لا انكر ولا ادعي المعرفة عن هذا العلم الوطني الكبير ابن ابرشية بصرى حوران وجبل العرب واول تعرفي عليه كان من خلال خبر قاله لي عرضاً مختار القصاع المرحوم زيد القطامي ابو جهاد الذي كان يقطن مؤقتاً مع عائلته في غرفة بحرم كنيسة الصليب المقدس وصار يمارس فيها مخترة القصاع للروم الارثوذكس وكان تعلم المهنة على يد المختار وديع شاغوري ثم انتقل الى بناء العلاوي وكنت عنده بمعاملة وسألته عن صورة فارس من فرسان الثورة السورية على صهوة جواده وضعها بصدر بيته وتحتها سيف وبندقية وقشاط خرطوش … فأجابني ان هذا جده البك المناضل عقلة القطامي الساعد الايمن لسلطان باشا الاطرش في قيادة الثورة السورية الكبرى و كان الباشا يتمسك به لشجاعته المنقطعة النظير اولا ولكونه من القادة المسيحيين الذين شاركوا في النضال ضد الانتداب الافرنسي…وكان هذا هو لقائي الاول بالمناضل الارثوذكسي والوطني الكبير…
ومنذ زمن يطول عن ثلاثة عقود رأيت ذكراً له في الرسائل التي كانت ترد للبطريرك غريغوريوس الرابع في احداث الثورة السورية الكبرى والنكبات التي وقع بها المجتمع المسيحي الحوراني وجبل الشيخ واقليم البلان وفي المعونات المالية التي كان غبطته يرسلها للثوار ولعلمنا الى شرقي الاردن بيد موفدين خاصين بغبطته كمساعدة شخصية له بعدما دمر الفرنسيون ارزاقه وارزاق معاونيه في رعية خربا وصادروا املاكهم… انتقاماً منه!!!
وكان هو مع سلطان باشا في شرق الاردن وبقية قادة الثورة لكنها كلها لم تكن لتنشيء سيرته…
عزز ذكراه في ذاكرتي وبناء على طلبي ما افاض به مواطنه عن انتمائه الكنسي والوطني وصموده سليل القديس يوسف الدمشقي الشهيد في الكهنة يوسف مهنا الحداد مثلث الرحمات الاسقف العلامة استفانوس حداد ابن بلدة عرمان بلدة سلطان باشا الاطرش في جبل الابرشية والمعاون البطريركي لغبطة البطريرك اغناطيوس الرابع وهو من نسب البطريرك العظيم غريغوريوس حداد…
وكان هذا الاسقف بانياً حقيقياً لتلك الابرشية في فترة عمادته لها بالرغم من قصرها مطلع السبعينات والفقر الشديد الذي عاشته وتعيشه عبر تاريخ القهر في القرون الماضية، وكان على صلات حميدة وود واحترام متبادل مع سلطان باشا (وشهدت عليه دموعه وشعره الملحمي الباكي الذي اطلقه على جثمان السلطان) وبقية زعماء الجبل… ووجدت تطابقا في سيرته التي سردها امامي قبيل انتقال الاسقف الى الاخدار السماوية مع ما اوردته صفحات”شخصيات سورية” و” ابناء السويداء” و”مدونة وطن” وبعض الوثائق البطريركية…
كلها اجمعت (رغم التعتيم !!! حتى ان بعض من كتب عنه اسقط عنه دينه)على ان المجاهد عقلة بك القطامي
كان الساعد الايمن لسلطان باشا الاطرش والعقل المدبر للثورة السورية الكبرى
المجاهد العربي المسيحي الكبير ” أبو موسى عقلة القطامي”
ربما الكثيرون وخصوصاً الأجيال الشابة لم يسمعوا بهذا الاسم من قبل وربما لا يعرفون صورة له كما كنت في شبابي رغم بحثي عن هاماتنا الارثوذكسية الانطاكية والمسيحية والوطنية السورية التي قدمت لسورية الحبيبة لأدرجها في موقعي لتبقى شاهد حي على تجذرنا في ارضنا السورية وكرسينا الانطاكي وسائر المشرق…ولكن مَن مثله يجب أن يحفظ في الذاكرة والقلب ويجب ان يعرفه القاصي والداني لانه رجل مخلص ووفي .. عروبي أصيل .. مغوار وقائد مقدام لا يجب ان يطوي اسمه النسيان ، وكذلك ليعلم كل جاهل وكل متطرف وكل حاقد أن الثورة السورية الكبرى انطلقت من جبل العرب تحت شعار “الدين لله والوطن للجميع” ولذلك انضم تحت رايتها كل الوطنيين بمختلف أديانهم وانتماءاتهم . وجدير ذكره والذي اؤكد عليه هنا مجددا ان اول من اطلق هذا الشعار” الدين لله والوطن للجميع” كان البطريرك العظيم غريغوريوس حداد قائد الصف المسيحي وراء الشريف حسين لما تواصل معه لقيادة الصف المسيحي السوري الواحد بلبنانه وفلسطينه وسائر المشرق للتحرر من الاستعمار التركي وكانت صرخته ” الدين لله والوطن للجميع” أطلقها قبلاً في مجاعة السفر برلك واطعام الجياع من مائدة البطريركية(1914-1918) بغض النظر عن الدين والمذهب. والاطلاق الثاني لدى تعليق الشهداء في 6 ايار 1916 واكثر من نصفهم من المسيحيين ابناء سورية الكبرى الواحدة في ساحتي الشهداء ببيروت ودمشق، وفي اطلاق الثورة العربية مباشرة بعد مشانق 1916 مترافقة مع صرخة الامير فيصل:”طاب الموت ياعرب” وتحرير سورية 1918وفي مبايعة فيصل الاول ملكاً دستورياً على سورية عام 1920لما طالبه بأن يكون كل السوريين من مختلف الاديان والمذاهب متساوون في الحقوق والواجبات لأن الدين لله والوطن للجميع وناله وعداً مثبتاً بقرارات المؤتمر السوري التأسيسي الاول تموز 1920 المنشورة في الجريدة الرسمية السورية ” جريدة العاصمة”.
من هو عقلة القطامي؟
هو عقلة بن سحوم القطامي المكنى “أبو موسى” المسيحي الارثوذكسي من مواليد عام 1889 ابن بلدة خربا المسيحية الارثوذكسية المكينة في ايمانها المسيحي القويم والتي تمسكت بأرثوذكسيتها ولم تقبل بالتغرب الى الكثلكة بالرغم من فقرها الشديد واستهدافها من البعثات التبشيرية والرهبنات لتهجر ايمانها الازلي بكل الاغراءات المادية للرعية المسيحية الارثوذكسية الحورانية الفقيرة جدا في هذه الابرشية والتي كانت لاتقوى على اطعام مطران ولا ايجاد مقر في السوديداء أودرعا بالرغم من كونها خزان ارثوذكسي وكان التعليم يتم فيها على يد كهنة القرى وهم ناقصوا التعلم والمعرفة اللاهوتية ولكنهم كانوا ربانيين اعطوا الرعية العلم والايمان الحار وحافظوا على القطيع الصغير المتبقي…
تلقى علمنا كبقية اقرانه العلم على يد كاهن خربا وكهنة القرى والبلدات وفي اروقة الكنائس الفقيرة ولاحقا المدارس البطريركية في حوران وجبل الشيخ واقليم البلان ووادي العجم ودمشق بزعامة الارشمندريت المجاهد جرمانوس بندقجي الدمشقي…
كان تابعا مخلصا في ارثوذكسيته للبطريرك غريغوريوس الرابع ولخليفته البطريرك الكسندروس الثالث وتحفل الوثائق البطريركية بالكثير من رسائله الى صاحبي الغبطة منفذا توجيهاتهما متوسطا للعديد من ابناء المنطقة الحورانية وفي شؤون ابرشية بصرى حوران وجبل العرب في عهد المطرانين زخريا زخريا واثناسيوس كليلة.
رضع علمنا لبان حب الكنيسة والوطن من اسرته وتصادق وآل الأطرش وهنيدي الباشاوات وزعماء الجبل بعيدا عن الدين والمذهب والمناطقية… واتحد بهم في مقارعة الاستعمار التركي وكانوا نصراء الثورة العربية الكبرى 1916-1918 التي حررت سورية بقيادة شريف مكة حسين الهاشمي وولده الامير فيصل وبمباركة شخصية له من البطريرك غريغوريوس حداد الداعم والقائد لمسيحيي سورية وسائر المشرق مع الشريف حسين…. وبعد اجهاض الدولة السورية الوليدة بكارثة ميسلون 1920 انتقل علمنا مع رفاق دربه سلطان الاطرش و… الى الكفاح مجدداً ضد الفرنسيين لذلك صار من كبار رجالات الثورة السورية العربية الكبرى .
كان يمثل الصورة الحية لأخلاق بيئته المسيحية وعائلته الشخصية في حوران سهلاً وجبلاً وكان مضرب المثل في الوطنية والاقدام والافتخار بمسيحيته السورية في الجبل .وكان مثلا أعلى في الوطنية والدفاع عن الحرية والاستقلال، وعلى علاقة وطيدة مع سلطان باشا الأطرش، عميد الجبل وزعيم قومه، وتربطه به صداقة حميمة، كما أنه كان يعتبر يده اليمنى وأحد أكبر مستشاريه
وكان من ضمن الوفد الذي ترأسه الأمير حمد الأطرش والذي ضم كل من نسيب وعبد الغفار الأطرش وفضل الله باشا هنيدي وحمد عامر ونجم باشا الحلبي وقفطان عزام وعجاج نصر وإبراهيم أبو فخر، هذا الوفد الذي ذهب قبل اندلاع الثورة لمقابلة المفوض السامي الفرنسي الجنرال ساراي في بيروت بقصد تبديل الحاكم كاربيه بحاكم وطني وقد رفض الجنرال مقابلة هذا الوفد فعادوا حانقين غاضبين عازمين على الثورة وعلى التخلص من نير الإحتلال…
عندما قامت الثورة عام 1925 لبى هذا الزعيم المسيحي الكبير النداء ، دفعته إليه عصبيته القومية ووفاء وإخلاصا للأرض التي يعيش فيها ولصداقته مع سلطان باشا الأطرش فخاض غمارها وشارك في معاركها معه جنبا إلى جنب ضد الاستعمار الفرنسي وجحافله وتحمل شدائدها وأصبح عضوا في مجلس قيادة الثورة الذي تشكل من كل من : حمد عامر- فضل الله الهنيدي- محمد عز الدين – سليمان نصار – حسين مرشد رضوان – يوسف العيسمي – علي عبيد – قاسم أبو الخير- علي الملحم.
لقد قامت فرنسا باعتقاله ونفيه عدة مرات كما وقامت بهدم داره في خربا وصادرت أملاكه محاولة لإرهابه وكسر شوكته ولكن كل ذلك لم يثنه عن عزمه… ومما يذكر أنه إبّان مقاومة الاحتلال الفرنسي لسورية وفي إحدى المعارك ألقى الفرنسيون القبض على المجاهد الكبير الشيخ عقلة القطامي وفي المحكمة توجه إليه أحد الضباط الفرنسيين الكبار قائلا: “أنا أفهم أن يقاتلنا هؤلاء المسلمون ولكن لماذا أنت ونحن مسيحيون مثلك؟!”…
فأجابه الشيخ القطامي: “نعم، ولكنني أحاربكم كعربي من بني غسان … إن الدماء التي تجري في عروقنا ليست فرنسية ولا بريطانية إنها عربية المنبع “
رافق الزعيم الكبير سلطان باشا الأطرش عندما نزح إلى صحراء شرقي الأردن وأقام في النبك ووادي السرحان في وفد كبير من رجالاته المخلصين ومكث معه 12 عاما ومعهم كل من الدكتور عبد الرحمن الشهبندر والشيخ محمد الأشمر وابراهيم هنانو والشيخ صالح العلي وسعيد العاص وأحمد مريود وسعيد آغا وذلك في أعقاب استشهاد القائد البطل يوسف العظمة وزير الدفاع السوري في معركة ميسلون ضد الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال غورو عام 1920 حيث أعلن هؤلاء الأبطال على إثرها انطلاق الثورة العربية السورية “ثورة انتصار الكف على المخرز”!! على عكس الذين جروا عربة غورو!!… وعلى ذكر “جر عربة غورو” يحضرني هنا قول المرحوم شكري الشوفاني أحد وجهاء قرية معليا الذي قال: “نحن من الذين نركب الخيل ولسنا ممن يجرونها”!!…
وقد استمرت الثورة حتى عام 1937 رافعين شعار “الدين لله والوطن للجميع” حتى تحقق الجلاء ونالت سورية استقلالها عام 1946…
ولم يترك هذا الرجل الكبير الوطني عقلة بك القطامي،أأخاه وصديقه ورفيق دربه سلطان باشا الأطرش،طيلة مدة هذا النضال الطويل والمرير وعاد معه إلى الجبل بعد أن وضعت الثورة أوزارها وبقيا على العهد والوعد حتى فرقهما الموت…
حين تحقق الجلاء ونالت سورية استقلالها عام 1946… عيّن عضوا في المجلس النيابي السوري مابين 1943-1947 وسكن دمشق وعاد إلى قريته وأمضي بقية حياته فيها حتى وفاته عام 1953، رحم الله المجاهد المسيحي العربي الكبير وأسكنه فسيح جنانه.
ومما يروى عن حاشية سلطان باشا الأطرش والذين نزحوا معه إلى شرق الأردن، بمن فيهم عقلة بك القطامي، أنهم كانوا من الشعراء وكانوا يلتفون في خيامهم، وقد رفضوا السكنى في بيوت من حجر، حول مواقد النار في ليالي الشتاء الباردة يروون الأشعار التي تعبر عن مشاعرهم وأحاسيسهم في بلاد الغربة وحنينهم الشديد للعودة إلى الوطن.
-مدونة وطن “eSyria” التقت حفيدته السيدة “هيام القطامي” بتاريخ 8/11/2013فتحدثت عن جدها قائلة: «ولد جدي “عقلة القطامي” في بلدة “خربا” في محافظة “السويداء” عام /1889/م، وتربى فيها بكنف أسرته المحافظة، وتعلم في مدارسها وكان له نهم للمطالعة، واشتغل بزراعة أرضه فكان مثالاً للجد والاجتهاد طوال حياته المتميزة بالعطاء والكفاح والعمل المثمر، وهكذا فقد كان ابناً باراً لـ”الجبل” الأشم، وأحد وجهائه البارزين، أخذ عنه الأنفة والشموخ والثبات وتمثلت به العادات العربية الأصيلة السائدة فيه من كرم وشجاعة وإغاثة الملهوف وحماية الجار المستجير.
شارك منذ أيام شبابه الباكر في ثورات “الجبل” المتتالية على الاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي بشجاعة فريدة وإقدام نادر، ما جعله في طليعة المكافحين عن الكرامة والعزة القومية، وصديقاً حميماً لقائد الثورة “سلطان باشا الأطرش” قائد أولئك الأحرار الأبطال الذين كتبوا بسيوفهم وبدمائهم مآثر خالدة في تاريخ النضال العربي».
وتابعت: «كانوا مثلاً أعلى في الدفاع عن الحرية والاستقلال وفي الشجاعة والتضحية ونكران الذات ومكارم الأخلاق، لقد كان هذا المجاهد الفذ في الحرب والسلم على السواء سفيراً مفوضاً لقيادة الثورة خاصة ولـ”الجبل” الأشم عامة يحل الخلافات ويعقد الاتفاقيات.
كان في اتفاقية “أبو فخر ديكيه” في /4 آذار عام 1921/م، وفي مؤتمر “ريمة اللحف” /1925/م، واجتماع “عيون مؤتمر الملك فيصل بالأزرق”، ومؤتمر “خازمه”، وكان يبذل المساعدات كيف لا وهو موضع الثقة والأمانة والمحبة، ويشهد بذلك ما جاء من حديث “كنج شلغين” رئيس اللجنة المالية في “الحديثة” بوادي “السرحان” حيث قال: “كان المجاهد “عقلة القطامي” يقيم في “الحمر” بـ”الأردن”، فكان يقضي حاجات الثوار المقيمين في الصحراء ويلبي طلباتهم ويرعى مصالحهم ويمد يد العون إلى المحتاجين منهم، ويستلم الحوالات الواردة إلى التاجر “حمدي منكو” بـ”عمان” ويرسلها إلينا، وقد سلمنا ذات يوم مبلغ أربعة آلاف ليرة عثمانية ذهباً، كان البطريرك “غوريغوريوس حداد” قد بعث إليه إعانة في منفاه، فأبى أن يستأثر بها وحده وقدمها لنا لتوزيعها على الثوار، حسب الجداول المعتمدة لدينا، ولم يقبل خمسين ليرة من هذا المبلغ إلا بعد جهد جهيد”».
وعن أبرز مواقفه أثناء النضال ضد الاستعمار أضافت: «احتل أبو موسى “عقلة القطامي” منزلة عالية في قلوب عارفيه الكثيرين من رجال القضية العربية مقيمين كانوا أم مغتربين، وكان له من أكثريتهم مراسلات ولقاءات ومواقف نال فيها محبتهم وثقتهم ونشأت بينه وبين بعضهم صداقات حميمة لإخلاصه وصراحته وصواب رأيه وحسن تصرفه، وامتاز أسلوبه في مخاطبة من كان يراسلهم أو يقابلهم بسحر البيان ورقة اللفظ، وهو يصف أحوال الثوار المشردين في الصحراء، ويعدد ما كانوا يقاسون في مأساتهم المروعة من مصاعب وأهوال ويعانون من ألوان الجوع وأشكال الحرمان وأنواع الإهمال، كان بذلك يحث الهمم ويستدر العواطف، وجاء مثل ذلك في إحدى رسائله إلى الشاعر “القروي” فقال بما معناه: (إن سلطان باشا الأطرش يا أخي بطل قومي لا يجود الزمان بمثله في سنين عديدة، يحتل مع فرسان قلائل مسؤولية أعظم ثورة ضد الاستعمار، حياتهم في الصحراء مثل رائع في الصبر والشجاعة ونكران الذات والقدرة على تحمل المحن والمشقات، في عيش قاس مرير لا يطيقه نسّاك ولا جبابرة متمردون).
المجاهد الارثوذكسي الكبير عقلة بك القطامي
أما أثناء عضويته في المجلس النيابي ومجلس إدارة المحافظة فقد كان مثال الإخلاص والنزاهة، يقضي وقته في الخدمة العامة يدافع عن الحق وينصر المظلوم ويساعد الفقير ولا يداري أحداً ولا يخشى لومة لائم، فأحبه أبناء “جبل العرب” وكان محل ثقتهم ومودع سرهم، نال أوسمة عديدة تقديراً لجهوده الوطنية والقومية والإنسانية، وسام “النيشان” العثماني (الرابع والثالث والثاني) مع ميدالية “حرب” عثمانية وأخرى المانية. وفي عام /1947/م منح الوسام “البابوي”، خاض معارك الثورة ببسالة وتحمل التشريد والنفي بإباء، وزاده غضب الفرنسيين عليه ومصادرتهم أملاكه وأمواله صلابة وعقيدة وقوة إيمان بالمبادئ والمثل التي قامت الثورة من أجلها، وبوطنه وحقه في الحرية والوحدة والاستقلال، وقد اتخذ العروبة دنيا بما فيها من قيم سامية ومعان حضارية وقومية وإنسانية.
انتقل إلى رحمته تعالى عام /1953/م، بعد أن أدى الرسالة ببطولة وشرف مخلفاً ذكراً خالداً مدى الأيام، وسيرة حميدة يعطر شذاها الآفاق ونسلاً صالحاً سيظل سائراً على خطاه بشمم».
في كتاب الصحفي “منهال الشوفي”: (بيارق في صرح الثورة السورية الكبرى) تحدث عن “عقلة القطامي” بقوله: «يوم انطلقت الثورة الكبرى بقيادة “سلطان باشا” كان “عقلة القطامي” أول من لبى نداءها فمثل بسلوكه ومواقفه الأخلاق العربية وما تجسده من بيئة “جبل العرب” وحياة أهله من تقاليد أصيلة، وكان الثائر “القطامي” من أوائل الذين تعرضوا إلى حقد المستعمرين بسبب ثباته في خطه الوطني الحر رغم المغريات التي كان المستعمر يلجأ إليها، وقد وقف ورفاقه إلى جانب قائد الثورة وشارك في جميع المعارك، وعانى مع قائد الثورة قسوة التشرد في الصحراء /12/ عاماً معلناً إيمانه بحق “سورية” في الحرية، وفي /5 نيسان 1924/م زار الجنرال “سراي” الذي حل محل “ويغان” “الجبل”، فطلب وفد يمثل “الجبل” مقابلته للاحتجاج على سياسة كاريبيه وخروجها عن نص اتفاقية (أبو فخر – دي كيه) التي تقضي أن يكون حاكم “الجبل” من أبنائه، فقال الجنرال: (إنها حبر على ورق)، فأجابه الثائر “عقلة القطامي”: (إن البعثة الفرنسية في “دمشق” هي التي وضعتها فكيف تكون حبراً على ورق يا سيدي الرئيس!)، فاعتقله ونفاه إلى “تدمر” وهدد الوفد، فقامت المظاهرات ثم توجهت حملة بقيادة الكابتن (نورمان) إلى “القريا” لإلقاء القبض على “سلطان الأطرش” ورفاقه». الجدير بالذكر أن السيدة “فرحة عازر الجوابرة” من قرية “خربا”، كانت زوجة البطل “عقلة القطامي” وقد وقفت إلى جانب زوجها في مقارعة الاستعمار الفرنسي، وكانت سديدة الرأي وصاحبة قرار، وقد قالت كلمتها المشهودة: “لا نريد أرضاً ومالاً.. نريد أن نتحرر من الاستعمار”.
اترك تعليقاً