المسيحية في البوسنة والهرسك
كاتدرائية قلب يسوع الاقدس في سراييفو
تمهيد
للمسيحية في البوسنة والهرسك تاريخ طويل ومتجذر، وتُعد من الأديان الرئيسة في البوسنة والهرسك تتمتع البلاد بتاريخ مسيحيّ غني، وخلال العصور الوسطى نشأت على ارضها الكنيسة البوسنيَّة، وهي كنيسة مسيحية منفصلة عن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والكنيسة الصربية الارثوذكسية.
يتواجد في البوسنة والهرسك موقع حج كاثوليكي وهي مدينة ميدوغوريه وهو موقع مكرم من الكاثوليك شهد ظهورات للعذراء مريم عام 1981 لستة أشخاص محليين.
وفقًا لإحصائية بيو لعام 2010 كانت المسيحية أكبر ديانة في البوسنة والهرسك ويتبعها 52% من السكان، ويأتي من بعدها الاسلام بنسبة 45% من السكان. بالمقابل حسب احصائية وكالة الإحصاءات في البوسنة والهرسك لسنة 2016 فإن حوالي 51% من سكان البوسنة والهرسك يعرّفون أنفسهم كمسلمين، و46% كمسيحيين (منهم 31% صرب ارثوذكس و15% رومان كاثوليك). ويعود سبب تراجع نسبة المسيحيين إلى انخفاض نسبة الخصوبة وقلة المواليد بين المسيحيين (1.1) مقارنًة بمسلمي البوسنة والهرسك (1.6).
تاريخ
العصور المبكرة
وصلت المسيحية إلى البوسنة والهرسك خلال النصف الاول للقرن الاول المسيحي مع القديس بولس الرسول الذي بشر في هذه المنطقة كما في الاماكن المجاورة، وفي رسالته الى اهل روميه كتب:” أنه جلب الإنجيل ورسالة يسوع له المجد إلى منطقة إيليريا”. ويذكر أنَّ جيروم الذي كلفه البابا بإنجاز ترجمة الانجيل إلى اللاتينية، ولد في مدينة ستريدون الواقعة في البوسنة. فحضر إلى بيت لحم بـرفقة أربع نساء نذرن أنفسهن لخدمة الكنيسة، وأخذ جيروم يعمل بدأب لإنجاز ترجمته. وأمضى سنوات طويلة من عمره في المغاور والأقبية تحت كنيسة المهد معتكفاً على كتبه، ليقدم أول ترجمة شاملة للكتاب المقدس بمنهجية واضحة، ولا زال مسيحيو العالم يعتمدون على ترجمته.
بعد مرسوم ميلانو الذي اطلقه الامبراطور قسطنطين الكبير عام 313م وفيه اباح حرية العبادة في الامبراطورية الرومانية واوقف الاضطهادات الدموية المريعة بحق المسيحيين، انتشرت المسيحية بسرعة في المنطقة. وأستقر معظم المسيحيين والأساقفة من منطقة البوسنة والهرسك الحالية حول منطقتين حضريين وهي سالونا وسيرميوم. وتأسست العديد من الأبرشيات المسيحية المبكرة في القرون الرابع والخامس والسادس المسيحية. وذُكر اسم أندريجا أسقف بيستو في سينودس المقام في مدينة سالونا بين عامي 530-533م ؛ وربما كان للمطران أندريجا مقعد في البلدية الرومانية بيستو نوفا، بالقرب من زينتسا. وقرر المجمع في سالونا إنشاء أبرشية جديدة دعيت باسم أبرشية بيستو فيتوس، وتم فصلها عن أبرشية بيستو نوفا. وتم تأسيس عدد من أبرشيات في الجنوب ومن ضمنها كان كل من كونستيش، وسارسنتيروم، ودلمينيوم، وبالوي ولوسينيوم.
كانت البعثات المسيحية المنبثقة عن روما والقسطنطينية قد دخلت منذ القرن التاسع إلى البلقان وكان للكاثوليكية الحضور القوي في كرواتيا، في حين سادت الارثوذكسية في بلغاريا ومقدونيا وفي نهاية المطاف في معظم أراضي صرب البوسنة، بحكم موقعها الجغرافي والتضاريسي، كانت من أواخر المناطق التي اعتنقت المسيحية، مع أنها نشأت من المراكز الحضرية على طول الساحل الدلماشي. وقد توزعت السيطرة على البوسنة خلال القرنين التاسع والعاشر ما بين إمارتي صربيا وكرواتيا، لكن الظروف السياسية في اواسط العصور الوسطى التي أدت إلى المنافسة على استحواذ المنطقة ما بين الامبراطورية الرومية ومملكة المجر. فبعد تبدل القوى في القرن12م وجدت البوسنة نفسها أنها خارج من أي سيطرة فبرزت كدولة مستقلة باسم إمارة محلية أو (بان).
العصور الوسطى
بحلول القرن 12م، كان معظم البوسنيين متأثرين بالكثلكة اسمياً، ومع ذلك عانت الكنيسة الكاثوليكية من العديد من المشاكل أبرزها نقص المعرفة باللغة الطقسية الكاثوليكية اي اللاتينية بين رجال الاكليروس البوسنيين. في هذه الفترة تربع على الحكم أول ملك بوسني هو بان كولين، الذي حكمها لمدة ثلاثة عقود ساد خلالها السلام والاستقرار في البلاد، وعزز اقتصاد البلاد عن طريق المعاهدات مع امارة البندقية وراجوزا. حكمه يمثل بداية لمشكلة الكنيسة البوسنية، فقد تم اتهام المسيحيين البوسنيين بالهرطقة من كل منالكنيستين الصربية الارثوذكسية والرومانية الكاثوليكية.
أستخدمت كنيسة البوسنية اللغة السلافونية البوسنية القديمة في طقوسها الدينيَّة، وكان يرأس الكنيسة أسقف ويعاونه مجمع ستروجنيسي. وردًا لعلى محاولات المملكة المجرية في استخدام السياسة الكنسية في تلك القضية كمحاولة لإستعادة سيطرتها على البوسنة، فقد عقد كولين مجلسا لقادة الكنائس المحليين ليتخلى عما أسماه بالبدع واعتناق الكاثوليكية سنة 1203.
قي نهاية العصور الوسطى أضَّحت الأرثوذكسية الصربية، قوية الحضور في شرق الهرسك، خصوصًا في منطقة زاكلوميا، وذلك بعد فترة حكم مملكة صربيا. وقد غُزيت زاكلوميا من قبل البان ستيفن الثاني من البوسنة في آواخر عام 1320م، ومع انضمام جزء من بانيت البوسنة، تنافست الكنيسة الرومانية الكاثوليكية والكنيسة البوسنية على جذب السكان إليها.
في مثل هذا المناخ السياسي، لا يبدو أنَّ الأرثوذكسية قد اخترقت البوسنة في القرون الوسطى خارج منطقة بودريني. وأقيمت أبرشية البوسنة في القرن 11م . استنادًا إلى بروفينسيال فيتوس، من المفترض أنَّ الأبرشية تأسست بين السنوات 1060م وحوالي 1075م. وقبل الغزو العثماني للبوسنة والهرسك، كان معظم السكان البوسنيين من الكاثوليك الكروات.
في منتصف القرن 13م صعد حكام كوتروماني إلى السلطة في مملكة البوسنة ووسّعوا نطاق عالمهم عبر سلسلة من الفتوحات لتشمل كل البوسنة والهرسك الحديث. وكان معظم حكام كوتروماني من الرومان الكاثوليك، لكنهم كانوا غير مبالين تماماً ب بالكنائس الأخرى المنتشرة تحت سيطرتهم، أي الكنيستين البوسنية والارثوذكسية. كما تعاقدوا على الزواج مع أتباع الكنائس الثلاث. يبدو أن بان ستيفن الثاني كان أرثوذكسياً (مثل والدته) حتى عام 1347م على الأكثر، وفي ذلك الوقت كان قد تحول إلى الكثلكة وانتمى الملك أوستوجا إلى الكنيسة البوسنية، وكذلك الأمر بالنسبة لأبناءه. في حين انضم توماس إلى الكنيسة الكاثوليكية، ومن المفترض أنه ترك البوسنة، بعد فترة وجيزة صيرورته ملكا على البوسنة. وعلى الرغم من الالتزام الاسمي لعائلة كوتروماني بالمذهب الكاثوليكي، فإن الإيمان أصبح مهمًا فقط لآخر ملوك كوتروماني، توماس وابنه ستيفن. كان توماس أول من تورط من سلالة في الاضطهاد الكاثوليكي، بعد ضغط من البابا. وكان الملك ستيفن، من ناحية أخرى، أول ملك يتلقى تتويجه بمباركة من البابوية. بالمقابل قام آخر جيل معروف من العائلة، وهو ابن توماس سيغيسموند وابنته كاثرين، باعتناق الإسلام بعد بضع سنوات من أسرهم من قبل العثمانيين.
الحكم العثماني
اتسمت الفتوحات العثمانية للبوسنة والهرسك بظهور عهد جديد في تاريخ تلك الدولة وحدوث تغييرات جذرية في الوضع السياسي والمشهد الثقافي في المنطقة. مع أن العثمانيين أنهوا تلك المملكة وقضوا على الكثير من الأمراء، إلا أنهم سمحوا للبوسنة بالحفاظ على هويتها عن طريق إدراجها كمقاطعة لا تتجزأ من الدولة العثمانية مع الابقاء على اسمها التاريخي وسلامة أراضيها، وهي حالة فريدة من بين دول البلقان التي خضعت لهم. تعهد السلطان العثماني محمد الفاتح بحماية أبناءالكنيسة الأرثوذكسية انسجاما مع موقفه من منح البطريرك جناديوس ميزة ترؤسه المسيحيين في الامبراطورية العثمانية، وعلى غرار الكنائس الأرثوذكسية في السلطنة العثمانيَّة، تمتعت الكنيسة الصربية الارثوذكسية بدعم من الدولة العثمانية. وقَدِم مع العثمانيين عدد كبير من المسيحيين الأرثوذكس إلى البوسنة، بما في ذلك الأفلاق من شرق البلقان. كما ساعد تحول أتباع الكنيسة البوسنية على انتشار الأرثوذكسية الشرقية. في وقت لاحق، في المناطق التي تركها الكاثوليك خلال الحروب العثثمانية الهابسبورغية، هذه المناطق تم استيطانها بالتالي من قِبل المسلمين والمسيحيين الأرثوذكسالوافدين الى المنطقة، وكان النظام العثماني يُفَّضل الكنيسة الأرثوذكسية على الكاثوليكية، وشجع على تحول الكاثوليك إلى الأرثوذكسية بسبب النفعية السياسية، في حين أنَّ التسلسل الهرمي الأرثوذكسي خضع للسلطان العثماني، كان يُشتبه في أن الكاثوليك يتآمرون مع إخوتهم خارج حدود السلطنة العثمانية حيث ان البابا في روميه كان يقود ملوك وامراء اوربه الكاثوليك ضد الدولة العثمانية، بينما كانت امبراطورية الروم الارثوذكسية قد سقطت بسقوط القسطنطينية، (طبعا كان هذا في اول الامر لكننا نجد بعد انفتاح السلطنة العثمانية على فرنسا والنمسا والامارات الايطالية فتح الباب على مصراعيه امام الرهبنات التبشيرية لغزو المسيحيين الارثوذكس والمشرقيين وجعلوا من القسطنطينية مقرا لهم ومنطلقا نحو الغزو اللاتيني المتعاظم اعتبارا من مطلع القرن 16).
وفي حين سُمح للكاثوليك البوسنيين فقط بإصلاح المواقع المقدسة القائمة، بدأ بناء واسع النطاق للأديرة والكنائس الأرثوذكسية في جميع أنحاء البوسنة منذ عام 1515م. وعاد الكهنة الأرثوذكس للاقامة في سيراييفو منذ عام 1589م كما كان الحال قبل اضطهادهم الموجه من البابوية لكثلكتهم او لطردهم من مناطقهم، وتم بناء أول كنيسة أرثوذكسية في المدينة بين عامي1520م وحوالي 1539م وكان بحلول عام 1532، كان للمسيحيين الأرثوذكس البوسنيين أسقف خاص بهم يقيم في العاصمة، وقد تولى الإقامة الرسميَّة في سراييفو في عام 1699م.
بحلول نهاية القرن 18مر، كان لمتروبوليتان او رئيس اساقفة البوسنة السلطة على الأساقفة الأرثوذكس في موستار، وزفورنيك، ونوفي بازار وسراييفو. وعلى الرغم من نظرة السلطنة العثمانية للكاثوليك الأ أنها اعترفت فقط ببعض المجتمعات الكاثوليكية، لا سيَّما في المدن الكبيرة والتي حوت طبقة من التجار الكاثوليك النافذين. وأصدرت السلطات العثمانية فرمانات داعمة لهذه التجمعات الكاثوليكية وحامية لها ولتسهيل امورها، واصدرت لأتباعها وثائق هوية تضمن لهم الحريات الاقامة والتجارة والتنقل والاعفاءات الضريبية لمن يعيشون على مساعدات اهل الخير ، وحرية ممارسة الطقوس الدينية وحماية كنائسهم واديارهم.
خلال الحكم العثماني تم فصل الكثير من الأطفال المسيحيين عن عائلاتهم وتربيتهم ليكونوا أعضاءً في فيلق الانكشارية والدوشيرمه (تجنيد اولاد المسيحيين بعد اسلمتهم وكانوا من الصرب و… الارثوذكس كحرس ملكي)، وتميزت الفترة العثمانية التي تلت ذلك بتغيير في المشهد السكاني من خلال تعديل تدريجي للمستوطنات مع إدخال البازارات والحاميات العسكرية والمساجد. لقد جلب التحول إلى الإسلام مزايا كبيرة، بما في ذلك الوصول إلى شبكات التجارة العثمانية، والمواقع البيروقراطية والجيش.
على النقيض من دول البلقان التي بقيت مسيحية في الغالب، شهدت البوسنة تحولًا واسع النطاق للسكان المحليين إلى الإسلام، وبحلول أوائلالقرن 17م، امسى حوالي ثلثي سكان البوسنة من المسلمين. وقد جمع المراقب السلوفيني بينيديكت كوريبيشيتش التقارير الأولى عن المجموعات الدينية في الثلاثينيات. ووفقًا للسجلات لعامي 1528م و1529م، كان هناك ما مجموعه 42,319 أسرة مسيحية و26,666 أسرة مسلمة في سنجق في البوسنة وزفورنيك والهرسك. في تقرير يعود الى عام 1624م عن البوسنة (بإستثناء الهرسك) من قبل بيتر ماساريشي، وكان زائراً في وقت مبكر من القرن 17م للكنيسة الرومانية الكاثوليكية في البوسنة، وقد أعطى أرقاماً عن الجماعات الدينية في البوسنة وكانت كالتالي 450,000 من المسلمين، وحوالي 150,000 من الكاثوليك وحوالي 75,000 من الارثوذكس.
وفقًا للمستشرق توماس ارنولد كان الناس أكثر تقبلاً للأتراك العثمانيين بسبب البدع الكبرى في المنطقة في ذلك الوقت، التي اضطهدها الكاثوليك وحاول الحد منها من خلال حملات البابا يوحنا الثاني والعشرين الصليبية في عام 1325م وبرأيه انها كانت السبب في تحول هؤلاء الهراطقة المسيحيين الى الاسلام فازدادت النسبة السكانية الاسلامية وكذلك اضطهدت هذه الحملات الصليبية الارثوذكس في المنطقة ممادفعهم الى الهجرة او اعتناق الكثلكة بداية ثم الاسلام.
في الواقع، كانت العديد من تقاليد وممارسات المسيحيين البوسنيين تشبه التقاليد في الاسلام؛ منها على سبيل المثال؛ الصلاة خمس مرات في اليوم (تلاوة الصلاة الربانية). في البداية، كانت عملية الاسلمة إسمية نوعًا ما. في الواقع، حيث كان هناك العديد من المحاولات للتوفيق بين الديانات. وكان التقدم طويلاً نحو التخلي النهائي عن معتقداتهم. ولقرون لم يُعتبر البوشناق مسلمين كاملين، بل أنهم دفعوا الضرائب مثل المسيحيين. كما يشهد عليه المراقب الإنكليزي الراحل بول ريكوت، الذي قال في عام 1670م: «لكن من هذه الطائفة يخلطون بين المسيحية والمحمدية جنبًا إلى جنب؛ يقومون بقراءة الانجيل باللسان السلافوني… بالإضافة إلى ذلك، يتعلمون سورالقرآن، وقواعد اللغة العربية؛ يضعون الايقونات المسيحية ويقومون بعلامة الصليب؛ ويختنون ذكورهم. انتشر التوافق بين هذه المجموعات الدينية البوسنية، وتشير الوثائق إلى أنَّه حتى أوائل القرن 18 احتفل كل من المسلمين البوشناق والكاثوليك الكروات بعيد السلافا الأرثوذكسي.
شهدت الكنائس المسيحية البوسنية تغييرات كبيرة، كان البوسنيون الكاثوليك تحت حماية فرمان رسمي من الباب العالي كما اسلفنا. أمّا الرعايا الارثوذكسية فقد كانت متقوقعة في الهرسك ودرينا، كما وتشتتوا في جميع أنحاء البلاد خلال تلك الحقبة، وشهدت الكنيسة بعض الازدهار حتى القرن 19م فقد اختفت الكنيسة البوسنية المنشقة تمامًا. يذكر أنه خلال الحقبة العثمانية أصبح البوشناق الكاثوليك يُعرّفون عن أنفسهم أنهم من العرقية والإثنية الكرواتية، في حين اندمج البوشناق الأرثوذكس مع العرقية والإثنيَّة الصربية.
واستنادًا إلى أداب الرحلات ، يُعتقد أنه في النصف الأول من القرن 16م كان لا يزال السكان الكاثوليك يٌشكلون الأغلبية السكانيَّة. وعرّف الصرب القادمين من الشرق أنفسهم ككاثوليك، في حين شكلَّ الجنود الأتراك في المقام الأول الكم الاسلامي السكاني في البوسنة. ووفقًا لقول الزائر الاكليريكي الكاثوليكي بيتر مصاريشي في عام 1624م ان الكاثوليك شكلوا حوالي ربع السكان في حين شكل المسلمون الأغلبية السكانيَّة. وخلال القرن 17م أصبح الكاثوليك في المركز الثالث بين كبرى المجموعات الدينيَّة في البوسنة والهرسك.
الحكم النمساوي
أُجبر العثمانيين على التخلي عن إدارة البلاد الامبراطورية النمساوية المجرية من خلال معاهدة برلين في عام 1878. بعد الانتفاضة في الهرسك (1875-1878) وانخفض عدد المسلمين البوسنيين والمسيحيين الأرثوذكس الذين انخفض عددهم الى (534,000 ارثوذكسي في عام 1870) بنسبة 7 في المئة بينما انخفض المسلمون بنسبة الثلث. سجل التعداد النمساوي في عام 1879 حوالي 449,000 مسلم وحوالي 496,485 مسيحي أرثوذكسي في البوسنة والهرسك. وكانت الخسائر حوالي 245,000 مسلم وحوالي 37,500 مسيحي أرثوذكسي. خلال هذه الفترة اندمج الأرثوذكس البوشناق في المجتمع الصربي بشكل كامل، في حين أندمج البوشناق الكاثوليك في المجتمع الكرواتي بشكل كامل.
وبعد احتلال البوسنة والهرسك من قبل الامبراطورية النمساوية المجرية في عام 1878م، أقرت الإدارة النمساوية رسميًا «البوسنية» كأساس لأمة بوسنية متعددة الطوائف تشمل المسيحيين والمسلمين وقد حاولت هذه السياسة عزل البوسنة والهرسك عن جيرانها كل من صربيا الأرثوذكسية، وكرواتيا الكاثوليكية، وأيضًا مسلمي الدولة العثمانية، وتم إنكار مفهومي الدولة الصربية والكرواتية التي بدأت بالفعل في الترسخ بين الأرثوذكس والكاثوليك في البلاد على التوالي. غير أن مفهوم «الدولة البوسنية» لم يكن راسخًا إلا بين المسلمين البوسنيين، في حين عارضه بشدة القوميون الصرب والكروات.
بنت الإمبراطورية النمساوية الهنغارية ثلاث كنائس في سراييفو، وهذه الكنائس الثلاث هي من بين عشرين كنيسة كاثوليكية في البوسنة. وعلى الرغم من هذا النجاح الاقتصادي، والسياسة النمساوية المجرية التي كانت تركز بالدعوة إلى المثل العليا للتعددية وبناء امة بوسنية متعددة الطوائف لكنها فشلت في كبح جماح المد المتصاعد للقومية. وانتشر بالفعل مفهوم القومية الكرواتية والصربية بين مجتمعات الكاثوليك والأرثوذكس في البوسنة والهرسك منذ منتصف القرن التاسع عشر. في عام 1903، انحرفت السياسة الرسمية ببطء نحو قبول الحقيقة الثلاثية الإثنية للبوسنة والهرسك. في نهاية المطاف، أدى فشل الطموحات النمساوية المجرية في تعزيز الهوية البوسنية بين الكاثوليك والأرثوذكسي إلى حصرها بين المسلمين البوسنيين، وبالتالي أعتمدت «البوسنيّة» كأيديولوجية عرقية مسلمة.
ألغى العثمانيون بطريركية بيتش الصربية الارثوذكسية، ومنذ أواخر ستينيات القرن 19م وحتى عام 1880، كان الأرثوذكس في البوسنة والهرسك يخضعون مباشرة الى بطريركية القسطنطينية. على هذا النحو كان يقودها فاناريوتس، وهو من يونان الفنار من اسطنبول. في منتصف القرن 19م، كان هناك أكثر من 400 كاهن أرثوذكسي في البوسنة والهرسك؛ كان هذا بداية عصر الرجاء للكنيسة الأرثوذكسية في البلاد.
في المفاوضات بين البابا والامبراطور النمساوي المجري، كانت الكلمة الأخيرة للإمبراطور النمسا في تعيين الأساقفة الكاثوليك. كان رجال الاكليروس الكاثوليكي العاملين في الأبرشيات البوسنية من الرهبنة الفرنسيسكانية؛ حيث كانوا الوحيدين العاملين في البوسنة والهرسك خلال العهد العثماني. وعُين الأستاذ جوسيب ستادلر، أستاذ اللاهوت في جامعة زغرب، في منصب رئيس أساقفة فربوسنا ونقلت أبرشيات موستار وبانيا لوكا إلى الفرنسيسكان. ولحماية كهنة الأبرشيات، طلب ستادلر من الكرسي الرسولي عزل الفرنسيسكان من جميع الرعايا. وقرر الكرسي الرسولي أنه في عام1883، كان على الفرنسيسكان نقل جزء من أبرشياتهم إلى رئيس الأساقفة؛ وبحلول نهاية القرن، كان حوالي ثلث الرعايا الفرنسيسكان مسيطر عليها من قبل الأساقفة المحليين. سعى رئيس الأساقفة إلى السيطرة على عدة رعايا أخرى، مما خلق التوترات. في ظل الحكم النمساوي المجري زاد عدد الكاثوليك بنحو 230,000، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الهجرة من أماكن أخرى في الإمبراطورية. وبلغ عدد المهاجرين نحو 135,000 مهاجر، منهم 95,000 كاثوليكي. وكان ثلث الكاثوليك المهاجرين من كرواتيا، وحوالي 60,000 من التشيك والسلوفاك والبولنديين والمجريين والالمان والسلوفينيين.
العصور الحديثة
في عام 1920 بعد الحرب العالمية الاولى وإنشاء مملكة يوغوسلافيا، خضعت المنطقة مرة أخرى لسلطة الكنيسة الصربية الأرثوذكسية والتي أعيد توحيدها تحت سلطة البطريرك ديمتريج. وقد تشكلت مملكة يوغو سلافيا في 1كانون الاول 1918 من خلال اتحاد السلوفينيين والكروات والصرب، ومن خلال اندماج أراضي الإمبراطورية النمساوية المجرية مع مملكة صربيا المستقلة سابقًا. وعلى الرغم من انقسام الرأي الكاثوليكي في البوسنة والهرسك حول الاتحاد مع صربيا الأرثوذكسيَّة، شجَّع الأساقفة الكاثوليك الوحدة وطالبوا الكهنة والعلمانيين على أن يكونوا مخلصين للحكومة الجديدة. في رأيهم، سيكون للكروات في الدولة الجديدة حقوق وطنيَّة وستكون الكنيسة حرة. وعندما لم يحدث ذلك، ساءت العلاقات بين الكنيسة والدولة وقاوم رجال الدين الكاثوليك الحكومة.
أدَّى الصراع الأيديولوجي بين المسيحية والفلسفة الماركسية في البوسنة والهرسك خلال الحرب العالمية الثانية وعصر الشيوعية في يوغوسلافيا إلى مواجهات بين الحركة الشيوعية والكنيسة الكاثوليكية. وتحت قيادة الحزب الشيوعي اليوغوسلافي، قُتل 184 من رجال الدين الكاثوليك أثناء الحرب وبعدها؛ وتوفي خمسة كهنة في السجون الشيوعية. وكانت أشد المناطق تضررًا هي مقاطعتي الهرسك والبوسنه سريبرينا، حيث قتل فيهما 121 راهبًا. خلال غزو الحزب الشيوعي اليوغوسلافي لموستار وسيروكي برييغ فيشباط 1945، قُتل ثلاثين راهب في دير سيروكي برييغ ومن بينهم 12 أستاذًا ومدير مدرسة قواعد اللغة الفرنسيسكانية.
عرفت البوسنة بتنوعها الثقافي والديني التقليدي، مع أتباع الاسلام، والارثوذكسية، واليهودية والكاثوليكية الذين تعايشوا هناك لقرون. نظرًا لتاريخ عاصمتها الطويل والغني من التنوع الديني والثقافي، سميت سراييفو في بعض الأحيان «قدس أوربه» أو «قدس البلقان». حتى وقت متأخر من القرن العشرين، كانت المدينة الأوروبية الكبرى الوحيدة التي كانت تضم المسجد والكنيسة الارثوذكسية ومثيلتها الكاثوليكية والكنيس اليهودي في داخل الحي الواحد. لكن في ظل التطهير العرقي الواسع النطاق الذي رافق الحرب الاهلية في البوسنة والهرسك 1992-1995 بعد سقوط الحكم الشيوعي في يوغوسلافيا ، اضطرت أعداد كبيرة من مسلمي البوسنة البوشناق) والكروات البوسنيين إلى الفرار من منازلهم وتم طردهم على يد صرب البوسنة؛ كما نفذ الكروات البوسنيين حملة مماثلة ضد البوسنيين المسلمين والصرب. وكذلك قام مسلمو البوسنة بأعمال مماثلة ضد الكروات، ولا سيما في وسط البوسنة وقام المسلمون البوسنيين بمجازر جماعية ضد الاقلية الصربية الارثوذكسية وتميزت باغتصاب النساء بشكل مخجل . بحيث سجلت دوائر الامم المتحدة المغلق عليها والمسجلة في سجلات الكنيسة الصربية والمؤيدة من محكمة الجنايات الدولية مقتل اكثر من 700 الف صربي ارثوذكسي على يد الكروات الكاثوليك والمسلمين البوسنيين وكله تحت سمع ومشاهدة القوات الاممية وبمساعة من الحلف الاطلسي التي كانت على الارض لدعم الكروات والمسلمين، مع تزييف الحقائق كلها وجعل الجلاد هو الضحية والضحية الصرب صاروا لاجئين في بلدهم الاصل تحوطهم حراب الحلف الاطلسي ويمنع عليهم اعادة فتح اديارهم وكنائسهم التاريخية التي تعود الى القرن11 اضافة الى الاستيلاء على الكثير منها بيد الكروات والمسلمين وتحويلها الى مساجد.
وتم فيما بعد بخس حقوق الصرب في وطنهم وادارته في الدولة البوسنية امام الاولوية المسلمة- الكرواتية الكاثوليكية، ونشير الى تلك المظاهرات الضخمة التي خرجت في كل الاراضي الصربية بقيادة الكنيسة الارثوذكسية والمنددة بفلول الشيوعية التي قامت بتلك المجازر والصقتها افتراء بحق الصرب الارثوذكس. وقدحكم على العديد من قادة صرب البوسنة بينما لم يحكم الا على قلة من القتلة الكروات والبوسنيين والبقية يسرحون ويمرحون في الدولة البوسنية الاتحادية… وهذا من الامور التي تم تغطيتها بفعل الحلف الاطلسي المساهم في سفك الدم الصربي
ولقد اتهم الصرب وحدهم بتدمير المباني الدينية الكاثوليكية في الحرب البوسنية (1992-1995) بينما كان للمسلمين قصب السبق بحق الكاثوليك والارثوذكس علما ان الكاثوليك والمسلمين اتحدوا في معظم مناطق الاقلية الصربية ضد الصرب الارثوذكسوتم تطهيرها بالفعل واحتلها الطرفان!!!، وقد ساعدت زيارة البابا يوحنا بولس الثاني في 23 حزيران 2003 لمنطقة البوسنة والهرسك في لفت انتباه الكاثوليك في جميع أنحاء العالم إلى الحاجة إلى إعادة بناء الكنيسة الكاثوليكية في البوسنة؛وكان تدمير الكنائس والمصليات واحدًا من أكثر الجروح وضوحًا من الحرب البوسنية في حين كل العالم تجاهل محنة الارثوذكس وكنائسهم واديارهم التاريخية وشهداءهم واستلاب اراضيهم وحصر من بقي منهم في مناطق تشرف عليها قوات الامم المتحدة.
تسبب التطهير العرقي خلال حرب البوسنة بين عام 1992-1995 في الهجرة الداخليَّة وتدفق اللاجئين، والتي فصلت السكان في مناطق منفصلة عرقية دينية محددة. استمرت مستويات العودة إلى المناطق الأصليَّة حتى بلغت ذروتها في عام 2002، لتشهد تباطؤ بشكل كبير، ليُصبح غالبية الصرب الأرثوذكس يعيشون في جمهورية صرب البوسنة وأغلبية المسلمين والكاثوليك في الاتحاد. داخل الاتحاد، لا تزال هناك مناطق ذات أغلبيَّة مسلمة وكاثوليكيَّة متميزة. ومع ذلك فإن عودة أتباع الصرب الأرثوذكس والمسلمين في السنوات الأخيرة إلى منازلهم قبل الحرب في غرب البوسنة والمسلمين إلى منازلهم قبل الحرب في شرق البوسنة قد حولت التركيبة العرقية الدينية في كلا المنطقتين. من ناحية أخرى، يبدو أن المسيحيين نادراً ما يعودون إلى مدنهم القديمة، حيث تُشير التقارير إلى أنَّ عدد الكاثوليك العائدين إلى وسط البوسنة وجمهورية صرب البوسنة، وكذلك عدد الصرب الأرثوذكس العائدين إلى الاتحاد، كان ضئيلاً.
مع انتهاء الحرب في التسعينات من القرن العشرين نالت البوسنة والهرسك استقلالها، وعلى الرغم من أن الدين لا يلعب إلا دورًا طفيفًا في الحياة اليومية للجماعات العرقية في البوسنة والهرسك اليوم، فإن القوالب النمطية لا تزال قائمة إلى حد ما، وهي أن الصرب هم من الارثوذكس والكروات هم من الكاثوليك والمسلمين هم من البوشناق؛ في حين أن البوشناق الأصليين الذين ظلوا على المسيحية ولم يتحولوا إلى الاسلام أندمجوا مع السكان من أصول صربيَّة أو كرواتيَّة، مما ساعد على تفسير المزيج الإثني الواضح في البوسنة والهرسك. ومع ذلك، لا يزال هناك عدد قليل من الأفراد الذين ينتهكون النمط المذكور وممارسة الديانات الأخرى بنشاط، وغالبًا بسبب التزاوج. وبحسب الرؤساء الدينيين من المجتمعات الإسلامية والكاثوليكية والأرثوذكسية تتزايد أشكال الإلتزام والفخر الديني بين الشباب كتعبير عن زيادة التعرف على تراثهم العرقيّ المرتبط بالهوية الدينيَّة، ويعود ذلك في جزء كبير منه بسبب الإحياء الديني والوطني الذي حدث نتيجة حرب البوسنة.
وفقًا لإحصائية بيو لعام 2010 كانت المسيحية أكبر ديانة في البوسنة والهرسك ويتبعها 52% من السكان، ويأتي من بعدها الاسلام مع 45% من السكان. بالمقابل حسب احصائية وكالة الإحصاءات البوسنة والهرسك لسنة 2016 فإن حوالي 51% من سكان البوسنة والهرسك يعرّفون أنفسهم كمسلمين، وحوالي 46% كمسيحيين (منهم 31% صرب أرثوذكس وحوالي 15% رومان كاثوليك). ويعود سبب تراجع نسبة المسيحيين بسبب هجرتهم الواسعة النطاق وإلى انخفاض نسبة الخصوبة وقلة المواليد بين المسيحيين (1.1) مقارنًة بمسلمي البوسنة والهرسك (1.6). وفقاً لمركز بيو تربى نحو 44% من السكان على المسيحية، بينما يعتبر 44% من السكان أنفسهم مسيحيين في عام 2017، أي أن حوالي 100% ممن تربوا على المسيحية في البوسنة، يعرفون عن أنفسهم كمسيحيين اليوم.
تراجعت حماية الحكومة للحرية الدينية، خاصةً خلال فترة الحملة الانتخابية قبل الانتخابات الوطنية في تشرين الاول من عام 2006، بسبب التطبيق القانوني الانتقائي وعدم المبالاة من قبل بعض المسؤولين الحكوميين. في نهاية الفترة كانت الحكومة تنفذ قانون الدولة بشأن الحرية الدينية لحماية حقوق المجتمعات الدينية وإنشاء سجل حكومي يسمح لهم بإنشاء وضع قانوني. وتعرضت بعض الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتيَّة للتخريب والإعتداء في البلاد. وبحسب مركز بيو للأبحاث كانت البوسنة والهرسك هي الدولة الوحيدة خارج افريقيا جنوب الصحراء حيث يقول حوالي نصف المسلمين (51%) إنهم يعرفون بعضًا أو كثيرًا عن المعتقدات المسيحية. ويقول حوالي 37% من المسلمين البوسنيين أنَّ المسيحية تختلف كثيراً عن الاسلام، بالمقارنة مع 59% منهم يقولون أنَّ للمسيحية الكثير من القواسم المشتركة مع الاسلام. وترتفع نسبة من يقولون أنَّ للمسيحية الكثير من القواسم المشتركة مع الإسلام (73%) بين المسلمين البوسنيين الذين يقولون إنهم يعرفون بعضًا أو كثيرًا عن المعتقدات المسيحية، بالمقارنة مع نظرائهم الذين يقولون إنهم يعرفون القليل أو من لا يعلمون شيئاً عن المعتقدات المسيحية (43%). ويقول حوالي 14% من المسلمين البوسنيين أنهم سيكونون مرتاحين بحالة زواج ابنتهم من مسيحي، بالمقارنة مع 16% بحالة زواج ابنهم من مسيحيَّة. وقال من 18% المسلمين البوسنيين أنهم يشاركون في اجتماعات دينيَّة منظمة مع المسيحيين.
المسيحيون
الأرثوذكس
يشكل أرثوذكس البوسنة الترتيب الاول بين مسيحيي البلاد، واستنادًا إلى احصائية عام 2008 بلغت نسبة الارثوذكس حوالي 36% من السكان. وغالبية الأرثوذكس في البلاد هم من الصرب، ويشكلون الأغلبية السكانية في جمهورية صرب البوسنة، ووفقاً لتعداد السكان عام 2013 بلغت نسبة الصرب الأرثوذكس حوالي 82.8% من السكان.
منذ عام 1760 حتى وقت متأخر من عام1880، كانت الكنيسة الأرثوذكسية في البوسنة والهرسك تتبع مباشرة بطريركية القسطنطينية. في عام 1920، في أعقاب الحرب العالمية الاولى وإنشاء مملكة يوغوسلافيا، أصبحت الكنيسة مرة أخرى تتبع للكنيسة الصربية الارثوذكسية، ويتبع اليوم غالبية أرثوذكس البوسنة والهرسك للبطريركية الصربية الارثوذكسية.
تضم الكنيسة الصربية اليوم شبكة من المدارس الارثوذكسية والمعاهد اللاهوتيَّة، بالإضافة إلى العديد من الكنائس والأديرة الصربية في جميع أنحاء البوسنة والهرسك تنتمي إلى حقب تاريخيَّة مختلفة. ويحتوي كل قسم فرعي على كنيسة الكاتدرائية وقصر الاسقف. ويلعب الدين جزء مهم في الهوية الثقافيَّة والإجتماعية لدى الصرب الأرثوذكس، تعزز عبر قرون من المصاعب الالام والمحن والاضطهادات المريعة وعشرات الشهداء من رجال الكنيسة. من القرن 15م إلى القرن 19م، كان الصرب الأرثوذكس في البوسنة والهرسك المعاصرة عرضة للاضطهادات القاسية غالبًا تحت حكم الدولة العثمانية. وفي القرن 20، على يد الامبراطورية النمساوية المجرية،والابادة الجماعية المنظمة في الحرب العالمية الثانية ويصدق على الكنيسة الصربية انها كنيسة الشهداء في الارثوذكسية، اضافة الى معاناتهم والتضييق عليهم في ظل الاضطراب السياسي والظروف الاقتصادية السيئة وهذه كلها دفعتهم الى الهجرة. في التسعينات من القرن العشرين، انتقل العديد من صرب البوسنة إلى صربيا والجبل الاسود.
الكاثوليك
الكنيسة الكاثوليكية في البوسنة والهرسك هي جزء من الكنيسة الكاثوليكية العالمية في ظل القيادة الروحية لبابا روميه.
وهي ثاني أكبر المذاهب المسيحية في البلاد، وبحسب إحصائية عام 2008 يتبعها 15.4% من السكان أو حوالي 544,114 نسمة، وغالبية الكاثوليك هم من الكروات. ويتوزع كاثوليك البلاد على أسقفية واحدة في سراييفو والتي تضم ثلاثة أبرشيات. ويشكل الكروات الكاثوليك الأغلبيَّة السكانيَّة في أربعة كانتونات وهي كانتون غرب البوسنة،وكانتون 10، وكانتون يوسيفينيا وكانتون الهرسك نيريتغا. ويلعب الدين جزء مهم في الهوية الثقافيَّة والإجتماعية لدى الكروات الكاثوليك، وتعزز عبر قرون من المصاعب.
من القرن 15م إلى القرن 17م، كان الكروات الكاثوليك في البوسنة والهرسك المعاصرة عرضة للاضطهاد غالبًا تحت حكم الدولة العثمانية، مما تسبب في فرار الكثير منهم من المنطقة.
في القرن 20، تسبب الاضطراب السياسي والظروف الإقتصاديَّة السيئة في المزيد من الهجرة الكاثوليكيَّة. شهدت الحرب الاهلية بين المكونات السكانية داخل البوسنة والهرسك في عقد 1990 إلى هجرة الكروات إلى مناطق مختلفة من البوسنة والهرسك، على الرغم من أنهم عاشوا في مناطق عديدة قبل هذه الحرب.
يتواجد في البوسنة والهرسك موقع حج كاثوليكي وهي مدينة ميديوغوريه وهو موقع وفقًا لمعتقدات الكاثوليك بدأت فيه ظهورات مريم العذراء منذ فيها عام 1981 إلى ستة أشخاص محليين، الأمر الذي حمّل الفاتيكان على إعلان ميديوغوريه مركزًا للعبادة المريمية. على الرغم من ذلك لم تعترف الكنيسة الكاثوليكية بهذه الظاهرة رسميًا.
البروتستانت
تأتي الكنائس البروتستانتية في المرتبة الثالثة في تسلسل المذاهب المسيحية ويتبعها 1% من السكان. ووفقًا لدراسة المؤمنون في المسيح من خلفية مسلمة: إحصاء عالمي وهي دراسة أجريت من قبل جامعة سانت ماري الأمريكيّة في تكساس سنة 2015 وجدت أن عدد المسلمين في البوسنة والهرسك المتحولين للديانة المسيحية (الغالبية من البوشناق) خصوصًا للمذهب البروتستانتي يبلغ حوالي 2,000 شخص.
الإلترام الديني
وجدت دراسة قامت بها مركز بيو للابحاث عام 2015 أنَّ حوالي 94% من سكان البوسنة والهرسك يؤمنون بالله، وحوالي 85% منهم يعتبرون للدين اهمية في حياتهم، وقد وجدتهذه الدراسة انَّ حوالي 54% من البوسنيين الكاثوليك يُداومون على حضور القداديس الالهية على الأقل مرة في الأسبوع بالمقارنة مع 10% البوسنيين الأرثوذكس، في حين أنَّ 58% من البوسنيين الكاثوليك يُداومون على الصلاة يوميًا بالمقارنة مع 28% من البوسنيين الأرثوذكس.
عمومًا يعتبر الكاثوليك أكثر تديًنا من الأرثوذكس في البوسنة؛ وقد وجدت الدراسة أيضًا أنَّ حوالي 89% من البوسنيين الكاثوليك يُداوم على طقس المناولة بالمقارنة مع 65% من البوسنيين الأرثوذكس، وحوالي 83% من الكاثوليك يصوم خلال فترات الصوم بالمقارنة مع 77% من الأرثوذكس. ويقدم حوالي 64% من الكاثوليك الصدقة او العشور بالمقارنة مع 60% من الأرثوذكس، ويقرأ حوالي 41% من الكاثوليك الكتاب المقدس على الأقل مرة في الشهر بالمقارنة مع 12% من الأرثوذكس، في حين يشارك 33% من الكاثوليك معتقداتهم مع الآخرين بالمقارنة مع 10% من الأرثوذكس.
يملك حوالي 94% من الكاثوليك ايقونات مقدسة في منازلهم بالمقارنة مع 93% من الأرثوذكس، ويضيء حوالي 57% من الكاثوليك الشموع في الكنيسة بالمقارنة مع 94% من الأرثوذكس، ويرتدي 60% من الكاثوليك الرموز المسيحيَّة بالمقارنة مع 37% من الأرثوذكس. عمومًا حوالي 97% و98% من مجمل البوسنيين الأرثوذكس والكاثوليك على التوالي حصلوا على سر المعمودية، ويقوم 70% من الأهالي البوسنيين الأرثوذكس بالتردد مع أطفالهم للكنائس، ويقوم 54% بإلحاق أولادهم في مؤسسات ومعاهد للتعليم الديني و41% بالمداومة على قراءة الكتاب المقدس والصلاة مع أولادهم.
ولكن لبطريركية الصرب الارثوذكس احصاءات مغايرة تماما لهذه النتائج التي قام بها مركز بيو للابحاث.
الهوية
قال حوالي 59% من البوسنيين أن كون المرء مسيحيًا هو جزءًا «هامًا ومركزي» أو إلى «حد ما» من الهوية الوطنية. وينقسم البوسنيين الكاثوليك والأرثوذكس بين أولئك الذين يقولون أن جوهر هويتهم المسيحية هي في المقام الأول مسألة دينيَّة 31% و25% على التوالي، وأولئك الذين يقولون أن هويتهم المسيحيَّة مرتبطة أساسًا بالتقاليد العائلية أو الهوية الوطنية 30% و55% على التوالي، وأولئك الذين يقولون أنَّ هويتهم المسيحيَّة هي مزيج من الدين والتقاليد العائلية أو الهوية الوطنية 39% و19% على التوالي.
بحسب الدراسة أعرب حوالي 95% من البوسنيين الكاثوليك بأنَّ هويتهم المسيحية هي مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لهم بالمقارنة مع 93% من البوسنيين الأرثوذكس، في حين قال 85% من البوسنيين الكاثوليك أنَّ لديهم شعور قوي بالانتماء للمجتمع الكاثوليكي في العالم بالمقارنة مع 76% من البوسنيين الأرثوذكس ممن يقولون أنَّ لديهم شعور قوي بالانتماء للمجتمع الأرثوذكسي في العالم، وقال 100% من البوسنيين الأرثوذكس أنَّه سيربي أبناه على الديانة المسيحيَّة. ويرى حوالي 29% من البوسنيين الأرثوذكس أنَّ بطريركية موسكو الارثوذكسية هي أعلى سلطة دينية في العالم الأرثوذكسي، بالمقارنة مع 8% يرى أنَّ بطريركية القسطنطينية هي أعلى سلطة دينيَّة ارثوذكسية.
الميول
عمومًا يعتبر الكاثوليك أكثر محافظة اجتماعيًة بالمقارنة مع الأرثوذكس في البوسنة والهرسك؛ يعتبر حوالي 88% من الأرثوذكس أن تعاطي المخدرات عمل غير أخلاقي بالمقارنة مع 89% من الكاثوليك، ويعتبر حوالي 81% من الأرثوذكس المثلية خطيئة وممارسة غير أخلاقيَّة بالمقارنة مع 87% من الكاثوليك، ويعتبر حوالي 92% من الأرثوذكس أن الدعارة ممارسة غير اخلاقية وخطيئة بالمقارنة مع 93% من الكاثوليك، ويعتبر حوالي 51% من الأرثوذكس الاجهاض عمل غير أخلاقي بالمقارنة مع 75% من الكاثوليك، يعتبر حوالي 48% من الأرثوذكس شرب الكحول عمل غير أخلاقي بالمقارنة مع 46% من الكاثوليك، ويعتبر حوالي 61% من الأرثوذكس العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج ممارسة غير أخلاقية بالمقارنة مع 65% من الكاثوليك، ويعتبر حوالي 17% من الأرثوذكس الطلاق عمل غير أخلاقي بالمقارنة مع 35% من الكاثوليك.
ختاما
ختاما نقول وبعد مقارنة ماتم ايراده من عدة مصادر ومقارنتها مع مصادرنا في البطريركية الصربية ومن خلال النتائج التي قدمتها مراكز الابحاث وفيها مقارنة بين الكاثوليك والارثوذكس لكل مامر معنا نلاحظ ان مغالطات مقصودة بحق الارثوذكس وماهو الا دليل واضح على الحرب على الارثوذكسية كونها عقيدة قويمة الرأي مستقيمة منذ فجر المسيحية لم تغير لا في الطقوس ولا في العادات والتقاليد والعيش منذ عصر الدولة الرومية…
لم يبق محافظا على المسيحية في خضم الحرب التي تُشن عليها وخاصة من الايديولوجيات الالحادية الا الكنيسة الارثوذكسية لذلك لا احد يتحث عن المجازر التي ارتكبت بحق الارثوذكسية في الشرق الاوسط وفي بلاد الشام واسية الصغرى وبيد الاتراك وقبلهم كل العهود الاسلامية مرورا بالحروب الصليبية واحتلال كيليكية الارثوذكسية مع ديار بكر وارضروم كآخر المحافظات في الارض المغتصبة التي قامت عليها تركيا وكذلك ماتم من فتن طائفية غوغائية قام بها الاتراك بحق الاقلية اليونانية النرتاعة في اطنبول في عقر الستينات من القرن 20 ثم احتلال شمال جزيرة قبرص من قبل الجيش التركي 1974 وسكوت العالم المتشدق بحقوق الانسان عن المأساة اليونانية ثم المأساة الصربية في يوغوسلافيا لا وفي هذه الاخيرة ساهم الحلف الاطلسي في تدمير المكون الصربي الارثوذكسي في يوغوسلافيا السابقة مع تزييف الحقائق واغماض العين عن المقابر الجماعية الصربية في طول يوغوسلافيا السابقة وعرضها… واخيرا اسقاط العالم الارثوذكسي في روسيا وفي شرق اوربه باعتلاء الحزب الشيوعي رئاسات هذه الدول ومامورس بحق شعوبها وكنائسها من اضطهاد وبطش وقتل منذ 1917 الى حين اسقاط هذه الانظمة الشمولية بايقاد حروب طائفية بين مكوناتها كما حصل بتفكيك يوغوسلافيا وفي بحثنا هنا وكما حصل في روسيا بعد البيروسرايكا من حروب لاتزال مشتعلة بين الارثوذكس كما هو جار الان في الحرب الروسية والاوكرانية لهو ابلغ جواب يلاحظه المراقب العادي والحاصل في تدمير الكنيسة الارثوذكسية…
المصادر
مركز بيو للابحاث
ويكيبيديا
خريسوستموس تاريخ الكنيسة
زيتون د. جوزيف تاريخ الكنيسة
محفوظات وثائقية كنسية ارثوذكسية في بطريركية انطاكية وبطريركية صربيا وبطريركية موسكو
المعرفة
انديبنديت
الجزيرة الوثائقية