عقوبة الاعدام…القسم الثاني…أضواء على عقوبة الاعدام من وجهة نظر مسيحية

عقوبة الاعدام…القسم الثاني…أضواء على عقوبة الاعدام من وجهة نظر مسيحية

عقوبة الاعدام…القسم الثاني…أضواء على عقوبة الاعدام من وجهة نظر مسيحية

عقوبة الاعدام…

القسم الثاني…

أضواء على عقوبة الاعدام من وجهة نظر مسيحية

توطئة

يتطلب هذا الموضوع التأمل في لاهوت الكنيسة بعيداً عن الرؤى الطائفية، سيما والكل مجمع على المشيئة الالهية في خلق الانسان وتجميله بكمالاته…

“على صورة الله ومثاله”.

ودور الانسان في المحافظة على خلقة الله فيه، وفق “قصة الخلق الالهية” في الكتاب المقدس/ التكوين/، وما اراده الله من خلقه لهذه الخليقة الجميلة وهي الانسان آدم، والذي زوده بشريك لحياته هي حواء استلها ضلعاً من اضلاعه، ووضعها معه لتكون رفيقة دربه وشريكة حياته في الفردوس الالهي.

ترى المسيحية أن الله نفخ في الانسان نسمة حياة فخلقه”على صورته”، “…على صورة الله خلقه ذكراً وانثى خلقهم: وقال لهم انموا واكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها…”( تكوين 1 :27-29).

وبذلك فالمسيحي مدعوٌ لأن يمارس فضيلة المحافظة على صورة الرب الخالق فيه الكاملة في جوهره وفي جوهر قريبه، في أن يحافظ على حياته وحياة قريبه وأن يثمن ذلك.

القريب

القريب في النظرة المسيحية، هو الانسان، أي إنسان …الانسان بالمطلق، بغض النظر عن دينه ومعتقده، وجنسه، ولونه أو جنسيته وقوميته…

الانسان من وجهة نظر مسيحية، هو الحامل لصورة الله ومثاله، فالعلاقة بين الانسان والله ( اي العلاقة العمودية) لاتكتمل الا بعلاقة الانسان بالانسان (العلاقة الأفقية)…

الانسان المسيحي هو الحامل في كينونته سمات الرب يسوع، الذي اتى عالمنا الخاطىء بجسدنا بكل انسجته ودمائه وحواسه ومشاعره ( ماخلا الخطيئة).

وبالتالي ليس من خلاص في المسيحية الا بتلاقي الأفقي والعمودي معاً فيشكلان صليباً يُجَّسد المسيحي عليه رسالته في الأرض وهي:

” خدمة البشرية المتالمة والمعذبة التائقة الى استمطار النعمة الالهية”.

الاعدام قتل باسم العدالة؟؟؟

حياة الانسان هبة من لدن الله والاعدام- وان تفنن الجلادون بطرقه – هو جريمة قتل ألبسوها قناع القانون والعدالة تحت شعارات ابتكرها المشرعون لتبرير جريمتهم مثل: تحقيق العدالة، حماية القانون، حفظ الأمن، توطيد الاستقرار…

هنا يكمن التناقض : بين القتل…وتحت اسم العدالة..!!

هل تُقَّوَمْ الجريمة بجريمة؟؟؟

هذا الموضوع بحاجة الى موقف حاسم جريء. فالقتل مهما تعددت أسبابه وأنواعه هو خطيئة تنهي حياة القريب التي اكتسبها كهبة إلهية وليست بشرية، منذ لحظة تكوينه كجنين في جوف أمه.

وبذلك تعتبر المسيحية حق العيش والتمتع بالحياة هو حق الهي ليس لأي كائن بشري الحق في الحد من نمائه او التقليل من أهميته.

تعريف الاعدام في المسيحية

هو جريمة قتل متعمد مع سبق الاصرار والترصد، وهو جريمة موجهة قبل كل شيء ضد الحضور الالهي في الانسان.

الكتاب المقدس يرى ان القتل خطيئة فادحة موجهة ضد الله الساكن في القريب المقتول والمعدوم، ويعتبرها خطيئة صارخة الى السماء:” فقال ماذا صنعت؟ إن صوت دماء أخيك صارخ إلي من الارض” ( تكوين 4/10) في قتل قايين لشقيقه هابيل…

لعن الله قايين لأنه قتل أخاه وكل من يقتل مثله، يكون ملعوناً سبعة أضعاف (تكوين 15:4).

ان احدى وصايا الله العشر وهي الشريعة الاساس قضت بزجر”لاتقتل” لأن من قتل يستوجب الدينونة (متى5/21).

اذن القتل – ويدرج به الإعدام أيضاً – هو خطيئة قاتلة لنفس القاتل لأنها تلاشي الجوهر الذي سكب الله فيه صورته ومثاله، والقاتل ( القاضي، الجلاد، القانون، والمشرع…) يعيق العمل الالهي ويحد من نمائه وتطوره وأساساً العدل الإلهي، ويسلب القريب حقاً لم يحصل عليه من أي انسان آخر، بل كان الله قد أنعم عليه به، الا وهو حق الحياة والعيش، وبالتالي فالاعدام يغلق باب الرحمة بالتوبة للقريب الماثل أمام الله سائلاً انسكاب الرحمة الالهية عليه.

الاعدام بالتالي هو ملاشاة لوصية الله الاساسية وهي المحبة، ومحو لحق الانسان في بناء العائلة والمجتمع كما ارادها الله ” انموا واكثروا واملأوا الارض…”، وامِّا دينونة منفَّذِه فهي نار جهنم…

بعض من قوانين الكنيسة المتعلقة بعقوبة الاعدام

في المقام الاساس يجب ان نتذكر ان الرب يسوع نفسه قد أمر بالنهي عن عقوبة الاعدام، بالرغم من ان شريعة موسى كانت ترى اعدام الزانية رجماً بالحجارة حتى الموت.

“فأتاه الكتبة الفريسيون بامرأة أُخذت في زنى فأقاموها في وسط الحلقة وقالوا له يامعلم إن هذه المرأة أُخذت في الزنى المشهود، وفد أوصانا موسى في الشريعة برجم أمثالها، فأنت ماذا تقول؟.

فلمَّ الحوا عليه في السؤال انتصب، وقال لهم “من كان منكم بلا خطيئة فليبدأ ويرمها بحجر…”

“وأما اولئك فلمَّ سمعوا طفقوا يخرجون واحداً فواحداً… وبقي يسوع وحده والمرأة قائمة في الوسط، فانتصب يسوع وقال لها يا امرأة أين الذين يشكونك أما حكم عليك أحدٌ.؟ قالت لا يارب فقال لها يسوع: ولا أن احكم عليك اذهبي ولا تعودي تخطئين.”

(يوحنا8/3-11).

مجمع انكيرا ( انقرة في العام 314 مسيحية اي في سنة براءة ميلان)

لقد نص القانون 23 لمجمع انقره المنعقد في العام 314مسيحية في عهد الأمبراطور قسطنطين الكبير وليكينيوس: ” وأما الذين يقتلون غير متعمدين فقد صار حكم سابق بأنهم يُقبلون في الشركة التامة بعد قضاء سبع سنوات في التوبة حسب الدرجات المذكورة ىنفاً، على اننا نجعل في هذا القانون مدة العقاب خمس سنوات”.

وقد نص القانون 21 للمجمع ذاته على “عقوبة قاتل الجنين بقضاء عشر سنوات في التوبة.”

” وقد حُدِّدَ في قانون سابق أن تُقطع اللواتي يجهضن الأطفال أو يصنعن العقاقير للاجهاض من الشَّركة (شركة الكنيسة) حتى الموت، وقد وافق البعض على هذا، ومع ذلك فنحن نرغب في أن يُعاملَ ببعض الشفقة، ولذلك قد حددنا بأن يقضين عشر سنوات في التوبة حسب الدرجات المذكورة”.

وأما القانون 22 للمجمع ذاته فقد حدَّد عقوبة القاتل بتعمُّدٍ بالقطع من الشركة

حتى آخر حياته” ليبق القاتلون عمداً مع الراكعين ولا يسمح لهم في الشركة التامة إلا في آخر حياتهم.”

ويعتبر القديس باسيليوس الكبير (329-379مسيحية) قي رسالته القانونية حول القتلة، أن ” من يقتل آخر فهو مجرم سفاك” (القانون 8)، ويحدد مدة عقاب القتلة عن غير تعمد بعشر سنوات، وأما مدة عقاب القتلة عن تعمد فعشرين سنة:” إن من يقتل عمداً ثم يندم، يفرض عليه القصاص بالقطع من الشركة عشرين سنة. اربع سنوات يوح فيها على خطيبته خارج باب الكنيسة متوسلاً الى المؤمنين وهم داخلون الى الكنيسة أن يصلوا من أجله، وخمس سنوات يكون فيها مع السامعين ويخرج معهم (1)، وسبع سنوات مع الراكعين ويخرج معهم، واربع سنوات يقف فيها مع المؤمنين دون أن يُسمح له بالشركة حتى نهاية العشرين سنة، فيتقدم إذ ذاك إلى تناول القرابين المقدسة” ( القانون 56).

وأما ” الذي قتل كرها قيكون محروماً من شركة المقدسات مدة عشر سنوات، فيكون سنتان مع الباكين، وثلاث سنوات يقف فيها مع السامعين، واربع سنوات يكون راكعاً، وسنةً واحدةً فقط يقف فيها مع المؤمنين. وبعد ذلك يُقبل في شركة المقدسات” ( القانون 58).

بعض النصوص التى تجرم القاتل وتحرم القتل ومنها الاعدام فى الانجيل
1- فى انجيل (متى 5 : 21 : 26) وتعاليم المسيح فى الموعظة على الجبل التى هي دستور المسيحية…”

21 – “قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل، ومن قتل يكون مستوجب الحكم…”

22 – “وأما أنا فأقول لكم ان كل من يغضب على أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم”.

“ومن قال لاخيه رقا يكون مستوجب المجمع، ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم”.

23 – 24 “فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب اولا اصطلح مع اخيك. وحينئذ تعال وقدم قربانك.”

25- “كن مراضيا لخصمك سريعاً ما دمت معه في الطريق، لئلا يسلمك الخصم الى القاضي، ويسلمك القاضي الى الشرطي فتلقى في السجن. الحق اقول لك لا تخرج من هناك حتى توفي الفلس الاخير”.

المسيح اتى بشريعة وعهد المحبة وحرم القتل مطلقا فى كلامه

الذى سردته ولن اشرح فيه لانه موضح نفسه فكلمات المسيح ما أروعها للقلب .

ان المسيح هذا الذى صلبوه حرم القتل مطلقاً وبل خرج الى ما هو أكبر من هذا وقال ان كل من يغضب على أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم…

أى شرع اتى بهذا، واى حب أتى به المسيح حتى انه فى كماله خرج عن نص القتل، وقال لبني البشر “لايغضب احد على احد، ومن يغضب على اخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم، ومن قال لاخيه يا احمق يستوجب نار جهنم…”

هذه هى عظمة الرب يسوع المسيح الهنا

فما بال من يقتل ليس له حياة أبدية أي الى جهنم أي انه ليس مني ولايعرفني فهو ليس مسيحياً على الاطلاق.

لان المسيحى هو من يؤمن بكلام المسيح وينفذ وصاياه.

فقال يسوع لا تقتل.لا تزن.لا تسرق.لا تشهد بالزور. (مت 19: 18) هذه هى المسيحية بنصوصها التى يقول جهلة القوم انها تحرض على القتل كما تطالعنا مواقع تافهة بكتَّابها… تلتهي بالقشور ولاتفهم مضمون الانجيل…!!!

2 – لماذا تنهى المسيحية عن القتل؟

– كل من يبغض اخاه فهو قاتل نفس، وانتم تعلمون ان كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابتة فيه. ( يو1 3:15) فالمسيح له المجد اتى برسالة عجيبة وفريدة وغريبة عن نوعها، لذا لم يصدقه العالم هو اتى ليموت على اداة العار وهي الصليب كما قيل: “ملعون كل من علق على خشبة”

يسوع له المجد اخذ هذه اللعنة ليرفعنا نحن من مجد إلى مجد، أتى ليرثي لضعفاتنا ويحررنا من عبودية إبليس، ونصيرمجدداً عبيداً لله الخالق. لذا فهو قد نهى عن القتل لانه اتى بحب الى العالم فاتحا ذراعيه فى الصليب مصالحا العالم مع ابيه السماوي… يسوع القائل “كل من يقبل الي لا اخرجه خارجا…”

هذا هو المسيح له كل المجد… فالمسيحية التي تتشرف باسمه، تنهي عن القتل ومثالها الاعدام لان كل قاتل ليس له حياة أبدية ثابتة أي لايرث ملكوت الله، ويسوع الذى قال “من يبغض اخاه فهو قاتل نفس…” فهو يحاسب على القلوب وما بها وليس على الافعال فهو تخطى الافعال المادية لانها ترجمة القلب والفكر الى العقل فهو بعلمه المطلق أدان مجرد التفكير فى الخطأ فهل يعقل ان المسيح الذى يقول هذا يتكلم عن القتل…؟!

3 – ما هو موقف المسيحية من القتل؟

– قال المسيح لبطرس حينما استل سيفه في بستان الزيتون مدافعاً عنه، وقطع اذن عبد رئيس الكهنة (مت 26: 52) فقال له يسوع:” يابطرس رد سيفك الى غمده، لان كل الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون.” واخذ اذن العبد ملخس هذا ووضعها في مكانها وبرأت فى الحال…

يسوع له المجد هو الهنا الطبيب الذي شفى الناس واقام الموتى وجبر بخواطر امهاتهم وهو الاله الحنون الذي لايقتل ولا يأمر بالقتل وليست عنده آيات للقتل ولا نسخ آيات للقتل كما يدعي المبغضون التافهون والتكفيريون الذين لايفقهون شيئاً من المحبة التي في الكتاب المقدس (وخاصة في هذه الآونة)، فيسوع اتى بشريعة الحب فاتحاً ذراعيه مصالحاً العالم كله بدمه على صليب آثامنا .

“فلما راى الذين حوله ما يكون قالوا يا رب أنضرب بالسيف…؟ وفعلاً وبتدبير وتصرف فردي قام واحد منهم هو بطرس وقد اخذته الغيرة فضرب اذن عبد رئيس الكهنة فقطعها.

فأجاب يسوع وقال: “دعوا اليَّ هذا.” ولمس اذنه وأبرأها…

هذا هو الرب يسوع فى محبته العجيبة للعالم، لقد أبرأ اذن عبد رئيس الكهنة وقال لبطرس:” رد سيفك الى غمده، من يأخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ.

“ولما استيقظ حارس السجن ورأى أبواب السجن مفتوحة استل سيفه وكان مزمعاً ان يقتل نفسه ظاناً ان المسجونين قد هربوا. لكن بولس صاح عليه ومنعه…” (أع:16:27) لان قتل النفس فى المسيحة خطيئة كبيرة جداً فهي موجهة ضد الله الخالق القدوس.

فالمسيحية نادت بأبسط التعاليم وأثقلها على الخاطىْ فهى التى أدانت القتل وتجرأت ونادت ب”ان من ينظر الى اخيه باطلا يستوجب حكم المجمع…”

هذه هى المسيحية المتهمة الان، وفي كل آن، من البشرالخاطئين الكارهين لمحبتها، بأنها ديانة عنفية تحرض على القتل…

كمسيحي مؤمن لايعوزنى ان أبرهن على ان مسيحيتي هي ذاتها المحبة وهي مستمدة من ابن الله الخالق المحب الذي بذل نفسه على الصليب حباً بنا وهي تدين القتل”ان كل قاتل ليس له حياة ابدية ثابتة في المسيحية” وتحتاج الى كفارة وتوبة كما مر معنا في قانون مجمع انكيرا 314مسيحية، وما هي الا دليل كبير على ان المسيحية حرمت نهائياً قتل النفس ومثاله الحكم بالاعدام لا بحق ولابدون حق كما يدعى البعض.

4 – ماهو مصير القاتل ومثاله الاعدام برموزه( المشرع والقانون والقاضي والجلاد…؟

– حسد، قتل، سكر، بطر،عهر… وأمثال هذه في حكم الاعدام “إن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله( غل 5: 21 ) (رؤ 13: 10) ان كان احد يجمع سبيا فالى السبي يذهب. وان كان احد يَقتل بالسيف فينبغي ان يُقتل بالسيف.هنا صبر القديسين وإيمانهم (رؤ 18: 24) وفيها وجد دم أنبياء وقديسين وجميع من قتل على الارض.

موقف الكنائس من عقوبة الاعدام

الكنائس كلها تقف موقف شبه موحد من عقوبة الاعدام وخاصة منها

1-الكنيسة الارثوذكسية بعائلاتها (القسطنطينية والاسكندرية والانطاكية والاورشليمية واليونانية) مع بطريركيات الكنائس الروسية والصربية والسلافية والجورجية …(كما اوردنا اعلاه) ترفض الاعدام جملة وتفصيلاً، ومنذ براءة ميلان314 (وفيها انتصار للمسيحية بفضل قسطنطين الكبير) حيث تعتقد أن القتل أمر خاطئ في كل الظروف… وتعتمد مؤتمر انكيرا وتتبنى من نشأتها بالفطرة قضية حقوق الانسان وحقه في العيش وبكرامة.

2- كذلك تبعتها عائلة الكنيسة الشرقية ( القبطية والسريانية والارمنية والآشورية…) وموقفها متوائم مع موقف الكنيسة الارثوذكسية اعلاه.
3- الكنيسة الكاثوليكية،
وموقفها كالكنيسة الارثوذكسية، وقد اصدر البابا بنديكتوس السادس عشرفي حزيران 2004 مذكرة الى اساقفة الولايات المتحدةالتالي نصها:

“لا تتمتع جميع القضايا الأخلاقية المرتبطة بالقتل بالأهمية نفسها التي تتمتع بها قضيتا الاجهاض والقتل الرحيم، قد يكون هناك تباين في مشروع الرأي حول شن الحروب وتطبيق عقوبة الاعدام .

ولكن ذلك غير صحيح فيما يتعلق بقضية الإجهاض والقتل.

كانت الكنيسة في ما مضى، تقبل بعقوبة الاعدام إتباعاً لدراسات القديس توما الأكويني الذي اعتبر “عقوبة الإعدام إجراءً رادعاً ، ولكن لايمكن استغلاله كوسيلة للثأر والانتقام…”

“…وفي انجيل الحياة ترى الكنيسة ان عقوبة الاعدام يجب تجنب تطبيقها مالم تكن الوسيلة الوحيدة لحماية المجتمع من المجرم الصادرة بحقه هذه العقوبة، وأنه بالنظر الى قانون العقوبات المستخدم حالياً فإن وجود موقف كهذا يتطلب الاعدام  ويعد شيئا نادر الحدوث او مستحيلاً.”

كذلك، تتبنى التعاليم الشفهية للكنيسة الكاثوليكية موقفاً مشابها لذلك.

4- وكذلك الكنيسة البروتستانتية ( وتناسخ كنائسها بشكل يتيح تكاثرها بشكل غير مسبوق، وقد سجلت اليوم في الولايات المتحدة وجود اكثر من 700 طائفة تسمي نفسها “بروتستانتية” لكل منها رؤيتها بالنسبة لعقوبة الاعدام) وان كانت في أساس الاصلاح الديني لدى البروتستانت (المحتجون) على يد مارتن لوثر وكالفن تدافع في تعاليمها الى حد ما عن عقوبة الاعدام، وهي طريقة التفكير التقليدية التي تدافع عن تطبيق هذه العقوبة… كما ان اوجسبرج قد دافع بوضوح عن تطبيق هذه العقوبة. ولكن طوائف منهم عارضت إباحة تطبيق عقوبة الاعدام اعتماداً على “الموعظة على الجبل” بمبدأ اللاعنف ” من ضربك على خدك الأيمن الايمن فدر له الأيسر.”

الكنيستان الانكليكانية والاسقفية وهي من الكنائس البروتستانتية لهما موقف واضح من عقوبة الاعدام…

فقد ادان مؤتمر لامبيت لأساقفة هاتين الكنيستين عقوبة الاعدام في عام 1988

“… يحث الكنيسة التحدث علنا ضد … جميع الحكومات التي تمارس عقوبة الإعدام، وتشجيعها على البحث عن طرق بديلة لمحاكمة المخالفين بحيث يتم احترام الكرامة الإلهية لكل إنسان وفي نفس الوقت تطبيق العدالة…”

في الختام

نحن مع قضية بحاجة الى موقف جريء، فقضية حقوق الانسان قضية تكتنفها تعقيدات كبيرة. وبعيداً عن حقوق الانسان والديمقراطية وثنائية الممارسة والانتهاك لحقوق الانسان، وثنائية الانسان السياسي والانسان العادي، مع ملامسة اهم ثنائية في الموضوع “ثنائية التناقض بين الفكر والفعل” أو بين ” النظري والتطبيق”.

فالنظري الذي على الورق شيء، وانما التطبيق فهو شيء آخر. الدول الموقعة على الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان هي أعضاء في هيئة الأمم المتحدة، وهي دول كاملة السيادة ومن حقها أن توقع او لاتوقع هذه الاتفاقيات، (وكذلك المنظمات الدولية كمنظمة العفو الدولية كما بينا موقفها الرافض بقوة لعقوبة الاعدام في القسم الاول من بحثنا هنا) لا أحد يلزمها بذلك، ولكنها اذا وقعت وصادقت فمن المؤكد انها تلتزم. وتكون ملتزمة ببنود الاتفاقية الدولية فتُدخلها في تشريعاتها المحلية وتصبح قانوناً محلياً، وهنا تكمنُ مشكلةُ كل الذين مثلنا المدعوين للاهتمام بحقوق الانسان.

كيف يمكننا أن نقرب النظرية من التطبيق؟ ماذا نعمل لردم الهوة بينهما؟

هذه هي مساحة الكفاح والنضال من أجل تجسيد حقوق الانسان، ان نجعل النظرية التي على الورق تطبق في الواقع العملي، وهذا يستلزم قدراً كبيراً من تجرد الانسان فيعلو فوق مصالحه ونزواته الخاصة، فلا يكبر عقله في هذه الحالة، بل قلبه أي وجدانه، وبالتالي يناضل ويقدم التضحيات في سبيل تقريب النظرية من التطبيق، وهذا النضال يتطلب وضع خطط لمسيرة عملانية، علينا ان نتوقع في مسيرة هذا التطبيق انتكاسات، الا ان بعد كل انتكاسةٍ يأتي فرج، وحركة حقوق الانسان هي ليست استثناءً من منطق التاريخ.

اذن، القتل هو خطيئة قاتلة لنفس القاتل لأنها تلاشي الجوهر الذي سكب الله فيه صورته ومثاله.

حواشي

(1) أي مغادرة الكنيسة حيث لايحق لهم المشاركة في الصلوات مع المؤمنين.

مراجع البحث

– الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد.

– أضواء على عقوبة الاعدام ( المنظور المسيحي) الارشمندريت د. قيس صادق النشرة البطريركية لبطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس دمشق 2004العدد الثالث

– الأقباط متحدون/ القتل في المسيحية

-عقوبة الاعدام- ويكيبيديا الموسوعة الحرة

 

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *