كوسوفو
كوسوفو أو قُوصَوَةأو (بالتركية: قوصوه)
جمهورية كوسوفو، هي دولة معترف بها جزيئاً تقع في جنوب شرقي اوربه وهي موضوع نزاع إقليمي مع جمهورية صربيا
تبلغ مساحة كوسوفو 10,887 كيلومتر مربع (4,203 ميل2)، وهي دولة غير ساحلية تقع في وسط منطقة البلقان، وتحدها جمهورية مقدونيا الشمالية من الجنوب الشرقي وصربيا من الشمال الشرقي والجبل الأسود من الشمال الغربي والبانيا من الجنوب. تمتلك كوسوفو مناظر طبيعية مُتنوعة من حيث الحجم وتختلف من حيث المناخ والجيولوجيا والهيدرولوجيا. تُغطي كوسوفو العديد من السهول والحقول الشاسعة خصوصا في منطقة ميتوهيا، إضافة إلى سلاسل جبال الألب الألبانية وجبال شار التي تتواجد في الجنوب الغربي والجنوب الشرقي على التوالي.
بعد فشل المقاومة غير العنيفة ضد الحكم الصربي في عام 1990،قام الألبان بتمرد مُسلح عام 1997-1999، مما أجبر منظمة حلف الشمال الأطلسي (الناتو) على شن هجوم على صربيا والجبل الأسود والتي استمرت 78 يومًا لوقف الحرب في كوسوفو. في عام 1999، بناءً على قرار أصدره مجلس الأمن الدولي قامت الأمم المتحدة بإرسال بعثة لإدارة محافظة كوسوفو. بتاريخ 17 شباط 2008، أعلن البرلمان في كوسوفو استقلال «جمهورية كوسوفو». وبناءً على اتفاق بروسال تقوم صربيا بتطبيع علاقاتها مع كوسوفو، لكنها لا تعترف باستقلالها بشكل رسمي.
وتم الاعتراف باستقلال جمهورية كوسوفو من قبل 97 دولة عضو في الامم المتحدة وعضو في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، الاتحاد الدولي للطرق النقل، مجلس التعاون الإقليمي، مجلس مصرف التنمية الأوروبي، البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير. بالإضافة إلى 22 من 27 دولة من دول الاتحاد الاوربي.
التسمية
الاسم كوسوڤو أتى من الكلمة الصربية «قوس» (kos) التي تعني «الطائر الأسود». النطق الصربي هو كوسوڤو أما النطق باللغة الالبانية فهو كوسوڤا أما الاسم العثماني التاريخي فهو قوصوه. أما اللاحقة “ova” (أوه) فتعني: «سهل أو وادي».
والراجح في سبب التسمية هي أن الدولة العثمانية أطلقت على المنطقة اسم قوصوه في عهد السلطان العثماني مراد الثاني ومن ثم مع مرور الزمن تم تحريف الاسم إلى كوسوڤو بحكم اختلاف الألسن بين الشعوب.
التاريخ
كانت كوسوفو جزءا من الدولة العثمانية طيلة خمسة قرون منذ أن فتحها السلطان العثماني مراد الاول عام 1389. وبعد حرب البلقان الأولى عام 1912 تقاسمت مملكتي صربيا والجبل الأسود أراضي كوسوفو. وبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى أصبحت كوسوفو ضمن مملكة يوغو سلافيا. خلال الحرب العالمية الثانية احتلت يوغسلافيا وضُم إقليم كوسوفو إلى البانيا التي كانت تحت الاحتلال الإيطالي.
في عام 1946 ضُم إقليم كوسوفا إلى يوغو سلافيا الاتحادية، وفي عهد الرئيس جوزيف بروز تيتو ووفق دستور 1947 عاشت كوسوفو حكماً ذاتيا ضمن إطار اتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية إلى أواخر السبعينات من القرن العشرين. في عام 1989 ألغى الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش الحكم الذاتي الذي كان يتمتع به ألبان كوسوفا واتهم بأنه استعمل القسوة بحقهم.
نظم أهالي كوسوفو أنفسهم لمواجهة الاضطهاد الذي يتعرضون له بعد إلغاء الحكم الذاتي واتخذ تنظيمهم طابعاً قومياً أكثر منه دينياً وقادهم آن ذاك حزب الاتحاد الديمقراطي الألباني الذي كان يترأسه الأديب والأستاذ الجامعي ابراهيم روغوفا وكان يتخذ من النضال السياسي السلمي منهجاً له.
في تموز 1990 أجرى أهالي كوسوفو استفتاءً عاماً كانت نتيجته معبرة عن رغبة الغالبية العظمى في الانفصال عن صربيا وإقامة جمهورية مستقلة، وفي سبتمبر من العام نفسه نظم الالبان إضرابا واسعاً يشبهالعصيان المدني الالباني.
في الرابع والعشرين من ايار عام 1992 انتخب الألبان ابراهيم روغوفا رئيساً لجمهوريتهم التي أطلقوا عليها اسم جمهورية كوسوفو ولم تعترف بها صربيا.
حاول المذكور المعروف بنهجه السلمي كسب تعاطف المجتمع الدولي ونيل اعترافه بجمهورية كوسوفو لكنه لم ينجح فكون الشباب الألباني خلايا عسكرية سموها جيش تحرير كوسوفو.
كان عام 1998 هو العام الذي لفت أنظار العالم بقوة إلى خطورة الأوضاع في كوسوفو حيث دخل جيش تحرير كوسوفو في صراع مع الجيش الصربي فارتكبت مجازر وحشية ضد المدنيين الصرببمساعدة طيران الحلف الاطلسي والجيش الالباني لتتخذ الحرب طابعا طائفيا ادى الى مجازر وحشية بحق الصرب بعكس ما اشيع تماما كما اظهر الاعلام المضاد لدول المعسكر الشيوعي السابق والارثوذكسي حينذاك مما أجبر المجتمع الدولي على التحرك تأييدا للكوسوفيين المسلمين من دول عربية واسلامية وتطوع عدد كبير من السلفيين من مختلف المناطق وخاصة المدعوين الافغان الذين هم الان من قوام المجتمع الكوسوفي والبوسني ويقومون باسلمة كل شيء كما تشير التقارير الاخبارية منذ انتهاء حرب كوسوفو وفتنة 2004.
في اذار 1999، شن حلف شمال الأطلسي غارات جوية على صربيا ما أرغم ميلوشيفيتش على الانسحاب من كوسوفو. وفقدت بلغراد السيطرة الفعلية على الإقليم الذي وضع تحت حماية الامم المتحدة والحلف الاطلسي الذي ينشر نحو 17 ألف عسكري فيه.
وجرت مفاوضات حول الوضع النهائي لكوسوفو بين الصرب والقوصويين الألبان، قدم في ختامها مارتي اهتيساري الذي كلفته الأمم المتحدة إعداد وضع نهائي للإقليم خطة تقضي باستقلاله تحت إشراف دولي، دعمها الأميركيون ومعظم الأوروبيين. ووضع الصرب في اراضيهم التاريخية في كانتونات مغلقة وحولت معظم كنائسهم واديارهم التاريخية في كوسوفو مساجد او اغلقت.
الدين في كوسوفو
الدين في كوسوفو منفصل عن امور الحكم. الدستور يقدم كوسوفو على أنها دولة علمانية محايدة تجاه القضايا المتعلقة بالدين، وتعتبر جميع المواطنين متساويين أمام القانون، وتسهر على ضمان حرية الاعتقاد وممارسة الأديان للجميع.
الإحصاءات
وفقًا لتقرير الحريات الدينية الدولي لعام 2017 الصادر عن وزارة الخارجية الاميركية، غالبًا ما يرتبط الدين بالعرق. غالبية الألبان مسلمون، في حين أن بعضهم كاثوليك وبروتستانت؛ ينتمي جميع الصرب تقريبًا إلى الكنيسة الصربية الارثوذكسية (إس أوه سي). يقيم معظم أعضاء إس أوه سي في البلديات الست ذات الأغلبية الصربية العرقية في جنوب البلاد أو في أربع بلديات شمالية ذات أغلبية صربية.
تنتمي غالبية السكان المسلمين إلى المدرسة السنية الحنفية، على الرغم من أن عددًا منهم يتبع التقاليد الصوفية أو الشيعية وهم جزء من مدرسة الطريقة أو البكتاشية. يذكر زعماء الطريقة أن البكتاشية هي واحدة من تسع فصائل في مدرسة الطريقة، لكن البكتاشية يعرّفون أنفسهم على أنهم طريقة إسلامية منفصلة. تنتمي غالبية المسلمين الغجر إلى الأخويات الصوفية، وهناك عدد كبير من المسلمين الألبان الممارسين أيضًا. على الرغم من وجود بعض الجيوب في أماكن أخرى.
يُعرف المسلمون الناطقون باللغة السلافية في جنوب كوسوفو باسم شعب غوراني.
تتركز المجتمعات الألبانية الكاثوليكية في الغالب في جياكوفا وبريزرن وكلينا وعدد قليل من القرى بالقرب من بيجا وفيتينا. يطلق الكاثوليك الناطقون باللغة السلافية على أنفسهم عادة اسم جانجيفسي أو الكروات الكوسوفيين.
في عام 2011، قاطع الصرب، الذين يعتبرون جميعهم تقريبًا مسيحيين أرثوذكس صرب، التعداد السكاني الأول بعد استقلال كوسوفو إلى حد كبير. ما جعل السكان الصرب ممثلين تمثيلًا ناقصًا. كما طعنت مجتمعات دينية أخرى، بما في ذلك الطريقة والبروتستانت، في بيانات التعداد. يذكر القادة البروتستانت وأولئك الذين ليس لديهم انتماء ديني أن بعض أعضاء مجتمعاتهم صنفوا بشكل غير صحيح على أنهم مسلمون من قبل جامعي التعداد. وفقًا للوائح التعداد، لم يستفسر جامعو التعداد عما إذا كان المواطنون بروتستانت. تحدد بيانات التعداد لعام 2011 أن 95.6% من السكان مسلمين، و2.2% كاثوليك، و1.4% صرب أرثوذكس. تأتي «البيانات النهائية» التالية من سؤال «ما هو دينك؟» من هذا التعداد: «مفقود» 2495، «الإسلام» 1663412، «الأرثوذكسي» 25837، «الكاثوليكي» 38438، «دين آخر» 1188، «لا دين» 1242، «أفضل عدم الإجابة» 7213.
وفقًا لمسح اجتماعي أوروبي أجري عام 2012، نحو 88% من سكان كوسوفو مسلمون، و5.8% كاثوليك، و2.9% أرثوذكس شرقيون، و2.9% غير متدينين، و0.1% بروتستانت، و0.4% من أتباع ديانة أخرى.
في عام 2010، وفقًا لمركز بيو للأبحاث، كانت نسبة المسلمين في كوسوفو 93.8% و6.1% من المسيحيين (الأرثوذكس بشكل أساسي ولكن أيضًا الكاثوليك وحتى البروتستانت). يبدو أن النسبة المتبقية البالغة 0.1% هي في الغالب من غير المنتمين إلى أي ديانة ولكن أيضًا من الديانات الأخرى، وخاصة اليهودية.
نظرة تاريخية
المسيحية
من المرجح أن المسيحية وصلت إلى كوسوفو في القرن الخامس عندما انقسمت الإمبراطورية الرومانية تدريجيًا إلى شرق يوناني رومي وغرب لاتيني. أصبحت كوسوفو جزءًا من الإمبراطورية الرومية، وبالتالي أصبحت تابعةً للكنيسة الأرثوذكسية ومقرها القسطنطينية. خلال العصور الوسطى العليا، عندما أفسح الحكم الرومي في كوسوفو المجال للإمبراطورية الصربية في أوائل القرن الثالث عشر، كانت هناك أغلبية مسيحية أرثوذكسية، ولكن أيضًا أقلية كاثوليكية تتكون من طبقة التجار الإيطاليين الدلماسيين من راغوزا، والمهاجرين الألمان من المجر وترانسيلفانيا، وربما جميع السكان الألبان الأصليين.
المسيحية في كوسوفو
تًشكل ثاني أكثر الديانات انتشاراً بين السكان بعد الاسلام، ولدى المسيحية في كوسوفو جذور طويلة الأمد تعود إلى الامبراطورية الرومانية، وتضم البلاد على العديد من الأديرة والكنائس التي تٌعد مهد الصربية الارثوذكسية. قبل معركة كوسوفو في عام 1389، تم تنصير كافة منطقة البلقان من قِبل الامبراطورية الرومانية الشرقية. ومن عام 1389 حتى 1912، حُكمت كوسوفو رسميًا من قبل المحتلين العثمانيين والتي قامت بأسلمة المعظم الشعب . خلال الفترة الزمنية بعد الحرب العالمية الثانية، حُكمت كوسوفو من جانب السلطات الاشتراكية العلمانية الممثلة في جمهورية يوغوسلافيا. خلال تلك الفترة، أصبح أهل كوسوفو علمانيين ومسلمين اسمياً على نحو متزايد. اليوم، أكثر من 85% من سكان كوسوفو هم من خلفيات أسريّة مسلمة، ومعظمهم من اصل اباني، وهي إلى جانب البانيا من الدول المسلمة في القارة الأوروبيّة.
وفقاً لدراسة قامت بها مركز بيو للابحاث عام 2010 يعيش في كوسوفو حوالي 240,000 مسيحي، أي حوالي 9.4% من مجمل السكان؛ ومعظم المسيحيين في كوسوفو من أتباع الكنيسة الصربية الارثوذكسية. وفقاً لتعداد السكان عام 2011 والذي قاطعه معظم الصرب في كوسوفو، شكلَّ المسيحيون حوالي 3.7% من السكان أو حوالي 64,275، وبحسب التعداد السكاني شكلّت الطائفة الكاثوليكية كبرى الطوائف المسيحية مع حوالي 38,438 نسمة. بسبب مقاطعة تعداد سكان كوسوفو عام 2011 إلى حد كبير من قبل صرب كوسوفو المسيحيين الارثوذكس وخاصةً في شمال كوسوفو فإنَّ تعداد السكان لا يعكس أعداد السكان الصرب الأرثوذكس في كوسوفو. وعلى الرغم من الاعتراف بالبروتستانت كمجموعة دينية في كوسوفو من قِبل الحكومة، لم يُمثّلوا في التعداد السكاني.
العصور الوسطى
كانت البلاد جزء من المطرانيَّة الرومية الارثوذكسية القديمة في أولبيانا المعروفة أيضًا باسم إيوستينيانا سيكوندا والتي تقع بالقرب من بلدة ليبليان الحديثة وقد تم العثور على بقايا كنيسة الأسقفية التي يرجع تاريخها من النصف الأول من القرن 6م . في البداية، كانت كرسي أسقفية أولبيانا واقع تحت السلطة الروحيَّة لأبرشية تسالونيكي، وفي عام 535م تم نقل الكرسي إلى جوستينيانا بريما. ومع انهيار الحكم الرومي في تلك المنطقة في بداية القرن 7م، تجددت حياة الكنيسة في وقت لاحق بعد تنصير الصرب.
أطلق على أسقفية راس الاسم تيمنًا باسم القلعة الصربية القديمة الواقعة بالقرب من بلدة يوفي بازار. وسطع نجم أسقفية راس في وقت ما خلال القرن 9م، في ذلك الوقت الذي تميز فيه العمل التبشيري للأخوين القديسين كيرلس ومتوديوس في مورافيا في عام 863أو عام 864م. كانوا يستخدمون العاميَّة ليس فقط في التعليم ولكن أيضًا في القداس الالهي. مما مكنهم من تعزيز العنصر المحلي من رجال الدين. وفي عام 863م بدأا عملهما بين السلاف مستعملين اللغة السلافية في الصلاة والليتورجيا، وقاما بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة التي عرفت لاحقًا باسم اللغة السلافية الكنسية القديمة، وقاموا بابتكار الأبجدية السلافية المبنية أساسًا على طابع الحرف اليوناني والتي لا تزال تستعمل بشكلها (كتابة كيريلية) السيريلي النهائي في الأبجدية المعاصرة في اللغة الروسية وفي مجموعة من اللغات السلافية الأخرى. ويعود تأسيس المسيحية كدين للدولة في الأراضي الصربيَّة إلى عهد الأمير موتمير (851م-891م) والإمبراطور الرومي باسيليوس الاول (867م-886م)؛ ويشهد بورفيريجينيتوس أن الكروات والصرب أرسلوا مندوبين لبلاط باسيلوس الأول يطلبون التعميد. وتم تعميد أحد أبناء موتيمير كما تبنى ستيفان موتميروفيتش وغيرهم من أفراد الأسرة الصربية الحاكمة أسماء مسيحية مثل الأمراء بيتار غوجنيكوفيتش وبالإلي برانوفيتش وزهاريجا بريبيسلافجيفيتش.
تأسست أسقفيَّة راس خلال الأحداث الكنسيَّة الكبرى مع مجمع القسطنطينية الرابع في عامي 869-870م، ومجمع القسطنطينية الرابع الارثوذكسي في عامي 869م-870م . وقد تم اتخاذ قرارين بشأن تقسيم الأسقفية في ذلك الوقت. أولاً من خلال قرار بطريركية القسطنطينية لإنشاء أسقفية مستقلة لبلغاريا بعد اعتناق البلغار للمسيحية، وثانيًا قرار عام870م والذي أكد على ارثوذكسية الكنيسة البلغارية. وبحلول عام 878م تأسست كراسي الأسقفية في مدينتي بلغراد المجاورة المجاورة وبرانيسيفو بالفعل. وأتاحت العلاقات الوثيقة بين صربيا والامبراطورية الرومية إقامة الكنيسة الصربية الارثوذكسية ومركزها الرئيسي فيالقسطنطينية، مع تمييز هام واحد وهو اعتماد الصرب اللغة السلافونية الكنسية القديمة بدلاً من اليونانية. وضمت أسقفية راس مدينة بريزرين ويبليان في حدودها الكنسيَّة.
اتخذ الأمير الصربي راستكو نيمانجيتش والذي عرف لاحقًا باسم سافا، ابن ستيفان نيمانجا، نذور الرهبانية في جبل آثوس المقدس في عام 1192م .بعد ثلاث سنوات، انضم له والده، وأتخذ نذور الرهبانية ودعي بسميون. طلب كل الأب والابن من الجماعة الرهبانية أن يتم تأسيس مركز ديني صربي في موقع هايلاندار المهجور، والذي تم تجديده، وهو ما مثل بداية النهضة في الفنون والأدب والدين. توفي والد سافا في هيلاندار في 1199م.
في عام 1219م تم الاعتراف به كأول رئيس أساقفة صربي من قبل بطريركية القسطنطينية ، خلال عصور الامبراطورية الصربية والتي أنشات في عام 1346م على يد ستيفان دوسان تحولت الكنيسة الصربية من مطرانية إلى بطريركية وروج لها، وأنهى بناء دير فيسوكي ديتشاني، وأسس دير سانت أركانجلز، من بين أعمال أخرى. ففي حكمه وصلت صربيا لقمة ازدهارها التوسعي، والاقتصادي، والسياسي، والثقافي. وتعد وفاته في عام 1355م نهاية مقاومة تقدم الدولة العثمانية، والسقوط اللاحق للكنيسة الأرثوذكسية في المنطقة. وتمثل أديرة وكنائس آثار القرون الوسطى في كوسوفو التي تعود لحقبة الامبراطورية الصربية، انصهار العمارة الرومية الأرثوذكسية والعمارة الرومانيسكية الغربية لتشكّل نمطًا خاصًا في عصر النهضة.
الحقبة العثمانية
في 15 حزيران 1389م حصلت معركة قوصرة بين جيش العثمانيين وجيوش الصليبيين المكونة من الجيش الصربي والألباني بقيادة ملك الصرب اورك الخامس. حدثت المعركة في مكان يسمى قوصره. انزعج ملوك اوربه من توسعات الدولة العثمانية والتي كانت قد توغلت في القارة الأوربية حتى تاخمت حدود دولة الصرب والبلغار والبانيا وأحاطت بالقسطنطينية من كل اتجاه، فأرسلوا إلى البابا يستنجدونه فقام بدعوة ملوك اوربة لحروب صليبية جديدة. في تلك الأثناء قام ملك الصرب بمهاجمة ادرنة وكان السلطان مراد غائبا عنها، فلما علم بأمر الهجوم عاد وحارب الصرب وهزمهم. وظلت أهوال تلك المعركة ماثلة في وجدان الصرب حتى نهاية القرن 20م حيث رمزت المعركة في وجدان الصرب إلى استشهاد الأمة الصربية في الدفاع عن شرفهم وشرف العالم المسيحي ضد الاتراك. جوهر الأسطورة هو أنه خلال المعركة، خسر الصرب، برئاسة القيصر لازار، لأنهم ضحوا بمملكة ترابي من أجل الحصول على ملكوت الله.
خلال القرن 16 أثر حدثان كبيران بشكل مأساوي على الكنيسة الصربية الارثوذكسية في المنطقة. في زمن الحرب النمساوية التركية من عام 1683م حتى عام 1699م كانت العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في المقاطعات الأوروبية الواقعة تحت سيطرة الدولة العثمانية متطرفة. ونتيجة للإضطهاد التركي وتدمير الكنائس والأديرة والعنف ضد السكان المدنيين غير المسلمين، وقف المسيحيون الصرب وقادة الكنائس بقيادة البطريرك الصربي أرسينيجي الثالث مع النمساويين في عام 1689م ومرة أخرى في عام1737م تحت رعاية البطريرك الصربي أرسينيجي الرابع. وفي الحملات العقابية التالية شنت القوات التركية حملات منهجيَّة ضد السكان المسيحيين في المناطق الصربية، ولا سيما في ميتوهيا وكوسوفو وراسكا، مما أدى إلى هجرات كبيرة للصرب. وكان من بين الآثار المترتبة على الدمار السكاني المسيحي الصربي في منطقتي كوسوفو وميتوهيا أثناء الحرب النمساوية التركية إعادة تنظيم الأبرشيات الصربية المحلية. وقد اندمجت أبرشية ليبليان القديمة مع أبرشية بريزرين وظلت متحدة حتى يومنا هذا. وفي عام 1766م وضعت البطريركية الصربية لبيخا وجميع أبرشياتها في الأراضي الخاضعة للحكم العثماني تحت سلطة بطريركية القسطنطينية.
الكاثوليك المتأسلمون
خلال الفترة العثمانية تحول عدد من الكاثوليك الألبان الكوسوفيين إلى الاسلام خاصًة في النصف الثاني من القرن 16م إلى نهاية القرن 18م، وعلى الرغم من ذلك واصل العديد منهم في الحفاظ على الطقوس الكاثوليكية بشكل سرّي، وقد دعيوا في كوسوفو باسم « لارامان» وهو ما يعني باللغة الألبانية متنوع الصفات. في عام 1845م عرَّفت أعداد كبيرة من المتحولين إلى الإسلام أنفسهم ككاثوليك، وذلك لتجنب التجنيد. وقد اعتنق العديد من المسيحيين الألبان الإسلام في عهد الدولة العثمانية تفاديًا لضغوط مختلفة بما فيها الضرائب الكثيرة التي كانت تفرض على المسيحيين ولتفادي الاضطهادات وللاستفادة من عدة امتيازات اجتماعية، وقد تم تحويل عدد من الأديرة والكنائس إلى مساجد. كان أبناء المجتمع ممزقين بين هذه الازدواجية الدينية حيث يذهبون إلى المساجد نهارًا وإلى الكنيسة ليلاً. وكان ذلك نمط حياة للبقاء، إذ لم يستطيعوا ممارسة دينهم علنًا لكنهم اصروا على الحفاظ عليه في منازلهم. وقد خصصوا طابقًا من منزلهم «إلى الطقوس والاحتفالات المسيحية» بينما خصصوا طابقًا آخر للعادات الإسلامية. وكانت الأسرار تُكتم عن الأطفال خوفاً من ان يبوحوا بها عرضًا، وكان كل شيء يظل داخل النواة العائلية الضيقة.
على الرغم من فرض الحكم الإسلامي على البلاد، استمرت أعداد كبيرة من المسيحيين في العيش وأحياناً في الازدهار تحت حكم العثمانيين. وبدأت عملية الأسلمة بعد فترة وجيزة من بداية الحكم العثماني، إلا أنها استغرقت وقتاً طويلاً، على الأقل قرنا من الزمان، وتركزت في البداية على المدن. وربما كان جزء كبير من أسباب التحويل اقتصادياً واجتماعياً، حيث أنه كان للمسلمين حقوق وامتيازات أكثر بكثير من السكان المسيحيين. ومع ذلك استمرت الحياة الدينية المسيحية في كوسوفو، في حين بقيت الكنائس تعمل وتمارس الطقوس الدينية إلى حد كبير من قبل العثمانيين، لكن عانت كل من الكنائس الصربية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية ورعاياهم من فرض الضرائب الكثيرة والمُرهقة.
اضطهاد الصرب الارثوذكس
في عام 1878 وقع اضطهاد مخيف على الصرب المسحيين في كوسوفو العثمانية، نتيجة للحرب العثمانية الصربية (1876-1878)، حيث قام اللاجئون الألبان القادمون إلى كوسوفو والذين طردهم الجيش الصربي من سنجق نيش في هجمات انتقامية وعدائية للسكان الصرب المحليين. وشاركت القوات الألبانية العثمانية أيضًا في الهجمات، بناءً على طلب السلطان العثماني عبد الحميد الثاني. وفي عام 1901 تعرض المسيحيون الصرب لسلسلة من المذابح المتعددة في ولاية كوسوفو التابعة لسلطة الدولة العثمانية (والتي شكلت كل من صربيا الحديثة وكوسوفو ومقدونيا الشمالية)، ونفذها الألبان. وتعرض الصرب لسوء المعاملة واتُهموا بأنهم عملاء صربيون. تلا ذلك حالة من الهرب، حيث هرب الصرب في المقام الأول من المناطق الحدودية إلى صربيا واستخدم الألبان الذين شاركوا في الحرب اليونانية التركية عام 1897 أسلحة لم يتم تسليمها إلى السلطات ضد الصرب في صربيا القديمة.
في ايار عام 1901، أضرم الألبان النار في كل من سجينيكا وتوفي بازار وبريشتينا . وذهب الألبان في هياج وقاموا بذبح الصرب في بريشتينا. في إبار كولاسين (المعروفة الآن باسم شمال كوسوفو)، وهي منطقة غابات مكونة من أربعين قرية، كان يسكنها الصرب إلى حد كبير، حيث نشط المعلمون والكهنة الصرب، مما أغضب الألبان والحكومة العثمانية لفترة طويلة؛ وتعرض الصرب لإساءة المعاملة باستمرار في هذه المنطقة. راقبت الحكومة الصربية التطورات في كولاشين، ولم تبقى مكتوفة الأيدي. وأصبح الوضع خطيرًا، حيث كان الصرب يُهربون الأسلحة من قبل صربيا للدفاع عن أنفسهم.
اتخذت الفظائع الألبانية أبعاداً كبيرة لدرجة أن حكومة فلادان أوروفيتش أُجبرت على بدء عمل دبلوماسي واسع لحماية الصرب في صربيا القديمة؛ عندما لم تؤت هذه الجهود ثمارها، وتم تمكين الألبان بالسلاح وتكثيف الأعمال الوحشية ضد الصرب، بدأ صرب كوسوفو غير المحميين في المطالبة بالأسلحة لحماية أنفسهم. تم اطلاع الحكومة العثمانية على تهريب الأسلحة في كولاشين، من قبل عيسى بوليتيني في أوائل تموز وقد قاد بوليتيني التحقيق. في صيف عام 1901، بعد التحقيق العثماني، قام الألبان بذبح الصرب في منطقة كولاشين. كانت بوليتيني حاضراً أثناء ارتكاب الفظائع المنظمة في كولاشين، بما في ذلك المذابح والاغتصاب والابتزاز والنهب وإخلاء الصربيين المحليين. دفعت الأعمال الوحشية الحكومة الروسية إلى التدخل. توقف العنف في كلاشين، ومع ذلك استمرت الفظائع الألبانية في مناطق أخرى.
في البداية، لم يقمع الباب العالي الحركة الألبانية ولم يقم بحماية الصرب. طالبت الامبراطورية الروسية بمعاقبة الألبان والدرك التركي والسماح للصرب بالاحتفاظ بالأسلحة للحماية. وأستجاب الباب العالي عن طريق الاعتقالات الجماعية وتحريم اللغة الالبانية. تم فصل الوالي، وتمت إزالة العديد من المسؤولين المناهضين للصرب، وزعماء القبائل الألبان الذين كانوا قاسيين بشكل خاص، من مناصبهم.
العصور الحديثة
انتهى الحكم العثماني في عام 1912، وتم تقسيم أراضي كوسوفو بين مملكتي صربيا والجبل الاسود . وتبعت بريزرن مملكة صربيا، في حين تبعت بيخا مملكة الجبل الأسود. وأعقبت الانقسامات السياسية إعادة تنظيم إدارة الكنيسة. وفي المنطقة التي انتمت إلى الجبل الأسود، أنشئت أبرشية بيخا المنفصلة.
خلال الحرب العالمية الاولى (1914-1918) احتل جيش الامبراطورية النمساوية المجرية أراضي الأبرشيات. بعد التحرير في عام1918، تم إنشاء مملكة يوغوسلافيا التي شملت جميع أراضي صربيا والجبل الأسود. بعد أن تم تجديد البطريركية الصربية في عام 1920، أعيدت إبرشية روسكا وبريزرن إلى ولاية الكنيسة الصربية الارثوذكسية. وفي عام 1931، أعيدت أبرشية بيخا إلى أبرشية راشكا وبريزرن. في عام 1941، تعرضت يوغوسلافيا لهجوم النازيين الالمان وحلفائهم الذين احتلوها. احتلت أراضي الجزء الشمالي من أبرشية راشكا وبريزرن من قبل الألمان، والجزء الأوسط من قبل الإيطاليين والجزء الشرقي من قبل البلغار. وتم ضم المنطقة الإيطالية المحتلة إلى البانيا الفاشية. وكان ذلك بداية الاضطهاد الجماهيري للصرب في منطقتي ميتوهيا ووسط كوسوفو. ونهبت ودمرت العديد من الكنائس الصربية في أبرشية راشكا وبريزرن. وبحلول وقت التحرير في عام 1944، تعرض السكان الصرب في المنطقة للعديد من الأضرار الثقافية والديموغرافية.
خلال حرب كوسوفو وهو نزاع مسلح دارت أطواره في كوسوفو استمر من 28 شباط عام 1998 حتى 11حزيران 1999. واجهت في هذه الحرب قوات جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية، والتي سيطرت على كوسوفو قبل الحرب، جماعة متمردة ألبانية كوسوفية معروفة باسم جيش تحرير كوسوفو، مع الدعم الجوي من حلف شمال الاطلسي ابتداءًا من 24 آذار عام 1999، والدعم البري من الجيش الألباني. خلال الحرب حدث تخريب للكنائس الألبانية الكوسوفية. بعد استقلال كوسوفو اندلعت اضطرابات العنيفة في 17 آذار من عام 2004 إذ شارك ألبان كوسوفو، الذين بلغ عددهم أكثر من 50,000 شخص، في هجمات واسعة النطاق على أقلية صرب كوسوفو. وكان هذا أكبر حادث عنيف في كوسوفو منذ حرب كوسوفو في الفترة بين عامي1998-1999. ووفقًا لتقارير صادرة عن مصادر إخبارية في صربية والكنيسة الصربية، فقد قتل مدنيون أثناء الاضطرابات، وأجبر الآلاف من الصرب على مغادرة منازلهم، وتدمر حوالي 935 منزلاً صربياً، وعشرة مرافق عامة (مدارس ومراكز صحية ومكاتب بريد) وخمسة وثلاثين كنيسة صربية أرثوذكسية، وتم تطهير ست مدن وتسع قرى عرقيا.
الكنيسة الكاثوليكية
الكنيسة الكاثوليكية الكوسوفيَّة هي جزء من الكنيسة الكاثوليكية العالمية برئاسة بابا رومية. تتراوح أعداد الكاثوليك في كوسوفو بين 38,438 نسمة بحسب التعداد السكاني عام 2011، إلى حوالي 50,000 كاثوليكي بحسب تقديرات مركز بيو للابحاث. تُشير ذي ايكونوميست أنَّ هناك ما يُقدر بحوالي 65,000 من الكاثوليك في كوسوفو وحوالي 60,000 من الكوسوفيون الكاثوليك خارج كوسوفو. أغلب كاثوليك البلاد هم من العرق الالباني إلى جانب أقلية كرواتية، ويتركز الوجود الكاثوليكي الالباني الكوسوفي في المناطق الحضرية مثل جاكوفا وبريزرين وكلاين وبعض القرى حول بيخا وفيتيا. وعادةً ما يَطلق الكاثوليك الناطقون بالسلافية على أنفسهم اسم يانجيفتشي أو الكروات الكوسوفيين.
تُشير التقديرات أنَّ نحو ثلاثة في المئة من السكان الالبان في كوسوفو هم من أتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية وذلك على الرغم من قرون من الحكم العثماني. خلال الفترة العثمانية تحول عدد من الكاثوليك إلى كما اشرنا اعلاه ومع ذلك واصل العديد من المتحولين إلى الإسلام في الحفاظ على الطقوس الكاثوليكية بشكل سرّي، وقد دعي المسيحيين المخفيين في كوسوفو باسم « لارامان» وهو ما يعني باللغة الألبانية متنوع الصفات. في الآونة الأخيرة بدأ العديد من البان كوسوفو ترك الإسلام والعودة لجذورهم المسيحية، فضلًا عن العديد من الحالات حيث تعود الأسر لإيمانها الكاثوليكي.
تُعتبر العلاقات بينالطائفة الالبانية المسلمة والكاثوليكية في كوسوفو جيدة، ولكن لدى كلا الطائفتين علاقات قليلة أو معدومة مع المجتمع الصربي الارثوذكسي. بشكل عام، يُعرّفالبان كوسوفو قوميتهم عن طريق اللغة وليس من خلال الدين؛ بينما يعكس الدين سمة هوية مميزة بين السلاف في كوسوفو.
هناك شائعة على نطاق واسع، وعلى الرغم من أنها غير مؤكدة، تقول أن رئيس كوسوفو المسلم ابراهيم روجوفا قد تحول إلى الكاثوليكية قبل وفاته في 2006. في الآونة الأخيرة بدأ العديد من الكوسوفيون ترك الإسلام والعودة لجذورهم المسيحية، وفقًا لدراسة المؤمنون في المسيح من خلفية مسلمة: إحصاء عالمي وهي دراسة أجريت من قبل جامعة سانت ماري الأمريكيّة في تكساس سنة 2015 وجدت أن عددالمسلمين المعتنقين المسيحية وغالبيتهم من الاصول الالبانية يبلغ حوالي 2,000 شخص.
الكنيسة الصربية الأرثوذكسية
تقدر أعداد الصرب الأرثوذكس بين حوالي 100,000 إلى 140,000 شخص، ويتبع أغلبيتهم إلى الكنيسة الصربية الارثوذكسية. وفقاً لتعداد سكان كوسوفو عام 2011 قُدرت أعداد المسيحيون الأرثوذكس بحوالي 25,837 شخص، لكن التقديرات تعرضت للانتقاد بسبب مقاطعة تعداد سكان كوسوفو عام 2011 إلى حد كبير من قبل صرب كوسوفو (وهم في الغالب مسيحيون أرثوذكس) وخاصةً في شمال كوسوفو، وبالتالي فإنَّ تعداد السكان لا يعكس أعداد السكان الصرب الأرثوذكس في كوسوفو. ويتواجد معظم صرب البلاد الارثوذكس في كوسوفو الشماليَّة. تضم البلاد على أقلية مونتينغرية ارثوذكسية، إلى جانب بعض العائلات الغجرية الأرثوذكسيَّة. وفقًا للتقديرات المستندة إلى بيانات منظمة الأمن والتعاون في أوربه لعام 2010 وعام 2013، كان هناك 146,128 صربيًا (وهم في الغالب مسيحيون أرثوذكس) يعيشون في كوسوفو، ويُشكلون 7.8% من إجمالي السكان – وهي نسبة أكبر بكثير من تقديرات تعداد السكان عام 2011. ومن بين هؤلاء، أقام 70,430 في شمال كوسوفو وأقام حوالي 75,698 في جنوب كوسوفو، ويشكل الصرب أغلبية سكانية في 10 بلديات.
عاش الصرب في كوسوفو منذ القرن11م، وبين حوالي عامي 1200م – 1455م كانت كوسوفو جزءًا من المملكة الصربية الارثوذكسية. خلال هذه الفترة تم بناء بعض المواقع المسيحية الأرثوذكسية الهامة في كوسوفو. كانت البلاد مقر الكنيسة الصربية الأرثوذكسية في القرن 14م، عندما تم ترقية وضعها إلى اماكن بطريركية. وهناك العديد من الأديرة والكنائس في كوسوفو، والتي تُعد مهد الأرثوذكسية الصربية، ثلاثة مواقع منها هي من مواقع التراث العالمي وهي بطريركية بيتش، ودير فيسوكي ديكاني، وغراكانيتشا. دمرت بعض العشرات من الكنائس، وغيرها من الأديرة التاريخية في فترة ستة أسابيع، بعد انتهاء الحكم الصربي في عام 1999. وتُعتبر معركة كوسوفو ذات أهمية خاصة للتاريخ الصربي والتقاليد والهوية الوطنية. وخلال أواخر القرن 19، تمت إعادة تفسير الأساطير المسيحية الأرثوذكسية المحيطة معركة كوسوفو عام 1389م من التاريخ الديني إلى التاريخ الإثنو – القومي – الصربي.
الكنائس البروتستانتية
في كوسوفو عدد قليل من البروتستانت، الذين يعود تواجدهم إلى المبشرين الميثوديين في أواخر القرن 19. ويتبع معظمهم في البلاد الكنيسة الإنجيلية البروتستانتية في كوسوفو، وتقدر أعداد أتباع الكنيسة بين عشرة الآف إلى خمسة عشرة الآف شخص، ومنهم حوالي ستة الآف شخص يعيش في بريشتينا، ومعظمهم تحول من الدين الإسلامي إلى المذهب البروتستانتي. ومعظم أتباع الكنيسة من الإثنيَّة الألبانية الكوسوفيَّة. وتملك الكنيسة الإنجيلية البروتستانتية في كوسوفو حوالي اثنين وأربعين كنيسة. وفقًا لدراسة المؤمنون في المسيح من خلفية مسلمة: إحصاء عالمي وهي دراسة أجريت من قبل جامعة سانت ماري الأمريكيّة في تكساس سنة 2015 وجدت أنَّ حوالي 2,000 مواطن مسلم تحول إلى المسيحية في كوسوفو، تحول معظمهم للمذهب الإنجيلي
المواقع الصربية
كما سبق وقلنا تُعتبر معركة كوسوفو ذات أهمية خاصة للتاريخ والتقاليد والهوية الوطنية الصربية. وتعتني أبرشية راشكا وبريزرين التابعة للكنيسة الصربية الأرثوذكسية بالشعب الصربي والتراث الأرثوذكسي في كوسوفو، وتنتشر العديد من الأديرة والكنائس الصربية الأرثوذكسية في جميع أنحاء كوسوفو. ومن بينها: دير بانجسكا، ودير ديفيتش، ودير غرانتشانيكا، ودير بيتش البطريركي، ودير فيسوكي ديتشاني، ودير سيدة لييفيس. تشكل آخر أربعة آثار ارثوذكسية صربية لتشكّل نمطاً خاصاً في عصر النهضة والتي أسستها سلالة نيمانجيتش. توجد هذه المواقع في جمهورية كوسوفو والتي تعتبرها صربيا إقليماً تابعاً لها يقع في الجنوب، على الرغم من اعلان استقلال كوسوفا عام 2008 المعلن من جانب واحد. عام 2004، اعترفت اليونسكو بدير ديتشاني لقيمته العالمية الاستثنائية. بعد عامين توسع موقع التراث ليشمل ثلاث معالم دينية أخرى. عام 2006، أدرج الموقع في قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر بسبب صعوبات إدارتها والمحافظة عليها الناجمة عن عدم الاستقرار السياسي في المنطقة.
خلال الأعياد تتمحور الحياة الاجتماعية بين الصرب الكوسوفيين حول الكنائس والأديرة وهي عادة مسماة بسابوري خصوصاً خلال عيد سلافا، وسلافا هو تقليد صربي ارثوذكسي لتبجيل قديس معين والذي يعتبر شفيع الأسرة؛ وينتشر التقليد بين الصرب وسكان مونتينغرو والمقدونيين. يحتفل الصرب الارثوذكس سنويًا بعيد السلافا وذلك في يوم عيد شفيع العائلة. في سنة 2014 تم إعلان عيد السلافا من قبل اليونسكو في قائمة التراث الثقافي غير المادي. ويرتبط العيد بشكل خاص بالصرب، والذين يعتبرونه جزء من التقاليد الوطنيّة والشعبيَّة. التقليد هو علامة عرقية هامة للهوية الصربية. وتجتمع الاسرة الموسعة المكونة من عدة أجيال في منزل كبير العائلة لتبجيل القديس شفيع أو راعي الأسرة. في بريزرن العليا، يُقام تقليد سابور في 21 تشرين الثاني على أنقاض دير رئيس الملائكة المقدس الذي أسسه الإمبراطور الصربي ستيفان دوشان.
المواقف تجاه المسيحية
بحسب مسح لمركز بيو للأبحاث نُشر عام2013 يقول 4% من المسلمين البوسنيين إن جميع المسلمين في بلدهم، أو الكثير منهم، معادون للمسيحيين ، وفقاً لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث حول مسلمي العالم. ونحو 4% من تم استطلاع آرائهم من المسلمين في كوسوفو يقولون إن كل أو معظم أو كثير من المسيحيين معادون للمسلمين، وهو ثاني أقل نصيب في 26 دولة سئل فيها السؤال. وبحسب مركز بيو للابحاث حوالي 11% من المسلمين الكوسوفيين يقولون إنهم يعرفون بعضًا أو كثيرًا عن المعتقدات المسيحية ويقول حوالي 50% من المسلمين الكوسوفيين أنَّ المسيحية تختلف كثيراً عن الاسلام، بالمقارنة مع 26% منهم يقولون أنَّ للمسيحية الكثير من القواسم المشتركة مع الإسلام. وترتفع نسبة من يقولون أنَّ للمسيحية الكثير من القواسم المشتركة مع الإسلام (35%) بين المسلمين الكوسوفيين الذين يقولون إنهم يعرفون بعضًا أو كثيرًا عن المعتقدات المسيحية، بالمقارنة مع المسلمين الكوسوفيين الذين يقولون إنهم يعرفون القليل أو من لا يعلمون شيئاً عن المعتقدات المسيحية (26%). ويقول حوالي 22% من المسلمين الكوسوفيين أنهم سيكونون مرتاحين بحالة زواج ابنتهم من مسيحي، بالمقارنة مع 24% بحالة زواج ابنهم من مسيحيَّة.
اسلمة البانيا واضطهاد المسيحيين
قبل أواخر القرن السادس عشر، ظل سكان ألبانيا وكوسوفو مسيحيين بشكل ساحق، على الرغم من حقيقة أنها كانت تحت الحكم العثماني، على عكس سكان مناطق أخرى من الدولة العثمانية مثل البوسنة وبلغاريا وشمال اليونان، وكانت ألبانيا الجبلية موقع متكرر للثورات ضد الحكم العثماني، وغالباً ما كانت تكلفتها البشرية باهظة، مثل تدمير قرى بأكملها. رداً على ذلك، تخلى العثمانيون عن سياستهم المعتادة المتمثلة في التسامح مع المسيحيين لصالح سياسة تهدف إلى تقليص عدد السكان المسيحيين في ألبانيا من خلال عمليات الاسلمة القسرية، بدءًا من المناطق المسيحية المضطربة في ريكا وإلباسان في عام1570. وشملت الضغوط التي نتجت عن هذه الحملة الظروف الاقتصادية القاسية بشكل خاص التي فُرضت على السكان المسيحيين في ألبانيا؛ بينما كانت الضرائب السابقة على المسيحيين حوالي 45 أقجة في السنة، بحلول منتصف القرن السابع عشر، تضاعف المعدل بـ 27 إلى 780 آقجة في السنة. غالبًا ما اختار كبار السن الألبان إنقاذ عشائرهم وقراهم من الجوع والدمار الاقتصادي من خلال الدعوة إلى التحول إلى الإسلام على مستوى القرية وعلى مستوى المنطقة، مع استمرار العديد من الأفراد في ممارسة المسيحية على انفراد أو بشكل سري.
كان لتمرد كاثوليكي فاشل في عام 1596 ودعم السكان الألبان للامبراطورية النمساوية المجرية اثناء الحرب التركية العظمى، ودعمهم للبندقيين في الحرب العثمانية البندقية عام 1644 وكذلك ثورة اورلوف،جميعها عوامل أدت إلى إجراءات عقابية وانتهى بها الأمر إلى إجبار عدد كبير من السكان المسيحيين على اعتناقالاسلام في البانيا. في أعقاب الحرب التركية العظمى، تم فرض إجراءات عقابية واسعة النطاق على السكان الألبان الكاثوليك في كوسوفو ونتيجة لها، فر معظم أفرادها إلى المجر واستقروا حول بودابست، حيث مات معظمهم بسبب المرض والجوع. بعد هروب السكان الصرب الأرثوذكس من كوسوفو، أجبر باشا إيبيك متسلقي الجبال الألبان الكاثوليك على إعادة التوطين في كوسوفو عن طريق ترحيلهم إلى كوسوفو، كما أجبرهم على اعتناق الإسلام. في القرنين السابع عشر والثامن عشر، شهدت جنوب ألبانيا أيضًا العديد من حالات العنف التي تم توجيهها ضد أولئك الذين ظلوا مسيحيين من قبل المسلمين المحليين المتحولين حديثًا، مما أدى في النهاية إلى العديد من التحولات إلى الإسلام بدافع الخوف وكذلك هروب السكان المسيحيين إلى أراضي بعيدة.
ليتكرر المشهد المؤلم بحق المسيحيين الصرب في كوسوف كما سلف بيانه خلال حرب كوسوفو من 28 شباط 1998 حتى11حزيران من عام 1999. واجهت في هذه الحرب قوات جمهورية يوغوسلافيا، والتي سيطرت على كوسوفو قبل الحرب، جماعة متمردة ألبانية كوسوفية معروفة باسم جيش تحرير كوسوفو مع الدعم الجوي من حلف الاطلسي، والدعم البري من الجيش الألباني. خلال الحرب حدث تخريب للكنائس والاديرة الألبانية الكوسوفية. بعد استقلال كوسوفو اندلعت اضطرابات العنيفة في 17 اذار من عام 2004 حيث شارك ألبان كوسوفو، الذين بلغ عددهم أكثر من 50,000 شخص في هجمات واسعة النطاق على أقلية صرب كوسوفو الأرثوذكس. وكان هذا أكبر حادث عنيف في كوسوفو منذ حربكوسوفو المحكي عنهاعامي 1998و1999.
معرض الصور
-
كنيسة القديس بطرس وبولس الكاثوليكيَّة في فيتيا
-
كنيسة القديس جاورجيوس الصربية الأرثوذكسية في بريزرين
-
كنيسة القديس كاترين الكاثوليكيَّة في بيخا
-
كنيسة صربية أرثوذكسية في فريزراي
-
مقر منظمة كاريتاس الكاثوليكية الإغاثيَّة في كوسوفو
- مصادر البحث
- مواقع متعددة( ويكيبيديا، المعرفة، مركز بيو، الكنيسة الصربية الارثوذكسية…)
- تاريخ الكنيسة( خريسوستوموس، رستم، زيتون…)