يا لعازار هلمّ خارجاً

يا لعازار هلمّ خارجاً

يا لعازار هلمّ خارجاً

ينتهي الصوم الأربعيني المقدّس يوم سبت لعازار. ننهي صومنا بفرح قيامة صديق السيّد لندخل في فترة الأسبوع العظيم الذي نُتَوِّجُه بفرح قيامة أخرى وهي قيامة السيّد من بين الأموات. ما الفرق بين هذين الحدثين؟ هل تكمن أهميّة الأوّل بكونه محضِّراً للثاني ليس إلاّ؟ أم إنَّ هناك معانِيَ أخرى يمكن أن نستخلصها من هاتين الحادثتين؟
من الواضح طبعاً أن القيامة هي في أساس الحادثتين، وأن الرب يسوع هو الفاعل في الحالتين. لكن في الكتاب ذكر لحوادث قيامة أخرى. فالرب يسوع أقام ابن الأرملة تحنناً، وكذلك فعل إيليا في العهد القديم. إذًا لا بد من فرق بين هذه “القيامات” الفرديّة وبين قيامة الرب يسوع. الفرق الأساس أن القيامات الفرديّة تقوم على أمر إلهي مباشر (كما في حالة لعازار) أو بتضرّع غير مباشر (كما في حالة النبي إيليا)، أما قيامة يسوع فقد نبعت من ذات سلطانه. فلنتأمّل إذًا بـ “أوامر” يسوع في حادثة لعازار.
إرفعوا الحجر!
هذا كان الأمر الأوّل. فالحجر الذي يضبط الإنسان في القبر بحاجة إلى تدخّل إلهي كي يُرْفَع. والإنسان بمفرده غير قادر على رفعه. لا يُرْفَع الحجر إلاّ بمؤازرة من آمنوا بأن الرب يسوع “هو الحياة” ويثقون به. هؤلاء قادرون على رفع الحجر عن القبر، ولا يخشون نتن الموت لأن ربهم غالب الموت، لا محالةَ.
هنا فرق أوّل مع قيامة يسوع، فهو لم يكن بحاجة لإزاحة الحجر لأن جسده لا يُضْبَط في الظلمة. جسده يفجّر الظلمة لأنه هو مصدر النور.
يا لعازار هلمّ خارجًا!
هذا كان الأمر الثاني. قيامة الفرد هي خروج من ظلمة القبر إلى النور. إذا ما أراد الإنسان “أن يقوم” فعليه أن يتحرك شخصيًا وينطلق إلى حياة جديدة، إلى حياة لا تعتريها ظلمة، إلى حياة كلها في النور على حدّ قول الرسول يوحنا. أما الرب يسوع، ولأنه مصدر النور، فلم يكن بحاجة “ليخرج” بل حوّل القبر إلى سماء مضيئة يكتشفها من يأتي ليتلمّس هذا النور. هذا ما شهدت له النساء اللواتي أتينَ لتطييب جسدٍ لا يفنى لأنه هو عنوان القيامة.
فكّوه ودعوه يذهب!
الأمر الثالث الذي أعطاه الرب هو أيضًا للجماعة. “فكّوه!” فالكفن الذي يلف الإنسان يسجنه في موت لا يمكنه أن يتخلّص منه منفرداً. هذا لم يكن وضع الرب يسوع. فكفنه لم يَسْجن جسده المتألّه. لم تتملّك الخطيئة على جسده بسبب طاعته، وتواضعه، ومحبته. لم يكن بحاجة لمن يفكّ الكفن عنه، بل اعتبر أن الجماعة متكافلة مع آدم القديم لتحرره من قيوده ويصبح آدماً جديداً.
ماذا إذًا؟
قيامة الرب يسوع هي وحدها قيامة الإنسان، كل إنسان. هي القيامة المدعو إليها كل مؤمن. لكن قيامة الفرد هي عمل جماعي قائم على أمرين
أولاً الثقة بأوامر اللّٰه: “ارفعوا! أخرج! فكّوه!”
وثانياً المحبة التي تجعل من الجماعة “جسد المسيح”.
أسبوع يفصل بين قيامة لعازار الفردية، وقيامة المسيح التي تعلن القيامة العامة. تُمضي الكنيسة هذا الأسبوع متحلّقة في طقوس شعبيّة تركز على الحوادث الخلاصيّة التي تقودنا إلى الفصح. مع ذلك يفتقد المرء التعليم الذي يركز إلى جانب التقويات على حياة الجماعة القياميّة، التي
١- ترفع الحجر الذي يعيق خروج المؤمن إلى الضوء، واسم هذا الحجر قهر، وحقد، وازدراء، وما شابه ذلك من ضغوط اجتماعيّة تسجن الإنسان في قبره.
٢- تساعد المؤمن كي يقوم بالخطوات التي تطلبها منه القيامة، واسم هذه الخطوات تواضع، وانسحاق، وخدمة الآخر، وما شابه ذلك من أعمال يوميّة وبسيطة تجعله ينمو في المسيح.
٣- تفك قيود المؤمن بتثبيته في الاستغناء عن عادات تشدّه إلى لحميته، واسم هذه القيود أنانيّة، وكبرياء، وكراهية، وما شابه ذلك من تصرفات تباعد بين الإنسان وأخيه.
ألا أعطانا اللّٰه أن نعي كيف يكون كل منا في آن لعازار وصحبه، فنتعاضد بالمحبة لنصل بفرح إلى المشاركة بالقيامة التي بها نلتصق باللّٰه.

 


Posted

in

by

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *