من ملفات التاريخ السياسي السوري ..
كان حسني الزعيم ضابطا مزاجيا ومتهورا ، ( ذات مرة طردوه من ملهى ليلي بسبب سكره الشديد والكركبة التي أحدثها ، فذهب إلى المعسكر وأحضر دبابة ليقصف بها الملهى ) ..
بعد انقلابه بتاريخ 30 / 3 / 1949 سانده أكرم الحوراني وكان ذلك مستغربا ، لكن أكرم أراد أن يحقق أشياء في رأسه ، وكان يكتب له البلاغات والبيانات التي يريدها في حقيقة الأمر ، وقال له أكرم ذات يوم : يا زعيم عندنا قانون الذرية قانون جائر ولا يجرؤ أحد على إلغائه غيرك ، وسيسجل لك التاريخ ذلك . . أجاب الزعيم : سألغيه مهما كلف الأمر ..
( قانون الذرية : كان الإقطاعيون المقربون من الحكام الأتراك يحصلون على ملكية وإدارة قرى بكاملها كإقطاعات لهم هي وأصحابها وقد يمتلك الإقطاعي من 1 إلى 20 قرية ، وبعد موت الاقطاعي قد تذهب الملكية إلى غيره ، ثم طالب الإقطاعيون أن تبقى لذريتهم من بعدهم فدفعوا الرشاوى وحصلوا على ما أرادوا باسم قانون الذرية )..
بعد أن ألغى حسني الزعيم هذا القانون ‘ تحرك التيار الديني كالعادة ‘ وصارت خطب المساجد موجهة ضده ، ثم اتفق علماء الدين أن يزوروه ويقنعوه لعله يتراجع عن قراره . وكان موعدهم يوم الثلاثاء الساعة 11 صباحا ..
وبحسب نذير فنصة سكرتير الزعيم وعديله (وهو صحفي وصاحب جريدة ألف باء) قال : جاءني ليلا إلى بيتي العقيد إبراهيم الحسيني قائد الشرطة العسكرية ورئيس المكتب الثاني ، وقال لي : شو في بكرة مواعيد عند الزعيم الساعة 11 ؟ قلت له : عنده موعد مع علماء الدين ، قال هل تعرف ماذا سيبحثون ؟ قلت : لا علم لي بجدول معين ، ولكن ربما يناقشون معه قانون الذرية .. لماذا تسأل ؟
قال : لقد طلب مني الزعيم طلبا محيرا شغل بالي .. لقد قال لي: إسمع يا إبراهيم أريدك أن تتصل بي غدا في تمام الساعة 11,05 بالضبط ، لا تحكي معي ولا كلمة ، ولا تنفذ أي كلمة أقولها ، فقط أنا أحكي وبعد أن أنتهي سأقفل الخط ، وانسَ ما قلته لك ، وكأن شيئا لم يكن .. وقلت له حاضر سيدي ..
في اليوم التالي دخل وفد العلماء وكان عددهم 52 شخصا ، وما أن جلسوا حتى رن جرس الهاتف ، ودارت المكالمة التالية من طرف واحد :
– أي
– أي
– أي
– معقول إنو سحب السكين .. اعدمه فورا .. نعم نعم بدون محاكمة ، واعدم الشخص الذي ناوله السكين ، والذين أيدوه حتى لو لم يتدخلوا اعدمهم جميعا لو كانوا 50 شخصا .. أنا ما في عندي إخلال بالأمن سواء كان بالسلاح أو بالكلام .. إعدام فوري .. سمعتني .. وأغلق الهاتف ..
صار العلماء ينظرون بوجوه بعضهم ، ولسان حالهم يقول : ماذا لو طرحنا موضوع الذرية .. هذا مجنون ، سيعدمنا فورا ..
قال الزعيم : أي نعم تفضلوا شو الموضوع اللي بدكن تناقشوه ؟ قالوا : الحقيقة جئنا للتهنئة ومباركة عهدك الجديد ولا شيء غير ذلك .. الله يسعدك يا زعيم ويعلي شأنك ..
شربوا القهوة العربية ، ثم استأذنوا وانصرفوا..
قال نذير فنصة : بعد خروجهم ، دخلت على الزعيم فإذا به جالس على كرسيه ورجلاه فوق المكتب ، وكرشه يهتز مثل كيس اللبن من كثرة الضحك .. سألته : ما الذي جرى ويجري ؟ قال : أخوات الكذا بدهم يصدعوا راسي بقانون الذرية ، فحبكت مسرحية أخرستهم وخرجوا وأرجلهم بالكاد تحملهم من الخوف ..
ما رأيكم ، على قدر ماهو مجنون بس طلع ذكي ..
اترك تعليقاً