المئذنة البيضاء
لمَ تقع مئذنة بمفردها فقط بجانب دار البطريركية الارثوذكسية بدمشق…؟
ماعلاقة دار البطريركية الرومية الارثوذكسية ومريمية الشام اول كنيسة في الشام والمشرق كله بالمئذنة…
وكثيرون سألوني هذا السؤال بصفتي امين الوثائق البطريركية وواضع تاريخ المريمية ومنهم العديد من الباحثين في التاريخ والاعلاميين من سورية والعالم.
للإجابة على الاسئلة أعلاه، ولتنوير الأذهان، واولهم اذهان اولادنا ً ثم كل باحث ممن يتناقلون معلومات مغلوطة مغايرة للحقيقة هو الجواب بعد بحثنا الطويل منذ اول الخيط حتى تاريخه
مع تحذير لكل من يريد اخذ المعلومات او اقتباسها ونحلها لاسمه في المواقع والصفحات كما هو جارٍ بكل اسف فهي من حقنا وحق البطريركية وقد عملنا عليها طويلاً…ونأسف لمقاضاته قانوناً…
فذلكة تاريخية…
المئذنة البيضاء كانت جزءاً من مسجد صغير او مصلى صغير، ولما قامت “محافظة دمشق الممتازة” بشق الطريق المار من الشارع المستقيم الى القيمرية ( اي المريمية او حارة مريم لكونها ضمن حرم كنيسة مريم) قامت عملياً بتوسيع درب مريم الممتد من حرم البطريركية الغربي مع حرم المريمية الى الساحة خلف المريمية المسماة “ساحة الخمارات” وكان فيها يقع في العصر الرومي والى مابعد اول الوجود الاسلامي في دمشق دير مريم للراهبات واساسه ديراً لليتيمات الصغيرات الواتي يعتنقن الرهبنة وفي الساحة اقام الدمشقيون عام 1900 المستشفى الارثوذكسي الدمشقي باسم مستشفى القديس بندلايمون بعد مستشفى الروم ببيروت اي مستشفى القديس جاورجيوس بسنة…
أوردنا ما أوردناه لنثبت وقفية المنطقة برمتها لكنيسة مريم وللصرح البطريركي بما في ذلك حارة المريمية المنسوبة للمريمية (آيوس ماريا اي القديسة مريم باليونانية) ومنذ زمن الوجود الرومي، وليس للشيخ القيمري والمدرسة التي بناها كما تدل يافطة الحي، إذ كانت القيمرية باسمها هذا المحرف عن المريمية ولنا مقال ضاف عن ذلك هنا في موقعنا، وحتى مذبحة المسيحيين بهذه الخارة وهي حارة مسيحية صرف بسكانها وبورشاتهم لسدي الحرير ونسجه وصباغه والحرف الخشبية من نجارة وحفر ونقش وخراطة الخشب وبرداخ الخشب والمفروشات والصدف ثم الموزاييك لاحقاً وتنجيد المفروشات… وبعد المذبحة بدأ التحول الديموغرافي التدريجي ووفق شهادة جدي فارس ووالدي جورج رحمهما الله وكانت دكانتهما لحفر الخشب في القيمرية منذ 1950 كان لايزال 60% من البيوت والمحلات والورش والخانات مسيحية… اما اليوم فيعد السكان والحرفيون على الاصابع…!
المئذنة البيضاء كانت مدخلاً للبطريركية والمريمية
في عام 1943 وسعت دمشق غرب دار البطريركية والكاتدرائية المريمية كما اسلفنا بتوسيعها درب مريم الذي كان ضيقاً كما هو الجزء المتبقي والواصل من أمام الواجهة الغربية للمريمية الى ساحة الخمارات حالياً…
بهذا التوسيع أزالت المحافظة المسجد الصغير وأبقت فقط على مئذنته الحالية وجددتها بالحجر الأبيض.
قنطرة هذه المئذنة كانت مدخلاً لدار البطريركية الغربي، ومنذ 705م كان يتوجب على البطريرك والاكليروس البطريركي والمصلين وابناء الرعية المرور من تحتها للدخول الى الباب الغربي للمقر البطريركي، ولباب البطريرك الواقع جنوباً… وبالمقابل فقد أزالت المحافظة بتوسيعها الدرب جزءاً كبيراً من مدرسة مار نقولاعلى طول القسم الغربي من الدار البطريركية والمريمية…
مدرسة مارنقولا الابتدائية الارثوذكسية
اساس هذه المدرسة كان كنيسة مارنقولا التي تدمرت مع كنيسة كبريانوس ويوستينة والكاتدرائية الام المريمية عام 1860!!! وقد ضمت مساحة الكنيستين الى المريمية عند اعادة عمرانها مابعد 1862 واستمر البناء الى عام 1868 وبقي جزء من موقع كنيسة مارنقولا اشيد عليه مدرسة مار نقولا للصغار…
كانت مدرسة مار نقولا الارثوذكسية البطريركية تمتد إلى مطعم النارنج (حالياً) هذه (مطعم النارنج) كانت ومع الامكنة الملاصقة ولاتزال كشارع منطقة وقفية أرثوذكسية تابعة للبطريركية والمريمية مع حق المرور فيها كون درب مريم مرفقاً عاماً…
وأخرجت المحافظة من هذه المنطقة قوس النصر الروماني الحالي ووضعته بوضعه الحالي، وكان هذا القوس يشكل تقاطعاً في العهدين الروماني والرومي وأول الاسلامي…بين الشارع المستقيم الحالي بين البابين الشرقي والجابية…أي الغربي والمتقاطع مع الشارع الممتد بين الباب الصغير في السور الجنوبي لدمشق وباب السلام شمال سور دمشق الممتد الى باب توما…ونلاحظ ثمة دكاكين كان منها مقر المطبعة البطريركية التي انشاها البطريرك غريغوريوس حداد 1908 وطبع بها مجلة النعمة بدورها الاول 1909-1914 إضافة إلى اسطبل تابع للمقر البطريركي… مع باب البطريرك…
كله تغير ببناء ماسمي وقتها بالقصر البطريركي عام ١٩٥٣ بهمة البطريرك الكسندروس طحان عندها بني هذا البناء الجميل واستبدلت تلك الدكاكين والمستودعات ومقر المطبعة والاسطبل بالدكاكين الحالية ووسع حول المئذنة والغي المرور من تحت قنطرتها للدخول الى الدار البطريركية وهي الان حديقة جميلة
لا حظوا كم جميلة هي الشام ومريميتها…!!!
في تاريخ المريمية والبطريركية والشارع المستقيم
السؤال: لكن لم كان هذا المسجد؟
كان هذا المسجد او المصلى الصغير قد بناه المسلمون السنة ٦٣٥ مسيحية عندما دخلوا دمشق…
دخل ابو عبيدة صلحاً من الباب الغربي أي الجابية بهمة ومساعي “سرجون النصراني” الوجيه الاول بدمشق جد القديس يوحنا الدمشقي حقناً لدماء الدمشقيين المسيحيين، وكان الاتفاق شاملاً كل أبواب دمشق المحاصرة من قبل جيوش المسلمين بقيادة الصحابة على كل باب من الأبواب السبعة… وكان جيش الروم قد اخلاها قبل بدء الحصار وانسحب الى منطقة اليرموك حيث وقعت معركة اليرموك لاحقاً وكما انحاز الغساسنة السريان للمسلمين وخانوا جيش الروم والتحقوا بجيش خالد ضراً بالكنيسة الرومية الخلقيدونية،
كذلك كانت خيانة من الراهب السرياني يونان راعي وكاهن القلة السريانية اللاخلقيدونية بدمشق ضراً بالكنيسة الرومية الخلقيدونية وهي مذهب كل السكان ومذهب اللامبراطورية البيزنطية الرومية، فخان مساعي سرجون النصراني وطعنه بظهره بدون علم من الاخير، واتفق مع خالد بن الوليد على أن يُدخل شرذمة من جيش خالد من غرفة بيته الكائن بداخل كنيسته، وهي كنيسة الأرمن الأرثوذكس الحالية، وكانت النافذة في السور الشرقي ويدخل منها الى بيت الكاهن ومنه الى الباب الشرقي من الداخل وقت تغيير الحرس الذين كانوا من السكان وليس من جيش الروم، وكان ذلك مقابل وعد حصل عليه من خالد بأن لايصيب طائفته الصغيرة جداً وعددها مع أسرته فقط ٧٠ نسمة أي اذى بل يتم تكريمها…!!! ودخل منتصف الليل المقاتلون المسلمون بقيادة خالد حربا من الباب الشرقي وهم يهللون ويكبرون وانقضوا على السكان المدنيين قتلاً وذبحاً ولم يكن فيها اي جندي رومي، بل تم ارتكاب المجازر بحق المدنيين الدمشقيين المسيحيين، بينما تم تحييد الرعية السريانية عن الذبح بأوامر خالد، (لا بل تم تكريمها بتسليمها كاتدرائية يوحنا المعمدان الارثوذكسية، وتم حرم الرعية الدمشقية منها لأنها على مذهب الدولة الرومية العدوة…)
في الوقت ذاته دخل ابو عبيدة وجيشه من باب الجابية صلحاً بدون قتال والتقيا عند المريمية فاقيم المسجد تذكار شكر، واعتبرت المريمية بكنائسهاالثلاث والبناء التابع أملاك دولة وأغلقت…بينما حول المسلمون كنائس القسم الشرقي المفتوح حرباً وعددها ١٦ الى مساجد (عدا كنيسة السريان تنفيذا لوعد خالد للراهب يونان) بعكس كنائس القسم الغربي المفتوح صلحاً واولها كاتدرائية دمشق اي يوحنا المعمدان (وكانت دار مطرانية دمشق الارثوذكسية بجانبها…) بقيت كنائس مفتوحة للصلاة لان السكان دفعوا الجزية، ثم بدأ تحويل الكنائس وعددها ١٦ ايضا الى مساجد واخرها كان كاتدرائية مطرانية دمشق الارثوذكسية اي يوحنا المعمدان بأمر الوليد بن عبد الملك وقد صادرها لان الأرثوذكس رفضوا طلبه بتحويلها كلها الى الجامع بعدما كان المسلمون ومنذ اول دخولهم دمشق اقتطعوا جزءاً من الكاتدرائية وجعلوها مسجداً، ولما لم يبق لهم أي كنيسة وكان ذلك عام ٧٠٥ مسيحية تظلموا للوليد فاعطاهم المريمية المغلقة منذ٦٣ سنة كونها من أملاك الدولة بقوله:” اننا نعوض على النصارى بكنيسة مريم بدلاً من كنيسة يحي” وكأن ذلك من حقه ليصادر ويحول ويعطي البديل!!!.
لذا بقي المسجد ومئذنته جزءاً من بناء المريمية وانتقلت مطرانية دمشق الارثوذكسية من حرم كاتدرائية المعمدان الى حرم المريمية، والتصق جدارها بجدار الجامع وكان لايحق لهم فتح باب للمطرانية والمريمية الا عبر المرور من تحت قنطرة المئذنة…ثم صارت هذه المطرانية هي المقر البطريركي السنة ١٣٤٤ بعد تدمير الظاهر بيبرس لانطاكية كلها، ومنها المقر البطريركي السنة 1268 مسيحية في حربه ضد الفرنج فارتكب كل المنكرات بحق مسيحييها لأنه اعتبرهم كالصليبيين لكونهم مسيحيين!!!! فقتل وسبى مائة الف هم سكانها، وتشرد الكرسي الانطاكي الى عام ١٣٤٤مسيحية فنقل البطريرك اغناطيوس الثاني المقر البطريركي الى دمشق، وبقيت التسمية بطريركية أنطاكية… وصارت البطريركية بدمشق في مقر المطرانية والمريمية كاتدرائية البطريرك الارثوذكسي ( ولم يكن في دمشق الا الارثوذكس مع قلة نادرة من السريان وبضعة من الارمن القديم ولم تكن قد نشأت بعد اية طائفة تتبع لبابا رومية حيث نشأ الارمن الكاثوليك والسريان الكاثوليك في القرن 17 والروم الكاثوليك السنة 1724 فعليا وعام 1835 اعترفت بها الدولة العثمانية رسميا كطائفة مستقلة عن الروم الارثوذكس…
أليست صفحة مؤلمة؟
نكرر التحذير
يرجى عدم النقل والاقتباس بدون ذكر المصدرتحت طائلة المقاضاة قضائياً…
د.جوزيف زيتون
اترك تعليقاً