ايقونة الميلاد المجيد

ميلاد مجيد…قصة قصيرة

 ميلاد مجيد…قصة قصيرة

يحكى أنّ صيّاداً يقال له متّى كان يقيم هو وزوجته وطفلتهما مريم في منزل بعيد وسط الصخور يحيون في دعة وقناعة وسلام.

فشاع في القرية، ذات يوم، أنّ دبّاً يجول بين الضواحي، فلمّا انتهى الخبر إلى متّى حتّى عزم على صيد الدبّ. فتناول بندقيّته، وخفّ إلى تلك الناحية. فلم يصادفه. فجعل يترصّده مرّة بعد مرّة. ثمّ سلخ أيّاماً يترقّبه في طول النهار ومعظم الليل، فلم يقف منه على أثر. فهمّ بالرجوع، وقد وافت ليلة الميلاد، فإذا الوحش على خطوات منه. ولم يكن دبّاً، بل كان دبّة ومعها ولدها يقفز حولها ويلاعبها، وهو أكثر أكثر ما يبدو براءة وأماناً، وهي من الرقّة والحنوّ على أوفى ما تكون. فصوّب متّى البندقيّة نحو الدبّة، وأطلق النار، وصغيرها يواثبها ويلعب. فأخطأها وأصاب الولد، فأراده قتيلاً. فوجمت أمّه كأنّما أُصيبت في الصميم. ثمّ أكبّت على ولدها تلحس جرحه، وتنضح عليه ماء من ينبوع قريب. ثمّ انقلبت عنه، وعينها إليه، علّه ينهض فيتبعها. إلاّ أنّها اشتمّت ريح الموت، فانكفأت مثقلة الخطى، ولم تبرح موغلة حتّى حجبها الضباب.

انقضت سنة لم تشاهَد فيها الدبّة هناك. فلمّا دنا الميلاد التالي لمحها بعض القرويّين تجتاز بالضواحي، في ناحية الينبوع. فحذّروا متّى منها. وألحّت عليه زوجته تناشده الكفّ عن الصيد، ولو إلى حين، خوف أن تكون الدبّة قد عادت لكي تثأر لولدها. ومتّى مع ذلك، يأبى إلاّ رصدها.

ثمّ حلّت ليلة الميلاد. وكان كلّ بيت من بيوت القرية تُهيَّأ فيه شجرة العيد. وكانت التسابيح والأجراس ألحانها تترجّع ما بين الأودية والجبال. بل القرية بأسرها كانت تستعدّ للطفل الإله، ما عدا متّى. فإنّه قد شُغل عنه بالدبّة، وصمّم على قتلها. فانطلق لا ينثني ولا يتراجع. فخرجت ابنته في إثره، فمنعها، فامتثلت، على أن يأتيها بدبّ صغير هديّة للعيد. ثمّ غافلت مريم أمّها، وجرت صوب الينبوع. وكان متّى في غضون ذلك، يرصد الدبّة في مكمن بين صخرتين، فوق منحدر سحيق. فبادت بعد قليل، واتّجهت نحوه. فبينما هو يسدّد إليها السلاح ينتظر أن تقترب أكثر ليرميها، إذا أقبلت مريم من الجهة الأخرى، ترنّم وتلوّح للدبّة بشيء كان في يدها، ثمّ تدنو منها من دون خوف ولا ارتياب. فلبث متّى في مكمنه، وقد تحيّر ماذا يفعل؟ فإن هو نادى مريم فقد يثير الدبّة، فتكون إلى الطفلة أسبق منه. وإن أطلق عليها النار، فقد يصيب ابنته كما أصاب ولد الدبّة. وما هي دقائق حتّى صارت مريم بين يديّ الدبّة، وهذه منتصبة تلاعبها.

فركع متّى وأخذ يبتهل إلى الله، وقد أغمض عينيه كي لا يبصر ما توقّع من فجيعة. فلمّا فتحهما، بعد هنيهة، رأى أنّ الدبّة تحمل ابنته، فتسير بها غير بعيد، ثمّ تضعها على الطريق، برفق الأمّ وحنوّها، ومريم في غاية الثقة والأمان. ثمّ إنّ الدبّة سلكت عبر الصخور، ولم تبرح موغلة حتّى حجبها الضباب…

عند ذلك برز الصيّاد، فهرع إلى ابنته، وضمّها إليه يبكي ويشكر. فأخبرته كيف لقيت الدبّة، فلاعبتها. وقالت لأبيها إنّ الدبّة لم يصحبها ولدها، وسألته عنه لعلّه يعرف أين يكون.

كانت التسابيح والأجراس تتجاوب ألحانها في القرية، ساعة رجع متّى إلى بيته مطرقاً، ومريم على ذراعه، وفي نفسه غصّة وندامة، ومحبّة للخلق لم يشعر بها من قبل. أمّا البندقيّة فلم تكن معه، إذ تركها في ناحية الينبوع، حيث أريق على بياض الثلج دم بريء.

وكانت القرية كلّها تمجّد الله في العلى وتنشد السلام على الأرض، في ما يتمنّى ههنا من أيّام السماء. ويومئذ وُلد يسوع في قلب متّى.

يا أيّها الإنسان، يا من خُلقت على صورة الله،،،،

لا تدع الحيوان أن يكون أكثر رفقاً منك،،،،

تعلَ وارمِ سلاح الحقد والكراهية والحسد عند مذود الطفل الإلهيّ،،،،

عساه يحوّل قلبك اللحميّ إلى آخر إلهيّ،،،،ّ

قلب مملوء بالعطف والسلام والمحبّة،،،،

فتغمرك، عندئذ، الخيرات الزمنيّة والروحيّة،،،،

 


Posted

in

,

by

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *