حمص… التواريخ الموجودة داخل كنيسة الاربعين
حاء في مخطوط “كتاب تواريخ حمص” رقم 5935
“في التواريخ الموجودة داخل كنيسة الاربعين شهيد إن كنيسة القديسين الاربعين مشاهدَ قديمة جداً والذي ابتناها الملك يوستنيانوس الكبير، ولها قبة عالية يبلغ ارتفاعها نحو عشرون ذراعا وقد كانت اوسع بناء مماهي عليه الآن ، إلا انه لماحضر الملك الظاهر لهذه البلاد في 671 للهجرة (حوالي 1266م) وخرب كنايس بلاد سوريا (انتقم من المسيحيين السوريين في حربه ضد الفرنج لأنه اعتبره واحدا!) فخرب من هذه الكنيسة جانب من جهة الغرب، وكان عنده كاتب سرياني، فالتمسوا المسيحيين من الكاتب المذكور

بأن يستعطف خاطر الملك بإبقاء كمالة الكنيسة فأجابهم قائلاً اذا تم ذلك تجعلون موضعاً لجماعة السريان بجانب الكنيسة يصلون فيه ( ربما كان هذا المكان هو الذي صار كاتدرائية السريان الارثوذكس ام الزنار)، فأجابوه الى ذلك. وتوسل الكاتب للملك الظاهر وقبل منه ابقاء الكمالة وبعد ذلك اختصروا المسيحيين حايطاً لجهة غربي الكنيسة وجعلوا فيه الابواب وبنوا فيه الحايط من دون اساس كأنهم من بنوه ، من دون فرمان سلطاني حتى لعهد الجيل السابع عشر للمسيح عندما دشر الحايط المذكور اجتمعوا المسيحيين سرا دون علم الحكومة لوفاة مصرف الفرمان ونقضوا الحايط المذكور فوجدوه من دون اساس فحفروا له أساساً وبنوه وكانوا يشتغلون به بالليل كافة المسيحيين كباراً وصغاراً فبنوه في ثلاثة ليالي الذي هو موجود الآن لئلا ان بناء القبة القديم هو قوي ومتين حتى ان عرض حيطانه يبلغ سمكه ثلاثة ازرع وليس هذا العقد هو شبيهاً بعقود باقي الكنايس التي تراها ثلاثة صفوف كالأسواق التي تكون على ركايزه بل هو عقد واحد مرتكز على الحايطين من الجانبين اللذين هما امنع وأقوى من اسوار المدينة، وفي الجانب الغربي من الكنيسة موجود اربعة اعمدة صفاً واحداً عليه قناطر فالعامود الواحد الذي بالجانب القبلي فهو مسكوب من رخام وحجر ازرق وهو منقوش بخطوط محفورة مسندين على محوره يأخذ كل خط منها الى فوق فان مسكت الخط الواحد ودرت حول العامود لتصل الى نهايته الفوقانية فيدور بك اثني عشر دور حتى يصل للنهاية العالية والخطوط كثيرة وهو مع ذلك صقيلا لامعا يعطي لونا ازرق مايلا الى البياض قليلا. ولايوجد نظير هذا العامود في جميع كنايس آسيا، اما العامودين اللذان بالوسط هما من الحجر السلافي…..”
هنا يصف كاتب المخطوط اثراً من اعمال مطران حمص اثناسيوس مخلع وهو العرش الاسقفي فيقول:

” ان هذا الكرسي قد كان المهتم بايجاده المطران اثناسيوس الدمشقي البارع بعلم اللغات والجهبذ في علم اللاهوت والديانة والعارف بالعلوم الخاصة بالمذاهب والاديان الغربية الذي كان عارفا بكتاب القرآن غيابيا، حتى كان يجادل فحول علما الاسلام بحمص وله جملة مناقب تحتوي على عشرة بنود مما تذهل العقول وهي محررة بكتابنا الجغرافي المسما بكتاب “الدلالة البهية في تواريخ حمص العدية” + وهذا المطران المطوب الذكر في مدة رياسته على كرسي مطرانية حمص استحضر نجارين من القسطنطينية فنجروا وجملوا كرسي للمطران في الخورص وهو يدعى “كرسي يدك ايمن” يجلس به المطران لما يصلي في ارض الجمعة (صلوات ايام الاسبوع) ثم وكرسيين داخل الهيكل فينتقلوا من محل الى محل فهم ليجلس رييس الكهنة على احدهم خارج الهيكل لمايلبس بدلة الكهنوت والثاني يجلس عليه داخل الهيكل وكلا من هذين الكرسيين فهو اكبر من كرسي العاج وهما من خشب الجوز الشامي محفورين بنقوش ظريفة، اما “كرسي اليدك” الذي تقدم الشرح عنه فهو سادا لكنه فيه براسه كشبه التاج من الخشب يصعد اليه بدرجتين . اما الكرسي الرابع الكبير الذي له التاريخ وهو المستحق الشهرة والافتخار فهو كذلك من خشب الجوز النضيف موضوع بجانب باب الهيكل الملوكي يُصعد اليه بثلاثة درجات من الرخام المرمر وحول الدرجات كتصفيح القماش وارتفاعه ستة اذرع وعرضه ذراع ونصف واما صفاته فتراه محمولا من اسدين سباع وملفوفا على كل سبع منهما حية ورأس الحية داخل في فم الاسد ثم وفي كل جانب من هذا الكرسي الشاروبيم زالساروفيم ثم وملايكة ومابين هذه الملايكة نقوشا يعجز القلم عن رسمها وله تاجاً عالياً نحو ذراع وربع مشحون بتصوير ملايكة البعض بيدهم ابواق ونفيرات والبعض بيديهم ادوات الترنم وطيور حمام ويمام ناهيك عن العروق السليمية الموجودة به وجميع هذه التصاوير والنقوش فهي نافرة من ذات الخشب وهذا الكرسي لايوجد له شبيه بكنايس سوريا حتى اننا شاهدنا كرسي البطريرك الذي بكنيسة الشام قبل احتراقها (كارثة 1860 بالمذبحة الطائفية) فلا يشبه هذا الكرسي العظيم وتاريخه من داخل تحت التاج فيكون بحكم فوق رأس المطران ( صورة التاريخ هكذا)
وقد اهتم بايجاد هذا الكرسي الميتروبوليتي السامي كير اثناسيوس الدمشقي السينائي مطران حمص على كنيسة الاربعين شاهد (شهيد) عروسة حمص في سنة 1787.

كذلك المطران اثناسيوس المومى اليه اهتم بايجاد انبلن عالي وهو منبر يُصعد اليه بعشرة درجات وهو لأجل قراة (قراءة ) الانجيل في الآحاد والاعياد ولوقوف ررئيس الكهنة او الكاهن للوعظ وهو صناعة ابناء اسلامبول ( اسطنبول) المذكورين مستدير الشكل ذو خمسة وجوه مصورة بهم السيد المسيح والاربعة الانجيلية ( الانجيليين الاربعة) وفيه نقوش نافرة وطيور ونحوها بشكل ظريف وتاريخه بجانبه لجهة الشرق من اعلاه هكذا: قد كان المهتم بايجاد هذا الانبلن السامي الشريف كيريو كيراثناسيوس الدمشقي مطران حمص على كنيسة الاربعين شاهد ( شهيد) بمحروسة حمص منمال (من مال) الكنيسة سنة 1787ثم اتقن بنكاري من خشب الجوز الشامي صناعة ابناء اسلامبول (اسطنبول )( معلمو النجارة الروم القسطنطينيون) المذكورين وهو بصفات صندوق صغير عالي مستندا على العامود الكبير المقابل باب الكنيسة في ارتفاعه ذراعين ونصف واعلاه الصفات تاج وهو منقوش بتصاوير ملايكة وطيور وعروق جميعها نافرة من ذات الخشب ( تشابه الموزاييك الى حد ما في ايامنا، (ونشير الى ان اختراع الموزاييك تم بيد المعلم النجار جرجي بيطار الدمشقي في دمشق عام 1865) ويوضع عليه ايقونة صاحب كل عيد من القديسين في وقت عيده وبه الصندوق الذي يقف بجانبه وكيل الكنيسة لجمع ايراد الكنيسة ومصرفها (ومصروفها) وتاريخه بأعلاه سطر واحد…” انتهى الاقتباس هنا من المخطوط الحمصي رقم5935. ويبدو انه بقي مطرانا لحمص حتى العام 1798 او 1799 كما يستفاد من مخطوط عبد الله طراد وبقي فيها حتى وفاته عام 1814.