مكان تستمر فيه الحياة منذ خمسة آلاف عام…واعيد ترميمه في العام 2010
.
هذا القصر الذي أصبح اسمه ألان “فندق أجينور”… كان يسميه أهل دمشق (بيت النمساوي) حيث شيده طبيب من أصل نمساوي وجعل منه فيما بعد مقرا للقنصلية الفخرية لإمبراطورية النمسا يوم ذاك…
.
كان قد شيد هذا القصر عام ١٨٧٠ بطراز معماري استلهم من حضارة الآراميين والرومان والروم والفينيقيين والعرب ليكون نقطة التقاء ساحرة بينها.
.
لقد بدأت ورش العمل في تحويل المكان من منزل إلى فندق بالتزام قاطع من الملاك الجدد لهذا القصر بعدم المساس بهويته المعمارية والهندسية الرائعة، وأوكلت المهمة إلى فريق كبير من النقاشين وفناني الحرف العربي، والموبيليا والأرابيسك، والقيشاني، والعجمي، وصائغي النحاس والفضة ليعيدوا البيت إلى ما كان عليه حين تم تشييده.
.
كما حافظ مهندسو التجهيزات الحديثة على التجاور المدهش ما بين العتيق والمعاصر، ما بين الحداثة والماضي السحيق ما بين الألفية الثانية والألف الأولى قبل الميلاد ليكون لأجينور بيته في دمشق…!
بيت النمساوي…او فندق اجينور في دمشق القديمة
في ليوان أجينور…… يلحظ الزوار شجرة البرتقال العجوز…التي عاشت منذ القرن التاسع عشر….لتكون شاهداً على موت وحياة القصر…ولترى الشمس والغيوم من الفتحة السماوية التي ستغطيها المظلة الإليكترونية المرصّعة بالنقوش الشرقية…
.
بلاط صنعته أيدي الحرفيين لا الآلات المعدنية!
لقد حرص ملاك فندق أجينور على ألا يضعوا فيه شيئاً جديداً، ولكن اعتمدوا تثبيت القديم وترميمه، واعتمدوا على الطاقة الروحية التي تجسّدها الأعمال اليدوية ..فالبلاط الأبيض والأخضر والأحمر والأزرق على الأرضيات هو من صناعة اليد السورية، وهو المسمى البلاط الدمشقي، لتصل طاقتها الروحية إلى خطوات العابرين في فضاء أجينور الذين يتمشون بين الحجرات والردهات والصحن والليوان.
بيت النمساوي…او فندق اجينور في دمشق القديمة
.
كل شيء في البيت الدمشقي يبدأ من المركز من نقطة واحدة…هي المنبع الذي يرش خيوط الماء عالياً في البركة أو النوفرة كما يسميها أهل الشام…
.
من هذا المركز الذي يعتبره الدمشقيون مركز الكون في بيوتهم…تبدأ دوائر قصر أجينور….الذي صممت غرفه لتكون بألوان وأشكال مختلفة.
.
اثنتا عشرة غرفة ما بين غرف صغيرة بسريرين وغرف مزدوجة سمّيت بأسماء الورود الدمشقية (الياسمين …الورد البلدي….الأقحوان….الساعة…) ورود دمشق تنشر عطرها وألوانها على جدران الغرف…وصولاً إلى الغرف الملكية التي تقدّم للساكن فيها سحر الشرق وتاريخه.
بيت النمساوي…او فندق اجينور في دمشق القديمة
أسرّةٌ حفر على خشبها كلام القدماء، ليكون حامياً لنوم النزلاء، وحارساً ساهراً للخيالات التي تتراءى لهم وهم في مناخ أجينور…
.
ستائر فصّلت أقمشتها من العصور الرومانية، ومن أقمشة كانت تستعمل في أزمنة. حفرنا بحثاً عنها في أعماق التاريخ…
.
ملاءات الأسرة تستحضر عصر هيرودوس وهدريانوس العظيم….وتأخذ اليد التي تمرر أصابعها عليها إلى العام 64 قبل ميلاد المسيح، حين دخل الرومان، إلى دمشق.
بيت النمساوي…او فندق اجينور في دمشق القديمة
تأتي الإضاءة بأنغامٍ سحرية من الثريات التي تتدلى من السقوف المنقوشة، ثريّات صنعت على الطراز التاريخي، ولم يتم استبدال أي قطعة منها سوى أنها لم تعد تعمل بالشموع والزيت بل بالمصابيح الكهربائية الحديثة.
وقد تم تخصيص السطح، كشرفة تنقل النزلاء والزوار، إلى عصر الأراكيلة…
وفي مساحة تتسّع لأكثر من مئتي شخص، رسمت يد صنّاع قصر أجينور، الترّاس الكبير، الذي يسمح لزواره، برؤية دمشق كلها من عدة زوايا، ورؤية المدى المفتوح، وهم يتذوقون المأكولات الدمشقية اللذيذة، ويستمتعون بالنرجيلة الشامية…وعرق السوس والتمر الهندي وقمر الدين الدمشقي…والفتات التي عرفت بها الشام، حيث تغدو الصبحيات أوقاتاً للمتعة والأحاديث الشيّقة.
يطوّقه درابزين طويل يطلّ على الشارع المستقيم، صنعه الحدادون وفق النقوش القديمة التي اشتهرت بها البيوت الدمشقية…
◘ من هو أجينور؟!
الملك النائم تحت هذه الأرض السورية، روحه تتجوّل في المدينة… مدينة الأنبياء والقديسين، والفنانين والعلماء….مدينة التاريخ والمستقبل…
هو والد الأمير السوري قدموس والأميرة (أوروبا) أو (عروب) التي اختطفها زيوس حين تجسد لها على هيئة ثورٍ سماويٍّ من شواطيء المتوسّط،، على البرّ السوري…ورحل بها بعيداً إلى الشمال، حيث منحت الشعوب اسمها للقارة الباردة..( انظر سيرتها هنا في موقعنا باب الاساطير)
.
لقد اطلق اسم أجينور على هذا المنزل الرائع والذي حول الى فندق صنفته وزارة السياحة السورية من فئة الفنادق ذات الخمس نجوم وهو يقع في قلب دمشق القديمة، على ضفّة الشارع المستقيم ، في المدينة ذات الطبقات السبع، دمشق… حيث سبعُ حضاراتٍ شيدت فوق بعضها لتتواصل مع بعضها…
هذا القصر الفريد يقع في الشارع المستقيم الذي يشق دمشق بين الباب الشرقي والباب الغربي (الجابية) الذي مشى فيه شاول الفريسي المضطهد للمسيحيين اعمى مكسور النفس مع حنانيا الرسول اول اسقف لدمشق بعد المعجزة التي حصلت معه في سهل كوكب على الطريق الى دمشق بظهور الرب يسوع له… مشى وقد انتصر عليه الرب الى عماده في بيت يهوذا الدمشقي بالقرب من مريمية الشام، ثم عاد منه بعد معموديته مبصرا وقد صار رسول الامم ومن الشارع المستقيم انطلق نحو طول البلاد وعرضها ونحو المسكونة مبشرا بيسوع له المجد. ويبلغ طول هذا الشارع 1570 متراً، و عرضه 26 متراً، الذي كان قد زمن الرومان والروم خصص وسطه لمرور العربات والحيوانات، واتخذ جانباه شكل رواق مغطى، له سقف مرفوع على أعمدة تعلوها التيجان، بينما انتظمت الحوانيت والأبنية على امتداده، وتفرعت عنه شوارع جانبية قسمت المدينة القديمة إلى رقع شطرنجية.
اترك تعليقاً