القديسان بطرس وبولس مؤسسا كرسي انطاكية العظمى

صفحة مشرقة من الانتشار الأنطاكي في اوستراليا ونيويلندا وجنوب شرق آسية

صفحة مشرقة من الانتشار الأنطاكي في اوستراليا ونيويلندا وجنوب شرق آسية

لمحة جغرافية وتاريخية

معناه الإقليم، اوالقارة الجنوبية، كان اسمها في السابق هولندة الجديدة، وهي جزيرة ذهب أكثر الجغرافيين على اعتبارها قارة، وهي تقع الى الجنوب الشرقي من آسيه وجزر سندا بين المحيطين الهندي والباسيفيكي الجنوبي، تبلغ مساحتها 3000000 ميل مربع، وليس في سواحلها إلا منعرجات قليلة، إذ الغالب فيها الانتظام.

– أول ماعرف الأوربيون استراليا في أوائل القرن 17، أما الهولنديون فالمظنون أنهم اكتشفوها فعلاً السنة 1606. وذلك عندما أرسل قبطان السفينة دوني كون من فيتنام لاستكشاف قسم من ساحل غينية الجديدة، فنظر ساحلها الشمالي عن بعد، وفي السنة ذاتها اجتاز المضيق الواقع في الشمال الشرقي منها بحار برتغالي يدعى (السائح) فسمي المضيق باسمه. وفي السنة 1616 وصل القبطان الهولندي(هرتوغ) إلى الساحل الغربي من استراليا فأسماه (اندرخت لند) ومعناه أرض أندرخت على اسم سفينته. ومن ثم كُشفت أقسام أخرى من الساحل الغربي.

وفي السنة 1622 كشفت السفينة المسماة (ليوين) الساحل الجنوبي عند رأس ليوين، ثم سار(فان نويتس)، من ذلك الرأس إلى (جون سبنسر) وكشف أرض (ذي وت وكرنبتاريا) واستراليا الشمالية تجارمن الهولنديين.

خريطة اوستراليا ونيوزيلندا
خريطة اوستراليا ونيوزيلندا

وفي سنة 1770 كشف القبطان الإنكليزي (كوك)” نيوسوث ويلز”و”جون بوتاني” أي النبات، وقد أطلق عليه هذا الاسم السير (جوزيف بنكس) المأمور النباتي في حملة القبطان كوك، لأن منظر أزهار المنطقة كان أخاذاً وبالغ الروعة وعجيباً.

– أُنشئت أول مستعمرة انكليزية عام 1787 في “نيوسوث ويلز”، وجُعلت بادئ الأمر منفى للمجرمين. وكان قصد الحكومة الإنكليزية في الأصل أن تجعل ذلك المنفى في “جون بوتاني”نفسه غير أنها وجدت مكاناً أنسب في” سدني”، فأرسلت إليه القبطان (فيليب) بأسطول يحمل 850 مجرماً بحراسة 200 من الجنود والضباط، وجُعلت المستعمرة المذكورة تحت إدارة والٍ مطلق لايكاد يكون لسلطته حد. فنشأت تبعا لذلك مساوئ وشرورلا توصف شعر بها الأحرار الذين كانوا قد أُخذوا باستيطان الولاية، ووقع الخلاف بينهم وبين الحكومة البريطانية على مسألة إبطال طريقة النفي. وبعد محاولات مضنية استغرقت زمناً طويلاً، ومع عدة ولاة تعاقبوا على حكم هذه المستعمرة أذعنتْ الحكومة الإنكليزية لطلب الجمعية التي كانت تعرف باسم (الاتحاد المضاد للنفي).

وفي سنة 1837 أصدرت الحكومة الإنكليزية أمراً بإبطال النفي إلى نيوسوث ويلز، وحصره فقط في ويمن لند، ثم أبطلته منها عام 1853، فأخذت الهجرة الإنكليزية تزداد، وما لبث المهاجرون أن استعمروا باقي السواحل، وشرعوا في اكتشاف داخل البلاد. وقد جرت محاولات استكشافية من سنة 1798 الى سنة 1829 جرى خلالها إقامة مستعمرتين [فرعية عام 1815 في بلو مونتان(الجبل الأزرق) ورئيسة عام 1829المسماة وسترن واستراليا أي استراليا الغربية وأول مدينة بنيت فيها هي مدينة برث].

وكانت الهجرة الى المستعمرات الأسترالية بطيئة، وحمل اليأس بعض المهاجرين الى هجرة معاكسة الى سواحل أميركا الجنوبية والى أقاليم أخرى. وفي عام 1850 كان عدد سكانها الأوربيين يبلغ 50 ألفا فقط، إلا أن اكتشاف الذهب في عام 1851 غَيًّرَ أحوال القارة فجأة، وكان مكتشفه مغامر من كاليفورنيا اسمه (هرغريفس)، وكان الكونت سترزلكي قد أنبأ قبلاً بوجود الذهب وتم اكتشاف كميات وافرة منه بجوانب نهر ( تورون) في نيوسوث ويلز، وكان ذلك في أول السنة مما جذب على الإقليم المذكور جماعة من المغامرين، وقي آخر السنة، كشفت مناجم كبيرة في فيكتوريا، فأقبل إليها الطامعون من كل صقع، ونشأت عن ذلك مشاكل عديدة. وبعد سنة من اكتشاف الذهب بلغ عدد السكان 250 ألفا بالرغم من بُعد استراليا عن أوربة،

الكابتن كوك مكتشف اوستراليا
الكابتن كوك مكتشف اوستراليا

والنفقات الباهظة التي يتكبدها المهاجرون في سفرهم الى استراليا بسبب اكتشاف الذهب. وتوقفت كل الأعمال، وأهملت الزراعة واعتمدت استراليا على أوربة في كل شيء، بحيث سجلت أسعار السلع ارتفاعا مذهلاً، ولم يستقر الوضع ويعود الناس مجدداً الى الزراعة وتربية الحيوان إلا بعد فترة طويلة، وتعتبر استراليا من القارات البكر التي لايزال استيطانها يمنح المستوطنين خيرات وفيرة.

مسيحية استراليا

في بداية استيطانها، كان الإكليروس فيها قسسا يفدون إليها للصلاة للمجرمين المنفيين إليها. ثم صدر قرار بريطاني بمساعدة الكنائس الأنكليكانية والمدارس التابعة لها، وخصص لذلك سُبع ريع أراضي الدولة. وألّح المندوب السامي فيها السيرريتشارد بورك على الحكومة الإنكليزية لمساعدة جميع الطوائف المسيحية على بناء الكنائس ومساعدة الكهنة والقسس.

في سنة 1860 صدر قرار من الحكومة ذاتها بإبطال هذه المساعدة ولجميع الإكليروس، فاقتفت المستعمرات ومنها استراليا هذه الخطوة الجديدة، وأصبحت لا تمد الإكليروس فيها إلا براتب هزيل قدره 50000 ليرة انكليزية. وفي سنة 1871 كان تعداد المقيمين في استراليا موزعين بحسب الطوائف الدينية على النحو التالي:

( كاثوليك 250000، يهود 5500، عبدة أوثان 42000، كما أن فيها بضعة آلاف ليسوا على دين مخصوص، أما باقي سكانها فهم من البروتستانت، وكان عددهم تقريباً حوالي نصف مليون أكثر من نصفهم على المذهب الأنكليكاني [مذهب بريطانيا الرسمي] لهم تسعة أساقفة يرعونهم، فيم كان للكنيسة الرومانية الكاثوليكية سنة 1871 فيها رئيس أساقفة.)

الشعار الرومي الارثوذكسي
الشعار الرومي الارثوذكسي

الهجرة الأرثوذكسية

في العقد الأخير من القرن19، بدأت هجرتان أرثوذكسيتان رئيستان: يونانية، وروسية بدافع البحث عن الرخاء في هذه الأرض البكر. وسرعان مابادرت البطريركية المسكونية إلى إحداث أبرشية أرثوذكسية يونانية في نيوزيلندة واستراليا وأحدثت بعد ذلك إرسالية أرثوذكسية روسية.

في أوائل القرن العشرين، تنامت الهجرة الأرثوذكسية اليها، حيث وصلت الى الأوج ذلك بعد قيام الحكم الشيوعي في روسيا. تلتها هجرات مماثلة من دول أوربة الشرقية، شملت أعداداً جديدة من الروس والصرب والبلغار والمقدونيين والرومان. منهم من انتمى للأبرشية اليونانية ومنهم للكنيسة الروسية الناشئة. وفي الحرب العالمية الثانية، سمحت الحكومة الأسترالية للروسيين المتشردين عن ديارهم بسبب هذه الحرب بدخول استراليا، كما قبلت عدداً كبيراً من المهاجرين من اليونان وايطاليا. وقد كبرت الجالية الروسية باختلاط الوافدين الجدد مع المقيمين القدامى فبنوا كنائس جديدة، وصارت تبعيتهم للسينودوس الروسي في المنفى (ماوراء الحدود). وكان الحال ذاته بالنسبة للصرب والبلغار والمقدونيين.

الهجرة الأنطاكية الأرثوذكسية

شعار الكرسي الأنطاكي المقدس

بدأت الكنيسة الأرثوذكسية في ملبورن حوالي سنة 1900، وقد ضمت الجاليتين اليونانية والأنطاكية معا،ً بسبب خصوصية العلاقة في الكراسي الأرثوذكسية في أنطاكية والإسكندرية وأورشليم بين العرب واليونان. ووضعت الجاليتان حجر الأساس لكنيسة أرثوذكسية واحدة تجمعهما، وأحضرتا كاهناً يونانياً من بطريركية القدس كان يعرف العربية، ولكن بعد فترة سارعت الجالية اليونانية الى تسجيل الكنيسة باسمها بمعزل عن الجالية العربية التي استمرت باستعمال الكنيسة وحافظت على الحقوق فيما يتعلق بتدبيرأمور الكنيسة، وعضوية لجنتها العاملة.واستمر الحال على ذلك عدة سنوات، قامت بعدها الجالية اليونانية بكف يد الجالية الأنطاكية نهائياً عن الكنيسة وأمورها ولجانها. وقد تم ذلك بعد نقل تبعية الكنيسة الرعائية من بطريركية القدس الى رئاسة أساقفة أثينا. ومع ذلك استمر الأنطاكيون في إقامة الخدم الروحية في هذه الكنيسة حتى عام 1930 حيث اتصلوا بالإرشمندريت أنطونيوس مبيض في لبنان الذي قبل بالمجيء الى ملبورن ورعاية رعيتها الأنطاكية. وبهمته تم شراء كنيسة كانت قبلاً للطائفة الأنكليكانية، وتم إصلاحها، وإحداث ايقونسطاس جميل فيها، وصارت كنيسة أرثوذكسية جميلة وفي أحسن بقعة في المدينة.بادرت الرعية الأنطاكية الى مد يد العون الى الرعية الروسية التي لم يكن لديها كنيسة بعد، ولبت طلبها. وكانت هذه الرعية الشقيقة متشوقة لسماع الخدم الإلهية بلغتها الأم، سيما وأن الارشمندريت مبيض كان ضليعاً بالروسية، لكونه تخرج من أكاديمية كييف اللاهوتية، وبعدها ولسنوات طويلة رئس الأمطوش الأنطاكي في موسكو. وحين حضوره الى ملبورن أحضرالإرشمندريت مبيض معه الأواني والتجهيزات الكنسية، فازدانت الكنيسة بها. كما طلبت الرعية من مطران الأبرشية اليوناني القادم حديثا الى استراليا من أوربة ليكرس الكنيسة الأنطاكية فقبل مسروراً كونه كان على درجة عالية من الورع، بالإضافة الى عطفه على الرعية الأنطاكية، ومحبته لها بسبب صداقته مع البطريرك الكسندروس طحان الدمشقي رفيق الدراسة في معهد خالكي اللاهوتي التابع للبطريركية المسكونية في القسطنطينية.

بادر الإرشمندريت مبيض لإحداث جوقتين عربية وروسية لخدمة الكنيسة، وتولى هو تعليم الجوقة اليمنى الموسيقى البيزنطية باللغتين العربية واليونانية، والجوقة اليسرى الموسيقى والترتيل الروسيين، كما قام باحداث مجموعة للتعليم الروحي والإرشاد للطفولة والشبيبة. وشمل برعايته الرعية الروسية فكان يعظها بالروسية، وإجمالاً كان محبا للجميع، وحريصاً على وحدتهم كرعية أرثوذكسية واحدة بإيمان سليم.

في 9ت 2 / 1941 ، وفي إثناء الحرب العالمية الثانية توفي الإرشمندريت مبيّض فبقيت الرعية بدون راعٍ طيلة 4 سنوات بسبب ظروف الحرب، وأخيرا ًوُ فقت الرعية في ملبورن بالأكسرخوس جرجي حيدر من أبرشية طرابلس، وقد أتى بعد الحرب ومعه عائلته، وأعدت له الرعية داراً جميلة في فناء الكنيسة، فبادر فوراً لسد النقص الرعائي طيلة هذه المدة بكل قوة وإخلاص، فخدم بجهاد رسولي الرعية الأرثوذكسية وسائر المواطنين المغتربين من جميع الملل على السواء بإيمان حار وإقدام وإنكار للذات. ودامت خدمته الى تشرين الأول 1962 حيث انتقل الى رحمته تعالى على حين غرة.

غبطة البطريرك الأنطاكي يوحنا العاشر…
غبطة البطريرك الأنطاكي يوحنا العاشر…

أما الروس فقد استعانوا بالكنيسة الأنكليكانية في استراليا فقدمت لهم كنيسة مهملة، فكرسوها ونظموها، فأصبحت كنيسة بديعة، كما صار لديهم في أعقاب الحرب الثانية كاهنان ومطران في ملبورن وحدها.

أما المقدونيين، فقد سمحت لهم رئاسة الكنيسة الأنكليكانية أيضاً باستعمال كنيسة في ضواحي ملبورن بعد أن تنهي رعيتها الأنكليكانية صلاتها فيها، وقد رُسم أحدهم كاهناً لها بوضع يد الأسقف البلغاري أندريا الذي قدم خصيصاً بالطائرة الى ملبورن.

أما في سيدني فكانت الحكومة الأسترالية قد أعارت الرعية الأنطاكية كنيسة قديمة للصلاة فيها، ثم مالبثت أن استردتها وهدمتها، فبادرت الرعية الى جمع التبرعات لشراء كنيسة وتم لها ذلك في منتصف الخمسينات.

تحولت استراليا الى معتمديه بعد انتقال الإكسرخوس حيدر الى الأخدار السماوية في السبعينات، وتولاها الأسقف جبران رملاوي فنشطها ولم شعث رعيتها المتناثرة في استراليا ونيوزيلندة، وساسها بحكمته المعهودة. وفي عام 1993 زارها مثلث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع فأعدت له الرعية استقبالً حافلاً بتنظيم المعتمد الأسقف رملاوي، وقد حققت هذه الزيارة الأبوية أهدافها. وبعد وفاته انتخب المجمع الأنطاكي المقدس عام 2000 الإرشمندريت بولس صليبا من كهنة أبرشية أميركا الشمالية مطراناً وتحولت المعتمدية الى أبرشية أنطاكية، وهي اليوم تتابع نموها وازدهارها بعد تنامي عدد الرعية بقدوم مهاجرين جدد من سورية ولبنان إضافة الى أبناء الكرسي الأورشليمي.

التبشير الأرثوذكسي

الروس هم رواد التبشير الارثوذكسي منذ القرن 17 للعالم الجديد وجنوب شرق آسيا
الروس هم رواد التبشير الارثوذكسي منذ القرن 17 للعالم الجديد وجنوب شرق آسيا

من الشائع لدى القريب والغريب وبالتحديد لدى الغرب عموماً والكنيسة الغربية والبابوية خصوصاً، أن الكنيسة الأرثوذكسية ليست كنيسة تبشيرية، وان الأرثوذكسيين فشلوا دوماً في إدراك مسؤولياتهم التبشيرية، لكن لو فكرنا ببعثات كيرلس وميثوديوس لتبشير السلاف، ولو راجعنا تنصير روسيا لأمكنا القول أن بيزنطة قامت بدور تبشيري مرموق لايقل عن البعثات التبشيرية اللاتينية مع فارق رئيس أن التبشير الأرثوذكسي تناول شعوباً وثنية أصبحت على أثره من الشعوب الفاعلة في التبشير المسيحي، خصوصاً بعد استشهاد القسطنطينية عام 1453، لذلك قام التبشير الروسي بدوره المرموق في تنصير الوثنيين، مالبثت الحملات التبشيرية الروسية أن امتدت الى آلاسكا، والصين واليابان وكوريا إضافة إلى النشاطات التبشيرية الكبيرة التي كانت تتم داخل أراضي روسيا الشاسعة، هذا من ناحية. كما نمت بعثة أرثوذكسية في افريقيا الوسطى بصورة عفوية من ناحية أخرى.

صفحة مشرقة من الانتشار الأنطاكي في اوستراليا ونيويلندا وجنوب شرق آسية
صفحة مشرقة من الانتشار الأنطاكي في اوستراليا ونيويلندا وجنوب شرق آسية

ينشط التبشير الأرثوذكسي في ما يسمى (الشتات- دياسبورا) حالياً بين أوساط الشباب الأرثوذكسي الذين تحملوا ويتحملون طواعية هذا الأمر الحيوي بتنسيق من السندسموس (الشبيبة الأرثوذكسية العالمية)،

وكانت قد تأسست ” الجماعة الاستشارية الأرثوذكسية” وهي هيئة استشارية تابعة لمجلس الكنائس العالمي في مجال الإرساليات العالمية والتبشير، وقد عهد إلى هذه الجماعة لوضع الخطوط العريضة للأنظمة ولصياغة توصيات بشأن النظرة الأرثوذكسية للتبشير المسيحي. وتكونت من ممثلين عن عدة كنائس محلية، وقد اجتمعت هذه الجماعة في المركز الصربي الأرثوذكسي في ألمانيا مابين 29 تشرين أول و3 تشرين الثاني 1984، وتمت مناقشة دور العلمانيين في العمل التبشيري مع لفت الانتباه الى الشباب والنساء، ووضع الأرثوذكس في المجتمعات الشيوعية والاشتراكية، بالإضافة الى دور الأرثوذكسية في الغرب العلماني. وأشادت الجماعة بدور الشباب الأرثوذكسي عبر السندسموس بهذا النشاط بالغ الأهمية وخلصت إلى قرارات تدعو الرؤساء الروحيين المحليين لتقديم المساعدة المطلوبة للشباب في هذا النشاط، والى توصيات تدعو للاهتمام بأرثوذكسية موحدة بعيداً عن التشنجات القومية.

الصين

خريطة الصين واليابان
خريطة الصين واليابان

تأسست البعثة الصينية سنة 1715 في بكين، لكنها تعود بتاريخها الفعلي الى سنة 1686 حين انخرطت جماعة من المتطوعين القوقازيين الروس في الحرس الإمبراطوري الصيني، وكان كاهنهم معهم. إلا أن العمل التبشيري المنظم لم يبدأ قبل نهاية القرن 19 حيث انه في سنة 1914 لم يكن هناك أكثر من 5000 مهتدي جديد على الرغم من وجود عدد من الكهنة الصينيين ومدرسة اكليريكية. وكانت سياسة البعثات التبشيرية الأرثوذكسية تعتمد على الدوام في أن يكون الكهنة من أهل البلاد حالما تسنح لهم الفرصة. وبعد الثورة الشيوعية في روسيا ازداد النشاط التبشيري السري داخل روسيا بالرغم من الاضطهادات العنيفة التي وصلت الى حد الإعدام والكثير من أفراد الإكليروس الروسي بما فيهم بطاركة ومطارنة أبرشيات وأساقفة لاقوا هذا المصير. ولكن النشاط التبشيري الروسي خارج الحدود فرض ذاته، وذلك بفضل المهاجرين الروس ومن بينهم كهنة فروا شرقاً من سيبيريا. وفي سنة 1939 عندما تحولت الصين ومنشوريا الى الشيوعية كان فيها قرابة ربع مليون أرثوذكسي معظمهم من الروس بالإضافة الى صينيين جدد يرعاهم خمسة أساقفة ولهم جامعة لاهوتية أرثوذكسية في خاربين.

ومنذ 1945 تغير الحال تماماً هناك، حينما أمرت الحكومة الصينية الشيوعية جميع المبشرين غير الصينيين بمغادرة البلاد، ولم تستثن الروس من هذا التدبير، فأعيد كل الإكليروس الروسي مع معظم المؤمنين الروس إلى الاتحاد السوفييتي، وقد أكد على ذلك المطران نيفن سابا في كتابه :” رحلة الى الصين الشعبية – تعال وانظر”حيث أورد أن ثمة مصالحة تمت وأفضت الى عودة كل الروس الموجودين في الصين الشعبية الى الإتحاد السوفييتي. واعتمدت الكنيسة الأرثوذكسية الصينية منذ ذاك التاريخ على نفسها، في 21ايلول 2000 توفي آخر كاهن أرثوذكسي صيني في خاربين، منشوريا، كان هذا الكاهن من الإكليركيين القلائل الذي عاش على رغم الثورة الثقافية، الكنيسة التي يخدمها هي الكنيسة الأرثوذكسية الوحيدة التي لاتزال العبادات تمارس فيها من أصل 12 كنيسة أرثوذكسية كانت قائمة قبل الحرب العالمية الثانية، نالت الكنيسة الصينية سنة 1956 ” نظام كنيسة ذات إدارة مستقلة.”

في أوائل الستينات كان هناك أسقفان صينيان، وعدة كهنة وعشرون ألف مؤمن قبل الاضطهاد الذي مارسه ماوتسي يونغ، ومن الممكن انه خلال العقد التاسع من القرن20 كان عدد الأرثوذكسيين الصينيين حوالي 50000 ولهم كاتدرائية في بكين وأخرى في شنغهاي، بالرغم من مضايقات الحكومة الشيوعية، والحق يقال ان هذا العدد هو هزيل جداً قياساً على عدد سكان الصين الذي تجاوز المليار وثلاثمائة مليون نسمة، ولكنه هو ملح الأرض والخميرة التي عُرضت للتلف لكنها مالبثت ان بدأت بتخمير العجين كله، حاولت الكنيسة الروسية أن تمد رعايتها على مؤمني الصين ولكنها حتى اليوم لم تنل رخصة الدولة. ومن جهة أخرى اتخذ المجمع المقدس للبطريركية المسكونية في كانون الثاني من هذا العام 2009 في القسطنطينية (اسطنبول) عدة قرارات بشأن أبرشيات البطريركية في العالم، ففصل أولاً سنغافورة عن أبرشية هونغ كونغ. وأسس أبرشية سنغافورة لترعى شؤون المؤمنين في الهند والباكستان وأفغانستان والنيبال وماليزيا وإندونيسيا وسريلانكا. وانتخب المجمع المطران نكتاريوس على أبرشية هونغ كونغ ليرعى الصين وتايوان والفيليبين وتايلاند وفيتنام وكمبوديا الأمر الذي يؤكد تنامي عدد المؤمنين في الصين وتلك الدول.

اليابان

تأسست الكنيسة الأرثوذكسية اليابانية على يد الأب نيقولا كساتكين الذي أعلنت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قداسته في عام1970. فحين وصل الى اليابان سنة 1859 بصفته كاهناً لكنيسة القنصلية الروسية في مدينة هاكودات، عزم منذ البداية على العمل ليس في صفوف الروس فحسب بل في صفوف اليابانيين، فتعلم لغتهم، ولم يمض وقت طويل حتى انصرف كلياً الى العمل التبشيري، فترجم الإنجيل والكتب الطقسية الى اليابانية، وبشر بالأرثوذكسية في كل أنحاء البلاد وبنى الكنائس، وأهمها كاتدرائية القيامة في وسط طوكيو التي يسميها اليابانيون “نيكولا دو”احتراماً له. وكان أول مهتد قد نال سر المعمودية المقدسة على يديه سنة 1868، وبعدها بأربع سنوات رسم كاهنين يابانيين، وكان أول أسقف ياباني (جان اوتو) صهراً لأول مهتد ياباني، بعدما كان قد ترمل منذ فترة طويلة.

وبعد فترة صعبة اجتازتها الكنيسة الأرثوذكسية اليابانية بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، اتخذت الأرثوذكسية في اليابان دفعاً جديداً وقد سجل في أواخر القرن العشرين وجود أكثر من 50000 ألف أرثوذكسي ياباني في أكثر من 40 رعية يابانية. وكان قد أُعيد افتتاح مدرسة طوكيو الإكليريكية الأرثوذكسية بعد فترة إغلاق استمرت من 1919 الى سنة 1954 ومعظم أفراد الإكليروس من اليابانيين، ولكن واحداً من الأسقفين المقيمين في اليابان هو أميركي، وعدد معتنقي الأرثوذكسية على قلته يتزايد باستمرار وبانتظام، وهم في غالبيتهم فتيان تتراوح أعمارهم بين 14 و21 سنة الى جانب أساتذة جامعات (عام 1958– 317 أرثوذكسي مع 3 أساتذة جامعات).

تتبع الكنيسة الأرثوذكسية اليابانية لبطريركية موسكو، ولكنها تدير شؤونها الذاتية. وهي كنيسة أصبحت حقاً متأصلة في وسط الشعب الياباني ولم تبق فقط مجرد بعثة تبشيرية، فعدد الرعايا تجاوز اليوم 67 رعية ناشطة ولكن لاتوجد إحصاءات دقيقة لهم.

كوريا

أما البعثة الكورية ذات الأصل الروسي فقد تأسست سنة 1898، وظلت مقتصرة على نطاق ضيق وجرت رسامة أول كاهن أرثوذكسي كوري سنة 1912. وفي سنة 1934 كان في كوريا 820 أرثوذكسياً، حالياً يتنامى العدد بعدما كان قد تقلص في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، وتقوم الشبيبة الأرثوذكسية في كوريا الجنوبية بنشاطات تسترعي الانتباه. تتبع البعثة الأرثوذكسية في كوريا الأبرشية اليونانية في أستراليا ونيوزيلندا.ومعروف أنه ثمة كنيسة روسية أرثوذكسية على اسم الثالوث القدوس في بيونغ يانغ عاصمة كوريا الشمالية بدأ العمل على بنائها بترخيص من السلطات الكورية الشمالية.

 

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *