تأمل في إنجيل الأحد الأول من تهيئتنا للميلاد…
شفاء أعمى اريحا
قال له يسوع:” ماذا تريد” فقال له الأعمى: “يا سيدي أن أبصر”. فقال له يسوع: “اذهب، إيمانك قد شفاك. فللوقت أبصر، وتبع يسوع في الطريق”
نتأمل معاً حالات العميِّ الذي شفاهم الرب يسوع حيث أن هناك فرق كبير بين أعمى و أعمى و أعمى .. (لوقا 18: 35-43).
تفتيح أعين العميان من أهم المعجزات الإلهية
فقد شفى يسوع المسيح أعين عميان كثيرين جداً، منهم من عانى بالعمى الجسدي، ومنهم من عانى بالعمى الأخلاقي أو العمى الإيماني أو الروحي، فيسوع عالج هذه الأنواع المتعددة للعمى.
حتى من يتحملون المسؤولية القيادية وهم غير مؤهلين إيمانياً وعلمياً وأخلاقياً قائلاً لهم : “لا يستطيع أعمى أن يقود أعمى، وألا يسقطان معاً”.
هذه المعجزة لها أبعاد عديدة جداً بالنسبة للإنسان، ومن أهم ما تكشفه هذه المعجزات أنها إشارة قوية جداً على ظهور عصر المسيح.
فعصر المسيح منذ القديم تنبأ فيه الأنبياء وبذلك تأصل في فهم وعقول اليهود والفريسيون ومعلموا الناموس بشفاء الأمراض وخاصةً “العمي يبصرون والعرج يمشون” (لو 7: 23). فهناك نبؤات كثيرة جداً كانت تُشير إلى ارتباط عصر المسيا المنتظر بشفاء العمي والعرج والبرص.
قولوا لخائفي القلوب تشددوا لا تخافوا. هوذا إلهكم الانتقام يأتي. جزاء الله. هو يأتي ويخلصكم، حينئذ تتفقح عيون العمي وآذان الصم تتفتح. حينئذ يقفز الأعرج كالآيل ويترنم لسان الأخرس لأنه قد انفجرت في البرية مياه وأنهار في القفر” (أشعيا 35: 4-6).
وقد أخذ أشعيا النصيب الكبير في هذه النبوات حتى رسخ في ذهن جميع الشعب ارتباط ظهور المسيح بشفاء الأمراض وتفتيح أعين العميان. وهذا الذي جعل يسوع يكتفي بهذا البرهان للرد على يوحنا المعمدان عندما أرسل تلاميذه يستفسرون من المسيح عن شخصه فقال لهم: “اذهبا واخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما. أن العمي يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشرون” (لو 7: 23).
ومن أبعاد شفاء الأعمى أيضاً هو كشف عمل المسيح الخلاصي بالنسبة للإنسان وهذه الأبعاد في غاية الأهمية. فهناك مختلف من أنواع العميان شفاهم يسوع.
النوع الأول
شفاء أعمى منذ مولده (يوحنا 9: 1-41) وأخر في (مر 8: 22- 26).
هذه المعجزة التي نحن في صددها وهو الأعمى الذي ولد أعمى بمعنى أنه لم يُخلق له من الأصل عين فهذا النوع فاقد جزء من الجسد وشفائه من الناحية الطبية شيئ مستحيل، لأن العين أساساً غير موجودة وتحتاج إلى أعادة خلق من جديد وهذا بالطبع لا يقدر عليه أحد بخلاف الله الخالق وحده.
البعد الروحي
لهذه المعجزة موقف هام فالمسيح جاء في الجسد لكي يصلح ما قد هلك بالفعل “لان ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلّص ما قد هلك” (لو19: 10).
في هذه المعجزة ينكشف عمل الله القوي نحو الإنسان الذي ليس له عين يرى بها الحياة الطبيعية، فهو إنسان ولد لا يعرف المسيح ولا سمع عنه، ربما لم يصل إليه أي معلومات عن المسيح. وأحياناً تصل مشوهة وغير حقيقية.
لابد من وجود أصدقاء ومعارف يأخذون هذا الشخص إلى المسيح ويطلبون من أجله أن يفتح المسيح عينه أو بالحري أن يخلق فيه عين جديدة وهذا ما حدث بالفعل في هذه المعجزة الأولى.
وربما تكشف هذه المعجزة مسؤوليتنا نحو أخوتنا الذين في العالم والذين تشوهت معرفتهم بالمسيح فنحن مُطالبون أن نقودهم للمسيح بالمحبة واللطف، فعندما نقودهم إلى المسيح بالمحبة يتحنن عليهم مع توسلاتنا وصلاتنا فيخلق لهم عين جديدة تستطيع أن ترى يسوع وكل الحاضرين بوضوح.
“وَجَاءَ يسوع، إِلَى بَيْتِ صَيْدَا، فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَعْمَى وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسَهُ” (مر 8: 22).
انتهز بعض الأصدقاء المحبين للمسيح والعارفين به جيداً وبقدرته العجيبة على الشفاء فقدموا إليه أعمى لا يعرف المسيح وليس عنده أي معرفة به أو بشخصه. ولكن بدافع المحبة التي في قلوبهم، وأيضاً بدرايتهم بسر الحياة طلبوا إليه أن يلمسه.
هؤلاء هم الحكماء، والمؤمنين المخلصين الذين اختبروا المسيح، واختبروا عن قرب قوة الحياة التي في المسيح يسوع لذلك اختصروا الطريق وحددوا طلبهم بوضوح أن يلمس هذا الأعمى ..!! “فَأَخَذَ بِيَدِ الأَعْمَى وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ” (مر 8: 23).
فلنصلي للرب لنيل نعمة الشفاء.
ما أروع محبتك يا رب أنت بنفسك الذي أخذت بيد هذا الأعمى والذي كان لا يعرفك من قبل، أخذت بيده وأخرجته خارج القرية وبعيداً عن الزحام وعن الاهتمامات المعيشية ولهو الحياة، لأنها هي الحجاب الحقيقي الذي يحجب رؤية المسيح.
أمسك بيدي أنا الأعمى لكي تخرجني خارج مشاكلي واهتماماتي الكثيرة التي تُثقل قلبي وروحي وتُعمي بصيرتي. أرجوك يا رب أضغط أكثر على يدي عندما تمسك بها لتخرجني خارجاً، لأني ضعيف الإحساس، ولا تتركني يا رب حتى أشعر بالقوة والأمان، وأنت تخرجني، من عالم الظلمة إلى عالم النور والحرية.
ضروري أن أخرج ولا أمُتنع لأن الخروج من الاهتمامات التي تسيطر على قلبي وعقلي هي الحل في الشفاء من العمى الروحي.
“وَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ: هَلْ أَبْصَرَ شَيْئاً؟”(مر 8: 23).
عملية الخلق الجديد ومن يد المسيح الذي خلق له عين جديدة فهو تفل ووضع طيناً على عينه، تماماً كما فعل الله في بداية الخلق، عندما خلق الإنسان الأول من الطين، دلالة على إلوهية الرب يسوع.
“ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضاً عَلَى عَيْنَيْهِ، وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ. فَعَادَ صَحِيحاً وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَلِيّاً” (مر 8: 25).
عندما، يحدث خداع في الرؤية ويسأل يسوع ثم أجيب له بصدق عن ما يراه حينئذ يمد يسوع يديه ويضعها على عينيه ثم يقوي الإرادة بأن تتطلع، وبالتأكيد لابد أن تعود الرؤية صحيحة، فأبصر يسوع ووجه الإلهي الجميل بوضوح وأيضاً أبصر كل إنسان في المسيح جلياً.
“فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلاً: (لاَ تَدْخُلِ الْقَرْيَةَ، وَلاَ تَقُلْ لأَحَدٍ فِي الْقَرْيَةِ” (مر 8: 26).
النوع الثاني
الذين لم يعرفوا الحرّية من الإباحية، الّذين لم يعودوا يعرفوا النور من الظلام على نيّة كلّ من أعمت قلوبهم الكبرياء والسلطة والمال. في هذا النوع يكون الإنسان له عين فعلاً ولكن الشرير خدع الإنسان ودخل من خلال إرادته واستعبد إرادته وبالتالي أعمى الشيطان عين الإنسان فيكون له عين ولا يبصر، إذن ولا يسمع:
اسمعوا هذا “أيها الشعب الجاهل والعديم الفهم الذين لهم أعين ولا يبصرون، لهم آذان ولا يسمعون” (إر 5: 21).
“لأن قلب هذا الشعب قد غلظ. وآذانهم قد ثقل سماعها. وغمضوا عيونهم لئلا يبصروا بعيونهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فاشفيهم” (مت 13: 15).
فهذه المعجزة تكشف دور المسيح بالنسبة للبشرية المؤمنة به، فالله يخلق من جديد الإنسان وهذا ما يحدث فعلاً في سر المعمودية، ليصيروا أبنائه وبناته.
فكل إنسان نزل جرن المعمودية، فهو مولود من جديد، ويضئ نوره أمام العالم كله، بيسوع المسيح مخلصه، فتنفتح عيونه ليرى يسوع المسيح نور العالم.
“إذا كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. هو ذا الكل قد صار جديدا” ( 2كو 5 / 17).
ولهذا هذه المعجزة نور يكشف لكل إنسان ولنفسي أنا أيضاً، أهمية وقيمة المعمودية التي فينا، فعندما أجد عيني مظلمة وليست بطاهرة حينئذٍ لابد أن انتبه أنني في خداع من الشرير.
فقد أقنع نفسي بالتحالف مع جسدي وشهواته، فتظهر عيني مظلمة فلا ترى قداسة الله وبره الذي يسكن في الخليقة الجديدة.
فلهذا على الرغم من أنني أملك عين حقيقية ولكن بخداع الشرير تظلم عيني وبالتالي جسدي يكون مظلماً، وحياتي تكون رديئة وسيئة. (متى 6: 23).
أرى على الرغم من أنني أملك العين ولا ترى الخير، وجب عليَّ أن اذهب ليسوع واصرخ نحوه بكل قلبي ولا اتركه حتى يطرد الشر العنيد، والظلمة الشديدة من نفسي حينئذٍ تنفتح وتضاء عينيّ، وجهه الإلهي يؤكد شفائي وينقي عينيَّ أكثر فأكثر.
النوع الثالث
“حينئذ أحضر إليه مجنون أعمى وأخرس. فشفاه حتى أن الأعمى الأخرس تكلم وأبصر” (مت 12: 22).
هذا الإنسان غير عاقل، بمعنى أنه سلم نفسه للشرير وسيطر عليه وبالتالي أعمى الشرير عينه وكذلك سبب له الخرس، فاحضروه إليه فطرد يسوع الشيطان منه وللحال تكلم وأبصر.
تكشف هذه المعجزة كيف يتسبب الشيطان في طمس العين وعدم الرؤية، وفي هذا الجيل يعمي الشيطان العين الروحية ويُضلل الإنسان بصور عديدة، فيظن الإنسان أنه مفتوح العينين ويرى كل شيئ وهو لا يدري أنه أعمى لا يبصر الحقيقة.
ولهذا ضروري أن أطلب يسوع كل حين وأتضرع إليه أن يحميني من ظلمة الشيطان ويكون دائماً هو النور الذي في عيني والذي به أرى النور “لأَنَّ عِنْدَكَ يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ. بِنُورِكَ نَرَى نُورًا” (مز 36: 9 / 9).
النوع الرابع
“ووَصَلُوا إِلى أَرِيحا. وبَيْنَمَا يَسُوعُ خَارِجٌ مِنْ أَرِيحا، هُوَ وتَلامِيذُهُ وجَمْعٌ غَفِير، كَانَ بَرْطِيمَا، أَي ٱبْنُ طِيمَا، وهُوَ شَحَّاذٌ أَعْمَى، جَالِسًا عَلَى جَانِبِ الطَّريق، فلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ النَّاصِرِيّ، بَدَأَ يَصْرُخُ ويَقُول: “يَا يَسُوعُ ٱبْنَ دَاوُدَ ٱرْحَمْنِي”.
فَٱنْتَهَرَهُ أُنَاسٌ كَثِيرُونَ لِيَسْكُت، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَزْدَادُ صُرَاخًا: “يَا ٱبْنَ دَاوُدَ ٱرْحَمْنِي”.
فوَقَفَ يَسُوعُ وقَال: “أُدْعُوه!”. فَدَعَوا الأَعْمَى قَائِلِين لَهُ: “ثِقْ وٱنْهَضْ! إِنَّهُ يَدْعُوك”. فطَرَحَ الأَعْمَى رِدَاءَهُ، ووَثَبَ وجَاءَ إِلى يَسُوع.
فقَالَ لَهُ يَسُوع: “مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَصْنَعَ لَكَ؟”. قالَ لَهُ الأَعْمَى: “رَابُّونِي، أَنْ أُبْصِر”.
فقَالَ لَهُ يَسُوع: “إِذْهَبْ! إِيْمَانُكَ خَلَّصَكَ”. ولِلْوَقْتِ عَادَ يُبْصِر. ورَاحَ يَتْبَعُ يَسُوعَ في الطَّرِيق” (لو 18: 35-43).
تيماوس. كان هذا الأعمى “جالساً على الطريق يستعطي. فلما سمع أنه يسوع الناصري، ابتدأ يصرخ ويقول: يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت، فصرخ أكثر كثيراً: يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وأمر أن يُنادي، فنادوا الأعمى قائلين له: ثق، قم، هو ذا يناديك.
فطرح رداءه وقام، وجاء إلى يسوع. فأجاب يسوع وقال له: ماذا تريد أن أفعل بك؟ فقال له الأعمى: يا سيدي أن أبصر. فقال له يسوع: اذهب، إيمانك قد شفاك. فللوقت أبصر، وتبع يسوع في الطريق” (مرقس 10: 46-52).
كيف نصل لمرحلة أعمى أريحا بطلبنا من يسوع لشفائنا؟
1- بالصلاة والتأمل بتواضع، جلساً على الطريق وهو محتاج ولا يرى أحد.
2- يصغي بانتباه شديد. سمع صوت ثم سأل: ما عسى أن يكون هذا؟
3- مرشدون والكتب المقدسة. فأخبروه أنه يسوع الناصري.
4- طلب التوبة والرحمة . صرخ يا يسوع ابن داود، ارحمني
5- أصوات من العالم. أسكته الجموع.
6- بأيمان ولجاجة صرخ صراخاً شديداً يا ابن داود، ارحمني
7- سمع بإلهام الروح سمع صوته يسوع: ماذا تريد أن أفعل بك؟
8- طلب بإيمان شديد قال يا سيد، أن أبصر”.
9- فأعطاه في الحال قال له يسوع أبصر إيمانك قد شفاك”.
10- نال الشفاء في الحال أبصر وتبعه وهو يمجد الله.
11- فلنمجد الرب معاً الشعب معه سبحوا الله.
وقد قدم لنا الإنجيلي تفاصيل تفتيح عيني هذا الأعمى لما حمله هذا العمل من مفاهيم روحية عميقة:
أولاً: كان الأعمى جالساً على الطريق يستعطي. فإن كان طريق العالم سهلاً وطريق الرب صعباً، لكن الأول يفقد النفس بصيرتها وحيويتها فيجعلها كمن في الطريق خاملة بلا عمل، تجلس في خيبة أمل تستعطي الآخرين.
ثانياً: كانت صرخات الأعمى: “يا يسوع ابن داود” تعلن إيمانه به أنه المسيح المنتظر، الموعود به.
لقد سمعهم يسبحون هذه العبارة من المزامير: “أقسم الرب لداود بالحق لا يرجع عنه، من ثمرة بطنك أجعل على كرسيك” (مز 132: 11).
لقد عرف أيضاً أن أشعيا النبي قال: “ويخرج قضيب من جزع يسى وينبت (يزهر) غصن من أصوله” (إش 11: 1).
فإنه إذ آمن أن الكلمة بكونه الله تنازل بإرادته ليولد حسب الجسد من عذراء مقدسة من نسل داود، اقترب منه كما من الله، وقال له:
“ارحمني يا ابن داود” .. لقد شهد أيضاً لمجده بسؤاله عملاً لا يقوم به غير الله وحده.
ثالثاً: كانت الجموع تحيط بالسيد وتزحمه جسدياً، وعندما أراد الأعمى أن يلتقي به إيمانياً لم يجد من الجموع إلا المقاومة، كعادة البشر.
إذ قيل: “فانتهره كثيرون ليسكت”، وأمام هذه المقاومة: “صرخ أكثر فأكثر”، من داخل إيمانه الذي لا يُغلب.
حتى في داخل الكنيسة حينما يود إنسان أن يلتقي بالسيد خلال الروح قد يجد مقاومة وروح النقد تهبط الهمم، لكن النفس التي تتمسك بالإيمان الحيّ تشعر باحتياجها للمخلص، فتزيدها المقاومة صلابة، ويزداد صراخها الداخلي أكثر فأكثر، فيكرمها السيد المسيح بدعوتها أن تقترب منه وتتمتع بحضرته كما بعمله الداخلي فيها.
يقول القديس كيرلس الكبير: (لتفهموا من هذا يا أحبائي أن الإيمان يدخل بنا إلى حضرة المسيح، ويقدمنا إلى الله (الآب) فنُحسب مستحقين لكلماته).
رابعاً: إذ أمر السيد أن يُنادي، تحولت القوى المقاومة إلى قوة عاملة، إذ نادوه قائلين: ثق، قم، هو ذا يناديك.
إن كانت هذه الجموع تشير أيضاً إلى الجسد الذي كثيراً ما يقاوم النفس حين تود الالتقاء مع مخلصها ببث روح الخمول والتراخي، لكن النفس المثابرة تستعطف المخلص فيحول الجسد إلى آلات برّ تعين النفس في لقائها مع الرب.
لهذا يقول القديس يوحنا سابا: (يتنعم الجسد والنفس معاً في الرب بالمحبة والفرح).
خامساً: طرح الأعمى رداءه وقام وجاء إلى يسوع. إنه تدريب يومي تَقَوِّي، فيه يطرح المؤمن أعمال الإنسان القديم كرداء، ويتمتع بالقيامة مع السيد ليكون دوماً معه وفي حضرته.
سادساً: سأله السيد الرب: ماذا تريد أن أفعل بك؟ ليس من عدم معرفة، إنما ليعلن إيمانه أمام الجميع، وليؤكد أنه يعطي من يسألونه.
سابعاً: تمتع بالبصيرة فتبع يسوع في الطريق.
وكما يقول القديس جيروم: “أنتم أيضاً تستردون بصيرتكم أن صرختم إليه وطرحتم رداءكم القذر عنكم عند دعوته لكم … دعوه يلمس جراحكم ويمر بيديه على أعينكم، فإن كنتم قد وُلدتم عميان من البطن، وإن كانت أمهاتكم قد حبلت بكم بالخطية فهو يغسلكم بالزوفا فتطهرون، يغسلكم فتصيرون أبيض من الثلج” (مز 50: 5 ، 7).
ملاحظة:
يسوع يسأل الأعمى ويسألنا: “ماذا تريدون أن أفعل لكم؟”
يسوع يمر باستمرار بحياتنا ولكنه يبقى غير مرئي لمن لا يرون فيه معنى لوجودهم وحياتهم، إنه لا يزال يدعو كل واحد إلى الخروج من الظلمة والعالم الفاسد ليسير معه.
كان جواب أعمى العينين: “أن أُبصر …” فالرب هو نور الأنوار وهذا النور هو الوحيد الذي يمكنه أن يعطي الأنوار نورها.
النور هو عطيَة السيد لمن يطلبه كما نرى ذلك في نص إنجيل تلميذي عماوس حين تفتّح بصرهما وعرفاه من كسر الخبز.
طلب أن يبصر الطريق ليسير مع الطريق وفي الطريق وبالطريق إلى نهاية الطريق، طريق الحق والحياة لأنه، أي يسوع، هو وحده الطريق والحق والحياة.
اترك تعليقاً