خاطرة من وحي الميلاد
“المسيح ولد فمجدوه…
المسيح اتى من السموات فاستقبلوه…”
هكذا تقول في اول كاطافاسيات الميلاد
“فلما حان ملء الزمان… ارسل الله ابنه مولوداً من امرأة تحت الناموس ليفتدي الذين هم تحت الناموس لننا التبني…”
لنتامل في ملء الزمان هذا الذي كتب عنه بولس رسول الأمم… وفي سر التدبير الالهي الذي جعل امك العذراء، وخطيبها يوسف الشيخ الوقور الطاعن في السن حامي عذريتها للانتقال من ناصرة الجليل الى بيت لحم
…كان لتسجيل الاسماء في أول اكتتاب او احصاء تم في الكون…!
مجيئك ياسيد تم مع اول احصاء حصل في الكون
توجها، وانت في بطن العذراء الى بيت لحم مدينة داوود ولأنهما من نسله للاكتتاب فيها، كما قضى المرسوم الأمبراطوري الروماني بان يتم اكتتاب الناس في اماكن أصولهم وأنسابهم…
ولما لم يبق مكان في فندق او نزل… للنزول فيه في تلك الليلة الشديدة البرودة، توجها وانت في الحشا البتولي الى ظاهر بيت لحم حيث مغارة رعيان…
أُمك العذراء الطاهرة، جاءها المخاض… فولدتك ولفتك في أقمطة بالية ودفأتك انفاس الحيوانات والبهائم…
ياله من سر متسلسل الإعجاز… فتاة ابنة اربعة عشر عاماً اختارها الرب لتكون مستودعاً لإبنه وكلمته الالهية… وكانت “البشارة” وحملت من دون ان تعرف أي رجل… حيث غلب بها وبمولدك نظام الطبيعة ياسيدي بحلول الروح القدوس عليها، وقد ظللتها قوة العلي لذا كنتَ عمانوئيل كما في نبؤة اشعياء النبي قبل 800 سنة:” ها ان العذراء تحبل في البطن ويولد منها عمانؤيل اي الله معنا”
كيف تحمل اي عذراء في البطن بدون ان تعرف رجلاً؟ هو إعجاز الهي؟… السؤال
* سيدي وربي الطفل الالهي
لما حان ملء الزمان
ولدت غريباً في مغارة بيت لحم الباردة
لفتك امك الطاهرة بأقمطة بالية… ولم تدفئك الا انفاس الحيوانات!
الرعيان الساهدون الناظرون الى السماء أدهشهم المنظر المعجز كيف ان المجوس قطعوا كل تلك المسافات الشاسعة من بابل وفارس كما على اجنحة البرق، يقودهم النجم اللامع وهم يحملون هداياهم من (لبان وذهب ومر) حيث ارشدهم النجم الساطع الدال وفق عرف مجوس الشرق ان عظيماً قد ولد، وقادهم الى حيث ولد، ووقف فوق المغارة مكان ولادة رب الأكوان بالجسد… وهكذا كان مكتوباً لديهم… وكانوا ينتظرون ان تتحقق هذه العِرافة…
كما ادهشت الرعيان ايضاً اجواق الملائكة النازلين من السماء، والصاعدين اليها، مترنمين بتلك الترنيمة الالهية الخالدة:” المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة”
اسرع الرعيان المذهولون ومعهم خرافهم في هذه الليلة الثلجية لاستطلاع الحقيقة… وفوجئوا بطفل فقير مضجعاً في مذود منه تأكل البهائم، التي بلا شك فرحت فاندفعت تدفئك بأنفاسها وهي هديتها لك … وهي بهائم غير عاقلة…
* ثمة شبه غريب في سلوكية المجوس العلماء حكماء الشرق العارفين بالغيب والنجوم، وبين الجنود السماويين ربوات الملائكة، وبين الرعيان البسطاء الجهلة، وبين الحيوانات غير العاقلة… الكل فرح وسعيد… وكل منهم ياسيد الهدايا على مقدرته ومكنته…
المجوس القادمون من بعيد اهدوك هداياهم من لبان وهو البخور… “لأنك كاهن الى الأبد على رتبة ملكيصادق”، وفق النبؤة…
ومن ذهب لأنك ملك… والذهب وقتها لا يقدم الا للملوك…ومن المر لأنهم عرفوا بأنك ستقضي على صليب خطايا البشر… والمر هو الدليل على ماستتحمله من آلام العذابات الوحشية حتى الصليب والموت عليه.
* سيدي وإلهي ما اعظم تواضعك
كان بامكانك ان شئت ان تولد في اعظم قصر.
وتحيط بك الحشود التي تخدمك…
تلبس الثياب الدافئة…ولكنك آثرت ان تكون من الفقراء.
هكذا استمريت ياسيدي حتى موتك على الصليب… و قد عشت غريباً ليس من مكان تسند اليه رأسك…وقد صرخ يوسف الرامي ومعه نيقوديموس وكنت مجندلاً صريعاً بعدما انزلوك من الصليب، صرخ:” “أعطني هذا الغريب لأواريه”
وكان مذود البهائم الذي ضمك طفلاً مقمطاً بأسمال بالية، حين مولدك… وقبر غريب ضم جسدك الطاهر، وما عليه الامئزر يستر عورتك، ياسيد الأكوان…
فالمجد لتنازلك يارب.*
: ارفع نحو السماء عيني من حيث يأتي عوني من لدنك يا أبا الأنوار ضارعاً
– اكفف هذه الغمة والمحنة عن وطني… واكفف تدميره.
– اكفف يارب يد الغدر عن ابناء شعبنا السوري…وجيشنا السوري… الذبيحين بغدر العالم كله وبعض الغادرين يتشدق بفعله البربري بقول اسمك
– امنح أمانك للمخطوفين جميعاً والمغيبين ومنهم كهنتنا ورهباننا ومطرانانا بولس ويوحنا…وأعد كل مخطوف الى عائلته
– امنح شفاءك للجرحى والمصابين والمعوقين
– امنح بلسماً لنفوس ذوي الشهداء والجرحى والمخطوفين… وللمهجرين ووقهم من الذل والهوان
– اضف يارب شهداءنا الأبرار في فردوسك مع القديسين… ليتمتعوا بنور وجهك تعويضاً عن تمتعهم بدنيانا الزائلة
– امنح القائمين على اوطاننا الشرفاء كل وسائل المنعة والصبر… وانر عقول الجهال الفاسدين والغادرين والمتحكمين بقوت الشعب الذبيح…وارشدهم سواء السبيل
– انظر يارب باشفاق الى اوجاع نفوسنا واجسادنا وهبنا كل وسائل الخلاص
لأننا نحن شعبك وكلنا صنع يديك وباسمك نُدعى.
ميلاد مجيد…
هللويا…
اترك تعليقاً