تطلق تسمية قرى الكتلة الكلسية على منطقة الجبال الواقعة شمال غربي سورية والتي تمتد على مساحة واسعة بين الحدود التركية شمالاً ومدينة أفاميا الأثرية بطول حوالي 100كم وعرض يتراوح بين 20-15 كم وتحدها وديان عفرين والعاصي في الغرب وسهل حلب في الشرق.
.
ويعود بناء هذه القرى إلى الفترة ما بين القرنين الأول والسابع للميلاد وقد بلغ عددها 800 موقع وقرية أثرية منها ما هو مسكون حالياً ومنها ما هو غير مسكون ويقع معظمها في محافظتي حلب وإدلب. وتعرف بالمدن المنسية…
.
تقع ثلاثة من التجمعات في السلسلة الشمالية لجبل سمعان في محافظة حلب في حين تقع الخمسة الباقية على سلاسل الكتلة الكلسية الأخرى إلى الجنوب والغرب من جبل سمعان ضمن محافظة إدلب.
نجد داخل هذه المناطق التي يختلف امتدادها ولا تتجاوز مساحتها بضع عشرات من الكيلومترات مواقع رئيسة ومعروفة (سرجلة والقديس سمعان وكنيسة قلب لوزة) ومواقع أقل شهرة لكنها ذات أهمية مماثلة وكذلك مواقع صغرى معزولة وغير مسكونة ومواقع أخرى معاد استخدامها جزئياً من قبل السكن الحديث بالإضافة الى مناطق طبيعية وزراعية.
.
تنتشر التجمعات الثمانية على جميع السلاسل الرئيسة التي تؤلف الكتلة الكلسية وتقدم صورة فريدة لتعقيد الموقع وغناه وتضم في ربوعها القرى التالية:
◘ التجمع الأثري الأول في جبل سمعان – حلب الذي يضم (قرية وقلعة دير سمعان، رفادة، ست الروم، قاطورة، الشيخ بركات).
◘ التجمع الأثري الثاني في جبل سمعان – حلب الذي يضم (باطوطة، سنخار، الشيخ سليمان)
◘ التجمع الأثري الثالث في جبل سمعان – حلب الذي يضم (براد، كفر نبو، برج حيدر، كالوتا، خراب شمس)
◘ التجمع الأثري الرابع في جبل الوسطاني – إدلب يضم (كفر عقارب، فأسوق، خربة بنصرة)
◘ التجمع الأثري الخامس في جبل الزاوية – إدلب يضم (دللوزة، البارة، كفر، وادي مرتحون، خربة ماجليا، خربة بعودا، خربة ربيعة، خربة حاس، بسللا، سرجلة)
قرى الكتلة الكلسية او المدن المنسية
◘ التجمع الأثري السادس في جبل الزاوية – معرة النعمان يضم (رويحة، جرادة)
◘ التجمع الأثري السابع لجبل باريشا – إدلب (بقيرحا، خربة الخطيب، دار قيتا، ديرونة)
◘ التجمع الأثري الثامن لجبل الأعلى – إدلب – منطقة حارم (قلب لوزة، كفير، قربيزة).
.
إن الفلاحين الذين قطنوا الكتلة الكلسية منذ القرن الأول أتوا من السهول المجاورة نتيجة للزيادة النسبية في عدد سكانها وعمدوا إلى استصلاح الكتلة الكلسية للزراعة والى وضع حدود للمقاسم.
.
وقد تراجع الازدهار والإنتاج الاقتصادي بين عامي 250م و330م، بسبب الطاعون الذي انتشر في المنطقة عام 25م كما قد يكون من أسبابه أيضاً الحروب التي دارت خلالها بين الفرس والإمبراطورية الرومانية.
.
عاد التوسع عام 330م بقوة على الصعيدين السكاني والاقتصادي ولم يتوقف إلا خلال الفترة 550-540م، وبشكل نهائي هذه المرة ومن مظاهر هذا التوسع أن تضاعف عدد السكان ثلاث أو أربع مرات.
.
وقد أسبغ الازدهار الاقتصادي طابع الرخاء فالفلاحون الذين ازداد عددهم أصبحوا أكثر ثراء وحققوا فائضاً زراعياً وامتلكوا الإمكانيات اللازمة لبناء مساكن من طراز بيوت الفترة الرومانية وقد بنى الفلاحون كنائس تضاعف عددها خلال القرنين الخامس والسادس وظهرت في كل القرى تقريباً.
قرى الكتلة الكلسية او المدن المنسية
العموديون
يعتبر القديس سمعان أول العموديين وأعظمهم وهو من بين القديسين الذين حصلوا على سمعة كبيرة في منطقة المتوسط وامتدت سمعته هذه إلى الغرب في العالم الروماني وقد تغير كل شيء ابتداء من عام 540م حتى 550م حيث عانت سورية من المجاعة والأوبئة كالطاعون ومن الحروب التي عادت في هذه الفترة بين الرومان والفرس مما تسبب بارتفاع أعداد الوفيات وتناقص مستمر بعدد السكان في الكتلة الكلسية إلى أن أصبحت الكتلة شبه فارغة في القرن العاشر وهو الأمر الذي سمح بالحفاظ على القرى الكلاسيكية والتقسيمات الزراعية المجاورة للموقع والقبور والمساكن والمعابد والكنائس والأديرة التي حافظت غالباً على مواد بنائها الأصلية حتى كورنيش الأسقف
ويعتبر تكامل المشهد والمواقع التي لا ينقصها سوى الأجزاء الخشبية والزخارف التي لم تستطع مقاومة الزمن وكل ذلك أدى لأدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو عام2011م .وفق عدة معايير ومنها:
.
المعيار الأول: أن تظهر تفرد التراث التقليدي الثقافي أو حضارة اندثرت أو مازالت حية. كانت القرى الاثرية في الكتلة الكلسية شديدة الازدهار منذ حوالي 1500 سنة وكانت تتضمن مئات المراكز المأهولة والقرى ومارس سكانها الزراعة فزرعوا القمح والكرمة والزيتون وشاركوا في التبادلات التجارية وقاموا ببيع منتجاتهم في جميع مناطق المتوسط.
.
المعيار الثاني: أن تكون شاهداً لنموذج العمارة أو البناء أو المواقع الطبيعية التي تمثل تاريخ البشرية خلال مرحلة معينة. وقد سمحت دقة نحت الحجارة وغنى الزخارف المعمارية المستلهمين من التقليد الهلنستي للشرق الأدنى والمتميزين بخواصهما الخاصة بنمو طراز معماري أصيل ومجدد.
.
إن القرى الأثرية في شمال سورية تشهد من خلال المباني الكثيرة العامة المحفوظة على التحول التدريجي في المنطقة من المشهد الوثني إلى المشهد المسيحي.
اترك تعليقاً