عقوبة الاعدام

عقوبة الإعدام

عقوبة الإعدام

عقوبة الإعدام

تعريف 

الإعدام هو إزهاق روح المحكوم عليه، وهو من حيث خصائصه عقوبة جنائية فحسب، وهو من حيث دوره في السياسة الجنائية عقوبة استئصال إذ يؤدي إلى استبعاد من ينفذ فيه من عداد أفراد المجتمع وذلك على نحو نهائي لا رجعة فيه.

بتعريف آخر  الاعدام هو

قتل شخص بقرار قضائي نتيجة ارتكابه جريمة عظمى، كما يُحددها المشرع في دستور وقانون البلد الذي يُحاكم فيه. ويُشترط أن تكون العقوبة واردة في منطوق حكم قضائي يتوج محاكمة عادلة جرت أمام محكمة معترف بها حسب الأصول ومشكلة وفق القانون. وإذا اختل أحد الشروط السابقة، فإن عملية الإعدام تدخل في نطاق التصفية الجسدية أو الإعدام خارج القانون.

في بحثنا قد يظهر للقارىء اننا نتبنى منطق الرافضين لعقوبة الاعدام وخاصة موقف المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الانسان ومنها الامم المتحدة ومنها …منظمة العفو الدولية التي تحمل لواء المعارضة لعقوبة الاعدام وتطالب بالغائها من كل العالم، ومانسوقه هنا في تدوينتنا يدل على موقفها…وهو ليس بالضرورة موقفي فأنا رجل قانون وثمة تعديات على كيان المجتمع والدولة كما حصل في سورية في الثمانينات والتسعينات من القرن 20 ولايزال يحصل منذ منتصف آذار عام 2011 في المؤامرة الكونية المسماة الربيع العربي المخطط لها صهيونيا وماسونياً وادت الى دمار شامل انفق لأجله مئات مليارات الدولارات وقدمت سورية مليون ضحية بريئة وصار الخطف والقتل وبيع النساء والغلمان كما لوكنا قبل 14 قرناً خلت وادت هذه المؤامرة والعدوان الدولي من 86 دولة في مقدمها اميركا والكيان الصهيوني والغرب وتركيا ودول العربان مع حوالي نصف مليون تكفيري عدا عن البيئة الحاضنة الداخلية الخائنة الحاضنة لهم مقابل شراءهم بالدولار والريال واليورو وحتى بالشيكل… وثلث الشعب السوري خارج الوطن ومؤامرة تهجير المكون الاصيل وهو مسيحيي المشرق وتدمير مدنه وقراه واديرته وكنائسه وذبح كهنته وخطف مطارنته… وقتل المسيحيين الرافضين اعتناق الاسلام بقوة وهو مانص عليه قانون العقوبات السوري وسواه…

داعش واعدام المدنيين في الرقة
داعش واعدام المدنيين في الرقة

وكلها تندرج في اطار الجرائم الواقعة على امن الدولة وخاصة تدمير الجيش والقوى الامنية واغتيال العلماء وكبار القادة العسكريين الامر الذي يبيح استخدام الوسائل القانونية الرادعة التي وضعها المشرع السوري وفق اوضاع المجتمع السوري والحفاظ على كيان الدولة…وهو حق تكفله الشرائع الدولية واهمها الامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي…

لذا وفي هذه الحالة انا اطالب بالتشدد في فرض اقسى العقوبات القضائية وفق القانون السوري وهو سليل القانون الفرنسي…وفرنسا احدى دول العدوان على سورية…

مع ملاحظة النظر في الاسباب المخففة وفق كل حالة على حدة

تاريخية عقوبة الاعدام

وعقوبة الإعدام من أقدم العقوبات في تاريخ المجتمعات البشرية، وعرفت هذه العقوبة لدى كافة الشرائع القديمة كما في قانون حمورابي وفي مصر الفرعونية ولدى اليونان والرومان وفي أوربة القديمة وكانت أغلب الشرائع تطبقها وبأساليب قاسية ووحشية مصحوبة بصور بشعة من وسائل التعذيب يقشعر منها البدن كالإعدام حرقاً التي استخدمها الرومان ضد من اتهموهم بالكفر والخيانة والسحر، وكالإعدام سحقاً وكانت هذه الوسيلة تطبق في جنوب أسيا قبل 4000 عام وكانت تتم عن طريق سحق جسد الضحية إما عن طريق وضع الصخور عليه أو بالاستعانة بالفيل حيث يصعد على رأس المحكوم عليه بالإعدام،

وكالإعدام بواسطة المتفجرات حيث يتم وضع قنابل على جسد الضحية ويتم تفجيرها بالتحكم عن بعد. او الاعدام بوسائل الاعدام التقليدية كالشنق وقطع الرأس بالسيف او المقصلة والنحر ورمياً بالرصاص، وبالحقنة السامة، والكرسي الكهربائي…

ظلت عقوبة الإعدام راسخة في الغرب منذ القدم. ومع “عصر التنوير”، برزت دعوات لإلغائها بوصفها منافية لحق الحياة ولأهمية الإنسان في المجتمع وفي البناء الحضاري.

الاعدام دهساً بالأفيال
الاعدام دهساً بالأفيال

وجاء عصر الأنوار بمفهوم جديد للإعدام، إذ أطَّر رواده وأبرزهم الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو وزميله الإنجليزي توماس هوبز عقوبة الإعدام ضمن العقد الاجتماعي الذي يربط أفراد المجتمع وهم ملزمون باحترامه، في حين كان المفهوم السائد بالقرون الوسطى يربط العقوبة ب”الحق الإلهي” وب”تطهير المجرم من جرمه روحياً”.
وتحت تأثير وضغط فلسفة القرن الثامن عشر والتي أعلنت ثورتها على العقوبات المتوحشة واللاإنسانية بدأ الاتجاه نحو التقليل من عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام وأيضا تنفيذها بأساليب معتدلة.

وبدأ يتشكل تيار ضاغط مع تنامي الحركات الدستورية وظهور الثورة الفرنسية وبدايات حقوق الانسان وماطرحته الثورة الفرنسية من مبدأ المساواة والعدل و…مع ملاحظة ان اعدام الملك والاسرة المالكة ثم تم اعدام رجالات الثورة كلهم…اقصد بالرغم من هذه الحقوق التي حملتها الثورة الفرنسية …

المقسلة
المقسلة

عقوبة الاعدام في الشريعة الاسلامية

تختلف عقوبة الإعدام في الشريعة الإسلامية اختلافاً جوهرياً في منطلقها وفلسفتها عن أسس تنفيذ عقوبة الإعدام في التشريعات والقوانين الوضعية في العالم، فالقوانين الوضعية تجعل عقوبة الإعدام دائما للدولة، أما الشريعة الإسلامية فإنها تجعل حق المطالبة بالعقوبة لورثة القتيل فإذا تنازل الورثة عن حقهم مقابل “الدية” وهي بمثابة تعويض عن قتيلهم الذي قد يكون هو مصدر رزقهم الوحيد فلا يجوز للدولة أن تنفذ عقوبة الإعدام عليه وان أمكنها أن تخضعه لعقوبة السجن إذا وجدت مصلحة في ذلك “عقوبة تعزيرية.” أو”عقوبة الحق العام”…

قتل المرتد في الشريعة الاسلامية
قتل المرتد في الشريعة الاسلامية

اذن في التراث التشريعي الإسلامي، هناك ذكر وإقرار وتأطير دقيق لعقوبة الإعدام في حالات محددة ووفق شروط معينة، وإن كان التشريع الإسلامي فتح الباب واسعاً لتعطيل العقوبة من خلال بدائل منها عفو أولياء الدم، والّدية المسَلمة إلى أهل الضحية.

الاتفاقات الدولية حول عقوبة الإعدام

في 10/12/1948 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” الذي نصت مادته الثالثة على المبدأ القائل:” بحق كل إنسان بالحياة والحرية والأمن لشخصه”. ونصت المادة 5 على تحريم خضوع الإنسان للتعذيب أو العقوبات الأليمة أو أي نوع من المعاملات غير الإنسانية أو المهينة. ولم تلغ عقوبة الإعدام كعقوبة وإنما بعض طرق تنفيذها.

الاتفاقيات الأوروبية لحقوق الإنسان الموقعة في 4/11/1950

اعترفت هذه الاتفاقيات للدولة باستعمال عقوبة الإعدام: “حق كل شخص بالحياة يكفله القانون”. “لا يجوز إنزال الموت بأحد إلا في حالة تنفيذ حكم بالإعدام صادر عن محكمة…”

وقد جاء البرتوكول السادس لهذه الاتفاقية عام 1983 ليعلن “عقوبة الإعدام ملغاة. لا احد يعاقب بهذه العقوبة ولا بتنفيذها”. وأصبحت أوربة بعده “باستثناء صربيا والبوسنة” القارة الوحيدة التي لا وجود فيها لعقوبة الإعدام، ويوجد اليوم 109 دول أعضاء في الأمم المتحدة أعلنت إلغاء عقوبة الإعدام في تشريعاتها الداخلية. و68 دولة أبقتها في تشريعاتها، مع تطبيق ضيق لها.

وتسعى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة للدعوة الدائمة للدول التي لم تلغ هذه العقوبة إلى وقف تنفيذها عمليات الإعدام. كما تقوم بحملة لوقف إعدام الأطفال

ومن أكثر الدول تطبيقاً لعقوبة الإعدام الصين، ففي عام 1999 نفذت 1263 حكماً… وفي عام 2000 نفذت الولايات المتحدة الأمريكية 85 حكماً بالإعدام. وبين شهر كانون ثاني وحزيران 2001 نفذت 34 حكما.ً

أما المشرع السوري فقد أخذ بعقوبة الإعدام،

نص عليها جزاءً للكثير من الجرائم نذكر منها “جرائم الخيانة، جرائم التجسس لصالح العدو، بعض جرائم الفتنة، القتل إذا وقع عمداً أو تمهيداً لجناية أو تسهيلاً لها أو تنفيذاً لها، أو تسهيلاً لفرار المحرضين على تلك الجناية، أو إذا وقع القتل على أحد أصول المجرم أو فروعه، وبعض جرائم الحريق إذا نجم عنها وفاة إنسان، والاتجار بالمخدرات، و”الجرائم الواقعة على امن الدولة” وقانون مكافحة الإرهاب الجديد.”

وتنص المادة “43” من قانون العقوبات على أنه:

1-لا ينفذ حكم بالإعدام إلا بعد استطلاع رأي لجنة العفو وموافقة رئيس الدولة

2ـ يشنق المحكوم عليه بالإعدام في داخل بناية السجن أو في محل آخر يعينه المرسوم القاضي بتنفيذ العقوبة.

3ـ يحظر تنفيذ الإعدام أيام الجمع والآحاد والأعياد الوطنية أو الدينية.

4ـ يؤجل تنفيذ الإعدام بالحامل إلى أن تضع حملها.

ويتم الإعدام شنقاً إذا كان المحكوم عليه مدنياً.

وأوجبت المادة 455 من “قانون أصول المحاكمات الجزائية” حضور عدد من الأشخاص لعملية التنفيذ وهم

أ- رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم وفي حال تعذر حضوره قاض يختاره الرئيس الأول.

ب- النائب العام أو أحد معاونيه.

ج- رئيس المحكمة البدائية التابع لها مكان التنفيذ.

د- كاتب المحكمة التي أصدرت الحكم.

ن- محامي المحكوم عليه.

و- أحد رجال الدين من الطائفة التي ينتمي إليها المحكوم عليه.

ز- مدير السجن.

ح- ضابط الشرطة أو قائد الدرك التابع له مكان التنفيذ.

ط- طبيب السجن أو الطبيب الشرعي في المنطقة.

أما إذا كان المحكوم من العسكريين فيتم الإعدام رمياً بالرصاص، وهي خاصة بالمحكوم عليهم من العسكريين “المادة 92من قانون العقوبات العسكري” حيث يؤتى بالمحكوم عليه بالإعدام بحراسة مفرزة إلى ساحة التنفيذ بعد تجريده من جميع الشارات العسكرية ويقرأ عليه الحكم بصوت جهوري ثم تعصب عيناه ويربط إلى عمود ويقوم برمي المحكوم عليه اثنا عشر جندياً بقيادة مساعد أو مساعد أول “علماً أن الاثني عشر جندياً الذين يقومون بتنفيذ حكم الإعدام بحق العسكري، ولا توجد في بنادقهم جميعاً ذخيرة حية ولا يعلم أي منهم إذا كانت ذخيرته حية أو غير حية ويحضر التنفيذ أحد أعضاء المحكمة التي أصدرت الحكم والنائب العام وأحد الأطباء الرسميين وكاتب المحكمة.

رؤية فقهية قانونية

يسأل فقهاء القانون السؤال التالي بداية…

هل يعقل أن سجيناً سيعترف أمام الكاميرا بأنه “إرهابي، يقتل، ويخرب، ويدمر، ويحصل على تمويلات بهدف محاربة انجازات الحكومة التي لا يشعر بها أحد” من دون تعذيب؟! ألم تتساءل عما حدث له في احدى المقرات الأمنية السرية كي يعترف بكل هذا الجرائم؟!

مصر مثلاً

قال أحد المعتقلين السابقين لـ هيومن رايتس ووتش إن العناصر في مركز شرطة في القاهرة اغتصبوه مرارا بإدخال عصا في فتحة الشرج. قال آخر إن ضباط الأمن الوطني في وزارة الداخلية هددوا باغتصابه. قال محتجز سابق لدى عناصر الأمن الوطني في منشأة بمحافظة الجيزة إنهم اقتلعوا أحد أظافره بكماشة وآخر بأسنانهم. قال محتجز آخر إن عنصراً من الأمن الوطني غرز في ذراعه مسماراً معدنياً ملفوفاً بأسلاك مكهربة لزيادة آلام الصدمات الكهربائية.

قال محام احتجزه عناصر الأمن الوطني في منشأة في محافظة الغربية إنهم لفوا سلكا حول قضيبه لصدمه بالكهرباء. قال 3 محتجزين سابقين لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر الأمن هددوا بتعذيب أفراد أسرهم إذا لم يعترفوا.

في معظم الحالات، أوقف عناصر الشرطة والأمن الوطني استخدام التعذيب بمجرد حصولهم على اعترافات أو أسماء أصدقاء ومعارف المشتبه بهم. لكن لم يعنِ ذلك أن محنتهم قد انتهت. في جميع الحالات تقريبا، كان التعذيب والاستجواب بمثابة مقدمة لإجراءات الادعاء، التي انتهى بعضها إلى المحاكمة”.

باختصار، الذي اعترفوا أمام الكاميرات بأنهم ارتكبوا جرائم تقودهم إلى حبل المشنقة، /ليس فقط في دول العالم الثالث بل وفي الدول المتقدمة كأميركا وفرنسا وبريطانيا…/ في أغلب الأحيان تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب، كما أنهم لم يرتكبوا جرماً سوى انتمائهم لجماعات يعاديها الحكم. وهذا هو السبب الأول الذي يدعوا البعض من فقهاء القانون الجزائي إلى رفض عقوبة الإعدام، غياب العدل، فقد يُحكم بالاعدام على إنسان بريء لم يرتكب جريمة، ويقول مبدأوهم “لعل علينا أن نؤمن بأن نجاة مذنب من القتل، خير من قتل برئ.”

يقول الفقهاء الرافضون لعقوبة الاعدام

” إن الإعدام لا يردع أكثر من السجن”

يتساءلون انه بعد اعدام الارهابي هل انتهت الجرائم؟ وهل اتعظ إرهابي ما بعد إعدام خلية إرهابية؟ وماذا عن هؤلاء الذي يظنون أنهم عندما يُعدمون سيُقتلون في سبيل الله؟ أليس تفكيرهم هذا حافز على عدم الخوف من الإعدام؟!

في قراءة بجامعة جنوب ويلز قارنت نتائج 74 دراسة حول تأثير حكم الإعدام كرادع، كانت الكفة الراجحة في الأبحاث للقول بأن الإعدام ليس رادعاً وبأن حكم الإعدام يُنفذ غالباً بسبب “خلفيات إيديولوجية” أو “سياسية” أكثر من كونه حكماً للردع.

وإذا كان حكم الإعدام خصص للقضاء على الجريمة، فإن إيران تعد من أكثر دول العالم تنفيذاً لأحكام الإعدام، وكانت الثانية على العالم في عام 2007، وحينها أعدمت 317 شخص، فهل اختفت الجريمة في إيران؟! بالطبع لا، في عام 2009 كانت إيران في الثلث الأول بمعدلات الجريمة عالميا.

الإعدام لا رجعة فيه

بعد تنفيذ حكم الاعدام مثلاً قررت المحكمة وقف حكم الإعدام، وإعادة فتح باب المرافعة.  ذلك بعد أن تم إعدامهم! فهل يعودوا إلى الحياة مجددًا ليحاكموا؟!

أما كل الأحكام بالسجن مهما كانت كبيرة، يمكن الرجوع عنها حال اكتشاف خطأ ما في القضية، وحال ظهور دليل جديد على براءة متهم، أما حكم الإعدام فلا رجعة فيه. وهناك قاعدة تقول أن “إفلات مائة مجرم من العقاب أفضل من إعدام بريء واحد”.

برأي هؤلاء الرافضين للاعدام ان الإعدام لا يقضي على الإرهاب، بل يخلقه، ويسالون ماذا يفعل أبناء من تم إعدامهم؟ وخاصة لو كانوا أبرياء؟! هل تظن أنهم سيشاركون في الانتخابات أم في صناعة السلاح.

– ألغى 141 بلدًا أو ما يعادل ثلثي بلدان العالم، عقوبة الإعدام في القانون فإذا كانت البلدان الأكثر تقدمًا تتجه نحو إلغاء الإعدام نهائيًا، فلماذا ننافس نحن في قتل البشر الأبرياء؟

– الإعدام أداة سياسية، تستخدمها الدول القمعية للتخلص من معارضيها، والتاريخ ملئ بقصص هؤلاء. فما بالك بحكومة تعتبر كل معارضيها خونة؟!

– الإعدام لا يقضي على الإرهاب، بل يخلقه، ماذا يفعل أبناء من تم إعدامهم؟ وخاصة لو كانوا أبرياء؟! هل تظن أنهم سيشاركون في الانتخابات أم في صناعة السلاح؟!

أما عن الرأي الذي يؤيد أحكام الإعدام حتى لا يخالف الشريعة الإسلامية، فلا أظن أن أي شريعة في الكون تقبل بأن يعدم أحدهم ظلماً، كما أن الدول لا تطبق الشريعة، وإنما تطبق القانون.

نعم …طبقت عقوبة الإعدام في كل المجتمعات تقريباً، ما عدا المجتمعات التي لديها قوانين مستمدة من الدين الرسمي للدولة…

تُمنع هذه العقوبة، وتعد قضية جدلية رائجة في العديد من البلدان، ومن الممكن أن تتغايرالمواقف في كل مذهب سياسي…

وثمة استثناء كبير بالنسبة  لأوربة، حيث أن المادة الثانية من “ميثاق الحقوق الأساسي للاتحاد الاوربي”
تمنع تطبيق هذه العقوبة.

الاعدام بالكرسي الكهربائي
الاعدام بالكرسي الكهربائي

التوجه نحوالغاء عقوبة الاعدام

ترى “منظمة العفو الدولية” اليوم أن معظم الدول مؤيدة لإبطال هذه العقوبة مما أتاح للأمم المتحدة أن تعطي صوتاً بتأييد صدور قرار غير ملزم لإلغاء عقوبة الإعدام،
لكن أكثر من 60% من سكان العالم يعيشون في دول تطبق هذه العقوبة حيث أن الأربعة دول الأكثر سكانا في العالم وهي الولايات المتحدة الأميركية والصين واندونيسيا والهند تطبق هذه العقوبة.

الحركة الالغائية

ويُرجع بعض المؤرخين نشأة الحركة الإلغائية -التي دعت لإلغاء الإعدام– إلى عام 1757 في فرنسا، حيث خلفت الطريقة التي أُعدم بها شخص حاول اغتيال الملك لويس الـ15 موجة غضبٍ وتنديد عارمة. فقد أُعدم “روبرت فرانسوا داميينه” بطريقة وحشية كانت سائدة حينها، وتقضي بربط أطراف الشخص الأربعة إلى أربعة خيول يندفع كل منها في اتجاه لينشطر الشخص إلى نصفين أو أربعة أرباع.

ويرى أصحاب هذا الرأي أن الحياة منحة من الله يعطيها للفرد وهو الذي يسلبها منه، ولا يحق للدولة أو غيرها انتزاع حق الحياة منه.

غير أن الظهور الكبير للحركة المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام جاء إثر نشر كتاب “جنج وعقوبات” للفيلسوف الإيطالي سيزار بيكاريا ( 1738-1794) حيث قرر أمير منطقة توسكان (عاصمتها فلورنسا) إلغاء عقوبة الإعدام عام 1786 في سابقةٍ من نوعها، ولاحقا بدأت لائحة العقوبات المسببة للإعدام تنحسر بشكل ملحوظ في أوربة.

قطع الراس
قطع الراس

وقد ظهرت الموجة التشريعية لإلغاء عقوبة الإعدام منذ بداية القرن 20 وتنامت مع أفول هذا القرن… وكان يشوبها نوع من التردد، ففي إيطاليا ألغيت هذه العقوبة منذ اواخر القرن 19 اي في عام 1899م ثم أعيدت في عام 1930، ثم ألغيت مرة أخرى 1974، وفي نيوزيلندا ألغيت هذه العقوبة سنة 1911 ثم أعيدت سنة 1950 ثم ألغيت مرة أخرى 1961، وفي إسبانيا ألغيت هذه العقوبة سنة 1932 ثم أعيدت سنة 1934 ثم ألغيت مرة أخرى بتعديل دستوري سنة 1978م في غير حالات الجرائم العسكرية في زمن الحرب.

وفي بعض الدول ظهر اتجاه نحو الحد من عقوبة الإعدام مثل روسيا السوفيتية، فقد ألغت عقوبة الإعدام سنة 1947 ثم أعادتها في بعض الجرائم مثل الجاسوسية والرشوة والقتل المشدد والاغتصاب.

وفي بعض الدول الأخرى ظهر بادئ الأمر الاتجاه نحو الحد من عقوبة الإعدام عن طريق إلغائها في عدد كبير من الجرائم، ثم ساد الاتجاه نحو إلغائها كلية، مثال المملكة المتحدة ففي عام 1957 ظهر قانون القتل مبقياً على عقوبة الإعدام إذا اقترن القتل بأحد ثلاثة ظروف، ثم صدر قانون 1964 يلغي هذه العقوبة في تلك الظروف مع جواز توقيعها إذا كان القتل مع سبق الإصرار، وفي سنة 1964 صدر قانون قرر إلغاء عقوبة الإعدام كلياً، ونص على وجوب صدور قانون جديد بعد خمس سنوات ينظم هذا الموضوع، وفي سنة 1970 صدر قانون يؤكد إلغاء عقوبة الإعدام، وفي السويد ألغيت عقوبة الإعدام سنة 1921 عدا بعض الحالات الاستثنائية، ثم صدر قانون سنة 1972 بإلغاء هذه العقوبة كلياً. وقد اتجهت بعض الدول إلى إلغاء عقوبة الإعدام تماماً دون عودة كما في سويسرا سنة 1937، وفي ألمانيا الاتحادية سنة 1989.

وازدهرت الحركة المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام في القرن الـ19، إذ أقدمت البرتغال على إلغاء الإعدام نهائيا ونُفذت العقوبة آخر مرة عام 1849.

وفي القرن العشرين، تعزز هذا المنحى بعد أن نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (عام 1948) على حق الإنسان في الحياة، إلا أنَّ ديمقراطيات عريقة مثل فرنسا وبريطانيا لم تُلغ عقوبة الإعدام في ثمانينيات القرن العشرين -مع استثناء فترات الحرب- وإن كان تنفيذها في البلدين يعود لفترة الحرب العالمية الثانية.

تراجع عقوبة الإعدام

مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الـ21، تراجعت عقوبة الإعدام في العالم بشكل واسع، ففي عام 2014 مثلا بلغ عدد الدول التي نفذت عقوبات الإعدام حوالي 22 من أصل 97 دولة تنص قوانينها على الإعدام، ما يؤشر على انحسار العقوبة التي دعا قرارٌ أممي غير ملزم إلى فترة تعليق لتنفيذها عبر العالم عام 2007.

مع العلم أن “الجمعية العامة للأمم المتحدة” اعتمدت أعوام 2007 و2008 و2010 و2012 قرارات حثت فيها الدول على احترام المعايير الدولية التي تحمي حقوق الأشخاص الذين يواجهون عقوبة الإعدام، وتقييد استخدام تلك العقوبة تدريجياً، وخفض عدد الجرائم التي يُعاقَب عليها بالإعدام.

وهناك أكثر من 160 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ألغت عقوبة الإعدام أو لا تمارسها. ومع ذلك، ما زال السجناء في عدد من البلدان يواجهون الإعدام.

وتوقفت تركيا عن تنفيذ عقوبة الإعدام منذ عام 1984، لكن الرئيس اردوغان أكد -في لقاء مع وسائل الاعلام العالمية بعد وقوع المحاولة الانقلابية عليه صيف 2016:

أن “العالم ليس عبارة عن الاتحاد الاوربي، وعقوبة الإعدام موجودة في أميركا وروسيا والصين، وإذا قرر الشعب التركي إقرار عقوبة الإعدام فعلى جميع الأطراف المؤمنة بالديمقراطية أن تحترم إرادة الشعب”.

وفي الدول العربية، ما تزال بعض الحكومات تنفذ عقوبة الإعدام، وخاصة العراق ومصر، وكان وزير العدل العراقي قد أعلن في السادس من تموز عن تنفيذ 45 حكما بالإعدام منذ بداية عام 2016.

 الخازوق
الخازوق

سؤال مشروع

هل تضع عقوبة الإعدام حداً للجريمة؟ هل تحقق العدالة للضحايا؟ هل ثمة طريقة إنسانية لتنفيذ الإعدام؟
لماذا تعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام؟

عقوبة الإعدام وفق تعريف (منظمة العفو الدولية) انها تنتهك أهم حق من حقوق الانسان الأساسية، وهو الحق في الحياة. وهي أقصى عقوبة بين العقوبات القاسية واللاانسانية والمهينة…

ووفق المنظمة فإن عقوبة الإعدام تتسم بالتمييز.

فغالباً ما تُطَبَّقُ على الفئات الأضعف في المجتمع، مثل الفقراء، وأبناء الأقليات العرقية والدينية، وذوي الإعاقات العقلية. وتستخدمها بعض الحكومات لإخراس معارضيها. وحيثما كان نظام العدالة معيباً والمحاكمات الجائرة متفشية، يكون خطر إعدام أبرياء حاضراً باستمرار.

ومتى نُفِّذَت عقوبة الإعدام فقد انتهى الأمر. فالأخطاء التي تُرتَكَب لا يمكن تداركها بعد الاعدام. وقد يُفرَج عن البريء الذي سُجِن لجريمة لم يرتكبها، اما الاعدام فلا يمكن الرجوع فيه.

ولكن ثمة سؤال يؤيد أصحابه عقوبة الاعدام وهو: اليس لضحايا الجريمة العنيفة التي اودت بهم وهم ابرياء ةكذلك اسرهم الحق في نيل العدالة باعدام القاتل؟

الجواب

بلى، لهم هذا الحق. فمن فقدوا أحباءً لهم في جرائم مروعة لهم الحق في أن يروا الشخص المسؤول يُحاسَب في محاكمة عادلة من دون تطبيق عقوبة الإعدام او مع تطبيقها خاصة ان اقترنت بأعمال ارهبية.

يقول الرافضون:” ونحن إذ نعارض عقوبة الإعدام، لا نحاول التهوين من شأن الجريمة أو التغاضي عنها. لكن كما قالت كثير من الأسر التي فقدت أحباءً لها، لا يمكن لعقوبة الإعدام أن تخفف عنها حقاً ألم الفاجعة. فهي إنما تمد لهيب ذلك الألم لتكتوي به أسرة الشخص المدان…”

“…الانتقام ليس هو الحل. الحل يكمن في تقليل العنف، وليس في التسبب في مزيد من الموت.”

إذا قتلت أحداً أفلا تستحق الموت أيضاً على مبدأ "العين بالعين؟"

لا، فإعدام شخص لأنه أهدر حياة شخص آخر يعد انتقاماً، وليس عدلاً.

الإعدام – أـو التهديد به – يتسبب في آلام جسدية رهيبة ونفسية قاسية. فأي مجتمع يقوم بإعدام المخالفينيرتكب بدوره أعمال العنف التي يدينها هو نفسه.

ألا تمنع عقوبة الإعدام الجريمة؟

لا تمنعها، وفقاً للبحوث، فليس هناك أدلة موثوقة على أن الإعدام أكثر فعالية من السجن كعقوبة رادعة للجريمة. وواقع الأمر، أن أعداد الجرائم الواردة من البلدان التي حظرت عقوبة الإعدام لم ترتفع بعد الحظر، بل وانخفضت فعلياً في بعض الحالات. ففي كندا، كان معدل جرائم القتل في عام 2008 أقل من نصف معدل عام 1976 الذي حُظِرَت فيه عقوبة الإعدام هناك.

ماذا عن عقوبة الإعدام للإرهابيين؟

غالبا ما تلجأ الحكومات إلى فرض عقوبة الإعدام في أعقاب الهجمات الارهابية العنيفة، لإثبات أنهم يفعلون شيئا “لحماية” الأمن الوطني. من غير المرجح أن يمنع التهديد بالإعدام الرجال والنساء المستعدين للموت من أجل معتقداتهم – مثل المفجرين الانتحاريين من داعش وجبهة النصرة وكل التكفيريين كما في سورية – عن المضي قدماً فيما يفعلون. ومن المرجح بالقدر نفسه أن يصنع الإعدام شهداءً تصبح ذكراهم راية تلتف منظماتهم خلفها. وهذا هو رأي الرافضين لاعدام هؤلاء القتلة الارهابيين وخاصة المغسولي الدماغ.

وفق منظمة العفو الدولية قد يُحكم على أشخاص متهمين ب “الإرهاب” بالإعدام بعد اجراء محاكمات جائرة بحقّهم…ويتم ادانة الكثيرين منهم على اساس اعترافات انتزعت منهم تحت وطأة التعذيب.

في بعض الحالات، صدر عن محاكم خاصة أو عسكرية حكماً بالإعدام بحق مدنيين، استناداً الى قوانين مكافحة الإرهاب، الأمر الذي يشكّل تقويضاً للمعايير الدولية.

يرى كثيرون وفي مقدمهم منظمة العفو الدولية ان عقوبة الاعدام وسيلة رخيصة يستخدمها أشخاص ذوو دوافع سياسية للتظاهر أمام ناخبيهم الخائفين بأن ثمة ما يتم القيام به لمكافحة الجريمة.

أليس إعدام شخص أفضل من سجنه للأبد؟

في كل يوم ينتظر رجال، ونساء، بل وأطفال، محكوم عليهم بالإعدام تنفيذ الحكم فيهم. وأياً كانت جريمتهم، وسواء أكانوا مذنبين أم أبرياء، فقد استحوذ على حياتهم نظام للعدالة يعلي قيمة العقاب على قيمة إعادة التأهيل. وما دام أي سجين على قيد الحياة، فبوسعه أن يأمل في إعادة التأهيل أو في أن يُبَرَّأَ إذا تبين في وقت لاحق انه بريء.

هل ثمة وسيلة إنسانية وغير مؤلمة لإعدام أي شخص؟

جميع وسائل الإعدام غير إنسانية. وكثيراً ما تُوصف الحقنة السامة انها “اكثر وسائل الاعدام انسانية”

على نحو ما لأنها تبدو، في الظاهر على الأقل، أقل بشاعة وهمجية من الوسائل الأخرى للإعدام مثل ضرب الأعناق، والصعق الكهربي، والغاز السام، والشنق.

لكن ينبغي أن يُنظَر إلى البحث عن وسيلة  “إنسانية” لقتل الناس على حقيقته

– وهي أنه محاولة لجعل الإعدام أكثر استساغة للجمهور الذي يُنَفَّذ باسمه ” باسم الشعب”، ولجعل الحكومات التي تنفذ الإعدام نفسها تبدو أقل تشبهاً بالقتلة.

منظمة العدل الدولية وهي اليوم التي تحمل لواء المعارضة لعقوبة الاعدام كما سيتضح في الفقرات التالية ولكن؟؟؟

السؤال ما شأن منظمة العفو الدولية إذا كانت مجتمعات مختلفة تريد استخدام عقوبة الإعدام لظروفها واوضاعها الداخلية كحالة الدول التي تتعرض لموجة عاتية من الارهاب؟

حقوق الإنسان  – ومن بينها الحق في الحياة، وهو أهم الحقوق الأساسية– عالمية ومقرة من الأغلبية الساحقة من بلدان العالم. ودعوتنا إلى وضع حد لعقوبة الإعدام تتفق مع الرحمة، والعطف، والصفح، وهي أمور تشدد عليها كل الديانات الكبرى في العالم. وقد ألغت 140 دولة، حتى الآن، عقوبة الإعدام في القانون أو في الممارسة العملية، الأمر الذي يبين أن الرغبة في وضع نهاية لعقوبة الإعدام تشترك فيها ثقافات ومجتمعات في كل منطقة تقريباً من مناطق العالم.

لماذا تعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام؟

تعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات بلا استثناء وبغض النظر عن طبيعة الجريمة أوخصائص المجرم أو الأسلوب الذي تستخدمه الدولة لقتل السجين. فعقوبة الإعدام هي إنكار مطلق ونهائي لحقوق الإنسان. إنها عبارة عن قتل إنسان مع سبق الإصرار وبدم بارد من قبل الدولة باسم العدالة. وهي تشكل انتهاكاً للحق في الحياة كما هو منصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إنها منتهى العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهنية.

فكما لا يمكن أن يكون هناك تبرير للتعذيب أو المعاملة القاسية،فإن الإعدام، شأنه شأن التعذيب، يشكل اعتداء جسدياً وعقلياً بالغاً على الشخص. ولا يمكن قياس الآلام الجسدية التي يسببها قتل إنسان، كما لا يمكن قياس المعاناة النفسية الناجمة عن المعرفة المسبقة بالموت على أيدي الدولة.

وتنطوي عقوبة الإعدام على تمييز، وغالباً ما تُستخدم بشكل غير متناسب ضد الفقراء وأفراد الأقليات والجماعات العنصرية والعرقية والدينية. كما يتم فرض هذه العقوبة وتنفيذها بشكل تعسفي كما اسلفنا.

إن محاولات الدولة انتقاء”أسوأ الأسوأ”من الجرائم والمجرمين من بين آلاف جرائم القتل التي تُرتكب في كل عام، تؤدي لا محالة إلى الوقوع في أخطاء وحالات عدم اتساق وعيوب لا يمكن تجنبها، فضلاً عن أنها تتفاقم بفعل التمييز وإساءة استخدام إجراءات الإدعاء العام وعدم كفاية التمثيل القانوني. وطالما ظلت العدالة البشرية غير معصومة من الخطأ، فإنه لا سبيل إلى القضاء على مخاطر إعدام الأبرياء. وتواصل منظمة العفو الدولية المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام في العالم بأسره بلا قيد أو شرط.

إن وضع حد لعقوبة الإعدام يعني الاعتراف بأنها تمثل سياسة عامة هدامة ومثيرة للانقسامات، ولا تتفق مع القيم التي يؤمن بها الناس على نطاق واسع، وهي ليست عرضة للوقوع في أخطاء لا رجعة عنها فحسب، وإنما تعتبر مكلفة على المال العام، إلى جانب الكلفة الاجتماعية والنفسية، ولم يثبت أنها تشكل رادعاً خاصاً للجريمة، كما أنها تقضي على إمكانية التأهيل والمصالحة. وهي تشجع على إيجاد الردود المبسَّطة على المشكلات الإنسانية المعقدة، بدلاً من البحث عن تفسيرات من شأنها أن تساهم في إثراء الاستراتيجيات الإيجابية. وتؤدي إلى إطالة أمد معاناة عائلة ضحية الجريمة، وإلى امتداد هذه المعاناة لتطال أحباء السجين المدان. كما تؤدي إلى تحويل وُجهة الموارد والطاقات التي يمكن استخدامها على نحو أفضل في العمل ضد الجرائم العنيفة ومساعدة المتضررين منها. إنها تمثل أحد أعراض ثقافة العنف، وليست حلاً لها، وتشكل إهانة للكرامة الإنسانية وينبغي إلغاءها.

ألا تُظهر منظمة العفو الدولية عدم احترامها لضحايا هذه الجريمة العنيفة وأقربائهم بمعارضتها لعقوبة الإعدام؟

في مفهومهالا تسعى منظمة العفو الدولية، بأي شكل من الأشكال، إلى التقليل من شأن الجرائم التي حُكم على مرتكبيها بالإعدام بسببها، أو التغاضي عنها. ولو كان الأمر كذلك، لكانت أغلبية البلدان مدافعة عن الجريمة العنيفة، وهو افتراض في غير محله. وكمنظمة تعنى بالأخلاق والكرامة الانسانية تشعر بقلق عميق إزاء ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، انها لا تحاول التقليل من معاناة عائلات ضحايا جرائم القتل، التي تكنُّ لهم أعمق مشاعر التعاطف، بيد أن الطبيعة النهائية والقاسية المتأصلة في عقوبة الاعدام تجعلها غير متوافقة مع معايير العصر الحديث والسلوك الحضاري. إنها رد غير سليم وغير مقبول على الجرائم العنيفة.

سؤال يطرحه المعارضون للاعدام وفي مقدمهم منظمة العفو الدولية، وهو هل تستخدم الحكومات عقوبة الإعدام لقمع الأصوات المعارضة وهو فيه اتهام مبطن للدولة باستغلال عقوبة الاعدام للقضاء على معارضيها؟

الجواب: لقد كانت عقوبة الإعدام، ومازالت في العرف السائد، تُستخدم كأداة للقمع السياسي وكوسيلة لإسكات المعارضين السياسيين مرة وإلى الأبد، أو للقضاء على الأشخاص “مثيري المشاكل” من السياسيين. وفي معظم هذه الحالات يُحكم على الضحايا بالإعدام إثر محاكمات جائرة.

إن طبيعة عقوبة الإعدام كعقوبة لا رجعة عنها هي التي تُغري باستخدامها كأداة قمع. فقد أُعدم آلاف الأشخاص في ظل حكومة ما كما في كمبوديا بحكومة الخمير الحمر التي اعدمت الملايين خلال بضع سنوات من حكمها ومن مختلف الأعمار وبعض دول اميركا الجنوبية او في رواندا…، أو جنوب افريقيا… واعتُبروا ضحايا أبرياء بعد أن وصلت حكومة جديدة إلى سدة الحكم. وطالما ظلت عقوبة الإعدام مقبولة كشكل مشروع من أشكال العقاب، فإن احتمال إساءة استخدامها سياسياً سيظل قائماً، وإن إلغاء العقوبة وحده هو الذي يحول دون إساءة استخدامها سياسياً إلى الأبد.

ماذا يقول القانون الدولي بشأن استخدام عقوبة الإعدام؟

إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول 1948رداً على مدى الوحشية الذي وصلت إليه الدول والأهوال التي شهدتها البشرية إبان الحرب العالمية الثانية – “يقر بحق كل شخص في الحياة” (المادة 3).

وينص صراحةً على أنه “لا يُعرض أي شخص للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.

(المادة 5).

من وجهة نظر منظمة العفو الدولية

فإن عقوبة الإعدام تشكل انتهاكاً لهذه الحقوق، وتوفر المعاهدات الدولية والإقليمية التي تنص على إلغاء عقوبة الإعدام مزيداً من الدعم لهدف إلغاء العقوبة.

البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1989، ينص على الإلغاء التام لعقوبة الإعدام، ولكنه يسمح للدول الأطراف بالإبقاء على العقوبة في أوقات الحرب إذا سجلت تحفظاً بهذا الشأن في وقت المصادقة على البروتوكول أو الانضمام إليه.

الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية

البروتوكول رقم 6 [الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان] المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، والذي اعتمده مجلس أوربة في العام 1982، ينص على إلغاء عقوبة الإعدام في أوقات السلم، ويجيز للدول الأطراف تطبيق عقوبة الإعدام على الجرائم التي ترتكب “في أوقات الحرب أو خطر الحرب الوشيك.”

البروتوكول الملحق باتفاقية الدول الأمريكية لحقوق الإنسان المتعلقة بعقوبة الإعدام، الذي اعتمدته الجمعية العامة لمنظمة الدول الأمريكية في العام 1990، ينص على الإلغاء التام لعقوبة الإعدام، ولكنه يسمح للدول الأطراف بتطبيق العقوبة في أوقات الحرب إذا سجلت تحفظاً بهذا الشأن عند مصادقتها على البروتوكول أو انضمامها إليه.

الاتفاقية الاوربية لحماية حقوق الانسان والحريات الأساسية/ البروتوكول رقم 1

(الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، الذي اعتمده مجلس أوربة في العام 2002، ينص على إلغاء عقوبة الإعدام في جميع الظروف، بما فيها أوقات الحرب أو خطر الحرب الوشيك. ويمكن لأية دولة طرف في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أن تصبح دولة طرفاً في البروتوكول.

ملاحظة

يمكن الاطلاع على قائمة محدَّثة بالدول التي صادقت على المعاهدات الخاصة بعقوبة الإعدام والمذكورة آنفاً، في صفحة عقوبة الإعدام على موقع منظمة العفو الدولية على الانترنيت.

وبموجب القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن عقوبة الإعدام مستثناة من العقوبات التي تسمح صلاحيات المحكمة بفرضها، حتى لو كان لديها ولاية قضائية على الجرائم الخطيرة للغاية، من قبيل الجرائم ضد الإنسانية، ومنها جرائم الإبادة الجماعية، وانتهاكات قوانين النـزاعات المسلحة.

وعند إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا في العامين 1993و 1994على التوالي، عمد مجلس الأمن الدولي إلى استثناء عقوبة الإعدام كعقوبة على هذه الجرائم. كما استُثني فرض عقوبة الإعدام على مثل هذه الجرائم من قبل المحكمة الخاصة بسيراليون، واللجان الخاصة في ديلي بتيمور الشرقية، والتشريع الذي أُنشأت بموجبه الغرف الاستثنائية في محاكم كمبوديا.

ولكن بالتأكيد ثمة أوقاتاً ليس للدولة فيها من خيار آخر سوى اعدام مخلين بالأمن العام واستقرار الوطن وسورية مثلاً واقعيا؟

يمكن استخدام مبدأ الدفاع عن النفس في بعض الحالات لتبرير عقوبة الاعدام، كما هي الحال عندما تكون البلاد في اوضاع استثنائية كما في اوضاع ماسمي الربيع العربي في سورية وسواها صحيح انها بدأت باحتجاجات ذات طابع سلمي الا ان المندسين ووسائل الاعلام العالمية والمؤامرة الصهيونية والخارجية والاخونجية حرفت الحراك فتعرضت سورية شعباً وجيشاً لهجمة غير مسبوقة من 86 دولة ناهيك عن حوالي نصف مليون ارهابي معظمهم وفد اليها من الخارج بايديولوجيات ارهابية وتكفيرية وسلفية… حالة حرب على سورية طيلة ثمان سنوات اضافة الى احتلالات اميركية في الشمال والشرق وتركية في الشمال والغرب وصهيونية في الجنوب …كما هو معروف ومئات مليارات الدولارات التي صرفت لتدمير الجيش والقوى الامنية والبنى التحتية والمصانع والاقتصاد الوطني ومئات المواطنين الابرياء تم اختطافهم لأجل الفديات وبعد استيفائها تمت تصفيتهم، وسرقة المعامل وخاصة الى تركيا وتدمير كل شيء من مدن صناعية وسكك حديدية وطائرات وقتل طائفي على الهوية وتصفية العلماء والقادة… والاغتصاب على الهوية وبيع النساء والاطفال في اسواق النخاسة… واعمال ارهابية في المدن والمواقع العسكرية…الخ…وابادة بمجازر جماعية للجيش والموظفين المدنيين وتدمير الكنائس والاديرة وذبح وخطف الكهنة والمشايخ وخطف المطارنة…كل هذه الاعمال ارهابية قضت على مليون ضحية بريئة فما الحال مع داعش وتنظيم القاعدة و…الخ من 1200 فصيل تكفيري من كل انحاء العالم امتهنوا قطع الرؤوس ونحر الاعناق…

من واجب الدولة السورية بعد كل هذا الدم والدمار والتهجير بعد بسط نفوذها على ارضها ان يقوم القضاء الاستثنائي والعادي المختص ان تطبق اقسى العقوبات على هؤلاء القتلة والفاسدين…والخونة وتأسيس مجالس تدير عمليات القتل من الخارج وتقبض من الدول المشغلة…

أو عندما يضطر الموظفون المكلفون بتنفيذ القوانين للتصرف الفوري لإنقاذ حياتهم أو حياة الآخرين. وحتى في مثل هذه الحالات، فإن استخدام القوة المميتة مقيد بضمانات قانونية مقبولة دولياً بهدف منع إساءة استخدامها. ويهدف استخدام القوة إلى مواجهة الخطر الداهم الناجم عن استخدام القوة من قبل الآخرين.

المجتمع الدولي وعقوبة الاعدام

– تعتقد حكومات عدة أن بإمكانها حل المشكلات الاجتماعية أو السياسية الملحة عن طريق إعدام بضعة سجناء أو حتى مئات السجناء. وهناك الكثير من المواطنين في العديد من البلدان ممن لا يعلمون بأن عقوبة الإعدام لا تمنح المجتمع مزيداً من الحماية، وإنما تجعله أكثر وحشية.

وقد عجزت الدراسات العلمية بصورة متسقة عن إيجاد دليل مقنع على أن عقوبة الإعدام تردع الجريمة أكثر من غيرها من العقوبات. وقد خلصت أحدث دراسة مسحية بشأن العلاقة بين عقوبة الإعدام ومعدلات جرائم القتل، أجرتها الأمم المتحدة في العام 1988وتم تحديثها في العامين 1996و 2002، إلى أن: “… البحث فشل في توفير دليل علمي على أن تأثير الإعدام كان أشد ردعاً من تأثير السجن المؤبد. ومن غير المرجح أن يظهر مثل هذا الدليل في المستقبل، بل إن الأدلة ككل ما زالت لا توفر تأييداً لفرضية الردع…”

كما أن الأرقام الحديثة المتعلقة بالجريمة والتي تعطيها الدول التي ألغت عقوبة الإعدام لا تُظهر أن لإلغاء العقوبة آثاراً ضارة. ففي كندا، مثلاً، انخفض معدل جرائم القتل لكل 100,000من السكان من3.09في العام 1975، وهو العام الذي سبق إلغاء عقوبة الإعدام على جرائم القتل، إلى 2.41في العام f0 1980، واستمر المعدل في الانخفاض منذ ذلك الحين. ففي العام 2003، أي بعد مرور 27عاماً على إلغاء العقوبة، بلغ معدل عمليات القتل 1.73لكل 100,000من السكان، أي أقل مما كان عليه في العام 1975بنسبة %44، وهو أدنى معدل على الإطلاق على مدى ثلاثة عقود. ومع أن المعدل ارتفع إلى2.0في العام 2005، فإنه ظل أدنى مما كان عليه بنسبة تزيد على الثلث عندما أُلغيت عقوبة الإعدام.

من الخطأ افتراض أن الأشخاص الذين يقترفون جرائم خطيرة كالقتل، يفعلون ذلك بعد احتساب العواقب بصورة منطقية. إن جرائم القتل غالباً ما تُرتكب في لحظات جيشان العواطف وسيطرتها على العقل، أو تحت تأثير المخدرات أو المشروبات الكحولية. كما أن بعض الأشخاص الذين يرتكبون جرائم عنف هم غير متوازنين أو مرضى عقلياً. وقد وجدت منظمة العفو الدولية أن واحداً على الأقل من كل 10سجناء أُعدموا في الولايات المتحدة منذ العام 1977، قد عانوا من اضطرابات عقلية خطيرة تجعلهم غير قادرين عقلياً على استيعاب حكم الإعدام أو أسبابه أو تداعياته. ولا يتوقع أن يشكل الخوف من عقوبة الإعدام رادعاً للجريمة في أي من هذه الحالات. وعلاوة على ذلك فإن الأشخاص الذين يقترفون جرائم خطيرة مع سبق الإصرار ربما يقررون المضي قدماً في جرائمهم على الرغم من المخاطر، اعتقاداً منهم بأنهم لن يُقبض عليهم. إن مفتاح الردع في مثل هذه الحالات يتمثل في زيادة إمكانات التحري والاعتقال والإدانة.

إن عدم وجود دليل واضح يُظهر أن لعقوبة الإعدام تأثيراً رادعاً فريداً، إنما يشير إلى عبثية وخطر الاعتماد على فرضية الردع كأساس لوضع سياسة عامة بشأن عقوبة الإعدام. إن عقوبة الإعدام عقوبة قاسية، ولكنها ليست قاسية على الجريمة.

أليس من الضروري إعدام سجناء معينين من أجل منعهم من تكرار جرائمهم؟

رد المجتمعات المؤيدة

إن استخدام عقوبة الإعدام كأسلوب لمنع السجناء من تكرار جرائمهم يعتبر أداة مكلومة. فهذه العقوبة، بطبيعتها، لا ُتنفَّذ إلا بحق سجين يقبع خلف القضبان أصلاً، وهو بالتالي مقتَلع من صفوف المجتمع. وما دام هذا السجين غير قادر على ارتكاب أفعال عنف ضد المجتمع، فإن عقوبة الإعدام غير ضرورية كأسلوب لحماية المجتمع

وخلافاً لعقوبة الحبس، فإن عقوبة الإعدام تنطوي على مخاطر الوقوع في أخطاء قضائية لا يمكن تصحيحها. وستظل هناك مخاطر دائمة من احتمال إعدام بعض السجناء الأبرياء. وفي هذه الحالة، فإن عقوبة الإعدام لن تردعهم عن تكرار جريمة لم يرتكبوها أصلاً.

كما أن من المستحيل معرفة ما إذا كان الأشخاص الذين يُعدمون سيكررون فعلاً الجرائم التي أُدينوا بسببها أم لا. إن الإعدام يعني إزهاق أرواح سجناء لمنع وقوع جرائم افتراضية في المستقبل، ربما لن يُرتكب العديد منها أبداً. كما أن هذه العقوبة تنفي مبدأ تأهيل المجرمين.

وثمة من يجادل بأن عقوبة السجن وحدها لم تردع الأشخاص الذين سُجنوا عن ارتكاب جرائم مرة أخرى بعد إطلاق سراحهم. والرد على ذلك هو مراجعة إجراءات الإفراج المشروط، بهدف منع العودة إلى الجريمة، وليس زيادة عدد عمليات الإعدام.

لا بد أن الشخص الذي يقترف جريمة بشعة أو يقتل شخصاً آخر يستحق الموت، أليس كذلك؟

عند منظمة العدل الدولية لا يجوز استخدام الإعدام لشجب القتل، فمثل هذا الفعل الذي تقوم به الدولة إنما يمثل مرآة لاستعداد المجرم لاستخدام العنف الجسدي ضد ضحيته. وبالإضافة إلى ذلك، فإن جميع أنظمة العدالة الجنائية عرضة لممارسة التمييز والوقوع في الخطأ. وليس هناك من نظام قادر على أن يقرر، بشكل عادل ومتسق وبلا أخطاء، مَن هو الشخص الذي ينبغي أن يعيش ومَن هو الذي ينبغي أن يموت. إذ أن المصالح الخاصة، والقرارات التي تقوم على الاجتهاد، والرأي العام السائد قد تؤثر على الإجراءات، من بداية الاعتقال حتى قرار اللحظة الأخيرة بشأن طلب الرأفة

إن الأمر الأساسي في حقوق الإنسان هو كونها ثابتة وغير قابلة للانتقاص – أي أنها ملك لكل شخص بالتساوي وبغض النظر عن وضعه أو عرقه أو دينه أو أصله. ولا يجوز تجريد أحد منها بغض النظر عن الجرائم التي ارتكبها الشخص. فحقوق الإنسان تنطبق على أسوأنا مثلما تنطبق على أفضلنا. ولهذا هي موجودة لحمايتنا جميعاً؛ إنها تنقذنا من أنفسنا.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التجربة تُظهر أنه حيثما تُستخدم عقوبة الإعدام، فإنه سيقتُل بعض الأشخاص، في الوقت الذي قد يفلت آخرون ممن ارتكبوا جرائم مشابهة أو حتى أسوأ. والسجناء الذين يُعدمون ليسوا بالضرورة هم الذين ارتكبوا أسوأ الجرائم فحسب، وإنما أيضاً أولئك الذين كانوا فقراء جداً بحيث لم يستطيعوا توكيل محامين مهرة ليدافعوا عنهم، أو أولئك الذين واجهوا مدعين عامين أو قضاة أشد قسوة.

أليست هناك حاجة لاستخدام عقوبة الإعدام لوقف الأعمال الإرهابية والعنف السياسي؟

أشار موظفون رسميون مسؤولون عن مكافحة الإرهاب والجرائم السياسية، مراراً وتكراراً، إلى أن الإعدام يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات ارتكاب مثل هذه الأفعال، بالقدر نفسه الذي يمكن أن يؤدي إلى وقفها. فعمليات الإعدام يمكن أن تخلق شهداء تصبح ذكراهم محور جذب لتعبئة منظماتهم. وبالنسبة للرجال والنساء المستعدين للتضحية بأرواحهم من أجل عقائدهم – من قبيل الانتحاريين – فإن من غير المرجح أن يؤدي الإعدام إلى ردعهم، بل ربما يشكل حافزاً لهم

كما استخدمت جماعات المعارضة المسلحة تطبيق الدول لعقوبة الإعدام كمبرر للانتقام، مما يؤدي إلى استمرار دورة العنف.

ألا يعتبر زج السجين خلف القضبان لفترات طويلة أو مدى الحياة وخاصة الاشغال الشاقة المؤبدة أشد قسوة من إعدامه؟

ما دام السجين حياً، فإنه يظل يحدوه الأمل في تأهيله أو تبرئة ساحته إذا تبين لاحقاً أنه بريء. لكن الإعدام يلغي إمكانية التعويض عن الخطأ القضائي أو تأهيل المجرم.

إن عقوبة الإعدام تمثل شكلاً فريداً من أشكال العقوبة تترتب عليها ظروف غير متوفرة في عقوبة الحبس، من قبيل قسوة الإعدام نفسه، وقسوة اضطرار الشخص إلى الانتظار في قائمة المحكوم عليهم بالإعدام – وغالباً ما يستغرق ذلك عدة سنوات – يقضيها السجين فيتأمل إعدامه المرتقب.

منظمة العفو الدولية

ترحب بتعددية الخطابات المتعلقة بحقوق الإنسان والتي تستند إلى الثقافات والأديان المختلفة، وتعتقد أن الرؤى المختلفة تسهم فهم حقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، تؤمن المنظمة بأن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ويعتمد بعضها على بعض. ومع أنها ربما تكون قد تطورت في سياق غربي، فإنها ليست غربية من حيث مضمونها، وإنما هي مستمدة من تقاليد مختلفة وعديدة، وتعترف بها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة كمعايير وافقت على التقيد بها.

وينبغي الإشارة إلى أن الدول المتعددة التي أقلعت عن استخدام عقوبة الإعدام تنتمي إلى مناطق وثقافات مختلفة. ولذا لا يمكن الادعاء بأن الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام جاءت من جزء واحد من المجتمع العالمي.

هل تعني معارضة منظمة العفو الدولية لعقوبة الإعدام أنها تنتقد، ضمنياً، الأديان الرئيسة في العالم التي تُجيز استخدام هذه العقوبة؟

إن الأديان العالمية الرئيسة تؤكد في تعاليمها على مبادئ الرحمة والعطف والغفران. وإن دعوة منظمة العفو الدولية إلى وقف عمليات الإعدام تتسق مع هذه التعاليم. ونشير إلى أن جميع المذاهب الدينية الرئيسة موجودة في الدول التي ما زالت تستخدم عقوبة الإعدام في شتى مناطق العالم. وبالمثل، فإن الدول التي ألغت عقوبة الإعدام، سواء في القانون أو في الممارسة، موجودة في شتى أنحاء العالم وعابرة للحدود الدينية. إن عقوبة الإعدام ليست محصورة في دين معين، ومن هنا فإن من الخطأ تفسير حملة منظمة العفو الدولية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام على أنها تمثل هجوماً على دين معين. فمنظمة العفو الدولية متعددة الأعراق والثقافات، وهي منظمة غير سياسية يقوم عملها على الحقوق الإنسانية الدولية. كما أن عضويتها العالمية تأتي من العالم أجمع وتنتمي إلى أديان عديدة.

كيف يمكن للدول أن تلغي عقوبة الإعدام في الوقت الذي تؤيدها أغلبية الرأي العام؟

إن أسباب ما يبدو أنه دعم شعبي قوي لعقوبة الإعدام قد تكون معقدة ولا تستند إلى أساس من الحقائق. فلو تم تبصير الجمهور تماماً بحقيقة عقوبة الإعدام وكيفية تطبيقها، لأصبح العديد من الناس أكثر استعداداً لقبول إلغائها.

أما استطلاعات الرأي التي غالباً ما يبدو أنها تُظهر تأييداً ساحقاً لعقوبة الإعدام، فإنها تميل إلى تبسيط تعقيدات الرأي العام، وإلى أي مدى يستند هذا الرأي العام إلى فهم دقيق لأوضاع الجريمة في البلد المعني وأسبابها والوسائل المتاحة لمكافحتها.

وغالباً ما يقوم التأييد الشعبي لعقوبة الإعدام على الاعتقاد الخاطئ بأنها تشكل إجراء فعالاً ضد الجريمة. إن ما تريده الأغلبية الساحقة من الجمهور العام هو اتخاذ تدابير فعالة حقاً لتقليص الإجرام. فإذا دعا السياسيون إلى استخدام عقوبة الإعدام كإجراء لمكافحة الجريمة، فإن الجمهور سيطالب بذلك أيضا، اعتقاداً منه بأن هذا الإجراء سيحل المشكلة. إن مسؤولية التصدي للجريمة بشكل فعال ومن دون اللجوء إلى انتهاك حقوق الإنسان من خلال عقوبة الإعدام، إنما تقع على عاتق الحكومات.

أما الرأي العام المتبصر فيتشكل عبر التربية والقيادة الأخلاقية. إذ ينبغي أن تقود الحكومات الرأي العام في مسائل حقوق الإنسان والسياسة الجنائية. وينبغي أن تتخذ الحكومة والمشرعون القرار المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام. ويمكن اتخاذ مثل هذا القرار حتى لو كانت أغلبية الجمهور مؤيدة للعقوبة، وهو ما حصل تاريخياً في هذا الصدد. وعند إلغاء عقوبة الإعدام، لا يحدث عادةً احتجاج شعبي كبير على ذلك، وتظل العقوبةملغاة دائماً تقريباً.

ولا يمكن تبرير إقدام حكومة ما على تعذيب سجين سيئ الصيت أو اضطهاد أقلية عرقية غير محبوبة شعبياً، لا لشيئ إلا لأن أغلبية الجمهور تطالب بذلك. فقد كانالرق ذات يوم مشروعاً ومقبولاً على نطاق واسع. وجاء إلغاؤه عبر جهود بذلها على مدى سنوات طويلة أولئك المعارضون لها على أسس أخلاقية.

 السؤال قبل الأخير

هل الحقنة المميتة هي الطريقة الأقل إيلاماً والأكثر إنسانية لقتل الشخص؟

لقد ظهرت مشاكل في استخدام الحقنة المميتة. ففي أول عملية إعدام بالحقنة المميتة في غواتيمالا في 10فبراير/شباط 1998، بدت العصبية على المكلفين بتنفيذ الحقنة المميتة ضد مانويل مارتينيز كورونادو (ذُكر أن سبب ذلك، جزئياً، كان العويل الأليم لزوجة السجين وأطفاله. وقد كان المنفذون عصبيين لدرجة أن عملية ربط الأنبوب الموصل للسم استغرقت وقتاً طويلاً. ثم أدى انقطاع التيار الكهربائي أثناء عملية الإعدام إلى وقف تدفق السم. واستغرقت وفاة السجين مدة18دقيقة. وقد بُثت صور المحنة بأكملها مباشرة على التلفزيون الحكومي. وفي الولايات المتحدة، تعثَّر عدد من عمليات الإعدام بالحقنة المميتة، حيث ظهرت مشاكل بسبب سوء حالة أوردة السجين الناجم عن تعاطيه المخدرات عن طريق الأوردة.

أما أنخيل نيفيس دياز، وهو مواطن من بويرتو ريكو، حُكم عليه بالإعدام بسبب ارتكابه جريمة قتل في العام 1979، فقد استغرقت وفاته بالحقنة المميتة 34دقيقة، في 13كانون الأول 2006. وقد تطلب الأمر جرعة ثانية قبل أن يعطي طبيب كان يرتدي قناعاً على وجهه لإخفاء هويته إشارة إلى أن أنخيل دياز قد فارق الحياة.

وقد مضت عملية الإعدام قدماً على الرغم من أن أحد الشهود الرئيسيين للادعاء العام قد تراجع عن شهادته في المحكمة ضد أنخيل دياز، الذي ظل يعلن براءته حتى النهاية. وقبل ساعة واحدة من وقوع الإعدام رفضت المحكمة العليا الاستئناف النهائي الذي كان أنخيل دياز قد قدمه بخصوص هذه القضية، بالإضافة إلى الطعن في دستورية إجراءات الحقنة المميتة في فلوريدا.

في 15كانون الأول 2006، أمر حاكم فلوريدا، جيب بوش، بوقف عمليات الإعدام، وعيَّن لجنة لتقييم ما إذا كان الإعدام بالحقنة المميتة يشكل انتهاكاً لحظر العقوبة القاسية وغير العادية في ولاية فلوريدا. ولن يتم توقيع أي موافقات على الإعدام إلا بعد أن تقدم اللجنة تقريراً بشأن النتائج التي ستتوصل إليها في آذار 2007. وهناك ولايات أخرى تعكف على فحص البروتوكولات الخاصة بالحقنة المميتة، مما يعزز الرأي الذي يقول إن هذا الأسلوب “الإنساني” لتطبيق عقوبة الإعدام لا يقل قسوة وتعذيباً عن أي أسلوب آخر.

لقد أدخلت الولايات المتحدة أسلوب الإعدام بالحقنة المميتة قبل نحو 30عاماً، وطبقته أول مرة في العام 1982. ومنذ ذلك الوقت، قُتل نحو 900سجين بهذا الأسلوب في الولايات المتحدة، وحلَّ محل الأساليب البديلة – الكرسي الكهربائي، الشنق، الإعدام بالغاز،إطلاق النار. وبعد 20عاماً من إدخال هذا الأسلوب في قانون الولايات المتحدة، تم تبنيه من قبل كل من الصين وغواتيمالا والفلبين (مع أن الفلبين ألغت عقوبة الإعدام في العام 2006)، وتايوان وتايلند.

إن أسلوب الحقنة المميتة يتجنب العديد من الآثار المقززة لأشكال الإعدام الأخرى، من قبيل التشويه الجسدي والنـزف الناجم عن قطع الرأس، ورائحة اللحم المحترق في الإعدام بالصعق الكهربائي، والمناظر و/أو الأصوات المزعجة في أسلوبي الغاز المميت والشنق، ومشكلة التغوط والتبول اللاإراديين. ولهذه الأسباب، يمكن أن يكون هذا الأسلوب أقل إيلاماً بالنسبة للأشخاص المشاركين في تنفيذ الإعدام. بيد أن الحقنة المميتة تزيد من مخاطر تورط المهنيين الطبيين في عمليات القتل لصالح الدولة، وهو ما يشكل انتهاكاً للمبادئ العتيدة لآداب مهنة الطب.

إن كل شكل من أشكال الإعدام هو لاإنساني. وجميع الأساليب المعروفة يمكن أن تكون مؤلمة، ولها خصائصها المقززة. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن نتذكر أن عقوبة الإعدام لا تتعلقبالدقائق التي يجري خلالها إحضار السجين من الزنزانة ثم قتلهفحسب، بل إن السجين يعيش مع شبح عقوبة الإعدام الذي يظل يخيِّم عليه ابتداء من اللحظة التي يُعلن فيها حكم الإعدام بحقه وحتى لحظة غياب الوعي والوفاة.

إن البحث عن طريقة “إنسانية” لقتل الأشخاص يجب أن يُنظر إليه كما هو على حقيقته – أي على أنه بحث عن إمكانية جعل عمليات الإعدام مستساغةبالنسبةلأولئك الذين ينفذون عملية القتل، وللحكومات التي ترغب في الظهور بالمظهر الإنساني، وللجمهور الذي يتم تنفيذ عملية القتل باسمه.

وأخيراً ما هي العلامات التي تشير إلى تحقيق الانتصار في معركة إلغاء عقوبة الإعدام؟

في منقلب القرن الماضي، لم تلغِ عقوبة الإعدام على جميع الجرائم وبشكل دائم سوى ثلاثة بلدان. أما اليوم، وفي مطلع القرن الحادي والعشرين، فإن ثلثي بلدان العالم ألغت العقوبة في القانون والممارسة. ففي العقد المنصرم وحده بلغ معدل عدد البلدان التي ألغت عقوبة الإعدام في القانون، أو التي ألغتها على الجرائم العادية، ومضت نحو إلغائها على جميع الجرائم، أكثر من ثلاثة في كل عام. وعلاوة على ذلك، فإن العقوبة نادراً ما يُعاد العمل بها بعد إلغائها.

وهناك علامات أخرى، هي:

ظهور أوربة كمنطقة خالية من عقوبة الإعدام، ومن ثم بروز دورها في الدعوة إلى إلغاء العقوبة في سائر أنحاء العالم.

قارة أفريقيا أصبحت قارة خالية من الإعدام إلى حد كبير، حيث عُرف أن ستة بلدان فقط، من أصل 53بلداً، نفذت عمليات إعدام من قبل الدول في العام 2006

الولايات المتحدة الأمريكية تتحول ببطء ضد عقوبة الإعدام. فقد أُوقفت عدة حالات إعدام في عدد من الدول خلال العام 2006بسبب الطعون القانونية وبواعث القلق المتعلقة بإجراءات الحقنة المميتة. وثمة تأييد شعبي قوي لتعليق تنفيذ عقوبة الإعدام في ولاية نورث كارولينا، حيث وقَّعت نحو 40حكومة محلية وما يربو على 40,000 شخص عريضة تطالب بتعليق تنفيذ عقوبة الإعدام. وفي نيويورك، وجدت أعلى محكمة في الولاية في عام 2004أن القانون الأساسي الخاص بعقوبة الإعدام في الولاية غير دستوري. وبحلول مطلع العام 2007، لم يكن قد تم استبدال ذلك القانون. وفي نيوجيرسي 2006، اتخذ المجلس التشريعي قراراً بتعليق تنفيذ عقوبة الإعدام، وأنشأ لجنة لدراسة جميع جوانب عقوبة الإعدام في تلك الولاية. وفي تقريرها النهائي الذي صدر في كانون الثاني 2007أوصت اللجنة بإلغاء عقوبة الإعدام

– ارتفاع مستوى الاتصال والتعاون بين المنظمات الداعية إلى إلغاء العقوبة، كما ظهر في عقد المؤتمرات العالمية الثلاثة لمناهضة عقوبة الإعدام، وإنشاء الائتلاف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، وتشكيل ائتلافات وطنية في عدة بلدان، ومنها شبكة التحرك الخاصة بمناهضة عقوبة الإعدام في آسيا.

– انتشار المعايير الدولية (بما في ذلك اعتماد معاهدات ملزمة خاصة بإلغاء عقوبة الإعدام، والمصادقة عليها من قبل عدد متزايد من الدول)، واتخاذ إجراءات من قبل آليات الأمم المتحدة، وصدور قرارات وتوصيات من جانب المحاكم الدولية وهيئات مراقبة المعاهدات.

– يعكس هذا الاتجاه الوعي المتنامي بأن ثمة عقوبات بديلة لعقوبة الإعدام، وهي عقوبات فعالة ولا تنطوي على قتل إنسان مع سبق الإصرار والترصد وبدم بارد من قبل الدولة باسم العدالة.

رأينا الشخصي

نكرر ما اوردناه في المقدمة بأن ما اوردناه من مواقف معارضة لعقوبة الاعدام من دول ومنظمات دولية وخاصة منظمة العفو الدولية لايعني بالضرورة اننا نتبنى هذا السعي فلكل مجتمع خصوصيته ولكل دولة مشرعها الذي يستنبط مايحتاجه المجتمع…وردع الرافضين لأمنه وسلامه كما في واقع سورية والكل يعرف حتى المعادين لها حجم مؤامرتهم عليها وصمودها وماقدمته من تضحيات ودماء بريئة طالت اكثر من مليون من ابنائها…ودمرت اقتصادها الذي كان يُراهن ان يجعلها خلال ثلاث سنوات من بدء ذبحها في مصاف دول البريكس… اليوم نوابغها من فعاليات علمية وحرفية ومهنية يشكلون ثلث شعبها في المهاجر يعملون في الدول التي شنت الحرب على سورية بعد ان أهلتهم سورية وجعلت منهم النوابغ…

انا مع الابقاء على عقوبة الاعدام بحق الخونة ومدمري الوطن وقاتلي جيشه وشعبه البريء…

د. جوزيف زيتون

دكتور في الحقوق الدولية العامة

ملاحظة هامة

نرجو ممن يريد الاقتباس اوالنسخ او اللصق ذكر المصدر والموقع للخدمة العامة…

ترقبوا قريباً القسم الثاني

(وهو “اضواء على عقوبة الأعدام وفق المنظور المسيحي”)ً

 

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

  • Beta

Beta feature

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *