المطران أثناسيوس مخلع الدمشقي

كتبت الصفحة الرائدة صفحة المتروبوليت اثناسيوس عطا الله

Metropolite Athanasios و هي تهتم بسيرة هذا المطران المتقدس المنشور التالي:

المطران أثناسيوس مخلع الدمشقي مطران بيروت

“حافظ القرآن، النجار، راهب طور سيناء فعلّامة عصره في الأدب الاغريقي واللاهوت المسيحي، الذي صار مطران حمص فبيروت وعماداُ للأرثوذكسية الأنطاكية جمعاء

لا نلوم أستاذنا ومؤرخ كرسينا الأنطاكي على الإطلاق في أننا لا نعرف الكثير عن المطران أثناسيوس مخلع الدمشقي، وهو المميز من بين أحبار كرسينا المقدس في أواخر القرن 18 وبدايات القرن 19، بل إنما نستحث الدكتور جوزيف زيتون الكلي الوقار ليتحفنا بمقالة شيقة عن هذه الشخصية الكنسية المميزة في مدونته الراقية، المستندة أساساُ على الأرشيف البطريركي في دمشق وهو أمينه الصادق والوفي.

قد ولد في دمشق وترعرع فيها، دارساُ اللغة العربية حتى صار محجة فيها. وامتهن النجارة ثم رهفت روحه الى الحياة النسكية فتوجه إلى طور سيناء حيث صار راهباً. وكان يعتدّ دوماً أنه الدمشقي والأسينائي والنجار. وفيما هناك، رغب بتعلم اليونانية وأدب الآباء وما كانت هنالك جامعات في اليونان، فتوجه الى الاستانة حيث يقيم البطريرك الاورشليمي، الأثينائي الأصل والمعرفة، الذي عمل لسنوات في قبرص في مجال التعليم.

وهذا المعلم البطريرك أفرام قد اتخذه تلميذا خاصا لنجابته، وفي عام 1780 قد رغب إليه بتعريب كتاب البوق الإنجيلي ففعل، وهو المخطوط الذي تمت طباعته بعد مائة سنة في جزئين عام 1887-1888، بدعم من مطران بيروت الدمشقي غفرائيل شاتيلا، معلم مطراننا أثناسيوس عطالله، وبإشراف الشماس غريغوريوس حداد (البطريرك لاحقاً بين عامي 1906 و 1928).ولا يزال هذا الكتاب تحفة للمطالعين في زماننا.

ويرى البعض علاقة نسب، حيث أن تقلا، والدة المطران غفرائيل شاتيلا، كانت ابنة البروتوبسالتي بطرس،كما كان الجد الاكبر بروتوبسالتي المريمية  شقيق المطران أثناسيوس مخلع الدمشقي (وهما شقيقا المطران جراسيموس مخلع الدمشقي متروبوليت سلفكية، التي تداخلت حدودها مع أبرشية دمشق حتى أن صيدنايا كانت تتبع لها).

ولا بد أن نعود إليه في منشور لاحق حول كرسيي العرش الأسقفي والآمبون في كاتدرائية الأربعين شهيداً، وهي حميعاُ من مأثره وعمل يديه في العام 1787.”

( انتهى منشور صفحة المتروبوليت اثناسيوس عطا الله على الصفحة)

وانا اقول هنا

بداية اسجل امتناني وقد شرفتني الصفحة الرائدة المتشرفة بحمل اسم المتروبوليت  المتقدس اثناسيوس عطا الله (راعي ابرشية حمص) و قدس الشماس بولس زهير عبد الله(1) فهو منشىء وادمن هذه الصفحة بِحّثي على البحث عن تراث هذا المتروبوليت الحمصي فالبيروتي العظيم اثناسيوس مخلع الدمشقي وحملاني امانة غالية  و  مسؤولية غالية للتحدث عمن سكتت عنه المصادر تماما … وخاصة وان معلم التاريخ الانطاكي مؤرخ الكرسي الانطاكي المقدس استاذنا وهادينا نحو كتابة ما اكتب اظهارا لحقيقة كرسينا الانطاكي المقدس وشموخه وعلو كعب احباره الذين بالرغم من كل النكبات التي مرت على كرسينا المقدس  وتاريخه   اعطوه هذا الزخم والتألق، واشير وليس دفاعاً عن معلمنا الدكتور اسد رستم الذي انحني خاشعا في محراب معرفته وعلو هيكله بل لتبيان الحقيقة المرة هنا وفي كل مرة ان كارثة 1860 الطائفية ابادت البشر والحجر في دمشقنا الحبيبة وهي النكبة الثانية التي ضربت كرسينا الانطاكي  بدمار انطاكية عام 1268 بيد الظاهر بيبرس بافنائها  وشعبنا  الانطاكي وشتات كرسينا الانطاكي حتى عام 1345 في اسيا الصغرى وقبرص والقسطنطينية، ثم استقر في دمشق زاهية وعاصمة بلاد الشام…لتكمل نكبة دمشق في القضاء على انساننا وارث كرسينا الانطاكي المقدس واعلامه…

ومع ذلك وصدوعا لمحبة هذه الصفحة المحبة /ومنشئها وأدمنها قدس الشماس بولس/ التي شرفتني بعضويتها ولاسيما وقد التقت رغبتي الجامحة بالكتابة عن هذا العلم الانطاكي اثناسيوس مخلع الدمشقي مطران حمص اولا ومطران بيروت لاحقا ابن العائلة الكهنوتية النقية والحارة في ايمانها الارثوذكسي ومعه شقيقه المطران جراسيموس مطران سلفكياس البار، وشقيقته تقلا التي انجبت مطران بيروت الاميز وباني ابرشيتها وداعمها بكل شيء غفرائيل شاتيلا (2)الدمشقي 1870-1902  تلميذ القديس الدمشقي العظيم الشهيد في الكهنة يوسف الدمشقي باعث نهضة انطاكية في العصر الحديث، ومعلم بطريرك الرحمة غريغوريوس حداد ومطران اللاذقية ارسانيوس حداد ( البطريرك)…

اعدت البحث مجددا عن تراث هذا المطران العظيم لتدوين السيرة وللاعتراف بما قام به من جليل الاعمال لمصلحة ابرشيتي حمص وبيروت علما ان امواله عند وفاته الت الى مطرانية بيروت مع مكتبته وجزء ثان من التركة صار بمتناول البطريرك الانطاكي  سيرافيم…

ان ماوجدته  في بعض المخطوطات فقط في مخطوط ” كتاب تواريخ حمص رقم 5935 الذي زودني به قدس الشماس بولس مشكورا  وكذلك في المخطوط البطريركي رقم 236 من موجودات امانة الوثائق البطريركية بدمشق / المكتبة والمخطوطات البطريركية وهو بعنوان ” مختصر تاريخ الأساقفة الذين رقوا مرتبة كرسي بيروت” بيد الفاضل عبد الله طراد البيروتي…اضافة الى مراجعة في ذاكرتي لما كان قد زودني به المرحومون الاب ايوب سميا كاهن محلة القصاع يوم كنت صغيرا وهو شقيق جدي بالدم، اضافة الى مرويات من جدي فارس زيتون ابن راشيا الوادي قبل انتقاله الى دمشق طفلا ، واخرون مع معلومة من هنا  ومعلومة من هناك فكانت هذه التدوينة المتواضعة عن علم اكليريكي انار في جلد زمن الانحطاط  المظلم هو المتروبوليت اثناسيوس مخلع الدمشقي…

متروبوليت حمص 1787 – ثم بيروت ولبنان 1799  اثناسيوس مخلع الدمشقي

في اصل الاسرة وتسميتها

اسرة مخلع اسرة  دمشقية شهيرة في وسطها الارثوذكسي ودفاعها عنه.

امتهنت مهنة النجارة في ورشة متوارثة وجاء اسم مخلع من اهتمامها  اضافة الى تصنيع المفروشات  القيام باصلاح المفروشات الفنية الثمينة  المحفورة والمصدفة ( المفروشات الدمشقية التي اختص بها مسيحيو دمشق)  لذلك عندما تم اعتماد الكنيات في بلاد الشام مع بدايات القرن 17 في بلاد الشام ونظرا لشهرتها العملية والفنية واللقب الذي كان قد اطلق عليها  اختصارا” مخلع” نسبة الى اختصاصها باصلاح المفروشات المخلعة واعادة جمعها، تم تثبيت هذا اللقب ككنية لها.

اما علمنا  فقد ولد في دمشق حوالي العام 1735 ، والده هو عبده بن يوسف بن عبده بن مخائيل مخلع الدمشقي في محلة ايا ماريا ( القيمرية اليوم) لأسرة مستورة الاحوال، تمتهن النجارة والتصليحات كما مرمعنا في ورشة العائلة الصغيرة المتوارثة والكائنة في ذات المحلة،

كان آل مخلع  يعيشون الايمان الارثوذكسي الحقيقي، كسائر العائلات المماثلة، من صوم وصلاة واشعال قنديل الزيت امام الايقونات غروب الاحاد والاعياد، كما تمارس الصلاة في كنائس المريمية والقديس نقولا وكنيسة القديسين كبريانوس ويوستينة،  وكان يوسف بن عبده بن ميخائيل مخلع الدمشقي جد مطران بيروت غفرئيل شاتيلا لأمه وقد حمل لقب بروتوبسالتي الكرسي الأنطاكي وقد رتل في المريمية على الاقل العام 1825(3) وبالتوارث يقوم بالترتيل في كنيسة مريم وكنائس الصرح البطريركي.

ويمارس الاعمال التي يتم تكليفه بها تطوعا ومجانا في ترميم المفروشات وابواب الايقونسطاس الخشبية ومفروشات الدار البطريركية بكل حماس، قاوم عبده مخلع واولاده محاولات الجذب للكثلكة،  ورفضت الاغراءات التي مارسها عليها الرهبان اللاتين المبشرون ضمنا بالكثلكة والذين كانوا يهيئون للاستلاء على كرسي البطريركية وتم لهم ذلك بالانقلاب الذي حصل واعتلاء السيد كيرلس طاناس  العرش البطريركي في عام 1724 بعد وفاة البطريرك المجاهد اثناسيوس الرابع الدباس(4) وبقيت العائلة وفية لايمانها الارثوذكسي القويم بالرغم من واقعها المتردي ماليا وضخامة المغريات المالية التي قدمت لهم لاسيما وان عبده واولاده وذكور العائلة جميعهم كانوا يتقنون فن الترتيل الرومي بالعربية واليونانية…وقوي مركز والده والعائلة باعتلاء البطريرك الشرعي سلبسترس القبرصي وكان قبلا شماساً لخاله البطريرك الدباس المحكي عنه.

درس علمنا  في مدرسة المقر البطريركي (5)على المعلم البارع داود القسطنطيني(6) فتعلم عليه اليونانية وآدابها اضافة الى مواد المنهاج المدرسي الأخرى، كما تولاه بالتعليم المعلم جرجس بن صروف (سيرافيم)ابن اليان الحموي(7)، وكان ضليعا بالعربية وآدابها واليونانية والتركية، فاتقنها على يديه. وبز على اقرانه علماً… في الواقع كان علمنا منذ طفوليته نشأ على يدي والده نجاراً ماهراً في ورشته، كحال كل اقرانه في امتهان ومهنة والده اذ كانت الحرفة عائلية يتوارثها الابناء عن الآباء والاجداد، كما اكتسب عن والده وجده محبة الترتيل الرومي البديع والاداء المميز كون الله حباه بالصوت الجميل وموهبة الترتيل واتقان اكتساب مهارة الترتيل… اضافة الى القيام بالخدمة في الصرح البطريركي وكنائس: مريم، والقديس نيقولاوس، والقديسين كبريانوس ويوستينا، وكان اتجاه علمنا بالمطلق لعشق الخدمة الكهنوتية. وكان كذلك شقيقه الذي صار مطراناً لسلفكياس…

كل ذلك كان قد لفت انتباه البطريرك دانيال (1767- 1791) الى اهلية هذين الشابين ونجاحاً مرتقباً في الكهنوت فرسمهما راهبين في بداية العقد الثامن من القرن 18 لخدمة الصرح البطريركي…

مع كل ذلك بقي علمنا بعد اتمامه الدراسة في الآسية وبالرغم من ارتدائه الثوب المقدس بالعمل في ورشة والده كما كان اثناء الدراسة ببركة البطريرك دانيال وتقديره، ليعينه في مصروف البيت، وعلى ذلك اتقن مهنة النجارة الفنية بأسرارها وصار بالرغم من حداثته من المعلمين المشهورين في النجارة وحفر الخشب وتصديفه في دمشق المشهورة بهذه المهنة وغيرها من المهن والحرف الدمشقية.(9) وكان بالاضافة قد انكب على الاطلاع على علوم الاديان المقارنة فعرف اليهودية بحذافيرها وكرس معرفته لخدمة العهد الجديد، كما اطلع على الاسلام واتقن مصادره كالقرآن وتالحديث والقياس والاجماع ، وتبحر في السيرة النبوية وصار حجة فيها.

في سيناء

تاقت نفسه الى الرهبنة في دير القديسة كاترين في سيناء متوسطاً وكيل الامطوش المقيم في دار البطريركية الانطاكية بدمشق، لذا انتقل الى هذا الدير الشهير وامضى نذور الرهبنة فيه، وبناء على طلب من معلمه البطريرك الانطاكي دانيال قام رئيس اساقفة سيناء برسامته شماساً انجيليا فارشمندريتا وفق التقليد المتبع في الكنيسة الرومية ببركة البطريرك الاورشليمي افرام ايضا… وتابع الاطلاع على الفلسفة اليونانية والعلوم اللاهوتية حتى اتقنها وصار حجة زمانه فيها ويبدو انه انتدب لخدمة الكرسي الاورشليمي  والكرسي الاسكندري خارج اطار دير سيناء في اكثرية الرعايا الارثوذكسية في مصر وفلسطين واكتسب مالاً جزيلاً قتر في انفاقه على نفسه  الالجهة شراء المراجع العلمية واللاهوتية والاديان المقارن وبرع في فن الخطابة والوعظ والكتابة والترجمة من اليونانية الى العربية، والخط والنسخ وترك المجلدات لخدمة كرسينا الانطاكي واستفاد من المكتبة الارثوذكسية الاشهر في كنيستنا الارثوذكسية وهي مكتبة طور سيناء الشهيرة حيث انكب يغرف من كنوزها اليونانية معرباً وناسخا لها….،

وكان يعتدّ دوماً أنه الدمشقي كعادة الدمشقيين، والأسينائي نسبة الى مكان رهبنته دير طور سيناء الشريف،  والنجار تلك المهنة الشريفة التي عمل بها ربنا يسوع المسيح طفلاً وشاباً في ورشة مربيه القديس يوسف النجار وحارس بتولية امه العذراء، وفيما هناك، رغب بتعلم اليونانية وأدب الآباء وما كانت هنالك جامعات في اليونان، فتوجه الى الاستانة حيث يقيم البطريرك الاورشليمي، الأثينائي الأصل والمعرفة، الذي عمل لسنوات في قبرص في مجال التعليم.

وهذا المعلم البطريرك أفرام قد اتخذه تلميذا خاصا لنجابته، وفي عام 1780 قد رغب إليه بتعريب كتاب البوق الإنجيلي ففعل، وهو المخطوط الذي تمت طباعته بعد مائة سنة في جزئين عام 1887-1888، بدعم من مطران بيروت الدمشقي غفرائيل شاتيلا، وخليفته لاحقاً في مطرانية بيروت ولبنان 1870-1902

اذن التحق بالبطريرك الاورشليمي افرام المذكور الذي كان مقيما في القسطنطينية وهو من دير طورسيناء  ورافقه هناك ودرس في دار البطريركية القسطنطينية ادب الآباء خصوصاً والادب اليوناني عموما واكتسب من معلمه المذكور مانقصه فاكتملت علومه اللاهوتية واتقن اليونانية كأهلها مع الفلسفة والادب اليونانيين اضافة الى اللغة العثمانية وزاد من مهرفته بلاسلام وحفظ القرآن غيبا وفاق المشايخ المسلمين وكان بلأصل متقنا العربية وآدابها في دمشق كما مر معنا واكتسب علوم المنطق والحق الكنسي والشرع الاسلامي.

اسقفيته

تسكت المصادر عن اسقفيته وكيف تمت ولكن على الاغلب فإن البطريرك دانيال (1767-1791) اختاره مع المجمع المقدس لأسقغية حمص لشغورها بترملها عام 1785 او 1786 وطلب اليه العودة الى دمشق وعرض عليه كما يحصل في العادة في انتخاب الاساقفة رغبة المجمع المبنية على الهام الروح القدس واختياره مطرانا على حمص  في منتصف العقد التاسع من القرن 18 فوافق واستأذن معلمه البطريرك الاورشليمي افرام الذي زوده ببركته وربما كان افرام ذاته قد رشحه لدى دانيال للأسقفية لمعرفته بقدراته بكل شيء. وتمت رسامته بيد البطريرك دانيال وتنصيبه في مريمية الشام كالعادة ومن ثم توجهالى ابرشيته وبدأ في اصلاح المطرانية وكاتدرائية الاربعين شهيد وتحديث اثاث الكنيسة ( لم تكن قد درجت بعد عادة وضع المقاعد للمؤمنين في الكنائس الانطاكية بل كان فيها فقط الكراسي الواقفة الجدارية المنتشرة على الجدران من الداخل وهو التقليد المتبع في الكراسي الرومية وقد سجل اول دخول للكراسي الحالية عام 1913 في المريمية بدمشق عام 1913 وقد خصصت فقط لتلاميذ المدارس الارثوذكسية حيث كانت العادة حضورهم القداديس. ومن ثم انتشرت الى كل كنائس الكرسي الانطاكي وخصصت بداية لزمرة التلاميذ والمسنين وكانت النسوة تصلي الى منتصف القرن العشرين في اماكن جلوس النساء انا في الشعاري او الطابق العلوي كما في الكنائس الكلاسيكية او من الطرف الايسر  وكان يوضع خص خشبي يحجبهن جزئيا بسبب عادة التحجب المسيطرة على المجتمع وخاصة في عصر الانحطاط العثماني في القرون الثلاثة 17 و18 و19. ولذلك بادر المطران اثناسيوس الى توفير كراسي المطران للخدمة كما في العالم الرومي وكما كان كرسي البطريرك في المريمية قبل احتراقها ولعبت نظرته كنجار بارع في تصميمها وتنفيذها من قبل نجاري القسطنطينية الروم حيث تمت صناعة الكراسي (كما سنرى في المخطوط الحمصي ادناه) في ورشات النجارة بحمص التي كانت في حي بستان الديوان وحي الورشة بحمص.

حاء في مخطوط “كتاب تواريخ حمص”:(10)

“في التواريخ  الموجودة داخل كنيسة الاربعين شهيد إن كنيسة  القديسين الاربعين مشاهدَ قديمة جداً والذي ابتناها الملك يوستنيانوس الكبير، ولها قبة عالية يبلغ ارتفاعها نحو عشرون ذراعا وقد كانت اوسع بناء مماهي عليه الآن ، إلا انه لماحضر الملك الظاهر لهذه البلاد في 671 للهجرة (حوالي 1266م) وخرب كنايس بلاد سوريا (انتقم من المسيحيين السوريين في حربه ضد الفرنج لأنه اعتبره واحدا!) فخرب من هذه الكنيسة جانب من جهة الغرب، وكان عنده كاتب سرياني، فالتمسوا المسيحيين من الكاتب المذكور

بأن يستعطف خاطر الملك بإبقاء كمالة الكنيسة فأجابهم قائلاً اذا تم ذلك تجعلون موضعاً لجماعة السريان بجانب الكنيسة يصلون فيه ( ربما كان هذا المكان هو الذي صار كاتدرائية السريان الارثوذكس ام الزنار)، فأجابوه الى ذلك. وتوسل الكاتب للملك الظاهر وقبل منه ابقاء الكمالة وبعد ذلك اختصروا المسيحيين حايطاً لجهة غربي الكنيسة وجعلوا فيه الابواب وبنوا فيه الحايط من دون اساس كأنهم من بنوه ، من دون فرمان سلطاني حتى لعهد الجيل السابع عشر للمسيح عندما دشر الحايط المذكور اجتمعوا المسيحيين سرا دون علم الحكومة لوفاة مصرف الفرمان ونقضوا الحايط المذكور فوجدوه من دون اساس فحفروا له أساساً  وبنوه وكانوا يشتغلون به بالليل كافة المسيحيين كباراً وصغاراً فبنوه في ثلاثة ليالي الذي هو موجود الآن لئلا ان بناء القبة القديم هو قوي ومتين حتى ان عرض حيطانه يبلغ سمكه ثلاثة ازرع وليس هذا العقد هو شبيهاً بعقود باقي الكنايس التي تراها ثلاثة صفوف كالأسواق التي تكون على ركايزه بل هو عقد واحد مرتكز على الحايطين من الجانبين اللذين هما امنع وأقوى من اسوار المدينة، وفي الجانب الغربي من الكنيسة موجود اربعة اعمدة صفاً واحداً عليه قناطر فالعامود الواحد الذي بالجانب القبلي فهو مسكوب من رخام وحجر ازرق وهو منقوش بخطوط محفورة مسندين على محوره يأخذ كل خط منها الى فوق فان مسكت الخط الواحد ودرت حول العامود لتصل الى نهايته الفوقانية فيدور بك اثني عشر دور حتى يصل للنهاية العالية والخطوط كثيرة وهو مع ذلك صقيلا لامعا يعطي لونا ازرق مايلا الى البياض قليلا. ولايوجد نظير هذا العامود في جميع كنايس آسيا، اما العامودين اللذان بالوسط  هما من الحجر السلافي…..”

هنا يصف كاتب المخطوط اثراً من اعمال مطران  حمص اثناسيوس مخلع وهو العرش الاسقفي فيقول:

” ان هذا الكرسي قد كان المهتم بايجاده المطران اثناسيوس الدمشقي البارع بعلم اللغات والجهبذ في علم اللاهوت والديانة والعارف بالعلوم الخاصة بالمذاهب والاديان الغربية  الذي كان عارفا بكتاب القرآن غيابيا، حتى كان يجادل فحول علما الاسلام بحمص وله جملة مناقب تحتوي على عشرة بنود مما تذهل العقول وهي محررة بكتابنا الجغرافي المسما بكتاب “الدلالة البهية في تواريخ حمص العدية” + وهذا المطران المطوب الذكر في مدة رياسته على كرسي مطرانية حمص استحضر نجارين من القسطنطينية فنجروا وجملوا كرسي للمطران في الخورص وهو يدعى “كرسي يدك ايمن” يجلس به المطران لما يصلي في ارض الجمعة (صلوات ايام الاسبوع) ثم وكرسيين داخل الهيكل فينتقلوا من محل الى محل فهم ليجلس رييس الكهنة على احدهم خارج الهيكل لمايلبس بدلة الكهنوت والثاني يجلس عليه داخل الهيكل وكلا من هذين الكرسيين فهو اكبر من كرسي العاج وهما من خشب الجوز الشامي محفورين بنقوش ظريفة، اما “كرسي اليدك” الذي تقدم  الشرح عنه فهو سادا لكنه فيه براسه كشبه التاج من الخشب يصعد اليه بدرجتين . اما الكرسي الرابع الكبير الذي له التاريخ وهو المستحق الشهرة والافتخار  فهو كذلك من خشب الجوز النضيف موضوع بجانب باب الهيكل الملوكي يُصعد اليه بثلاثة درجات من الرخام المرمر وحول الدرجات كتصفيح القماش وارتفاعه ستة اذرع وعرضه ذراع ونصف واما صفاته  فتراه محمولا من اسدين سباع وملفوفا على كل سبع منهما حية  ورأس الحية داخل في فم الاسد ثم وفي كل جانب من هذا الكرسي الشاروبيم زالساروفيم ثم وملايكة ومابين هذه الملايكة نقوشا يعجز القلم عن رسمها وله تاجاً عالياً نحو ذراع وربع مشحون بتصوير ملايكة البعض بيدهم ابواق ونفيرات والبعض بيديهم ادوات الترنم وطيور حمام ويمام ناهيك عن العروق السليمية الموجودة به وجميع هذه التصاوير والنقوش فهي نافرة من ذات الخشب وهذا الكرسي لايوجد له شبيه بكنايس سوريا حتى اننا شاهدنا كرسي البطريرك الذي بكنيسة الشام قبل احتراقها (كارثة 1860 بالمذبحة الطائفية) فلا يشبه هذا الكرسي العظيم وتاريخه من داخل تحت التاج فيكون بحكم فوق رأس المطران ( صورة التاريخ هكذا)

وقد اهتم بايجاد هذا الكرسي الميتروبوليتي السامي كير اثناسيوس الدمشقي السينائي مطران حمص على كنيسة الاربعين شاهد (شهيد) عروسة حمص في سنة 1787.

كذلك المطران اثناسيوس المومى اليه اهتم بايجاد انبلن عالي وهو منبر يُصعد اليه  بعشرة درجات وهو لأجل  قراة (قراءة )  الانجيل في الآحاد  والاعياد ولوقوف ررئيس الكهنة او الكاهن للوعظ وهو صناعة ابناء اسلامبول ( اسطنبول) المذكورين مستدير الشكل ذو خمسة وجوه مصورة بهم السيد المسيح والاربعة الانجيلية ( الانجيليين الاربعة) وفيه نقوش نافرة وطيور ونحوها بشكل ظريف وتاريخه بجانبه لجهة الشرق من اعلاه هكذا: قد كان المهتم بايجاد هذا الانبلن السامي الشريف كيريو كيراثناسيوس الدمشقي مطران حمص على كنيسة الاربعين شاهد ( شهيد) بمحروسة حمص منمال (من مال) الكنيسة سنة 1787ثم اتقن بنكاري من خشب الجوز الشامي صناعة ابناء اسلامبول (اسطنبول )( معلمو النجارة الروم القسطنطينيون) المذكورين وهو بصفات صندوق صغير عالي مستندا على العامود الكبير المقابل باب الكنيسة في ارتفاعه ذراعين ونصف واعلاه الصفات تاج  وهو منقوش بتصاوير ملايكة وطيور وهروق جميعها نافرة من ذات الخشب ( تشابه الموزاييك الى حد ما في ايامنا، (ونشير الى ان اختراع الموزاييك تم بيد  المعلم النجار جرجي بيطار الدمشقي في دمشق عام 1865) ويوضع عليه ايقونة صاحب كل عيد من القديسين في وقت عيده وبه الصندوق الذي يقف بجانبه وكيل الكنيسة لجمع ايراد الكنيسة ومصرفها (ومصروفها) وتاريخه بأعلاهسطر واحد…” انتهى الاقتباس هنا من المخطوط الحمصي رقم5935. ويبدو انه بقي مطرانا لحمص  حتى العام 1798 او 1799 كما يستفاد من مخطوط عبد الله طراد وبقي فيها حتى وفاته عام 1814.

ورد في المخطوط رقم 236 ” مختصر تاريخ الأساقفة الذين رقوا مرتبة كرسي رياسة الكهنوت في مدينة بيروت بدءا من الصفحة 192:

يتحدث الكاتب عن فضيلة  سابقه مطران بيروت مكاريوس وقداسته التي ظهرت في مماته في 19 آب 1798  حيث يقول اخيرا عنه:”… وضريحه لم يزل يعمل معجزات  ويعطي الأشفية لكل قاصدوجسده حي باقي للآن  لأن كثيرين زاروا قبره وكشفوا  عليه وتباركوا منه  وهيهات ان ابرشية بيروت لابل كامل ابرشيات الكرسي الأنطاكي أن تحظى بأسقف قديس نظيره سيما بأفعال الرحمة وذرف الدموع والاتضاع والزهد والبشاشة وحسن السلوك العالمي والفصاحة وملازمة الوعظ والانذار نفعنا الله تعالى ببركاته وصلواه آمين. وكان وقتئذ قد تنزل البطريرك دانييل (دانيال) كما سيجيء الشرح فيما بعد وارتقى كرسي البطريركية المغبوط انثيموس ( انثيميوس) وكان لايزال  بالقسطنطينية فأقام وكيلاً بعد وفاة المطوب مكاريوس في بيروت الايكونوموس الخوري سابا العازار نحو سنتين ولما رجع البطريرك للأبرشية وصل لقبرص  وارسل ربط الخوري سابا المذكور وكيلاً في بيروت لأنه اتهمه انه خانه بحساب المداخيل والزمه بدفع دراهم من عنده حتى حله من رباطه (رفع الوكالة من يده وجرده من الكهنوت). فقبل حضور البطريرك كان المسيحيون قد انتخبوا أثناسيوس ابن المخلع الشامي مطران حمص ليصيروه عليهم اسقفاً في بيروت  لأنه هو خاطبهم بذلك بعد نياح المثلث الطوبى مكاريوس لأنه كان مُتّكّرِهْ  من حمص خوفاً من الحكام لنه كان ذا مال يحب المجد والنظام العالمي، فقبله أهالي بيروت لسماعهم عن علمه البليغ فاستدعوه للحضور  الى خارج البلدة  فحضر من حمص الى طرابلوس وعمل عيد الفصح هناك لأن مطران طرابلوس كير جراسيموس ابن كومين اللاذقاني كان انتقل قبل بسنتين الى الرب فلاقاه الطرابلسيون بكل اكرام ومكث عندهم مدة وسار الى مار الياس المحيثة ( المحيدثة) فطلعوا لعنده أوجه الشعب ( وجوه الأبرشية) من بيروت والجبل وتفاوضوا واياه للمجيء عندهم  وترك حمص وحرروا أعراض للبطريرك أنثيموس الى القسطنطينية واحضروا فقط أمراً بانتقال اثناسيوس من حمص الى بيروت فأرسل أقام مطراناً لحمص بدلاً منه وتم انتدابه بكنيسة دمشق عن يد وكيل البطريرك المطران كير برنابا واسقفين غيره معه وذلك في 20 تموز 1804 وحضر لبيروت ولاقاه اهل بيروت بكل عز واكرام وكان عالماً وفيلسوفاً مشهود له يوناني وعربي وبالعالميات قيّماً، وأما مع الكهنة والشمامسة شرس الطباع غضوباً منتقماً وكان يحب الجاه العالمي فما ارتاح ولا رَيَحْ الكهنة والشعب من القلاقل في كل مدته الا انه اصطلح نوعاً (تحسن) عند اواخر ايامه، وكان يحب جمع المال ويشكي الفاقة مع انه كان ذا ثروة جزيلة وهو عمَّرَ قلاية بيروت (دار مطرانية بيروت) بمبلغ جزيل من ماله، وبعد نياحه (وفاته) ورثه أخوه (جراسيموس مطران سلفكياس) وأهله واستفادت منه كنيسة بيروت عمار القلاية ومكتبة نحو ماية وستين مجلد يوناني وعربي. وسبب وفاته هكذا كان وهو أنه بعد شرطونيته على بيروت بمدة حضر قدس الطوباوي انثيموس ( غبطة البطريرك الطوباوي انثيميوس 1793-1813 ) من القسطنطينية وطاف الابرشية واستقر في كرسيه وفي سنة 1813 صار طاعون عمومي في بر الشام وبعد خلوص الطاعون بهذه السنة في شهر تموز 1813 مرض السيد انثيموس كم يوم وانتقل الى الرب نهار عيد مار الياس الغيور في 20 تموز 1813 وللوقت توكل غبطة زكريا مطران عكار لأنه كان وقتئذ موجود  عنده بالشام لأنه مربيه وهو أحد شمامسته، ولما انتقل البطريرك اهتم مطارنة الابرشية (مطارنة الكرسي الانطاكي) ان ينتخبوا من مصافهم مطراناً وكان واعد نفسه بالبطريركية اثناسيوس (مخلع) مطران بيروت لأنه كان ذا مال ولأجل شهرة علمه وحبه الرياسة لكن لم يتوفق له الأمر لأنه لك يصر ابطاء  حينما بلغ المجمع القسطنطيني نياح  بطريرك انطاكية انتدبوا سيرافيم مطران اكاريبوليس احد مطارنة المجمع المقدس وحالاً اصحبوه بأوامر ملكية وكنائسية حسب العادة وكانت شرطونيته بطريركا بالقسطنطينية 10 آب 1813 (توفي عام 1832 فخلفه البطريرك متوديوس وهو من ناكسوس باليونان) وحضر لبيروت في اول كانون الاول ولاقوه بكل اعزاز واكرام وبعد عيد الظهور توجه البطريرك سيروفيم من بيروت لدمشق واخذ معه كير اثناسيوس مطران بيروت لأنه احبه جداً لمعارفه وبراعته باللغتين واستقام عنده وفي هذه الايام انتقل الى الرب قمر الشرق العالم العلامة الفاضل الغيور انثيموس مطران صور وصيدا ووادي التيم تلميذ السيد البطريرك دانيال وتاسف عليه المسيحيون في كل مكان ثم وفي سبة الآلام ( اسبوع الآلام) مرض السيد المطران كير اثناسيوس بدمشق وانتقل الى الرب نهار الاربعة ( الأربعاء) من جمعة احد الجديد ( اسبوع التجديدات) 8نيسان 1814 والكنيسة العربية ناحت لكسوف هذه الشمس لأنه كان بحر علم ولجة ليس لها قرار  ذاباع  طويل باللغتين اليونانية والعربية وترك مبلغ وافر اخذه اهله والبطريرك ودير طورسينا وكما اسلفنا قبلا لم تستفد بيروت منه شيئا سوى بناء القلاية متسعة اكثر مماهي عليه قبلاً وماية وستين مجلد كتب يونانية وعربية اغلبهم بخط يده وترجمته ومن جملتهم كتاب البوق الانجيلي الذايع الصيط (الذائع الصيت)  وهذه الكتب وقفاً لكنيسة بيروت المقدسة وبعده السد البطريرك سيروفيم شرطن الارشمندريتي بنيامين الذي حضر معهمن الاستانة مطراناً وارسله الى بيروت مصحوباً بمنشوره كالعادة وكان وصوله نهار السبت 7 تشرين ثاني 1814 وخدم القداس ثاني يوم عيد رؤساء الملايكة بالكنيسة وكان يوماً بهجاً للمسيحيين لأنهم التقوه بافراط الاكرام وطاف منازلهم وباركها وواصلوه بالصلاة والعطايا وهو عمل نظام للكنيسة واقام لها وكلاء  امنين…”

انتهى الاقتباس من مخطوط مطارنة بيروت  رقم 236 ( ص198)لعبد الله طراد البيروتي

من المخطوطات التي خطها بيده كان كتاب  البوق انجيلي،

وهو المخطوط الذي تمت طباعته بعد مائة سنة في جزئين عام 1887-1888، بدعم من مطران بيروت الدمشقي غفرائيل شاتيلا وهو موجود في المكتبة البطريركية بدمشق

وكتاب ايليا انبي الذي اشار اليه الاب لويس شيخو اليسوعي في كتابه المخطوطات العربية 114 اثناسيوس مخلع  مطران حمص، ثم مطران بيروت ولبنان الاورثذكسي.

وكما اشار السيد عبد الله طراد في مخطوطه اعلاه ترك لمكتبة مطرانية بيروت  160 كتاب مخطوط بخط يده ومن ترجماته باليونانية والعربية…

 

الخاتمة

مما لاشك فيه انه بمقدار التعب في الغوص في بحر عميق الجة بحثاً عن اللؤلؤ المفقود وبمقدار ماتيُنسى هذا التعب  بالعثور على حد ما من اللؤلؤ المفقود،

في بحثي هنا عن هذا الجهبذ تعبت بشكل منذ رغبت الي مشكورة صفحة المتروبوليت اثناسيوس عطالله بكتابة سيرة هذا المغبوط اثناسيوس مخلع وقد بحثت مجددا في ثنايا الكتب القديمة المشابهة للمخطوطات التاريخية وكذلك في المخطوطات منذ قرابة الشهر وانا ابحث بدون ملل بالرغم من التعب الجسدي الناجم عن تردي الصحة وماتعرضت له من عمليات جراحية…

وكنت قد  اشرت الى فراغ المكتبة البطريركية من كنوزها الارشيفية والثقافية بدمارها مع البشر والحجر في كارثة 1860 واقدم الوثائق الموجودة حالياً تعود الى زمن تكريس المريمية والصرح البطريركي بعد اعادة البناء وعلى الهيكل في عام 1867 اي بعد سبع سنوات حيث  استمر فيها الدمار والركام ورائحة دماء  حوالي ستة آلاف من الشهداء واجسادهم المحروقة شهادة بالدم ليسوعنا المخلص …

ان ماوجدته هنا ضئيل جداً، اضافة الى مخطوط كتاب تواريخ حمص الثري جدا باخبار ابرشيتنا الحمصية العزيزة وتاريخ كاتدرائيتها ما اعانني في نقل ماتعب فيه علمنا وتركه اثرا من يديه فيها مع الشكر مجددا لقدس الشماس بولس الذي زودني بصورة مضغوطة منه….

كما وان مخطوط مطارنة بيروت  الذي عثرت عليه عظيمة هي موجوداته ( وما اختزنته ذاكرتي ) وساقوم باذن الله بتحقيقه قريباً ولكني اود ان اسجل هنا ملاحظة ساءتني بوصف المطران اثناسيوسمن كاتب المخطوط بصفات حب الرئاسة والمال والتسلط وانه لم يترك لمطرانية بيروت شيئا من ماله الوفير، ولايسعني ومن باب الامانة لسيرة هذا العلم الا ان ابين  التعارض البين الوارد في تلك الصفات الذميمة مع اعتراف الكاتب بأنه عمر مطرانية بيروت مجددا من ماله الخاص وجعلها اوسع مما كانت عليه، كما انه ترك لها مكتبة ضخمة فيها 160 مجلداً باليونانية والعربية وقد كتبها وعربها …وهي كمجلدات تعتبر ارثاً ثميناً جداً…وبالتالي لا دخل له\علمنا المطوب الذكر اثناسيوس مخلع  بكيفية توزيع  تركته بعد وفاته بين البطريرك وشقيقه مطران سلفكياس واهله وابرشية حمص… واعتقد ان التركة تم توزيعها وفق قانون ميراث الاكليروس المنصوص عليه في القانون الاساسي للبطريركية وما تم تخصيص البطريركية وابرشية حمص وابرشية سلفكياس حيث شقيقه جراسيموس منه  كان لمنفعة الكرسي الانطاكي… ولامندوحة من الاعترافانه كان مليئاً مالياً عندما انتقل من حمص الى بيروت بشهادة الكاتب في مخطوطه…

ان ماقتره على نفسه كما اوردنا الا للعلم والمعرفة جناه من تبعيته للبطريرك الاورشليمي افرام  وخدمته في الرعايا في مصر وفلسطين والقسطنطينية … ويكفي علمه وتبحره في كل العلوم الدينية اللاهوتية والفلسفية والادبية باللغتين العربية واليونانية في زمن كانت سمته الانحطاط …وقد صرف علمه في التأليف والوعظ والترجمة والنسخ لمنفعة ابرشية بيروت وسواها وخاصة وان كتاب البوق الانجيلي يعد مرجعا ثرياً جداً وهذه شهادتي كمدقق وباحث وكاتب تاريخ…وامين على التأريخ لخدمة انطاكية والارثوذكسية.

حواشي البحث

1- قدس الشماس بولس زهير عبد الله وهو اساسا من حمص  واميركي موطنا  وتلميذ مطران حمص  اليكسي الخالد الذكر وخريج معهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي في البلمند في العام 1993 ويحمل الاجازة في الادب الانكليزي من جامعة البعث وماجستير في التاريخ من جامعة سالونيك 1997 ومن جامعة اثينا 2006 وشهادة تقدير في اللغة والادب اليوناني 2019

2- متروبوليت ابرشية بيروت ولبنان  غفرئيل شاتيلا الدمشقي طاهر السيرة…سيرته هنا في موقعنا.

3- تدوينتنا مع المرحوم الاب يوحنا اللاطي حول مرتلي انطاكية في القرنين 18 و19

4- تاريخ الكرسي  الأنطاكي المقدس هنا في موقعنا، وسيرة البطريرك اثناسيوس الدباس هنا قي موقعنا.

5- مدارس الآسية الدمشقية الارثوذكسية الشهيرة تأسست عام 1635 بيد البطريرك افتيموس كرمة  وكانت في المقر البطريركي، وفي عام 1836 تولاها الخوري يوسف مهنا الحداد  وحثها في عام 1840 بأن نقلها من مفهوم الكتّاب  الى المدارس الحديثة وفي بيت وقفي خارجي وبسماح عام من قائد الحملة المصرية على بلاد الشام بالسماح للمسيحيين بانشاء مدارس خاصة بهم خارج جدران الكنائس.

6- وهو معلم يوناني قدم من القسطنطينية شاباً الى دمشق في النصف الثاني من القرن 18 وكان ضليعاً باليونانية والعثمانية وباللاهوت وكان نقيامتبحراً في شؤون الدين فاحتضنه البطريرك دانيال 1767 -1791 وعيّنه مدرساً في المدرسة البطريركية الدمشقية ( الآسية)، ثم تزوج من حنة البحري ورسم كاهناً في حمص بعهد مطرانها افتيموس ورزق بولدين هما ميخائيل وقسطنطين. (كتابنا: الآسية مسيرة قرن ونصف )

7- المصدر ذاته كتابنا “الآسية مسيرة قرن ونصف” المعلم جرجس بن صروف (سيرافيم) ابن اليان الحموي وكان ضليعا بالعربية وآدابها واليونانية والعثمانية، وقد تولى التعليم في المدرسة الدمشقية الارثوذكسية ( الآسية) ثم صار كاتباً للبطريرك انثيموس 1792=1812 وتتلمذ عليه وقتها الخوري يوسف مهنا الحداد ( القديس يوسف الدمشقي).

8-كنائس المقر البطريركي بدمشق هي ثلاث وهي مريم ونيقولاوس وكبريانوس ويوستينة اضافة الى كنيسة القديسة كاترينا وقف دير سيناء في دمشق. الى ماقبل كارثة 1860 حيث اعيد بعد اعادة الاعمار فقط بناء الكاتدرائية المريمية بعد ضم مساحة الكنيستين الاخريين والجزء الوقفي الخاص بدير سيناء في نرثكس المريمية بعد الاستئذان من رئاسة اساقفة سيناء وتم بناء كنيسة على اسم القديسة كاترين  في الصرح البطريركي…

9- انظر مقالنا عن الحرف والمهنة الدمشقية التي اختص بها مسيحيو دمشق في موقعنا هنا.

10- مخطوط من مطرانية حمص برقم 5935 زودني بصورته مضغوطة قدس الشماس بولس مشكورا بناء على طلبي لأسترشد به في التخير لتدوينتي هنا واقتطف منه ما لزم للبحث في التعريف عن مآثر علمنا الانطاكي هذا لماكان متروبوليتاً على حمص. راعينا ما امكن عدم تحقيق المخطوطين والابقاء على اللغة الاصيلة لكل منهما الا ما اعتقدنا انه سيشكل للقارىء تشوشاً فقمنا باضافة الكلمة المناسبة لسهولة القراءة والفهم، كذلك لم نعتمد النقط والفواصل وبفي النص على اساسه وقد اقتضى التنوي.