انبثاق الروح القدس
انبثاق الروح القدس
لماذا ترفض الكنيسة الأرثوذكسية عقيدة انبثاق الروح القدس من الاب والابن عند الكنيسة الكاثوليكية؟
ان جميع الكنائس القديمة التي عاصرت عهد الاباء القديسين في القرون التسعة الأولى تعترف بان عقيدة الروح القدس في الدستور النيقاوي هي هذه: « وبالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب الذي هو مع الأب والابن مسجود له ومجد . الناطق بالانبياء “
ولكن کنیسة رومية البابوية زادت كلمة (والابن) على عهد البابا بنديكتوس الثامن ( سنة 1014 ) واعتقدت بأن الروح القدس ينبثق من الأب والابن )
وهذا يخالف
1- شهادة الرب
« ومتى جاء المعزي الذي سارسله أنا اليكم من الآب روح الحق الذي من الآب ينبثق هو يشهد لي ،، ( يوحنا ١٥ : ٢٦ ) . ولما كان قول
يوحنا الانجيلي: « الله لم يره أحد قط ، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خير» ( یو ۱ : ۱۸ )، يقيد التكلم عن الله بما خبرنا اياه الابن، فينتج من ذلك أن من یزید شیئا على كلام الرب يتكلم من عنده وليس فيه الروح القدس… (القديس يوحنا الذهبي الفم)
2- شهادة المجامع المسكونية
أ- المجمع الأول: قال لاونديوس أسقف قيصرية للفيلسوف المختار : أقبل الوهية واحدة . للاب وللابن وللروح القدس المنبثق من
الآب ذاته وهو خاص بالابن يعني خاص به في الطبيعة أي “مساو له في الجوهر” ، كما يقول القديس باسيليوس
ب – المجمع الثاني: ” وبالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الآب الذي هو مع الأب والابن مسجود له ومجد…
ج – المجمع الثالث: فانه اذ فحص آراء نسطوريوس القائل:
“… ان الروح القدس ليس ابنا ولا بالابن له الوجود، لعن هرطقته في التأنس فقط وأقر ضمناً بذلك قوله (ولا بالابن له الوجود)
۳- شهادة آباء الكنيسة
الذين أجمعوا على أن الروح القدس ينبثق من الاب فقط. واليك أقوالهم
« إن الأب وحده هو ينبوع اللاهوت » ( ديونيسيوس تلميذ بولس الرسول ) روح الحق الذي من الآب ينبثق … الروح الذي هو من الآب بحال الوجود…” (يوستينوس الشهيد) .
” روح قدس واحد حاو الوجود من الله ظاهر للبشر بالابن » غريغوريوس العجائبي
« الآب هو أصل الابن والروح القدس وينبوعهما ، فيصدر منه الكلمة بالاتلاد والروح القدس بالانبثاق» – القديس اثناسيوس
” الله يلد من ذاته حقيقة ويبثق روحا بفم لا على وجه بشري لان ليس فم جسدي لله ، فمنه الروح أيضا لا من غيره » – باسيليوس.
« كل ما هو للآب هو للابن ما عدا العلة » – غريغوريوس اللاهوتي .
– « أن علة قيام ذات الروح هي من النور الاصلي ( الآب ) – غريغوريوس النيسي
« أن الروح القدس ليس له الوجود من الابن » – ثاوذور يطوس
« روح الاله الأب الذي منه ينبثق »: كيرلس الاسكندري .
« الروح القدس هو روح الآب بما أنه من الاب منبثق، وهو روح الابن ليس على انه منه بل لانه به من الآب منبثق ، لان الآب هو وحده العلة … انه روح الآب کمنبثق من الآب وهو ايضا روح الابن لیس کمالك الوجود من الابن بل كمعطی ومناول للخليقة بالابن » ( يوحنا الدمشقی )
« ان الروح القدس ينبثق من الآب » [ کبریانوس الغربي ].
« بروحك القدوس الذي منك منبثق و با بنك مرسل » – ایلاريون الغربي.
« نؤمن أيضا بالروح القدس المنبثق من الآب انبثاقا أزليا”، ( ایرونیموس أو جيروم الغربي )
» كل من لا يقول ان الروح القدس من الاب بالحقيقة فلیکن ملعونا »| البابا داماسوس ).
« ان الروح القدس ينبثق من الأب بالحقيقة ” [أوغسطين الغربي]
4- شهادة البابا لاون الثالث
لما ظهرت بدعة انبثاق الروح من الابن في فرنسا في القرن التاسع قاومها يوحنا الأورشليمي الشرقي. وحينئذ أوفد شارلمان اسقفين ورئيس
دیر إلى البابا لاون المذكور الذي أمر بعد الفحص والتدقيق، بتعليق لوحين من فضة في هيكل القديسين بطرس وبولس، نقش عليهما دستور الايمان خلواً من كلمة والابن باللغتين اليونانية واللاتينية. ويعترف المؤرخون اللاتين ومنهم بارونیوس وديونيسيوس اليسوعي بصحة هذه الحادثة.
5- يخالف منع المجمع الثالث هذا
“انه لا يسوغ لأحد أن يتلو أو أن يكتب أو أن يؤلف ایمانا آخر غیر الإيمان الذي قد قد حدده الآباء القديسون الملتئمون في نيقية بالروح القدس»
( القانون ۷ ) .
6- يخالف غاية الدستور
الذي حدد كل ما تجب معرفته باختصار عن الثالوث القدوس، فذكر علاقتي الآب الاقنومية والجوهرية مع الابن والروح القدس . وعلاقة كل من الابن والروح القدس مع الآخر الجوهرية
فالابن هو:
ا- « ابن الله الوحيد … مولود من الآب »، أي أن اقنومه هو ابن أقنوم الأب ومولود منه.
۲- « نور من نور إله حق من إله حق ، مساو للآب في الجوهره أي أنه إله مساو للآب والروح القدس هو:
ا – « .. الرب المحيى المنبثق من الأب ( ، أي أن أقنومه منبثق من اقنوم الاب وله الوجود منه
۲- « الذي هو مع الأب والابن مسجود له وممجد » ، أي أنه مساو للأب والابن ويستحق معهما السجود والتمجيد. وأما الروح القدس والابن فهما متساويان في الجوهر، يسجد لهما ويمجدان مع الأب سجودا واحدا وتمجيدة واحدة . وقد اوضح الدستور هذه العلاقة الجوهرية بين الابن والروح بقوله « وبالروح القدس الذي هو مع الأب والابن مسجود له وممجد » . فلو كان الروح القدس ينبثق من الابن لاضطر الدستور الى ذكر ذلك بعد هذا التدقيق اللاهوتي في علاقات الاقانيم الأقنومية والجوهرية.
الروح القدس
قوة جوهرية قائمة باقنوم واردة من الأب ومستقرة في الكلمة ما خلت قط من الآب كلمة ولا من الكلمة روح .
أن المواهب الموزعة ليست خواص أقنومية بل هي خواص جوهرية منسوبة إلى الثالوث وعلى هذا المعنى يقال في الابن قوة الأب وحكمته ويقال في الروح معزي ومکمل ومقدس ، وتنسب المواهب الى الروح لا لأنها خواص اقنومية انما لانها به تظهر وتعطى .
أما انبثاق الروح فهو من الآب بحسب الوجود فالآب علته لأن الروح يقال « روح فم الآب » « قد صنعنا الله بالروح البارز منه . – صوفنيا
“ولا يسكن فيهم الروح الوارد من فمي – ارمیا »
« لأن ليس فيه الروح الوارد مني أنا رب الصباؤت – باروخ » فاذا ورود الروح کورود معلول من علته.
الأب: يدعو نفسه ينبوعا ويمثل الروح بماء، قال بلسان ارمیا وقد تركوني انا ينبوع ماء الحياة » وبلسان داود « لأن عندك ينبوع الحياة » وقال بولس : « قد سكب علينا الروح بغزارة بيسوع المسيح” وواضح أن الروح هو الحياة .
ان انبثاق الروح القدس هو ازلي وفوق كل زمان، أما إرساله فهو داخل زمان، والارسال له سبب ، أما الانبثاق لا يلتمس له سبب. اما انبثاق الروح القدس واحد وارسالاته كثيرة، فاذا يوجد فرق بين الانبثاق و بين الارسال.
الارسال فعل مشترك للاقانيم الثلاثة وقد يعني ارسال النعمة المثبتة المؤيدة ولكن ليس بمستغرب أن يكون ارسال الروح من قبل الأبن
سب مشاركتهم في الجوهر ومساواتهم في الرأي لا بحسب معلولية الوجود .. والا كيف نفسر قول اشعيا 16:48 بلسان المسيح « تقدموا الي اسمعوا اني من الأول لم اتكلم في خفية انا من قبل أن يحدث الامر كنت هناك والآن السيد الرب أرسلني وروحه » . فهل لكون الروح والآب
أرسلا الابن يكون الابن منبقا من كليهما أو مولودا من كليهما ؟ من هنا نفهم أن الارسال شيء والانبثاق شيء آخر يراد به المعلولية .
فالروح ينسكب من قبل الابن بحسب نفوذه فيه لأن ترتيب الأقانيم
آب ، ابن ، روح .
من “كتاب الارثوذوكسية توضح ذاتها” للاب قسطنطين قرمش
اترك تعليقاً