسة.
وهنا تكمن كنيسة الروم الارثوذكس العربية الوطنية في أنها هي التي كانت ومازالت تدير الأماكن المسيحية المقدسة في بيت لحم والقدس وغيرها, فقد أنشأ كل من الامبراطور قسطنطين وأمه الملكة هيلانه كنيسة المهد في مدينة بيت لحم كذلك كنيسة القيامة وهي أهم مزارات المسيحيين في العالم كله ولذا كانت هذه الجماعة الصغيرة موضع أهمية لدي كل أباطرة القسطنطينية, فكان لقبها المذهبي الأرثوذكس وصفتها الوطنية الروم وقد تميزوا بتفانيهم لدرجة الاستشهاد من أجل المحافظة علي الأماكن المقدسة( يلاحظ القارئ أن مبدأ الاستشهاد موجود في المسيحية وقرين لمبدأ الجهاد بالنفس في الاسلام).
هكذا ارتبط مصير البطريركية الأورشليمية الارثوذكسية والوجود المسيحي في فلسطين بالأحداث السياسية· ففي العصر الرومي كانت الكنيسة الأورشليمية يونانية المظهر، ولكنها لم تتخلّ عن جذورها الشرقية· وفي زمن العرب تعربت إكليروساً وشعباً ولغة· وفي العصر الفرنجي حلّ النفور بين أبناء الكنيستين الشرقية والغربية، وغدا هناك كيانان بطريركيان: لاتيني صليبي وآخر أرثوذكسي نشأ في القسطنطينية، والكيان الأرثوذكسي غير متصل بالكرسي الرسولي · وبعد نهاية العصر الفرنجي عاد البطاركة العرب المنتخبون من الإكليروس الوطني لرعاية القطيع المسيحي الصغير في فلسطين، الذي صار على مر العصور أقلية ضعيفة، بعد أن كان أكثرية ساحقة في العصر الرومي· وقعت البطريركيات الشرقية (الإسكندرية والأنطاكية والأورشليمية) مبكراً تحت الحكم العربي الإسلامي في الجيل السابع الميلادي، وتبعتها البطريركية المسكونية القسطنطينية،احتلها المسلمون العثمانيون سنة 1453م· والبطريركية الأورشليمية أضعف هذه البطريركيات وأقلها عدداً وأصغرها مساحة.
دخل العثمانيون فلسطين سنة 1516م، فحلّت فيها سياسياً السيادة التركية مكان المملوكية، ودينياً السيادة اليونانية بدل العربية· فعلى أثر الاجتياح العثماني للقسطنطينية صار البطريرك القسطنطيني رئيس الملّة الأرثوذكسية في السلطنة ( بطريرك ملة باشي)· ونظر إليه العثمانيون، الذين استخدموا نظام الملّة لحكم الشعوب غير الإسلامية، على أنه ممثل جميع الأرثوذكس في السلطنة، فسيطرت البطريركية القسطنطينية ومن خلالها الإكليروس اليوناني على جميع البطريركيات الأرثوذكسية الخاضعة للأستانة· فتمت يَوْنَنَة البطريركية الأورشليمية في الجيل السادس عشر المسيحي، وحلّ البطاركة اليونان مكان العرب في الأبرشية الأورشليمية· فاعتلى جرمانوس أحد رجال بطريركية القسطنطينية المسكونية العرش الأورشليمي، خليفة لآخر بطريرك عربي هو دروثاوس – عطا الله.
ويدعو الأرثوذكس العرب هذه الحقبة من تاريخ البطريركية الأورشليمية (العصر العثماني) بـ >دور الاغتصاب، أي اغتصاب اليونانيين المنصب البطريركي من العرب·
ولكن ما هو الأثر الذي خلّفه جرمانوس في الكنيسة الأورشليمية؟
“فهو أول بطاركة اليونان في القدس الذي طوّر بتصميم ودهاء عظيمين نظام الكنيسة الأورشليمية وطبيعتها، وجعلها نهائياً كياناً يونانياً”·
والخطوات العملية التي اتّبعها جرمانوس في إحكام سيطرته على البطريركية هي: “الاستئثار بالمراكز الكنسية العليا والاستيلاء على الأماكن المقدسة من كنائس وأديرة وأملاك وتسليمها غنيمة باردة لبني جنسه اليونان” وصارت تُعرف جماعة الرهبان التي أوجدها جرمانوس وسلّمها مقاليد الأمور في الكنيسة الأورشليمية ب”أخوية القبر المقدس”· وحكم جرمانوس البطريركية الأورشليمية مدة 45 سنة (1534 – 1579)، استطاع خلالها تمكين العنصر اليوناني في البطريركية من تنحية العرب، وقبل وفاته وضع قانوناً منعكساً لم يزل مرعي الإجراء حتى الآن، وهو أن لا يصير سيامة أسقف إلاّ من اليونان”.
اعتناق اللاتينية
ونتيجة يَوْنَنَة البطريركية الاورشليمية بيد جرمانوس تحوّل عدد كثير من الأرثوذكس إلى الطائفة اللاتينية وخصوصاً في القرن التاسع عشر، وقام الصراع بين اللاتين واليونان على ملكية الأماكن المقدسة، والطرفان غريبان عن البلاد، ولو ظلت السلطة بيد الوطنيين لما تجاسر اللاتين على المطالبة بحقوق في الأماكن المقدسة· يدعو المؤرخون اليونان العرب الفلسطينيين “بالمتعربين“، حسب النظرية القائلة بأن أرثوذكس فلسطين أصلاً من الجنس اليوناني، الذي فقد قوميته بمرور الزمن وتعرّب·
ويجيب فريد كسّاب وهو معاصر لأحداث الصراع العربي اليوناني ويفترض صحة النظرية اليونانية:” ينتمي الانسان إلى عرق ما بإرادته وعواطفه أكثر ما ينتمي إليه بدمه”· فهنا يقول برترام(هو قاضي بريطاني عيّنته سُلطات الانتداب البريطاني للتحقيق في الخلاف الذي نشأ بين البطريرك ذميانوس والسنودس وبين العرب واليونان)،: إن بطاركة فلسطين قبل الفتح كانوا عرباً وليسوا متعربين أو أربوفون ومنهم عطا الله (15.5 – 1553م)، الذي تسميه المصادر اليونانية بدروثاوس، أي عطا الله بالعربية: “وما يبدو من سبب للشك في أن بطريركاً يحمل في ذلك اسماً عربياً كان هو نفسه من سلالة عربية”.
فبدأ الصراع العربي اليوناني الذي ترقى جذوره إلى عصر جرمانوس، ولم يتخذ الشكل المتفجر الذي وصل إليه إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ولكن تدريجاً تمت يَوْنَنَة البطريركية، وصار هناك فرق بين عربي ويوناني،وهكذا تمت يوننة البطريركية بأخوية القبر المقدس،التي منها ينتخب البطريرك والاساقفة وهي التي تتولى الاشراف على الكنائس والاماكن المقدسة .
لـقـد غـدت الأخوية في القرون الاربعة الأخيرة أكثر يونانية وتكاد تكون يونانية صرفاً، وإن كـان بـعض اعضائها عرباً، واعـتلــى بعضـهم العـرش البـطـريـركـي، كصفرونيوس (1771 – 1775) وانثيموس (1788 – 18.8)· ويشير المؤرخون اليونان إلى أن جرمانوس ليس مؤسس الأخوية بل إنه أعاد تنظيمها فقط· والأخوية ما هي إلاّ جماعة الرهبان القديمة التي كانت موجودة في الأماكن المقدسة منذ تأسيسها، وتدعى جماعة رهبان >Spoudaei< ومهمتها الأساسية الاشراف على الأماكن المقدسة وإرشاد الحجاج· والـ >Spoudaei< هم مؤسسو أخوية القبر المقدس(23)· قد تكون هناك علاقة ما بين جماعة الرهبان القديمة والأخوية، ولكن لا يجوز عدّها علاقة تأسيسية· فما من شك أن جرمانوس هو المؤسّس الحقيقي للأخوية التي تحكم الأبرشية الأورشليمية اليوم· وتضم الأخـوية بين أعـضائها أسـاقفة برتبـة مـتروبوليت(24)، وأســاقفة وأرشمندريتية(25) وشمامسة ورهبان، والبطريرك رئيسها، ومنها يتشكّل السنودس· ودير الأخوية المـركـزي.
من أهم امتيازات الأخوية وحقوقها التي تقوم في ثلاثة عشر بنداً
- البند الأول: يتبع القبر المقدس وجميع ملحقاته، وسائر مزارات فلسطين وأديارها، وكل المؤسسات الخيرية في فلسطين وخارجها للبطريرك رئيس الأخوية، وهي جميعها ملك للأمة اليونانية(28)·
- البند الرابع: بما أن القبر المقدس وتوابعه يتبع للبطريرك الأورشليمي اليوناني فإنه مُلك الأمة اليونانية، ومن هذه الأمة تختار الأخوية رهبانها حسب أنظمتها وقوانينها.
- البند السادس: يخضع جميع الأرثوذكس المقيمين بصورة دائمة أو مؤقتة في البطريركية الأورشليمية لسُلطة بطريرك القدس اليوناني.
- البند العاشر: للأخوية الحق في أن ترث أموال أعضائها المتوفين المنقولة وغير المنقولة، ويمنع كل تدخّل من قِبل أهل الرهبان أو أي شخص آخر·
- البند الثالث عشر: تقدم الأخوية في حدود إمكاناتها ومواردها وبكامل حريتها وبدافع من الالتزام الأدبي فقط، الأموال الضرورية لترميم الكنائس القائمة وبناء أخرى جديدة .
إذ تملك البطريركية الأرثوذكسية أوقافاً عديدة في فلسطين وخارجها وهي أغنى المؤسسات الكنسية في فلسطين، ويعود تاريخ اوقاف البطريركية خارج فلسطين لعام 1523 وتمتد صلاحيات البطريرك الأورشليمي على حدود فلسطين والأردن وجزء من شبه جزيرة سيناء· وفي البطريركية الأورشليمية سبع أبرشيات، ولكنها ليست أبرشيات بالمعنى الحصري، لأن أساقفتها لا يقيمون فيها، ما عدا أسقف الناصرة وعكا، ويحكمها البطريرك مباشرة· ويرأس هذه الأبرشيات متروبوليتية ورؤساء أساقفة وأساقفة فخريون، ويقيم أساقفة آخرون أو أرشمندريتية في ممتلكات البطريركية في الخارج· وأسقف سيناء مستقل، ينتخبه رهبان دير القديسة كاترينا، ويثبته البطريرك ويمنحه الرسامة، وَيذكُر اسم البطريرك في القداس الإلهي، ولكنه يتمتع باستقلاله في إدارة الدير. وللبطريرك “سُلطة مالية غير محدودة”(35) ويتألف السنودس المقدس حسب قانون البطريركية الأساسي لسنة 1875 من ستة أساقفة وتسعة أرشمندريتية والعدد قابل للزيادة أو النقصان حسب الحاجة، وينتمي معظم أتباع الكرسي الأورشليمي إلى العِرق العربي، ما عدا رهبان أخوية القبر المقدس وبعض العائلات والتجار والحرفيين اليونان·
المراكز الأرثوذكسية الكبيرة في فلسطين هي: القدس، بيت جالا، ورام الله، جفنة، كفر ياسيف، والناصرة وفي الأردن: عمان، عجلون، الحصن، سوف، عنجرة، السلط، رميمين، الفحيص، ومأدبا، ماعين، الكرك إربد، كفرابيل و شطنا.
لوحظ بعد التوقيع على اتفاق اوسلو عمدت السلطات الاسرائبية إلى تأسيس خلق وقائع جديدة في مدينة القدس الشرقية في ما يسمى القدس الكبرى بالرغم من وجود 5. مؤسسة فلسطينية مستكملة مختلف الجوانب لشرعية وجودها . فعملت اسرائيل لتنفيذ عمليات المصادرة اساليب عدة منها استملاك بدعوى المصلحة العامة والمصادرة بالطرق غير مباشرة ( اسلوب الخرائط الهيكيلية) فمن المعروف أن الخرائط الهيكلية هو اسلوب حضاري لتطوير أي قرية أو مدينة ،حيث يأخذ بالحسبان مدى تطورها لعدد من السنوات القادمة . وبهذا الاسلوب تمت السيطرة على 49% من مساحة القدس العربية لتصبح تحت الاحتلال الاسرائيلي 73% من مساحة القدس الفلسطينية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .
سمعنا في الاعلام ما يجرح شعورنا الوطني والديني والقومي ،بان رئيس الطائفة الأرثوذكسية في القدس يبيع ممتلكات الطائفة في قرب باب الخليل في المدينة القديمة للقدس الشرقية ،وهو القسم الذي ضمته اسرائيل بعد احتلاله في حزيران 1967 ، أي بالقرب مقر البطريركية الاورشليمية الأرثوذكسية . مما ادى إلى موجة استنكار عارمة في صفوف المسيحيين العرب الفلسطينيين ورفض مطلق بما يقوم به البطريرك الحالي (ايرينوس الأول) .
المسوؤلية تقع على العرب المسيحيين فان دورهم حيوي للتوصل إلى حل نهائي وجذري وهو تعريب البطريركية الاورشليمية الأرثوذكسية . انطلاقا من شرعة حقوق الإنسان وحق تحقيق المصير والعدالة بنشوء مطارنة عرب للكنيسة الاورشليمية ،كما هو الحال في أغلبية الكنائس الشرقية الكاثوليكية والارثوذكسية .
إن مسوؤلية القدس وحقوق العرب المسيحيين ( الروم الأرثوذكس) في إدارة شؤونهم الكنسية والروحية في غاية الاهمية ،فكل قوانين الكنسية والمدنية وعهود الحقوق الثقافية والاجتماعية والسياسية واتفاق جينف الرابع لعام 1949 وحقوق الإنسان تؤكد على مشروعية أن تكون البطريركية الاورشليمية الأرثوذكسية في القدس لابنائها العرب . فاذا يقي الوضع على حاله فهناك الخطر إلى محو الوجود العربي المسيحي الفلسطيني من القدس ،وما هي الضمانة لوقف المسلسل الاجرامي في بيع أوقاف الروم الارثوذكس في القدس؟ بعد أن بيع قسم كبير من الاراضي التابعة للبطريركية الاورشليمية خلسة في جبل غنيم في القدس الشرقية في نهاية التسعينات لبناء الحي اليهودي الاستطاني الجديد .
تشير الحقائق على الأرض إلى نجاح التهويد العمراني والديمغرافي ، مما يشكل خطرا على الوجود العربي المسيحي والاسلامي فيها، حيث تشير الاحصاءات والدراسات إلى أن ما بقي في القدس الشرقية خارج دائرة التهويد يصل إلى 2.% فقط . كما تم تعديل التركيبة السكانية للمدينة القدس إلى حد المساواة بين العرب واليهود . ناهيك عن تغيير المعالم والهدم والطرد المستمر والتشجيع على الهجرة للسكان العرب في محاولة لاضعاف الموقف العربي ازاءها من جهة اخرى يحاول اليهود حصر حق المسلمين فيها بالحرم الشريف وحق المسيحيين بكنيسة القيامة فقط مع انه يوجد مقامات ومقدسات كثيرة للمسلمين والمسيحيين خارج البلدة القديمة للقدس ،ولذلك اتجهت الحلول الاسرائيلية المقترحة لمستقبل المدينة لتقديم الحل الديني أو الوظائفي مع استبعاد الحل السياسي وذلك حتى تبقى السيادة والامن اسرائيليين في مدينة القدس .
المطلوب هو التنسيق العربي المسيحي والاسلامي في القدس وفي العالم العربي على اساس أن المسيحيين والمسلمين هم ابناء واصحاب هذه الأرض المقدسة . حيث جمعهم التاريخ الواحد والمصير الواحد والرؤية الواحدة على قاعدة ديانتين مختلفتين في الشكل ولكن متطابقتين من حيث الجوهر إذ انهم يعبدون الله ،الاله الاوحد والوحيد والواحد ، لانه لا يكتمل حضور الله والسلام إلاّ بقاء المسيحيين والمسلمين معا في القدس المدينة المقدسة .
موقع السراج الارثوذكسي
اترك تعليقاً