خاطرتي بمناسبة عيد الكرسي الانطاكي المقدس واحتفاليته…بالله يا انطاكية السنة 2017
بالله يا انطاكية…
خاطرتي بمناسبة عيد الكرسي الانطاكي المقدس واحتفاليته…بالله يا انطاكية
بالله يا انطاكية…
خاطرتي بمناسبة عيد الكرسي الانطاكي المقدس واحتفاليته…
وكأني قرأتها في هذه الاحتفالية…
– الكلام من مريمية الشام ليس حدثاً جغرافياً، هو حديث الروح وكلام في الزمان المتجسد في إنسان وإله، في بطن بتول، هي صاحبة هذا المكان، وهو موقع عتاقة القداسة الأول والمتجذر في الاله المتجسد في الشام التي شاءها بتجسده ان تكون منطلقاً لكنيسته الى كل العالم.
لقد كانت شآم الروح، والياسمين والورد، هذه، كانت فينا بمريميتها، وكنا نحن خلية من خلاياها، وحجراً حياً للروح من أحجارها والتي بنى بها الرب كنيسته…
ومع ان الفكر يحار كاتبه من أين يدخل إلى أعماقها، فالأجدى أن يدخل من قدسية مريميتها من عراقة تاريخها وتجذرها من العشرين قرنا والى الابد.
– في هذه الامسية المباركة، نطل من كنيسة مريم مع غريد دمشق، ومجرى الذهب المشبه ببرداها ذي السبعة الانهار، يوحنا الدمشقي حيث كان يخشع ويتعبد وينتج روائعه المكتوبة محدداً : ” المائة مقالة في الايمان الارثوذكسي”، والمرتلات الرائعة، وخالدات كنيستنا المنتشرة في كل المسكونة.
من دمشق الشام، وحريرها، وحرير الروح شآم، من عبق التاريخ مروراً ببوابة الحاضر بالرغم من كل الألم العاصف نحضر الليلة.
من جارة الأبدية الشامة التي تستظل بمريميتها، وتغفو منتشية على رائحة بخورها…
من إطلالة المريمية على مستقيم دمشق حيث عصف الروح بشاول فجندله وحوله إناء مصطفىً له، وكانت المريمية الشاهدة الحية أبداً على تحوله بولساً رسولاً للأمم. بدأها بالطريق الى دمشق وما ادراك ماهو الطريق الى دمشق؟ حتى الغرب الأوربي يفتخر ب”الطريق الى دمشق”
من قاعدة آيا ماريا، وأقصد القيمرية الحي المسيحي الارثوذكسي الصرف، أو آيوس ماريا،
هو اسمها الحقيقي المعرب عن اليونانية، من القيمرية حارة خانات الحرير الدمشقي بسداها ولحمتها، من المريمية قاعدتها، نحن أبناؤها، أبناء هذه الارض الطاهرة نُطل، ونُطل لأننا لم نخلق من العدم، ولا كنا من هامشي البشر، ولم نأت مع غزوات الفرنجة،لأننا نحن ابناء انطاكية العظمى وسائر المشرق، حيث دُعينا اولاً بهذه التسمية الشريفة “مسيحيون”، وأبناء سورية منطلق الكنيسة الى العالم، وأبناء دمشق هم أول جماعة مسيحية في العالم بعد أورشليم الأرضية…
نحن منذ الألفين المنصرمتين حملنا عبق البشارة وتلمذنا كل الامم…من هنا من دمشق ومريميتها ومستقيمها وبولسها وحنانيها ودمشقييها يوحنا ويوسف واندراوس…
من مريمتنا قاعدة انطاكية العظمى، وكاتدرائيتها بعد أنطاكيتنا السليبة، التي وصفها ابن جبير اهم الرحالة المسلمين عام 1184 بقوله:
“في داخل البلد كنيسة لها عند الروم شأن عظيم تعرف بكنيسة مريم ليس بعد كنيسة بيت المقدس عندهم أفضل منها، وهي جميلة البناء تتضمن من التصاوير مايبهر الأفكار ويستوقف الأبصار.”
فلنتخيل كيف كانت مريمية الشام في القرن الثاني عشر…
مع كل الدمار والألم الذي ضرب مريميتنا عبر الألفين بنكباتها التسع، ومع كل الدمار والألم الذي ضربها مؤخراً، ومراراً ولاتزال بصماته عليها،ومع كل الدمار والألم الذي يضرب سوريتنا الحبيبة ودمشقنا الياسمينية، وبمناسبة عيد كرسينا الرسولي المؤسس من هامتي الرسل، نحيّ الليلة أمسية لتخليد نتاج روحي، وحياة عباقرة، رددت جنبات مريميتنا الشامة الأنطاكية أصواتهم قراءة وترتيلاً…
عباقرة الايمان المستقيم الرأي بأحباره وعلمانييه، الذين أثروا كنيستنا الارثوذكسية، وأنطاكية ودمشق والمسكونة… بأشعارهم وألحانهم وأدائهم الذي خلده التاريخ…
عندما نستذكر شهادات أهل الإختصاص الموسيقي كصباح فخري والمنيني وآغا القلعة… وتطابقها مع شهادات المؤمنين المعاصرين البسطاء كجدي فارس مثلاً عن عبد الوهاب الموسيقار الخالد، ومطرب الملوك الذي كان يصطاف في بلودان في كل عام، وكيف يخصص قبل ظهر كل أحد لحضور القداس الالهي وسحَّريته العذبة في المريمية، مستمعاً شدو ايليا الرومي وقبله ابيفانيوس زائد حتى خمسينيات القرن الماضي… ومستمتعاً ليُفاجِىءْ الكونَ بألحان ذات أصل كنسي بعدما يكون قد دوَّن هذه الالحان، والكل كان يعرف كيف أن عبد الوهاب يقتبس كل لحن جميل وكان اللحن الرومي الارثوذكسي عنده من أجملها وأهمها…
عندما نستذكر ذلك ندرك من هم الأعلام العباقرة، المعلم متري المر، وتلميذه أبيفانيوس زائد، ومعلم الكل المغيب ذكره البروتوبسالتي يوسف الدوماني الدمشقي شقيق البطريرك ملاتيوس…
عندها يدرك من هو صاحب” إفرحي يابيت عنيا” التي صدح بها بلحن حجاز كار مطران حمص أثناسيوس عطا الله.
الليلة تطل عليكم “الكنارة الروحية” عبر هذه الوجوه النيرة والأصوات البديعة، لتعطر بشدوها بما أعطاها الروح الالهي الذي حل علينا في يوم الخمسين، فتجلي آذاننا وترفعنا الى السماء لنكون في الحضرة الالهية…أو هل أحلى أحبتي من الكنارة أداة لشدو داود لمزاميره…؟
في رحاب المريمية والدار البطريركية المعمدتين بدماء الشهداء عبر الألفين وفي مقدمهم القديس يوسف الدمشقي ورفقته الستة آلاف والكهنة الخمسة الذين عمدوا ارض الشام ومريميتها بدمائهم الطاهرة.
في هذه الرحاب المقدسة نجتمع الليلة بابتهاج لنعيد لكرسينا المقدس الذي تأسس السنة 42 بيد الهامتين بطرس وبولس واعتلاه بطريركا السنة 45 بطرس الرسول وحتى 53 وقبل 20 سنة من تأسيسه وبولس كرسي رومية…
الليلة … وبعد جهد دؤوب وعمل حثيث ليكون الأداء رفيعاً ومعبراً على مستوى الحدث مكانته وقدسية وهو عيد الكرسي الانطاكي المقدس.
عيد بطرس الرسول وصخرة إيمانه وقد صيره الرب صياداً للبشر بعدما كان صياداً بسيطاً للسمك، وأول بطريرك في الكون في أنطاكية ثم أول أسقف على رومة.
عيد بولس الرسول إناء الروح الإلهي المصطفى، قانون الكنيسة ومشرعها، مسار الرب يسوع في تجليه المعجز أمامه في كوكب في الطريق الى دمشق، وأيما افتخاربدمشق التي صيرته هكذا و”الطريق الى دمشق”.
في هذه الهنيهة نفتخر بقول البابا يوحنا بولس الثاني السنة 1981 في استقباله البطريرك اغناطيوس الرابع في حاضرة الفاتيكان”
” ياصاحب الغبطة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، ايها الأخ الحبيب بالرب يسوع يرحب بكم اسقف ثاني كرسي رسولي أسسه الرسولان بطرس وبولس وانتم اسقف اول كرسي رسولي أسسه هذان الرسولان…”
وغبطته كان في مرتلاته التي رددتها جنبات مريمية الشام تغريدا سماويا مطرباً…من 1979 الى 2012
من مريمية الشام، ومنطلق عنصرة الانتشار الأنطاكي، من عيد المريمية الثاني عيد الكرسي الأنطاكي المقدس، وهو عيد أعياد أنطاكية بدون شك بعد الأعياد السيدية والعيد الأول للمريمية عند رقادها لها كل الطهر، نطل عليكم مع عمالقة الروح بالكلمة واللحن مع المتقدس اثناسيوس عطا الله مطران حمص الشحرور، وابيفانيوس زائد مطران عكار كنارة الكلمة والروح، والبروتوبسالتي الغريد متري المر مع الشماس اندراوس معيقل بروتوبسالتي بيروت ولبنان، معلم البطريرك الشيخ اغناطيوس الرابع…
مع علامة عصره في الموسيقى الرومية بيونانيتها وعربيتها مطلع القرن التاسع عشر المطران اثناسيوس مخلع الدمشقي وابيه قبله، ومعلم الكل الدمشقي البروتوبسالتي المستتر يوسف الدوماني الدمشقي وهو معلم المعلم متري المر ومكتشف موهبته وصاقلها…
مع فم الذهب ومجرى الذهب القديس يوحنا الدمشقي ثاني كواكب دمشق على وصف متروبوليت بيروت غفرئيل شاتيلا الدمشقي:
“كواكب دمشق ثلاثة: بولس الرسول، يوحنا الدمشقي، ويوسف الدمشقي”
معهم وبهم تتحفنا جوقة الكنارة بقيادة الاب الشماس الموسيقار ملاتيوس شطاحي…
في هذه الأمسية المباركة التي تضم أكفاء في اللحن والأداء والصوت والمايسترو اندره معلولي والاوركسترا المرافقة والمتميزة افرداً وجماعة.
الشكر لهذه الوجوه الطيبة والأصوات البهية التي ستعطر أمسيتنا بشذا اصواتها العذبة…
الشكر لكل الجنود المجهولين الذين أعدوا وسهروا وتعبوا ليخرج هذا الصوت السلامي من مريمتنا المقدسة.
واتوجه إلى شيخ العشيرة الانطاكية وحكيمها الموسيقار الرومي والمدون الاشهر في العصر الانطاكي المعاصر بالقول
غبطة مولانا البطريرك الحبيب يوحنا العاشر فائق القداسة
وانتم فارس الكلمة واللحن نلتمس منكم الدعاء والبركة، مستسمحينكم غض الطرف عن هنات لابد أن تظهر.
بركتكم ايها الأحبار المطارنة، والآباء الأجلاء…
الأحبة الحضور…
امسيتكم سعيدة مباركة…كل عيد انطاكية العظمى من المشرق الى الانتشار بألف خير.
Beta feature
Beta feature
Beta feature
اترك تعليقاً